Flag Counter

Flag Counter

Tuesday, January 27, 2015

أسرار نفطية قذرة وكما أن المنتجين يكسبون بسرعة مئات المليارات

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة بسيطة:
الموضوع مترجم وقد أخذ مني بعض المجهود في الترجمة بسبب إستخدام مصطلحات عامية من قبل كاتب الموضوع مماجعل ترجمتها بدون الإضرار بالمحتوى أمرا صعبا ولكنه ليس مستحيلا. إن ذالك هو بداية سلسلة من المواضيع لعرض وجهة نظر الطرف الأخر فيما يتعلق بأصل النفط ونظرية الذروة النفطية. أنا لست معصوما من الخطأ وقد حاولت بذل قصارى جهدي وقمت بالتنقيح بعد الإنتهاء من الترجمة عدة مرات حتى قررت النشر. أرحب بالملاحظات بخصوص الترجمة وكذالك التعليقات بخصوص الموضوع.
النهاية
--------------------------------------------------------------------------------------------------
وفقا لتقارير إخبارية من يوم أمس, فإن الدول الأعضاء في منظمة أوبك قد حققوا مداخيل من مبيعات النفط خلال الستة أشهر الأولى من السنة تقدر بمبلغ 645 مليار دولار(430 مليار يورو). ليس فقط مستهلكي النفط قد أصبحوا متخمين للحد الأقصى, بل قد تحولنا فقط إلى مجرد تابعين للدول المنتجة للنفط. وبشكل يومي يتم إسماعنا الدرس نفسه من كتاب التراتيل بأن النفط غدا في طريقه للنفاذ, إذهب وأحصل عليه حين يمكنك ذالك, وليس كسنة 1855 حين كان الزيت الصخري المسجل من قبل صاموئيل كيير كبرائة إختراع مصنوع من نفط بينسلفانيا الخام يوصف لعلاج كل الأمراض من الإسهال, الروماتيزم, القوباء الحلقية إلى الصمم بل ويتم تحذير المشترين رسميا ويطلب منهم الإسراع قبل أن ينفذ المنتج من مختبرات الطبيعة. هاذا في حين أن أصحاب نظرية الذروة النفطية المخادعون مستعدون على الدوام ليحملوا نفس الرسالة إلى أي بقعة هنا أو في أي مكان ويعملون وقتا إضافيا لزيادة المخاوف لدينا بخصوص إمدادات النفط, ويتم تعويدنا لندفع أكثر من أي وقت مضى لبارونات النفط وشيوخه.
لكن تريث قليلا,تخيل, فقط تخيل أنهم مخطئون وأنهم يضللوننا عمدا. أن منشأ النفط ليس وأكرر, ليس بيولوجيا وفقا للإنجيل الذي علمونا أن نصدقه. إن منشأ النفط في الواقع هو عبارة عن تراكمات كربونية التي يرجع تاريخها إلى بدايات تكون الأرض وبكميات أكبر بكثير مما يعتقد على نطاق واسع. إن إحتواء النظام الشمسي على غاز الميثان تحديدا يتم الإستشهاد به كداعم رئيسي لمصداقية تلك النظرية. ثم عن طريق التسرب من غشاء الأرض, النفط اللاأحيائي(الغير حيوي) هو في جوهره مصدر متجددا يهاجر إلى القشرة الأرضية حتى يتمكن من الهروب للسطح(مشروع النفط الرملي في كندا كما في بعض النظريات) أو محجوز بسبب طبقات كتيمة تشكل خزانات بترولية.
أغلب الأبحاث حول النظرية اللاإحيائية تم القيام بها من قبل مجموعة من الجيولوجيين الروس والأوكرانيين وبدأت في فترة الحقبة السوفياتية خصوصا من قبل نيكولاي ألكساندروفيتش كيردريفستاف والذي إقترح النظرية اللاإحيائية المعاصرة للنفط سنة 1951.
من بين زملاء كيردريفستاف كان البروفيسور في.أ.كروشيكن رئيس قسم الإستكشافات البترولية في الأكاديمية الأوكرانية للعلوم ورئيس مشروع إستكشاف حوض دنيبر دونيتس في أوكرانيا, منطقة يقع فيها 11 حقل نفطي عملاق تحتوي على الأقل على 65 مليار برميل نفط و100 مليار متر مكعب من الغاز القابل للإستخراج مقارنة بالمنحدرات الشمالية لمنطقة ألاسكا. المنطقة تم الإشارة إليها سابقا كونها لاتحتوي أي إمكانية لإنتاج النفط على الإطلاق. الإستكشافات تم القيام بها بالكامل وفقا لورقة بحثية مقدمة من ريتشارد هينبرغ بالرجوع إلى" وجهة النظر المتعلقة بالنظرية الروسية-الأوكرانية المعاصرة عن الأصل السحيق الغير عضوي للنفط".
سؤال, كم مرة سمعت بماريون هوبرت الملك ونظرية الذروة النفطية والتي تعود لسنة 1949 وكم مرة سمعت بكيردريفستاف أو كروشيكن؟ بالتأكيد لهؤلاء الذين لديهم بعض الإهتمام بمصطلح الذروة النفطية, فإن إسم هوبرت يتردد بشكل متواصل بينما كيردريفستاف و كروشيكن, على الأرجح لم تسمع به أو من النادر أن تسمع به على أي حال. ولكن بعد ذالك ومرة أخرى فإن هوبرت كان كبير المستشارين لقسم الأبحاث في شركة إنتاج النفط شل(Shell) ونظرياته كانت تخدم السياسة التسويقية للشركة بشكل جيد. توقعاته التي إنتشرت أول مرة سنة 1949 أن عصر الوقود الأحفوري سوف يكون قصيرا جدا جعلت منه على الأرجح و بمساعدة مهارة خبراء الترويج والدعاية في صناعة النفط, أكثر الجيو-فيزيائيين شهرة.
هل تعتبر نظرية النفط اللاأحيائية(الغير عضوية) قابلة للتطبيق؟ أنا لست جيولوجيا ولذالك فلا أستطيع تخويل نفسي أن أبدأ بالإجابة. إنها بالتأكيد تستحق المزيد من الإستكشاف وبمزيد من الجدية مما عليه الحال حتى الأن. ولكني تعلمت عن صناعة النفط وتوابعها. يمكن للمرء أن يتأكد أنه إذا كانت النظرية اللاإحيائية(الغير عضوية) للنفط تشكل تحديا حقيقيا للنظرية الحالية(العضوية) وعلى وجه الخصوص في عواقبها المفترضة, فإن الخبراء النفطيين سوف يفعلون كل مابوسعهم لتحويل إنتباهنا إلى مكان أخر. وقد كان علينا أن نتعلم أن إمدادات النفط غير محدودة وأن ملابس الإمبراطور سوف تتبخر وأسعار النفط سوف تنهار.
إن تلك التعليقات ليست بأي طريقة تعني التشجيع لزيادة وإستمرارية إستهلاك النفط والطاقة ذات المصادر الكربونية. قضايا الإحتباس الحراري وتغير المناخ هي أساسية على المدى البعيد بالنسبة لنا بأي طريقة لعدم الإستمرار في طريق مجتمع خالي من المنتجات الأحفورية\الكربونية. ولكن ذالك سوف يستغرق وقتا طويلا وفي الوقت نفسه يجب علينا إستعادة عافيتنا الإقتصادية من جشع منتجي النفط وهناك طريقة للبدء بذالك وهي إزالة تلك التقاليد القديمة التي يتم إستخدامها لإحكام قبضتهم علينا. إن الوقت قد حان للبدء في التعامل معهم كمستهلكين أحرار في إختياراتنا تماما كما نفعل مع أي منتج أو مورد. إذا لم تعجبنا سلوكياتهم أو سياستهم التسعيرية أو ولائهم كما في علاقات المستهلكين يجب علينا أن نكون مرة أخرى قادرين على الإتجاه إلى مزود أخر لسلع مشابهة, وكما أننا كعامة الناس ممن يملكون قوة شرائية أو لذالك الأمر فإن الأمة في إهتماماتها الإستراتيجية الخاصة, نقوم بأخذ تجارتنا لمكان أخر. هل ذالك يبدو حاليا بعيد المنال؟ فقط إنتظر.
تفاصيل الموضوع:
Raymond. J Learsy
Posted: 09/12/2008 5:12 am EDT Updated: 05/25/2011 12:40 pm EDT
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Wednesday, January 21, 2015

ماهي العوامل التي أدت إلى الإعلان عن إنهيار إتفاقية بريتون وودز سنة 1973؟

عندما كانت الحرب العالمية الثانية تضع أوزارها, فإن تحالفا من الدول المنتصرة في الحرب كان للولايات المتحدة وبريطانيا فيه دور رئيسي, قد قرر وضع أساس نظام مالي وإقتصادي عالمي تمت الترتيبات النهائية له في شهر حزيران 1944 في سلسلة إجتماعات عقدت في فندق مونت واشنطون الذي يقع في غابات بريتون في ولاية نيوهامبشر. النتيجة مجموعة قوانين إستمر العمل بها من سنة 1944 إلى سنة 1973 حيث تميزت تلك الفترة بإنخفاض مستوى التضخم, إزدهار إقتصادي, إنخفاض مستوى البطالة وإرتفاع المستوى الحقيقي للأجور. كما ان إتفاقية بريتون وودز أفرزت البنك الدولي وصندوق النقد الدولي كمؤسسات للإشراف على التطبيق الدقيق لتلك الإتفاية ومدى إلتزام الدول الأعضاء بها.
كما أن تلك الفترة الزمنية قد إختلفت عن الفترة التي تلت إنتهاء الحرب العالمية الأولى سنة 1921 وصولا إلى سنة 1936 حيث أن إتفاقية بريتون وودز قد أدت إلى إستقرار أسعار الصرف والأسواق المالية نتيجة ربط العملات بطريقة غير مباشرة بالذهب عن طريق سعر ثابت 35 دولار أمريكي للأونصة الواحدة من الذهب. الإقراض قصير الأجل كان يتم من قبل صندوق النقد الدولي لبلدان معينة في حالات خاصة وهي عجز في الميزان التجاري يرافقه تضخم مفرط.
وعلى الرغم من أن هناك العديد من الدول الموقعة على تلك الإتفاقية فإن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي فرضت أغلب الشروط الملائمة لها حيث كانت في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية بلا منافس حقيقي سوى الإتحاد السوفياتي والذي إنهار سنة 1991.
أول بوادر إنهيار تلك الإتفاقية كانت بدأت مع إنتخاب ليندون جونسون سنة 1964 رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية حيث ساهمت سياساته القائمة على الحرب في فيتنام والتوسع في البرامج الإجتماعية والإعفائات الضريبية فيما يعرف بالمسدس والزبدة(Gun and Butter) في تزايد عجز الموازنة بشكل مثير للقلق. إن تلك السياسة والتي أدت إلى زيادة الإنفاق كانت نقطة تحول حقيقية من السياسة الإقتصادية الناجحة والتي إتبعتها الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ولكن لأسباب متعلقة بمراكمة الولايات المتحدة لنمو إقتصادي داخلي ونفوذ سياسي خارجي لفترة طويلة فإن الأثار السلبية لتلك السياسة لم تظهر إلا بعد فترة زمنية طويلة.
على الرغم من مركزية السياسات المالية والتضخم في الولايات المتحدة والتي تعلقت بها الجولة الثانية من المضاربة على أسعار صرف العملات على مستوى العالم إلا أن البداية كانت في المملكة المتحدة(بريطانيا) والتي أدت مجموعة أحداث فيها إلى أول تخفيض في قيمة الجنيه الإسترليني في بريطانيا سنة 1967 منذ إتفاقية بريتون وودز.
من المعلوم أنه حتى نهاية الحرب العالمية الثانية فإن الجنيه الإسترليني كان يشكل نسبة كبيرة من العملة الإحتياطية الرئيسية للبنوك المركزية حول العالم أكثر من الدولار الأمريكي ولكن بنهاية سنة 1965 فإن نسبته لم تتعدى 26% مقارنة بالدولار الأمريكي. كما أن ميزان المدفوعات البريطاني بدأ يتدهور منذ سنة 1960 حتى أصبح تدهور بشكل حاد نهاية سنة 1965. أسباب ذالك التدهور قد لاتخفى على الكثيرين حيث أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية فقد إستقلت الكثير من البلدان التي كانت تحت الإحتلال البريطاني كالعراق والسودان ومصر والهند والتي كانت تلقب بدرة التاج البريطاني مما أدى إلى خسارة بريطانيا للكثير من الأسواق لتصريف منتجاتها والحصول على المواد الأولية الرخيصة وبالتالي إلى تدهور إقتصادها وقيمة عملتها وحتى مكانتها الدولية بشكل تدريجي.
العجز في الميان التجاري لم يكن هو المشكلة الرئيسية بل الكتلة النقدية المتوفرة من الجنيه الإسترليني خارج المملكة المتحدة والتي من الممكن مبادلتها بالذهب أو بالدولار الأمريكي داخل المملكة المتحدة حيث وصلت سنة 1965 إلى أربعة أضعاف. إن ذالك يعني أنه مقابل كل أربعة جنيهات إسترلينية خارج المملكة المتحدة فإن هناك مايعادل قيمة جنيه واحد بالدولار أو بالذهب يمكن مبادلته داخلها.
كانت هناك مجموعة من الإجرائات من قبل الحكومة البريطانية لمواجهة تلك المشكلة ومنع إنهيار الجنيه الإسترليني منها خطوط إئتمان دولية, مبادلة الخطوط الإئتمانية مع بنك الإحتياطي الفيدرالي في نيويورك, حزمة إجرائات تقشفية وتدخل مفاجئ في سوق العملات.
ثلاثة أزمات مر بها الجنيه الإسترليني في الفترة الممتدة من 1964 إلى 1966 وأمكن تجاوزها ولكن الأزمة سنة 1967 كانت ضربة قاضية لقيمة الجنيه الإسترليني بسبب مجموعة عوامل ساهمت فيها. أول تلك العوامل هو إغلاق قناة السويس في حرب الأيام الستة سنة 1967, التوقعات بتخفيض قيمة الجنيه الإسترليني بسبب إستعداد بريطانيا للإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي. النتيجة كانت أن التضخم بدأ بالإزدياد كما في الولايات المتحدة ولكن الحكومة البريطانية عملت على إبقائه تحت السيطرة لمجموعة أسباب أهمها زياة نسبة البطالة والتي يعني زيادة التضخم تحويلها من سيئ إلى أسوأ.
وبسبب إستمرار عمليات بيع الجنيه الإسترليني وفشل الحكومة البريطانية بالحد منها فقد تم بتاريخ نوفمبر 18 1967 القيام بتخفيض قيمة الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي من 2.80$ إلى 2.40$ لكل جنيه إسترليني, مانسبته 14% تخفيض في القيمة. إن قيام بريطانيا في ذالك التاريخ بتخفيض في قيمة عملتها يعد أول شرخ ملحوظ في إتفاقية بريتون وودز التي بدأت بالتداعي والإنهيار.
كانت هناك بوادر لإنهيار تلك الإتفاقية لعل أولها كانت محاولة العديد من الدول تعزيز إحتياطي الذهب في بنوكها المركزية لظهور علامات غير صحية بخصوص قيمة الدولار الأمريكي ومحافظته على مركزه كإحتياطي عالمي.
منذ سنة 1961 فإن تجمع الدول المتعاملة بالذهب قد إستخدمت لندن كمركز لعمليات الأسواق المفتوحة حيث تقوم الدول المشتركة بإستخدام إحتياطي الدولار والذهب في بنوكها المركزية بشكل مشترك من أجل القيام بعمليات بيع وشراء الدولار والذهب للمحافظة على سعر 35 دولار للأونصة بحسب إتفاقية بريتون وودز. تلك الدول هي الولايات المتحدة, بريطانيا, فرنسا, ألمانيا, بلجيكا, إيطاليا, هولندا, سويسرا حيث تقوم الولايات المتحدة بالمساهمة بما نسبته 50% من المصادر اللازمة للمساهة في الإيفاء بالغاية التي تم تأسيس ذالك التجمع بموجبها وهي المحافظة على سعر 35 دولار لأونصة الذهب.
وهنا سوف نعرج على نقطة بسيطة وهي أنه من المعروف أن إنخفاض قيمة الدولار الأمريكي يقابلها زيادة في شراء الذهب من قبل الحكومات وحتى الشركات والأفراد والعكس صحيح. ذالك التجمع كانت الغاية منه تجنب ماحصل سنة 1960 حين تسبب التدافع في شراء الذهب إلى إرتفاع سعره إلى 40 دولار للأونصة مما أدى إلى إنخفاض في قيمة الدولار والإخلال بشروط إتفاقية بريتون وودز.
كانت البنوك المركزية وبناء على تعليمات حكوماتها تقوم بعمليات البيع والشراء في السوق المفتوح والمحافظة على سعر 35 دولار للأونصة ولكن منذ سنة 1965 فإنه من الملاحظ أن العمليات التي كانت تجري محصورة في البيع فقط.
في فبراير 1965, طالب الرئيس الفرنسي تشارلز دي جالي بإلغاء الإعتماد على الدولار كعملة إحتياطية عالمية والعودة إلى المعيار الذهبي الكلاسيكي كون الذهب يشكل أساس نظام نقدي ومالي لا جدال فيه ولا يحمل هوية أو بصمة دولة معينة. في يناير كانون الثاني سنة 1965 أعلنت فرنسا عن قيامها بتحويل ماقيمته 150 مليون دولار من إحتياطها النقدي إلى ذهب وأعلنت نيتها تحويل 150 مليون دولار أخرى. إسبانيا تبعت فرنسا وقامت بتحويل 60 مليون دولار من إحتياطها إلى ذهب.
ماقامت به فرنسا وإسبانيا بالإضافة إلى إتجاه دول أوروبية للقيام بتحويل إحياطها من الدولار كليا أو جزئيا إلى ذهب, قد جاء في نفس التوقيت الذي كانت فيه الشركات الأمريكية تقوم بشراء أصول في الدول الأوروبية بالدولار الأمريكي المبالغ في قيمته حيث شبه الرئيس الفرنسي تشارلز دي جالي الأمر بأنه أشبه بالمصادرة أو التجريد من الملكية.
كانت هناك مشكلتان تواجهان بشكل مبدئي العودة للمعيارا لذهبي الكلاسيكي وتؤجلان العمل به. المشكلة الأولى كانت الإلتزام بتخفيض قيمة العملات بما فيها الدولار مقابل الذهب مما قد يعني مضاربة على أسعار الصرف بين الدول الموافقة والمعارضة على عودة العمل بالمعيار الذهبي الكلاسيكي. المشكلة الثانية كانت أن المستفيد الأكبر من إرتفاع قيمة الذهب مقابل الدولار هي الدول المنتجة له, نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا والإتحاد السوفياتي كانا أكبر المستفيدين كونهما من أكبر منتجي الذهب في العالم.
الولايات المتحدة كان لها حليف في أوروبا وهو ألمانيا الغربية التي أرسل محافظ بنكها المركزي المعروف بإسم دوتشسي بوندزبانك(Deutsche Bundesbank) إلى وليام ماتشينزي مارتن مدير مجلس المحافظين للبنك الفيدرالي الأمريكي رسالة سرية يؤكد له فيها أن ألمانيا لم تقم منذ سنين طويلة بتحويل أي من إحتياطي الدولار لديها إلى ذهب وأنها لا تنوي القيام بذالك في المستقبل القريب. ألمانيا الغربية راكمت إحتياطي من الدولار الأمريكي نتيجة ميزان تجاري إيجابي لصالحها مع الولايات المتحدة بالإضافة إلى تواجد اعداد كبيرة من القوات الأمريكية فيها والتي إستمرت الولايات المتحدة كعرفان باللفتة الألمانية الغربية الإيجابية بإستمرار تحمل تكلفة تلك القوات.
بحلول شهر مارس 1968 فقد كان معدل عمليات البيع من تجمع الدول المتعاملة بالذهب في لندن قد وصل إلى 30 طن متري في الساعة مما أدى بتاريخ 15 من مارس إلى إغلاق السوق لمدة أسبوعين في محاولة يائسة لوقف ذالك النزيف. الكونجرس الأمريكي قد قام بعد أيام قليلة من إغلاق تجمع الدول المتداولة للذهب في لندن بإلغاء قانون يلزم إرتباط العملة الأمريكية بكميات معينة من الذهب مما أدى إلى إطلاق يد الحكومة الأمريكية للمحافظة على سعر 35 دولار للأونصة من الذهب وبالتالي المحافظة على قوة عملتها. ولكن كل تلك الإجرائات كانت بلا فائدة فبنهاية شهر مارس 1968 إنهار تجمع الدول المتعاملة بالذهب في لندن وفق إتفاقية بريتون وودز وأصبح التعامل بالذهب بيعا أو شرائا يمر بمرحلتين. المرحلة الأولى هي مبادلته بسعر 35 دولار للأونصة بحسب إتفاقية بريتون وودز والمرحلة الثانية بيعه بسعر السوق المفتوح وهي 40 دولار أو أكثر للأونصة وتحقيق أرباح وتكرار نفس العملية مما عرض الولايات المتحدة وإحتياطها من الذهب لضغط كبير. ساهمت بعض الإجرائات التي تم إتخاذها من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا خصوصا إجرائات تقشفية في إستعادة التوازن للأسواق المالية في أواخر سنة 1968 وسنة 1969 ولكن لم يعد يخفى على أحد أن إتفاقية بريتون وودز في طريقها للإنهيار الكامل.
صندوق النقد الدولي(IMF) قام سنة 1969 بالإستجابة للنقص في كميات الذهب المعروضة في الأسواق بإنشاء مايسمى حقوق السحب الخاصة(SDR) والتي تكون متناسبة مع حصص كل دولة في الصندوق وتستخدم لتسوية العجز التجاري في ميزانية المدفوعات بين الدول أو بنوكها المركزية. كميات صغيرة من حقوق السحب الخاصة تم إصدارها بين سنتي 1970-1972 ولم يتم إعادة إصدارها حتى سنة 2009 في خضم الأزمة المالية العالمية الأسوأ منذ أزمة الإثنين الأسود سنة 1929.
الثغرة الأخيرة التي أدت إلى الإنهيار الكامل لإتفاقية بريتون وودز وإعلان نيكسون عن إلغاء إرتباط الدولار بالذهب بشكل نهائي سنة 1971 هو إتفاق جينتلمان بين بعض البنوك المركزية الرئيسية بعدم الضغط بإتجاه تحويل الدولار إلى ذهب رغم زيادة كميات الدولار في الأسواق.
نيكسون والذي أعلن قراره في 15 أغسطس 1971 مقاطعا البرنامج التلفزيوني الأكثر شعبية في تلك الفترة (Bonanza) قد قام بتبرير قراره بأنه لن يسمح بترك الدولار رهينة بيد المضاربين الدوليين. ولكن الحقيقة أن السياسات النقدية الأمريكية المتساهلة وخصوصا طباعة كميات كبيرة من الدولار لتغطية نفقات الحرب والبرامج الإجتماعية المتزايدة والعجز في الميزان التجاري للولايات المتحدة هم من كانوا السبب في مشاكل الدولار وليس المضاربين الدوليين.
صدمة نيكسون والتي عرفت بها قرارات سنة 1971 تضمنت ضريبة على كافة المستوردات بنسبة 10% وسياسة تحديد للأجور والأسعار بالإضافة لفك إرتباط الدولار بالذهب قد تم دراستها وإعدادها وإعلانها بطريقة مفاجئة وسرية وبدون إستشارة صندوق النقد الدولي أو حتى شركاء الولايات المتحدة في إتفاقية بريتون وودز. السبب هو الضغوطات التي تعرض لها الدولار الأمريكي في الفترة التي سبقت إتخاذه لتلك القرارات المفاجئة بعدة أسابيع حيث قامت سويسرا بإستبدال دولارات أمريكية بما يعادل 40 طن متري من الذهب وفرنسا التي أصبحت بفضل إتفاقية بريتون وودز تمتلك ثالث أكبر إحتياطي من الذهب خلف الولايات المتحدة وألمانيا وبقيت كذالك حتى سنة 2011 بحسب المعلومات المتوفرة.
الهدف من إعلان نيكسون هو تخفيض في سعر صرف الدولار لجعل الصناعات الأمريكية تنافسية في الأسواق الدولية ولكن المشكلة أن إعلان فك إرتباط الدولار بالذهب لم يكن ليكون له ذالك التأثير فكثير من الدول قامت عمليا بتعويم قيمة عملتها في فترة سابقة لسنة 1971 ولكن قرار 10% ضريبة على المستوردات كان هو الحل السحري بيد نيكسون لإجراء التخفيض المطلوب في قيمة الدولار وإلغاء تلك الضريبة الإستثنائية مع وصول سعر صرف الدولار للقيمة المطلوبة. المفاوضات بذالك الخصوص تولاها سكرتير الخزانة جون كونالي وهو من ولاية تكساس.
وحتى نفهم تأثير ضريبة المستوردات على إنخفاض سعر صرف الدولار مقابل العملات الأخرى فإن أي تخفيض في قيمة الدولار يقابله إرتفاع قيمة صرف العملات الأخرى والتي هي مرتبطة بسعر صرف الدولار بشكل أو بأخر. فعندما أعلنت اليابان تعويم عملتها مقابل الدولار, إرتفعت قيمة الين 7% مقابل الدولار فإذا أضفنا إليها ضريبة المستوردات 10% فتصبح الزيادة في القيمة الإجمالية لأسعار الصادرات اليابانية للولايات المتحدة هي 17% ونقيس على ذالك بقية العملات. تلك الإنعكاسات جعلت قرارات نيكسون موضع ترحيب من قبل أصحاب  صناعة السيارات وصناعة الفولاذ وحديد التسليح وغيرها من الصناعات خصوصا الثقيلة والتي كانت تعاني بشدة من المنافسة في أسواقها الداخلية في الولايات المتحدة من قبل نظرائها في اليابان وألمانيا وغيرها من البلدان.
الإجتماع والذي عقد في أولخر شهر سيبتمبر من سنة 1971 لمجلس الإستشاريين لإتفاقية الجات(الإتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة) للنظر فيما إذا كان قرار الولايات المتحدة بفرض ضريبة الإستيراد 10% تعارض نصوص الإتفاقية. ناثائيل صموئيل ممثل الولايات المتحدة في الإجتماع لم يكلف نفسه عناء تقديم تبريرات أو الدفاع عن موقفه إلا بشكل محدود جدا يكاد لا يذكر كما أن اليابان والدول الأوروبية الأخرى لم تكن ترغب بإستعداء الولايات المتحدة وإتخاذ إجرائات مضادة وخصوصا أنها القوة الوحيدة التي تعد مؤهلة لموازنة التهديد الذي يمثلة الإتحاد السوفياتي خصوصا لدول أوروبا الغربية.
في إجتماع قمة الدول العشرة(G10) والذي عقد في سيبتمبر من سنة 1971 فإن ممثل الولايات المتحدة جون مونالي قد طلب من ممثلي الدول التسعة الاخرى منها سويسرا والتي لم تكن بعد منضمة لعضوية صندوق النقد الدولي, بإتخاذ الإجرائات الضرورية لعكس ميزان المدفوعات التجاري الخاص بالولايات المتحدة من سالب 5 مليار دولار إلى إيجابي 8 مليار من دون تقديم أي توضيحات عن كيفية تحقيق ذالك وترك ممثلي الدول التسعة الأخرى يتناقشون في تلك الوقاحة الغير مسبوقة وتلك النوعية من الشروط.
بعد أسبوعين من إجتماع لندن, وفي أوائل شهر أكتوبر من السنة نفسها فقد تم عقد إجتماع في واشنطون لصندوق النقد الدولي حيث لم يتم تحقيق تقدم يذكر وحيث بدأت أثار ضريبة الإستيراد الأمريكية تظهر أثارها بشدة خصوصا في تصريحات بعض المسؤولين الذين حضروا الإجتماع. وزير التجارة الكندي جان لوك بيبان صرح بأن بلاده سوف تفقد 90 ألف وظيفة تقريبا بسبب ضريبة الإستيراد الأمريكية خلال السنة الأولى لتطبيقها.
صندوق النقد الدولي إقترح مجموعة حلول منها مزيد من القيود حول تذبذب أسعار صرف العملات نتيجة تخفيض في قيمتها, إصدار المزيد من حقوق السحب الخاصة(SDR) وإنشاء بنك مركزي عالمي. ممثل الولايات المتحدة كونالي كان مصرا على مطالبه وليس مهتما بطريقة تحقيقها والتنازل الوحيد الذي قدمته الولايات المتحدة هو رفع ضريبة الإستيراد في حالة شرطها في تعديل الميزان التجاري يسير في الطريق الصحيح حتى لو يصل إلى هدفه النهائي في فترة زمنية محددة.
بحلول شهر ديسمبر, تم عقد إجتماع أخر لمجموعة العشرة(G10) وقد كان كنالي جاهزا لعقد صفقة ملخصها إعادة تقييم قيمة العملات الأجنبية بما معدله 11% يقابلها تخفيض في قيمة الدولار مقابل الذهب 10%. إن ذالك يعني إرتفاع القيمة الدولارية للصادرات الأجنبية للولايات المتحدة إلى 20% تقريبا. مقابل ذالك تقوم الولايات المتحدة بالإلغاء الكلي لضريبة الإستيراد 10%. ومن نتائج ذالك الإجتماع أن رئيس الوزراء الفرنسي بومبيدو وافق على تخفيض ضريبة الإستيراد المفروضة من قبل الإتحاد الأوروبي على واردات الصلب الأمريكية لدول الإتحاد.
الدول الأوروبية واليابان قامت بإجراء تعديلات على أسعار صرف عملتها مقابل الدولار بالزيادة مانسبته 11%-17% بإستثناء فرنسا وبريطانيا والتي إرتفعت بمقدار 9% مقابل الدولار وذالك بسبب إرتفاع أسعار الذهب. اليابان وألمانيا تحملتا العبئ الأكبر حيث إرتفعت قيمة الين مقابل الدولار 17%. الدول الموقعة على محاضر الإجتماعات وافقت على إبقاء الإتفاق الجديد بخصوص أسعار الصرف للعملات في نطاق تداول يتراوح بين 2.5% و 4% كما وافقت الولايات المتحدة وبشكل نهائي على إلغاء ضريبة المستوردات 10%. الإتفاق عرف بإسم سميثسونيان(Smithsonian Agreement).
إرتفعت شعبية نيكسون إثر ذالك الإتفاق كما إرتفعت إثر إعلانه فك إرتباط الدولار بالذهب وتعويم أسعار صرف الدولار الأمريكي. الإتفاق الجديد أدى إلى رفع أسعار الأسهم والسندات خصوصا في مجال صناعة الحديد والصلب وكذالك السيارات حيث من المتوقع أن إيجاد 500 ألف وظيفة جديدة خصوصا في تلك المجالات خلال السنتين القادمتين. كما ان تعويم سعر صرف الدولار أدى إلى تخفيض في قيمته بنسة 5% على الأقل امام العملات الاخرى مما أدى إلى زيادة جاذبية الصادرات الأمريكية مضاف إلى ذالك موافقة فرنسا والدول التي شكلت لاحقا الإتحاد الأوروبي على تخفيض تعريفة الصادرات على السلع والبضائع الأمريكية.
تلك التوقعات المتفائلة لم تتحقق والمنافع من وراء (Smithsonian Agreement) لم تستمر سوى لفترة قصيرة حيث وجدت الولايات المتحدة نفسها في مواجهة أسوأ موجة كساد إقتصادي منذ إنهيار أسواق المال والأسهم في وول ستريت سنة 1929 والكساد الإقتصادي العظيم الذي إمتد حتى دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية.
بتاريخ 23 حزيران\يونيو 1972 تعرض الجنيه الإسترليني لتخفيض في قيمته بلغت 6% مما أدى إلى موجة تخفيض في قيمة مختلف العملات كحجارة الدومينو خصوصا الليرة الإيطالية, المارك الألماني, الفرنك السويسري والدولار الكندي. السلطات الألمانية فرضت قيودا على تحرك رأس المال لحماية المارك الألماني من عمليات شراء مفرطة نتيجة إتجاه الكثيرين للإستثمار به خوفا من تعرضت قيمة الدولار الأمريكي للمزيد من الإنخفاض في قيمته.
كافة الإجرائات التي تم إتخاذها بموجب إتفاقية بريتون وودز فشلت في إعادة الإستقرار للأسواق المالية وأسعار صرف العملات حيث اعلن صندوق النقد الدولي سنة 1973 أن تلك الإتفاقية قد أصبحت منتهية وبداية مرحلة جديدة في أسواق المال والتجارة الدولية من الممكن أن نطلق عليها مرحلة مابعد إتفاقية بريتون وودز.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Saturday, January 17, 2015

أفكار وأراء بخصوص حادثة الصحيفة الفرنسية شارلي هيبدو

الحرية المطلقة التي يقوم الغرب بالترويج لها في الوطن العربي تجد للأسف من المغيبة عقولهم من يقوم بتقديم كافة انواع الدعاية المجانية لها تحت شعار أنا تشارلي والتعاطف مع ضحايا الصحيفة تحت مسمى الإنسانية والتعاطف الإنساني. تلك النوعية من المخلوقات يجب القبض عليها وإيداعها مصحات الأمراض العقلية والنفسية فعلى الرغم من إدانتي للقتل وإستخدام الوسائل العنفية للرد على مثل تلك التصرفات الخرقاء فإن ما  تقوم به الصحيفة الفرنسية ليس من حرية الرأي والتعبير في شيئ بل تفاهة وسخافة وبصراحة وقاحة.
إن ذالك يعيدنا إلى جذور المشكلة الأساسية وهي متعلقة بتصوير الأنبياء والصحابة والسخرية منهم ولكن قبل أن نتحدث عن ذالك هناك أمور بسيطة منها ماهو له علاقة بالصحيفة نفسها ومنها ماله علاقة بالحادثة أود أن أمر عليها قبل إكمال الموضوع.
وقد تظنون أنه مع تقدم الزمن فإن مفهوم حرية الرأي والتعبير يتقدم ويتطور ولكن بالرجوع إلى الفترة التي تلت نهاية الحرب العالمية فإن فرنسا حاكمت رسام كرتوني ساخر يدعى فيليب روبرشت لأنه سخر من اليهود وحكمته أشغال شاقة مؤبدة كما نفذت حكما بالإعدام شنقا بحق كاتب وصحفي يدعى يوليوس سترايكر بتهمة الكتابة والتحريض ضد اليهود.
قامت الصحيفة بطرد رسام الكارتون السياسي موريس ساينت(Maurice Sinet) سنة 2009 بسبب رسم كرتوني سخر فيه من تحول إبن الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي إلى اليهودية لأسباب مالية والتهمة معاداة السامية. الصحيفة الفرنسية شارلي هيبدو هي نفسها وريثة صحيفة فرنسية تم إغلاقها في السبعينيات وتدعى هارا كيري والتهمة السخرية من الجنرال والرئيس الفرنسي السابق شارل ديغول.
في فرنسا نفسها تم محاكمة فنان كوميدي فرنسي يدعى ديودوني(Je suis Dieudonné) بتهمة معاداة السامية لأنه سخر من اليهود والمحرقة في عروضه كما سمعت مؤخرا أنه يواجه محاكمة أخرى بنفس التهمة لأنه لم يرتدع برأي السلطات الفرنسية ولم يتحول إلى مواطن فرنسي مدجن وأليف محب لليهود متعاطف معهم.
سوف لن نذهب بعيدا ففي كندا يواجه مواطن كندي مسلم يدعى جيري ريديك(Jerry Reddick) المحاكمة لأنه سخر من أحداث 9\11 والهولوكست على تويتر. وأود التنويه ان الخبر مازال طازة يعني فريش(Fresh) منذ يومين حتى لا اتهم بأنني أجلب أخبارا بايته منتهية الصلاحية.
الحريات في فرنسا وأوروبا بشكل عام مكانك سر رغم تقدم الزمن وتقدم العلوم الإنسانية. وحتى في كندا ولكن ماذا عن الولايات المتحدة التي توصف بانها أم الحريات بل وابوها وخالتها وعمتها والعائلة كلها والتي قام الأباء المؤسسون بكتابة مايوصف بأنه أعظم دستور كتب لدولة على وجه الكرة الأرضية.
هل سمعت بمقدم البرامج التلفزيونية بيل ماهر؟ هل سمعتم ببرنامجه(Politically Incorrect)؟ هل سمعت بأنه تم إيقافه بشكل نهائي وإخبار المذيع أن يجلس في منزلهم حتى يتربى ويصبح مدجنا وإنسانا أليفا؟ السبب هو أنه إنتقد الجهود الأمريكية في مكافحة الإرهاب إثر أحداث 9\11. على فكرة هو الأن تحول 180 درجة وأصبح ينتقد الإسلام والإرهاب الإسلامي كما يزعم فتم السماح له بالعودة للشاشة الفضية.
والقمة الهزلية للسخرية هي تلك المظاهرة ضد الإرهاب في باريس والتي شارك فيها رعاة الإرهاب ومن يستضيفون معسكرات تدريب الإرهابيين على أراضيهم وخصوصا نتنياهو الذي قام سفيره في فرنسا بتحذيرها من أعمال إرهابية إذا قام البرلمان الفرنسي بالتصويت بالموافقة على مشروع قانون الإعتراف بالدولة الفلسطينية. من يشككون بالأمر عليهم أن يسألوا أنفسهم لماذا لم يقم الرئيس الفرنسي بدعوة نتنياهو للمشاركة في المظاهرة حتى قام نتنياهو بدعوة نفسه؟
في سنة 2011 قام نرويجي قومي متطرف يدعى أندراوس بريفيك بالهجوم على معسكر شبيبي في إحدى المدن النرويجية فقتل 77 وجرح 319 أغلبهم أطفال فكيف تعاطى الإعلام مع تلك الحادثة؟ الجواب أنها جريمة جنائية. هل تم إتهام المسيحية بالتطرف ووسمها بالإرهاب؟ الجواب هو لا. الإعلام الغربي المنافق قام بعد 5 ثواني من تلقي الأنباء الأولية حول الحادثة بإلصاقها بالمسلمين وعندما تبين لهم أن مرتكبها مواطن نرويجي(أصلي) وليس تقليد(مهاجر) إنطبقت عليهم المقولة الشهيرة [كأن على رؤوسهم الطير].
أدين تصفية الحسابات بتلك الطريقة البشعة فهناك طرق قانونية وقضائية ومن الممكن إنشاء صحيفة ساخرة تسخر من كل شيئ في فرنسا بداية من الرئيس وزوجته وحتى صحيفة شارلي هيبدو نفسها ومحرريها وحياتهم العائلية ولكن القتل لا يجعل الأخرين ينضمون لجانبك ويناصرون قضيتك.
هناك مجموعة من الأسئلة بدون إجابة وعلى من يقول أنه شارلي هيبدو البحث عن إجاباتها أولا:
1- كيف دخل القتلة المأجورون إلى مبنى صحيفة من المفترض أنه تحت الحراسة المشددة لتلقيهم تهديدات وصفت بأنها جدية خصوصا بعد الرسم الذي سخر من الخليفة الداعشي أبو بكر البغدادي؟
2- أين القوات الأمنية ومن منحهم كود(رقم) الدخول الرقمي لمبنى الصحيفة؟
3- لماذا قتل المهاجمون 12 صحفيا ولم يقوموا بالمساس بالأجهزة والمعدات وأجهزة الكمبيوتر التي كانت تحوي الروسمات المسيئة؟ لماذا لم يقوموا بتدمير أرشيف الصحيفة المليئ بتلك الرسومات؟
4- أحد الناجيات من الهجوم ذكرت أن أحد المهاجمين كانت له عيون زرقاء بينما المشتبه بهما والذي قتلتهما قوات الأمن الفرنسية لا أحد منهما عيونه لونها أزرق!!!
5- الإحترافية العالية التي تصرف وتحرك بها المهاجمان حتى أن أحدهما إنتبه إلى حذاء وقع منه ولكنه نسي هويته في السيارة؟ تلك نقطة عليها علامة إسنفهام كبيرة.
6- الشرطة الفرنسية إتهمت شخصا ثالثا بمساعدتهما وأنه كان يقود السيارة على الرغم من تبين خطأ ذالك الإتهام والشخص المتهم لديه شهود أنه كان في دوام مدرسته وقت الحادثة. على فكرة من أبسط مبادئ التخطيط لتلك النوعية من الجرائم هو أن سيارة الهروب يكون فيها سائق والسيارة في وضع التشغيل وهو مالم نشاهده في تلك الحادثة. علامة إستفهام أخرى.
7- هل تم قتل الشرطي المسلم ومامدى صحة الفيديو بأن الرصاصة أخطأته ولم تصبه في الرأس؟ وأين الدماء؟
8- سرعة بث الخبر في وسائل الإعلام المختلفة وسرعة بث تفاصيله وخصوصا الفيديو الذي تم تصويره للمهاجمين في الشارع وبزاوية إحترافية وبجودة عالية. إن ذالك ليس تصوير تلفيون بكاميرا كما يزعم البعض والمصور ليس شخصا هاويا. هل هناك من أخبر أحدهم بموعد الهجوم؟ علامة إستفهام ثالثة.
9- حضور الرئيس الفرنسي بتلك السرعة لمكان الحادثة ولو أن تصرفه كان بناء على ردة فعل طبيعية لإستغرق أضعاف ذالك الوقت في إرتداء ملابسه والموكب والحراسات وتأمين المكان من أجل سلامته وهو رأس الدولة الفرنسية. علامة إستفهام رابعة.
10- البيت الأبيض أصدر قرارا بأن عدم مشاركة الرئيس الأمريكي أو نائبه مرجعه الترتيبات الأمنية والتي كانت سوف تأخذ فترة طويلة وتجعل مشاركة الأخرين أمرا صعبا. والسؤال هنا ماذا عن مشاركة العشرات من الشخصيات التي تتطلب الترتيبات الأمنية المتعلقة بها فترة مماثلة؟ على سبيل المثال رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو وديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني.
11- الإسترخاء الأمني بالنسبة للمشاركين في تلك المسيرة وحتى القتلة المأجورين الذي إرتكبوا تلك الحادثة كان مطمئنين بشكل غير طبيعي, كل ذالك أمر يبعث على الريبة والشك.
12- مسلم متدين شديد التعصب يدفعه تعصبه لإرتكاب حادثة قتل جماعية نصرة لنبيه عليه أفضل الصلاة والتسليم ويخرج للشارع ليصرخ إنتقمنا لمحمد!!! هكذا محمد حاف بدون الصلاة والسلام عليه!!!من هو محمد الذي إنتقمت له؟ زميلك في المدرسة, جارك, صديق مقرب فمحمد هو أكثر إسم شائع في العالم العربي والإسلامي وحتى في الغرب بين المسلمين.
13- عندما خرج القتلة المأجورون للشارع بعد إرتكاب جريمتهم وكانوا يصرخون إنتقمنا لمحمد فلمن كانوا يصرخون؟ الشارع كما يقولون باللغة العامية لأهل بلاد الشام (مافيه الدومري) لايوجد فيه أحد. هل كانوا يصرخون لمن كان يحمل الكاميرا ويقوم بالتصوير من إحدى الزوايا؟ هل كانوا يعرفون بوجوده ويعرف بتوقيت إرتكاب فعلتهم؟ هل كان الصراخ من باب الكلام إلك وإسمعي ياجارة؟
إن جذور المشكلة الأساسية بخصوص تصوير الصحابة والأنبياء أو السخرية منهم أعمق من أن ألخصها بموضوع قصير ولكن سوف احاول الإختصار فهناك فتاوي من الأزهر بمنع تصوير الأنبياء والصحابة وإن لم يخيبني ظني فحتى الأن فإن فيلم الرسالة ممنوع من البيع في مصر أو عرضه في دور السينما. في الوطن العربي بشكل عام هناك حساسية من أي شيئ يمس الأنبياء وحتى بالنسبة للمسيحيين العرب(الشرقيين) فظهور صورة وجه المسيح عليه السلام في أماكن غير طاهرة يعف لساني عن ذكرها تعد بالنسبة إليهم هرطقة وأمرا غير مقبول بينما في الغرب يعدونها فكرة تجارية مربحة ومعجزة ويستخدمها أخرون على سبيل السخرية والدعابة وخصوصا الملحدين.
الغرب لم يفهم تلك الحساسية أو نحن فشلنا بشرحها له أو فشلنا بالتعامل مع المشكلة وفشلنا بإستخدام طرق الضغط المناسبة أو أن اللوبيات العربية والمسلمة في فرنسا وأوروبا وأمريكا وكندا, هاذا إن وجدت, فشلت في أي عمل لتوضيح أسباب حنق المسلمين بخصوص تلك التصرفات وأسباب رفضهم لها. والأن بدلا من المقاطعة الإقتصادية لفرنسا وسحب الإعتراف بالجامعات الفرنسية فهناك حزب كلنا تشارلي. يشتمون نبينا عليه أفضل الصلاة والتسليم ثم تقع تلك الحادثة المريبة ويطلب من المسلمين الإعتذار وربما طلب من المسلمين أيضا التعويض لأسر الضحايا ماليا.
وإذا كانت وسائل الإعلام الغربية متعاطفة لتلك الدرجة مع ضحايا حادثة شارلي هيبدو فماذا عن ألاف الضحايا الذين قتلتهم جماعة بوكو حرام في نيجيريا؟ ماذا عن ضحايا التطهير العرقي من المسلمين في بورما؟ ماذا المئات من الضحايا المدنيين لغارات التحالف الدولي المزعومة ضد عصابات داعش في سوريا والعراق؟ ماذا عن مئات الشهداء في قطاع غزة؟
عندما قال الرئيس الليبي معمر القذافي رحمه الله في خطابه بمناسبة ذكرى معركة ساقية سيدي بوسيف في تونس [وهاذا العالم يلي يخدعكم ويقول لكم هاذا عالم متمدين, هاذا عالم همجي, بربري, متخلف, منحط, هو الذي سبب الكوارث في البشرية...إلى أخر الخطاب] كان على صواب. قالوا عنه مجنون ولكن الأيام أثبتت صحة كل كلمة قالها رحمه الله.
https://www.youtube.com/watch?v=WjTFLAuPmuw
مع تحياتي وتمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية




Thursday, January 15, 2015

ماهي الأسباب التي أدت إلى يوم الإثنين الأسود وإنهيار بورصة وول ستريت؟

إن جذور المشكلة المالية التي أدت إلى أزمة الإثنين الأسود وإنهيار أسواق السندات والأسهم في وول ستريت نيويورك سنة 1929 والكساد العظيم الذي بدأ يضرب بأطنابه الولايات المتحدة وأوروبا سنة 1931 مما هدد الإقتصاد العالمي وحركة التجارة الدولية أعمق مما يتصور الكثيرون ولن يكفي موضوع قصير لبحثها وتفصيل أسبابها وأظن أن الكثيرين يجهلون الأحداث الذي أدت إلى ذالك الإنهيار وأجد نفسي ملزما بتقديم شرح مبسط عن أسباب ذالك الإنهيار ونتائجه.
المرحلة الأولى بدأت بين سنتي 1922-1925 حيث قام المؤسسات المالية العالمية بضخ كميات كبيرة من الأموال في أسواق الدول المنتصرة والمحايدة فأدى ذالك إلى إرتفاع الأسعار وزيادة الإنتاج وإنتعاش الأعمال من صناعة وتجارة وظهور فقاعات أسهم وسندات بسبب سهولة التمويل وتراخي شروطه.
وعندما إكتملت الظروف المناسبة لبداية أزمة مالية فقد تم سحب تلك الأموال فجأة, ورفع نسبة الفائدة كان إحدى تلك الطرق لتقليص الكتالة المالية, فكانت النتيجة أزمة 1925 وإنهيار القيم المالية وأصول الشركات والمؤسسات. عندها تدخلت تلك المؤسسات مرة أخرى وقامت بشراء تلك القيم المالية والأصول بأبخس الأسعار وضخت فيها الأموال فإنتعش الإقتصاد مرة أخرى.
المرحلة الثانية الإمتناع عن تمويل شركات النقل البري والبحري في أمريكا وأوروبا بينما تم تقديم القروض بسخاء لنظيرتها الألمانية واليابانية والإيطالية. وعندما تم التأكد من نجاح تلك الخطوة تم الإمتناع عن تقديم القروض اللازمة لمراحل إنتاج وتسويق الحبوب واللحوم في الولايات المتحدة وأوروبا مما أدى إلى تكدسها في الصوامع والمخازن وإنهيار أسعارها لعدم كفائة أساطيل النقل الأمريكية من سفن وشاحنات بسبب نقص التمويل,  بينما في الوقت نفسه تم طرح كميات كبيرة من الحبوب مصدرها الإتحاد السوفياتي واللحوم والتي كان مصدرها الأرجنتين وأستراليا بأسعار متهاودة بصورة مثيرة للشك والريبة. ستالين على وجه الخصوص لعب دورا محوريا حيث باع كميات ضخمة من الحبوب لبيوتات المال العالمية أملا في أن يؤدي ذالك بحسب وجهة نظره إلى إنهيار القطاع الزراعي في الغرب وأن يؤدي ذالك إلى إنهيار إقتصادي شامل وثورة شيوعية في الغرب. إنهار القطاع الزراعي في الولايات المتحدة وأوروبا خصوصا في المناطق الريفية وتبع ذالك عجز المزارعين عن سداد قروضهم للبنوك فإنهار الكثير منها وأعلن إفلاسه أو تم إبتلاعه من قبل بنوك أخرى كما تم شراء مساحات هائلة من الأراضي والبيوت والأصول المالية بأبخس الأسعار أو تم الإستيلاء عليها كونها كانت ضمانات للقروض الممنوحة للمزارعين الذين عجزوا عن السداد. وبسبب تداخل الإقتصاد العالمي بطريقة يصعب فيها من حصول أزمة إقتصادية كبرى كأزمة 1929 في الولايات المتحدة بدون أن تتأثر بها الكثير من البلدان فقد عم الإنهيار الإقتصادي والكساد وزيادة نسبة البطالة في الكثير من الدول الأوروبية وكانت الأكثر تأثرا بريطانيا حيث كانت هناك محاولات من قبل كبرى بيوتات المال العالمية في الولايات المتحدة وعلى رأسها أسرة مورغان لإحلال نيويورك بدلا من لندن كمركز مالي وإقتصادي عالمي.
الأزمة بدأت بإنهيار سوق الأسهم والسندات في وول ستريت سنة 1929 ثم إنهيار شامل في القطاع الزراعي سنة 1930 حيث أغلق 1300 بنك تقريبا أبوابهم وبحلول سنة 1931 تم إعلان إفلاس 2300 بنك أغلبها بنوك زراعية صغيرة ولكن بسبب تداخل الإقتصاد وتعقيداته فلم يتوقف الموضوع عند ذالك الحد بل مثلت مشكلة الديون الأوروبية لكبرى بيوتات المال الأمريكي مشكلة مستعصية على الحل حيث عم الكساد الإقتصادي أوروبا والولايات المتحدة وتوقف دول أوروبية عن دفع ديونها وإنهارت قيمة العملات وبدأت الدول الأوروبية تتخلى عن ربط قيمة عملاتها بسعر الذهب وتعويم العملات في محاولة إنقاذ مايمكن إنقاذه. الحل كان بالتحول للصناعات الحربية بتسهيلات مالية من كبريات بيوت المال الأمريكية وبدأت الدول الأوروبية بالتحضير للحرب العالمية الثانية والتفاهم على ترتيبات نظام مالي وإقتصادي جديد في الفترة التي تلت الحرب وهو ما أفرز إتفاقية بريتون - وودز وهيمنة الدولار كعملة إحتياطية عالمية وهو ماقد يكون محورا لأحد مواضيعي المقبلة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Saturday, January 10, 2015

أنا...الفضائية السورية

بتاريخ الأربعاء 27\يونيو\2012 أسفر هجوم من قبل مقاتلي المعارضة المسلحة السورية على قناة الإخبارية السورية الخاصة الواقع على بعد 20 كم من جنوب دمشق في بلدة دروشة عن إستشهاد ثلاثة من العاملين في القناة وتدمير كامل لإستديوهات القناة وغرفة أخبارها.
إزدواجية المعايير في الغرب وخصوصا التعامل مع المسلمين ليس المشكلة الوحيدة التي نعاني منها بل هي الإزدواجية التي نمارسها في حياتنا بشكل يومي ومستمر حيث لم يكد يبرد دم القتلى في حادثة الإعتداء على الصحيفة الفرنسية حتى خرج المطبلاتية والمهللاتية ومشهلاتية المعارضات العربية يدينون الإعتداء ويدعون للتظاهر دعما للصحيفة وذالك أحد جوانب لمشكلة.
على الجانب الأخر هناك مغسولي العقول ومدمني مطالعة الكتب التراثية الصفراء المغسول عقولهم بعودة خلافتهم المزعومة على أجنحة خليفتهم البغدادي أو الأرودوغاني أو ذالك المتخندق في كهوف أفغانستان ومغاور تورا بورا. هناك من أقنعهم أن بوابة الخلافة الإسلامية تمر من بوابة الصحيفة الفرنسية, أو من أبواب مسرح موسكو, أو مدرسة الأطفال في بيسلان, أو من أسواق بغداد حيث يتم تفجير الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة بالنساء والأطفال والعجائز.
رئيس الوزراء البريطاني قبل ذالك ذكر أنه عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي لبريطانيا فلا أحد يحدثني عن حقوق الإنسان والجيش الفرنسي قام بإنزال دبابات لشوارع باريس وإستخدم طائرات هيلوكبتر وأعداد كبيرة من قوات الأمن والجيش في حادثة إحتجاز الرهينتين في المتجر اليهودي. تخيلوا كل ذالك الإستنفار من أجل شخصين كل منهما مسلح بكلاشينكوف. رئيس الوزراء البريطاني ورئيس الوزراء الفرنسي والرئيس الفرنسي من رعاة الإرهاب الدوليين ومن داعمي الإرهاب في سوريا بالمال والسلاح وتلميع الإرهابيين إعلاميا بإطلاق مسميات عليهم مثل الجيش الحر ومقاتلين معتدلين. المشكلة أن بريطانيا قد ذاقت المر من الإرهاب قبل ذالك في تفجيرات لندن 2005 وفي فرنسا منذ وقت ليس ببعيد تم طعن جندي فرنسي كما تم قتل أخر في بريطانيا وتقطيعه امام العلن وفي الشارع ووقف أحد المجرمين المعتوهين أمام الكاميرات يبرر فعلته. كل تلك الحوادث التي لا ناقة للحكومة السورية فيها ولا جمل وحصلت قبل زمن سابق للأحداث في سوريا, فهل تعلم كاميرون وهولاند من الدرس؟ هل قامت الحكومة السورية بإرسال قتلة مجرمين لبريطانيا لتفجير محطات قطار الأنفاق؟ من أقنع أولئك المعتوهين بأن الطريق إلى نصرة الإسلام والجنة هو تفجير نفسك في حافلة نقل عمومية في لندن؟ هل الحكومة السورية مسؤولة عن ذالك أو أن المجرمين كانوا من رعاياها؟
رأي الشخصي أن الصحيفة الفرنسية أخطأت بخصوص نشر رسومات مسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام ولكن ذالك الخطأ لايقدم أي مبرر للهجوم ولا مقتل كل أولئك الأشخاص بل كان الأولى توضيح أسباب إعتراضنا نحن المسلمون للصحيفة وكيف أننا المسلمون لا نسمح بالسخرية من الأنبياء والأسباب الشرعية الموجبة لذالك.
صحيفة شارلي إيبدو نفسها هي وريثة صحيفة فرنسية بإسم هارا كيري تم إغلاقها لأنها سخرت من شارل ديغول. في الولايات المتحدة تم إغلاق برنامج تلفزيوني لبيل ماهر وبشكل دائم لأنه إنتقد الجهود الأمريكية في مكافحة مايسمونه إرهاب وتم إجلاس المذيع في بيته لفترة طويلة حتى سمح له بالعود للشاشة الملونة بعد أن تم القيان بعمل فرمته له وتحول موقفه 180 درجة. في جميع البلدان الأوروبية والولايات المتحدة بلا إستثناء, يتم محاكمة وسجن وغرامات مالية كبيرة ليس على كل من ينتقد المحرقة النازية حصرا بل كل من يشكك بأرقامها. مثال بسيط حيث يتم الزعم بأن عدد ضحايا المحرقة 6 ملايين يهودي فإذا فند أحدهم ذالك الإدعاء بأن عددهم 59999999 فسوف يجد نفسه مفصولا من عمله ويتسلم إنذارا للمثول أمام المحكمة بتهمة إنكار المحرقة بينما المزاعم بأن عدد ضحايا المحرقة هو 7 ملايين فسوف يتم الترحيب بتلك المزاعم ويتم إستقبال صاحبها في الندوات والمؤتمرات وربما تم منحه جائزة نوبل للسلام ومنصبا فخريا براتب شهري محترم في أحد مراكز الأبحاث.
ولأن الموضوع يدور عن الحرية في فرنسا وخصوصا حرية الرأي والتعبير فهل يحق لي السؤال عن سبب محاكمة مغني راب فرنسي (موسيو إر) لأنه سخر من فرنسا وشبهها بالمومس وذكر أنه يريد أن يبول(يطرطر) على نابليون. وفي سنة 2009 قام الصحيفة الفرنسية نفسها شارلي إيبدو بطرد أحد موظفيها بتهمة معاداة اليهود والرابط تجدونه في نهاية الموضوع.
إثر نهاية الحرب العالمية الثانية, تم الحكم على فيليب روبرشت بالسجن مع الأشغال الشاقة المؤبدة لأنه إنتقد اليهود في رسوم كاريكاتورية كما تم تنفيذ حكم الإعدام شنقا بحق يوليوس سترايكر بتهمة التحريض والكتابة ضد اليهود.
ماذا عن الممثل الكوميدي ديودوني(Je suis Dieudonné) والذي يواجه تهما لاتتوقف بدون كلل ولا ملل بخصوص معاداة السامية. لماذا لا يتم في الدول الأوروبية مثلا تجريم إنكار مجازر الأرمن؟ لماذا لا يتم سن قانون في الدول العربية التي يخرج مثقفوها في مظاهرات أنا شارلي بتجريم إنكار النكبة الفلسطينية؟ هل خرج نفس المثقفون في مظاهرات حين تم قصف مكاتب الجزيرة في العراق وقتل المراسل الصحفي طارق أيوب؟ وأود التنويه إلى أنني من كارهي محطة الجزيرة ولكني لا أمارس تلك الإزدواجية الرخيصة ونفاق وتملق الغرب التي يمارسها الكثيرون فإستشهاد طارق أيوب ليس مناسبة عندي للشماتة بمحطة الجزيرة التي تاجرت بدماء مراسلها وحاولت لعب دور محطة إخبارية ثورجية ووطنية.
وأنا هنا عندي سؤال لمن يقومون بتصوير دولة الكيان الصهيوني على أنها نموذج للحرية والديمقراطية. السؤال ماذا عن غسان كنفاني وبسام أبو شريف؟ الأول قتلته سيارة مفخخة والثاني طرد مفخخ عبارة عن كتاب عن حياة المناضل الأممي تشي جيفارا.
في المملكة العربية السعودية وبتاريخ 9 يناير أي إثر مرور يومين على حادثة الهجوم على الصحيفة الفرنسية, فقد تم تنفيذ أول حكم من أحكام الجلد بحق رائف بدوي مؤسس الشبكة الليبراليين السعوديين. والحقيقة أنني لم أطلع على تفاصيل التهم الموجهة لرائف بدوي ولكنني قرأت أنه تمت تبرئته من حكم الردة وعقوبتها الإعدام. مجمل العقوبات على رائف بدوي بتهمة الإسائة للإسلام هي 15 عاما سجن, مليون ريال سعودي وعملية جلده في مكان عام والتي يتم تنفيذها على مراحل نظرا لعددها 1000 جلدة. رائف بدوي تم محاكمته في محكمة تختص بالنظر في قضايا الإرهاب فهل تم تطبيق نفس الأحكام على الشيخ محمد العريفي الذي ظهر في أحد الفيديوهات مستعينا بنصوص أكل عليها الدهر وشرب ليزعم أن الرسول عليه الصلاة والسلاة لعله كان يبيع أو يهدي الخمر. أليست تلك إسائة للإسلام؟
ماذا عن حمزة الكشغري؟ ألم تتم ملاحقته حتى ماليزيا والقبض عليه وجلبه للسعودية ولم تتم قبول توبته حتى عملوا له كعب داير كما يقول المصريون؟ حمزة الكشغري ورائف بدوي ليسوا العريفي والقرني ولا يمتلكون مثلهم علما شرعيا.
عائض القرني في إحدى محاضراته ذكر أن معاوية إبن إبي سفيان صحابي جليل ثبتت له الصحبة ولكنه من الفئة الباغية بغت على أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب. فتخيلوا لو ان هاذا كلام رجل دين شيعي؟ رجال الدين من أهل السنة والجماعة يعتبرون أي مناقشة لتصرفات الصحابي معاوية إبن أبي سفيان رضي الله عنه طعن فيه قد تستوجب توبة صاحبها. فما رأيهم بكلام عائض القرني؟
من يسيئ أكثر للإسلام, العريفي وأمثاله وكتب تراثية صفراء وأحاديث تطعن في محمد عليه الصلاة والسلام وفتاوي رضاع الكبير ونكاح القاصر وبول البعير أم حمزة الكشغري ورائف بدوي وصحيفة فرنسية لايتحدثون العربية وبعمرهم لم يقرأ أحدهم القرأن وسيرة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام؟
أسئلة سوف تبقى بلا إجابة
http://www.telegraph.co.uk/news/worldnews/europe/france/4351672/French-cartoonist-Sine-on-trial-on-charges-of-anti-Semitism-over-Sarkozy-jibe.html
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Tuesday, January 6, 2015

هل يجوز إطلاق كلمة ثورة على أحداث مايسمى الربيع العربي؟

أحداث مايطلق عليه الربيع العربي هي كجبل الجليد نرى قمته ونسبة كبيرة منه تحت الماء غير مرئية ومن الصعب معرفة كافة التفاصيل ومايجري من وراء ستار من مماحكات ومؤامرات سياسية بين جميع أطراف النزاع.
في البداية أحب أن موقفي واحد من جميع الأحداث في الوطن العربي في تونس, مصر, ليبيا, الجزائر, تونس, المغرب, العراق, سوريا وحتى في البحرين أو المملكة العربية السعودية مع الدعوات بخصوص قيادة المرأة للسيارة حتى وصلت لدرجة أن يهودي يتكلم عن حقوق الإنسان في السعودية وقيادة المرأة للسيارة وأن ناشطات سعوديات يقمن بتوجيه رسالة لهيلاري كلينتون يوم كانت تشغل منصب وزير الخارجية بخصوص ذالك.
أدعم قيادة المرأة للسيارة ولا أرى فيها إلا مشكلة تراثية ومشكلة عادات وتقاليد وهناك الكثير من الفتاوي بأنه ليس هناك مانع شرعي من قياد المرأة للسيارة ولكني أعارض أن يستعين أي شخص بالأجنبي على بلده فهناك قنوات أخرى والتغيير البطيئ يأتي بنتائج مثمرة أكثر من أن يكون دفعة واحدة ويسبب الفوضى.
ماهي الشروط التي يجب أن تتوفر فيما يطلق عليه كلمة ثورة؟
أولا, الثورة لها قائد أو يبرز لها قائد بعد فترة قصيرة من إشتعالها ويكون في الغالب من أحد أركان النظام السابق من الناقمين على الوضع أو إحتل مناصب عسكرية وسياسية هامة ومن صفاته الحزم وحسن التدبير وأن يكون له قدرات تنظيمية واسعة حتى يستطيع أن يقود تلك الثورة إلى بر الأمان ويمنع الإستيلاء عليها خصوصا من قبل تنظيمات الإسلام السياسي.
ثانيا, الثورة تؤدي إلى تغيير ليس العلاقة بين الحاكم والمحكوم حصريا بل العلاقة بين المحكومين أنفسهم, نسيج العلاقات الإجتماعية بين مختلف أطياف المجتمع, داخل الأسرة نفسها, تصرفات الشخص نفسه تتغير نحو الأفضل. من ينظرون للمشكلة على أنه يمكن حلها بتغيير حاكم أو تغيير نظامه فهم مخطئون وعليهم مراجعة أنفسهم فما فائدة ثورة تبقي سيطرة 1% على رؤوس الأموال والمشاريع وتؤدي لإختفاء الطبقة المتوسطة وزيادة نسبة من يعيشون تحت خط الفقر؟
ثالثا, على من يديرون دفة قيادة أي ثورة الإبتعاد عن الفبركات الإعلامية والكذب والتضليل وعليهم المكاشفة والمصارحة والشفافية فهم في النهاية ملزمون بتقديم كشف حساب لأنصارهم ومؤيديهم يوضح الإيجابيات والسلبيات والإنجازات التي تم تحقيقها.
رابعا, من أهم الأهداف التي تسعى أي ثورة لتحقيقها هي العدالة الإجتماعية وتوحيد كافة فئات الشعب وأحب أن أوضح هنا أن الخلاف في وجهات النظر صحي وطبيعي فالثورة قامت بالمعارضة لوجهة النظر الواحدة أو هكذا المفترض بها.
خامسا, الثورة ليست فوضى وحرق للمتلكات العامة والخاصة ونهب وتدمير للمنشئات والبنية التحتية. كملة فوضى أو الفوضى الخلاقة هي كلمة ذات منشأ أمريكي بحت, منتج غربي لتدمير الوطن العربي وأي بلد يعارض السياسة والإرادة الأمريكية.
وبناء على ماسبقت وذكرته عن الشروط الواجب توفرها في مايطلق عليه ثورات, سوف أحاول تقديم وجهة نظر متواضعة وأسأل; هل يجوز إطلاق لفظ ثورات على أحداث الربيع العربي؟
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية


Sunday, January 4, 2015

التضخم المفرط وتأثيره على الإقتصاد الألماني في فترة مابعد الحرب العالمية الأولى

ينقل عن الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون[مارس١٩١٣-مارس١٩٢٢] قوله: أنه (لايوجد أي جزء من الولايات المتحدة حيث لا يعلم أي شخص أن المصالح الخاصة هي التي كانت تدير الحكومة).
أول جولة من المضاربة على أسعار صرف العملات بين الدول المختلفة بدأت فعليا سنة ١٩٢١ في أعقاب الحرب العالمية الثانية ومعاهدة فرساي وإنتهت سنة ١٩٣٦. ألمانيا إستقبلت عام ١٩٢١ بتضخم مفرط تم التخطيط له لتحسين التنافسية إلى أن أدى الإستمرار به لفترة مطولة لتحطيم الإقتصاد الألماني المثقل بأعباء تعويضات الحرب ومعاهدة فرساي. وفي سنة ١٩٢٥ قامت فرنسا بتخفيض قيمة الفرنك الفرنسي قبل العودة للمعيار الذهبي الكلاسيكي مما أكسبها تنافسية مقارنة ببلدان مثل إنجلترا والولايات المتحدة التي عادت للعمل بنوع من المعيار الذهبي الكلاسيكي بأسعار ماقبل الحرب العالمية الأولى. إنجلترا إنسحبت من نادي الغطاء الذهبي الكلاسيكي نهائيا سنة ١٩٣١ مما أدى إلى إكتسابها ميزة تنافسية مقارنة بفرنسا. ألمانيا إنتعشت إثر قرار الرئيس الأمريكي هربرت هوفر[١٩٢٩-١٩٣٣] بتعليق العمل بتعويضات الحرب التي يتوجب على ألمانيا دفعها بموجب معاهدة فرساي والذي تحول لقرار رسمي إثر المؤتمر الذي تم عقده في مدينة لوزان السويسرية سنة ١٩٣٢. الولايات المتحدة قامت سنة ١٩٣٣ بتخفيض قيمة الدولار أمام الذهب أملا بالخروج من أزمة الكساد التي تسبب بها إنهيار الأسهم والبورصة في وول ستريت أو مايعرف بالإثنين الأسود سنة ١٩٢٩, مما أدى إلى إكساب صادراتها ميزة تنافسية في مواجهة إنجلترا إثر تخفيضها قيمة الإسترليني سنة ١٩٣١. وأخير قامت فرنسا وإنجلترا بتخفيض قيمة عملتهما مرة أخرى سنة ١٩٣٦, ففرنسا قامت بتعويم عملتها وفكت إرتباطها مع سعر الذهب, وإنجلترا قامت بخطوتها من أجل الخروج من أسوأ أزمة كساد إقتصادي ولإكتساب ميزة تنافسية أمام الولايات المتحدة وخصوصا إثر قرار بنك الإحتياطي الفيدرالي بتخفيض قيمة الدولار.
القصة بدأت سنة ١٩٢١ حين قام البنك المركزي الألماني المعروف بإسم(رايشسبانك-Reichsbank) بعدة إجرائات تهدف إلى تخفيض حاد في قيمة العملة الألمانية-المارك وذالك بواسطة طباعة كميات هائلة من النقود الورقية بدون أن يوجد مايعادل قيمتها من الذهب مما أدى إلى تضخم مفرط(Hyperinflation). الإجرائات التي إتبعها الرايشبانك كانت عبارة عن شراء سندات حكومية مقابل أموال نقدية كانت تستخدمها الحكومة في تمويل عجز الميزانية والإنفاق الحكومي مما أدى إلى واحدة من أسوأ موجات التضخم في الدول المتقدمة. الهدف الرئيسي هو زيادة قدرة ألمانيا على الوفاء بإلتزاماتها عبر زيادة الصادرات وتخفيض القيمة الفعلية للتعويضات عبر تصدير التضخم في قيمة المارك الألماني لدول بعينها قامت بفرض شروط تعويضات الحرب على ألمانيا.
المشكلة التي واجهها البنك المركزي الألماني هي أن تعويضات الحرب العالمية الأولى المترتبة على ألمانيا كانت مرتبطة بقيمة مايعرف بالمارك الذهبي والنسبة المئوية من الصادرات الألمانية وهو مايبقي التعويضات بعيدة عن تأثيرات التضخم في قيمة المارك الألماني حيث أنه من شروط المعاهدة أن تكون التعويضات بمايعادل قيمتها ذهبا أو عملات بإستثناء المارك الألماني.
التضخم الذي بدأت تلوح ملامحة سنة ١٩٢١ لم يكن يعتبر تهديدا للإقتصادي في بدايته بل كان يعتبر مجرد إرتفاع عادي للأسعار كما أن موجودات البنوك الألمانية كانت تعادل تقريبا إلتزاماتها مما يعني أن أرصدتها مؤمنة ضد الأزمات الإقتصادية. أثار التضخم لم تكن سلبية بالنسبة للجميع فقد كانت هناك شركات عليها ديون تبخرت قيمتها مع التضخم كما أن الكثير من الشركات الألمانية كانت لها فروع خارجية تدر على الشركة الأم عملة صعبة مما أدى إلى تجنيبها الأسوأ في تلك الموجة من التضخم المفرط فحافظت على كينونتها وإستمراريتها.
أكبر المتضررين من أزمة التضخم في ألمانيا كانت الفئة الوسطى وأصحاب معاشات التقاعد من غير المؤهلين لأي زيادة مرتبطة بالتضخم وكذالك من كانوا يدخرون أموالهم بالبنوك وليس لهم عمليات مالية أو حسابات بالعملة الصعبة خارج ألمانيا.
بحلول سنة ١٩٢٢, تحول التضخم إلى مايسمى التضخم المفرط حيث توقفت محاولات البنك المركزي الألماني من السيطرة على تفاقم المشكلة وبدأ بطبع النقود بكميات كبيرة لسد النفقات الحكومية وزيادات الأجور التي تطالب بها النقابات العمالية. وقد تفاقمت الأزمة لدرجة أن البنك المركزي الألماني قد قام بالتعاقد مع شركات خاصة لطبع النقود ولجان مهمتها الحصول على الحبر والمواد اللازمة لطباعة النقود بأي طريقة لدرجة الطباعة على وجه واحد للورقة النقدية لتوفير الحبر.
في سنة ١٩٢٣ ومع إستمرار إنهيار الإقتصاد الألماني وعجز ألمانيا عن الوفاء بتعويضات الحرب, فقد قامت كل من فرنسا وبلجيكا بإحتلال منطقة وادي الرور(Ruhr) لتأمين حقوقهما من التعويضات عن طريق الصادرات من البضائع والفحم. ردة فعل العمال الألمان تمثلت بإبطاء الإنتاج وعمليات تخريب حيث قامت الحكومة الألمانية بطبع المزيد من النقود لتسديد مكافئات وحوافز لتشجيع العمال على المزيد من تلك الأعمال.
وفي نفس السنة فقد تم تداول عملة جديدة هي رينتينمارك(Rentenmark) وكان غطائها مدعوما بقروض التسليف العقاري والضرائب العقارية ولكنها كانت حلا مؤقتا حيث تم إستبدالها سنة ١٩٢٤بعملة جديدة هي ريتشسمارك(Reichsmark) مدعوما بغطاء ذهبي ولكن ليس قبل أن يصل سعر صرف الرينتينمارك(Rentenmark) مقابل (Mark) إلى ١ رينتيمارك: مليون مارك حيث إنتهت عملة المارك الألماني وقتها في سلة المهملات ومجاري الصرف الصحي لأنها أصبحت بلا قيمة.
التضخم المفرط الذي حل بألمانيا كانت له عدة فوائد من الناحية السياسية والإقتصادية. أولا; توحيد الشعب الألماني حول رفض التدخل الأجنبي. ثانيا; إيجاد ذريعة لإعادة التسليح بسبب التدخل الفرنسي والبلجيكي في منطقة وادي الرور(Ruhr). ثالثا; خلق حالة من التعاطف من جانب الولايات المتحدة وإنجلترا بسبب إنهيار الإقتصاد الألماني على الرغم من أن قيمة التعويضات لم تكن مرتبطة بسعر صرف المارك ولكن المزاعم الألمانية بخصوص التضخم المفرط ألقت باللوم تعويضات الحرب سببا لذالك. رابعا; الشركات الألمانية والمؤسسات التجارية التي كانت تحتفظ بأصول مالية خارج ألمانيا بعملات أخرى أو كان لها عمليات ومكاتب خارجية قد خرجت أقوى بسبب قدرتها على شراء شركات وأعمال تجارية منهارة داخل ألمانيا وبالعملة الصعبة لو شائت كما أن ديونها الخارجية قد أصبحت غير ذات قيمة بسبب إنهيار العملة الألمانية والتضخم المفرط.
ألمانيا تخلت لاحقا عن موضوع الغطاء الذهبي للعملة في زمن السلم وليس الحرب بل ويجادل البعض أن التضخم المفرط الذي عانت منه ألمانيا كان مقصودا ولأهداف سياسية, ولكن ذالك ليس المهم بل أن ماجرى في ألمانيا خلال تلك الفترة كان درسا لدول صناعية أخرى أن إقتصادا قائما على عملة ورقية تم تعويمها, قادر في أي لحظة على إتخاذ إجرائات لتخفيض قيمة تلك العملة لتحقيق أهداف سياسية بحتة. تلك المرحلة أثبتت أن الدول من الممكن أن تخرج من مرحلة التضخم المفرط متجنة أغلب الأثار السلبية في حال توفرت لديها العناصر الضرورية لذالك وهي الموارد الطبيعية, العمالة المدربة, الأصول الثابتة والأهم الذهب. خلال فترة لم تتجاوز خمسة سنين على إنتهاء مرحلة التضخم المفرط سنة 1924, حققت الصناعة الألمانية قفزة كبيرة وتفوقت في نموها على دول مثل الولايات المتحدة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Thursday, January 1, 2015

ماهي الأسباب والخلفية التاريخية لإصدار الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت قانون الإستحواذ سنة 1933؟

لأسباب لها علاقة بإنهيار قيمة العملات الورقية, فشل السياسات الإقتصادية القائمة على تعويم العملة وتخفيض قيمتها, مشكلة الديون التي تراكمت على الدول إثر إنتهاء الحرب العالمية الأولى والرغبة في تجنب أثار إنهيار إقتصادي فقد كان هناك توجه لدى الكثير من الدول للرجوع إلى المعيار الذهبي الكلاسيكي للعملات ومن أجل ذالك تم عقد مؤتمر جنوة في إيطاليا سنة 1922 حيث كانت النتيجة معيار ذهبي جديد مختلف عما يسمى بالمعيار الذهبي الكلاسيكي فقد كان يعتمد على إحتياطيات النقد الأجنبي بالإضافة إلى الذهب. الفكرة بإختصار أن الدول المشاركة بالمؤتمر إتفقت على أن بنوكها المركزية سوف تحتفظ بكمية معينة من إحتياطيات نقدية أجنبية سوف يتم التعامل معها بنفس طريقة التعامل مع الإحتياطي الذهبي في مرحلة المعيار الذهبي الكلاسيكي. الولايات المتحدة كانت ملتزمة بموجب إتفاق جنيف على إبقاء سعر الذهب في نطاق 20.67 دولار أمريكي للأونصة ويتم التعامل مع إحتياطيات الدولار الأمريكي التي تحتفظ بها الدول الأخرى بما يساوي قيمتها ذهبا. في إتفاق جنوة لم يتم التخلي عن الذهب بل إختلفت طريقة التعامل معه كإحتياطي حيث لم يعد بالإمكان تداوله كعملات ذهبية وسبائك بين المواطنين بحرية كما كان الحال سابقا وإنحصرت تسوية الحسابات بالذهب بين البنوك المركزية وبكميات محددة محصورة بالسبائك الذهبية وزن 400 أونصة وقيمة بلغت 8.268 دولار أمريكي بما يعادل متوسط قيمة 110 ألاف دولار أمريكي بوقتنا الحالي.
إن تعديل طريقة العمل بالمعيار الذهبي الكلاسيكي لم يمنع المضاربة على أسعار صرف العملات بل وإنهيارها كما حصل في فرنسا سنة 1923 حيث إنهار الفرنك الفرنسي مقابل الدولار الأمريكي وأصبح بإمكان المواطنين الأمريكيين أن يعيشوا حياة رفاهية في فرنسا لم يكن بإمكانهم توفيرها في بلدهم.
ما أطلق عليه المعيار الذهبي المعدل(معيار التبادل الذهبي) لم يكن بدون أثار جانبية خصوصا فيما يتعلق بإحتياطيات النقد الأجنبية حيث أن الدول التي لديها فائض تجاري متراكم بعملة معينة أصبحت تطالب الدولة المعنية بكميات من الذهب مساوية لقيمة تلك العملة بحسب إتفاقية جنوة. ألمانيا على سبيل المثال لم يكن لديها إحتياطي ذهبي كافي للإلتزام بما أقرته تلك الإتفاقية فتم إقتراح مايعرف بخطة داوز على إسم مصرفي أمريكي تشارلز داوز تولى لاحقا منصب نائب الرئيس. البنود التي إحتوتها تلك الخطة تضمنت تخفيضات في قيمة التعويضات التي يتوجب على ألمانيا دفعها بموجب إتفاقية فرساي وتوفير قروض لألمانيا حتى تستطيع شراء كميات من الذهب بما يوافق شروط العمل بإتفاقية جنوة.
مشكلة أخرى برزت في تلك المرحلة التي إمتدت من سنة 1925 إلى سنة 1931 هي أن المضاربة على أسعار صرف العملات كانت تتم عن طريق التلاعب بأسعار الفائدة والمطالبة بكميات من الذهب معادلة في قيمتها لفائض إحتياطي النقد الأجنبي الموجود في البنك المركزي لأي دولة منضمة لإتفاقية جنوة.
أحد عيوب معيار التبادل الذهبي أن البنوك المركزية أصبح في مقدورها التلاعب بأسعار الصرف عن طريق خفض أو رفع سعر الفائدة حيث أن الإحتياطيات النقدية الأجنبية أصبحت تلعب دورا مهما إلى جانب الذهب. أحد الخصائص التي تتمتع بها العملات الورقية هي أنها تعتبر من الأصول للدول التي تمتلكها ومسؤولية بالنسبة للدول التي تصدرها, يطلق عليها باللغة الإنجليزية(Liability) مما يعني أن قيمتها ترتفع وتنخفض تماما كما هي حال الأسهم والسندات. وهنا أرغب في إضافة معلومة ربمت ليس لها علاقة مباشرة بالمرحلة التاريخية الذي أتحدث عنها في هاذا الموضوع ولكن لها برأي تأثيرات مستقبلية تفوق كل تصور ولست أظن أنها معلومة للجميع. تلك هي انه بالإضافة إلى القرار الذي تم إتخاذه خلال قمة مجموعة الدول العشرين والتي عقدت في بريسبن-أستراليا بإنقاذ البنوك من أموال الحسابات البنكية للمودعين كما حصل في قبرص سنة 2011 وليس بحزم إنقاذ حكومية من أموال دافعي الضرائب كما في أزمة 2007-2008 الإقتصادية, فإن سوف يتم الإعلان عن قوانين بنكية جديدة متعلقة بالتعامل مع الإيداعات البنكية ليس بقيمتها الحقيقة بل (Liability) مما يعني أن البنك أصبحت له سلطة التحكم بقيمة حسابك البنكي بالإنخفاض أو الإرتفاع تماما كالأسهم والسندات.
وبالعودة إلى الموضوع فكما ذكرت سابقا, أحد أسباب بداية إنهيار معيار التبادل الذهبي هو التلاعب بقيمة سعر الفائدة وتراكم إحتياطيات نقدية من القطع الأجنبي في البنوك المركزية لبعض الدول. ولتبسيط الموضوع فلنفترض أن فرنسا لديها فائض تجاري مع إنكلترا حيث تفوق قيمة صادرات فرنسا لإنكلترا على قيمة وارداتها منها فإن معيار التبادل الذهبي يعمل بسلاسة مادامت فرنسا توافق على إيداع الجنيهات الإسترلينية التي تملكها نتيجة ذالك الفائض التجاري في بنوك بريطانية مما يساهم في ثبات قيمة الجنيه الإسترليني. وعلى العكس تماما فقد تلجأ فرنسا لمطالبة بريطانيا بما يعادل قيمة تلك الجنيهات الإسترلينية ذهبا أو قد تبادلها مع دولة أخرى مقابل الذهب مما سوف يعرض قيمة العملة للإنهيار وإنخفاض كميات النقد من الجنيهات الإسترلينية في الأسواق البريطانية. معيار التبادل الذهبي تم صياغة قوانينه لتجمع أفضل المزايا من المعيار الذهبي الكلاسيكي والعملات الورقية ولكن في الحقيقة فقد جميع أسوأ تلك المزايا وخصوصا التعويض المفاجئ للإحتياطيات النقدية الأجنبية مقابل الذهب. لتقريب الصورة إليكم تخيلوا مستأجرا لم يقم مالك المنزل بجمع الإيجار منه سنة كاملة ثم فجأة طالبه بقيمة إيجار 12 شهر. في تلك الحالة فإن بعضهم قد يكون قام بإدخار قيمة الإيجار وبعضهم الأخر قام بإنفاقه مما قد يعرضه للطرد من المنزل. نفس التفاصيل من الممكن أن تنطبق على طريقة العمل بمعيار التبادل الذهبي كما حصل مع فرنسا بدايات سنة 1927 والولايات المتحدة بدايات سنة 1928. ففي فرنسا ونتيجة زيادة نسبة صادراتها لإنكلترا على نسبة وارداتها منها فقد تراكم لديها إحتياطي تجاري إيجابي بالجنيه الإسترليني مما أدى إلى تقلص كميات النقد في المملكة المتحدة وتوجب علها رفع سعر الفائدة ولكن حاكم البنك المركزي(The Bank Of England) رفض ذالك لأسباب سياسية ولقناعته بأن الحاصل كان نتيجة قيام الفرنسيين بالتلاعب بقيمة عملتهم عن طريق تخفيضها حيث أصبحت أسعار صادراتهم لإنجلترا منخفضة الثمن. أما بالنسبة للولايات المتحدة والتي قامت بتخفيض الفائدة حتى سنة 1927, فقد عادت ورفعتها بعكس التصرف الطبيعي في مثل تلك الظروف وهو إبقاء السعر المنخفض للفائدة وذالك مخافة نشوء فقاعة في مجال الأسهم والسندات.
كل ماسبق ذكره له علاقة بعدم التنسيق بين البنوك المركزية خصوصا في الولايات المتحدة, إنجلترا, ألمانيا وفرنسا حيث فضلت تلك الدول مراعاة أوضاعها الداخلية بغض النظر عن القوانين التي يفرضها معيار التبادل الذهبي ولكن هناك مشكلة أخرى لم يكن لها علاقة بكل ماسبق وهي إختلال التوازن المالي بين أوروبا والولايات المتحدة بسبب الحرب العالمية بسبب زيادة صادرات الولايات المتحدة من السلاح والذخيرة لأوروبا وإشتراطها الدفع ذهبا أو بضمان كميات معينة من الذهب. فبالنسبة لأوروبا, أصبح لديهم كتلة نقدية كبيرة بسبب طباعة الأموال لتغطية نفقات الحرب بدون أن يكون لتلك الكتلة المالية مايعادلها من الغطاء الذهبي بينما الولايات المتحدة تمتلك كميات من الذهب تفوق الكتلة النقدية الموجود لديها فأصبح من الصعوبة على أوروبا القيام بتعديل الوضع القائم لوجود عجز تجاري بينها وبين الولايات المتحدة بالإضافة إلى إرتفاع مستوى الدين بسبب الحرب.
إذا ماهو الحل المقترح؟
كان هناك عدة حلول مقترحة أولها تقليص الكتلة المالية عبر رفع سعر الفائدة حتى تتعادل نسبة الذهب\الكتلة المالية وتعود لمستويات ماقبل الحرب. الإقتراح الأخر كان رفع سعر الذهب حتى تتساوى قيمته مع كمية الكتلة المالية التي جرت طباعتها لتغطية نفقات الحرب. الإقتراح الأول كان سوف يؤدي إلى كساد إقتصادي غير حميد(إرتفاع نسبة البطالة, زيادة إعلان إفلاس البنوك والمصالح التجاري, تقليص كمية النقد المتوفرة, تقليص مستوى الديون, تقييد التمويل للمشاريع والمصالح التجارية) وهي من أعراض الكساد الغير حميد, والإقتراح الثاني كان سوف يؤدي إلى تضخم قد يتحول إلى تضخم مفرط.
الولايات المتحدة لم تكن بمنأى عن تلك التأثيرات حيث أنها كانت تعاني من زيادة كميات الذهب الموجودة بحوزة الحكومة الأمريكية التي كانت تشترط الدفع ذهبا قيمة صادراتها خلال فترة الحرب العالمية الأولى وكان الميزان التجاري مع أوروبا إيجابيا لصالحها. الكساد الغير حميد هو ماكان مطلوبا في تلك المرحلة من أجل التمهيد للعودة للمعيار الذهبي الكلاسيكي ولكن ذالك لم يكن خيارا مقبولا للولايات المتحدة حيث بدأت بوادر الكساد الغير حميد بالظهور في الولايات المتحدة نتيجة أزمة 1929 وقيام دول أوروبية عديدة بتخفيض في قيمة عملاتها مما أكسب صادراتها ميزة تنافسية على صادرات الولايات المتحدة.
بتاريخ نوفمبر 1932 تم إنتخاب فرانكلين روزفلت رئيسا للولايات المتحدة وتم تنصيبه رسميا في شهر مارس 1933 حيث قام بإتخاذ مجموعة إجرائات عاجلة منها تفعيل قانون الطوارئ الذي يمنحه صلاحيات واسعة منها إقتصادية حيث تم إعلان عطلة بنكية لمنع المزيد من المواطنين سحب ودائعهم من البنوك. كما أنه بتاريخ 9 مارس 1933 تم تمرير قانون الطوارئ الخاص بالبنوك(Emergency Banking Act) الذي منح بنك الإحتياطي الفيدرالي صلاحيات إقراض البنوك وفق شروط معينة.
تمكن فرانكلين روزفلت من إستعادة الثقة بالبنوك وإصطف الأمريكيون في طوابير لإيداع أموالهم التي سحبوها سابقا وكان عليه الأن الإلتفات إلى مشكلة أكثر إلحاحا وهي كساد إقتصادي أصاب الولايات المتحدة بسبب تخلي الكثير من الدول وبشكل نهائي عن المعيار الذهبي للعملات ولجوئها لتعويمها مما أدى إلى إنخفاض قيمة صادراتها وخصوصا للولايات المتحدة التي عانت من كساد إقتصادي وزيادة نسبة البطالة.
الطريقة التقليدية لمعالجة تلك المشكلة كانت برفع سعر الذهب حيث قام روزفلت بإستخدام صلاحيات قانون الطوارئ الممنوحة له برفع سعر أونصة الذهب من 20.67 حسب إتفاقية جنوة إلى 25 دولار ثم 30 دولار للأونصة ولكن كانت هناك مشكلة واجهت الحكومة الأمريكية ملخصها أن كميات كبيرة من الذهب كانت موجودة بحوزة مواطنين وشركات خاصة لم ترغب في بيعها تحت تخمين المزيد من إرتفاع أسعار الذهب في المستقبل. ولحل تلك الإشكالية فقد قام روزفلت مرة أخرى وبموجب قانون الطوارئ بإصدار قانون الإستحواذ في واحدة من أكبر عمليات السرقة في التاريخ الحديث. الأمر الذي أصدره روزفلت حمل رقم 6102 بتاريخ إبريل 5 1933 حيث ألزم جميع المواطنين والشركات بتسليم جميع مالديهم من موجودات ذهبية سواء سبائك أو مجوهرات أو شهادات إستثمار مقابل سعر 20 دولار للأونصة. القانون تم إصداره بإستثنائات بسيطة لأطباء الأسنان ومحلات المجوهرات ومن تتطلب مهنته منه التعامل مع الذهب بشكل يومي وكذالك سمح للمواطنين بالإحتفاظ ماقيمته 100 دولار أي خمسة أونصات وتم فرض غرامات لا تتعدى عشرة ألاف دولار أو عشرة سنين سجن على المخالفين.
أمر الإستحواذ الذي أصدره روزفلت أتبعه بمجموعة أوامر منها أمر رقم 6111 أبريل 20 1933 بمنع تصدير أي كمية من الذهب من الولايات المتحدة بدون إذن وزير الخزانة وأمر رقم 6261 أوغسطس 29 1933 بإلزام جميع مناجم الذهب في الولايات المتحدة بيع إنتاجها حصريا لوزارة الخزانة مما يعني عمليا تأميم جميع مناجم الذهب في الولايات المتحدة.
وقد بلغت كمية الذهب التي تم الإستيلاء عليها من المواطنين الأمريكيين بموجب قانون الإستحواذ 500 طن متري تم تخزينها في قاعدة فورت نوكس في مبنى تم إنشائه خصيصا لتلك الغاية حيث إمتلئ طابق التسوية الخاص بوزارة الخزانة الأمريكية بالذهب المسلوب من المواطنين.
ولم يكتفي الرئيس الأمريكي بقانون الإستحواذ والقوانين الأخرى التي تلته وتم إصدارها في فترات متقاربة, بل قام بعمليات شراء للذهب في السوق المفتوح مما أدى إلى إرتفاع أسعار الذهب مقابل الدولار الذي خسر 70% من قيمته وحتى وصل سعر أونصة الذهب إلى 35 دولار وعندها قرر روزفلت تثبيت السعر عند ذالك الحد. الكونجرس الأمريكي قام بتثبيت تلك القيمة قانونيا بإصدار قانون الإحتياطي الذهبي سنة 1934 الذي بالإضافة إلى تثبيت سعر أونصة الذهب عند مستوى 35 دولار. وبالإضافة إلى ذالك فقد تم بموجب القانون نفسه إلغاء مايسمى فقرة البند الذهبي(Gold Clauses) ولم يتم إعادة العمل بها حتى سنة 1977. البند الذهبي بإختصار هي شرط بأي عقد أو تعامل تجاري أنه في حالة تغير التسعيرة الدولارية للذهب فيجب أن يتم تغير القيمة النقدية في العقد أو التعامل بما يساوي القيمة السابقة وبذالك يتم حماية طرفي التعامل من ظروف التضخم أو الإنكماش الإقتصادي.
وكما أنه بموجب قانون الإحتياطي الذهبي فقد تم إنشاء صندوق إقتصادي يتبع وزارة الخزانة(Treasury Exchange Stabilization Fund) ويتم تمويله من أرباح عمليات الإستحواذ على الذهب ويتم إستخدامه من قبل وزارة الخزانة للتدخل في أسعار الصرف أو عمليات السوق المفتوح. إتفاقية جنوة لم تكن أخر إتفاقية تم عقدها قبيل بداية الحرب العالمية الثانية بل كانت هناك إتفاقية تريبايتايت(Tripartite) وهي إتفاقية غير رسمية ضمت في بدايتها الولايات المتحدة, بريطانيا وفرنسا وإنضمت إليها لاحقا دول أخرى مثل بلجيكا وهولندا وسويسرا. تتلخص بنود إتفاقية (Tripartite) بأن الدول المنضمة للإتفاقية توافق على شروط الإتفاقية المتلخصة بعد القيام بتخفيض غير مبرر بقيمة عملتها المحلية وعلى بيع الذهب فيما بينها بعملة الدولة البائعة وبسعر متفق عليه مسبقا. الولايات المتحدة وبموجب شروط الإتفاقية وافقت على إلغاء الحظر على تصدير الذهب وبيعه بسعر 35 دولار للأونصة للدول المنضمة للإتفاقية التي توافق على بيع الذهب للولايات المتحدة بسعر متفق عليه مسبقا بموجب شروط تلك الإتفاقية.
إن إتفاقية Tripartite نجحت في فرض إستقرار أسعار الصرف, إنهاء حالة التخفيض الحاد في قيمة العملات والمضاربة على أسعار الصرف ولكنها فشلت في إنعاش حركة التجارة العالمية والسبب هو كمية الديون المتراكمة بين الدول المختلفة والتي جعلت ببساطة العودة لنوع من المعيار الذهبي وربط العملات بالذهب مهمة شبه مستحيلة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية