Flag Counter

Flag Counter

Saturday, May 28, 2016

هل تقف البشرية على أعتاب أكبر كارثة أخلاقية يشهدها التاريخ؟


هناك الكثير من الأجندات التي يتم تمريرها بإستخدام عامل الخوف ولعل أوضحها وأهمها المتعلقة بمحدودية الموارد الطبيعية وأن الأرض قريبا لن تكون قادرة على توفير سبل العيش لذالك العدد المتزايد من السكان. القائمين على الدعاية لتقليص عدد سكان الأرض تحت ذريعة الحفاظ على الموارد ومنع المجاعات والكوارث البشرية يقترحون عدد 500 مليون نسمة عدد السكان القادرين على العيش من دون إستنزاف موارد الكرة الأرضية إلى مالا نهاية.
الخوف هو أحد أهم الأسلحة التي يتم إستخدامها في تحقيق الإستفادة القصوى من المادة الإعلانية وإيصال الرسالة المطلوبة إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص حتى في الحالات التي يكون الغرض منها نبيلا وإنسانيا. ولعل أحد الأسباب التي تجعل سلاح الخوف هو المفضل دائما تأثيره الذي ينتقل وبلا مبالغة كالعدوى بمجرد إنطلاق الشرارة والتي قد تكون مادة إعلانية متلفزة أو بثا إذاعيا قصيرا أو مجرد خبر أو تحقيق صحفي.
من يفهم أن الهدف من تقليص عدد سكان الأرض هو الحفاظ على الموارد من الإستنزاف أو يصدق الدعايات المتعلقة بالإحتباس الحراري وثقب الأوزون فيقوم بتغيير أسلوب حياته على المدى الطويل للتكيف مع متطلبات تلك الأجندات فهو قد أصيب بعدوى الخوف. كما أنه علينا أن لاننسى أن الإستفادة العاجلة من الترويج لمحدودية الموارد خصوصا موارد الطاقة كالنفط والغاز هو القيام بزيادة أسعارها وإستخدامها كوسيلة من وسائل السيطرة الإجتماعية على الشعوب. إن الترويج لمفهوم ذروة الإنتاج(Peak Point) خصوصا في مجال النفط والغاز هو بلا مبالغة ترويج ليوم القيامة ونهاية الحضارة البشرية.
إن الطريقة التي يقوم فيها الإعلام بالتعاطي مع مشكلة المجاعة تقوم على أسلوب التضليل وإخفاء الحقائق حيث يتم إلقاء اللوم على مشكلة التكاثر السكاني والترويج في المؤتمرات للحد من النسل. إسائة إستخدام الموارد هي سبب رئيسي لمشكلة الجوع حول العالم والجشع والأنانية عوامل رئيسية في إستفحال مشكلة المجاعة. الحد من النسل مفهوم يحمل إنتقائية عنصرية حيث أنه لا يستهدف الدول الغربية التي تعاني أصلا من مشكلة تناقص أعداد سكانها بطريقة يتم الترويج لها إعلاميا بنفس الطريقة وبإستخدام عامل الخوف بأنها تعني إنهيار حضارة بلدان غربية عديدة. دول كالصين والهند ودول إسلامية كباكستان ودول عربية كسوريا ودول أفريقية كمصر والجزائر هي المستهدفة بشكل رئيسي بتلك الدعاية وتلك الأجندات والسبب أنها كتلتها السكانية وقوتها العسكرية تشكل حجر عثرة في طريق الإستعمار الذي يحاول العودة من جديد بإستخدام أساليب وطرق مختلفة.
من يقومون بالترويج للمخاوف الزائفة المتعلقة بمشكلة المجاعة التي يهددون الشعوب بها يخفون الحقائق المتعلقة بمساحات هائلة من الأراضي يتم إستخدامها لزراعة الذرة وقصب السكر وإستخدامهم في عملية إنتاج الوقود الحيوي, الإيثانول, وهي عبثية وخاسرة بكل المعايير والمقاييس أو إطعام الحيوانات كالأبقار والدواجن في المزارع التي عرفت بإسم (Industrial Farming) وأساليب الزراعة المكثفة بإستخدام مبيدات حشرية وأسمدة صناعية ومواد كيميائية ثبت ضررها صحيا والتي أثبتت الإحصائيات والأبحاث ضررها على البيئة وكيف أنها تستنزف الموارد خصوصا المياه. وبدلا من أن يتم إستخدام تلك الموارد لمعالجة مشكلة المجاعة المزعومة فإنها تذهب لتلك المزارع التي تديرها شركات عملاقة تمتلك الأموال التي تمكنها من شراء الأصوات المحتجة وخصوصا السياسيين.
الإعلام المضلل لايتحدث عن كميات هائلة من الحبوب التي يتم إلقائها في البحر أو إتلافها بطرق مختلفة للحفاظ على سعرها المرتفع بدلا من تخصيصها لمكافحة الجوع خصوصا في أفريقيا بدون أجندات سياسية مشروطة بتلك المساعدات. كما أنه هناك كميات هائلة من الأغذية يتم إتلافها يوميا في محلات البيع بالتجزئة وكبريات متاجر المواد الغذائية بدلا من بيعها بسعر مخفض أو التبرع بها لبنوك الطعام المحلية أو الاسر المحتاجة.
فرنسا مؤخرا قامت بإقرار قانون يمنع المدارس ومحلات السوبرماركت ومحلات بيع المواد الغذائية من إلقاء الطعام الصالح للاكل في القمامة كما أن إتلافه في صناديق بإستخدام مواد كيميائية محظور بموجب القوانين الفرنسية. القانون الجديد الذي تم إقراره يلزم محلات السوبرماركت وبيع المواد الغذائية التي تزيد مساحتها على 400 متر بتوقيع عقد مع مؤسسة خيرية للتبرع بالمواد الغذائية الصالحة للإستهلاك بدلا من إتلافها وذالك لصالح توزيعها على الفقراء والأسر المحتاجة وكجزء من مجهود الحكومة الفرنسية للحد من النفايات بحلول سنة 2025.
إن مسألة الجوع هي مشكلة عالمية وليس محصورة ببلد معين فهناك عدد كبير من السكان وخصوصا الأطفال في الدول الغربية يعانون من الجوع حيث يعيشون على نفقات إعانة حكومية محدودة وعلى التبرعات وبنوك الطعام أو يضطرون لتقليص نفقات إطعام أسرهم وتخصيص الأموال المتوفرة لدفع نفقات مسكن يؤويهم. ومن لايصدق أن الغرب هو نفسه يعاني من مشكلة الجوع فما عليه إلا أن يتابع الإعلانات الحكومية المتعلقة بذالك بينما تقوم كبريات محلات بيع المواد الغذائية والتجزئة بإلقاء ملايين الدولارات من الأطعمة الصالحة للإستهلاك في القمامة أو تقوم بإتلافها بدلا من التبرع بها أو بيعها يأسعار مخفضة حتى لو عن طريق بنوك الطعام أو مؤسسات حكومية يستفيد من خدماتها المحتاجين بناء على معايير محددة وواضحة منعا للإستغلال.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة
الرجاء التكرم بالضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة
النهاية

Sunday, May 22, 2016

إنجيل القديس يوحنا, مقدمة في الصوفية اليهودية

إن إعتبار إنجيل القديس يوحنا له جذور صوفية ليس أمرا معاصرا بل يعود للقرن الثاني الميلادي حيث أن القديس كليمنت الإسكندري أطلق عليه الإنجيل الروحاني في مسعى للتفريق بينه وبين الأناجيل الأخرى. وفي القرن الثالث فإن عالم اللاهوت أوريجون أطلق إسم الإنجيل الباطني.
هناك أراء لعلماء في اللاهوت في أن إنجيل القديس يوحنا ينتمي لما يعرف بمدرسة الميركابا الباطنية(Merkabah Mysticism) وهي مذهب يهودي ظهر في أواخر القون الأول ميلادي وهي الفترة التي كتب فيها الإنجيل والتي تعود إليها وثائق البحر الميت بينما ترى أراء أخرى أن تطور تلك المدرسة الباطنية اليهودية كان لاحقا لتاريخ كتابة الإنجيل بفترة طويلة.
المشكلة التي يعاني منها الكثيرون في محاولتهم لفهم إنجيل القديس يوحنا هي أنه ينتمي للصوفية اليهودية والتي هي تعد حركة باطنية تعتبر هرطقة حتى داخل اليهودية نفسها كما أنه تمت محاربتها وملاحقة أتباعها. المسيحيون الأوائل الذي تمكنوا من فهم إنجيل القديس يوحنا, كإنجيل يمثل الصوفية اليهودية وقد حققوا بفضل ذالك مكانة كبيرة في التاريخ المسيحي خصوصا في الفترة التي سبقت مجمع نيقية سنة 325م. وعلى الرغم من أن قانون الإيمان المسيحي الذي تم إعلانه إثر إنتهاء إجتماع نيقية قد إستند بشكل كبير على إنجيل القديس يوحنا ولكن بعد إنتهاء اعمال المجمع فقد تم إهمال الإنجيل بشكل كبير وذالك يعود إلى طبيعته الصوفية\الباطنية حيث لم تكن تعاليمها تحظى بشعبية في الفترة التي تلت سنة 325م.
ولكن السؤال هو كيف تمكنت الباطنية من التسلل للديانة اليهودية وتحولت لحركة صوفية عالمية التعاليم؟
من ينظر لتاريخ البشرية يجد أن تغير فهم الإنسان لطبيعة الإله ووظيفته ليست حكرا على الشعب اليهودي الذي نظر للإله بداية كمعزي من ظلم العبودية في مصر ثم المدافع والحامي للشعب اليهودي أثناء سنوات التيه في صحراء سيناء ثم صورة الإله المحارب الذي ساعده شعبه للقضاء على أعدائهم الكنعانيين ثم الإله الذي حافظ على شعبه أثناء سنوات السبي البابلي ثم الإله الذي عملت إرادته من خلال الملك الفارسي كورش الكبير على إرجاع اليهود إلى أرض ميعادهم وإعطائهم الأموال لبناء الهيكل في القدس من جديد.
إذا نظرنا لتاريخ الشعوب فسوف نكتشف أن نظرة تلك الشعوب للإله وطبيعته ليست جامدة حيث كانت تلك القبائل تمارس الصيد كنشاط أساسي والذي كان يفرض عليها التنقل والترحال من مكان لأخر ثم بدأت مرحلة الإستقرار والمجتمعات الزراعية وبرزت الحاجة لألهة مرتبطة بالأرض والزراعة. ومع مرور الوقت فقد تطورت ونمت تلك المجتمعات وتجاورت وحصل تنافس فيما بينها أدى إلى غزوات متبادلة وأصبحت الأولوية حماية الأرض والتي هي تعتبر مصدر بقاء القبيلة الأساسي وفي هذه المرحلة برز دور زعيم القبيلة الذي كان الجميع يلتف حوله في أوقات الحروب والشدة حيث تم إعتباره تجسيدا للإله ويمتلك قدرات خارقة أو هو نفسه الإله. هناك مثالان على الحالة الأخيرة وهي الحكم بالحق الإلهي من قبل ملوك أوروبا حيث تم إعتبار الملك ممثلا لله ولايجوز مناقشة قراراته وفي اليابان حيث تم إعتبار الإمبراطور مخلدا وإبن الله.
إن تطور المجتمعات البشرية وتقاربها قد ساعد في تطور فكرة الإله كما ذكرت في السطور السابقة إلى مرحلة الإله العالمي الواحد, الشعب اليهودي لم يكن يشكل حالة إستثنائية في نظرته لمفهوم الإله ووصوله لمرحلة عبادة الإله الواحد وإعتبار ماعدا ذالك هرطقة. إن نظرة سريعة لنصوص العهد القديم تؤيد كل ماسبق أن ذكرت. في الفترة الزمنية التي تلت السبي البابلي وعودة اليهود لأرض ميعادهم المزعومة فقد مالت الكفة لصالح نصوص قانونية مكتوبة وأصبح دور الأنبياء في الحياة والطقوس اليهودية ثانويا إلى أن صمت بشكل نهائي في مرحلة لاحقة. حتى النظرة اليهودية لمفهوم الإله فقد تغيرت في المرحلة التالية وهي مرحلة إعتمدت على مجموعة نصوص وتقاليد تسمى نصوص الحكمة حيث كانت تلك مرحلة إنكسار وليس إنتصار ولم يشعر الشعب اليهودي بالإله ووجوده كما شعروا به في مراحل سابقة وخصوصا حين كانوا ينتصرون على أعدائهم في الحروب. كتاب سفر الأمثال في العهد القديم هو أحد الأمثلة الواضحة على مجموعة نصوص الحكمة كما أن نص أمثال 8: 1-3 (1)ألعل الحكمة لا تنادي ؟ والفهم ألا يعطي صوته (2) عند رؤوس الشواهق، عند الطريق بين المسالك تقف (3) بجانب الأبواب، عند ثغر المدينة، عند مدخل الأبواب تصرح.
إن تلك المرحلة التي إعتمدت على تلك النصوص أحدثت تغيرا كبيرا في مفهوم الإله حيث تم مساواة الحكمة بالوحي الإلهي وأصبح التسائل عن ذالك الإله العالمي الذي حدوده أكبر من الكون كله وكيف تكون مكانته محصورة في مساحة صغيرة من هيكل سليمان.
إن مقدمة إنجيل يوحنا تعد ترنيمة في سبيل الكلمة كما أن أمثال(8: 21-32) تعد ترنيمة في سبيل الحكمة ومقارنة بسيطة بين النصين تثبت أن مؤلف إنجيل يوحنا أو على الأقل المقدمة هو يهودي وكتابات الحكمة وعلى رأسها سفر الأمثال تعد بوابة دخول الصوفية\الباطنية للديانة اليهودية. كما أن الحلم الذي راود إسرائيل(يعقوب) في سفر التكوين 28 وإقتباس ذالك النص على لسان يسوع المسيح في إنجيل القديس يوحنا 1:51 ,نص سفر الخروج 33: 17-24, نص أشعياء(6:5), حزقيال(1:15), كتاب حزقيال (37) ودانيال (7) ليست إلا أمثلة أخرى على نصوص تمثل الصوفية\الباطنية في الديانة اليهودية.
إن العبارة الواردة في نص إنجيل القديس يوحنا(1:14)(والكلمة صار جسدا وحل بيننا، ورأينا مجده، مجدا كما لوحيد من الآب، مملوءا نعمة وحقا) تعني أنه في حياة يسوع المسيح رأي الناس إرادة الله تتحقق من خلاله كما سمعوا كلمة الله من خلال البشارة التي أعلنها يسوع المسيح بإقتراب الملكوت.
إن النصائح الواردة في إنجيل القديس يوحنا والموجهة للمستمعين بخصوص الولادة من جديد أو الولادة من الروح ليس الهدف منها الدعوة إلى تجربة هداية جديدة تجعلهم يحسون بانهم متفوقون روحيا على الأخرين بقدر ماهو الهدف منها الوصول لدرجة من الوعي تجعلهم أنفسهم كأنهم جزء من صورة الإله وإنعكاس لها.
إن يسوع المسيح في إنجيل القديس يوحنا كان يمثل حالة من الإتحاد بين الحياة البشرية والرب فالمسيح كان يمثل كلمة الرب وحكمته في الوقت نفسه حيث كانت تلك الصورة التي تم وصفه بها في الإنجيل الرابع. ولكن المثير في الموضوع هو أن كلمة لوجوس لم تستخدم في الإنجيل بإستثناء مقدمته التي كان الهدف منها هو أن ينظر إلى الرب(صاحب الكلمة) والكلمة كوحدة واحدة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Saturday, May 21, 2016

كيف تعمل قوانين العرض والطلب في سوق النفط بطريقة إستثنائية؟

هناك مسألة حيرت خبراء الإقتصاد وهي متعلقة بأسعار النفط وزيادة الطلب من سنة ٢٠٠٠ وصولا إلى الأزمة الإقتصادية التي بدأت بإنهيار سوق الرهون العقارية سنة ٢٠٠٧-٢٠٠٨ في الولايات المتحدة. سؤال يطرحه الجميع عن السبب الذي جعل قوانين العرض والطلب تعمل بعكس ماهو متوقع من حيث تأثيرها على حركة أسواق النفط؟
في الفترة التي سبقت الأزمة الإقتصادية إلى سنة ٢٠٠٨ فقد وصل سعر برميل النفط إلى مستوى سعري ١٥٠ دولار قبل أن يبدأ بالتأثير على الأسعار وإنخفاض مستوى الطلب. وحتى نعلم سبب الإستغراب فما علينا إلا أن نلاحظ أن الطلب على النفط في الولايات المتحدة لم يرتفع تقريبا منذ سنة ٢٠٠٥ حين وصل سعر البرميل إلى حاجز ٥٠ دولار.
الجواب على تلك التسائلات هو بسيط في ذاته وهي أنه في كثير من البلدان خصوصا المنتجة للنفط فإن الأسعار تعد نسبة بسيطة من الأسعار العالمية وبالتالي فإن سكان تلك البلدان ليسوا ملزمين بقوانين السوق التي تحكم العرض والطلب.
هل تذكرون قانون الكمية صفر (Sum Zero)؟
في ذروة الأزمة الإقتصادية فإن هناك دول مثل الصين والهند سوف تكون سعيدة بإنخفاض إستهلاك النفط في دول أخرى مثل الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا حيث سوف تقوم بشراء تلك الكميات الإضافية المتوفرة. السبب لا يعود للنمو الإقتصادي الذي تباطئ في الكثير من البلدان حتى الصين والهند بل أعداد هائلة من السائقين على الطرقات حيث تذهب نسبة كبيرة من النفط المستورد.
مانسبته ٩٠% من النفط المستهلك في العالم يكون على شكل وقود لوسائل المواصلات مثل البنزين والديزل. إذا أردنا أن نعرف السبب في زيادة إستهلاك الوقود في الدول النامية فما علينا إلا أن ندرس الإحصائيات المتعلقة بنمو نسبة مبيعات السيارات فيها.
في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية فإن نسبة النمو في مبيعات السيارات لا يزيد عن ١% أو ٢% وذالك حين تكون تلك الدول في حالة نمو إقتصادي. بينما في دول مثل روسيا, الصين, الهند, البرازيل والتي هي جزء من مجموعة دول(Brics) فقد تتجاوز نسبة النمو في مبيعات السيارات ١٠% وقد تصل إلى ٢٠% تحت نفس الظروف الإقتصادية.في روسيا والبرازيل مثلا سنة ٢٠٠٧ فقد بلغت نسبة النمو في مبيعات السيارات ٣٠% بينما في الهند بلغت ٢%.  في بدايات سنة ٢٠٠٩ فإن سوق مبيعات السيارات في الصين تجاوز الولايات المتحدة التي ينتظر عودة سوق مبيعات السيارات بعد مرور فترة الكساد على إثر أزمة ٢٠٠٧-٢٠٠٨ بما لا يتجاوز نصف حجمه سابقا.
إن نمو سوق مبيعات السيارات في الكثير من الدول يتأثر بالقدرة على توفير ثمن شراء السيارة حيث يؤخذ ذالك بالحسبان أكثر من إرتفاع أو إنخفاض سعر النفط. نمو مستوى الدخل في دول مثل الصين والهند البرازيل حيث تشهد نموا إقتصاديا غير مسبوق ومشاريع بنية تحتية ضخمة من الطرق والكباري والجسور بين المدن, وإذا أضيف إليه سعر سيارة في حدود ٢٥٠٠ دولار مثل (Tata) التي تنتجها الهند, فإن ذالك يعني تشجيع المزيد من المواطنين الذين لم يسبق لهم القيادة على إقتناء مركبتهم الأولى. إن تلك العوامل تدفع العديد من الشركات مثل نيسان, فولكسفاجن, فورد, تشيري(Chery) الصينية لتطوير سيارات بسعر مبيع ١٠ ألاف دولار أو أقل. سيارة النانو(Nano-Tata) التي تنتجها الهند وتتكلف ٢٥٠٠ دولار تعد بمثابة كابوس للبعض أو الحلم تحقق على أرض الواقع بالنسبة للبعض الأخر, ذالك بالإعتماد على الزاوية التي ينظر فيها للموضوع.
الحقيقة التي قد لا يعلمها الكثيرون أنه مقابل كل سيارة (Cherry) أو (Tata-Nano) تسير على طرقات الصين أو الهند فإن هناك سيارة في الولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا سوف يكون مكانها أمام منازل أصحابها. قد يظن البعض أن ذالك مزحة ولكنها حقيقة واقعة فمن أين سوف يأتي نفط ليكفي ملئ خزانات سيارات لجميع سكان الكرة الأرضية؟
الدول الذي يعد مواطنوها هم الأكثر حساسية للتقلبات السعرية في أسواق النفط هي التي سوف تكون الأكثر تأثرا والولايات المتحدة على رأس تلك الدول حيث إنخفض الطلب على الذهب الأسود خلال أزمة ٢٠٠٧-٢٠٠٨ بصورة حادة وقد حافظ على مستوى طلب ثابت وعدم نمو منذ سنة ٢٠٠٥ وصولا إلى إلى سنة ٢٠٠٨. دول أخرى منتجة للنفط من منظمة أوبك قد نما فيها الطلب بنسبة ٥% سنويا بين سنتي ٢٠٠٤ و٢٠٠٧ حيث بقي ذالك غير ملفت للنظر من قبل الخبراء. تلك الزيادة في الإستهلاك ونمو الطلب في السوق الداخلي سوف يقابلها تناقص في الكمية التصديرية مما يعني زيادة الأزمة في حال إنتهاش أسواق النفط وبالتالي زيادة الطلب مقارنة بالمعروض.
في الشرق الأوسط أو الدول المنتجة للنفط فإن الأمر غير متعلق بتكلفة المركبات أكثر مما هو متعلق بتكلفة ملئها بالوقود, فالطرق في الكثير من دول الشرق الأوسط تسير عليها أفخم أنواع السيارات مثل بنتلي ومرسيدس-بنز وبي إم دبليو. في فنزويلا قد يبلغ سعر جالون من الوقود مايعادل ٢٥ سينت أمريكي وفي دول مثل إيران والمملكة العربية السعودية مابين ٤٥-٥٠ سينت أمريكي, أي ما لايزيد عن نصف دولار للجالون. لو كانت أسعار الوقود في تلك المستويات في دول مثل أمريكا وفرنسا وبريطانيا لما إنخفض إستهلاك الوقود حتى أثناء فترات الركود الإقتصادي, ولكن سكان تلك البلاد لن يشهدوا عودة الأسعار إلى تلك المستويات.
القرار بإبقاء أسعار الوقود منخفضة في الكثير من الدول المنتجة للنفط هو قرار سياسي بالدرجة الأولى وليس متعلقا بإرتفاع أو إنخفاض أسعار النفط على المستوى العالمي. في دولة مثل إيران وهي تعد رابع أكبر منتج للنفط على مستوى العالم فإن محاولة حكومة الرئيس أحمدي نجادي رفع أسعار الوقود في صيف ٢٠٠٧ قد تسببت بإضطرابات ومظاهرات تم خلالها حرق عدد من محطات الوقود. الحكومة الإيرانية قامت على إثر ذالك بإلغاء قرار الزيادة خوفا من إشتعال الإضطرابات وخروجها عن السيطرة.
على كل حال فإن نقص الوقود في إيران لا يعد أمرا جديدا حيث البلاد بفترات سمتها الرئيسية هي نقص الوقود, وقد يستغرب البعض ذالك في إيران وهي دولة منتجة ومصدرة للنفط ولكن تعد في الوقت نفسه دولة مستوردة للمشتقات النفطية مثل البنزين. سنين من النمو المتواصل للطلب على المشتقات النفطية بنسبة ٥% سنويا قد ترك إيران تعاني من عجز في تلبية ذالك الطلب المتزايد نتيجة تقادم منشئات تكرير النفط لديها.
وفي الحقيقة فإنه عندما يتعلق الأمر بدعم الوقود محليا فإنه لا أحد يستطيع هزيمة نظام الرئيس الفنزويلي الراحل هيوجو شافيز والذي أورث سياسة الدعم تلك لخليفته نيكولاس مادورو. ففي أيام تشافيز كان الدعم لا يقتصر على المواطنين في فنزويلا بل في الدول الحليفة مثل كوبا ونيكاراجوا بل وكان هناك إتفاق مع إسبانيا. ولكن صدق أو لا تصدق فإن الدعم الفنزويلي قد وصل حتى إلى أسر منخفضة الدخل في أمريكا على شكل دعم لوقود التدفئة للمنازل في الشتاء القارس.
إرتفاع أسعار النفط قد يكون أخبارا سارة للدول المنتجة للنفط ولكن هل يكون التصدير على حساب الإستهلاك الداخلي؟ ١١٠ دولار للبرميل مقابل ٥٠ سينت سعر جالون وقود السيارات قد يجعل المفاضلة ينهما خيارا صعبا, الإستهلاك الداخلي أم التصدير؟ دول مثل إيران والمملكة العربية السعودية وفنزويلا قد تواجه خيارات صعبة في المستقبل بينما دول مثل النرويج تعد مصدرة للنفط لن تواجه مشكلة حيث مواطنوها يدفعون أسعارا للوقود تعادل الأسعار العالمية. دول مثل الصين والهند لا تستطيع دعم أسعار الإستهلاك المحلي للوقود كفنزويلا لأنها في النهاية دول مستوردة لنسبة كبيرة من إحتياجاتها النفطية, ولكن على الرغم من ذالك فإنهم يجدون أنفسهم أمام خيارات صعبة بالإبقاء على نوع من الدعم وإن لم يكن بمستوى ٢٥ سينت أمريكي لجالون الوقود. الإحصائيات تذكر أن ٢٥%, يعني الربع, من النفط المنتج عالميا يتم إستهلاكه داخليا من قبل مانسبته ٥٠%, أي نصف سكان العالم. كلما زاد إستهلاك الوقود داخليا في مجموعة من الدول المنتجة للنفط فإن ذالك يعني إنخفاض الكميات المخصصة للتصدير مما يؤدي إلى إرتفاع الأسعار مالم تتخذ تلك الدول قرارا بزيادة الإنتاج لتعويض الفرق الذي يتم تخصيصه للإستهلاك الداخلي.
هناك نقطة مهمتان لا نستطيع إلا المرور عليهما, فالأولى متعلقة بمفهوم خاطئ عن العلاقة بين عدد السكان وإستهلاك النفط للفرد. في الولايات المتحدة وكندا يبلغ معدل إستهلاك النفط للفرد ٢٥ برميل و ٢٩ برميل على التوالي بينما الصين والتي يبلغ عدد سكانها أربع أو خمسة أضعاف سكان الولايات المتحدة وحوالي أربعين ضعف سكان كندا, فإن إستهلاك النفط فيها يبلغ عدد ٢ برميل للفرد. دولة مثل الهند يبلغ معدل الإستهلاك للنفط فيها عدد ١ برميل للفرد. إن ذالك ساعد على الإبقاء على نوع من دعم إستهلاك الوقود محليا في كلتا الدولتين.
الهند تنفق عشرة مليارات تقريبا على دعم الوقود سنويا وهو مبلغ كبير نسبيا ولكن ليس بأكثر من المبالغ التي تنفقها الولايات المتحدة سنويا كدعم لوقود الإيثانول المستخرج من نبات الذرة.
النقطة الثانية هي المتعلقة بنسبة العجز في أي دولة وتأثير ذالك على دعم الإستهلاك المحلي للوقود فمثلا الصين تبلغ نسبة العجز ١% مما يتيح للحكومة هامشا للتحرك بخصوص دعم الإستهلاك المحلي من الوقود بينما قد تبلغ في الولايات المتحدة ١٠% مما يجعل توفر دعم مماثل للمواطن الأمريكي حلما بعيد المنال.
زيادة الإستهلاك المحلي للنفط تعني إرتفاع سعره عالميا مما يؤدي إلى عالم أصغر. عالمنا الكبير الذي نغيش فيه ينكمش.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Tuesday, May 17, 2016

هل هي بداية النهاية؟ ماهو الهدف من تصريحات موقع بلومبيرغ بخصوص السعودية؟

في الحقيقة فإن حديث الساعة هو الخبر الذي أعلنه موقع بلومبيرغ بخصوص إستثمارات السعودية في سندات الدين التي تصدرها وزارة الخزانة الأمريكية والذي بلغ 116.8 مليار دولار أمريكي خصوصا بعد أن تم الترويج لسنوات طويلة على أنها تبلغ 750 مليار دولار.
الموقع الشهير حصل وبموجب قانون حرية المعلومات على وثائق متعلقة بالسعودية على أنها أحد أكثر الدول إمتلاكا لسندات الدين الأمريكية بعد الصين 1.3 تريليون واليابان 1.1 تريليون على الرغم من الفارق الشاسع بينها وبين الدولتين.
ولكن المثير للإستغراب والتسائلات هو توقيت نشر الخبر ولماذا إنتظر موقع بلومبيرغ وهو أحد اهم المواقع الإخبارية الإقتصادية حتى هذه اللحظة ليتقدم بطلبه للحصول على تلك المعلومات؟
ذكرت قبل ذالك أن إستهداف السعودية من قبل عراب الخراب العربي برنارد هنري ليفي وزميله ثوماس فريدمان لا يبشر بخير فالإثنين من أساطين السياسة والصحافة في العالم ولهما مصادرهما ولايمكن أن يكتبا كلمة عشوائية أو بدون أن يكونا قد حصلا على معلومات من مصادر رفيعة وكذالك موقع بلومبيرغ.
التوقيت عليه علامة إستفهام خصوصا مع نشر رؤيا 2030 للسعودية إقتصاد بدون نفط والإعلان عن تأسيس صندوق سيادي جديد برأسمال ضخم, لست أعلم ماذا حل بالصندوق الأول والذي يتبع مؤسسة سما(مؤسسة النقد السعودية) والإعلان الأكثر إثارة لهذه السنة هو طرح جزء من شركة أرامكو للإكتتاب على المستوى المحلي والعالمي.
هناك ثلاثة إحتمالات بخصوص تصريحات موقع بلومبيرغ وهي الإحتمال الأول أن التصريحات الصادرة عن الموقع نقلا عن وزارة الخزانة الأمريكية هي تصريحات مضللة خصوصا أن الموقع الشهير لم ينشر مايثبت كلامه وأن الخبر إستمرار للحملة الإعلامية ضد السعودية والتي بدأت بذريعة الحرية وحقوث الإنسان وقيادة المرأة للسيارة وبمقالات صحفيين وسياسيين من أمثال برنارد هنري ليفي وثوماس فريدمان. الإحتمال الثاني هو أن التصريح له علاقة بقانون محاسبة السعودية. الإحتمال الثالث هو أنه تم السحب من تلك الإحتياطيات بهدوء وطوال السنوات السابقة.
الإحتمال الثالث مستبعد فلا يعقل أن هبوط قيمة ماتمتلكه السعودية من سندات دين وزارة الخزانة الأمريكية من 750 مليار كما تم الترويج كل تلك السنين إلى 116.8 مليار لم يلفت الأنظار أو يتسرب خبره للصحافة العالمية. والدليل أن أي موقع إخباري أو هيئة او مؤسسة لها الحق بالتقدم بطلب للحصول على المعلومات بموجب قانون تم سنه في الولايات المتحدة منذ فترة طويلة وهو ليس وليد البارحة.
الإحتمال الأول مستبعد حيث لايعقل على الرغم من فترة البرود التي تمر بها العلاقات السعودية مع الولايات المتحدة أن تقوم الحكومة الأمريكية بمصادرة تلك الكمية الضخمة من الإستثمارات ثم إصدار تصريحات مضللة بدون أن يثير ذالك إحتجاج الحكومة السعودية.
الإحتمال الثاني هو الأكثر ترجيحا حيث أنه وبسبب إقتراب إقتراع الكونجرس الأمريكي على قانون محاسبة السعودية وتصريحات المرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب بفرض الجزية أو ضريبة الحماية على المملكة وهو ماتعارضه الحكومة الحالية والرئيس الأمريكي دونالد ترامب فقد بدأت حملة إعلامية مدروسة بهدف إفراغ القانون من محتواه وتقليل أمال وتطلعات البعض بالمبالغ الخيالية التي قد تتم مصادرتها بموجب القانون.
ولكن على الرغم من كل ماسبق ذكره فهناك تأثيرات داخلية سلبية لذالك الإعلان لعل أولها تخفيض وكالة موديز للتصنيف الإئتماني التصنيف الإئتماني طويل الأجل لتسعة بنوك سعودية بسبب مشاكل في توفر السيولة وإحتمال تخفيض التصنيف الإئتماني للسعودية مستقبلا. كما أن الإعلان عن القيمة الحقيقة المزعومة لسندات الدين الأمريكية المملوكة من قبل الحكومة السعودية قد يكون لها تأثير على قيمة الريال السعودي وعلاقته بسعر صرف الدولار الأمريكي حيث سوف يمتد ذالك التأثير ليطال أسعار السلع والخدمات في السعودية خصوصا أن الإستيراد يلتهم جزأ لابأس به من مداخيل المملكة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Saturday, May 14, 2016

ماهي التعقيدات التي تواجهها شركات النفط في رحلتها للبحث عن الذهب الأسود؟

في نهاية سنة ١٩٨٠, كانت شركات النفط قد أنفقت على عمليات التنقيب والإستكشاف في البحر الشمالي أكثر مما أنفقته وكالة ناسا ليضع رائد فضاء قدمه على سطح القمر. كمية النفط الموجودة في أي حقل نفطي لا تزيد بتقدم التكنولوجيا بل العكس صحيح, تتناقص بسرعة. التكولوجيا المتقدمة لا تضخ النفط في الحقل النفطي بل تضمن لنا كميات إستخراج تتزايد بتقدم تلك التكنولوجيا.
بالنسبة لحقول النفط في خليج المكسيك والتي تعول عليها الولايات المتحدة لغلق الفجوة بين الإنتاج والإستهلاك فإنها تعاني من مشكلة عامة في حقول النفط البحرية, كمية النفط المستخرجة منها تتناقص بضعفي معدل تناقص حقول النفط العادية.
حقول النفط في البحر الشمالي الذي تشرف عليه مجموعة دول منها بريطانيا وألمانيا وصلت لأفضل معدلات الإستخراج الشهرية سنة ١٩٨٥, ومرحلة ذروة الإنتاج السنوي ١٩٩٩ وتناقصت ٤٣% سنة ٢٠٠٧.
ذروة الإكتشافات النفطية في حقول النفط البحرية كانت سنة ١٩٩٦ وقريبا جدا فإننا سوف نصل لمرحلة ذروة الإنتاج النفطي في تلك الحقول تقترب بخطى متسارعة. ولكن ماهو تأثير ذالك على معدلات الإنتاج النفطي عالميا؟
لأنه منذ سنة ٢٠٠٠ تقريبا فإن حقول النفط البحرية وخصوصا الحقول التي تقع في المياه العميقة تعد المصدر الوحيد للزيادة في الإنتاج النفطي العالمي كما أنها تعد السبب الرئيسي للتناقص في معدلات الإنتاج العالمية للنفط حيث أنه علينا أن لا ننسى أن حقول النفط البحرية تتعرض لتناقص مخزونها النفطي بمعدل مرتين أسرع من حقول النفط البحرية.
المقارنة بين نوعية الحقول النفطية المكتشفة في الماضي والحقول النفطية التي يتم إكتشافها حاليا يمكن أن تعطينا فكرة عن الصعوبات التي يمكن مواجهتها مستقبلا. حقل(Spindletop Gusher) الذي تم إكتشافه في ولاية تكساس الأمريكية سنة ١٩٠١ كانت نافورة النقط المحتبس فيه ترتفع ١٥٠ قدم في الهواء حيث يقع على عمق لايزيد عن ١١٠٠ قدم تحت سطح الأرض وتسبب في مضاعفة إنتاج الولايات المتحدة النفطي ٣ مرات بين يوم وليلة. حقل جواهر الذي تم إكتشافه سنة ١٩٤٨ في المملكة العربية السعودية مازال أكثر الحقول النفطية إنتاجا في العالم. بينما حقل(Tupi) البحري الذي تم إكتشافه في البرازيل يعد إستخراج النفط منه أكثر تعقيدا حيث يقع على عمق أكثر ٢٠٠٠ قدم تحت سطح الماء, ١٠٠٠٠ قدم من الصخور و٦٦٠٠ قدم من الترسبات الملحية. يبدو حقل (Tupi) واعدا بتقديرات ٨ مليار برميل نفط ولكن عند مقارنته بحقل جواهر وتقديرات ٦٠ مليار برميل نفط فإن ذالك يبدو كأخيه الأصغر.
يبدو أن علماء الإقتصاد لديهم مشكلة معينة في فهم طبيعة التغير في الإمدادات النفطية من ناحية النوعية والكمية حيث أنهم يجادلون دوما أن الندرة في المعروض سوف تؤدي إلى إرتفاع السعر مما يؤدي بدوره إلى رغبة في البحث عن المزيد من المخزون النفطي وتحسين تكنولوجيا إستخراج النفط. لايوجد فائدة من إستخراج النفط بكلفة ١٠٠ دولار للبرميل حين يكون سعره في الأسواق العالمية ٢٠ دولارا فقط.
النظريات التي يؤمن بها الإقتصاديون هي أن زيادة الأسعار يقابلها زيادة الإنتاج حيث يصبح إستخراج النفط من أماكن لم نكن نتخيلها مجديا إقتصاديا. المشكلة تطبيق ذالك على أرض الواقع حيث أن الإكتشافات التكنولوجية التي من شأنها زيادة إستخراج النفط لاتؤدي إلى إلى الإسراع في نفاذ مخزونات البئر النفطي فهي لا تؤدي لضخ نفط جديد في البئر. إن تلك التكنولوجيا التي تسبب زيادة الإنتاج تؤدي إلى إزاحة ٤ ملايين برميل نفطي سنويا من حسابات المنتجين ويترك للإكتشافات النفطية الجديدة مهمة تعويض الفارق. النشكلة أن تلك المعادلة سوف تحتمل التطبيق لو أن معدل الإستهلاك بقي ثابتا على ماهو عليه ولكن هناك زيادة في معدل الإستهلاك وخصوصا في الهند والصين والبرازيل مما يؤدي إلى زيادة الفجوة رغم محاولات تقليصها حيث أن هناك ٢٠ مليون برميل نفط من الإنتاج المفقود على الإكتشافات الجديدة تعويضها.
نقطة مهمة بخصوص زيادة الإنتاج يتم تجاهلها ولا تشير إليها المؤتمرات الصحفية ولا البيانات التي يصدرها الإقتصاديون وهي نوعية تلك الزيادة؟
لعل تلك الحقيقة غير معلومة لغير المتخصصين ولكن أغلب الزيادات في الإنتاج بين عامي ٢٠٠٥  - ٢٠٠٨ لا تصلح للإستخدام كوقود للسيارات وأن أغلب الزيادة على الطلب هي للبنزين والديزل المستخدم كوقود للسيارات حيث أن إرتفاع الدخل في دول مثل الصين والهند وعشرات المليارات من الدولارات المنفقة على مشاريع بنية تحتية أغلبها جسور وطرق جديدة تعني دخول مئات الألاف من السائقين سنويا نادي القيادة لأول مرة مما ينتج عنه زيادة نسبة مبيعات السيارات. نسبة كبيرة من تلك الزيادة تكون للغاز والسوائل الغازية وهي إن كانت تعد لها إستخدامات أخرى ولكن لا تصلح كوقود للمركبات وتعد دليلا على نفاذ المخزونات النفطية من البئر والتي يصاحبها ظهور الغاز المحتبس وتكوينه فقاعة غازية.
مثال بسيط على الإكتشافات النفطية الجديدة كنا قد تكلمنا عن حقل (Tupi) البحري في البرازيل وهناك أيضا حقل كاشاغان (Kashagan) البحري في البرازيل حيث نلاحظ أن أغلب الإكتشافات النفطية الجديدة تعد حقولا بحرية بل وتقع في المياه العميقة بعيدا عن الشاطئ. بالنسبة لحقل كاشاغان فهو حقل بحري يقع في دولة كازاخستان في بحر قزوين حيث إرتفعت تكلفة الحقل من مبلغ ١٠ مليارات دولار إلى ٥٠ مليار دولار وتأخر موعد بدء الإنتاج إلى ٨ تشرين الأول\أكتوبر ٢٠١٣. ولكن بعد كل تلك الأموال التي تم إنفاقها والجهود الجبارة المبذولة لإفتتاح الحقل النفطي قبل أيام من إنتهاء المهلة النهائية التي حددتها الحكومة الكازاخستانية للشركات المشغلة, فقد تم إغلاق الحقل البحري بعد بدء التشغيل بساعة واحدة بسبب تشرب الغاز ومازال مغلقا حتى تاريخ مارس ٢٠١٤ حيث هناك إحتمال إستبدال أنابيب الضخ مما سوف يستغرق سنتين على الأقل.
المشاكل المتعلقة بحقل كاشاغان أدت إلى توترات بين الحكومة والشركات المستثمرة في المشروع مثل إكسون موبيل ورويال دتش شل وتوتال وغيرها وهو مايلقي بالضوء على التعقيدات المتعلقة بمثل تلك النوعية من المشاريع. تعقيدات كتلك التي واجهتها شركة إكسون موبيل وشيفرون بخصوص مشروع سخالين(٢). إن تلك التعقيدات كانت متعلقة بطبيعة المنطقة وتأخر موعد بدء الإنتاج مما أدى إلى تأكل عائدات حقوق الملكية الحكومية والضغط على شركات النفط لبيع حصصها والرحيل عن المشروع وهاذا ماحصل حيث قام الحكومة الروسية بشرائها والإستحواذ على إحتياطي يقدر بكمية ١.٢ مليار برميل نفط.
ملاحظة: سخالين عبارة عن سلسلة مشاريع أولها سخالين(١) ثم سخالين(٢) ثم سخالين(٣).
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Wednesday, May 11, 2016

مع عدم إعتذاري, تحية للفنان أحمد أدم وطز في حملة أنقذوا حلب

الدول الغربية التي تعد مثالا يحتذى به في الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان تتمتع حكوماتها ووسائلها الإعلامية بقدرة عجيبة على ممارسة إزدواجية المعايير. كما أن الشعوب في تلك الدول مسيرة بواسطة أساليب الدعاية والتحكم بعقولها عن بعد بوساطة الإعلانات ووسائل الإعلام من صحف ومجلات ومحطات تلفزيونية.
الحكومة الفرنسية التي تتباكى على حقوق الإنسان في سوريا وتتهم القيادة السورية بإصدار أوامر بإرتكاب جرائم حرب هي نفسها قامت بإرتكاب أفعال يندى لها الجبين في الجزائر, تونس والمغرب ومستعمراتها الأخرى. ينقل عن الجنود الفرنسيين ممن خدموا في الجزائر أثناء الإستعمار الفرنسي أن النساء الجزائريات في القرى التي يمر بها الجنود الفرنسيون كانوا يسارعون لتلويث أنفسهم بروث البقر حتى لايتم إغتصابهم من قبل الجنود. إن تلك كانت ممارسة منهجية وليست مجرد تصرفات فردية كما كانت هناك ممارسات أخرى معيبة كقطع رؤوس الجزائرين وإلتقاط الصور التذكارية معها بل وإصدار طوابع تذكارية بصور الرؤوس المقطوعة. الحكومة الفرنسية قامت بإجراء تجارب نووية في صحراء الجزائر على أهداف حية لمواطنين جزائرين تم تثبيتهم في أعمدة في الصحراء من أجل دراسة تأثير الإشعاعات على الإنسان.
وذالك بالنسبة لفرنسا حيث لم أذكر المجازر التي إرتكبتها القوات الفرنسية خصوصا في الجزائر لأنها من الأمور المسلم بها ولكثرتها من أن تحصى. إن تلك الممارسات لها خلفية تاريخية في الثورة الفرنسية التي تم حشي رؤوسنا في المناهج الدراسية بأنها تمثل قيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان حيث قام الثوار بقطع رؤوس بعضهم البعض بالمقصلة في صراعهم للتسلق لقمة السلطة تماما كما يحصل في سوريا والعراق وأي بلد يحل فيه وباء الميليشيات الدينية والحروب الطائفية. توصف الثورة الفرنسية بلا مبالغة من قبل أحد أكبر المؤرخين وعلماء الإجتماع غوستاف لوبون بأنها ثورة رعاع وأن هناك من تمكن بإقناع أقلية بأنه من حقها بأن تفرض رأسها على الأغلبية بوسائل العنف والقتل تماما كما تفعل تنظيمات متطرفة في كل من سوريا والعراق.
المملكة المتحدة(بريطانيا) كان لها نصيب بالإشتراك مع فرنسا في قضية فلسطين وإتفاقية سايكس-بيكو بالإضافة إلى أنها إلى الأن ومن وراء ستار تقوم بالتحكم بخطوط السياسية الدولية حيث تقاطعاتها تمر في عاصمة الضباب البريطانية. رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون هو أيضا ممن يتهمون القيادة السورية بإرتكاب إنتهاكات ضد الإنسانية على الرغم من أنه أثناء الإضطرابات التي شهدتها بريطانيا سنة 2011 قد ذكر "عندما تصل الأمور للأمن القومي فلا تحدثني عن حقوق الإنسان". هناك بعض المواقع التي تذكر أن العبارة الصحيحة هي "قوانين حقوق الإنسان تعطل حماية بريطانيا من الإرهاب" ولكن ماهو الفرق؟ رئيس وزراء بريطانيا منزعج من قوانين حقوق الإنسان ويتمنى إلغائها بدعوى حماية بلده من الإرهاب وخصوصا أنها وقفت عائقا في سبيل مكافحة تنظيم الجيش الجمهوري الإيرلندي حيث إتخذ الصراع شكلا عنيفا قبل أن يتم تهدئته وفرض حل سلمي.
بلدان أوروبية مثل إسبانيا قد يسجن فيها من يقوم بإسائة معاملة حيوان أليف كالقطط بينما تمارس القتل من أجل التسلية وتشرعن ذالك بالقوانين كما في مصارعة الثيران. دول أوروبية أخرى تسمح بمزارع الحيوانات الضخمة التي تعاني فيها الحيوانات كالأبقار والخنازير والدجاج من ظروف غير إنسانية وتحرم من الحركة وضوء الشمس بهدف تحقيق أعلى معدل إنتاج.
مشكلة إزدواجية المعايير تنطبق أيضا على إعلام من يطلقون على أنفسهم إسم ثوار حيث يقومون بنفس الممارسات التي ينتقدون بسببها الأنظمة الحاكمة خصوصا تكميم الأفواه ومصادر حرية الرأي والتعبير. فمؤخرا قامت مجموعة وسائل إعلامية غربية ناطقة بالعربية مثل السي إن إن بالعربي والهافينجتون بوست بنسختها العربية بالمشاركة مع قنوات مثل الجزيرة والعربية بشن حملة إعلامية على الفنان المصري القدير أحمد أدم بسبب مزاعم عن سخريته في مجازر حلب المزعومة خلال أحد حلقات برنامجه "بني أدم شو" على قناة الحياة. الفنان القدير لم يقم إلا بالسخرية من وسائل الإعلام الأجنبية والعربية التي تعاطى مع الأحداث بمنطق الإزدواجية الأعوج كما أنه قام بالسخرية من الرئيس التركي رجب طيب أوردوغان الذي يقوم بذبح كل من يرفع السلاح في وجهه في تركيا ووسائل إعلامه تطلق عليهم لفظة إرهابيين بينما في سوريا هم مناضلون ومعارضة معتدلة يتم تسليحهم والسماح لهم بالتسلل للأراضي السورية من أجل ذبح السوريين ويعالجون إن إصيبوا في المستشفيات التركية.
الهافينجتون بوست بالعربي قامت بإرفاق مقطع من خسمة دقائق من الحلقة موضوع الجدال كدليل إدانة على الرغم من عدم إحتوائه على ربع كلمة فيها سخرية من الضحايا الذين سقطوا مؤخرا في الصراع بين تنظيمات أصولية وصولية يسعى كل منها للسيطرة على حلب من أجل إقامة إمارتهم الإسلامية المزعومة في سوريا ولاعلاقة للجيش السوري بذالك الصراع. المشكلة في الخبر الذي تم نشره بعنوان مثير هو ("الحياة" تعتذر للسوريين عن الإهانة.. وأحمد آدم يطلب الصفح في الحلقة القادمة) هو أنه لايحتوي على أي تصريح من قناة الحياة أو ربع دليل على الإعتذار الذي من المفترض ان يقدمه الفنان القدير على الرغم من وجود مختلف وسائل التواصل الإجتماعي والتي من المؤكد أن القناة تمتلك فيها حسابات من الممكن أن تستخدمها للإعلان عن موقفها والأمر نفسه ينطبق على الفنان أحمد أدم.
حصار السكان في ريف حلب في نبل والزهراء و في ريف إدلب في كفريا والفوعة وقصف العاصمة دمشق بالهاون والسيارات المفخخة في المناطق السكنية في دمشق وحمص وحلب وسرقة محاصيل القمح في دير الزور والرقة كل ذالك لم يستدعي ربع كلمة من الهافينجتون بوست العربية وشركاتها لن أقول من الجزيرة والعربية بل من البي بي سي والسي إن إن وغيرها من محطات ووسائل إعلامية.
ولكن ماذا عن الجريمة النكراء في قرية الحطلة السورية في دير الزور والتي أصد الأوامر بإرتكابها المجرم الشافي العجمي وتفاخر بها في مظاهرة شارك فيها في الكويت؟ هل ذبح الطفل أمام أبويه وذبح الأم أمام زوجها ثم ذبح الزوج من الجرائم التي لا تستحق إقراد مساحة لها في الهافينجتون بوست؟ من قام بمجزرة قرية الحطلة هم من يوصفون في وسائل الإعلام الغربية بأنهم معارضة معتدلة وليسوا من المعارضة المتطرفة المصنفة على انها إرهابية.
الإفلاس هو عنوان كافة الجهود الإعلامية التي تقوم بها المعارضة السورية وكافة المعارضات العربية في تونس ومصر وليبيا وكل بلد إبتلي بفيروس الغوغائية والغباء. سياستهم الإعلامية فاشلة إلا في إقناع الأقلية التي تنساق وراء تلك النوعية من الدعاية وبعض النخب التي تم شرائها بالمال وبعض المغرمين بالسير وراء كل ناعق للخراب خصوصا صحف ومواقع مثل الهافينجتون بوست والبي بي سي والعربية والجزيرة.
مع تمنياتي للجميع بدوان الصحة والعافية

النهاية

Saturday, May 7, 2016

هل يعني إستهلاك أخر برميل من النفط نهاية الحضارة؟

كبداية بسيطة وسؤال أبسط نطرحه وهو هل يعد توفير النفط الرخيص نوعا من أنواع الدعم الغير علني للسلع والخدمات؟ سوف نأخذ مثالا بسيطا كبداية وهو نوع من أنواع السمك المفضل لدى الجميع, سمك السلمون.
تبدأ رحلة سمك السالمون حين إصطياده على سبيل المثال بالقرب من شواطئ النرويج حيث يتم نقله إلى أحد الموانئ النرويجية حيث سوف يتم شحنه إلى ميناء تصدير رئيسي قد يكون في هامبورغ الألمانية أو روتردام الهولندية ليتم شحنه مرة أخرى إلى أحد معامل المعالجة في الصين ليصار إلى تنظيفه وتقطيعه ويتم شحنه مرة أخرى إلى الأسواق الإستهلاكية المختلفة حول العالم. رحلة سمك السالمون منذ لحظة إصطياده حتى عرضه للبيع قد تصل لشهرين في ظروف من البرودة تضمن حفظه من التلف وعلى الرغم من ذالك يتم عرضه مرفقا بلوحة مكتوب عليها طازج.
في عالم العولة والتجارة الحرة فإن لا يوجد من يقيس المسافة بالأميال أو بالكيلومترات بل بتكلفة قطعها, أي بالدولارات.
إن ظاهرة توفر النفط الرخيص والتي جعلت من السالمون الذي يتم إصطياده بالقرب من سواحل النرويج متوفرا بأسعار معقولة في الكثير من الدول حول العالم, سوف تنتهي قريبا. سوف يكون هناك كميات أقل من السالمون متوفرة في الأسواق كما انه سوف يكون هناك عدد أقل من المطاعم لتناول ذالك السمك فيها.
قد يتسائل بعضهم عن سبب غلاء سعر السالمون أو نوع معين من الخضار أو الفواكه على الرغم من حلول الموسم وتوفرها بكميات كبيرة. والجواب هو سعر برميل النفط وهنا سوف نعود للنقطة المتعلقة بسمك السالمون مرة أخرى.
تخيلوا الطاقة المبذولة منذ لحظة إصطياد السالمون إلى وصوله في أطباق على موائدنا, وقود مراكب الصيد, وقود لسفن الشحن ووقود للشاحنات التي تنقله من وإلى الميناء, الطاقة المبذولة لتجميد ومعالجة السمك والطاقة المبذولة لعرضه في الأسواق التجارية والإستهلاكية. هل تعلمون أن الأسواق التجارية تستهلك كميات كبيرة الطاقة لكل قدم مربع؟
كمية كبيرة من الطاقة تبذل في سبيل إيصال ذالك السلمون إلى موائدنا مما يؤدي إلى بروز مصطلح يتم إستخدامه من قبل المختصين لوصف تلك الحالة وهو تناقص معدل العائد (Diminishing Rate Of Return).
ولتوضيح ذالك المصطلح لنفرض أن العائد من إستهلاك برميل نفط هي قوة عمل ٤٠٠ شخص فنختصرها بنسبة ١:٤٠٠ بينما السالمون يعتبر عائد غير مجزي يبرر كمية الطاقة المبذولة في صيده وتصنيعه وعرضه للمستهلكين. الطاقة تعني النفط. على الرغم من أننا نستخدم الغاز والفحم لتوليد الكهرباء ولكن السيارات والطائرات والشاحنات لا تعمل بالكهرباء بل بالنفط والإقتصاد العالمي يتمحور حول إنسيابية السلع والخدمات حول العالم, تلك الإنسيابية غير ممكنة بدون النفط.
ماذا يحصل لو إرتفع سعر السالمون؟ أو لو إرتفع سعر أجهزة الكمبيوتر؟ أو لو إرتفع سعر النفط؟ الجواب هو كساد إقتصادي سببه إرتفاع سعر النفط. النقطة المهمة التي يتم تفسيرها بشكل خاطئ هي أن إرتفاع أو إنخفاض أسعار النفط تأتي كنتيجة للكساد الإقتصادي ولكن الحقيقة هي أن تلك التقلبات السعرية هي سبب ذالك الكساد وليست نتيجة له.
إذا تتبعنا نماذج لحالات من الكساد الإقتصادي التي كان سببها الرئيسي إرتفاع سعر النفط فسوف نجد أن الحل كان جاهزا وهو إكتشافات نفطية جديدة لزيادة الإنتاج وإعادة الإنتعاش الإقتصادي. في السابق كان ذالك ممكنا حيث الحفر أمتار قليلة في باطن الأرض يؤدي لتدفق النفط وحيث كان العائد بنسبة ١٠٠:١(مائة برميل نفط لكل برميل نفط يتم إستخدامه كطاقة) فكما تعلمون أن إستخراج النفط من باطن الأرض عملية تتطلب كمية من الطاقة (الطاقة = النفط). كل الدلائل الأن تشير إلى أن معادلة ١:١٠٠ قد إنتهت إلى غير رجعة وأصبحت من الماضي. مثال بسيط هو مشروع النفط الرملي في مقاطعة ألبرتا الكندية حيث نسبة الطاقة المستخرجة إلى الطاقة المصروفة في عملية الإستخراج هي ١:٣ في أفضل الأحوال وعلى الرغم من ذالك فالجميع يتكلم عن ذالك المشروع كأنه الحل السحري لمشكلة نقص الإمدادات النفطية في العالم.
إثر الأزمة الإقتصادية ٢٠٠٧-٢٠٠٨ فقد هبط سعر النفط ٤٠ دولارا تقريبا للبرميل مما يعني أنه قد يكون وصل ٧٠ دولارا ولكن علينا أن نتذكر أن تلك الأسعار تعتبر مرتفعة قياسا بسعر ٣٠ أو ٤٠ دولارا للبرميل ولا تساعد على تحقيق إنتعاش إقتصادي حقيقي.
هناك عامل أخر يغفل عنه الكثيرون وله دوره في إرتفاع سعر النفط وهو المضاربون الذي يدركون أن هناك نقصا في الإمداد وزيادة في الطلب. ولكن في الكثير من الأحيان فإن المشكلة ليس في كمية النفط المعروضة مقابل الطلب بل هي في جشع هؤلاء السماسرة لتحقيق أكبر كمية أرباح ممكنة.
قد يثير إهتمام البعض الحديث عن زيادة الطلب ونقص العرض ولكن الجميع سوف يكون مهتما بمفهوم ذروة الإنتاج (Peak Oil) والذي يقود لسؤال أخر هو هل سوف ينفذ النفط من العالم في القريب العاجل؟
نفاذ النفط يعني نهاية الحضارة وذالك المفهوم ليس بواقعي ولا يتفق معه الكثيرون الذي يرون أنه على الرغم من وصول الإنتاج النفطي في الكثير من الدول ومنها أمريكا إلى مرحلة الذروة منذ وقت طويل فإن ذالك لا يعني نفاذ المخزون النفطي نهائيا ولكن تكلفة إستخراجه سوف تكون مرتفعة. معدل الإكتشافات النفطية الجديدة في إنحدار, بلغت ذروتها سنة ١٩٦٦,  بينما معدل وصول مناطق الإنتاج النفطي إلى مرحلة الذروة في تزايد وهناك من يذكرون فقدان ٤ مليون برميل يوميا نتيجة تناقص الإنتاج حيث يحتاج العالم إلى إكتشافات نفطية جديدة بما معدله ٢٠ مليون برميل نفطي يوميا للخمس سنوات القادمة للتعويض عن ذالك النقص.
وقد سخرت شركات النفط وقللت من قيمة جميع الدراسات لتي توقعت وصول الإنتاج النفطي في بعض البلدان إلى مرحلة الذروة وتناقصه بعد ذالك. مثال بسيط الإنتاج النفطي في الولايات المتحدة وصل الذروة سنة ١٩٧٠بأكثر قليلا من عشرة ملايين برميل ولكنه منذ ذالك الوقت في إنخفاض مستمر.
لكن لا نستطيع المرور على مرحلة ذروة الإنتاج وإنخفاضه من دون طرح السؤال عن دور منظمة الأوبك (OPEC) وتأثير قراراتها على إرتفاع وإنخفاض سعر النفط.
سعر برميل النفط مر بتقلبات سعرية من ٢٠ دولار للبرميل ثم ٣٠ دولارا و٧٠ دولارا حتى إرتفاعه إلى مستوى تجاوز ١٠٠ دولار للبرميل وإنخفاضه إثر أزمة ٢٠٠٧-٢٠٠٨ وإرتفاعه مرة أخرى بعد ذالك. سعر ٣٠ دولار لبرميل النفط وهو السعر التقريبي في وقتنا الحالي كان يعتبر مثيرا للإنتباه وتطورا غيرمرغوب في المستوى السعر للبرميل فكيف وحاجز السعر يتجاوز ١٠٠ دولار.
الكثيرون كانوا يتأملون تدخل الدول في منظمة الأوبك لخفض الأسعار وعودها إلى نطاقها الطبيعي ولكن هل للدول التي تجن عائدات نفطية تجاوزت ١٠٠ دولار للبرميل أي مصلحة في خفض الأسعار؟
تلك كانت نقطة مهمة والنقطة الأخرى الأهم هي أن منظمة الأوبك لا تملك أي قدرة على التأثير على المستوى السعري لبرميل النفط كما كانت في السابق. قانون العرض والطلب هو المتحكم في الأسواق النفطية وليس قرارات منظمة أوبك أو هكذا يظن الكثيرون.
هناك عامل أخر يهدد الصادرات النفطية في المستقبل وقد لا يلتفت إليه الكثيرون وهو إرتفاع الإستهلاك الداخلي للنفط في الدول المنتجة حيث النفط يباع بالسعر المدعوم وخصوصا في دول الأوبك. هناك دول عديدة مستهلكة للنفط سوف تتأثر بذالك العامل ولعل أهمها الولايات المتحدة الأمريكية التي تستهلك ربع الإنتاج النفطي في العالم وتنتج ١\١٠ من إحتياجاتها النفطة.
النقطة الغير مفهومة للكثيرين هي وإنه لسنوات عديدة فقد إرتفع الطلب على النفط على الرغم من إرتفاع السعر لأنه من المعلوم أنه بتطبيق قانون العرض والطلب فإن إرتفاع السعر يصحبه إنخفاض الطلب ولكن ذالك القانون لم ينطبق في تلك الحالة على تسعير بيع وشراء النفط. إنتاج النفط في حالة شبه جمود منذ سنة ٢٠٠٥ والأسعار في إرتفاع وعلى الرغم من ذالك يزداد الطلب مما خلق فجوة لم يتم ردمها بزيادة الإنتاج منذ تاريخه. تلك الفجوة سوف تكون برأي دائمة ومستمرة ودراسة بسيطة للإحصائيات أنه بسبب حالة الركود الإقتصادي سنة ٢٠٠٧-٢٠٠٨ وبالتحديد أوغسطس ٢٠٠٨ فالأمريكيون قاموا بالقيادة لمسافه ١٥مليار ميل أقل من المسافة التي قاموا بقيادتها قبل ذالك التاريخ ولكن كان هناك الكثير من السائقين في أماكن أخرى من العالم سعداء بقيادة تلك المسافة بدلا من السائقين الأمريكيين. إستهلاك أمريكا من النفط ل في تلك الفترة ولكن كان هناك بلدان أخرى سعيدة بتوفر كميات إضافية من النفط هم في أمس الحاجة إليها. الولايات المتحدة سوف تعد من أكبر المتضريين من إرتفاع أسعار النفط ولديهم حساسية عالية لأي تقلبات سعرية سوف تعتبر ليست في صالحهم. إرتفاع أسعار النفط قد يتسبب بإرتفاع سعر الوقود لذي يتم بيعه في المحطات للسائقين الأمريكيين إلى ٧ دولار للجالون و٢ دولار في كندا وأما أوروبا فهم يدفعون تلك المستويات السعرية منذ زمن طويل وذالك في محاولة من الحكومات الأوروبية للحد من إستهلاك الطاقة الكهربائية وتوفير فاتور الطاقة.
ليس إرتفاع سعر الوقود هو التأثير الوحيد للتقلبات في سعر النفط بل سوف يؤثر ذالك على حياتنا بالمجمل حيث سوف نعيش في مجتمعات ذات كثافة سكانية أكبر ونقود سيارات أصغر وحتى حجم المنازل التي نعيش فيها سوف يقل حيث علينا التكيف مع الكثير من المتغيراتمنها مثلا أن علينا التعود على ركوب وسائل المواصلات العامة.
في عالم يرتفع سعر النفط إلى مستوى ١٠٠ دولار للبرميل أو أكثر فسوف تكون المسافة تكلف المزيد من المال حيث سوف ترتفع تكلفة السفر والميزة التي تتمتع بها الصين بخصوص تكلفة العمالة الرخيصة سوف تكون قابلة للتلاشي حيث سوف يتسبب إرتفاع سعر النفط بعودة المصانع المهاجرة بحثا عن العمالة الرخيصة لبلادها.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Sunday, May 1, 2016

أنقذوا سوريا

وبدلا من إطلاق شعار أنقذوا سوريا من سواطير يأجوج ومأجوج الذي نقبوا السور وفتحوا فيه ثغرة بإسم الربيع العربي والحرية والمظاهرات السلمية والديمقراطية المزعومة, يتم بتنسيق إعلامي مدهش إطلاق حملة أنقذوا حلب بعد أن إقترب الجيش العربي السوري من إطباق حصاره على إرهابيين من جنسيات أجنبية مختلفة وقلة منهم مواطنون سوريون. وبدلا من إطلاق شعار أنقذوا مخيم البرموك من داعش والنصرة وغيره من فصائل إرهابية أجنبية تحتل المخيم وتمعن التنكيل بسكانه, يتم إلقاء اللوم على الحكومة السورية والجيش والأمن لحصارهم المخيم وإقامتهم الحواجز وكأنه على الجيش السوري إلغاء كافة حواجزه حول مخيم اليرموك ومناطق أخرى ليزحف منها الإرهابيون بكل حرية ويحتلوا العاصمة ويفتكوا بسكانها كما فعلوا في مدن وقرى أخرى.
التنسيق الإعلامي خصوصا صور بروفايلات الفيسبوك الحمراء يثبت وبما لا يدع مجالا للشك أن وراء تلك الحملة وغيرها من الحملات قدرات تتجاوز أفرادا عاديين تستخدم أحدث تقنيات علم النفس والعلوم الإجتماعية في مخاطبة العقل الباطن أو منطقة اللاشعور التي تتأثر بالعواطف وليس بالحقائق وتعمل ضمن منطق ومفهوم الجماعة أو القطيع وليس بجهود فردية. وأنوه هنا إلى إستعانة الخبراء الإعلاميين الذين يشرفون على أكبر حملات الكذب الإعلامية منذ نهاية الحرب الباردة إستخدامهم لمقولة وزير الدعاية الأشهر في التاريخ وهو غوبلز "إكذب إكذب إكذب حتى يصدقك الناس" فهم يكررون الكذبة حتى تدخل إلى عقلنا الباطن وتتحول إلى صورة نمطية يصعب إزالتها بل يكاد يكون ذالك مستحيلا.
أثبت التاريخ وبما لا يدع مجالا للشك فشل مذهب الثورات المدمرة ومذهب الفوضى الخلاقة وأن الهدف النهائي لتلك المذاهب ليس الحكم أو البناء بل الفوضى والهدم. كل ذالك تم إثباته بداية من الثورة الفرنسية والثورة الإنجليزية وأن من يقومون بعبئ تلك الثورات هم أقلية يملئ قلوبها الحقد على وضع قائم لاترى فيها بيئة مناسبة لتحقيق أهدافها في التدمير والتخريب وأنها لايهمها مصلحة الشعب الذي تعلم تلك الجماعات علم اليقين كيف تجعله يلقي بنفسه من حافة الهاوية لو رأى قادة تلك الجماعات في ذالك تحقيقا لأهدافهم الخبيثة.
ليس لي عقل باطن ومنطقة اللاشعور ألغيتها وكفرت بالثورات الفوضوية والإعتصامات الفارغة من أي معنى والإضرابات التي فائدتها الوحيدة الإضرار بالصناعة والإقتصاد بل والقائمين عليها الذي هم بشكل عام ممن ينتمون إلى قاع المجتمع في أي بلد أغلبهم لم ينل حظا من التعليم لسبب من الأسباب مما ولد لديهم حقدا دفينا على المجتمع بكافة فئاته خصوصا الأغنياء حتى لو بدأ أحدهم من الصفر فإن ذالك لن يشفع له عند أولئك الرعاع.
تعودت على تلك النوعية من الحملات الإعلامية مثل إنقذوا حلب فهم يكررونها في كل مدينة مهمة أو موقع عسكري مهم يقترب منها الجيش العربي السوري ويطبق حصاره على الإرهاببين فيها الذين يهرب بعضهم إلى أقرب مدينة أو قرية للموقع المحاصر ويبدأون بالقتل وإرتكاب ماتقشعر له الأبدان وفي النهاية يتم إلقاء اللوم على من تطلق عليهم محطات مثل الجزيرة والعربية لقب الشبيحة بينما يظهر القتلة الحقيقيون على شاشات الفضائيات بنعون القتلى ويذرفون الدموع وبكل وقاحة مطالبين بإسقاط النظام ومستجدين التدخل الدولي.
الهدف من إستهداف سوريا ضمن أجندات مايطلقون عليه تسمية الربيع العربي هو أن تحل ديكتاتورية الجماهير محل ديكتاتورية النظام السوري المزعومة والمصطلحات مصادرها قنوات مثل الجزيرة والعربية والسي إن إن العربي والبي بي سي العربي وغيرها. أعترض على تلك المصطلحات فلست أرى النظام السوري ديكتاتوريا لأن من يصفه بذالك هو محطات تقوم في الوقت نفسه بالترويج للديكتاتورية الدينية وحكم الكهنة وطغيان رجال الدين الذي لا مانع لديهم من المسارعة بقطع رؤوس مخالفيهم بسبب كلمة أو رميهم في السجون بسبب مقالة يفهم منها بشكل غير مباشر إنتقاد النظام.
لماذا لا يجرب أحدهم ممن لايعجبه نظام الحكم في سوريا أن يعيش مثلا في كوريا الشمالية أو سنغافورة التي تطبق قوانين تعاقب من يبصق في الشارع بغرامة مالية كبيرة أو تسجن المنتقدين وتكمم الحريات في ظروف معينة؟ لماذا لايذهبون للعيش في بريطانيا التي نقل عن رئيس وزرائها ديفيد كاميرون "عندما يتعرض أمن بريطاني القومي للخطر فلا يحدثني أحد عن حقوق الإنسان". لماذا لم نسمع صرخة إحتجاج من قبل نفس الجهات والمنظمات الحقوقية على الحرب التي شنتها الحكومات البريطانية المتعاقبة على المتظاهرين الإيرلنديين الذي قاموا بتنظيم أنفسهم في منظمة سلمية تسمى الجيش الجمهوري الإيرلندي؟ نفس الصحف والجرائد والوسائل الإعلامية المختلفة التي لم نسع لها صوتا في تلك الفترة إلا إن كان صوتا مؤيدا لحرب الحكومة البريطانية على الإرهاب, تقوم الأن بإنتقاد الحكومة السورية وتبني شعارات زائفة كأنقذوا حلب. نفس تلك الوسائل الإعلامية قامت بتوفير التغطية والتبريرات لجرائم متعددة منها قتل مئات الألاف من أطفال العراق وتدمير جيلين كاملين على الأقل من أبنائه وإرجاع ذالك البلد عصورا للوراء.
ولو أن تلك الجهات خصوصا الأجنبية مثل منظمات حقوق الإنسان قد أطلقت حملة أنقذوا اللاذقية حين تفاخر الغوغاء بقطع رؤوس السوريين على الهوية ونشر الصور على تويتر وفيسبوك بدون أي إعتراض أو حذف الحسابات لقلت أنهم جهات محايدة مهمتهم نزيهة ومصادرهم تتمتع بالمصداقية. ولو أن محطة السي إن إن إنتجت برنامجا وثائقيا عن عشرات النساء والأطفال في قرى اللاذقية الذين خطفهم مجرمون يعملون تحت مسمى جبهة النصرة ووصفوهم بالسبايا أسوة بطالبات نيجيريا الذي خطفتهم حركة بوكو حرام الإجرامية لأصبحت من متابعي تلك المحطة الدائمين المدافعين عن مصداقيتها. لو تم حمل لافتات في الولايات المتحدة تطالب بإطلاق سراح المخطوفين في اللاذقية كما حصل بخصوص المخطوفات من طالبات نيجيريا لأعتبرت ذالك البلد راعي للحريات والشفافية الإعلامية بدون منازع.
المخطوفون من ريف اللاذقية وخصوصا الأطفال إنتهى الأمر بأغلبهم قبل أن يقوم الجيش السوري بتحرير ماتبقى منهم شهداء بسلاح المعارضة الكيماوي في حلب في محاولة لإستجداء التدخل الدولي بحجة إستخدام أسلحة دمار شامل من الحكومة السورية ضد الشعب. وفي أي توقيت قررت الحكومة ذالك؟ في نفس توقيت زيادة وفد الأمم المتحدة لمناطق مجاورة!!! الحكومة السورية التي إمتنعت عن إستخدام السلاح الكيماوي في منطقة وادي اللجاة قرب السويداء والتي تخلو من السكان ولكن بالتأكيد ليس من الإرهابيين, تقرر إستخدامها في مناطق مأهولة بالسكان الأطفال حصريا والذي تركهم أهاليهم وفروا وفق المثل القائل "إذا جائك الطوفان ضع إبنك تحت قدميك".
لايوجد وضع يقارن سوريا قبل الأزمة بسوريا بعدها كما أن هناك كثير من الأمور سوف تتغير بعد بداية مظاهر إنحسارها إثر تطهير مدينة حلب من رجس الإرهاب الديني وأنصار ديكتاتورية الجماهير. على الجميع أن يعترفوا بفضائل ومزايا نظام حكم الرئيس السوري خصوصا التعليم المدرسي والجامعي والعلاج برسوم جدا رمزية, الإكتفاء الذاتي من إنتاج القمح, زراعة متطورة أدت إلى نشوء إتجاه لتصدير كميات كبيرة من الفائض الزراعي لعدد كبير من الدول, نظام علاج طبي ورعاية صحية يتطور بإستمرار ليغطي كامل التراب السوري, صناعات دوائية على درجة عالية من التقدم وتصدر لعدد من الدول العربية والأجنبية, صناعة منسوجات وملابس خصوصا في مدينة حلب على أعلى مستوى من الجودة والإتقان, ديون خارجية معدومة وبنك مركزي لا يمتلكه مستثمرون بل هو مملوك للشعب السوري وبالتالي للحكومة السوري المسؤولة عن إصدار العملة والتحكم بكمية النقد وتلك الإستقلالية تزعج البعض من القطيع المغرم بالتبعية للأجنبي.
لست أستغرب من محاولة الترويج للفاشلين دراسيا والعاطلين عن العمل وأصحاب المهن المتواضعة والأميين الجهلة على محطات فضائية ووسائل إعلامية من صحف ومجلات لمحاولة منحهم هالة إعلامية لعل وعسى ينفع ذالك بتقوية موقفهم التفاوضي في جنيف وغيرها حيث تضم وفود المعارضة واجهات إعلامية لا تملك من أمرها شيئا لأن الكلمة النهائية لمن يملكون السلاح على الأرض وأغلبهم فصائل مكونة من إرهابيين أجانب يتلقون تمويلا من جهات لا ترغب ولا هم يرغبون في إنتهاء الأزمة ولو دامت 40 سنة أخرى. والسبب في عدم إستغرابي هو قرائتي لتاريخ الثورات التي إنتهت إلى نتيجة عكسية خصوصا الفرنسية والبريطانية والتي تولى المسؤولية والسلطة أشخاص أغلبهم ينتمون للمذهب الفوضوي يعشقون منظر الخراب ومدمنون على منظر الحرائق ورائحة الدم.
الجيش العربي السوري هو الأولى بإنقاذ حلب فدعكم من التدخل بشؤون الأخرين ومحاولة التاثير عليهم بوسائل دعاية إعلامية رخيصة وصور قديمة أو مفبركة تعود لأحداث في بلدا أخرى وتوقفوا عن إستخدام العواطف والعزف على الأوتار الحساسة وأنقذوا أنفسكم من الغرق في مستنقع الإعلام المأجور فأنفسكم أولى بمحاولة إنقاذها.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية