Flag Counter

Flag Counter

Saturday, June 8, 2024

صفحات من تاريخ الدولة العثمانية(١)

هناك محاولات مستمرة من أنصار ومؤيدي الدولة العثمانية من أجل تزوير التاريخ وتقديم روايات تاريخية ملفقة في محاولة من أجل استغلال ذلك في فرض هيمنة تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان السياسية على دول الشرق الأوسط وإعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية. هناك حمى تمجيد الدولة العثمانية حيث يصفها أتباعها بأنها "الخلافة العلية أعادها الله" على الرغم من ٤٠٠ سنة من الاحتلال والاستغلال وتركوا الشرق الأوسط في حالة من الضعف حتى سقطت دولة لقمة سائغة للبريطانيين, الفرنسيين, الإيطالية والإسبانية. إن كل من ينتقد الدولة(الإمبراطورية) العثمانية سوف توجه إليهم الاتهامات بالخيانة والعمالة والطعن في عقيدتهم والشتم وتسفيه آرائهم بدون إستعراض أي أدلة  تاريخية أو أسانيد يقدمها. 

ستة دول رئيسية و سلالات حكمت العالم الإسلامي بما في ذلك الشرق الأوسط وهي الخلافة الراشدة, الدولة الأموية, الدولة العباسية, الدولة الأيوبية, الدولة المملوكية والدولة العثمانية. مرتزقة تزوير التاريخ وتلفيق الحقائق من أيتام ومؤيدي الخلافة العثمانية البائدة لا أعادها الله يختصرون أمجاد الإسلام والمسلمين بفترة الخلافة العثمانية التي حكمت منطقة الشرق الأوسط ٤٠٠ سنة.  هناك الكثير مما يمكن روايته عن تاريخ الدولة العثمانية والذي قد لا يتسع الموضوع لتلك التفاصيل وقد أقوم بكتابة المزيد من الأجزاء حيث هناك عدد من الأسئلة والإستفسارات التي سوف تبقى من دون رد وأنا متأكد من ذلك.

عند البحث في صفحات التاريخ عن إنجازات الدول الستة التي حكمت منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي سوف نجد إنجازات حضارية مثل المساجد, المباني العامة, القلاع الحصينة وإنجازات علمية وثقافية غاية في الأهمية والأمثلة أكثر من أن تحصى بإستثناء الدولة العثمانية التي تعتبر نموذجاً منحطاً حضاريا بدون إنجازات بإستثناء الغزو والسلب والنهب والتوسع الاستعماري.  

عهد الخلافة الراشدة شاهد على أول وأهم إنجاز هو جمع القرآن في عهد الخليفة أبي بكر رضي الله عنه ثم توحيد النسخ في عهد عثمان رضي الله عنه وإضافة التنقيط في عهد علي رضي الله عنه. عهد الدولة الأموية كان بداية التوسع الحقيقي في أوروبا حيث محاولة غزو القسطنطينية وعبور قوات المسلمين الى إسبانيا(الأندلس) بقيادة موسى بن نصير وطارق بن زياد ومعركة بلاط الشهداء(بواتييه) على أبواب باريس حيث استشهد قائد جيوش المسلمين عبد الرحمن الغافقي. حكم الدولة العباسية شاهد على إنجازات علمية وأدبية منها ساعة هارون الرشيد التي قام بإهدائها الى شارلمان واعتقد الأخير وقساوسته أنها تعمل بواسطة السحر وأن داخلها عفاريت وجن سوف تخرج على غفلة منهم حتى تفتك بهم جميعا. مكتبة بغداد التي القى المغول كتبها في نهر دجلة حتى أصبحت مياه النهر سوداء كانت أكبر مكتبات الأرض وكان في بغداد الجامعات والمدارس يوم كانت أوروبا تغرق في الجهل وتعتبر الإستحمام عملا شيطانيا. 

صلاح الدين الأيوبي مؤسس الدولة الأيوبية نجح في تحرير القدس من الصليبيين وطهر المسجد الأقصى من دنسهم ودولة المماليك نجحت في طردهم نهائيا من بلاد المسلمين في عهد السلطان المظفر الناصر قلاوون الذي قضى على آخر معاقلهم في سواحل بلاد الشام. دولة الأيوبيين والمماليك تركوا آثارهم الحضارية في كل مكان خصوصا في دمشق والقاهرة التي تلقب "قاهرة المعز." كما أن دولة المماليك نجحت في التصدي للغزوات البرتغالية والتي كان أحد أهدافهم(البرتغاليين) الوصول الى مكة المكرمة واحتلالها وهدم الكعبة ونبش قبر الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم.

وبعد كل ذلك وأنا لم أتحدث تقريباً عن إنجازات عسكرية باستثناء طرد الصليبيين من بلاد مصر والشام والتصدي للغزوات البرتغالية ولم أتحدث عن إنجازات توسع عسكري أو إسقاط الإمبراطورية الفارسية والرومانية, أين إنجازات الدولة العثمانية باستثناء الإنجازات الغزو والتوسع العسكري؟

بداية فإن الدولة العثمانية قدَّمت للعالم النموذج الأكثر إنحطاطاً من الناحية الحضارية لأنها دولة مدنية ولايمكن أن نعتبرها حضارة مثل العرب الذي كانوا حضارة قبل الإسلام وإستمرت تلك الحضارة في الإزدهار في عصر الخلافة الراشدة والدولة الأموية والعباسية حتى وصلت الى أوروبا. الإحتلال يبقى إحتلال وتغيير المسميات والألفاظ لايغير من حقيقة الواقع شيئا يذكر حتى لو كان تحت مسميات إسلامية واستخدام كلمة (خليفة) في وصف حكام العثمانيين و(خلافة) في وصف حكم الدولة العثمانية يخالف نصوص الأحاديث الصحيحة بأن "الخلافة في قريش." 

التُّرك ليسوا هم أنفسهم الأتراك وإن حاول مزوري التاريخ إقناع القارئ بغير ذلك. الأتراك الذي تعود أصول العثمانيين اليهم هم أكثر أقوام التُّرك إنحطاطا وإختصار تاريخ التُّرك بأنه تاريخ الأتراك والعثمانيين محاولة مفضوحة من أجل تحصين سيرة آل عثمان تاريخيا من أي إنتقادات. المماليك ينتمون الى التُّرك والظاهر بيبرس بطل معركة عين جالوت هو أحد أقرباء سلطان الدولة الخوارزمية جلال الدين خوارزم(ابن شقيقته) وقد أسره المغول وباعوه في أسواق الرقيق. المماليك تركوا أثاراً حضارية رائعة مازالت الى يومنا هذا و ازدهرت في عهدهم التجارة  والفنون على عكس العثمانيين الذي لم يتركوا أثاراً حضارية تذكر. 

إنَّ أصول "التُّرك" تعود الى شمال جبال الهملايا بين التبت والصين فقد كانت بداية تواجدهم قبل ظهور يسوع المسيح بعدة مئات من السنين حيث كانوا قبائل بدوية رعوية متنقلة تبحث عن المرعى والماء لقطعان ماشيتها وبسبب ذلك فقد إصطدموا مع دول وممالك قوية في جوارهم خصوصا الصين, الفرس والهند. قبيلة قابي التي تعتبر جذور الدولة العثمانية الأولى كانت قبيلة مختلطة من عدة عناصر: مغول, أتراك, أرمن والبيزنطيين أسلموا هربا من الضرائب المرتفعة التي فرضتها عليهم الإمبراطورية البيزنطية الارثودكسية. كما أن قبيلة قابي التي بلغ تعداد أفرادها ٤٠٠٠ نسمة تقريبا قد توسعت وضمَّت القبائل الأضعف المحيطة بها وإزدادت في النفوذ.

إن الدولة العثمانية لم تتحول الى خلافة إلا سنة ١٨٧٦م خلال فترة حكم الخليفة العثماني عبد الحميد الأول وذلك في محاولة يائسة من أجل التصدي لأطماع الدول الأوروبية ومحاولة البحث عن هوية إسلامية في مواجهة الهوية المسيحية الأوروبية. الدولة العثمانية خلال ٤٠٠ سنة من حكمها الدول العربية أضعفته حتى سيطرت عليها الدول الأوروبية بكل سهولة. الدولة العثمانية كانت ذات هوية استعمارية توسعية حتى لو إستخدمت الإسلام في سبيل تحقيق ذلك. سليمان القانوني السلطان العثماني الذي كان الغربيون يمجدونه قام بتوقيع معاهدة الامتيازات الأجنبية بداية مع فرنسا التي وضعت شرط قبول انضمام دول أوروبا الى تلك المعاهدة بدون موافقة مسبقة من السلطان العثماني بما في ذلك دول مثل إنجلترا رغم حالة العداء بين الدولتين. سليمان القانوني حاول بعد فشله في التوسع في أوروبا بعد هزيمته في معركة حصار فيينا الاولى أن يغزو بلدانا عربية مثل اليمن والمغرب حيث هزمت قواته هزيمة قاصمة في معركتي مذبحة الأناضول و وادي اللبن على التوالي. 

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment