Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, March 28, 2018

هل يكون أكبر مشروع سعودي لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية مجرد حبر على ورق؟

لفت إنتباهي ذالك الخبر عن أكبر مشروع لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في العالم بقدرة إنتاج 2000 جيجاوات من الكهرباء سوف يتم إنشائه بالسعودية. وبعملية حسابية بسيطة وبعد التأكد من الأرقام من أكثر من موقع إخباري وأنها ليس خطأ حسابيا تبين التالي:
- مشروع إنتاج الطاقة الكهربائية من الشمس بالمغرب والمؤلف من أربعة مراحل: نور 1,2,3,4 والذي إفتتح الملك المغربي محمد السادس المرحلة الأولى منه في فبراير\2016 تبلغ تكلفته الإجمالية 9 مليار دولار ويجري تنفيذه بالتعاون مع شركة أكوا باور السعودية. القدرة الإنتاجية الإجمالية للمشروع تبلغ 580 ميغاوات وبلغت قدرة المرحلة الأولى منه والتي بدأت الإنتاج الفعلي 160 ميغاوات.
- المشروع السعودي تبلغ قدرته الإنتاجية الإجمالية 2000 غيغاوات وتكلفته 200 مليار دولار بما يعادل 750 مليار ريال بسعر صرف 1 دولار أمريكي=3.75 ريال. لو إفترضنا أنه تم توسيع المشروع المغربي لتبلغ قدرته الإنتاجية 1 غيغاوات فسوف تبلغ التكلفة تقريبا 16 مليار دولار=60 مليار ريال سعودي. يعني كل 1 غيغاوات من قدرة إنتاج الطاقة الكهربائية تكلف 16 مليار دولار وعند ضرب ذالك الرقم بقدرة 2000 غيغاوات وهي إجمالي إنتاج المشروع السعودي من الطاقة الكهربائية فيكون عند تكلفة تبلغ 32000 مليار دولار أمريكي وكل 1000 مليار=تريليون يعني 32 تريليون دولار مع الأخذ بالعلم أن مشروع المغرب من تنفيذ شركة سعودية وحتى مع وجود هامش خطأ ولكن في هذه الحالة الهامش هو بين 200 مليار دولار و 32 تريليون دولار, هامش خطأ خيالي. مبلغ 32 تريليون دولار أمريكي=120 تريليون ريال سعودي.
- الإستنتاج
المشروع إما أن يكون ليس حقيقا(وهميا) كباقي المشاريع التي يعلن عنها في طول الوطن العربي وعرضه أو هناك خطأ فادح في الأرقام. المشاريع الوهمية في الوطن العربي لا يوجد أكثر منها في هذه الأيام وجميعها يتم الإعلان عنه قبيل فترة الإنتخابات أو الأحداث السياسية الكبرى. مثال على المشاريع الوهمية هو مشاريع العواصم الجديدة ملئت أخبارها في طول الوطن العربي وعرضه تنشر في جميع وسائل الإعلام لبلدان عجزت عن إصلاح عواصمها القديمة أو تبحث عن وسيلة جديدة لتبذير أموال ميزانية هي في الأصل مثقلة بالديون. في المملكة العربية السعودية وكل سنة تغرق مدينة جدة ومدن سعودية أخرى بمياه الأمطار لأن هناك من قام بمنح تصاريح بناء لمخططات سكنية في مجاري مياه الأمطار في الأودية وفي مناطق كان يجب أن لا يتم السماح بالبناء بدون مشاريع صرف مياه أمطار وبنية تحتية مناسبة. وبالطبع لم نسمع عن محاسبة إلا لصغار الفاسدين بينما حيتان الفساد تركت وشأنها رغم أن تلك الفيضانات قد أدت إلى تساقط أرواح مواطنين سعوديين ووافدين من جميع الجنسيات.
فإذا كانت الأجهزة الخدمية السعودية قد عجزت حتى الأن عن حل مشكلة غرق مدن سعودية بالمياه كلما زخت السماء بأمطارها فكيف سوف يقتنع المواطن السعودي العادي أو حتى أي متابع لأخبار تلك المشاريع المليارية التي يعلن عنها بالقدرة على تنفيذها خصوصا مشروع صنع القنبلة النووية ومفاعلات توليد الطاقة النووية ومشروع نيوم والمشاريع الإسكانية ومشاريع الإستثمار في الولايات المتحدة والتي زادت عن 360 مليار دولار أمريكي وغيرها من المشاريع التي لو جمعت الأرقام لوجدتها تزيد عن حجم التبادل التجاري على مستوى الكرة الأرضية.
هذه هي الأرقام التي أعلنت عنها مواقع إخبارية سعودية سواء مشروع المغرب أو مشروع السعودية لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وهي تتوافق مع الأرقام التي تم الإعلان عنها عبر عدة مواقع إخبارية عالمية. أنا لم أكتب تلك الأرقام ولم أقم بتأليفها وهاذا الكلام موجه لمن سوف يغضبون مقدما من موضوعي ويعتبرونه تهجما مني على السعودية, وسائل الإعلام السعودية هي من تنشر أخبار تلك المشاريع وهي المسؤول عن أي خطأ في الارقام أو في بيانات المشروع.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Tuesday, March 27, 2018

ديمقراطية الفوضى الخلاقة, لمحة تاريخية

ليس من الضروري أن تحب أو تكره أو حتى تسمع كل مايقال أو يكتب عن كارل ماركس وشيوعيته أو تشارلز داروين وإلحاده المزعوم فهي ليست إلا نظرية روجتها الكنيسة التي تعارض توجهاته العلمية. كتاب أصل الأنواع من أفضل الكتب التي كتبت في ذالك المجال كما أن تشارلز داروين كان متمكنا بطريقة مدهشة من اللغة الإنجليزية كتابة من ناحية إستخدام المصطلحات وأسلوب التعبير وأضيف إلى كل ذالك أنه لم يكن ملحدا بل ويعترف بالله والخلق ومن يقرأ مقدمة كتاب أصل الأنواع سوف يكتشف في الصفحات الأولى منه عدم صحة تلك النظريات التي نسخها رجال الدين المسلمون من دون أن يفتحوا صفحة واحدة من ذالك الكتاب. منذ بضعة سنين هناك الكثير من المطالبات بالديمقراطية وحرية الرأي والتعبير حيث إزدادت وتيرتها مع مايعرف بالربيع العربي وتم الترويج له إعلاميا تحت ستار مصطلح الفوضى الخلاقة ولكن من يزرع فوضى لا يحصد إلا فوضى. تلك قاعدة معروفة فلا يخدعكم أحد بفكرة القائد المخلص الذي سوف يخرج من بين ركام الأوطان المحطمة فتلك كانت مهمة الأنبياء وزمن الانبياء قد إنتهى.

في كتابها خيارات صعبة وصفت هيلاري كلينتون متظاهري ميدان التحرير بأنهم كانوا مدفوعين بواسطة وسائل التواصل الإجتماعي وتناقل الأخبار المتعلقة بالمظاهرات شفاهةً  بدلا من كونهم منتمين لحركة معارضة متماسكة. كما أنها في موقع أخر من الكتاب ذكرت فيه أنه عقب لقائها مع نشطاء وطلاب ممن لعبوا دورا في تنظيم المظاهرات والإعتصامات خصوصا في ميدان التحرير حيث كان لديها فضول لمعرفة وجهة نظرتهم حول كيفية التحول من حركة معارضة لحركة سياسية والتأثير فيما يتعلق كتابة الدستور القادم والمشاركة في الإنتخابات, أن أولئك الطلاب والناشطين لم يمتلكوا أي وجهة نظر فاعلة وليس لديهم أدنى فكرة عن المشاركة في الإنتخابات وأنهم لا يملكون أي نوع من التأثير. والسؤال هنا من أسقط الأنظمة في تونس ومصر وليبيا ويحاول إسقاط النظام في سوريا إذا كان المسؤولين عن القيام بعبئ تنظيم المظاهرات والإضرابات والإعتصامات على ذالك المستوى من الجهل وعدم إمتلاكهم أي رؤية للخطوة التالية؟ وهل الهدف هو إسقاط الأنظمة أم إسقاط البلدان وتخريبها؟

هناك من يتهم أنظمة الحكم في الدول العربية بتجهيل الشعوب وتلك وجهة نظر قد تكون صحيحة إلى درجة معينة ولكن إلقاء الملامة كاملة على الحكومات فيه مجانبة للواقع لأن المكتبات موجودة ومفتوحة وتباع فيها الكتب التي تعرض كافة وجهات النظر كما أن الكثير من الكتب متوفرة على شبكة الإنترنت وذالك برأي الشخصي هو مايلزم لتشكيل حركة وعي مستقلة عن المناهج الدراسية والجامعية وقالبها النمطي والتقليدي. العملية الديمقراطية هي عبارة عن إنتخابات رئاسية أو برلمانية كلاهما حيث يتم إنتخابه بواسطة التصويت وفق نظام القوائم الإنتخابية أو الصوت الواحد. في بعض البلدان إنتخابات توصف بأنها ديمقراطية ولكنها محكومة وفق نظام ملكي يملك فيه الملك ولا يحكم كبريطانيا والسويد. ومن وجهة نظر عامة فإن كلمة الديمقراطية هي تعبير مطاط يختلف عليه الكثيرون ولا يوجد تعريف موحد لتلك الكلمة.

ولكن لننظر للأمر بواقعية إن مانشهده في عصرنا الحالي بخصوص العملية الإنتخابية ليس ديمقراطية بالمعنى الحرفي للكلمة وليس له أي علاقة بها من قريب أو من بعيد. وحتى في الأدبيات التي تزعم الديمقراطية الإسلامية فإن { أمرهم شورى بينهم } لا تشمل جميع فئات المجتمع فهي ليس أكثر من ديمقراطية النخبة الحاكمة تتساوى في ذالك وجهة النظر العلمانية والإسلامية. على سبيل المثال في الإسلام فإن تلك الأية لا تشمل فئات من المجتمع كتارك الصلاة أو شارب الخمر أو الذمي وحتى النساء غير مشمولات بأي قرارات متعلقة بمصير الامة الإسلامية حتى لو كان متعلقا بهم أو يؤثر على تفاصيل حياتهم اليومية.

في الإسلام فإن نظام الحكم قائم على الطاعة للحاكم أو خليفة المسلمين ولو جلد ظهرك وأكل مالك ولا عصيان أو خلع البيعة إلا بشرط "الكفر البواح الذي عندكم من الله فيه برهان" وحتى من يقرر ذالك الكفر البواح ليس عوام الأمة بل علمائها وحتى في تلك النقطة الأخيرة هناك إشكالية في تعريف ذالك العالم المؤهل للقبول برأيه في إتخاذ ذالك القرار المصيري. كما أن بعض العلماء إشترط القدرة وعدم سفك الدم حتى مع توفر كافة الشروط الشرعية الأخرى لخلع الحاكم والأمثلة التاريخية كثيرة بداية من تولي معاوية رضي الله عنه الحكم ثم تولية ولده يزيد بالمخالفة لشروط الإتفاق بينه وبين الحسين بجعلها بعد معاوية شورى بين المسلمين. وفي عهدنا الحالي فتاوي الشيخ إبن عثيمين فيما يتعلق بالجزائر حيث أفتى بعدم جواز حمل السلاح ضد الحكومة على الرغم من إلغائها نتيجة إنتخابات فاز بها الإسلاميون وفتاوي الشيخ عبد العزيز إبن ياز بعدم جواز الخروج على رئيسة وزراء باكستان بنازير بوتو رغم أنها إمرأة وذالك منعا لسفك الدماء.

ولكن الامر المجهول للكثيرين أن العملية الديمقراطية طوال ثلاثة ألاف سنة تقريبا من عمرها لم تشهد عملية تصويت أو إنتخابات بالطريقة المتعارف عليها في عصرنا الحالي بل كانت عبارة عن مزيج من التطوع ونظام يشبه قرعة اليانصيب, مسألة حظ لا أكثر ولا أقل. النظام الإنتخابي الحالي تم تصميمه بطريقة لمنع الناخبين من المشاركة الفعلية في صنع القرار وذالك عن طريق إيصال النخبة إلى السلطة, حكم الأقلية قد يكون وصفا مقبولا.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية









Sunday, March 25, 2018

حركة الإستيطان في العالم الجديد وجذور الإرهاب اليميني المسيحي

إن التاريخ يحكي لنا عن حضارات قامت بكاملها على مبدأ إبادة السكان الأصليين خصوصا في أستراليا والولايات المتحدة. الإعلام الغربي يحاول بكل ما أوتي من قوة أن يطمس ذالك التاريخ الدموي ولكن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة خصوصا مع ظهور الشبكة العنكبوتية إلى الوجود والتقدم الحاصل في مجال وسائل الإتصال السمعية والبصرية وسهولة تبادل المعلومات وتدفقها وتبادلها بين الباحثين والمهتمين. ويكفي البحث في أصل حركة الإستيطان في كل من أمريكا أو أستراليا على سبيل المثال حتى نعرف أسباب إرتكابهم تلك النوعية من الجرائم بل وتقديم التبريرات الدينية في محاولة لإقناع أنفسهم بصواب أفعالهم. ففي الولايات المتحدة ومنذ بداية وصول الرحالة الإيطالي كريستوفر كولومبوس لشواطئ الولايات المتحدة, بدأ هو وجنوده بإرتكاب المذابح بحق السكان الأصليين حيث يتم الإحتفال سنويا بجرائمه في جميع الولايات الأمريكية تحت مسمى إكتشاف الأراضي الجديدة. حتى أن المستعمرين الأسبان وفي مرحلة لاحقة المستوطنين الجدد قاموا بشن حرب جرثومية ضد السكان الأصليين بإلقائهم معاطف وأغطية كان يتم إستخدامها من قبل مصابين بأمراض مثل الجدري حيث لم يكن لدى السكان الأصليين من الهنود الحمر أي مناعة ضد تلك النوعية من الأمراض فأبيد منهم أكثر من 18 مليون هندي أحمر. وفي حرب إبادة جماعية في الولايات المتحدة ضد السكان الأصليين فقد تم سلخ فروات الرجال ولم يكن مصير النساء والأطفال بأفضل حيث تم إغتصاب النساء وقتلهم وقتل الأطفال أو سلخ فروات رؤوسهم وهم أحياء. كما بلغ مجمل ضحايا تلك الإمبراطورية الأمريكية التي بدأت مع كريستوفر كولومبوس أكثر من 118 مليون قتيل.

إن تاريخ أستراليا ليس بأفضل حالا فقد تعرض السكان الأصليون للإبادة الجماعية وقتل منهم الملايين أو تم عزلهم فيما يشبه معسكرات الإعتقال النازية أو معسكرات العمل السيبيرية(الغولاغ). وحتى هذه اللحظة فإنه هناك نسبة كبيرة من الذين يدخلون السجون في أستراليا هم من الذين ينتمون للسكان الأصليين. الإعلام في الدول الغربية كالولايات المتحدة وأستراليا يفضل تجنب الحديث عن تلك الجرائم وجذورها في النصوص الدينية خصوصا التوراتية ومن ينظر لخلفية أولئك المستوطنين سوف يكتشف أنهم إما من المجرمين المدانين بحكم الإعدام حيث تم تخييرهم بين تنفذ الحكم أو الهجرة للأرض الجديدة, أو أنهم من خلفية بروتستانتية فرت من الإضطهاد الديني والحروب الدينية في أوروبا حيث قامت الكنيسة الكاثوليكية بشن الحرب المقدسة ضد مخالفيها من المنتمين للعقيدة البروتستانتية وقام هؤلاء المضطهدين بدورهم بشن حروب بروتستانتية مقدسة ضد السكان الأصليين للأراضي التي إستعمروها.

في الإعلام الغربي يتم إلقاء اللوم على هتلر خصوصا في نظرية تفوق العرق الأري والذي يجب أن يحكم العالم ولا يتم تسليط الضوء إعلاميا على  نظرية تفوق العرق الأبيض على غيره والتي تعد نظريات هتلر في تفوق عرقه الألماني الأري إلا إمتدادا لها. وبإسقاط الماضي المظلم للإستعمار الأجنبي لأراضي الأمريكييتين على واقعنا الحالي فسوف نجد أنه هو بمفاهيم متماثلة في المحتوى مع إختلاف التسميات, فالشركات العابرة للقارات حلت مكان حركة الإستيطان الغربية في الأراضي الجديدة وحلت مصطلحات كالعولمة والأسواق الحرة بمكان مسميات الإستعمار والإحتلال, تنميق وترقيع مصطلحات ليس أكثر ولا أقل. إلغاء العبودية والتمييز العنصري والعرقي بقي حبرا على ورق. ويكفي إثباتا لصحة ماذكرت النظر على واقع الحال في الولايات المتحدة من ناحية تعاطي الإعلام العنصري مع موضوع الجريمة حيث تعد أعلى نسبة نزلاء سجون في العالم مقارنة بعدد السكان ولكن مع الأخذ في الإعتبار أن أغلب أولئك النزلاء من العرق الأسود يليهم الأقليات العرقية الأخرى على الرغم من مزاعم الحرية والمساواة وحقوق الإنسان التي يلعب على وترها الإعلام الغربي يوميا, يتم تصرير العرقية السوداء على أنهم سارقون ومجرمون لصوص وتجار مخدرات. نفس ذالك الإعلام الغربي يتحدث بشكل مستمر عن الماضي الإستعماري الإسلامي في أوروبا حيث لم تنسى النخب الفكرية الغربية اليمينية والمسيحية المحافظة بعضا من المعارك المفصلية في تاريخ أوروبا والتي لولاها لسقطت أوروبا بكاملها أمام الجيوش الإسلامية خصوصا معركة حصن العقاب حيث حتى يومنا هاذا وفي الذكرى السنوية للمجزرة, يقوم المسؤولون الإسبان بإخراج راية جيوش الموحدين التي قاموا بالإستيلاء عليها في تلك المعركة والطوفان بها في شوارع المدن الإسبانية. كما وأنه حتى هذه اللحظة فإن إسبانيا تحتل مدينتي سبتة ومليلة المغربييتين وتنتهك السيادة المغربية خصوصا فيما يتعلق بحقوق الصيد البحري وسط صمت وتخاذل عربي وفي إستمرار للماضي الإستعماري الإسباني في المنطقة.

إن الحقيقة فيما يتعلق بالتاريخ الدموي للمسيحية الغربية والتي كان ضحيتها مسيحيون غربيون مخالفون في العقيدة للكنيسة الكاثوليكية وكذالك مسيحيون شرقيون لاتترك مجالا للمستشرقين الغربيين وأذنابهم من العرب أي زاوية للهروب إلا من خلال إتهام المسلمين بلائحة طويلة من الإتهامات وتجاهل تاريخهم الدموي هم بأنفسهم من إرتكبوا في بلدان منها إسبانيا جرائم يندى لها الجبين خصوصا من قبل محاكم التفتيش. كما أنهم يتذرعون بأن النصوص الدينية خصوصا في العهد القديم لا يتم إستخدامها كذرائع من قبل المسيحية والمسيحيين لإرتكاب جرائم كما يتم من قبل المسلمين الإستعانة بنصوص من القرأن لتبرير مايتم إرتكابه من أعمال وحشية. وعند هذه النقطة من المهم أن نفرق بين المسيحيية الغربية والمسيحية الشرقية حيث أن مذهب السيد المسيح له المجد قد تم إختطافه من قبل المسيحيين الغربيين في الفترة التي تلت المجمع المسكوني المعقود في نيقية سنة 325م والذي أشرف عليه الإمبراطور الروماني قسطنطين وتم على أثره حرق كتاب العقيدة المسيحية التي تخالف قرارات المجمع ونص إعلانه النهائي.  كما تم إضطهاد المذاهب المسيحية المخالفة كمذهب الراهب أريوس مؤسس مذهب الأريوسية وهو من أصول ليبية وإصدار قرارات بالعزل والحرمان ضد أي قسيس أو راهب يؤيد أريوس وأرائه التي إعتبرتها الكنيسة هرطقات.

وفي ختام الموضوع فإنني لست أدافع عن أديان أو مذاهب فذالك لا يعنيني بل أدافع عن التاريخ فتاريخ الأديان بلا إستثناء مليئ بالعنف والدماء والمجازر الدموية وتاريخ المسلمين نفسه يسجل معارك دموية بين المسلمين أنفسهم كمعركة الجمل وصفين والمعارك بين الأمويين والعباسيين وحتى بين الأمويين أنفسهم حيث تم إستشهد الخليفة عمر إبن عبد العزيز مسموما والخلافات بين العباسيين حيث تقاتل الشقيقان الأمين والمأمون والخلافة العثمانية التي يقتل الخلفاء فيها أبنائهم وأشقائهم بفتاوي علماء السلطان وغير ذالك الكثير من المسكوت عنه من قبل علماء المسلمين ومنظريهم. إن ذالك برأي الشخصي أمر مخجل وغير حيادي ويضر بالتاريخ ومصداقيته ويتم لأهداف سياسية وأنا شخصيا عندي أسئلة كثيرة موجهة لعلماء المسلمين والمسيحيين والبوذيين وجميع الأديان وهي أسئلة أنا متأكد أنها سوف تبقى بدون إجابات.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Sunday, March 18, 2018

الإسلام والمسيحية, هل إنتشر الإسلام بالسيف؟

بروفيسور مقارنات الأديان الأمريكي من أصل إيراني ريزا أصلان(Reza Aslan) أجاب في إحدى مقابلاته على السؤال حول إن كان الإسلام دين سلام أم دين عنف, فأجاب بأن الإسلام ليس له علاقة بالسلام أو بالعنف بل بالشخص نفسه, فإذا كان بطبعه مسالما أو عنيفا, فتصرفات الشخص هي التي تحدد طبيعة إسلامه. هناك الكثير من الإتهامات التي يتم توجيهها للإسلام والمسلمين بأن الإسلام إنتشر بالسيف وأنه دين حرب وعنف, تلك الإتهامات هي تقليدية بل مملة يتم تكرارها ثم إجترارها مرارا وتكرارا. المشكلة أنه في ردنا عىل تلك الإتهامات, فإننا نلجأ للنصوص الدينية والتراثية التي لايؤمن بها الطرف الأخر. الإتهامات هي بالتأكيد تقليدية كما ذكرت ولكن الرد عليها لن يكون تقليديا لأن سوف يغادر الساحة الدينية ليكون التاريخ هو ساحته. إن بعض المفكرين المسلمين يعترفون بالعنف المقنن(Controlled Violence) أو الدفاع عن النفس وأن غزوات المسلمين ليست توسعية بقدرة ماكانت ضرورة إستراتيجية للدفاع عن الدعوة الإسلامية.
ولايوجد نقطة نبدأ بها المقارنة التاريخية أفضل من الدولة الرومانية التي بدأت بقرية أو بلدة صغيرة في إيطاليا وكان روميلوس أول ملك على روما التي سوف تصبح لاحقا إمبراطورية من أعظم إمبراطويات العالم. الإمبراطورية الرومانية بشقيها الوثني والمسيحي إنتهجت سياسة توسعية إستعمارية عدوانية وشرسة تذكرني بالسياسة التي تنتهجها حاليا الولايات المتحدة الأمريكية التي يتفاخر يمينها المسيحي المتطرف بتلك العقلية الدموية. قامت الجيوش الرومانية بالغزو والنهب والسلب وتدمير مدن كاملة وحرقها في حال قاوم ساكنوها الغزاة. كما كانت الجيوش الرومانية تفرض التجنيد الإجباري على الأمم التي تقدم فروض الطاعة لروما وترغمهم على دفع الضرائب وتنزل كافة أنواع العقاب بكل من يقاوم أو يفكر بالمقاومة حيث كانت تساق النساء والأطفال والأسرى من الرجال ليباعوا في أسواق النخاسة ليكون مصيرهم إما جواري أو خدم في قصور أثرياء روما أو أن يتحولوا إلى أشلاء في حلبات المصارعة. وحين إعتمد الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول وبعد سلسلة من الحروب الأهلية والصراعات الداخلية  المسيحية كديانة رسمية للإمبراطورية الرومانية وذالك في أثر إنعقاد مجمع نيقية الأول سنة 325, بدأ عهده الدموي بحرق جميع كتب الطوائف المخالفة لقرارات المجمع وبإرتكاب مجازر وتحت راية الصليب ضد تلك الجماعات خصوصا الأريوسيين. وإستمر الحال كذالك حيث أنه وفي اعقاب كل مجمع مسكوني يتم حرق كتب الجماعات المسيحية المخالفة وإرتكاب مجازر بحق اعضائها وكل ذالك يتم تحت راية الصليب وبإسم المسيح. ولا يخفى على أحد ما إرتكبته محاكم التفتيش في الأندلس وفي أوروبا بحق المسلمين والطوائف المسيحية المخالفة وحتى اليهود من مجازر وتعذيب وعمليات قتل بأبشع الطرق.
ثم ننتقل إلى الدولة الفارسية التي ولدت من رحم الصراع ضد البابليين والأشوريين على يد كورش الكبير والذي يعد أول إمبراطور فارسي بحيث أنها لم تكن بأفضل من الدولة الرومانية بل وخاضت معها خلال فترة من الفترات صراعا شرسا وفازت فيه ولو بشكل مؤقت وإنتزعت السيطرة على الكثير من الأراضي من الجيوش الرومانية. الجيوش الفارسية كانت تفرض حكما دمويا عسكريا مباشرا على الأمم التي تحتلها حيث تفرض عليها الضرائب ويقتل كل من يحاول المقاومة, وأما إذا وافقوا على الخضوع لسلطانها فيتم سوق رجالهم للخدمة العسكرية في الجيوش الفارسية وأطفالهم ونسائهم لقصور الأثرياء كخدم وجواري. الدولة المقدونية التي كان أشهر ملوكها الإسكندر المقدوني لم تختلف عن سابقاتها في سياستها التوسعية والدولة الإسبارطية التي تأسست سنة 900 ق.م من تجمع 4 قرى صغيرة بقوانين عسكرية صارمة  وخاضت صراعات دموية مع جارتها أثينا لعل أشهرها الحرب البيلوبيسينية والتي إمتدت ربع قرن تقريبا, فهي كذالك لم تتوسع إلا بإستخدام القوة العسكرية. الفتوحات الإسلامية لم تخرج عن السياق التاريخي لجميع الأمم التي سبقت الإسلام والتي إعتمدت القوة العسكرية كأساس للتوسع: الأمبراطورية الرومانية, الإمبراطورية الفارسية, الإسكندر الأكبر, الإسبارطيين وغيرها الكثير من الأمم والممالك. إن ظروف الدولة الإسلامية الوليدة في شبه الجزيرة العربية لم تختلف عن كل ما سبق وذكرته عن الأمم التي سبقتها. فقد بدأت بالرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم وزوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وصبي هو علي إبن أبي طالب سلام الله عليه ورجل بالغ هو أبو بكر رضي الله عنه. وقد إكتملت في وقت قريب النواة التي إنتشرت من خلالها الدعوة الإسلامية والتي بلغت 40 صحابيا قويت شوكتها بإسلام حمزة إبن عبد المطلب وعمر إبن الخطاب رضي الله عنه. إن أشخاصا مثل عمر إبن الخطاب وحمزة إبن عبد المطلب كانوا من صناديد قومهم وعثمان إبن عفان كان من أثرياء قريش فلا يعقل أنهم أجبروا على الدخول في الإسلام أو أكرهوا عليه والرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم في أضعف مايكون عليه حاله في بداية الدعوى.
ومن يقرأ تاريخ الدولة الإسلامية الوليدة سوف يكتشف أن جميع المعارك التي خاضتها الجيوش الإسلامية كانت خلالها تفتقد لميزة التفوق العددي على خصومها كغزوة بدر وأحد والخندق, ولذالك من المستبعد تاريخيا أو عقليا أو منطقيا أو تكون حروب توسعية عدوانية كما كانت حال الإمبراطورية الرومانية على سبيل المثال والتي كانت ترسل جيوشا في حروبها قد يصل تعدادها إلى 250 ألف جندي كما في غزوة مؤتة والتي بلغ تعداد جيوش الإمبراطورية الرومانية 200 ألف مقاتل مقابل 3 ألاف مقاتل من المسلمين. وتذكر بعض الإحصائيات أن عدد الضحايا الذين سقطوا في جميع الحروب التي قادها الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم في حياته لم يزد عن 600 قتيل من المسلمين وخصومهم. أما أسباب تلك الغزوات على سبيل المثال: غزوة بدر كان سببها رد أموال المسلمين التي نهبتها قريش حين طردتهم من مكة وصادرت بيوتهم وأموالهم, معركة أحد كان سببها محاولة قريش غزو المسلمين في عقر دارهم في المدينة المنورة والقضاء على الدعوى الإسلامية, معركة الخندق(غزوة الأحزاب) كانت دفاعا عن النفس حيث قامت قوات من قريش وحلفائها بغزو المسلمين في عقر دارهم وحصار المدينة المنورة, غزوة مؤتة كانت بسبب إرتكاب والي الإمبراطورية الرومانية في البلقاء حماقة قتل الصحابي الحارث إبن عمير الأزدي حين تعرض له حاملا رسالة إلى عظيم بصرى, وقتل الرسل في الأعراف العلاقات بين الدول فهو إعلان حرب. وحتى في مرحلة لاحقة للعهد المصطفوي, إستمرت ميزة التفوق العددي لصالح خصوم المسلمين خصوصا في حروب الردة وغزوة اليرموك التي تذكر بعض الإحصائيات أن عدد قوات المسلمين فيها بلغ 36 ألف مقاتل مقابل 240 ألفا من خصومهم.
الجيوش الإسلامية كانت تقوم بإتاحة ثلاثة خيارات لأي مدينة تقترب منها وهي: الإسلام, دفع الجزية, الحرب. ولكن المؤرخين الغربيون والمستشرقون ومن لف لفيفهم من مسيحيين محافظين يتجاهلون  أنه في حال إختار سكان المدينة عدم قبول الإسلام ودفع الجزية فسوف يتم إعفائهم من الخدمة العسكرية في الجيوش الإسلامية ولهم كافة الحقوق ويتمتعون بكافة الإمتيازات من حرية العبادة وعدم التعرض لهم ولأماكن عبادتهم. الدولة الرومانية أو الفارسية  لم تكن تتيح أيا من تلك الخيارات للمهزومين فعلى الشعوب المحتلة دفع الجزية وإرسال أبنائهم للخدمة العسكرية وبناتهم للخدمة في قصور الأثرياء والسياسيين كجواري وخدم أو يباعون في أسواق النخاسة ولم يكونوا يتمتعون بأي حقوق أو إمتيازات من تلك التي يتمتع بها السكان الأصليون. إن تلك الخيارات الثلاثة لم تكن متوفرة لسكان مدينة دريدسن الألمانية التي تم تدميرها بشكل كامل خلال الحرب العالمية الثانية حين قصفها طيران الحلفاء بكافة انواع القنابل خصوصا الحارقة بدون أن يكون لذالك العمل الشنيع أي فائدة عسكرية أو أن تكون المدينة تحتوي على أهداف عسكرية ذات أهمية. كما أن تلك الخيارات الثلاثة لم تكن متوفرة لسكان مدن طوكيو وهيروشيما وناغازاكي فقد قصفت الأولى مرارا وتكرارا وضربت المدينتان الأخريتان بالقنابل الذرية, ومرة أخرى من غير أن يكون لذالك أي فائدة عسكرية سوى إستعراض قوة أمام الإتحاد السوفياتي والذي كان متصلبا في مواقفه خلال المفاوضات مع الحلفاء حول تقسيم اوروبا بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية.
وبالنسبة لمعاملة الأسرى فحدث ولا حرج بداية من جرائم ريتشارد قلب الأسد بحق أسارى المسلمين في عكا وليس إنتهاء بجرائم الحملات الصليبية التي كانت تقتل النساء والأطفال والشيوخ مرورا بجرائم الإمبريالية الإستعمارية الغربية البريطانية والهولندية والإسبانية والبرتغالية خصوصا في جزر الملايو والخليج العربي والهند. إن معاملة المسلمين لأسرى الحرب كانت بالتأكيد سابقة تاريخيا لإتفاقية جنيف  وذالك منذ بداية الدعوى المحمدية. ففي غزوة بدر تم العفو عن الأسرى مقابل فدية أو تعليم القرائة والكتابة. كما أنه يحرم في الإسلام إسائة معاملة الأسير أو ترويعه أن تعريضه للعذاب النفسي أو المعنوي أو منع الطعام والشراب عنه. إن أساليب التعذيب النفسي والجسدي التي أهدتها إلينا الحضارة الغربية تبدأ من منع تقديم الطعام والشراب, التعذيب بالإغراق وبواسطة الكلاب, الضرب المبرح, إغتصاب نساء من أسرة السجين في حضوره بل وإغتصاب السجين نفسه في احيان كثيرة, الحبس الإنفرادي في أماكن مظلمة لفترات طويلة حتى يفقد السجين الإحساس بالزمان والمكان والإيهام بالإغراق وغير ذالك الكثير. جيوش المسلمين كانت تتلقى الوصايا من الرسول عليه الصلاة والسلام بعدم التمثيل بجثة الكلب العقور وعدم قطع الشجر وعدم قتل الشاه إلا لمأكل وعدم قطع النخيل وغير ذالك مما يطول ذكر من أخلاق المسلمين في الحروب.
إن أساس الإتهامات التي يسوقها الإعلام الغربي بإتهام الإسلام بالإرهاب والعنف وأنه إنتشر بالسيف تعود جذورها إلى حالة الصراع الداخلي التي تخوضها الحضارة الغربية في عقر دارها, فتلك الإتهامات نوع من الهروب للأمام وتعليب مصطلح الإسلاموفوبيا لتقديمه إعلاميا وإعتبار الإسلام شماعة تعلَّق عليها كافة أخطاء ومخازي وسلبيات الحضارة الأوروبية. الحضارة الغربية تحتضر وذالك ليس مبالغة بل من يرى الحقيقة على أرض الواقع يستطيع أن يشاهد أن الأنانية وحب الذات والفردية قد أدت إلى إنتشار أوبئة إجتماعية حيث ترافق ذالك مع فراغ روحي حيث تشير التقارير إلى إرتفاع أعداد الملحدين ومعتنقي الأديان الأخرى خصوصا الإسلام الذي يعد أسرعها إنتشارا في أوروبا. وأنا في هاذا الموضوع تجنبت ذكر نصوص دينية سواء إسلاميا أو مسيحية لانني كما ذكرت في بداية الموضوع قد غادرت ساحة النصوص الدينية والتراثية إلى ساحة التاريخ ووقائعه.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Saturday, March 17, 2018

الإسلام والمسيحية, هل الديانة المسيحية هي دين محبة وسلام؟

شاهدت وسمعت الكثير من المحاولات للإجابة على ذالك السؤال ولم تعجبني أكثر من إجابة بروفيسور الأديان المقارنة الأمريكي من أصل إيراني ريزا أصلان حين أجاب بأنه الإسلام ليس له علاقة بالسلام أو بالعنف بل بالشخص نفسه, فإذا كان بطبعه شخصا مسالما أو كان شخصا عنيفا, فتصرفات الشخص هي التي تحدد طبيعة إسلامه, وذالك يصلح لتطبيقه بشكل عام على جميع الأديان وليست محصورة برأي بالإسلام. وهناك أكاديميون مسلمون يعترفون بالعنف المقنن(Controlled violence) ويعني الدفاع عن النفس أخلاق القتال وهو ماسوف أفرد له موضوعا منفصلا. ولو نظرنا إلى تاريخ الأديان الذي يتجاهله أتباعها عند نقاشهم لمخالفيهم في العقيدة, لوجدناه تاريخا توسعيا دمويا, ولكن هل يجوز ان نربط التاريخ الدموي للأديان بالعقيدة نفسها؟ الإجابة بدون شك هي بلا. المسيحية تم إختطافها من قبل الكنيسة الكاثوليكية الغربية والتي شنت حروبا دموية تحت راية الصليب ومازالت حتى يومنا هاذا وذالك  ضد أتباع الكنيسة المسيحية الشرقية خصوصا الأرثودكسية بذريعة الهرطقة. وعلى الرغم من أن يسوع المسيح ولد في فلسطين وكان يعتنق الديانة اليهودية, إلا أن هويته العربية المشرقية يتم طمسها لصالح بولس(Paul) بصفته مواطنا رومانيا وهو لم يلتقي المسيح شخصيا ولكنه إلتقى أتباعه وتتلمذ على أيديهم قبل أن يختلف معهم وينفصل عنهم, وينسب إليه الفضل في أنه المؤسس الحقيقي للديانة المسيحية الحالية.
الكنيسة الرومانية الكاثوليكية قامت بشن حروبها المقدسة ضد المهرطقين داخل أوروبا خصوا ضد طائفة الكاثار في منطقة جنوب فرنسا وضد البروتستانت في حرب الثلاثين عاما وحرب المائة عام. الحملات الصليبية تلقت دعما غير محدود من الكنيسة الكاثوليكية حيث كانت تصدر صكوك الغفران للمشاركين فيها. إن تلك الحملات لم تكن موجهة حصريا ضد المسلمين بل في تم في إحدى تلك الحملات الهجوم على مدينة القسطنطينية وتخريبها ونهبها لأن تلك المدينة كانت عاصمة للإمبراطورية الرومانية البيزنطية التي كانت وكنيستها الشرقية الأرثودكسية على عداء مع الأمبراطورية الرومانية اللاتينية وكنيستها الكاثوليكية. وخلال الحملة الصليبية الأولى, تمكنت الجيوش الصليبية من إحتلال القدس وذبحوا سكانها على إختلاف هويتهم الدينية من مسلمين ومسيحيين ويهود حتى أنهم ذبحوا 70 ألف من السكان لجئوا للمسجد الأقصى.  ويقال أن الدم والجثث في شوارع القدس تسببت في إعاقة حركة المشاة الصليبيين وخيالتهم فيها.
وتركت لنا المسيحية الكاثوليكية الغربية محاكم التفتيش بكل تاريخها الدموي وألات التعذيب حيث قتلت الملايين في أوروبا بتهمة الهرطقة منهم أكثر من مليون إمرأة بتهمة ممارسة السحر والشعوذة. وكان يكفي لأن تملك أي إمرأة قطة سوداء حتى تعدم حرقا أو أن يمتلك شخص من غير رجال الكهنوت نسخة من الكتاب المقدس حتى يعدم حرقا أو يموت تحت التعذيب بعد قرائة الصلوات أمامه من قبل كهنة الكنيسة لرحمة روحه ودخولها الجنة ونيلها للغفران! في الأندلس, حكمت محاكم التفتيش بالقتل حرقا وقطع الرؤوس وكافة انواع التعذيب على اليهود والمسلمين والمسيحيين من المعارضين للكنيسة الكاثوليكية الغربية, وكان القتل على الشبهة. الحكم الإسلامي للأندلس كان النقطة المضيئة الوحيدة في تاريخ أوروبا حيث كانت تمر بما يعرف بالعصور الوسطى(المظلمة) بينما تزدهر في الأندلس كافة أنواع المعارف والعلوم والجامعات التي يعود لها الفضل في قيام أو بداية مايعرف بعضر النهضة الأوروبية حيث إزدهرت العلوم والفنون وظهرت الإكتشافات.
حركة الإستعمار الإمبريالية الأوروبية إبتداء من كريستوفر كولومبوس في الأرض الجديدة والهولنديين في جزر الملايو والبرتغاليين في الخيج العربي وليس إنتهاء بالبريطانيين في الهند لم تكن إلا حركة عسكرية تمت تحت الراية المسيحية الصليبية. الإسبانيون في القارة الأمريكية الجديدة ومن خلفهم من المستعمرين الجدد(المستوطنين) أبادوا الملايين من السكان الأصليين ونشروا بينهم الأمراض المعدية كالجدري بمنحهم هدايا كالأغطية التي كان يستخدمها المصابون بذالك المرض. وفي جزر الملايو قام الهولنديون بحملات إبادة وقتل دموية كما في الخليج العربي حيث هدم البرتغاليون مدنا وبلدات كاملة على رؤوس ساكنيها بدكها بمدافع سفنهم الحربية ومارسوا التعذيب وكانوا يقطعون أذان ويجدعون انوف السكان المحليين أو يقطعون رؤوسهم للتسلية وإرتكبوا من الفظائع ما يحتاج الحديث عنه إلى مئات الكتب. ولم يختلف البريطانيون حين سيطروا على المنطقة عن سابقيهم ولكنهم إستبدلوا أسلوب قطع الرؤوس بحبل المشنقة وكانوا يدكون أي مدينة تقاوم قواتهم بالمدافع ويبيدون سكانها عن بكرة أبيهم. وفي القارة الأسترالية, كانت حركة الإستيطان التي كان أعضائها عبارة عن خليط من المجرمين والمطلوبين للعدالة والهاربين من الإضطهاد الديني في أوروبا مسؤولة عن إبادة ملايين من السكان الأصليين. وحتى يومنا هاذا, يعاني السكان الأصليون, أصحاب الأرض وملاكها الحقيقيون في كل من الولايات المتحدة وأستراليا وكندا من كافة انواع التمييز والإضطهاد والعنصرية في دول تعتز وتفتخر بقيمها الدينية وهويتها المسيحية. الملك البلجيكي ليوبيد الثاني كان السبب في قتل عشرة ملايين أفريقي خلال إستعمار بلجيكا لدول الكونجو. وكان جنود يقطعون أطراف مواطني الكونجو أو أطراف أبنائهم حين يفشلون في العودة بحصتهم المقررة من مادة المطاط. وعلى الرغم من ذالك, فإن ذالك الملك المجرم لا يقارن بهتلر ولا بأي ممن يصفهم المؤرخون الغربيون بأنهم مجرمون ومسؤولون عن مقتل عشرات الملايين من البشر.
عندما سقطت دمشق في أيدي الفرنسيين إثر معركة ميسلون, توجه الجنرال غورو إلى قبر صلاح الدين فور وصوله إلى دمشق ووقف امامه ويقال أنه وضع قدمه على القبر وفي رواية أخرى أنه ركله وقال:" هاقد عدنا يا صلاح الدين." الجنود الأمريكييون خلال الحرب العالمية الثانية, كانوا يقطعون رؤوس اليابانيين ويبيعونها كهدايا تذكارية, حتى أن الحكومة اليابانية خلال فترات لاحقة قامت بشراء أكثر من 13 ألف جمجمة لجنودها ومواطنيها من مالكيها في الولايات المتحدة وإعادتها إلى اليابان ودفتنها بشكل لائق. وفي الحرب العالمية الثانية, كان الحلفاء يحولون مدنا بأكملها إلى ركام وحرائق مشتعلة بدون تحقيق أي هدف عسكري أو أهمية عسكرية, فكان ذالك مصير مدينة دريدسن الألمانية وطوكيو ومدينتي هيروشيما وناغازاكي التي قصفتا بالقنابل الذرية بهف توجيه رسالة للرئيس السوفياتي جوزيف ستالين على هامش الصراع الدائر للسيطرة على أوروبا بعد إنتهاء الحرب. وخلال حربي فيتنام والعراق, لم يكن سلوك جنود الجيش الأمريكي بأفضل حالا خصوصا إنتشار حالات التعذيب وإستخدام الإغتصاب كسلاح ضد المدنيين العزل. كما أنه تم إستخدام  الأسلحة الكيميائية بكافة أنواعها في فيتنام والقنابل الحارقة(النابالم) وتسميم مصادر مياه الشرب وحرق الغابات بل وحرق قرى بأكملها وتهجير سكانها منها. وفي العراق تم إستخدام القنابل العنقودية والنابالم واليورانيوم المنضب.
الفرنسيون الذين يهددون حاليا بالتدخل العسكري في سوريا بذريعة إستخدام السلاح الكيميائي من قبل الجيش العربي السوري ضد المدنيين والذين يروجون لقيم الحرية والعدل والإخاء التي جائت بها ثورتهم الملعونة سنة 1789 هم أنفسهم منذ فترة ليس ببعيدة بإجراء 117 تجربة نووية خلال فترة الخمسينيات والستينيات في الصحراء الجزائرية خلال فترة إحتلالهم للجزائر التي إمتدت إلى 132 عاما حيث تحولت إلى منطقة غير صالحة للعيش لفترة أربعة ألاف سنة على الأقل. حتى وأنه في إحدى تلك التجارب, قاموا بربط أهداف بشرية حية(مواطنين وأسرى جزائريين) على أعمدة خشبية في الصحراء لإختبار تأثير الإشعاعات على أهداف بشرية حية ويرفضون بكل وقاحة إلى الأن تقديم الإعتذار عن تلك الجرائم. كما أن الشعب الجزائري قدم أكثر من مليون شهيد في نضاله لنيل الإستقلال أسوة بالشعب التونسي والشعب المغربي الذين قدموا مئات الألاف من الشهداء في مقاومتهم للإحتلال الفرنسي الذي لم يترك خزية ولا مذمة أخلاقية إلا وإرتكبها. ولكن فرنسا لم تتوقف عن سياستها الإستعمارية فهي الأن تتدخل عسكريا في أفريقيا الوسطى وفي مالي حيث يتم إرتكاب المجازر ضد السكان المحليين من شراذم  وعصابات وفرق قتل وعلى مرأى من القوات الفرنسية هناك. الإسبانيون الذي كانوا يرعدون ويزبدون نصرة لحليفهم الأمريكي في العراق شنوا حروبا إستعمارية في أمريكا اللاتينية خصوصا في كوبا والفلبين والمغرب حيث إرتكبوا جرائم بندى لها الجبين. وحتى لا نذهب بالأحداث بعيدا, فقد قامت الحكومة الإسبانية بقمع سكان إقليم كتالونيا الذين طالبوا بالإنفصال وإستخدمت ضدهم العنف المفرط وطاردت زعمائهم الذين لجئوا للخارج خشية الإعتقال.
وفي ختام الموضوع, من الواضح إذا بطلان حجة من يزعمون أنه لم ترفع راية الصليب أو أنه لم يتم ترديد نصوص دينية مسيحية ولذالك لا يصح نسب الكثير من الحوادث التاريخية التي كانت الكنيسة تقف خلفها لأسباب دينية. وتلك هي الذريعة التي يستخدمها في الكثير من المناسبات الملحدون ممن يحتقرون جميع الأديان ويعتبرونها دموية ولكنهم في الوقت نفسه يستميتون دفاعا عن المسيحية اليمينية الغربية وأنها دين العدل والسلام والمحبة وأن الإسلام دين عنف وقتل ودماء. الكثير من جرائم فرنسا في مستعمراتها السابقة تم إرتكابها تحت راية حكومات إشتراكية ولعل أشهر الشخصيات التي رئستها هو بطل المقاومة ضد النازية الرئيس الجنرال شارل ديغول والذي تم إرتكاب الفظائع والمجازر في عهده خصوصا في الجزائر وسوريا. إن التاريخ الإجرامي والإستعماري للدول الغربية في الوطن العربي وأسيا وأفريقيا يتحدث عن نفسه وعن دمويته, تاريخ الغرب بهويته المسيحية او العلمانية هو تاريخ دموي إمبريالي توسعي, مسيحية الغرب وعلمانيته عبارة عن وجهان لعملة واحدة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Thursday, March 15, 2018

هل يدحض التاريخ شبهات المستشرقين في قضية حرق المصاحف؟

هناك الكثر من الأسئلة التي تطرح في أوروبا والدول الغربية حول الإسلام خصوصا مع موجة الهجرة الأخيرة ونوعية الأسئلة والقضايا المطروحة للنقاش حول الإسلام أصبحت متكررة وتقليدية: هل إنتشر الإسلام بالسيف؟, قضية الميراث في الإسلام, شهادة المرأة في الإسلام وحتى قضية حرق سيدنا عثمان رضي الله عنه للمصاحف هي مسائل يتم نقاشها بإستمرار. أسباب ذالك قد تنقسم إلى قسمين: الأول هو أن المسلمين وقياداتهم في الدول الغربية والأوروبية لم يقدموا إجابات مقنعة لأنهم إستندوا على النصوص الدينية والتراثية بدون أي خلفية تاريخية, والسبب الثاني هو الطرف الأخر لايريد ان يسمع ولا يريد أن يتحاور. المسألة هي برأي الشخصي تعود للسبب الأول أكثر منها للثاني لأن المسلمين وقياداتهم ورموزهم في الدول الغربية لم يكونوا قدوة أمام الإعلام الغربي بأي شكل من الأشكال وتكرار التصرفات الفردية من قبل أفراد مسلمين وقيادات إسلامية يجعل تلك التصرفات تخرج من دائرة الفردية إلى دائرة العمومية وتكون صورة نمطية من الصعب تغييرها بعد ذالك.
بالنسبة للنصوص الدينية عند المسلمين فبعد القرآن الكريم وهو منزل من الوحي ومتكفل بحفظه من الله تعالى, هناك كتب الأحاديث وعلى رأسها الستة الصحاح خصوصا البخاري ومسلم والتي تحتل مكانة رفيعة عند الأصولية الإسلامية التي لا تقبل نقدا أو تشكيكا في أي نص ورد في الكتابين وتعتبر ذالك يرتقي لمرتبة الكفر-الخروج من الملة لأنه إنكار للوحي. الله تكفل بحفظ كتابه "القرآن" ولم يتكفل بحفظ كتب الأحاديث التي هي نتاج مجهود بشري بحت تم تدوينها سنين طويلة بعد وفاة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ولذالك فالمزاعم بأنها لاتقبل التشكيك أو النقد مغالطة كلفتنا الكثير. فكتب الحديث في النهاية نصوص معرضة لأهواء البشر المتقلبة وقابلة للنقد والتشكيك خصوصا إذا ما تعارضت من النصوص القرأنية. وعند البحث عن النسخ الأصلية لكتاب البخاري ومسلم, لا نجد مخطوطة واحدة أصلية أو نسخة كاملة بخط يد الكاتب حيث من الممكن مقارنتها مع النسخ التي تباع في الأسواق ولا يتم طباعتها من جهة محددة كالقرأن الكريم حيث لايوجد نسخة من القرأن أو طبعة منه لا تتم مراجعتها على الأقل من قبل الهيئات الدينية في السعودية ومصر وسوريا والدولة التي تقوم بالطباعة إن لم تكن من ضمن البلدان الثلاثة السابقة. كما ان وجود مجرد خطأ مطبعي في أي نسخة من القرأن تعرض المسؤولين عن طباعتها للمسائلة والإتهام بالإهمال ويتم سحب جميع النسخ وفورا من الأسواق والمساجد ويتم إصدار تعميم بتسليم تلك النسخة للهيئة الدينية أو دور النشر التي قامت بطباعتها. وفي النهاية نجد أنفسنا في موقف ضعيف من الناحية التاريخية للدفاع عن مصداقية كتب الأحاديث وهالة القدسية التي أحيطت بها وذالك عند البحث في تاريخ المخطوطات المسيحية التي تألف منها الكتاب المقدس. فأحدث المخطوطات التي يتكون منها الكتاب المقدس تعود إلى فترة 300ب.م - 400ب.م وهي المخطوطة السينائية(Codex Sinaiticus) والمخطوطة الفاتيكانية(Codex Vaticanus). أقدم نسخ البخاري ومسلم تعود إلى 300-400 سنة بعد كتابة النسخة الأصلية لكل منهما بما يجعل التشكيك في المصداقية التاريخة للكتابين عملية ليست مستحيلة.
التخلص من العاطفة في دفاعنا عن مصداقية النصوص الدينية أمر لا بد منه حتى نتمكن من إفساح المجال أمام التاريخ لتقديم حججه وبراهينه. قضية حرق سيدنا عثمان رضي الله عنه للمصاحف هي أحد تلك القضايا التي تعرضت لسوء الفهم بسبب تغليب العاطفة الدينية وقدسية النص القرأني وهو أمر لا تفهمه الأطراف الأخرى في النقاش والتي تغلب عليها عاطفتها الدينية الخاصة بها سواء كانت مسيحية أو يهودية أو حتى الإلحاد والذي تحول في الفترة الأخيرة إلى نوع من الدين أو المذهب(Cult). هناك فرق شاسع من الناحية التاريخية بين القرأن الكريم والكتاب المقدس خصوصا فترة التنزيل والتي كانت بالتأكيد أقصر في الحالة الأولى منها في الثانية التي إمتدت لألاف السنين بالإضافة إلى عدم وجود مرجعية موحدة في الحالة الثانية كما هو القرأن الكريم حيث كان الرسول عليه الصلاة والسلام هو المرجعية في حياته بالإضافة إلى وجود من كان يحفظ القرأن عن ظهر قلب من ألاف الصحابة ووجود مخطوطات أصلية كتبت وحفظت من أيام الرسول عليه الصلاة والسلام. وهناك فرق أخر مهم وهو أن القرأن لا يقبل التعبد به باللهجات المحلية أو الأجنبية كما هو الحال مع الكتاب المقدس الذي يقرأ في الكنائس باللهجات المحلية كالإنجليزية بلهجاتها المختلفة والفرنسية والألمانية ووجود عدد من الطبعات المختلفة من الكتاب المقدس والتي تباع في الأسواق مع وجود إختلافات جذرية وأساسية في بعض النصوص. القرأن الكريم تنزل على الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام بلهجة أهل قريش ويكتب بلهجتهم ويقرأ بلسانهم ولا يقبل التعبد به أو قرأئته في الصلاة إلا بتلك الشروط, فلن تجد باكستانيا يقرأن القرأن بلغة الأوردو أو أفغانيا بلغة البتشون بل يحاولون قرائته ويبذلون جهدهم في ذالك باللغة العربية التي كتب بها. بل وإشترط بعض المشايخ والعلماء لتأهيل رجل الدين المسلم أن يكون ليس فقط حافظا للقرأن وأحكامه بل ملما باللغة العربية وقواعدها وذالك من فرط الإهتمام باللغة التي تنزل بها القرآن الكريم. الخليفة عثمان إبن عفان رضي الله عنه أحرق نسخ القرأن التي كانت تكتب باللهجات المحلية وليس بلسان قريش كما تنزل به الوحي خصوصا بعد دخول الإسلام الكثير من البلدان التي في لسان أهلها عجمة فكان ينسخون القرأن على حال لسان عجمتهم فظهرت الأخطاء اللحن في النسخ فجمعت وحرقت وكذالك كان هناك نسخ من القرأن خاصة بكبار الصحابة فجمعوها وحرقت بحضورهم وتم كتابة نسخة واحدة وهي كانت النسخة المعتمدة.
المثير للدهشة أنه عند نقاش تلك المسألة مع مواطن أوروبي قد يكون معتنقا للمسيحية, يتمسك بأن عثمان رضي الله عنه قد حرق نسخ القرأن الكريم لإخفاء التحريف في أصل النص وتلك مغالطة تاريخية وكذب مفضوح. وفي هذه الحالة علينا أن نقوم بتذكير ذالك الشخص أن الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول وإثر القرارات التي تم إتخاذها في مجمع نيقية 325م, قد أمر بحرق جميع نسخ الكتاب المقدس والكتابات التي تخالف ماتم الإتفاق عليه من قرارات المجمع المسكوني الأول في تاريخ الديانة المسيحية. كما علينا تذكيره بما كان يلي المجامع المسكونية من قرارات يتم إتخاذها بحرق كتاب الجماعات المسيحية المخالفة التي تدينها تلك المجامع وتتهمها بالهرطقة. كما أن التاريخ يحكي تاريخ الإضطرابات التي رافقت صعود الديانة المسيحية خصوصا مع الوثنيين حيث كان أتباع الديانة المسيحية يسارعون إلى طمس معالم كل ماهو وثني خصوصا الكتب والمخطوطات التي كانت تحرق والمكتبات يتم هدمها. حتى ان الكنيسة خلال فترة مظلمة من تاريخ أوروبا كانت تعاقب بالقتل حرقا كل من يمتلك نسخة من الكتاب المقدس من غير رجال الكهنوت ومن تسمح له الكنيسة بذالك, فلم يكن مسموحا إمتلاك الكتاب المقدس من قبل عامة الشعب.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Wednesday, March 14, 2018

الإسلام بين الموروث الديني والحقيقة التاريخية

هناك حقيقة غائبة عن عقول الكثير من المنافحين والمدافعين عن الإسلام وهو تمسكهم بالموروث الديني على حساب القرائة التاريخية لمكونات ذالك الموروث, الدفاع عن الدين الإسلامي في وجه الهجمة الشرسة التي يتعرض لها لا يمكن أن تستند بشكل حصري على الإيمان والعاطفة الدينية. المشكلة التي نعاني منها في الوطن العربي بشكل عام هي أننا نناقض انفسنا أو لنقل انه هناك فجوة معرفية قد أدى إتساعها إلى تنامي فجوة إجتماعية. إن البعض يكرر البعض مقولة "أمة لا تقرأ" في إطار إنتقاده لظواهر الجهل في الوطن العربي وقد تكون تلك المقولة مقبولة بدرجة أكبر لو طبقناها على الفئات الغير متعلمة ولكن ماهي الإجابة عن سقوط النخب المثقفة والمتعلمة في فخ الدفاع عن الموروث الديني مع الإصرار على إنكار علاقة التاريخ والأدلة المنطقية والعقلية. رجال الدين في الوطن العربي أو المطاوعة وهي اللفظة الأكثر شيوعا ينكرون كتابات تشارليز داروين ونظرية التطور إعتمادا على أراء الكنيسة التي إعتبرت نظرية التطور هرطقة وعلى الرغم من أن رجال الكنيسة سابقا ورجال المطاوعة حاليا لم يكلفوا أنفسهم عناء قرائة كتاب أصل الأنواع أو كتابات داروين الأخرى. إن مخلفات الإستعمار الفكرية وصنائعة الذين يعدون رأس الحربة في نشر الجهل والتخلف يساهمون في نشر أفكار مضللة وفي تغليب الموروث الديني أو تطويعه وتقديم قرائة غير محايدة لنصوص قرئانية وتراثية إسلامية أصبغت حكما إلهيا على ذالك الموروث والذي هو بإستثناء القرأن الكريم نتاج جهود بشرية بحتة.
إن كل ما سبق ذكره سوف يقودنا للنقاش حول سؤال مهم ومحوري: هل الإسلام هو الحل؟ والذي يشغل تفكير رجل الشارع العربي حتى أولئك النخب الثقافية التي أصبح تفكيرها مرهقا بالموروث الديني. إن الإجابة على ذالك السؤال بنعم أو بلا هي التي سوف تحدد وبلا مبالغة مستقبل الوطن العربي الثقافي والإجتماعي والسياسي لعقودد مقبلة, الصراع بين التيارات الدينية والعلمانية بكافة إتجاهاتها الفكرية في الوطن العربي والعالم هو الذي سوف يحدد نهاية التاريخ وليس إنتصار الليبرالية الغربية كما توقع فرانسيس يوكوهاما في كتابه "نهاية التاريخ." وأود ان أنوه إلى أن الجهل المقدس الذي ذكرته في الفقرة السابقة يمكن تعميمه على الكثيرين من اتباع التيارات التنويرية أو بتعبير أخر الإلحادية التي تعد الجميع بجنة أرضية مماثلة للجنة السماوية التي يعد بها زعماء التيارات الدينية اتباعهم ورغم فشلهم, فمازالوا يحاولون الترويج لمذاهبهم والذي  يختصرها بعضهم بإنكار وجود الذات الإلهية.  إننا أمام حتمية الجدل اللانهائي بين أتباع التيارات الفكرية المختلفة التي تستند على الموروث الديني في نقاشها وبين تلك التي تتبنى العلمانية والإلحاد. إن كلا من الطرفين فشلا في تقديم الحجج المقنعة والمنطقية لإثبات إمكانية التطبيق العملي لنظرياتهما خصوصا في المجال الإقتصادي والإجتماعي أو تقديم تفسيرات مقنعة بما أدى إلى خلق حالة من الفراغ أو مايعرف بمصطلح(Power Vacuum) والتي أدت بالتالي إلى ظهور مذاهب دينية وفكرية أكثر تطرفا وذالك يشمل جميع أطراف الصراع سواء التي تستند على موروث ديني أو الإلحادية التي تنكر ذالك الموروث.
وفي ختام الموضوع, فإن الإجابة على سؤال (هل الإسلام هو الحل؟) سوف يقود السائل إلى هاوية سحيقة لانهائية من الموروث الديني والتي لا يمكن ردمها إلا بإدماج العنصر التاريخي والإجتماعي في محاولة الإجابة ودراسة الوقائع التاريخية بتعمق وتفكير وذالك لمحاولة البحث عن أدق الإجابات الممكنة. أسئلة مثل هل إنتشر الإسلام بالسيف؟, هل الإسلام يحرض على العنف؟, ماهو موقف الإسلام من قضايا المرأة والزواج المبكر؟, هل الإسلام دين قابل للتكيف والتطور مع إختلاف الزمان والمكان؟ ماهي أخلاق المسلمين في الحرب؟ وغير ذالك الكثير من الأسئلة التي سوف تكون الإجاب عنها غير مقنعة ومشوشة بمعزل عن دراسة جميع المعطيات التاريخية والإجتماعية التي سادت في الرقعة الجغرافية محور السؤال.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Saturday, March 10, 2018

الرأسمالية والعولمة, سقوط الأقنعة

لم يكن هناك يوم في حياتي أسعد من اليوم الذي أقرأ أو أشاهد خبرا عن إغلاق مؤسسة من التي يطلق عليها الشركات العابرة للقارات أو العابرة للحدود(Trans National). اليوم هو أحد تلك الأيام حيث الأخبار والتقارير الصحفية تشير إلى أن شركة متاجر الألعاب تويز أر أص(Toys 'R' Us) سوف تتم تصفيتها الأسبوع المقبل وتغلق جميع متاجرها في الولايات المتحدة أبوابها وبالتالي بداية تصفية الشركة على مستوى العالم. وحتى نعي ونفهم حجم تشابك العلاقات والأعمال التجارية في عصر العولمة وإتفاقيات التجارة الحرة فيكفي أن نعلم أن شركة تويز أر أص(Toys 'R' Us) هي أخر شركات ترويح الألعاب العملاقة(Mega Store) أو لنكن أكثر وضوحا الإحتكارية وإحتمال تصفيتها الأسبوع المقبل قد أثر على أسهم عدد من شركات تصنيع الألعاب خصوصا شركتي Hasbro التي هبطت أسهمها 3.5% وشركة Mattel التي هبطت أسهمها 7%. وحتى شركات الألعاب الصغيرة كشركة Jakks Pacific الكندية هبطت قيمة أسهمها 5%. خسائر بعض شركات الألعاب كانت مضاعفة كشركة الألعاب العملاقة ليجو(Lego) والتي جائت تلك الأخبار في توقيت غير مناسب خصوصا مع معاناة الشركة في وقت مبكر من هاذا الأسبوع لأول هبوط في مبيعاتها خلال ثلاثة عشرة عاما.
هناك نقطة لا بد من المرور بها ولو سريعا وهي أن إغلاق شركة متاجر الألعاب تويز أر أص(Toys 'R' Us) ليس نهاية الرأسمالية أو إتفاقيات التجارة الحرة ولن ندفن العولمة مع أفول نجم الشركة كأضخم شركة متاجر للألعاب على مستوى العالم. فعالم الإقتصاد الأمريكي من أصول نمساوي جوزيف شومبيتر(Joseph Alois Schumpeter) قد تحدث عن الدورات الإقتصادية وأن الرأسمالية لا تموت بل تبعث من رماد الأزمات الإقتصادية  بهيئة جديدة وتبدأ فصول دورة إقتصادية جديدة, شركات اغلقت تحل مكانها شركات أخرى تفتتح أبوابها. ولكن أفول نجم أي شركة عابرة للحدود أو متعددة القوميات(Multinational) يعني أن فصلا من فصول المعاناة البشرية قد أغلق أبوابه ولو مؤقتا مع الأمل بأن الفصل الجديد القادم سوف يكون أكثر إشراقا. فما تركته لنا تلك الشركات من بقايا الحياة أو لأكون أكثر دقة من بقايا الإنسانية هو الأمل والحلم بغد أفضل.
شركة متاجر الألعاب تويز أر أص(Toys 'R' Us) هي شركة إحتكارية بكل ما تحمله الكلمة من معنى وهي تقوم على نفس الممارسات التي تتبعها شركات كوول مارت(Wal-Mart) حيث تضغط على المصنعين للإمتناع عن توريد بضائع معينة لشركات أخرى حتى تمنع المنافسة. هيئة التجارة الفيدرالية الأمريكية(FTC) أدانت في سيبتمبر 1997 شركة ويز أر أص(Toys 'R' Us) بإستخدام أساليب غير قانونية للضغط على المصنعين للإمتناع عن بيع ألعاب تلقى شعبية في أوساط المستهلكين لشركات أخرى. إن هيئة التجارة الفيدرالية الأمريكية قد تم تأسيسها منذ اكثر من مائة عام بهدف حماية المستهلك الأمريكي ومنع الممارسات الإحتكارية والتجارية التي تصنف بأنها غير قانونية. في الوطن العربي هناك هيئة حماية المستهلك والتي من المفترض أنها تقوم بنفس المهمة ولكن بشكل معكوس فمهمتها حماية الشركات والتجار والتغطية على ممارساتهم الغير قانونية. كما أنها لا تتحرك في قضية ما وتقوم بعملها إلا إذا تم إثارة القضة إعلاميا وتحولت إلى قضية رأي عام.
إن الشركات العابرة للحدود وحتى تتهرب من المسؤولية الأخلاقية والقانونية تقوم بتوقيع عقود مع وكلاء تصنيع وشركات فرعية في بلدان تقدم تسهيلات تجارية وضريبية ضمن إتفاقيات التجارة الحرة كالجات والنافتا حيث تقام المصانع في المناطق الحرة او المخصصة للتصدير(EPZ) وأغلب العمل يعمل بأجور لا تزيد عن دولارين في اليوم الواحد وبدون أي تأمين طبي أو تأمين ضد العطالة أو حق تشكيل نقابة أو تقاضي زيادة عن وقت العمل الإضافي. بتاريخ 10\مايو\1993, وقعت حادثة حريق في مصنع  Kader Toy Factory في تايلاند وصفت بأنها أسوأ حادثة صناعية في تاريخ البشرية حيث قضى 188 شخص نحبهم وأصيب بجروح أكثر من 500 شخص, الوفيات والجرحى هم من موظفي المصنع أغلبهم من الفتيات القاصرات القادمات من أرياف تايلند الفقيرة بحثا عن عمل في المدن. أما السبب الذي يقف وراء عدد الضحايا الكبير هو عدم تمكن أي من موظفي المصنع من الخروج في بداية الحريق لأن إدارة المصنع كانت تغلق الأبواب في أغلب أوقات الدوام لإبقاء من يوصفون بأنهم نقابيون يحرضون العمال على المطالبة بحقوقهم. كما أن المصنع كان يفتقر لأبسط شروط السلامة العامة خصوصا مخارج الطوارئ وأنظمة إطفاء الحريق وممتلئ بالمواد السريعة الإشتعال المستخدمة في ألعاب الأطفال.
إن كارثة مصنع Kader Toy Factory ليست أول كارثة ولا أخر كارثة صناعية تحدث بهاذا الحجم الكارثي ولكنها حتى هذه اللحظة فمازالت الأضخم والأسوأ خصوصا من ناحية عدد الضحايا وأعمارهم التي لم تزد عن تسعة عشرة عاما وبلغت أربعة عشرة عاما لبعض العاملات. فبتاريخ 25\مارس\1911, وفي مدينة نيويورك, أدت حادثة حريق مصنع Triangle Shirtwaist Factory, والتي وصفت بأنها الأسوأ حنى تاريخه, إلى وفاة 146 موظف منهم 123 عاملة و23 عامل نتيجة الحريق أو إستنشاق غازات سامة أو القفز من نوافذ المصنع ملتحفين أغطية سميكة حتى يتم التعرف على جثامينهم من قبل ذويهم لدفنهم بمراسم لائقة. إن كلتا الحادثتين, في Kader Toy Factory و Triangle Shirtwaist Factory ورغم الفارق الزمني بينهما, فإنهما تحملان بصمة مشتركة تدل على عدم حدوث أي تغيرات لها علاقة بحقوق العمال في بيئة عمل أمنة وخالية من المخاطر حيث المصانع بدون أي أنظمة حماية من الحرائق أو إجرائات للسلامة العامة وبدون مخارج للطوارئ, وبل في الحالتين تبين أن مخارج الطوائ كانت وهمية. إن حادثة مصنع Kader Toy أثارت إهتماما مؤقتا من قبل منظمات حقوق العمال وحقوق الإنسان ومن صحفيين ومحطات تلفزيونية وإخبارية تسعى لمجرد تسجيل سبق صحفي بدون أي تعاطف إنساني أو أخلاقي أو مطالبة مستمرة بتغيير جذري في طريقة وألية عمل تلك المصانع أو الضغط على الشركة الأم أو وكلائها الفرعيين.
والسؤال هو إلى متى السكوت عن تلك الشركات العابرة للحدود وممارساتها الغير إنسانية بداية بالأجور التي تقل عن حد الكفاف مرورا بحرمان العاملين من حقوقهم وليس إنتهاء بإستخدام عمالة الأطفال والسجناء والإستغلال الجنسي للعاملات. هل من الممكن أن نتخيل أن درجة الوقاحة بتلك الشركات دفعتهم لإستغلال عمال داخل بلدان الشركات الأم في ظروف وصفت بأنها عبودية معاصرة! ففي مايو\1996, تم الكشف عن فضيحة لها علاقة بخط منتجات ملابس مملوك من قبل الكاتبة والمغنية الأمريكية Kathie Lee Gifford والذي يلقى رواجا ويباع حصريا من خلال متاجر عملاق البيع بالتجزئة وول مارت. الفضيحة والتي تحولت لقضية رأي عام بعد أن كشف ناشطون أن ملابس Kathie Lee Gifford يتم حياكتها في مصانع غير قانونية تفتقر إلى أبسط شروط السلامة العامة وفي ظروف أشبه بالعبودية المعاصرة فيما يعرف بمصانع(Sweatshops) وذالك في بلدين هما الهندوراس ويا للمفاجأة في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه كانت هناك فضيحة كشف عنها قسم العمل(The department Of Labour) في ولاية كاليفورنيا حيث تبين أن أحد المتعهدين الذي يعملون لصالح خط ملابس Guess jeans والذي تعمل لصالحه العارضة الألمانية الشهيرة كلوديا شيفر قد خالف القانون وبمعرفة الشركة حين قام بدفع أقل من الحد الأدنى من الأجور لعماله. وبتاريخ أغسطس\1995, وداخل الأراضي الأمريكية في مدينة ألمونتي(El Monte) في مدينة كاليفورنيا, وبعد أن قام قسم العمل في الحكومة الأمريكية(Department Of Labour) إثر ورود بلاغ عن إستغلال عمال بشكل غير قانوني بغارة على مجمع سكني في المدينة ليتبين إحتجاز 72 عامل ملابس من الجنسية التايلندية وذالك بالتعارض مع إرادتهم(قسريا) وفي ظروف عمل تمثل العبودية المعاصرة, بعضهم محتجر في المجمع منذ سبعة سنين. المصنع مملوك لأحد المتعاقدين الذي كان يقوم بصنع الملابس لصالح مجموعة من متاجر التجزئة الشهيرة كتارغيت(Target) ,سيرز(Sears) والتي اعلنت إفلاسها مؤخرا و Nordstrom.
إن قضية حقوق العمال وحقوق الإنسان بالمجمل وذالك بالنسبة للقيادات السياسية الغربية والأوروبية هي قضية إنتقائية تخضع لدوافع وإعتبارات سياسية وليس أخلاقية أو إنسانية. فلو كان حريق مصنع Kader Toy Factory وقع في بلد كالولايات المتحدة أو ألمانيا أو أيطاليا لملئت الأخبار الجرائد والصحف لشهور طويلة ولتناولته وسائل الإعلام بالتحليل والتدقيق والتمحيص ولتم فتح تحقيقات موسعة مع جميع المسؤولين عن تلك الكارثة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ولسقط نواب وسيناتورات في الإنتخابات ولأقيل مسؤولين ولسجن بعضهم بتهم مختلفة. سوف نقول ذالك إن كنا صريحين وواضحين مع بعضنا البعض والكلام موجه لمن هم مفتونين بدعاية جليسة الأطفال الغربية التي تهتم بطفل الأسرة العربية في غيابهم, الدول الغربية القلقة على الأوضاع في وطننا العربي وعلى حقوق الإنسان وعلى قمع الحريات وإلى أخر تلك الأجندات والبروباغندا التي ترافقها والتي تذكرني بفيلم صحارى(Sahara) الأمريكي حين أجاب القائد العسكري في جيش دولة مالي على مدير شركة دفن النفايات السامة الذي طالب بإيقاف العمل مؤقتا إثر تسرب أخبار للإعلام عن شركته: It is Africa, No body care about it Africa
روابط:

A Sweetheart Becomes Suspect;Looking Behind Those Kathie Lee Labels


Kathryn Lee Gifford

sweatshop

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Friday, March 9, 2018

الدراما العربية +18: زنا محارم, دعارة, عري وإنحلال خلقي 100%

تدور الدراما العربية حول الحمى تحاول أن لا تقع فيه, هذه حالة الدراما العربية التي تحاول عبر إستخدام التورية والإستعارات في محاولة للإقتراب قدر الإمكان من القصة الواقعية بدون الوقوع في مصيدة أجهزة الرقابة الحكومية أو حتى الرقابة المجتمعية الغارقة التي مازالت غارقة في التركة الإستعمارية القائمة على الجهل والتخلف الفكري. والحقيقة أنني مستغرب عن عدم إنقراض ما يسمى أجهزة الرقابة على المصنفات الفنية وحتى الكتب والمؤلفات حيث إنقرضت في أغلب أنحاء العالم وإن كان ذالك في الظاهر. ففي معارض الكتاب التي تقام في أي بلد عربي, هناك قائمة طويلة بعشرات إن لم تكن مئات الكتب المحظورة والتي سوف يتم مصادرتها فورا إن وجدت وربما إغلاق جناح الجهة الناشرة وطردها من المعرض وتداول إسمها في قائمة سوداء لمنع مشاركتها في معارض مستقبلية. المثير للشفقة أن أغلب الكتب الممنوعة من الممكن شراء نسخ إلكترونية منها أو حتى تنزيلها من مواقع منتشرة في الشبكة العنكبوتية.
أجهزة الرقابة الحكومية مشغولة بكتاب أو بمقال في صحيفة أو موقع إلكتروني تلاحق كاتبه أو قد تقتحم مبنى صحيفة للبحث في خوادمها عن صاحب تعليق لم يعجب أحد المسؤولين فإعتبره قذفا وتهجما. في دولة عريقة كمصر, الأزهر يمارس الرقابة على المؤلفين والمثقفين ويصدر توصيات أو هي قرارات ملزمة تحمل صيغة التوصية بمنع كتاب من الصدور أو محاكمة كاتب بتهمة الردة عن الدين الإسلامي أو التعدي على الذات الإلهية. حتى فيلم الرسالة للمخرج السوري العالمي والمبدع مصطفى العقاد تم منع عرضه في مصر ومازال ممنوعا من العرض بحسب علمي حتى يومنا هاذا. المثير للإستغراب عند البعض ممن لم يفهم دور المؤسسة الدينية أو حتى أجهزة الرقابة الحكومية أننا لم نسمع إلا أصواتا هنا أو هناك عند عرض مسلسل عمر إبن الخطاب على الرغم من أن فيه تجسيد للصحابة بل وبصورة سيئة جدا وضعيفة من الناحية الدرامية فأين تبخرت الفتاوي الدينية التي تحرم تجسيد الصحابة.
إن تلك الإزدواجية في المعايير ليست محصورة بالمؤسسة الدينية فحتى أجهزة الرقابة الحكومية مصابة بالحول والرمد وكل الأمراض المتعلقة بالمعايير التي يحكم بناء عليها على الأعمال الدرامية وكل ما يتعلق بالفن بشكل عام. حاسة التذوق الفني عندهم تساوي صفرا والأعمال الفنية يحكم عليها بالسماح أو عدمه بناء على معايير سياسية. الدراما التلفزيونية العربية مليئة بقصص عن زنا المحارم وعقوق الوالدين والغدر والخيانة بين الإخوة والأهل بطريقة مخجلة تجعل التسائلات عن دور أجهزة الرقابة الحكومية أمرا ملحا. شهر رمضان والذي هو من المفترض أنه شهر عبادة ومع ذالك لم تخجل المحطات الفضائية العربية والمنتجين بطرح كل أنواع الأعمال الفنية التي تمتلئ بكل القيم المنحطة والساقطة والأزياء الخادشة للحياء وكأنهم إستكثروا على المشاهدين شهرا واحدا يصومون فيه عن الطعام والشراب وسفالة المنتجين وإنحطاط المحطات الفضائية والتلفزيونية الفكري. أجهزة الرقابة الحكومية لا حديث لها إلا عن فستان هيفاء وهبي وفيلمها حلاوة روح وغناء إليسا بالشرشف وفيلم حين ميسرة بينما تتغاضى عن أفلام واعمال أخرى أكثر سفالة لأن القضية هي خيار وفقوس.
في جميع الدول التي تحترم نفسها وتحترم مواطنيها ولديها نوازع أخلاقية وإن كان بالحد الأدني, لا يتم بث تلك النوعية من الأفلام والمسلسلات إلا في أوقات متأخرة أو يتم وضع تحذير مسبق متعلق بمحتوى الفيلم أو المسلسل كأنه يتضمن ألفاظا خادشة للحياء أو أنه غير مناسب لمن دون سن معين, +18 أو +16. في الوطن العربي, أجهزة الرقابة الحكومية والمنتجين والممثلين ونقابات الفنانين لا تحترم المشاهد والمتابع ولا يهمها إلا الأرباح وعائدات الإعلانات. فكلما إزدادت السفالة والمشاهد المنحطة, كلما زادت نسبة المتابعة وزادت عائدات الإعلانات. وبعد أن إنتقلت تلك العدوى من السينما المصرية إلى باقي الوطن العربي حيث أصبحت تلك المشاعدة عادية وروتينية, ثلاثة أرباع المسلسل أو الفيلم يتم تصويره في غرفة النوم على وقع مشاهد التعري والزنا مع التركيز على زنا المحارم.
إن الحديث على الأثار السلبية لتلك النوعية من الفن الهابط تحتاج إلى مجلدات للحديث عنها ولكن أضرارها على المجتمع لا تخفى على أحد خصوصا نشوء جيل جديد متمدن ومتعصرن بحسب وجهة النظر الغربية ليس لديه مشكلة في أن يخون زوجته مع أمها(حماته) أو أن يلعب الشاب والفتاة تحت السرير فالمهم هو أن يحافظ عليها. إن شر البلية ما يضحك فأجهزة الرقابة ونقابات الفنانين مشغولة بفنانة إستعراضية كهيفاء وهبي أصبحت ممنوعة من دخول دول عربية أو الغناء فيها أكثر من المعارضين السياسيين وتثور أعاصير مدمرة عند الإعلان عن حفلة للمطربة إليسا ويتم التذكير بغنائها بالشرشف وفي على السرير. بل ووصل الأمر للقتل حيث يشاع على نطاق واسع أن جريمة قتل الفنانة السورية شيندا خليل في الدانيمرك على يد شقيقها لها علاقة بمشاهدها في مسلسل الندم وليس أنه إرتكب جريمته وهو في حالة غياب ذهني بسبب تعاطيه المسكرات. الذريعة التي يتم بموجبها منع حفلات هذه المطربة أو تلك المغنية او إتهام هذه الراقصة بأنها ترتدي بدلة خليعة هو الحفاظ على الأخلاق العامة من الإنحلال بينما تبث الفضائيات وأحيانا المحطات المحلية مسلسلات وأفلام منتجة محليا +18 ولا تقوم بالحد الأدنى أخلاقيا وهو وضع شارة تحذيرية تتعلق بمحتوى المشاهدة.
أين أجهزة الرقابة على المصنفات الفنية الحكومية ونقابات الفنانين والمنتجين التي جعلت همها الأول والأخير ملاحقة فنانات الشرشف وغرف النوم بينما يتركون مشاهد الشرشف وغرف النوم وزنا المحارم تتسلل إلى البيوت والمنازل من خلال الشاشة الفضية التي تحولت من رفاهية إلى, وللأسف, سلعة ضرورية في كل منزل. إن مهمة تلك المحطات الفضائية والتلفزيونية هي الإرتقاء بمستوى المشاهد بمحتواها الراقي ولكن الذي يحصل للأسف هو العكس حيث أصبحت تلك المحطات تهبط بمحتواها لمستويات لم يمكن تخيلها قبل ذالك فتبث كل محتوى جنسي ورخيصة للحفاظ على نسبة المشاهدة والأهم على عائدات الدعاية والإعلان.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية










Thursday, March 8, 2018

مفاهيم إقتصادية: النقود والعملات

النقود(Money) هي وسيلة لتسوية حسابات الدين وتختلف عن العملة(Currency) في أن النقود هي الحيازات المالية في البنوك ولا تكون بأيدي الأفراد والمؤسسات. فعلى سبيل المثال, فإنه عند تسوية الحسابات بين الشركات المصدرة او المستوردة فإن ذالك يتم بواسطة العملة وليس النقود: الدولار الأمريكي, الين الياباني, اليورو عملة الإتحاد الأوروبي والدرهم المغربي كلها عبارة عن عملات. السبائك الذهبية عبارة عن نقود فهي من الممكن إتخاذها كعملة حال التعامل بها ولا تحتاج إلى مرسوم حكومي لمنحها الثقة بذالك.
تمتلك النقود ثلاثة خصائص لا بد من أن تتوفر في أي سلعة أو مادة يتم إستخدامها بتلك الصفة:
  • وسيط للتبادل
  • وحدة لتسوية الحسابات
  • مخزن للقيمة
وسيط للتبادل
بدون وجود النقود كوسيط للتبادل فإنه لا بد من اللجوء لمقايضة السلع والخدمات بشكل مباشر وذالك أمر معقد وشبه مستحيل فهو يتطلب توافق رغبات طرفي التبادل ويعقد من المعاملات التجارية. على سبيل المثال فهناك شخص يريد شراء كتب وشخص اخر يريد شراء عطر فرنسي من ماركة معينة وللتغلب على الصعوبة التي قد تنشأ من عملية المقايضة فهنا تكون النقود ذات نفع.
وحدة لتسوية الحسابات
هناك مثل شائع في علم الإقتصاد هو “There is no such thing as a free lunch,” كما أنه يتم تدريس مبدأ إقتصادي معروف بإن على مستهلك السلعة أو يواجه معضلة المفاضلة(Tradeoff). مثال بسيط قد يواجهه أي مستهلك لسلعة أو خدمة معينة وهو تحديد قيمتها مقارنة بسلعة أو مجموعة سلع أو خدمات أخرى; كالمفاضلة بين قضاء يوم إستجمام في فندق معروف أو الذهاب لصالة السينما. إن جميع السلع والخدمات تكون مرفقة بسعر محدَّد مما يسهل عقد أوجه المقارنة وإتخاذ القرار المناسب.
مخزن للقيمة
تتوفر النقود على شرط أنها مخزن للقيمة لأنه يمكن الإحتفاظ بها وإستخدامها في وقت لاحق لشراء السلع والخدمات. إن إعتبار النقود كمخزن للقيمة يكون في إطار ذالك المفهوم بشكل حصري مع الأخذ في الإعتبار أنه كلما زات ثبات قيمة النقود فإنها من الممكن أن تزيد اهميتها بتوفر ذالك الشرط. الذهب والفضة يتوفران على أفضل الشروط لإعتبارهما نقودا فهما أفضل مخزن ثابت للقيمة على مر التاريخ, الذهب من أيام الفراعنة هو نفس الذهب الذي يجري التعامل به في الأسواق حاليا وكذالك الفضة. كما انه علينا أن لا ننسى أن فترات الإزدهار الإقتصادي كانت في ظل المعيار الذهبي كما أن الفضة كانت تشكل مكونا مهما لكثير من العملات النقدية على مستوى العالم. ولكن هناك من يشكِّك حاليا في العملات الورقية(Fiat Currency) التي يتم إعتبارها نقودا(Money) بناء على مرسوم حكومي مبني على الثقة بالحكومة وخبرتها في الإقتصاد لأن المئات منها على مر التاريخ قد تلاشت قيمتها تماما وتم سحبها من التداول خصوصا في الفترة التي تلت الحرب العالمية الأولى.
إن النقود(Money) يمكن إعتبارها في أغلب بلدان العالم مكونة من:
  • العملة(Currency)
  • الودائع(Deposit)
العملة(Currency)
الأوراق النقدية والعملات المعدنية التي يحتفظ بها الأفراد والشركات تدعى عملة(Currency) وهي تعتبر نقودا(Money) لأن الجهات الحكومية المختصة قد أصدرت مرسوما بذالك بالإعتماد على ثقة المواطنين; إن الثقة بأي عملة تعتبر نقودا ويقبل بها في عمليات البيع والشراء تعتمد بشكل كلي على ثقة المواطنين والمتعاملين بتلك العملة على المستوى المحلي والدولي. إن العملة يمكن إستخدامها في تسوية حسابات دين بمبالغ ضئيلة وشراء سلع منخفضة السعر.
الودائع(Deposit)
إن إيداعات الأفراد والشركات في البنوك والمؤسسات المالية من الممكن تصنيفها كنقود لأنها هناك قابلية لإستخدامها في الدفع مقابل السلع والخدمات التي يتم شرائها.
كيف يتم قياس كمية النقود وتحديد المعايير المناسبة بذالك؟
هناك نوعين من المقاييس الرسمية لتقدير قيمة الكتلة النقدية في النظام الإقتصادي خصوصا في الدول الغربية كالولايات المتحدة وكندا. إن تلك المعايير تنقسم إلى:
  • إم 1(M1)
تتألف مما يلي:
  1. الودائع الغير الشخصية القابلة للتداول(Non-personal chequable deposits)
  2. الودائع الشخصية القابلة للتداول(personal chequable deposits)
  3. العملات(Currencies) التي بحوزة الأفراد والشركات

  • إم 2(M2)
تتألف مما يلي:
  1. الودائع الغير شخصية والغير قابلة للتداول(Non-personal Non-chequable deposits)
  2. الودائع الشخصية الغير قابلة للتداول(personal Non-chequable deposits)
  3. الودائع محددة الأجل(Fixed term deposits)
  4. إم 1(M1)
هناك ملاحظة مهمة هي أن إم 1(M1) لا تتضمن حيازات البنوك من الأوراق النقدية والعملات المعدنية(Notes & Coins) ولا تتضمن حيازات البنوك المركزية من الإيداعات القابلة للتداول والمملوكة من قبل الحكومة المركزية.
إن القسم الأول وهو إم 1(M1) يعتبر نقودا لأنه عبارة عن عملات بالإضافة إلى ودائع قابلة للتداول حيث من الممكن إستخدامها كوسيلة للدفع أو لتسوية حسابات الدين بكتابة شيك من شخص لأخر أو بإستخدام بطاقة الإئتمان(Debit Card). أما بالنسبة للقسم الثاني وهو إم 2(M2) فهو يتضمن على سبيل المثال حسابات الإدخار(Saving accounts) والتي يمكن بواسطتها تسوية حسابات دين أو دفع ثمن شراء بضائع او خدمات ولكن ذالك لا يشمل مايعرف بالأصول السائلة(Liquid Assets) والتي من الممكن تحويلها إلى وسيلة لتسوية حسابات الدين أو كوسيلة للدفع(Means of payments) بدون خسارة في قيمتها(على الأقل من الناحية النظرية) وبالتالي فمن الممكن إعتبارها نقودا.
النقود(Money) تتألف من الودائع(Deposit) والعملات(Currency) حيث يتم التعامل مع الودائع كنقود كما أوضحت سابقا ولكن الشيكات المكتوبة هي وعد بالدفع(Promise to pay) وليست وسيلة مباشرة لتسوية حسابات الدين أو دفع ثمن بضائع وخدمات وبالتالي لا يمكن إعتبارها كنقود. كما أن بطاقات الفيزا والماستر كارد  وهي تعتبر نوعا من انواع الكريدت كارد(Credit Card) ولكنها تختلف عما يعرف بإسم (Debt Card) في أن بطاقة الفيزا تسمح لك بالشراء على الحساب في لحظتها ووقتها, يعني الشراء بالدين(قرض), وهي تعني إلتزام الشخص بدفع المبلغ كاملا أو الحد الأدنى(Minimum Payments) عندما يستلم إشعارا من البنك أو المؤسسة المسؤولة عن بطاقة الفيزا الخاصة به وبالتالي هي أشبه ما يكون بالهوية أو بطاقة القيادة التي تقبلها بعض الدول كمعادل للهوية الشخصية, فهي ليست نقودا وليست وسيلة للدفع(Means of Payments).
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية