Flag Counter

Flag Counter

Monday, September 29, 2014

البيتكوين تنتقل بسرعة نحو التحول لواقع ملموس في كليفلاند

معظم زبائن شوكولاتة ميتشل عالية الجود في مرتفعات كليفلاند , أوهايو, هم من السكان المحليين الذين ترعرعوا منذ مولدهم على تلك الشوكولاتة المغطاة بالمارشمالو, أشكال سلاحف من جوز البقان(١)وقطع من ثمار المشمش مغموسة إلى منتصفها. ولكن مؤخرا, هناك وجوه جديدة كما ذكر بيل ميتشل مالك المحل الذي يبلغ ٥٤ عاما. في أوائل شهر مايو أيار, كما يتذكر, "زوجين وسيمين بشعر مصفف بطريقة مراهقي موسيقى الروك" قاموا بقيادة السيارة ٤٠ ميلا من أكرون(٢) بحاجة شديدة لشراء شيئ ما - أي شيئ من متجره.
كانت تلك زيارة غير لافتة للنظر من نواحي كثيرة. فقد قاموا بعد البحث ولفترة قصيرة في متجره الصغير, بوضع عدة صناديق من الشوكولاتة على منضدة المحل. " حتى أنني لم أكن أستطيع التأكد مما قاموا بشرائه ", حسب إعتراف بائع الشوكولاتة. ولكن مايتذكره هو الطريقة التي دفعوا بها: بواسطة(٠.١٢) بيتكوين.
ميتشل هو واحد من دزينة من أصحاب المحلات في شارع لي في مرتفعات كليفلاند الذي قاموا بالإنضمام معا لقبول تلك العملة الإلكترونية المشفرة المثيرة للجدل على أمل جذب زبائن جدد لمقاطعة تعاني الكساد وكوسيلة لتجنب رسوم البطاقات الإئتمانية. منذ شهر مايو-أذار, متعامل واحد يتعامل بالبيتكوين قام بالسفر للشارع الذي تصطف على جانبيه الأشجار شمال شرق أوهايو من منطقة بعيدة كولاية كارولانيا. هنا, يقومون بتبادل البيتكوين مقابل مخروط أيس كريم, حلاقة شعر, أساور من كولومبيا مصنوعة باليد, ويتم توديعهم بصيحات إحتجاجية " بوووه وداعا الأن " أسلوب محلي للتعبير لمن لمن يصفون أنفسهم بأنهم أول جادة بيتكوين في أمريكا.
" للمصالح التجارية الصغيرة " قال ميتشل " بيتكوين قد تكون شيئا فاق تصورهم ". في خلال خمس سنوات منذ بدايتها, فإن الإعتماد على البيتكوين قد نما بثبات. على الرغم من أنه ليس هناك أرقام واضحة عن عدد الأشخاص الذين بالفعل يستخدمون تلك العملة الشبه مجهولة, ١.٣ مليون محفظة بيتكوين تحتوي على دولار واحد على الأقل للمحفظة بمجموع معاملات جماعيا بلغ ٢٨٠٠ في الساعة. على الرغم من ذالك فإنها مازال عليها أن تحصل على إعتماد واسع من قبل الشركات التي تعتمد التعامل النقدي المباشر مع زبائنها. وفقا لإحصائيات سنة ٢٠١٢, حوالي ثلثي من يملكون البيتكوين, هم مستثمرون الذين بعد شرائهم للعملة, لم يقوموا بشراء أي شيئ بواسطتها.
وتقريبا نصف التعاملات التي تمت بها كانت عن طريق مواقع مقامرة صينية, والتي توضح على وجه الخصوص لماذا متوسط قيمة معاملة بيتكوين أكثر من ٧٧٠٠ دولار. إن ذالك بعيد كل البعد عن سعر الأيس كريم والشوكولاتة في شارع لي.


أصحاب المحلات لايقومون بإدخار البيتكوين لتصبح الشكل السائد للدفع في أي وقت قريب. " نحن لا نتوقع كسبا مفاجئا " كما قال نيكهيل تشاند, مؤسس مكتب إستشاري البيتكوين CoinNEO, الذي خرج من رحم جادة البيتكوين في أواخر العام الماضي. " إنه أكثر من ذالك بكثير - بخصوص الضرر المترتب من الرسوم عبر طرق الدفع التقليدية.
ميتشل, كغيره من أصحاب المحلات, يكافحون للتأقلم مع تقلص قاعدة زبائنهم. لم تكن دائما على ذالك النحو. عندما قام والده بإفتتاح متجر الشوكولاتة سنة ١٩٣٩, كانت كليفلاند سادس أكبر مدينة في الولايات المتحدة, منتج رئيسي للصلب. " إعتدنا قبل ذالك على أن نملك نافورة مياه غازية " كما يتذكر بفخر, واقفا بجانب صندوق زجاجي لعرض الشوكولاتة. " كما تعلم, أيام سعيدة " ولكن منذ ذالك الحين, خسرت كليفلاند الكثير من صناعتها بالتوازي مع خسارتها أكثر من نصف تعدادها السكاني.
" الإقتصاد ليس قويا بما فيه الكفاية " يقول أدم فليسشير, صاحب محل نبيذ أسفل الطريق من محل ميتشلز. " إنها تنافسية بشدة. يجب علينا إيجاد طرق لنبقى في ذالك السياق " البيتكوين, كما يتأملون أن تجذب جماهير الشباب المغرمة بالتكنولوجيا للمقاطعة "
حتى الأن, كما قال ميتشل, مبيعات البيتكوين مازالت متواضعة. في الأسبوع الأول الذي بدأ فيه بقبولها, قام بإتمام أربع أو خمس تعاملات بتلك العملة الإلكترونية - تقريبا نفس الكمية التي تم إبلاغ نيوزويك بها من قبل أصحاب المحلات الأخرين الذين قابلتهم. ولكن منذ ذالك الحين فقد إنتشرت الأنباء. " أصبح لدينا زوجين بعمر ٧٥ قدموا لحضور أجتماع بخصوص البيتكوين " كما صرح فيشر. " الجميع يتحدثون عن ذالك ". ميتشل قام بالشرح أن الإعتماد على بطاقات الزبائن الإئتمانية, عليه أن يدفع مابين ٢.٥% و ٤.٥% كرسوم تعامل تجاري على كل عملية شراء. " كل تلك النفقات تتراكم خلال السنة " كما صرح. خصوصا في مجال المختصين بصنع الشوكولاتة. " الشوكولاتة هي تعد من سلع الرفاهية ". لا يستطيع أحدهم بكل بساطة زيادة السعر للتعويض عن الرسوم البنكية. ويضيف " بدلا من شراء علبة وزنها ١٤ أونصة فسوف يقوم الزبون بدلا من ذالك بشراء علبة وزنها ١٠ أونصات".
في سنة ٢٠١٢, ثلاثة أرباع المصالح التجارية الصغيرة في أمريكا حققت عائدات تقل عن ٢٠٠ ألف دولار سنويا. بالنسبة تلك العائدات, فإنهم قد يدفعون مايصل إلى ٩ ألاف دولار رسوم لشركات البطاقات الإئتمانية. بسبب تلك الرسوم فإن ٥٥% من المصالح التجارية الصغيرة لا تقبل الدفع بالبطاقات الإئتمانية. ولكن مع إستمرار تشكيل المعاملات المالية نسبة أصغر وأصغر من المبيعات, فإنه في وقتنا الحالي من الصعب رفض مانسبته ٢٧% من التعاملات المالية بواسطة البطاقات الإئتمانية. وكما يأمل ميتشل فإن البيتكوين قد تشكل بديلا. إنها تكلف صاحب المحل ١% في عملية الشراء بالإضافة إلى أنه إذا قرر عدم تحويل العملة الإلكترونية إلى دولارات أمريكية, فإنه لايوجد هناك رسوم على الإطلاق.
إذا كنت تمتلك نشاطا تجاريا صغيرا, يقول ميتشل, " البنوك سوف تنال منك في الذهاب والإياب ". في الشهور القليلة السابقة, ويوضح, جزء من ماكينة التغليف بواسطة الشيكولاتة قد تعرض للعطل. بالنسبة لصانع الشوكولاتة, إن ذالك يعد إنتكاسة. فبدونها لا يستطيع تغليف قطع الكراميل وشرائح البرتقال بالشوكولاتة بشكل مناسب. وبالتالي فقد قام بالإتصال بالمصنع الوحيد لقطع غيار ماكينة التغليف, شركة تجارية صغيرة في الدانيمرك, وقام بطلب قطعة غيار جديدة كلفته ٣٠٠ دولار أمريكي. ولكن حتى يقوم بتحويل المال, فقد كلفه ذالك ٣٥ دولار أمريكي. " لو كانت تلك الصفقة بإستخدام البيتكوين" كما قال, " فإنني كنت سوف أتكلف بدفع ثلاثة دولارات".
بالنسبة إلى ليزا دنن, صاحبة متجر ريفايف لبيع سلع عالمية متنوعة يقع في الجهة المقابلة للشارع من ميتشل, مشكلة تحويل الرسوم أكثر سوءا. دنن تقوم بشراء مجوهرات, حقائب وملابس من تجار محليين في الهند, باكستان, كمبوديا وكولومبيا وأماكن أخرى حول العالم. الرسوم الثابتة لتلك النوعية من التحويلات المالية هي ٥٠ دولار. كما تصرح " بالنسبة لي فإنني لا أفهم سبب تلك الزيادة في التكاليف ". " هي فقط بيانات ".
يتأمل التجار في شارع لي أن تبني البيتكوين سوف يظهر للبنوك وشركات البطاقات الإئتمانية أن العصر الرقمي قد وفر وسائل بديلة للدفع;وأنهم إن رغبوا بالمنافسة, فإن عليهم تخفيض رسومهم. " إن ذالك تثبيت لصحة مفهوم معين " كما صرح تشاند " تجربة إجتماعية ".
وفقا لستيف ميلارد, الرئيس والمدير التنفيذي لهيئة المشاريع الصغيرة في كليفلاند, " عامة الشعب أُخذوا بالمفاجئة خلال السنين السابقة, إستعدادنا لتجربة أمور جديدة " على أن تبني تجار شارع لي للنقود الإلكترونية مازال يحير العديد من السكان في المدينة ". القسم الإقتصادي في صحيفة كليفلاند نبهت قرائها إلى شكوكها بخصوص إحتمال أن العملة الجديدة " لا تستحق المخاطرة " وذالك بالرجوع إلى قيمتها المتغيرة بشكل مستمر. في وقت المؤتمر الصحفي فإن عملة بيتكوين واحدة بلغت قيمتها ٤٤٠ دولار, بينما منذ خمسة شهور سابقة بلغت قيمتها ١٠٠٠ دولار تقريبا, وفي الشهور الخمسة التي سبقت(عشرة شهور) فإن قيمتها بلغت ٩٠ دولار. بالنسبة للنقاد, التغير المستمر في القيمة مقترنا أن تلك العملة قد إكتسبت سمعتها السيئة لأول مرة كخيار مفضل في طريق الحرير, سوق سوداء على الإنترنت لبيع الهيروين ولشراء خدمات القتلة المأجورين, وأن الكثير منها في حوزة مضاربين يهدفون للتأثير على بعضهم البعض, مع الإشارة للبيتكوين كوسيلة لتحقيق ذالك. في القسم الإقتصادي(التاجر المبتدئ) في صحيفة كليفلاند, أستاذ المالية في جامعة كيس ويسترن ريزيرف قام بتشبيهها بصخرة الحيوانات الأليفة(٣).
لاشيئ من ذالك بالتحديد يثير القلق لدى الباعة الذين يزعمون أن الكثير من النقاد ببساطة ليس عندهم إطلاع على الموضوع. " أتذكر عندما عندما كنت طفلا والبطاقات الإئتمانية كانت حديثة الظهور ", كما صرح ديب أو براين, موظف في متجر للنبيذ, والذي كان أول مؤسسة تجارية تنضم للمجلس في جادة البيتكوين. " كانوا مرتبكين " كعملة بدون هوية, كما يقول ميتشل, بيتكوين " تتلائم مع ميولي التحررية بخصوص الأشياء. ولكنني لن أستثمر فيها أو أن تكون نيتي ذالك ". في الحقيقة فإن المحلات لا تأخذ على عاتقها أي مخاطرة مرتبطة بتلك العملة الإلكترونية. بدلا من ذالك, يستخدمون خدمة تقوم بتحويل البيتكوين إلى دولار أمريكي فورا وعند لحظة إتمام معاملة البيع. " تماما كبطاقات الإئتمان " يقول ميتشل. " إنها تذهب مباشرة لحسابك تماما كالدولارات ".
" الواقع بالنسبة لنا هو: هل تأتي بالنقود من خلال الباب؟ " يقول فليسشر, " أيضا نعم. إنها كذالك ".
الزوجين الوسيمين بشعر مصفف على طريقة مراهقي الروك الذين قاموا بزيارة محل ميتشل في أوائل شهر مايو-أيار, على سبيل المثال, تمت مشاهدتهم في مربع سكني مجاور في متجر النبيذ. قسم السلامة العامة في أوهايو لم يقم بالسماح لفليتشر ببيع الكحول بواسطة البيتكوين فالسلطات نظرت إليها كسلعة وليس عملة, ولكن ذالك لم يوقف الزوجين من شراء فتاحات لقناني النبيذ, ألواح التقطيع, وقمصان. إجمالي ما أنفقوه كبيتكوين هو ١٦٠ دولار تقريبا. " كانوا مغمورين بالفرح " يتذكر فليسشر. عند مغادرتهم لمنزلهم الذي يبعد مسافة ساعة بالسيارة, الزوجين الوسيمين إلتفتا إليه. " عندما تستطيع أن تبيع الكحول مقابل البيتكوين, " قالا, " فنحن سوف نعود ".
(١) نوع من أنواع الجوز
(٢) مدينة في ولاية كليفلاند
(٣) صخور عليها رسومات لوجوه على أشكال حيوانات
تعليقي:
- حين سؤالي لأحد مدراء البنوك عن رأيه في البيتكوين, ذكر لي أنها عملة إفتراضية وهو مصطلح أخر لوصف العملة الإلكترونية, شيئ غير محسوس, غامض. وكون شخص واحد يمتلك شيفرات تلك العملة وهو الياباني الذي إبتكرها وأخرجها للوجود, فالغاية والهدف من تلك العملة يبقى غير واضح.
هل البيتكوين عبارة عن محاولة يابانية لمقاومة النظام المالي والمصرفي الذي تحاول الولايات المتحدة فرضه على العالم؟ هل هي مجرد أداة مضاربة ونصب وإحتيال من قبل كبار البنوك والمؤسسات المالية؟ وسيلة من وسائل تبديد ماتبقى من ثروات وأموال بأيدي الحالمين بالثراء السريع. في تلك الحالة فما هو الفرق بين البيتكوين والأسهم والعملات؟ ماهي اسباب إنهيار قيمة البيتكوين وخسارة مصارف ومؤسسات مالية مئات الملايين من الدولارات أو البيتكوينات؟ وهل ذالك صدفة بريئة أم ناتج عن عمليات تلاعب؟
والسؤال الأهم هو على ماذا تستند البيتكوين؟ فنحن كما نعلم العملات كانت ذهبية ثم تحولت إلى ورقية بغطاء ذهبي كلي ثم تحول إلى غطاء هرمي ربط سعر الذهب بقيمة الجنيه الإسترليني والدولار ثم تحررت العملات من أي غطاء وأصبحت تعتد على متانة إقتصاد الدولة التي تطبعها وقوته وتلك نقطة تحتمل وجهات نظر مختلفة فالدولار الأمريكي خسر ٩٨% من قوته الشرائية منذ أن خرج لحيز الوجود وأصبح يتمتع بغطاء من نوع أخر لاعلاقة له بقوة الإقتصاد ومتانته بل بالمتانة والقوة العسكرية للولايات المتحدة ومبيعات السلاح الأمريكي.
هل تذكرون تلك الشركات التي كانت تبيع السذج, من يبيعون عقولهم لتلك الأوهام, أحلاما في الهواء وعملات ذهبية مزعومة وتروج للمغفلين أنهم إن أقنعوا أخرين بشراء تلك العملات فإنهم سوف يحققون دخلا شهريا يزداد بإزدياد الواقعين في المصيدة ثم من يقع فيها عليه أن يقوم بجذب غيره في تسلسل هرمي؟ هل تذكرون كل ذالك وكيف وقع في فخ تلك الشركات العديد من أصحاب الشهادات وليس فقط الجهلة والأميين؟ إلى ماذا إنتهى مصير تلك الشركات؟ فقد تبين على حسب ماعلمت أنها غير مسجلة وغير مرخص لها بممارسة أي نشاط في الدول العربية وأنها تعمل بشكل غامض من ملاذات ضريبية وبعضها من هونج كونج وأنه لايوجد صورة واضحة لتكوينها أو طريقة ممارسة نشاطها, شيئ يشبه عمل السحرة والمشعوذين.
برأي الشخصي فإن البيتكوين لا تعد إلا نوعا من أنواع النصب والإحتيال كتلك العملات الذهبية أو التي يظن أنها ذهبية ولكنهم هذه المرة قاموا بتطوير العملية وتشفيرها بعد فضيتهم السابقة وجعلوها إلكترونية.
- كل بني البشر خطاء وأنا أتقبل أي ملاحظات بخصوص الترجمة ولكن يجب أن تكون مشتملة على إقتراحات وحلول فأنا أعترف أن ترجمة الموضوع قد أخذت مني وقتا طويلا حيث أنه ممتلئ بالمصطلحات الشعبية التي لم أجد لها ترجمة في القاموس كما أنه هناك إستعاراتكعنوان الموضوع نفسه:
Bitcoin Makes the Jump to Brick-and-Mortar in Cleveland
- المصدر في الأسفل:
By Joe Kloc / May 29, 2014 3:52 PM EDT
إنتهى
وشكرا لوقتكم وتفاعلكم
مدونة علوم وثقافة ومعرفة

Sunday, September 21, 2014

الصين تتخذ خطوة صغيرة مبتعدة عن الدولار

السلاح الأكثر فعالية هو الذي قد لا يكون تم أبدا إستخدامه. فقط إسأل الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي. إستباقا لقمة مجموعة العشرين التي عقدت في لندن الأسبوع الماضي, ساركوزي هدد بالإنسحاب فجأة من المحادثات إذا لم يتم وضع لجام ضيق على صناديق التحوط كجزء من الجهود المبذولة لمواجهة الأزمة الإقتصادية العالمية. القادة إتفقوا على المزيد من تنظيم عمل صناديق التحوط وساركوزي بقي في كرسيه.
والأن فإنه دور الصين لتظهر أنها ليست بالخصم الضعيف. خلال التحضيرات التي سبقت قمة مجموعة الدول العشرين(G20) زهاو إكسياشوان محافظ البنك المركزي الصيني قام بنشر ورقة بحث يقترح عملات عالمية بديلة كحقوق السحب الخاصة, وهي وحدة صرف مستخدمة من قبل صندوق النقد الدولي لكي يتم الأخذ بعين الاعتبار إحلالها فعليا بدلا من الدولار كعملة إحتياطية عالمية. بينما بعض المسؤولين في واشنطون قد رفضوا الفكرة لأنها غير واقعية, فإن القادة الصينيين قد قاموا بإتخاذ عدة خطوات لإظهار عدم رضاهم عن هبوط قيمة الدولار نتيجة معاناة الولايات المتحدة من نسبة عجز ضخمة لدعم إقتصادها المتداعي ونظامها المالي.
خلال الأسبوعين الماضيين, قامت الصين بتوقيع إتفاقية مقايضة عملات بمايعادل قيمة ٢ مليار دولار بينها وبين أندونيسيا والأرجنتين والتي تسمح لشريكي الصين التجاريين بتجاوز الدولار كوسيط في عملية المبادلة. وتوالت الصفقات المماثلة التي قامت الصين بإبرامها خلال الستة أشهر الماضية مع ماليزيا, هونج كونج وكوريا الجنوبية. القيمة مجتمعة لعمليات المقايضة تلك - والتي لشركاء بنك الصين المركزي التجاريين ببيع اليوان للمستوردين المحليين لشراء البضائع الصينية, بمائة مليار تقريبا.
الإتفاقيات كانت خطوة غير عادية للصين التي كانت تاريخيا تستخدم الدولار للقيام بتجارتها الخارجية. ولكن بما أن ٧٠% من مبلغ ٢ تريليون من العملات الأجنبية تحتفظ به بالدولار الأمريكي, فإن الصين تبحث عن بعض الوسائل للتنويع. أهتمام بيجين الرئيسي حتمية إصابة الدولار بالضعف, تأكل قيمة موجوداتها نظرا لنمو عجز الموازنة الأمريكية والذي من المتوقع أن يتضخم لأكثر من ١.٧٥ تريليون دولار سنة ٢٠٠٩, بما يعد أكبر كمية من الدين كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي وذالك منذ الحرب العالمية الثانية. " إن ذالك يعد قمة جبل الجليد " جوزيف تان محذرا, كبير إقتصاديي أسيا في الخدمات المصرفية الخاصة سويس الإئتمانية. " لا تبدو واعدة بالنسبة للدولار "
كان هناك متاعب أخرى مؤخرا بالنسبة للتجارة المعتمدة على الدولار. عندما بدأت المؤسسات المالية الأمريكية مثل أي أي جي(AIG) وليمان بروثرز(Lehman Brothers) بالتفكك سنة ٢٠٠٨, أسواق المال العالمية أصبحت مضطربة بشدة حيث أصبح القيام بأي تجارة بالدولار الأمريكي مكلفا جدا. " والذي عجل(بإتفاقية المبادلة الصينية) هو إنهيار ليمان بروثرز والمخاوف بخصوص تمويل التجارة في ذالك الوقت " يقول جوحنا تشا, الإقتصادي الإقليمي في سيتي جروب هونج كونج. " إذا كان الدولار متقلبا بشدة فسوف تكون عملية التحوط أكثر كلفة " .
إتفاقيات المبادلة التي أبرمتها الصبن تجنبت كل تلك المشاكل. محل ملابس ماليزي, على سبيل المثال, يقوم بشراء قمصان وملابس من الصين يستطيع الأن إستخدام العملة المحلية الرينجيت لدفع قيمة مشترياته لأنه لم يعد بحاجة لأن يدفع للبنك رسوما ليقوم بتحويل الرينجت إلى دولار, تكلفة الصفقات أصبحت منخفضة. وبالمثل, فإن شركة صينية تقوم بشراء زيت النخيل من ماليزيا تستطيع القيام بالشراء بإستخدام اليوان.
هناك عيوب بارزة للشركات التي تتخذ ذالك الطريق, على الرغم من ذالك. الشركة الماليزية التي تقبل اليوان كدفعات سوف يكون لديها أسباب قليلة لتحتفظ بتلك العملة, والتي ليست قابلة للتحويل بشكل كامل. " حتى لو كنت تمتلك اليوان من خلال عمليات المبادلة تلك, فماذا سوف تفعل بها؟ " يسأل مارك ماثيو, مخطط إستراتيجي يعمل لصالح فوكس-بيتيت-كيلتون للأوراق المالية(Fox-Pitt Kelton Securities) ومركزه في هونج كونج. الذي يمتلكون اليوان يستطيعون إستثمار الفائض من مدخراتهم في الأوراق المالية الصينية, ولكن لحد معين. الحكومة الصينية صرحت بتاريخ ديسمبر ٩ أنها سوف تضاعف ثلاث مرات كمية الأوراق المالية المحلية التي سوف يكون الممولون الأجانب مؤهلين لشرائها إلى ٣٠ مليار. ولكن مليارات الدولارات يمكن أن يتم إمتصاصها من خلال سندات الخزينة الأمريكية, والتي لا يوجد حد بخصوص تملك الأجانب لها.
ليس مفاجئا أن إتفاقية اليوان قد أظهرت ردود فعل غير مبالية من قبل القطاع الخاص. إنتل والتي هي أكبر مصنع لأشباه الموصلات لديها مرافق تصنيع في كل من ماليزيا والصين. لكن حتى الأن, إنتل لم تستخدم إمكانية مبادلة العملات التي تم وضعها قيد التنفيذ بين الصين وماليزيا. معظم تجارة إنتل الداخلية مازالت تتم بالدولار, وفقا لتشنج تشنج المدير التنفيذي في إنتل لشؤون الشركات ومقره بينانج. ووفقا لسيتي جروب تشوا, شركات في كوريا الجنوبية, والتي كانت من أول الموقعين على إتفاقية مبادلة العملات مع الصين, فقد رفضت حتى الأن الإستفادة منها. في الواقع, حتى لو تم إستخدامها, فإن قيمة الإتفاقية ٢٦ مليار دولار قد تستوعب فقط جزءا بسيطا من التجارة بين كوريا الجنوبية والصين والتي بلغت بمجملها مبلغ ١٦٨ مليار دولار سنة ٢٠٠٨.
ولذالك فما هو دافع الصين لتصدر كل تلك المبادلات؟ " إنها خطة طوارئ في حالة إنهيار الدولار " يقول فوكس-بيتيت كيلتونز ماثيو. " إنها طريقة لإستمرار التجارة مع شركائها التجاريين الرئيسيين.تحليل أخر يذكر أن الصين تحاول فرض نفسها عل الساحة التجارية العالمية من خلال الأقوال لا الأفعال وجعل اليوان عملة عالمية. " أيضا طريقة واحدة لتصبح لاعبا, كما يعلم الجميع, هي بالتهديد أن تترك اللعبة "
إنتهى
المصدر: مجلة التايمز
عنوان الموضوع:
China Takes a Small Step Away from the Dollar
By Neel Chowdhury / Singapore Monday, Apr. 06, 2009


Friday, September 19, 2014

الأثار المترتبة على تحقيق الولايات المتحدة الإكتفاء الذاتي من النفط والعوامل المؤثرة على سعره

كمقدمة للموضوع أحب أن أذكر بقاعدة أساسية من الممكن تطبيقها ليس فقط على النفط بل وعلى أي سلعة أخرى وهي أنه في حال تأرجح أسعار أي سلعة صعودا وهبوطا بشكل متذبذب وأحيانا عدة مرات خلال اليوم الواحد و من دون أن يكون هناك أي تغير في قاعدة العرض والطلب فإن هناك شبهة بعمليات مضاربة وتلاعب تجاري.
يتسائل الكثيرون بخصوص إعلان الولايات المتحدة تحقيق الإكتفاء الذاتي من إنتاج النفط سنة ٢٠١٤ وعن تأثير ذالك على سعر البرميل وخصوصا أن ذالك الإعلان قد يؤدي إلى إنخفاض كبير في سعر النفط, فأقول لمن إستعجل الإجابة على ذالك التسائل, تمهل ولا تستعجل. سبب طلبي التأني في الحكم على مثل تلك الأمور هي أن أسعار النفط تتعرض للكثير من عمليات التلاعب والمضاربة كما أن التغيرات السعرية لبرميل النفط في كثير من الأحيان تكون غير مفهومة, سعر البرميل في تزايد في فترة إنخفاض الطلب والعكس صحيح. وللتوضيح فذالك ليس تلاعبا سعريا حسب التعريف الذي ذكرته في المقدمة حيث أن المعاكسة السعرية لقانون العرض والطلب تكون مستقرة غير متذبذبة لفترة زمنية قد تطول أو تقصر وهي محكومة بعوامل لم يستطع الكثيرون تفسيرها حتى الأن.
إعلان الولايات المتحدة تحقيق الإكتفاء الذاتي من إنتاج النفط سنة ٢٠١٤ له منافع سياسية داخلية وخارجية لاتعد ولا تحصى حتى لو لم يكن الخبر حقيقة على أرض الواقع. وبخصوص ذالك فسوف أكتفي بإيراد نقطتين أمر عليهم سريعا فبالنسبة لي شخصيا فأنا لا أثق ببيانات شركات النفط الأمريكية وهذه ليست أول مرة تقوم فيها تلك الشركات ببث تلك النوعية من الأخبار.  أول تلك المنافع هي إنتخابية داخلية متعلقة بمطالبات الناخب الأمريكي بضمان عدم تكرار أزمة المقاطعة النفطية سنة ١٩٧٣ خلال حرب أكتوبر والتي قفزت بسعر برميل النفط ٥٠٠% وجعلت الأمريكيين يصطفون طوابير بسياراتهم أمام محطات الوقود وتم سن قوانين تحديد السرعة على الطرق السريعة وغير ذالك من القوانين التي هدفت لترشيد إستهلاك النفط والطاقة بشكل عام. مجرد فكرة تكرار ذالك السيناريو يشكل كابوسا بالنسبة لأي رئيس أمريكي من الحزب الديمقراطي أو الجمهوري لايهم.
ثاني تلك المنافع سياسية خارجية متعلقة بالقرار السياسي الأمريكي وعدم إرتباطه بإحتياجات الولايات المتحدة من الطاقة حتى لو كان ذالك الإرتباط نظريا وليس عمليا على أرض الواقع. وقد يسأل بعضهم عن توضيح لتلك النقطة وهنا نستطيع ذكر فنزويلا كمثال أو اللوم الذي يوجه للولايات المتحدة على إهتمامها بمصالحها على حساب قيم الحرية والديمقراطية ولكن المشكلة أنه في عالم السياسة والمصالح فما يجري أمام عيني وعينك يعد كجبل الجليد, نرى قمته بينما كتلته الأكبر غير مرئية بالنسبة لنا.
وللحديث عن العوامل المتحكمة بتسعيرة برميل النفط فإن أول تلك العوامل وأهمها والتي لاتخطر على بال الكثيرين هي لمن تعود ملكية شركات النفط وحقوق الإستخراج؟ في دولة مثل النرويج, تملك شركات النفط الأجنبية(الخاصة) حقوق الإستخراج ولكن معدل الضريبة المفروض عليها قد يصل إلى ٧٨% كما أن الأولوية لشركات النفط الوطنية مايشبه نظام الكفيل في بعض الدول كما أنها ملتزمة بسياسة الدولة المتعلقة بعدم الإفراط في إستخراج النفط والإبقاء على مستوى إحتياطي مستقبلي مقبول منها. دول مثل أمريكا وكندا شركات النفط لها الكلمة العليا بخصوص الجهة التي ترغب في بيع وهي شركات خاصة وتملك حقوق الإستخراج بل وتتمتع بإعفائات ضريبية ودعم حكومي ونفوذ هائل ولوبيات ضغط تتحكم في كثير من الأحيان بسياسات الحكومة نفسها لتتماشى مع مصالح شركات النفط.
ثاني تلك العوامل بالسؤال التالي وهو إذا كانت شركات النفط تتمتع بإعفائات ضريبية ودعم حكومي مرتبط بسعر معين لبرميل النفط, فماهو مصير ذالك الدعم في حال إرتفاع سعر برميل النفط لمبلغ ٣٠٠ دولار مثلا؟ وهل سوف تواصل الحكومة تقديم الدعم لشركات النفط للإبقاء على سعر البيع في محطات الوقود عند مستوى سعري معين وكذالك أسعار الطاقة الكهربائية التي يتم تزويد المنازل والمصانع بها؟
ثالث تلك العوامل هو إرتفاع مستوى الدين الحكومي الأمريكي إلى مستويات تنذر بكارثة إقتصادية لم يسبق لها مثيل سوف تؤثر ليس فقط على الولايات المتحدة بل على العالم بإجمعه حيث أن البيانات والمؤشرات تماثل ماكانت عليه سنة ١٩٢٩ فيما يعرف بكارثة الإثنين الأسود حيث يتوقع الخبراء فترة كساد إقتصادي عالمي لمدة لاتقل عن ٢٥ سنة.
والسؤال هنا ماهي قدرة الحكومة على تقديم الدعم والإعفائات الضريبية لشركات النفط في حال إرتفاع الدين الحكومي العام وخدمة ذالك الدين(الفوائد) والتي سوف تلتهم حصة كبيرة من الميزانية السنوية مضافا إليها إرتفاع سعر برميل النفط؟
ثالث تلك العوامل متعلق بنوعية النفط المستخرج وتكلفة إستخراجه فكما هو معروف فإن إستخراج النفط يكلف نفطا, أو بصورة أوضح توليد الطاقة يكلف طاقة. النفط الخام يختلف عن النفط الصخري أو النفط الرملي من ناحية سهولة الإستخراج وتكلفته والأهم هو معادلة الإستهلاك \ الإستخراج والتي تعني كم برميل نفط تم إستهلاكه في عملية الإستخراج مقابل كم برميل نفط ناتج تلك العملية.
أما بالنسبة لنوعيات النفط فالنفط الخام مثال عليه الحقول الموجودة في دول الخليج العربي وأغلب النفط المتواجد فيها من تلك النوعية ومعادلة الإستهلاك \ الإستخراج هي ١ إستهلاك \ ١٠٠ إستخراج. النفط في دول مثل كندا هو في أغلبه نفط صخري كما أن هناك حقول نفط بحرية حيث أن تكلفة إستخراج النفط البحري هو الأكثر كلفة. معادلة لإستهلاك \ الإستخراج بالنسبة للنفط الرملي قد لا تتعدى ١ إستهلاك \ ٣-٤ إستخراج في أكثر الحالات تفائلا كما أن النفط البحري يتمتع بمعدل إستخراج مقبول ولكنه مكلف ويتطلب مستوى سعري معين لبرميل النفط حتى يصبح الإستخراج مجديا إقتصاديا. أمريكا تتوفر على عدة أنواع من النفط كانت الهيمنة في فترة من الفترات لنفط تكساس وهو من نوعية النفط الخام السهل الإستخراج وهناك النفط الصخري حيث كانت التوقعات أن إستخراجه هي التي سوف ترجح ميزان أمريكا لتصبح دولة ليس فقط مكتفية ذاتيا من النفط بل دولة مصدرة له. ولكن بالنسبة لأمريكا فإن الهيمنة هي لحقول النفط التي تقع في الجزء الأمريكي من خليج المكسيك وكذالك هناك أمال بزيادة الإستخراج من حقول نفط بحر الشمال وخصوصا في منطقة ألاسكا وهي حقول إستخراج النفط فيها عالي التكلفة كما أنه يجب الإبقاء على سعر برميل النفط عند مستوى معين لايقل عن ١٠٠ دولار حتى يكون الإستخراج مجديا من الناحية الإقتصادية.
رابع هذه العوامل والتي قد يغفل عنها البعض متعلق بقيمة الدولار الأمريكي والجهود المبذولة من قبل بنك الإحتياطي الفيدرالي لإضعاف الدولار عبر مايسمى التسهيل الكمي(Quantitative Easing) وذالك لجعل الصادرات الأمريكية وخصوصا النفط ذات تنافسية في السوق العالمية وحتى تتمكن أمريكا من التحكم بسوق الطاقة العالمي بإستخدام النفط المستخرج من الحقول الأمريكية نفسها. أما بالنسبة للتسهيل الكمي فهو بإختصار طباعة العملة - الدولار بدون غطاء حقيقي (Out Of Thin Air) وبدون نمو إقتصادي يبرر الحاجة لطرح تلك الكميات الضخمة من العملة للتداول حيث يطلق على العملات الورقية بشكل عام (Fiat Currency) منذ التخلي عن الذهب كغطاء للعملات. مشكلة (Quantitative Easing) أنه يؤدي إلى تضخم(Inflation) قد يخرج عن السيطرة ويتحول إلى تضخم مفرط(Hyperinflation) وهو مايؤدي إلى إرتفاع الأسعار بما يشمل النفط وحتى سعر البيع في محطات الوقود سوف يرتفع بشكل كبير.
أربعة عوامل تؤثر على سعر النفط ذكرتها لكم ترتيبا بحسب اهميتها برأي وذالك لايمنع كون البعض قد يرى وجهة نظر مخالفة ولكن لتكتمل الفكرة لابد من تقديم صورة عن وضع الولايات المتحدة في الأسواق النفطية بشكل عام ورأي الشخصي بصحة الأخبار عن تحقيق الولايات المتحدة الإكتفاء الذاتي من النفط سنة ٢٠١٤.
الولايات المتحدة تستهلك ٢٥% تقريبا من إنتاج النفط العالمي البالغ ٨٠ مليون برميل على الرغم من تعداد سكان لايزيد عن ٤% من المجموع السكاني العالمي. إنتاج الولايات المتحدة النفطي وصل قمة الذروة(Peak Production) سنة ١٩٧٥ ثم بدأ بالتناقص من ٩.٥ مليون برميل تقريبا إلى ٤-٥ مليون برميل يوميا مع معدل إستهلاك يبلغ ٢١ مليون برميل يوميا, إحصائيات ٢٠٠٥ حسب موقع ويكيبيديا. بعض الإحصائيات سنة ٢٠١٣ تذكر أن الولايات المتحدة تستهلك في الوقت الحالي ١٩ مليون برميل يوميا وقد يكون ذالك من أثار الأزمة المالية ٢٠٠٧ - ٢٠٠٨ والكساد الإقتصادي ونزوح القاعدة الصناعية للصين حيث توفر الأيدي العاملة الرخيصة. الفرق في الأرقام هنا ليس بذي أهمية حيث أنها معرضة للتغير ولو بنسبة بسيطة ومازال الفرق كبيرا بين ١٩ مليون برميل معدل إستهلاك و ٨.٩ مليون برميل معدل إنتاج فمازال الفارق كبيرا حتى تبلغ الولايات المتحدة مرحلة الإكتفاء الذاتي فما بالكم بتصدير النفط بكميات تسمح لها بالتحكم بالسوق العالمية مكتفية بإنتاجها الخاص من النفط.
وقد يسأل البعض عن تلك الأخبار المتناقضة والتصريحات بخصوص هل تحقق الولايات المتحدة الإكتفاء الذاتي سنة ٢٠١٤ وقد تصيب البعض بالإرتباك ولكن المسألة بإختصار أن الولايات المتحدة قامت بتصدير ٣.٧ مليون برميل في اليوم نتيجة زيادة إنتاج النفط في حقول الجزء الأمريكي من خليج المكسيك بنسبة ٧٢% وذالك لأسواق تقع على مسافة تجعل تصدير النفط إليها مجديا من الناحية الإقتصادية وكذالك لقدرة مصافي النفط الأمريكية والتي تقع على مسافة قريبة من حقول النفط البحرية في الجزء الأمريكي من خليج المكسيك. إلى هنا والخبر صحيح ولكن من الناحية الأخرى فإن هناك ولايات أمريكية فضلت إستيراد النفط ومشتقاته من كندا لمجموعة أسباب لعل أهمها عدم قدرة مصافي النفط الخاصة بها على تكرير نوعية النفط المستخرج من خليج المكسيك والأهم من ذالك أن كلفة نقل النفط من خليج المكسيك إلى تلك الولايات مثل إلينوي وأوهايو تجعل الفكرة عالية التكلفة مع الملاحظ أن أغلب شركات النفط في كندا هي إما أمريكية أو شركات مشتركة تقع مجالس إدارتها تحت سيطرة أعضاء أمريكيين ولعل ذالك بالإضافة إلى كون شركات النفط في كندا هي شركات خاصة قد يفسر إرتفاع أسعار الوقود في كندا مقارنة بكونها دولة مكتفية ذاتيا بل ومصدرة ذات تأثير على سوق النفط العالمي.
في الختام أحب أن أذكر بتأثير الأزمات الإقتصادية والكساد الإقتصادي أو إنتعاش الإقتصاد على سعر النفط حيث يلعب ذالك دورا في تحديد السعر وإن كان الإرتفاع أو الإنخفاض في سعر البرميل قد يكون عكسيا وغير مفهوم في بعض الأحيان كما أوضحت في بداية الموضوع. يكفي القول أنه خلال أزمة ٢٠٠٧ - ٢٠٠٨ حيث إنخفض سعر برميل النفط في فترة معينة فإنه تم إلغاء مشاريع نفطية حول العالم بمئات المليارات وخصوصا في كندا حيث تم إلغاء ماقيمته ٥٠ مليار دولار من مشاريع التوسعة النفطية لحقول النفط الرملي في ولاية ألبرتا. على كل حال فإن حتى لو إنخفض الطلب الأمريكي على النفط وتحقق الإكتفاء الذاتي بل والقدرة التصديرية لكامل الولايات الأمريكية وليس كما أوضحت سابقا, فإن هناك دولار لعل أهمها الصين والهند سوف تكون سعيدة جدا بتلك الأخبار حيث سوف تتوفر على كميات إضافية من النفط حتى لو كانت بمستوى سعري يصل إلى ١٠٠ دولار أو بأعلى من ذالك.
الموقف الأن برأي زيادة في الإستهلاك ومستوى إنتاج يلبي ذالك بصعوبة شديدة والإكتشافات الجديدة لا تلبي الطموحات المتوقعة منها والإعلان الأمريكي بتحقيق الإكتفاء الذاتي لن يكون له تأثير على أرض الواقع لفترة طويلة قادة إلا في حالة التلاعب بالأسعار والمضاربة لتحقيق غاية سياسية معينة.
تحياتي لكم جميعا وشكرا لوقتكم
مدونة علوم وثقافة ومعرفة