Flag Counter

Flag Counter

Saturday, June 25, 2016

هل سوف تنجح خطط التقشف الأمريكية في إنقاذ مايمكن إنقاذه؟

يقوم البعض بالمقارنة بين أزمة الدين السيادي في الولايات المتحدة واليونان ويحذرون من تكرار سيناريو اليونان وإنفجار فقاعة الديون الأمريكية جارفة معها الإقتصاد العالمي إلى هوة سحيقة لا قرار لها.
المستثمر الأمريكي الشهير وارن بافيت وعدد من نجوم هوليود وشخصيات عامة قد قامت بالدعوة إلى زيادة الضرائب على الأغنياء في محاولة لتقليص عجز الميزانية وهو ماتم إقراره سنة 2011 حيث قام الرئيس الأمريكي بالتوقيع على مرسوم مراقبة الميزانية(Budget Control Act) وبذالك تم إقراره كقانون حيث تم رفع سقف الدين السيادي وبشكل فوري بمقدار 400 مليار دولار.
المقارنة بين الولايات المتحدة واليونان لاتأخذ في الإعتبار إلا الديون السيادية ولكن إذا نظرنا إلى المشكلة بعمق فإن الوضع أسوأ مما يتصور البعض. بالتأكيد فإن وضع الولايات المتحدة فيما يتعلق بدينها السيادي أفضل من اليونان ولكنه أسوأ من دول مثل بريطانيا, كندا, أستراليا أو السويد وكل بلد أوروبي بإستثناء البرتغال, أيرلندا وإيطاليا. عندما قامت مؤسسة الخدمات المالية والإستثمارية مورجان ستانلي سنة 2009 بإجراء تقييم لوضع الدين في الولايات المتحدة أخذة في الإعتبار ديون البلديات والعجر في مستحقات صناديق التقاعد, فإن نسبة الدين\الدخل في الولايات المتحدة 358% مقارنة 312% في اليونان. ولكن إذا أدخلنا في الحسبان العجز في مستحقات الضمان الإجتماعي وخطة الضمان الصحي الحكومية(Medicare) فإن النسبة سوف تكون 911% الولايات المتحدة, 875% اليونان مقارنة بدولة مثل فرنسا تبلغ نسبة الدخل\الدين 549%.
في الفترة الرئاسية الأولى للرئيس الأمريكي باراك أوباما والتي شهدت أسوأ أزمة إقتصادية ليس فقط في الولايات المتحدة بل وفي العالم فقد تم إضافة مبلغ 5 تريليون دولار لعجز الميزانية وهو رقم يعد كارثيا بكل المعايير والمقاييس.
  • متوسط عجز الميزانية في فترة حكم الرئيس باراك أوباما 1.3 تريليون دولار سنويا او مايعادل الناتج الإجمالي المحلي لأستراليا.
  • إجمالي الدين القومي للولايات المتحدة يبلغ 16 تريليون دولار تقريبا أو مايعادل الناتج المحلي الإجمالي لدول الإتحاد الأوروبي مجتمعة.
  • إجمالي دين الحكومات المحلية في الولايات المتحدة يبلغ 1.1 تريليون دولار بمايعادل الناتج الإجمالي المحلي للمكسيك.
  • دين البلديات على مستوى الولايات الولايات المتحدة يبلغ 1.75 تريليون دولار مايعادل الناتج الإجمالي المحلي لكندا.
  • دين القروض الجامعية يبلغ في الولايات المتحدة تريليون دولار وهو رقم يماثل تقريبا الناتج المحلي الإجمالي لدولة بحجم كوريا الجنوبية.
  • إجمالي الدين في الولايات المتحدة سواء كان فدرالي أو محلي أو على مستوى البلديات أو ديون أخرى يبلغ 57 تريليون دولار تقريبا وهو مايعادل الناتج المحلي الإجمالي لجميع الدول في الكرة الأرضية. إن ذالك يعني أن كل أمريكي منذ ولادته يترتب عليه 200 ألف دولار نصيبه من إجمالي الدين والذي يبلغ 57 تريليون ويتزايد سنويا.
  • وإذا أضفنا الديون التي هي عبارة عن مستحقات والدفعات المترتبة على صناديق التقاعد والضمان الصحي(Medicare) و(Medicaid) والتأمين الإجتماعي(Social Insurance) وإلتزامات عسكرية طويلة الأمد, فإن الرقم سوف يصل إلى 211 تريليون دولار.
  • متوسط مدخرات الأسرة الأمريكية يبلغ 4 ألاف دولار وهو يعد من بين الأقل مقارنة بنظرائهم في دول أخرى خصوصا دول أسيا كالصين.
تلك بعض الإحصائيات البسيطة وهي ليست كما يقولون (Up To Date) ولكنها سوف تساعدنا على فهم المشكلة ولماذا أوشكت الولايات المتحدة أن تنهار بتاريخ 2\أغسطس\2011 وتأخذ العالم كله معها إلى الهاوية. إن منتصف تلك الليلة كان المهلة النهائية للوصول إلى إتفاق بخصوص رفع المستوى المسموح للدين القومي الأمريكي أن يصله حيث تم الإتفاق على زيادته بمقدار 400 مليار دولار ولولا ذالك لإنهارت الدور الإقتصادية في الولايات المتحدة والعالم فلا رواتب موظفين والنظام البنكي سوف ينهار وتنهار معه قيمة الدولار الأمريكي بسبب موجة بيع الأصول المقومة بالدولار وأهمها سندات الدين الحكومية التي تصدرها وزارة الخزانة.
كما أن المناقشات حول التخفيضات في الميزانية أثير حولها في الكونجرس جدل شديد حيث أن المتحدث بإسم مجلس النواب الأمريكي جون بوهينر(John Boehner) ذكر أنه تم التوصل لإتفاق بإجراء تخفيضات بقيمة 7 مليار دولار في ميزانية 2012 بينما مكتب الميزانية في الكونجرس الأمريكي أقر تخفيضات في ميزانية سنة 2012 تبلغ مليار دولار. في الحقيقة فإن تخفيض عجز الميزانية بمبلغ مليار دولار أو 7 مليار دولار لايهم لأن المبلغ الأخير يمثل عجز الميزانية خلال 37 ساعة, قيمة ماتستدينه الحكومة الأمريكية خلال تلك الفترة. حتى المليار دولار تمثل قيمة ماتستدينه الحكومة الأمريكية خلال خمسة ساعات وعشرين دقيقة.
هناك مقولة شائعة يتم تداولها هي أنه إذا كنت تدين لبنك بألف دولار فلديك مشكلة أما إذا كنت تدين للبنك بمليون دولار فالبنك هو من لديه المشكلة. الولايات المتحدة تدين للعالم بأكثر من 16 تريليون دولار ومن يزعم أن الإستدانة للأبد سوف تبني إقتصادا قويا فهو مخطئ, لايوجد أي دولة في العالم سوف تكون قادرة على الإستدانة بدون أن تصل لمرحلة إنهيار إقتصادي شامل. ماحدث في مدينة ديترويت الأمريكية ليس إلا سيناريو مصغر لما قد يحصل في الولايات المتحدة مستقبلا فمن كان يتخيل أن أحد مراكز صناعة السيارات في الولايات المتحدة سوف تنتهي إلى مصير مدينة مهجورة بأكثر من 75 ألف مبنى ومنزل خالي من السكان.
هناك مشكلة حكومة متضخمة في الولايات المتحدة, روتين وبيروقراطية كما أنه هناك إختلاف على الأولويات. بتاريخ يونيو\حزيران 2011 فقد أصدرت وزارة التعليم الأمريكية(هيئة فيدرالية) أمرا بإعتقال مواطن أمريكي(kenneth wright) على خلفية قضية متعلقة بقروض الطالب الجامعي(Student Loans) وتم إرسال 15 فردا من فريق من قوات الشرطة الخاصة(Swat team) إقتحموا منزله مع كل الجلبة المصاحبة وقاموا بإحتجازه في سيارة الشرطة لمدة ستة ساعات وحجز أطفاله في إحدى غرف المنزل أثناء تفتيشهم له بموجب مذكرة بحث وإعتقال. التهمة هي عدم قيام زوجته بدفع أقساط قرض طالب جامعي فتم توجيه تهمة الإحتيال إليها وتهمة لزوجها لقيامه بمساعدتها.
تلك حادثة بسيطة من عشرات الألاف من الحوادث والتي تدل على الفوضى العارمة في القوانين والأنظمة في الولايات المتحدة. تخيلوا كم الموارد التي تم إهدارها من أجل مشكلة كان من الممكن حلها بإرسال رسالة للمدعى عليها تطلب منها الحضور أو من الممكن الحجز على حسابها البنكي أو على راتبها أو مصادرها المالية بدون إثارة فزع أسرة كاملة بتكل الطريقة حيث كان أفراد قوات الشرطة الخاصة كأنهم ذاهبون لإعتقال أحد أكبر تجار المخدرات.
والسؤال الذي يطرح نفسه, هل من الممكن أن يستمر الوضع في الولايات المتحدة على ماهو عليه؟ وماهي الفترة الزمنية اللازمة لتصل الأزمة لنقطة اللاعودة؟
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Saturday, June 18, 2016

هل العولمة سبب رئيسي في تدمير المجتمعات وزيادة نسبة الفقر؟

الشركات ورؤوس الأموال العابرة للقارات والتي تشكل تحالفات مع القوى الإستغلالية والإقطاعية المحلية لشراء الأصول والشركات التي يفترض أنها متعثرة لايهمها إلا الربح على حساب جودة الخدمة وتوفيرها لأكبر قطاع من المستهلكين. فمن يملك ثمن إستهلاك المياه أو الكهرباء يستطيع الحصول على الخدمة وإلا فمصيره الموت عطشا والعيش في الظلام الدامس أو على ضوء الشموع إن كان قادرا حتى على شرائها.
هناك الكثير من الحجج التي يسوقها المناصرون لقضية العولمة ومنها أنها السبب الرئيسي لإنتشال مئات الملايين من البشر من فقرهم المدقع وزيادة نسبة الدخل وإنخفاض مستوى البطالة وذالك مردود عليهم لمجموعة أسباب. أول تلك الأسباب هي أن إتفاقيات التجارة الحرة قد أدت إلى إنتقال فرص العمل من الدول الغربية(Developed Country) حيث التكلفة المرتفعة إلى دول نامية(Developing Country) حيث الأجور منخفضة وبتطبيق نظرية الكم صفر(Sum Zero) فإن إنخفاض نسبة البطالة في الفلبين أو بنغلاديش أو المكسيك سوف يقابله إرتفاعها في الولايات المتحدة وأوروبا. ثاني تلك الأسباب أن الدول النامية سوف تبقى عاجزة عن القيام بأي إجرائات من شأنها الحد من تأثيرات العولمة السلبية خصوصا التشريعات المتعلقة بحماية العمال والمصادر الطبيعية من الإستغلال لأن أي دولة تقوم بذالك فسوف تكون التهمة جاهزة وهي الشيوعية كما في عصر الحرب الباردة أو يتم إشهار سلاح حقوق الإنسان لتبرير التدخل العسكري أو إحتلالها مباشرة أو إتهامها بالإرهاب كما حصل مع بعض الناشطين لحماية غابات الأمازون حيث تم إتهامهم بأنهم يتلقون السلاح والتدريب من متطرفين إسلاميين.
لست أفهم كيف ينظر المؤيدون للعولمة بنظرة إيجابية لأحياء الفقر والتهميش التي يسكنها العمال الفقراء في بنغلاديش وفيتنام وأندونيسيا والذين يعملون على صناعة أحذية وحقائب يد نسائية وألبسة جاهزة لصالح ماركات تجارية عالمية؟ كيف ينظرون لإرتفاع نسبة الجريمة وحوادث الإغتصاب والإستغلال الجنسي في المدن المكسيكية حيث تنتشر مصانع الألبسة والمنسوجات التي تعمل لصالح شركات أمريكية وأوروبية؟ كيف ينظرون لتلك الأماكن حيث لايتمتع العمال بأي حقوق أو إجازات مدفوعة وترتفع نسبة الفقر بسبب الأجور الزهيدة التي بالكاد تكفي لدفع تكلفة الطعام والسكن في أماكن تعتبر مكاره صحية وبيئية حيث يعاني العمال وأسرهم من الأمراض والأوبئة وترتفع نسبة وفيات المواليد الجدد؟
ولايكتفي أنصار العولمة بالدفاع عن وجهة نظرهم وهو دفاع فاشل بإمتياز بل يمتد إلى إنتقاد الدول الأخرى التي لاتطبق تلك المفاهيم بحذافيرها حيث يعتبرون منح العمال إجازات مدفوعة الأجر وإجازات ولادة أمورا غير مستحبة ويعدونها مسؤولة مسؤولية مباشرة عن إنخفاض الإنتاجية بينما العكس هو الصحيح حيث تكفي نظرة معمقة لبلدان مثل فرنسا, إيطاليا, ألمانيا, فنلندا, السويد والدانيمرك خطأ وجهة نظرهم. في السويد لايتم إلقاء المرضى خارج المستشفيات لأنهم لايملكون ثمن العلاج. في الدانيمرك يتم منح الطلاب راتبا ماداموا منتظمين في دراستهم. في ألمانيا وإيطاليا يتم منح العاملين حتى في الشركات الخاصة إجازات سنوية مدفوعة الأجر وإجازات أمومة تعد مرتفعة نسبيا قياسا بدول غربية أخرى قد لا تزيد فيها إجازة الأمومة عن 5 أشهر. المدارس الفرنسية في المناطق الأكثر فقرا تعد وجبات طعام لطلابها أفضل من أفخم الفنادق في منطقة الشرق الأوسط والخدمة في تلك المدارس خمسة نجوم. فنلندا تتمتع بأحد أرقى الأنظمة التعليمية في العالم حيث تتفوق حتى على الولايات المتحدة بنظامها التعليمي.
حتى وسائل الإعلام أصابتها عدوى العولمة حيث يمتلك عدد صغير جدا من الشركات قد لايتعد ستة أو سبعة شركات أغلب الوسائل الإعلامية على إختلافها من الصحف والمجلات والإذاعات وشركات الإنتاج السينمائي والتلفزيوني. تلك الشركات تدافع عن مصالحها بشراسة وتتعمد مهاجة الأطراف الأخرى, تضخيم السلبيات وإخفاء الإيجابيات والإنجازات والترويج لنموذج إقتصادي قائم على إستغلال الطبقات الأكثر فقرا وعوزا حتى يزدادو في الفقر ويزدادو هم وداعميهم ثراء ونفوذا وسطوة.
رموز العولمة كأشهر ماركات الساعات والأزياء والعطور ليست هي النموذج الوحيد على نجاح المفهوم من الناحية العملية بل هناك سلاسل مطاعم الوجبات السريعة وهي تختلف عن الفئة الأولى التي ذكرت أنها تستهدف الطبقة الوسطى بشكل رئيسي. إن وجود طبقة وسطى مؤثرة في أي مجتمع أو بلد لا على التعيين يعد دليلا على تجربة عولمة نموذجية ومثالية حيث أن تلك الطبقة قادرة على دعم وجود ماكدونالدز وكي. إف. سي وغيرها من شركات وجبات المطاعم السريعة.
تلك النظرة تعد قاصرة برأي لأنه في الكثير الدول التي تنتشر مطاعم الوجبات السريعة خصوصا ماكدونالدز وقوسها الذهبي المشهور ينتشر الفقر والجوع خصوصا المتسولين الذين قد ينتظرونك عند أحد تلك المطاعم يستجدون الزبائن والمارة. في الكثير من الدول الغربية وهي مليئة بمطاعم الوجبات السريعة ومقاهي شركات عالمية يتم بث إعلانات متلفزة حكومية تحذر من ظاهرة الفقر والجوع محليا وليس في أدغال أفريقيا وتحذر من إنتشار ظاهرة الإختيار بين سقف يؤوي الأسرة أو تناول ثلاثة وجبات في اليوم وتحث على التبرع لبنوك الطعام. كما أن شركات المطاعم السريعة لاتقدم أي مساهمة في تنمية الإقتصاد المحلي حيث يعيش نسبة كبيرة من موظفيها خصوصا في الدول الصناعية على كوبونات الطعام الحكومية والإعانة الإجتماعية على الرغم من حصولهم على عمل بدوام كامل وتعد عبئا بيئيا وصحيا خصوصا بسبب طريقة إعداد منتجاتها ومصدر تلك المنتجات من شركات تعتمد أسلوب الزراعة المكثفة والأغذية المعدلة وراثيا ومزارع الحيوانات التي تحقنها بهرمونات النمو والمضادات الحيوية بكثافة. محلات بيع التجزئة(وول مارت - Walmart) تعد أيضا نموذجا لتطبيق ونجاح مفهوم العولمة من الناحة النظرية ولكن بالتدقيق في سيرتها الذاتية نجد عدد كبيرا من موظفيها ممن يعملون بدوام كامل خصوصا في الولايات المتحدة يعيشون تحت خط الفقر بسبب أجورهم المنخفضة ويحصلون على إعانات ومساكن وكوبونات طعام حكومية.
كما أن ثورة الإتصالات والمواصلات وخصوصا الإنترنت قد تكون سببا في إقتراب حضارات وثقافات من بعضها البعض ونشوء صراع بينها للإستحواذ على مساحة ضيقة في العالم الذي تحول إلى قرية صغيرة تزداد ضيقا. هناك فترة طويلة جدا قد تقاس بالسنين الضوئية قبل أن يعم إستخدام الإنترنت خصوصا في البلدان النامية بحيث تكون عاملا إيجابيا وسببا في تضييق الفجوة الإقتصادية التي كانت العولمة سببها رئيسيا فيها.
النهاية

Sunday, June 12, 2016

العولمة والطوفان القادم

هناك مفاهيم مثل العولمة وإتفاقيات التجارة الحرة كالجات والنافتا وغيرها قد طغت على أحاديث المجالس والنقاشات في الفترة الأخيرة حيث تنوعت الأراء وتعددت مابين مؤيد ومعارض. الأحاديث لم تقتصر على الأشخاص العاديين بل كبار الكتاب والصحفيين وليست محصورة ببقعة جغرافية معينة. يتم إستغلال الجهل المتفشي والأمية التعليمية والثقافية المنتشرة في بلدان كثيرة لتسويق المفهوم البراق لفكرة العولمة ومصطلحات مرتبطة بها كالرأسمالية وإتفاقيات التجارة الحرة.
لست أظن أن هناك شخصان سوف يتفقان على تعريف مفهوم العولمة ولكن برأي الشخصي فإن التعريف الأنسب لمفهوم كلمة العولمة هي أنها حركة عالمية إقتصادية, ثقافية وسياسية تقوم على مبدأ إلغاء كافة أنواع الحواجز الجمركية والحمائية على المستوى الدولي وتحويل العالم إلى قرية صغيرة.
التقدم المذهل في تكنولوجيا الإتصالات والمواصلات كان السبب الرئيسي في تقديم مصطلح العولمة للعالم وجعله أوسع إنتشارا ولكنه سوف يكون السبب الرئيسي أيضا في تأكل تلك المنظومة بالتدريج وإنهيارها وصولا إلى مرحلة الفوضى.
ولكن السؤال هو هل يعيش العالم بداية تلك المرحلة؟
الإجابة هي نعم والسبب بسيط جدا وهو أن التطبيق الإنتقائي لمفاهيم تمثل جذور الفكرة الأساسية وهي العولمة قد أدى إلى خلق فجوة إقتصادية على وجه الخصوص تزداد مع مرور الوقت. المفاهيم التي تمثل جذور فكرة العولمة هي بإختصار الرأسمالية, التجارة الحرة وثورة الإتصالات وكما يقول المثل فإن الفقراء عندما لن يجدوا مايأكلوه فسوف يلتهمون الأغنياء. حكومات عديدة حول العالم قامت خصوصا أثناء الأزمة الإقتصادية 2007\2008 بضخ كميات كبيرة من أموال دافعي الضرائب لإنقاذ شركات مالية وبنوك متعثرة وفق مفهوم (أكبر من أن تفشل) كما قامت بنقل ملكية عدد من الأصول المتعثرة لجهات حكومية أهمها البنوك المركزية وبنك الإحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة وتم دفع حوافز مالية بالملايين لمدراء تلك الشركات مكافأة لهم على فشلهم. إن ذالك يعد تأميما حكوميا للملكية ويعد وفق مفاهيم العولمة والتجارة الحرة خرقا يصعب رتقه لتعارضه مع أبسط مفاهيمها القائم على الدور الإشرافي للحكومة على حركة التجارة وتعزيز دور الملكية الخاصة.
لايمكن الحديث عن العولمة أو الرأسمالية بدون ان نذكر أهم الشخصيات التي ساهمت بخروج تلك المصطلحات إلى حيز الوجود وتشكيل الوعي حول تلك المفاهيم. الفيلسوف وعالم الإقتصاد السياسي الإسكتلندي أدم سميث وكتابه ثروة الأمم, الفيلسوف وعالم الإجتماع والإقتصاد الألماني كارل ماركس وكتابه رأس المال والإقتصادي البريطاني الأشهر جون كينز مؤلف كتاب النظرية العامة للتشغيل والفائدة والنقود.
لم أكمل بعد قرائة كتاب ثروة الأمم للفيلسوف ومنظر الإقتصادي السياسي, الإسكتلندي أدم سميث حيث يتفق الكثير من الخبراء على كونه المؤسس للإقتصاد الحديث والأب الروحي لمفهوم الرأسمالية والذي إنحرف من الناحية التطبيقية عن الصورة التي وضعها سميث في كتابه. أما بالنسبة لكارل ماركس وجون كينز فقد إنهارت نظريتهم بإنهيار جدار برلين بالنسبة لماركس والفقاعات الإقتصادية التي تسببت بها نظرية الفائدة صفر لمحاربة الكساد الإقتصادي بالنسبة لكينز.
إن نظرية الفائدة صفر التي تبناها جون كينز قد تسببت بحركة رؤوس الأموال من البلدان الصناعية بإتجاه البلدان النامية حيث قامت ومع إنهيار جدار برلين وتبني عدد من الدول خصوصا التي كانت تدور في فلك الشيوعية للرأسمالية والخصخصة بشراء الأصول والشركات ومصادر الموارد الطبيعية. السبب بسيط جدا وهو أن رؤوس الأموال تلك تبحث عن معدل أعلى للربح بسبب إرتفاع الفائدة في البلدان النامية والتي يعد تصنيفها الإئتماني منخفضا.
إتفاقيات التجارة الحرة هي السبب الرئيسي في الفجوة الإقتصادية التي بدأت بالإتساع منذ بداية التسعينيات مع تفكك الإتحاد السوفياتي وإنهيار جدار برلين. الشركات العالمية العملاقة ورؤوس الأموال العابرة للقارات تقوم بشراء المواد الخام من الدول النامية والفقيرة وبأرخص الأسعار عبر شركات إحتكارية ثم تعيد بيعها لتلك الدول على شكل بضائع وبأسعار مرتفعة. شركة الهند الشرقية البريطانية  كانت أهم من ساهم في التأسيس لتلك الممارسات وإستخدام القوة العسكرية في حال رفض الدول والأفراد القبول بمنح الإمتيازات لممثليها في المناطق التي تسيطر عليها الشركة بإسم الإمبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس.
الشركات المحلية خصوصا في الدول النامية سوف يكون مفروضٌ عليها المنافسة ولكن على مستوى عالمي وفق إتفاقيات التجارة الحرة وتحرير التجارة التي تلزم الدول الموقعة لها على إزالة الحواجز التجارية والتعرفات الجمركية الحمائية بما يعرضها لمنافية شرسة من شركات عابرة للقارات تمتلك الخبرات التقنية ورأس المال. النتيجة هي تركيز الثروة في يد الأقلية(النخبة), إقفال عدد كبير من الشركات التجارية الصغيرة والمتوسطة أبوابها وزيادة نسبة البطالة وإنخفاض مستوى الدخل وذالك لعجز تلك الشركات عن المنافسة, فحتى لو كان رأس المال موجودا فسوف تنقصها الخبرة والعكس صحيح.
إن الشروط التي تضعها المؤسسات الإقتصادية والمالية الدولية التي أنشئت بموجب إتفاقية بريتون وودز 1944 كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي على الدول مقابل القروض الممنوحة لها هي كارثة بكل المعايير والمقاييس وتعد شكلا من أشكال العبودية الإقتصادية. وعلى رأس تلك الشروط هو إنضمام تلك الدول لإتفاقيات التجارة الحرة والخصخصة حيث تكون النتيجة تخلي الدولة عن دورها الرئيسي كمسؤولة أمام المواطن عن تقديم الخدمات إلى دور إشرافي. حتى أنه في اغلب الدول التي إبتليت بداء إتفاقيات التجارة الحرة كالجات فإن ذالك الدول الإشرافي يكون مجرد حبر على ورق.
إن إستمرار الأمور في نفس المسار التي هي عليه حاليا خصوصا حركة تحرير التجارة وسيطرة الشركات ورؤوس الأموال العابرة للقارات وتحكمها في حركة التجارة الدولية بل وبالسياسات التي تحكم تلك الحركة التجارية, فإن الإقتصاد العالمي يسير نحو حافة الهاوية بخطى متسارعة. كما أن الحركة الإنسانية تعاني من التفسخ والإنحلال تحت تأثير بريق العولمة المغري للكثيرين مالم يكن هناك تدخل من حركة عالمية تقوم بالتوعية ويكون هدفها الأسمى مصلحة البشرية والإنسانية.
النهاية

Monday, June 6, 2016

القضاء الأمريكي العادل يحكم على مجرم أبيض بعقوبة مخففة

قضية أثارت الرأي العام مؤخرا في الولايات المتحدة تمثلت بحكم قاضي أمريكي يدعى (Judge Aaron Perksy) بستة أشهر سجن على طالب في جامعة ستانفورد قام بإنتهاك عرض بالإكراه لإمرأة تبلغ من العمر 23 عاما وهي في حالة عدم الوعي داخل الحرم الجامعي. القاضي المتخصص بالأحكام المخففة على المواطنين الأمريكيين البيض ومن الأسر الثرية برر حكمه بأن (Brock Allen Turner) لايشكل خطرا على المجتمع وأن مدة الحكم كافية لتشعره بالذنب. ومن المتوقع أن لايقضي المحكوم أكثر من ثلاثة أشهر من فترة العقوبة بعد التقدم بطلب للمحكمة لتخفيفها.
تلك ليست حادثة فردية بل هي الطريقة التي يعمل فيها القضاء الأمريكي العادل بل والقضاء في البلدان الأجنبية بشكل عام حيث تقوم ألة الدعاية ليل نهار بالترويج لنزاهته وعدالته. المجرم كان من المفترض أن ينال 14 عاما على الأقل ولكنه لأنه أبيض ومن أسرة ثرية ومرموقة ويدرس في أحد أفضل الجامعات وينتظره مستقبل رياضي كعضو في فريق السباحة فقد نال حكما مخففا.
أتمنى من المفتونين بقيم الحرية والعدالة التي يروجون لها في الغرب وأن كل واحد بياخد حقه خصوصا من الصحفيين العرب الذي يعيشون في الولايات المتحدة والدول الغربية أن يتوقفوا عن تلك السخافات والتفاهات لأن القضاء الأمريكي والغربي العادل كان من المؤكد انه سوف يحكم بسجن المتهم 14 سنة على الأقل لو كان أسود البشرة أو مكسيكي الأصل ولإنطلق عشرات من مقدمي البرامج يتحدثون لساعات وساعات عن الخطر الذي يمثله السود وإرتفاع نسبة الجريمة بينهم وأنهم تجار مخدرات أو الخطر الذي يمثله الهجرة الغير شرعية.
إن قيم الحرية الغربية هي للمواطنين البيض وليست لأبناء العرقيات والأقليات والمهاجرين. الشرطة الأمريكية قتلت عشرات المواطنين السود ولأسباب تافهة وذالك أثناء عمليات إعتقال تم فيها إستخدام العنف المفرط. في أحد الفيديوهات قام عدد من رجال الشرطة بالقبض على مواطن أمريكي أسود كان يبيع السجائر في الشارع ليعتاش حيث ضغطوا على عنقه حتى إختنق في الشارع وأمام عدد كبير من الشهود. حوادث أخرى قامت فيها بإعدام مواطنين أمريكيين أفارقة بدم بارد وبدون ان يشكلوا خطرا على أفرادها حتى أن المخرج الأمريكي مايكل مور سخر من شرطة نيويورك التي أطلقت النار على أشخاص تحت مزاعم الإشتباه لحملهم سلاحا ناريا تبين فيما بعد أنه ليس إلا مجرد محفظة سوداء أو حمالة مفاتيح.
الكثير من مهازل الحرية الأمريكية التي تتمثل في الإعتداء حتى على ذوي الإحتياجات الخاصة الذين لم ينجوا من العدالة الغربية وذالك بسبب عرقهم أو أصلهم. قارنوا بين عملية إعتقال مواطن أمريكي أسود كان يبيع السجائر في الشارع وبين مرتكب جريمة إطلاق نار بأحد المدارس وكيف طريقة المعاملة بين الحالتين.
مغني الراب الأمريكي كورتيس جاكسون والمشهور بلقب (50 Cent) قام بتمثيل فيلم عن حياته إعترف فيه بكمية جرائم قتل وإتجار بالمخدرات وسطو مسلح تكفي لإلقائه في السجن لألف سنة قادمة فأين هو الأن؟ كبار نجوم الراب الأمريكيون يتفاخرون علنا وأمام الكاميرات وفي حفلاتهم الموسيقية وجولاتهم في الطرقات وفي رحلاتهم بتدخين المخدرات والحشيش ولايتعرضون لأي مسائلة أو محاسبة فأين هي العدالة؟
تلك عينة من أحكام القضاء الأمريكي العادل ولن ننسى كذالك أحداث مدينة فيرجسون في ولاية ميسوري ولكن عبث أن يقتنع بعض ممن هم مغرمون بثقافة الماكدونالدز وموسيقا الراب ومطاعم الوجبات السريعة ويكفوا عن طريقة نظرهم العبثية للأمور حيث تربى ذالك الجيل على كل قيمة تافهة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة
الرجاء التكرم بالضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة
النهاية

Sunday, June 5, 2016

ماهو الدور الذي تلعبه مواقع التواصل الإجتماعي في عصر ثورة التكنولوجيا والمعلومات؟

تنوعت أساليب الدعاية والإعلان وتشعبت الطرق التي يحاول المعلنون إيصال رسالتهم إلى الفئات المستهدفة سواء كانت تلك الرسالة سلعة إستهلاكية أو رسالة حكومية ضد التدخين أو منظمة غير حكومية أو غير ربحية كالهلال الأحمر تحث على التبرع بالدم أو أطباء بلا حدود أو غيرها.
إن التطور في وسائل التواصل الإجتماعي وتحولها من مجرد أداة لتبادل الرسائل والصور إلى منصات يحتوي كل منها على مئات الملايين من المستخدمين هو سلاح ذو حدين, إيجابي أو سلبي. الناحية الإيجابية تبرز على وجه الخصوص في الكوارث والأزمات حيث يسهل حشد الرأي العام لهدف إنساني نبيل وجمع التبرعات والإطمئنان على الأقارب ممن يسكنون منطقة الكارثة كما في خدمة (Disaster response). كما أن وسائل التواصل الإجتماعي بالتعاون مع مواقع مثل إي-باي(E-bay) وباي بال(PayPal) قامت بالحلول محل الوسيط في العمليات التجارية عن طريق تواصل الأطراف المعنية مباشرة وفي كثير من الأحيان بشكل مجاني أو بعمولة بسيطة كما في باي-بال(PayPal) حيث تبلغ 3% مقارنة بالأساليب التقليدية لتحويل الأمول والدفع الإلكتروني. حتى أن هناك بنوكا إلكترونية تقوم بتقديم خدماتها على الشبكة العنكبوتية وبأقل التكاليف بإستخدام مركز للدعم لتلقي الإتصالات والإستفسارات ولكن بدون أن يكون لديها فروع ومقرات ثابته ممايجعلها بديلا مقبولا في المناطق التي تفتقر للخدمات البنكية التقليدية.
هناك الكثير من الأشخاص في بلدان نامية كالهند وبلدان في أفريقيا وأسيا إستفادوا من ثورة التكنولوجيا والإتصالات بتغيير نوعية الحياة التي يعيشونها نحو الأفضل ببدء أعمال تجارية عبر الإنترنت والإستفادة من مواقع مثل (Ebay) كأحد منصات التجارة الإلكترونية وموقع فيسبوك في الدعاية لمنتجاتهم وإبتكاراتهم. موقع أمازون(Amazon) هو منصة أخرى تعطي فرصة لمن يمتلك المعرفة والمهارة في بيع وتسويق منتجاته وأفكاره الشبكة العنكبوتية. حتى أنه يقدم فرصة للكتاب الواعدين بنشر أعمالهم وبيعها مباشرة على الموقع.
الجانب السلبي فيما يتعلق بوسائل التواصل الإجتماعي هي كونها وسيلة سريعة وفعالة لنشر الإشاعات والتحريض لأنها تعتمد على مبدأ العدوى الذي ذكرته سابقا ومفهوم القطيع الإلكتروني حيث من الصعب التحقق من مصداقية المعلومات. وفي ذالك المجال يبرز موقع تويتر الذي تحول إلى منصة للتنظيمات الإرهابية للقيام بالتجنيد وجمع التبرعات والدعاية لعملياتهم الإجرامية بدون قيام الإدارة بالتدخل بحزم لوقف ذالك تحت مسمى حرية الرأي والتعبير بينما السبب الحقيقي له علاقة بعدم رغبة الموقع في إنخفاض عدد مشتركيه. على الجانب الأخر هناك موقع يوتيوب المملوك لشركة غوغل(Google) والذي بدأ بخطوات عملية بحذف جميع الفيديوهات التي تقوم التنظيمات الإرهابية ببثها وحذف حسابات من يقومون بذالك.
ولكن مازال أمام المسؤولين عن مواقع التواصل الإجتماعي مسؤولية كبيرة خصوصا من الناحية الأخلاقية وتطبيق معايير الشفافية ومنع الإزدواجية في إختيار المواد الصالحة للنشر على مواقعهم. فلست أفهم السبب في عدم إعتراض المسؤولين بتويتر على حساب يتفاخر مالكه بالذبح وقطع الرؤوس بل وينشر صورا لضحاياه. موقع يوتيوب وإن كان بدأ بخطوات عملية بالتشديد على محتوى الفيديوهات التي تنشر على الموقع ولكن الإرهابيين بما لديهم من قابلية للتكيف قاموا بتغيير مسمياتهم وحلق لحاهم وإرتكاب جرائمهم ونشر فيديوهات وصور على المواقع التابعة لغوغل كيوتيوب بدون أن يتم وضع حد لهم تطبيقا لقوانين غوغل نفسها التي يوافق عليها أي مستخدم قبل إنشاء حسابه.
الحكومات, الشركات, المنظمات والأفراد قد بدئوا بإدراك الأهمية التي تمثلها مواقع التواصل الإجتماعي ومشاركة الفيديوهات والصور من أهمية. المستقبل مازال يحمل الكثير من المفاجأت في جعبته فيما يتعلق بالتجارة الإلكترونية وتطور وسائل الإتصالات والمواصلات وثورة المعلومات حيث أصبحنا نعيش في عالم أصبح إيقاع الحياة يضبط فيه بالثانية, عصر السرعة وثورة المعلومات والتكنولوجيا.
النهاية