Flag Counter

Flag Counter

Saturday, October 29, 2022

ماهي أسباب الحرب ضد الإسلام؟

هناك أمر مهم للغاية في تاريخ العلاقة بين مختلف الأديان والغرب أو كما يطلقون عليها الحضارة الغربية. إن ذلك الأمر هو تحريم الربا, الإقراض مقابل الفائدة. يسوع المسيح طرد الصيارفة وباعة الحمام من الهيكل بعد أن قلب طاولاتهم و زجرهم قائلا:"مكتوب: إن بيتي بيت الصلاة وأنتم جعلتموه مغارة لصوص!"(لوقا ٤٦:١٩). الرسول محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم حرَّم الربا تحريما قطعيا بنصوص قرآنية واضحة لا تقبل التأويل. كلاهما من أكثر الشخصيات التي يكرهها اليهود في تاريخهم لو أضفنا اليهم الزعيم الألماني النازي أدولف هتلر, سوف يكتمل العدد إلى ثلاثة.

إنَّ الإسلام بنظام قيمه التقليدي الأخلاقي والإقتصادي لايمكن أن يقبل الإندماج في إطار النظام العالمي الجديد الذي تجري إقامته حاليا. تحدَّثتُ في الفقرة السابقة عن تحريم الربا في المسيحية والإسلام. الرأسمالية هي منظومةإقتصادية متكاملة تنظِّمُ حياة البشر ضمن إطار الإقتصاد والمفاهيم الإقتصادية القائمة على العولمة وإتفاقيات التجارة الحرَّة, أي أنها ذات طبيعة إستغلالية ويعتبر الربا(الفائدة) جزأً رئيسيا منها. ومن الممكن أن نقول أنه بدون الفائدة والديون الإئتمانية, لن يكون هناك نظام اقتصادي رأسمالي.

ليس من الواضح الأسباب التي تقف خلف قيام يسوع بقلب طاولات الصيارفة وباعة الحمام في الهيكل و وصفهم بأنهم لصوص وهناك من يشكِّكُ ربما في الرواية بأكملها. السبب قد يكون الإستغلال والمبالغة في الأسعار أو إستغلال الهيكل وهو مكان عبادة في ممارسة التجارة. ولكن موقف الإسلام من الربا هو أنه من أكثر الممارسات الغير مرغوب فيها. المسلمون كانوا لا يحتاجون الى الربا والفائدة لأنَّ أساس تعاملاتهم المصرفية كان العملات الذهبية وليس الورقية تتم طباعتها من الهواء.

هناك دعوات من أنه بما أن الإسلام لا يتكامل مع المجتمع الغربي, إذا ليس هناك سوى طريق واحد, الإصلاح أو لابد من القضاء عليه. بابا الفاتيكان السابق بنديكت السادس عشر دعا إلى إصلاح الإسلام ومن لا يقبل ذلك من المسلمين سوف يكون متطرفا. الكنيسة الكاثوليكية كانت دائما مناصرة ومؤيدة للقيم الرأسمالية وقامت بدور فعال في الدعاية ضد الشيوعية خصوصا في بلدان أوروبا الغربية والآن تقوم بالدور نفسه ضد الإسلام حيث تبحث عن كل مسلم ليبرالي التفكير من أجل ما يطلقون عليه حوار الأديان.

ولكن الكنيسة الكاثوليكية لم تكن في السابق على هذه الحالة بل كانت تتهم بأنها معادية للسامية, أي أنها ضد اليهود قتلة يسوع المسيح. ولكن ذلك تغيَّر مع تولي البابا يوحنا الثالث والعشرون الذي قام سنة ١٩٦٥م بتبرئة اليهود من دم المسيح مستندا إلى نص في العهد القديم من الكتاب المقدس في سفر العدد ١٨:١٤(بل يجعل ذنب الآباء على الأبناء إلى الجيل الثالث والرابع). اليهود نجحوا في التغلغل في الكنيسة الكاثوليكية ونجحوا في إحداث الانقسام الكنسي الشهير في القرن السادس عشر حيث تفرَّق أتباع الكنيسة الى كاثوليك وبروتستانت وإشتعلت الحروب الدينية في أوروبا التي أكلت الأخضر واليابس وكان الصيارفة اليهود يمولون جميع أطراف الصراع ويقدِّمون لهم القروض الربوية.

أوروبا في حاجة إلى الأيدي العاملة الرخيصة وبسبب انخفاض نسبة المواليد وتأثر الأوروبيين بالأفكار عن تحديد النسل, إذا من الواضح أن المكان الوحيد الذي يتوفر على فائض بشري يمكن التعامل معه هو البلدان الإسلامية. ولكن لماذا ليس الصين أو الهند على سبيل المثال؟ لأن الإسلام يوفِّر منظومة متكاملة يمكن من خلالها تحويل العلاقة مع الغرب المسيحي الى حالة من العداء الأيدولوجي. إن ذلك يتم من خلال الدعاية والبروباغندا حيث تتم شيطنة الإسلام واستخدام مصطلح الإرهاب الإسلامي والمتطرفين الإسلاميين وتأسيسي منظمات إرهابية تقوم بأعمال القتل الدموية و تبثها من خلال مختلف الوسائل الإعلامية إلى العالم بأكمله حتى يشاهد المسلمين المتوحشين.

إن صاموئيل هنتنغتون ليس أول من استخدم مصطلح صراع الحضارات ولكنه المستشرق الأمريكي من أصول بريطانية برنارد هنري لويس الذي عمل في مكتب المخابرات الخارجية البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية وفي القسم العربي في وزارة الخارجية البريطانية. لاحقا, إنتقل برنارد لويس الى الولايات المتحدة وعمل بشكل وثيق مع مستشار الأمن القومي الأمريكي زيغينو بريجنسكي الذي كان مقربا من الإرهابي أسامة بن لادن وهو صاحب فكرة إستخدام المسلمين ضد الإتحاد السوفياتي في أفغانستان.

إنَّ نظرية صراع الحضارات التي يعتبرها الكثير من المختصين والمحللين أنها جزء رئيسي من التفكير و السياسة الأمريكية في عدائها ضد الإسلام والعمل على محاربته والقضاء عليه ليس إلا مصطلح براق أخر يتم إستخدامه لأهداف الدعاية والبروباغندا بينما الحقيقة أنها حرب من أجل الهيمنة على إقتصاد العالم وثرواته. نظام الرأسمالية المصرفية في وول ستريت وإنجلترا وسويسرا يسرق العالم من خلال طباعة نقود ورقية ومن خلال الديون الإئتمانية والإسلام يعارض كل ذلك. 

صخر الماجري, صهر الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي, كان يخطِّطُ من أجل إنشاء منطقة مالية أشبه بتلك التي في مانهاتن في الولايات المتحدة ولكنها سوف تكون معتمدة على الإقتصاد الإسلامي وبالتالي سوف تجذب الإستثمارات من كافة أنحاء العالم الإسلامي مما قد يحرم البنوك الربوية من عوائد مالية ضخمة.

ومن خلال الأحداث التاريخية يمكن أن نستفيد الكثير من أجل فهم الأسباب الحقيقية للحرب ضد الإسلام. حركة الكشوفات الجغرافية كان الهدف منها القضاء على سيطرة المسلمين المماليك على طرق التجارة خصوصا تجارة التوابل ولو تم إستبدال المسلمين بدولة أوروبية لكان السيناريو هو نفسه والأحداث هي نفسها مع تغيير في الأسماء. الحروب الصليبية كانت تخفي غايات وأهداف اقتصادية, ثروات الشرق التي تتحدث عنها الأساطير ويسيل لها اللعاب. الدول الأوروبية خاضت حروبا وصراعات دموية على المستعمرات وعلى السيطرة والتحكم في الطرق التجارية. الحرب العالمية الأولى بين ألمانيا وبريطانيا كانت تعبيرا عن شعور الأخيرة بالقلق من نمو قوة البحرية الألمانية التي أصبحت تعتمد في سفنها على النفط بدلا من الفحم وبالتالي تهدد طرق التجارة البحرية و المستعمرة البريطانية في الهند.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية





















No comments:

Post a Comment