Flag Counter

Flag Counter

Saturday, March 28, 2020

النظام العالمي الجديد, رأسمالية الكوارث وفيروس كورونا

بعيدا عن كل التحليلات الخنفشارية و المنغمسين حتى آذانهم في نظرية المؤامرة وأن شبكات المحمول من الجيل الخامس أو غاز السارين هي السبب في ظهور وإنتشار فيروس كورونا وأن الفيروس هرب من مختبرات عسكرية للجيش الصيني في مدينة ووهان أو أن الولايات المتحدة هي السبب في ظهور ونشر الفيروس في العالم, لو وضعنا كل ذلك جانبا, أستطيع أن أقول لكم وبكل ثقة أن النظام العالمي الجديد قادم وبقوة بعد إنحسار هذه الأزمة. وسائل الإعلام ومثقفين وصحفيين يتحدثون عن تغييرات اجتماعية واقتصادية جذرية تكتسب صفة الديمومة نتيجة أزمة فيروس كورونا. وقد يكون الفيروس بالفعل ظهر نتيجة أن موطنا صينيا قام بطهي خفاش وأكله أو أن حيوان آكل النمل الحرشفي(البانغولين) هو شريك الخفاش في ظهور فيروس كورونا أوقد يكون الفيروس مصنَّعا في مختبرات عسكرية, كل ذلك لا يهم. ولكن المهم هو أنه لا يمكن للنخب السياسية الحاكمة أن تترك أزمة جيدة تمر هكذا بدون أن تحسن استغلالها. هل تذكرون أحداث 11/سبتمبر في الولايات المتحدة والتي تشبه زلزالا بمقياس 10 ريختر حيث مازلنا نعاني من الهزات الإرتدادية حتى يومنا هذا. أزمة فيروس كورونا سوف تطوي صفحة 11/سبتمبر ونبدأ صفحة جديدة بقوانين لعبة عالمية جديدة وقواعد جديدة.
بداية هناك التهويل الإعلامي بوصف الفيروس بأنه قاتل وكل ما يتم ترديده حول ذلك في وسائل الإعلام هو مجرد هراء. فيروس كورونا قد يقتل المصاب أو قد يصيب جسمه بأضرار بليغة حتى في حالة التعافي, لكن عدد الوفيات المرتفعة هو بسبب استنزاف الأنظمة الصحية في بلدان العالم وعدم قدرتها على توفير الرعاية المناسبة لكل مريض مصاب بفيروس كورونا وليس بسبب طبيعة الفيروس الفتاكة. فيروس عدد ضحاياه لايزيد عن 2-3% لا يوصف بأنه قاتل وفتاك, الإنفلونزا الموسمية هي السبب في وفاة 600 ألف شخص سنويا ولم توصف بأنها قاتلة وفتاكة. هناك بلدان مثل إسبانيا, وإيطاليا قد انهارت أنظمتها الصحية بسبب عدد الإصابات المرتفع. الحكومة البريطانية في محاولة من أجل تخفيف الغضب الشعبي من رئيس الوزراء بوريس جونسون صاحب نظرية المناعة الجماعية, أعلنت إصابته ووزير الصحة وولي العهد بفيروس كورونا. وقد يكون الخبر حيلة إعلامية وقد يكون حقيقة. الفيروس - ليس له كتالوج - كما يقول المصريون. هناك وفيات أشخاص يافعين وهناك كبار في السن تم شفائهم من فيروس كورونا. وهناك عدد كبير من الإصابات في جميع بلدان العالم حتى في الولايات المتحدة, أكثر من مائة ألف إصابة, يعني أن فكرة أنه مهندس جينيا حتى يصيب عرقا أو شعبا محددا هي خاطئة تماما.
النظام العالمي القادم سوف يكون أمرا مختلفا تماما عما نعرفه والتغيرات سوف تكون كبيرة وجذرية. ولكنه بالتأكيد لن يكون رأسماليا لأن الرأسمالية بدأت بالترنح مع أزمة الرهون العقارية منخفضة الجودة 2007-2008 والآن سقطت من على حافة الهاوية مع أزمة فيروس كورونا. هناك ثلاثة ملامح واضحة للنظام العالمي الجديد القادم بقوة. أول تلك الملامح هي التقليل من إستخدام الأوراق النقدية والعملات المعدنية. هناك دعوات بأن النقود والعملات هي سبب رئيسي من أسباب انتقال العدوى بفيروس كورونا. وفي بعض الدول, يتم تنفيذ حجر وتعقيم على جميع النقود الواردة من الخارج قبل طرحها في الدورة النقدية. سوف يتم إصدار النقد إلكترونيا وذلك أمر لايمكن أن يتم من مؤسسات مالية منفردة لأنه لن يكون خاضعا في تلك الحالة للرقابة. في النظام المالي الحالي, هناك دولة واحدة أو دولتان تقومان بطباعة العملة داخل البلد نفسه, البلد الأول الولايات المتحدة بينما الثاني إن لم أكن مخطئا هي بريطانيا. أما باقي الدول, لا تقوم بطباعة عملتها بنفسها بل في بلدان أخرى من أجل مراقبة كمية النقد وأسعار الصرف. اليورو يتم طباعته من البنك المركزي الأوروبي والذي تسيطر عليه ألمانيا بشكل رئيسي. ثاني تلك الملامح هو أن التطعيم سوف يصبح إلزاميا وسوف يتم فرض ذلك بوسائل مختلفة. ولكن ذلك يخلق مشكلة خصوصا ظهور عدد لا متناهي من الفيروسات وبالتالي, عدد لا نهائي من المطاعيم واللقاحات والعلاجات. ثالث تلك الملامح هو سيادة التكنولوجيا خصوصا التجارة الإلكترونية والتعليم عن بعد. هناك دول فرضت حجرا صحيا إلزاميا وعطلت المدارس والجامعات وبدأت في بث دروس ومحاضرات عبر قنوات التلفاز والإنترنت عبر مواقع مشاركة الفيديوهات مثل اليوتيوب.
ومع ظهور أزمة فيروس كورونا, فشلت الرأسمالية فشلا ذريعا بسبب الأنانية والجشع وحب التملك. الولايات المتحدة أعلنت استمرار عملياتها العسكرية حول العالم على الرغم من أزمة فيروس كورونا وتم إصدار قانون من أجل إستدعاء مليون جندي احتياط للمساعدة في مكافحة الفيروس. وسائل الإعلام الأمريكية تنعت دولا مثل النرويج والدانمارك بأنها اشتراكية أو شيوعية بسب بنظام الرعاية الصحية ولكن مراهقا أمريكيا توفي في ولاية كاليفورنيا بسبب فيروس كورونا لأن المستشفى رفض علاجه بسبب عدم امتلاكه تأمينا صحيا. الرئيس الأمريكي قام بتوقيع قانون من أجل توفير 2.2 تريليون دولار للمساعدة في مكافحة الفيروس ولكن نصيب قطاع الصحة لن يزيد عن 100 مليار دولار على الرغم من أن الظروف تفرض عكس ذلك. هناك دول مثل فرنسا, كندا, والنرويج والدنمارك قامت باتخاذ إجرائات أكثر حزما وصرامة من الناحية الإقتصادية مثل تأجيل دفع الأقساط والإيجارات والرهون العقارية خلال فترة الحجر الصحي. كما أن دولا مثل إنجلترا تقوم بدفع مايصل الى 80% من الأجور الشهرية للموظفين الحكوميين. الحكومة الكندية سوف تقوم بدفع 200 دولار شهريا للأسرة المؤهلة والتي يقل دخلها عن مستوى معين. الإجرائات الأمريكية هزيلة جدا ولا ترتقي الى مستوى الحدث. الرئيس الأمريكي تعهد بتوفير 100 ألف جهاز تنفس لتوزيعها على مستوى الولايات المتحدة, عدد المصابين في مدينة نيويورك وحدها يبلغ 50 ألف شخص.
مرة أخرى, لقد فشلت الرأسمالية وساد الجشع وحب الذات والأنانية. أصبحنا نشاهد تهافت المواطنين الأمريكيين والأوروبيين على شراء أي سلعة تقع عليها أيديهم حتى خلت أرفف المتاجر تماما من السلع. وأصبحنا نشاهد مواطنين أمريكيين يقاتلون بشراسة من أجل شراء ورق الحمام. ونفذ من المتاجر على وجه الخصوص كل ماله علاقة بالتعقيم والنظافة مثل محارم التعقيم والكحول الطبي والديتول. بل إن بعض الأشخاص وحتى البقالات الصغيرة أصبحت تشتري تلك البضائع بكميات هائلة وتعيد بيعها بأسعار مضاعفة في متاجرها وعلى موقع أمازون وإيباي حيث من الممكن عقد مزادات للفوز بورق الحمام الثمين. وإنتشرت صور مؤسفة لأشخاص من كبار السن وهم يحاولون البحث في أرفف المتاجر الفارغة عما يسد رمقهم ولكن بدون فائدة. القادم الذي يجب على البشرية الخوف والحذر منه ليس فيروس كورونا, بل ماهو قادم بعد إنتهاء تلك الأزمة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Wednesday, March 25, 2020

هل يحرض الإسلام على كراهية اليهود؟

خلال جلسة استماع في الكونجرس الأمريكي, أجبر الدكتور محمد أبو صالحة, مواطن أمريكي من أصول فلسطينية فقد إبنتيه وصهره في جريمة قتل بدافع الكراهية والتمييز الديني, على الإستماع الى كمية لا تصدق من الهراء صدرت من أعضاء في الكونجرس الأمريكي حول إن كان قام بتعليم أبنائه كراهية اليهود. أعضاء الكونجرس الأمريكي يحاولون التملق الى لوبيات الضغط اليهودية على رأسها الأيباك. وعلى الرغم من الألم الذي كان يمر به وكمية الحزب التي يحملها, إلا أنه أجاب على تلك الأسئلة التافهة بكل رباطة جأش وصبر. وسائل الإعلام الأمريكي حاولت أن توحي أن جريمة القتل هي بسبب خلاف على موقف صف السيارات في مجمع للشقق يشغل المجرم والضحايا شققا فيه وأن الدافع ليس الكراهية الدينية أو العنصرية.
معاداة السامية هي كليشيه يتم إستخدامها من أجل تحقيق أهداف سياسية. كل من ينتقد الصهيونية يتم اتهامه بأنه معادي للسامية. اليهودية والصهيونية أمران منفصلان, اليهودية هي أحد الأديان بينما الصهيونية هي حركة سياسية وانتقادها يدخل في نطاق حرية الرأي والتعبير. إن ذلك يذكرني بتصرفات المسلمين في أوروبا والذي بدلا من أن يستغلوا وجودهم هناك بإيجابية ويتقدمون في الحياة ويستغلون الفرص العديدة المتاحة لهم, تقوقعوا داخل المساجد وفي أحياء الغيتو الخاصة بهم وأصبحوا يطلقون الاتهامات بالعنصرية والإسلاموفوبيا ضد كل من ينتقدهم. وبدلا من أن يتحلوا بالشجاعة والصدق وقول الحقيقة, نجدهم يتهربون ويختلقون الأعذار المضحكة بسبب خشيتهم من نفوذ اللوبيات الصهيونية و تعرضهم للمضايقة بسبب آرائهم. ولكنهم هم أيضا, المسلمون, يمارس تضييق الآراء وخنق الحريات. الكونجرس الإسلامي في كندا, مؤسس تضم أكبر تجمع للمهرجين والمتاجرين بالإسلام في كندا, رفع دعوى قضائية ضد الكاتب والناشط الأمريكي من أصل كندي مارك ستاين بسبب كتابه "أمريكا وحدها - America Alone" وأن الكتاب عنصري يستهدف المسلمين. الدعوى التي تم رفعها أمام هيئة حقوق الإنسان فشلت وتم رفضها وكان الأولى إتفاق الأموال في أمور نافعة بدلا من ملاحقة كل كاتب كلمة ينتقد الإسلام بذريعة العنصرية.
هناك يهود معادون للصهيونية ويرفضون فكرة دولة بني إسرائيل ويرون أنها وجودها مخالف لتعاليم التوراة وأن الرب"يهوه" حكم على اليهود بالتيه حتى عودة مسيحهم المخلص. في فلسطين وفي الوطن العربي, كان هناك يهود يعيشون بيننا ويمارسون حياتهم الطبيعية ويتمتعون بكامل حقوق المواطنة حتى تغلغلت فكرة معاداة اليهود وأن كل يهودي هو عبارة عن مشروع صهيوني قاتل ومجرم, وذلك وللأسف بداية فترة حكم الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي أطلق الوعود برمي اليهود في البحر. وتلك دعوات في جوهرها عنصرية تجعل العرب على قدم المساواة في الصهيونية العالمية التي تستفيد من تلك الدعوات في تحريض اليهود العرب ضد أوطانهم الأم, إحذروا العرب لا يحبونكم ويرغبون في القائكم في البحر والحل هو الهجرة الى فلسطين وطرد أهلها منها. والصهيونية العالمية لا يهمها إلا مصالحها وكثير منهم ومن قادتهم يقيم في دول غربية ولا يحمل حتى جوازات سفر إسرائيلية. وزير الدفاع الإسرائيلي سنة 1954 بنحاس لافون كان السبب في فضيحة عرفت بإسمه, فضيحة لافون, وهي عبارة عن مخطط سلسلة عمليات تخريبية ضد أهداف أمريكية وبريطانية ويهودية في مصر من أجل ضرب عصفورين بحجر واحد: أولا, تأجيل مفاوضات الجلاء التي شارفت على الإنتهاء. وثانيا, إجبار اليهود المصريين على الشعور بعدم الأمان والهجرة الى فلسطين المحتلة.
أنا دائما أبحث عن جذور المشكلة في العلاقة بين الإسلام واليهودية ولم أجده. القرآن لايحرض على اليهود لأسباب عرقية بل بسبب بعض تصرفاتهم خصوصا غدرهم بالمسلمين ونقضهم العهود كما فعل يهود بني قريظة حيث حاولوا الغدر بالمسلمين في غزوة الخندق وبنو النضير الذين حاولوا قتل رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم. ولم تكن هناك مشاكل تذكر قبل قيامهم بتلك المحاولات التي أقل ماتوصف بأنها دنيئة. العلاقات بين المسلمين واليهود كانت جيدة على الدوام حيث شغل اليهود مناصب مهمة في الخلافتين الأموية والعباسية. الخليفة الأموي عبد الرحمن الثالث كان طبيبه الخاص يهوديا. كما أن كبار الأطباء في عصر الخلافة العباسية كانوا من اليهود ومنهم طبيب الخليفة هارون الرشيد الخاص. ولم يسكن اليهود في غيتوهات أو أحياء منعزلة وإنما سكنوا بين المسلمين وكانوا يديرون شؤونهم خصوصا الدينية بأنفسهم. وقد بلغ من الإحترام والتقدير الذي لقيه اليهود أنه الرسول عليه الصلاة والسلام قد أباح دم المسلم الذي يقتل أحد أهل الذمة, منهم اليهود, غيلة وغدرا وكانت مكافأة يهود بني النضير له أنهم حاولوا قتله غيلة وغدرا.
إن جذور معاداة السامية موجودة ليس في الإسلام والقرآن, إنما في المسيحية خصوصا الإنجيل. يهود الأندلس تعرضوا للظلم والإضطهاد والقتل على يد محاكم التفتيش وغادروا الأندلس الى بلاد المسلمين في المغرب العربي خصوصا تونس والمغرب ومازالوا هناك ويشغلون مناصب مهمة حتى يومنا هذا. الكنيسة الكاثوليكية اضطهدت اليهود وأظهرت ضدهم عنصرية واضحة متهمة اليهود بأنهم قتلة المسيح, متى 27:25(فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْب وَقَالُوا: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا), وملصقة فيهم كل صفة دنيئة. ولم ترفع تلك التهمة إلا سنة 1965 خلال انعقاد المجمع الفاتيكاني الثاني حيث ذكر أنه لا يجوز تحميل أكثر من أربعة أجيال ذنب جريمة إرتكبها آبائهم من اليهود حيث تم تبرئتهم من دم المسيح كما جاء في عدة مقاطع من التوراة منها خروج 20:5, 34:7. وليام شكسبير ليس مسلما أو عربيا ولكنه لم يكن على علاقة جيدة مع اليهود ونجح في تصوير شخصية اليهودي الجشع والأناني في مسرحية تاجر البندقية. أحد آباء الكنيسة الأوائل أوريجانوس إتهم اليهود بتحريف التوراة وأنهم قتلة الأنبياء والدليل نص متى 23:35(لكي يأتي عليكم كل دم زكي سفك على الأرض من دم هابيل الصدّيق إلى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح) ولم يذكر الكتاب المقدس إلا قصة صلب وقتل يسوع المسيح ولولا أن تحدث يسوع المسيح عن زكريا بن برخيا, كيف سوف نعلم بقصته وقتل اليهود له.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Tuesday, March 24, 2020

النظام العالمي الجديد يضرب بقوة مستخدما فيروس كورونا

الحديث عن فيروس كورونا أصبح يشغل مساحة واسعة من صفحات وسائل إعلامية ووسائل التواصل الإجتماعي حيث تحول كل من يملك صفحة فيسبوك أو قناة يوتيوب الى طبيب متخصص في نشر الإشاعات والمعلومات المغلوطة, والأهم التفاهة. الفيروس بدأ في الصين في مدينة ووهان ثم انتشر في العالم بأكمله مع استثناءات قليلة مثل جمهورية الجبل الأسود والسلفادور التي سارعت وفور ظهور الوباء في الصين الى تطبيق إجرائات مشددة ولم تنتظر وصوله الى أراضيها وخروجه عن السيطرة. هناك دول لم تأخذ الأمر بجدية مثل إيطاليا, إسبانيا وفرنسا, والآن تعتبر بؤرا للوباء. في إيطاليا, تجاوز عدد الوفيات نتيجة الإصابة بفيروس كورونا الصين التي لم تسجل حالات إصابة محلية لليوم الثاني على التوالي. الإجرائات التي اتخذتها الصين أثبتت فعاليتها على الرغم من شدتها حيث هناك دول الآن سوف تبدأ أو قد بدأت في تطبيق إجرائات الحظر الصحي الجماعي وحظر التجول وإن كان ذلك متأخرا.
هناك مجموعة تطورات ومعلومات مهمة فيما يتعلق بفيروس كورونا. بداية, هناك تفشي الإصابات في بعض البلدان مقابل تراجعها في بلدان أخرى. بينما هناك بلدان مثل كوريا الجنوبية تراجع فيها عدد الإصابات ثم عاد وارتفع من جديد. عدد الوفيات مرتفع في بلدان مقابل انخفاضه في بلدان أخرى. دول مثل إيطاليا وإسبانيا تأخرت في تنفيذ إجرائات الحجر الصحي ربما خوفا على قطاع السياحة أو بسبب اللامبالاة والنتيجة آلاف الإصابات والوفيات. الفئات الأكثر عرضة للمرض والتي تعتبر حالات حرجة هم كبار السن(+60), النساء الحوامل, الأطفال, ذوي المناعة الضعيفة والأهم من لديهم ظروف صحية مسبقة مثل أمراض القلب والأهم أمراض الجهاز التنفسي. هناك عدد كبير من الأشخاص قد يصاب بفيروس كورونا ولا تتطور الأعراض لديه ولا يحتاج الى الذهاب للمستشفى وبالتالي يشفى من دون الحاجة الى عناية خاصة. هناك دعوات تعتبر أنه محاصرة الفيروس سوف تؤدي الى ظهوره مرة أخرى والحل بالتالي إصابة أكبر عدد من المواطنين(مناعة القطيع) وتكون لديهم حصانة. إن تلك دعوات خاطئة تبناها عدد من القادة الأوروبيين مثل رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون دول أوروبية مثل السويد. وتلك الدعوات خاطئة لأنه هناك حالات قد أصيبت مرة أخرى بالفيروس بعد شفائها وتعافيها التام وليس هناك دليل علمي أو فحوصات أجريت على أشخاص تم شفائهم وأثبتت عدم إصابتهم بالفيروس مرة أخرى.
وحتى نجيب على السؤال حول ظهور الفيروس وأسباب انتشاره, علينا أن نفتش عن المستفيد.
هناك تصريحات متبادلة بين الرئيس الأمريكي ومسؤولين صينيين أن الصين هي المسؤولة عن إنتشار الفيروس حيث وصف الرئيس الأمريكي كورونا بأنه (فيروس صيني) ورد عليه مسؤول حكومي صيني بأن الجيش الأمريكي هو المسؤول عن نشر الفيروس خلال دورة ألعاب عسكرية اولمبية في مدينة ووهان في الصين. الرئيس الأمريكي عرض مبالغ خيالية على شركة دواء المانية(كيور فاك) مقابل انتقالها الى الولايات المتحدة والهدف هو إحتكار لقاح كورونا التي أوشكت الشركة على اكتشافه. المسؤولين الصينيين ذكروا أنه سنة 2015, مجلة طبية أمريكية هي (Nature Medicine) ذكرت أن علماء أمريكيين تمكنوا من تطوير نسخة من فيروس كورونا له تأثير خطير على الإنسان. إذا, خطوط البحث جميعها تتقاطع في مدينة ووهان في الصين حيث بدأ الفيروس من سوق لبيع الحيوانات وذلك أفضل سيناريو للتغطية على الفاعل الحقيقي والهدف من نشر الفيروس. الصينيون ومنذ عقود يأكلون جميع أنواع الحيوانات الغريبة ومنها الخفافيش ولم تظهر تلك الأمراض لديهم. وعلينا أن لا ننسى أن إنفلونزا الخنازير ظهر في بلدة مكسيكسة صغيرة لايوجد فيها خنازير ورغم ذلك أطلقت عليه تلك التسمية في محاولة تضليل إعلامي حول منشأ وأصل الفيروس.
ماكينة إعلامية هائلة تعمل بتنسيق وتناغم ضد الصين بدأت بتوجيه الاتهامات الى الحكومة الصينية بأنها إفتعلت أزمة فيروس كورونا من أجل تأميم الشركات الأجنبية العاملة في الصين وشرائها بمقابل منخفض. كما تم التركيز من قيام شركات صينية للاستحواذ على شركات أجنبية أو حصص مؤثرة فيها خارج الصين مستغلة إنهيار سوق الأسهم والبورصات. مع الأخذ بالملاحظة أن تلك الأخبار لم تذكر أي معلومات تفصيلية عن تلك الاستحواذات ولا أسماء الشركات التي تم الاستحواذ عليها. وكما أن الصين قادرة على إستغلال تلك الفرصة, شركات وول ستريت وبنوك غربية قادرون على استغلالها وذلك ليس غريبٌ عليهم حيث لهم سوابق في التاريخ.
شركات الأدوية وأغليها شركات أمريكية أوروبية هي المستفيد الأكبر حيث ارتفعت قيمة أسهمها في وقت تشهد فيه البورصات تراجعا ملحوظا بسبب الركود الاقتصادي بسبب تطبيق إجرائات مكافحة فيروس كورونا التي تقيد حرية الحركة والسفر. شركات صناعة المستلزمات الطبية حققت مبيعات خيالية خصوصا شركات صناعة المعقمات والكمامات حيث نفذت من الأسواق تلك المستلزمات الضرورية. حتى شركات صناعة المنظفات حققت أرباحا خيالية بعد أن أصبحت الأيدي تتلقف بضائعها من الرفوف بمجرد وضعها عليها. البحث عن المستفيدين ماديا سوف يقود الى اكتشاف من يقف وراء نشر فيروس الكورونا مع التركيز على حركة بيع وشراء الأسهم في البورصات وأسواق الأسهم المعروفة حيث سوف يكون هناك حركة بيع وشراء إستثنائية تسبق أي أزمة إقتصادية أو أزمة عالمية مثل أزمة فيروس كورونا. والعرب تكاد لا تجد لهم ذكرا في أزمة كورونا إلا عند الحديث عن عدد المصابين والوفيات, لا أبحاث طبية ولا لقاحات ولا علاجات ضد فيروس كورونا ولا غير كورونا, وكما تحدث عنهم محمد الماغوط:"والعرب يغسلون الصحون."
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة
الرجاء التكرم بالضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة

النهاية

Thursday, March 19, 2020

أصلع نوتردام والإعلام الهايف

منذ فترة, بدأ رجل الأعمال الأردني من أصول فلسطينية طلال أبو غزالة في الظهور على مجموعة قنوات يتحدث في أمور كثيرة بعضها يثير القلق مثل حديثه عن هجوم الولايات المتحدة على الصين وحرب عالمية ثالثة وأزمة إقتصادية وبعضها يثير الضحك مثل أن مصر سوف تصبح سادس أكبر اقتصاد في العالم. طلال أبو غزالة ليس أول رجل أعمال يتحدث في الإعلان في لقائات مدفوعة الأجر ولن يكون الأخير. الإعلام العربي السطحي والغارق في التفاهة مثل الإعلامي عمرو أديب الذي استضاف أحد خبراء لعبة ورق التاروت, بسنت يوسف, حتى تعطي رأيها في الإقتصاد المصري. أتمنى كل الخير من أجل مصر وشعبها لأن قوة مصر تعطي قوة للعرب. ولكن أن يتم تقييم الإقتصاد المصري من محاسب وخبيرة ورق تاروت ويظهروا في الإعلام الذي يروج لتلك السخافات, ذلك انحدار الى مستوى غير مسبوق من السطحية والتفاهة.
رجل الأعمال الفلسطيني طلال أبو غزالة يروج عبر الإعلام عن إنتاج أول كمبيوتر عربي صناعة عربية خالصة وأنهم سوف يقيمون مصنعا في الأردن. هم في السابق طلبوا من الصينيين أن يصنعوا لهم كمبيوتر محمول تم الصاق علامة تجارية تاجي توب والآن شطحوا بعيدا في خيالاتهم وقرروا إقامة مصنع في الأردن. يذكرني ذلك بإتفاقية سعودية مع أوكرانيا بتصنيع طائرة تجارية في مصنع يقام في أوكرانيا(أنتونوف-132)  ثم يتم وضع إسم السعودية وعلمها مع أن دورها اقتصر على التمويل. الإعلام الهايف يروج لتلك الأخبار التي لها هدف وحيد وهو البروباغندا, دعاية كاذبة ومضللة. مؤسس دولة بني صهيون ديفيد بن غوريون ذكر عن عظمة دولتهم المزعوم ليست في السلاح النووي ولكن في إنهيار ثلاثة دول عربية: مصر, العراق وسوريا.
الإعلام الهايف هو منبع المشكلة وهناك تكمن جذور التخلف العربي. لايمكن أن يقلق بنو صهيون من العربي إلا إذا رأوه يصعد وينزل من الباص بإنتظام, ولا يمكن تدريب العربي على الثورة إن لم يكن من الممكن تدريبه على أمر بسيط مثل الصعود والنزول الى الباص. رغم كل تلك الأموال التي أنفقت على الإعلام في طول الوطن العربي وعرضه إلا أن أغلب الجهود لتقديم فكرة هادفة أو محتوى إعلامي هادف بقيت مختصرة ببرامج الفوازير والرقص وعرب أيدول وهي برامج لا تقدم أي قيمة مضافة الى معرفة وثقافة ووعي الشعوب العربية.
المصنع الذي سوف يقيمه طلال أبو غزالة في الأردن هو عبارة عن مصنع تجميع حيث سوف يتم استيراد مكونات الكمبيوتر المحمول من الصين وتايوان وكوريا ثم تركيبها في المصنع في الأردن وهي مهمة من الممكن لأي خبير كمبيوتر وتكنولوجيا في الأردن القيام بها. صاحب قناة أندرويد باشا على اليوتيوب يقوم بها وبكل كفائة منذ زمن طويل.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Friday, March 6, 2020

الركود الإقتصادي التضخمي في الوطن العربي

الركود التضخمي(Stagflation) هو عبارة عن نمو اقتصادي ضعيف يرافقه نسبة بطالة مرتفعة, يعني كساد يرافقه تضخم. أساليب العلاج التقليدية, طبع النقود على سبيل المثال, سوف تزيد من الحالة التضخمية خصوصا مع انخفاض الطلب الكلي. الحالة الإقتصادية السيئة في كثير من البلاد العربية هي عبارة عن كساد تضخمي. تسير في الطرقات وفي الجلسات العائلية وتسمع من الباعة في الأسواق أن السيولة مفقودة من بين أيدي المواطنين وأن حركة الشراء والبيع ضعيفة ولكن الأسعار مرتفعة مع إستثناء أسعار العقارات التي قد تنخفض في حالة الكساد التضخمي.
المشكلة في كثير من الدول العربية أنها تلجأ الى التقشف والى جيب المواطن كلما اقترضت من المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي حيث يتم فرض شروط مجحفة منها رفع الدعم عن السلع الغذائية وتحرير أسعار الوقود. كما تلجأ الحكومة الى الضرائب العشوائية التي تفرضها بين يوم وليلة وأكثرها شيوعا الضرائب على فواتير الهاتف النقال التي تخصم فورا من الرصيد أو تضاف الى الفاتورة. شعار الثورة الأمريكية كان "لا ضرائب بدون تمثيل" وشعار القرن الواحد والعشرين يجب أن يكون "لا ضرائب بدون خدمات."
في كل دول العالم هناك ضرائب على البضائع والاستيراد والتصدير, ضريبة الدخل هي أحد أنواع الضرائب. ولكن كيف يتم جمعها ومجالات صرفها في الوطن العربي هي المشكلة. لا يوجد أي شفافية أو محاسبة يضاف الى كل ذلك العشوائية, المواطنون العرب العاملون في الخارج لا يهتمون بدفع ضريبة الدخل ولا الحكومة تهتم بجمعها كما في دول مثل الولايات المتحدة وكندا, لا يوجد آلية واضحة للقيام بذلك. ضريبة المبيعات هي أحد أنواع الضرائب التي تعاني من العشوائية والتخبط في القرارات. في دول غربية وأوروبية مثل الولايات المتحدة, كندا والمانيا, ضريبة المبيعات على منتجات مثل الطحين, الخبز, الحليب قليل الدسم, الخضار والفواكه هي صفر. بينما يتم فرض ضريبة مرتفعة على المشروبات الكحولية, السجائر, السيارات, منتجات النظافة والتجميل والعناية بالبشرة والحلويات. وقد تصل ضريبة المبيعات على تلك الأنواع من المنتجات في بعض الدول الى 16%. وفي دول مثل النرويج والدانمارك, هناك ضريبة مرتفعة على السيارات واستهلاك الطاقة قد تصل الى 200% من أجل تشجيع أنماط حياة صحية. في الوطن العربي, ضريبة المبيعات تشمل كافة أنواع السلع والخدمات حتى الضرورية منها مثل حليب الأطفال والأدوية والكتب الدراسية والجامعية وذلك بصراحة أمر مخجل وعار. في بعض الدول الغربية, ضريبة المبيعات على الكتب قد لا تزيد عن 5% تشجيعا على القرائة والتعلم.
تفائل التوقعات المستقبلية بالنسبة الى الأفراد والشركات يعني قيامهم بالإنفاق سواء الإستهلاكي أو توظيف عمال في المصانع والشركات مما يؤدي الى زيادة الناتج المحلي الإجمالي. إن ذلك يعتبر أحد أهم مبادئ المدرسة الاقتصادية الكينزية التي يعتبر الاقتصادي الإنجليزي جون مينارد كينز الأب المؤسس لها. العشوائية والتخبط في القرارات الضريبية التي يتم إتخاذها هو سبب رئيسي من أسباب الركود التضخمي الذي تعاني منه أكثر من دول عربية. التجار خصوصا من الطبقة الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال يترددون في إنفاق أموالهم واستثمارها في مشاريع إنتاجية أو أي أفكار إبداعية بسبب سلبية التوقعات المستقبلية المتعلقة بحالة الأسواق والإقتصاد. المخاطرة مرتفعة وبالتالي, سعر الفائدة يكون مرتفعا. البنوك المركزية في الوطن العربي لا تتعامل مع أسعار الفائدة بواقعية. دولة اقتصادها يعاني من ركود اقتصادي تضخمي وسعر الفائدة فيها ستة أضعاف أو سبعة أضعاف مقارنة بدولة مثل الولايات المتحدة أو كندا أو بريطانيا هو أمر لايمكن فهمه أو استيعابه.
النهوض الاقتصادي في بعض دول الوطن العربي التي تعاني من تلك المعضلة الاقتصادية المزمنة, الركود الاقتصادي التضخمي, يكون عبر تنظيم القوانين الضريبية واستقرارها على المدى الطويل, تخفيض سعر الفائدة ولكن أن يكون ذلك مقيدا محصورا بالمشاريع الإنتاجية حتى لا تتوجه تلك الأموال الى البورصات والمضاربات خصوصا في بورصات أجنبية. تشجيع المواهب الشابة ورواد الأعمال وتقديم قروض ميسَّرة لهم وإشراف حكومي على مشاريعهم حتى في بداياتها حيث يزيد ذلك من فرص النجاح. زيادة الضرائب على أصحاب رؤوس الأموال والتجار المحليين ممن يقومون بتحويل أرباحها الى الخارج وإيداعها في بنوك خارج البلد الأم أو استثمارها في أنشطة غير إنتاجية. إستصلاح الأراضي الزراعية بما يضمن آلاف فرص العمل وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Monday, March 2, 2020

دعوات مجنونة الى تقليص سكان العالم

البشرية أصيبت بلوثة عقلية والعالم من من حولنا أصيب بالجنون. هناك دعوات لإبادة البشرية وتقليص عدد سكان الأرض الى 500 مليون نسمة. هناك نصب حجري عملاق في ولاية جورجيا الأمريكية يحتوي على كتابات تدور حول تلك المسألة. دعوات تقليص عدد سكان العالم هي عنصرية بطبيعتها لأن العالم لايعاني من زيادة عدد السكان بل من اختلال في توزيعهم. كما أن موارد الكرة الأرضية تعاني من نفس المشكلة, سوء التوزيع وعدم عدالته. الهدف من تلك الدعوات هي دول مثل الصين, الهند وباكستان خصوصا أن الأخيرة دولة إسلامية نووية وهو ما يثير القلق لدى دول غربية. دوائر صنع القرار في الغرب قلقون من التعداد السكاني لتلك الدول وأنه يلتهم مواردها المحلية مما يمنع وجود فائض للتصدير الى دول أوروبا خصوصا المحاصيل الزراعية.
متى يحل الغرب مشاكله بنفسه ويتوقف عن تعليق شماعة لأخطائه على الآخرين أو المهاجرين حتى أكون أكثر دقَّة؟ حتى لو افترضنا أن تلك الدعوات صحيحة وممكنة التنفيذ, هناك دول أوروبية سوف تختفي من الخريطة. تلك الدول مثل إسبانيا, اليونان, إيطاليا تعاني من مشكلة سكانية مزمنة, نقص عدد المواليد الجدد. تعداد سكان الولايات المتحدة يقارب 330 مليون وقد يتقلص ليصبح 50-100 مليون. تخيلوا أجندات تقليص عدد السكان تصل الى دول مثل أيسلندا؟ مشكلة انخفاض معدل الولادات هي مشكلة داخلية يتم تصديرها خارجيا من قبل سياسيين أوروبيين وغربيين يرغبون في لفت أنظار ناخبيهم عن فسادهم وفشلهم في معالجة المشكلات خصوصا الإقتصادية.
هناك مجموعة أسباب تميل الى تفسير انخفاض معدل الولادات في دول غربية. أول تلك الأسباب هي تراجع قيم الأسرة التقليدية لصالح الفردية والمصالح الذاتية. لقد أصبح الهم الأول للشباب الغربي ترك منزل الأسرة والإستقلال بحياتهم وإقامة علاقات جنسية هدفها اللهو وليس تكوين أسرة والإنجاب. المصلحة الفردية للشباب الغربي أهم من مصلحة المجتمع حتى لو كان ذلك مقابل سيطرة المهاجرين على أوروبا كما تزعم الدعاية المضللة. ثاني تلك الأسباب هو تراجع القيم التقليدية المسيحية المحافظة مقابل القيم العلمانية الرأسمالية. ولقد أدى ذلك الى تراجع في مجموعة القيم الأخلاقية وأصبح المال هو المهم وليس الأخلاق ولكل شيء ثمن. القيم المسيحية التقليدية تشجع على تكون الأسرة وتحترم مؤسسة الزواج التي تعتبرها مقدسة وأن الرابطة الزوجية هي من الله. ثالث تلك الأسباب هو تراجع الإقتصاد والعبث التي تقوم به من يوصفون بأنهم نخب سياسية تقليدية يتخذون قرارات خاطئة. السبب الرابع هو دعوات الإنحلال الخلقي وتشجيع الشذوذ وممارسة علاقات خارج رباط الزوجية وعدم الإنجاب وتحمل مسؤولية الأسرة.
إن تلك النوعية من الأفكار الشيطانية حول تقليص عدد سكان العالم يمكن أن نجد لها جذورا في كتابات الإقتصادي الإنجليزي روبرت توماس مالتوس(1766-1834) الذي كان يرى أن الطبيعة سوف تتكفل بتقليص عدد السكان عبر المجاعات والأوبئة والحروب. إن موارد الكرة الأرضية أكثر من كافية لإطعام عدد السكان الحالي ومليارات أخرى من السكان لو تم استغلالها بحكمة, موارد الكوكب تتعرض لإسائة الاستخدام.
هناك مساحات شاسعة من الأراضي يتم استغلالها من أجل زراعة المحاصيل التي يتم إستخدامها في إنتاج الوقود الحيوي(إيثانول-85) مثل محصول الذرة وقصب السكر, مساحات شاسعة من الغابات خصوصا غابات الأمازون التي يتم قطع أشجارها بهدف زراعة تلك المحاصيل. وهناك مساحات كبيرة يتم إستخدامها في زراعة الصويا التي يتم إستخدامها مكون رئيسي في أعلاف الماشية والدواجن خصوصا في مزارع الإنتاج الصناعي المكثف. التصحر يلتهم سنويا بنسب متزايدة أراضي كان يمكن إستخدامها في الإنتاج الزراعي وإطعام أعداد السكان المتزايدة. إلقاء النفايات في البحار والمحيطات أدى الى تضرر الحياة الطبيعية والثروة السمكية بسبب نمو أنواع من الطحالب تستهلك الأكسجين وأدى ذلك الى وجود مايعرف بأنها (مناطق ميِّتَة). شركات الصناعات الكيميائية تلقي بالنفايات السامة في مجاري الأنهار أو تطمر مخلفاتها في مناطق تحتوي على المياه الجوفية مما يؤدي الى تلوث مياه الشرب. النفايات البلاستيكية تلعب دورا هاما في تلوث البيئة وعلى الرغم من ذلك, مازال إنتاجها مستمر بوتيرة عالية. 
مزارع الإنتاج الحيواني المكثف(Industrial Farming) أنتجت أجيالا جديدة من الفيروسات والبكتيريا التي تقاوم كافة أنواع المضادات الحيوية المعروفة. إن عملية تحوُّر الفيروسات أصبحت تأخذ وقتا أقل مع مرور الزمن بسبب وجود أعداد كبيرة من الحيوانات في أماكن مغلقة لا تتوفر على ظروف صحية مناسبة وحقنها بكميات كبيرة من الأدوية والمضادات الحيوية وهرمونات النمو حيث تنتقل تلك الى أجسامنا عبر تناولنا لحوم تلك الحيوانات وتضعف جهازنا المناعي. كما أن تلك المزارع تتخلص من مخلفاتها بطريقة غير آمنة مما يؤدي الى تلوث البيئة ومصادر المياه في المناطق المحيطة. إستخدام المبيدات الحشرية في المزارع والتي يعتبر بعضها مرتفع السُمِّية أدى الى الإضرار بالبيئة والحياة النباتية والحيوانية في المناطق المحيطة. في ولاية كاليفورنيا, يتم استئجار خدمات مربي النحل من أجل تلقيح الأشجار المثمرة بسبب مسؤولية المبيدات عن القضاء على كافة أشكال الحياة الحيوانية المفيدة في مناطق المزارع حيث تستخدم بكثافة.
نحن نسيء استخدام مواردنا الطبيعية وقد أدى ذلك الى ظهور المجاعات والأوبئة. إن الإخلال بالتوازن البيئي والعبث مع الطبيعة سوف يؤدي الى ردة فعل والتي قد تكون عنيفة في بعض الأحيان وتتمثل في الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والأمواج البحرية العملاقة(التسونامي). لابد من إعادة التوازن الى بيئتنا وإستخدام مواردنا الطبيعية بحكمة عبر ترشيد الاستهلاك وإعادة ترتيب الأولويات ومراعاة العوامل البيئية. هناك مساحات شاسعة من الأراضي غير مستغلة خصوصا في دول مثل الهند, باكستان, السودان والصين حيث يمكن استغلالها في الزراعة وتربية الحيوانات الداجنة في ظروف صحية وأكثر إنسانية. الحفاظ على مصادر المياه أمر حيوي لبقاء الإنسانية واستمرار الحضارة. لابد من وضع حد لاستغلال الشركات مصادر المياه التي يجب أن تكون متاحة للجميع بدلا من تعبئتها في زجاجات بلاستيكية وبيعها وتحقيق أرباح خيالية والإضرار بالبيئة في الوقت نفسه. علينا أن نكون أقل أنانية وأقل جشعا وأكثر تصالحية مع أنفسنا, مع الأشخاص الذين يعيشون حولنا ومع كوكبنا, بيئتنا التي نعيش فيها ومع الطبيعة الي تحيط بنا.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية