Flag Counter

Flag Counter

Thursday, April 18, 2019

لماذا لا ترغب الولايات المتحدة والدول الغربية بالقضاء على تنظيم داعش؟

لايمكن القضاء على داعش وأي تصريح يخالف ذلك ليس الا مجرد فرقعة إعلامية لا تستند على أي أساس علمي أو منطقي. كل تصريح بأنه يمكن القضاء على التطرف وفورا هي خاطئة وتجانب الصواب. داعش ليس شخصا تطلق عليه النار فيتلاشى, بل هي عبارة عن أيدولوجيا وأفكار وهي لا تنتهي بوفاة معتنقها بل من الممكن أن تنتقل لأولاده ومن ثم لأحفاده وهلم جرا. الأفكار مثل الفيروسات من الممكن أن تنتقل بالعدوى والتلقين المتكرر حتى تترسخ في العقل الباطن وعندها نكون قد وصلنا لمرحلة اللاعودة. العمليات العسكرية قد تقضي على مقاتلي داعش, قد تقضي على قيادات داعش, معسكرات داعش ومخازن سلاحهم, ولكنها لن تقضي على أفكارهم. المعركة مع الفكر المتطرف الذي تمثله داعش أحد أذرعه المتعددة يشبه المعركة مع حيوان الهيدرا الأسطوري, تقطع له ذراعا, ينبت مكانها عشرة. ولكن على الرغم من ذلك, فإنه يمكن تقليص الخطر الذي تمثِّله تنظيمات مثل داعش وجبهة النصرة على المدى الطويل بإتباع سياسة إعلامية ناجحة تسير بالتوازي مع العمل العسكري على الأرض.
ولكن لا أحد يريد القضاء على داعش حتى لو كان ذلك ممكنا لمجموعة أسباب أذكر بعضها. السبب الأول هو أن دولا غربية وبالتحديد الولايات المتحدة ترى في تنظيمات مثل داعش وجبهة النصرة عصا غليظة لتأديب حلفائها من الدول الأوروبية التي ترفض السياسات الأمريكية أو تعارض الهيمنة الأمريكية على العالم. الحرب الأمريكية على الإرهاب تحولت الى حرب ضد الشعوب وقيم الحرية والعدالة حيث يتم مصادرة الحريات بإسم خطر الإرهاب الإسلامي. السبب الثاني هو أن الولايات المتحدة ترغب في إضعاف داعش وعدم القضاء عليها لاستخدامها مستقبلا ضد إيران في صراع سني-شيعي دموي. السبب الثالث هو أن تنظيمات الإسلامية التي استخدمت العنف وسيلة لتحقيق أهدافها أصبحت تمثل شماعة يلقي عليها السياسيون الأوروبيون أخطائهم وعثراتهم. السبب الرابع هو أن تنظيمات الإسلام السياسي وحتى تنظيمات مثل داعش وجبهة النصرة أصبحت مرتبطة مع شخصيات غربية نافذة ورجال أعمال وشركات في شبكة علاقات ومصالح وصفقات نفطية بمبالغ مالية ضخمة.
تركيا هي أحد أكبر الدول الداعمة للتنظيمات المتطرفة مثل الجيش الحر, جبهة النصرة وداعش وأحد أكبر المستفيدين منهم. مصانع حلب التي تم تفكيكها ونهبها من قبل لواء التوحيد, أحد التنظيمات التي تتبع عصابات الجيش السوري الحر, بيعت الى تجار مقربين من أبناء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان, صوامع الحبوب في دير الزور والرقة والحسكة تم تفكيكها وبيعها لتجار أتراك وكذلك القمح تم بيعه في تركيا ومؤخرا تبين أن كميات كبيرة من الأموال والذهب التي استولى عليها تنظيم داعش في سوريا نقلت الى تركيا. الرئيس التركي الذي لم يخفي قلقه من وجود مقاتلين أكراد على حدوده سمح لعناصر داعش بالعبور على مرأى من حرس الحدود التركي لقتال الأكراد في عين العرب-كوباني وكان جرحى الإشتباكات من مقاتلي داعش ينقلون لمشافي عسكرية تركية. عناصر داعش يدخلون الى سوريا من الحدود التركية التي يعتبرونها عائدين لقضاء إجازة أو للعلاج ويتجولون في المدن التركية بدون أن يتعرضوا للمضايقة من قبل عناصر الأمن الأتراك. نائب في البرلمان التركي فضح بالوثائق والوقائع تستر الأجهزة الأمنية التركية على أنشطة تنظيمات مثل جبهة النصرة وداعش التي تمتلك معسكرات تدريب على الحدود بين سوريا وتركيا.
الحرب على الإرهاب ومكافحة تنظيمات الأصولية الإسلامية دخلت منظومة الرأسمالية والعولمة وبالتالي أصبح تحقيق الأرباح أولوية على حساب دماء الأبرياء. الإرهاب أصبح عابرا للقارات لا يعترف بالحدود بين الدول ويضرب في أي مكان وكل مكان. السياسات الأمنية التي اتبعتها الدول الغربية تحت مسمى الحرب على الإرهاب قد فشلت في تحقيق أهدافها بل زادت الأمر سوأً بسبب السياسيين الغربيين المنافقين الذين يكذبون على شعوبهم, فهم يستضيفون قادة الإرهاب تحت مسمى لاجئين إنسانيين, يروجون للحرب على الإرهاب, ينثرون كاميرات مراقبة في كل شارع وكل زاوية ويتنصتون على الاتصالات الهاتفية ومراسلات البريد الإلكتروني ومع ذلك يفشلون في ضبط الإرهابيين والقضاء على الإرهاب. الولايات المتحدة وبريطانيا على رأس الدول الراعية للإرهاب خصوصا إرهاب الدولة. بل إن الولايات المتحدة تحولت الى دولة مارقة, تمارس العنف ضد مواطنيها بدون رادع حسبما يرى المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي. فرنسا التي أجلت مرارا وتكرار أعمال صيانة كنيسة نوتردام التاريخية بذريعة عدم توفر التمويل حتى تعرضت مؤخرا الى حريق مروع, صرفت أموالا طائلة لإسقاط الأنظمة في ليبيا وسوريا وخلق حالة من عدم الإستقرار في عدة دول أفريقية.
إن التنظيمات الإرهابية فاعلة في الشبكة العنكبوتية عبر وسائل التواصل الاجتماعي خصوصا فيسبوك وتويتر حيث تقوم بتجنيد الأعضاء وجمع التبرعات ونشر المواد الدعائية. كما انها تقوم بتحويل وتلقي الأموال عبر وسائل دفع إلكترونية مثل باي بال والتجارة في العملات الإفتراضية مثل بيتكوين. تنظيم الجيش الحر كان ينشر فيديوهات قتل دموية على موقع اليوتيوب وعلى مواقع الكترونية تعمل خوادمها إنطلاقا من دول أوروبية. أعضاء في جبهة النصرة وداعش كانوا ينشرون تغريدات وفيديوهات على موقع تويتر ويوتيوب بدون أن تتم مضايقتهم. الولايات المتحدة التي تتفاخر بفرض عقوبات اقتصادية محكمة على دول مثل إيران, سوريا وفنزويلا ولكن في الوقت نفسه تتعامى عن أنشطة تنظيمات الإسلام السياسي المالية وتمويلها للإرهاب وتفرعاتها العسكرية مثل الجيش الحر, جبهة النصرة وداعش.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Sunday, April 14, 2019

ثورات جياع أم فوضى خلاقة

وبعد مضي كل تلك السنين على ما اصطلح على تسميته إعلاميا ثورات الربيع العربي, ما زال مستقبل المنطقة السياسي, الإقتصادي والاجتماعي غامضا ومجهولا. الوعود البراقة بتحويل بلدان الربيع العربي الى جنة ديمقراطية وواحة للعمل والبناء والإستثمار تبخرت في الهواء. ويقال أن ثورات الربيع العربي لا هوية لها وأنَّ وقودها هو الجوع أو وعود السياسيين الكاذبة ولكن ذلك هراء محض, جياع يتظاهرون ويحملون أحدث الهواتف الذكية التي لا يقل ثمن أحدها عن 500-600 دولار. مؤسس ويكيليكس جوليان أسانج الذي تم إعتقاله مؤخرا بعد أن إنتهت مهمته وأدى الدور المطلوب زعم أن موقعه هو المسؤول عن إشعال ثورات الربيع العربي إثر نشر وثائق فساد لا يعرف كيف وصلت اليه ومن سربها وماهو الثمن المدفوع. في عالم السياسة, كل شيء له ثمن. مؤسس موقع ويكيليكس حجب نشر وثائق لها علاقة بدولة قطر مقابل مبلغ ضخم قبضه نظرا لحاجة موقعه للتمويل. مع ملاحظة أن جوليان أسانج  لا ينشر وثائق متعلقة بالكيان الصهيوني في موقعه أو قد ينشر وثيقة هنا أو هناك لذرِّ الرماد في العيون. محامية جوليان أسانج هي البريطانية أمل علم الدين من أصل لبناني, متزوجة من الممثل الأمريكي جورج كلوني الذي يعتبر من أكبر المؤيدين لإنفصال جنوب السودان فقد كان يزود المتمردين عن طريق شركة خاصة بصور أقمار صناعية لتحركات الجيش السوداني. أحد أقرب أصدقاء أمل علم الدين هو جاريد كوهين والذي يعتبر من أهم المدراء التنفيذيين في شركة غوغل. أمل علم الدين من أكبر الداعمين للثورات الملونة ومحامية رئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة يوليا تيموشينكو والتي تعتبر أحد المتزعمين لتلك الثورات في أوكرانيا.
في عالم السياسة, لا يترك أمرٌ للصدفة. وسائل التواصل الاجتماعي تحولت الى مرتع خصب لنشر الإشاعات والأخبار الكاذبة ولعبت الدور الأكبر في تحريك متظاهري الربيع العربي في بلدان مثل تونس, مصر, ليبيا, سوريا والان الجزائر والسودان. متابعي وسائل التواصل الإجتماعي مثل الفيسبوك وتويتر يتم التعامل معهم من قبل خبراء الحرب النفسية والإعلامية على أنهم قطيع, أي خبر كاذب يتم نشره في مجموعة على الفيسبوك ثم تتناوله محطة إخبارية بالتحليل والتمحيص وتقوم بتلميعه وعمل الدعاية له ليتحول الى مانشيت خبر رئيسي في صفحات الجرائد والفضائيات. القطيع يقوم بعمل لايكات وشيرات بعشرات الآلاف أحيانا من دون أن يكون لديهم أي فكرة عن مصداقية ذلك الخبر بسبب الصورة النمطية التي نجحت وسائل الإعلام في تعميمها وغرسها في العقول. وسائل الإعلام أكملت المهمة التي بدأتها مواقع التواصل الإجتماعي في نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة لتعميم ونشر فوضى كونداليزا رايس الخلاقة في الوطن العربي. محطة البي بي سي البريطانية نشرت خبرا أن ثروة الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك في الخارج هي 70 مليار دولار من عدا ثروته في مصر وثروة أسرته, زوجته وأولاده. خبر كاذب لم تقدم عليه البي بي سي وثيقة واحدة تدعم مصداقيته ومصداقية القناة التي ولدت من رحمها قناة الجزيرة التي تمارس في الوطن العربي نفس الدور القذر الذي تمارسه قناتها الأم.
وسائل الإعلام تحرض حاليا على السودان والجزائر ومن يعلم من سوف تكون الضحية التالية. متظاهرون سودانيون اقتحموا منزل الرئيس السوداني ونشروا فيديوهات في وسائل التواصل الإجتماعي. شاهدت أحدها, منزل عادي جدا أثاثة متواضع مقارنة برئيس دولة من المفترض أنه كان فاسدا ويحوز أرصدة بنكية في الخارج بمليارات الدولارات. في الجزائر, وسائل الإعلام خصوصا القطرية مثل الجزيرة ومواقع إخبارية ظاهرها أنها مستقلة بينما تتلقى في الباطن تمويلا قطريا عن طريق المتصهين عزمي بشارة تتحدث عن الديمقراطية والإنتخابات ومرض الرئيس الجزائري الذي أصبح عاجزا تماما وعن شقيق الرئيس الذي يدير شؤون البلاد من وراء ستار. قناة الجزيرة لا تتحفنا بخبر واحد عن الأحداث في قطر ولو كان خبر من سطر واحد, أخبار مثل الإنتخابات الرئاسية أو البرلمانية أو سجناء الرأي فتلك مهمة تتولاها قناة العربية السعودية موقعها على الشبكة العنكبوتية. بينما تقوم قناة الجزيرة والمواقع التابعة لها بنقل أخبار السعودية ونشر الإشاعات في إطار المناكفة السياسية بين البلدين. وسائل الإعلام لا تساهم إلا في صب الزيت على النار ولا تساهم في تقديم أي حلول أو مقترحات للخروج بالمنطقة من عنق زجاجة الفوضى الخلاقة التى وعدت بها كونداليزا رايس بلدان المنطقة. ولا يوجد بلد عربي يعاني من تبعات الفوضى الخلاقة وثورات ربيعها العربي إلا تدهورت أوضاعه وانهار إقتصاده وأصبح مكبلا بالمزيد من الديون أو معرَّضا للتقسيم العرقي والطائفي والقبلي كما في ليبيا.
القائمين بالأعباء الثورية في الوطن العربي ممن يظنون أنفسهم أحفاد المناضل العظيم تشي غيفارا يقتبسون خصوصا من الثورة الفرنسية ويستشهدون بأحداثها وإنجازاتها. الثورة الفرنسية ومثيلاتها مثل الثورة الأمريكية هدفت ليس إلى نشر الديمقراطية, بل الى إعادة إنتاج النظام القديم في قالب جديد, التخلص من النظام الإقطاعي وإعادة إنتاجه في نظام أرستقراطي وإستخدام الديمقراطية والإنتخابات وسيلة مساعدة, تغيير في بعض الوجوه بينما تبقى البنية الأساسية للنظام السابق كما هي. مصر هي أحد الأمثلة حيث استجاب الجيش لمطالب الشعب المصري وتولى من وراء ستار عزل الرئيس محمد حسني مبارك وتنصيب مجلس عسكري ثم وزير دفاع تحول الى موظف مدني وتولى رئاسة مصر حتى لا تخرج الأمور عن سيطرة الجيش الذي لن يقبل أن يسلم زمام أموره الى رئيس مدني من خارج المؤسسة العسكرية. محمد مرسي كان يرغب في أخونة الدولة والجيش والأجهزة الأمنية وتوريط مصر وجيشها في الأزمة السورية وتلك كانت حماقة لم ولن تسمح بها المؤسسة العسكرية. وائل غنيم, مدير تنفيذي لشركة غوغل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد قام بالتصريح في مؤتمرات في الولايات المتحدة وأوروبا بأن الجيش المصري هو العقبة الأخيرة في سبيل تحقيق أهدافهم. الخيانة في زمننا أصبحت وجهة نظر, التباهي بتفكيك مؤسسات الدولة المدنية والدعوة لتفكيك الجيش ووسائل الإعلام تهلل لتلك الجهالات والتفاهات و تعتبرها من حرية الرأي والتعبير.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Wednesday, April 10, 2019

المسائل عند أسامة فوزي, خيار وفقوس

لا يختلف أسامة فوزي رئيس تحرير صحيفة عرب تايمز في الولايات المتحدة عن غيره من الصحفيين العرب في الوطن العربي وفي بلاد المهجر في البحث عن المصلحة وتجاوز كافة العوائق الأخلاقية في سبيل ذلك. بل لا يختلف حتى عن الصحفيين الأجانب الذي يزور أحدهم دولة ما, فيقومون بإكرامه ويحمل على أكف الراحة ثم ينقلب عليهم بعد عودته الى بلده الأم ليكتب ضدهم ويقول فيهم ما لم يقله الإمام مالك في الخمر. الصحفيون بشكل عام ديدنهم البحث عن المصلحة وحب المال وهم أنانيون في طبعهم يوالون من يدفع لهم أكثر.
ولمن لا يعرف عرب تايمز في أيام عزها ومجدها قبل أكثر من 15 عاما, فقد كان موقعها على الشبكة العنكبوتية يحتوي على منتدى مثل غيره من المنتديات حيث يقوم أي شخص يرغب في التسجيل بذلك ويبدأ بنشر المواضيع ويقوم من يرغب في كتابة تعليق بتسجيل عضوية والقيام بذلك دون الحاجة لموافقة الإدارة والمشرفين ودون التعرض لتعسفهم ومزاجيتهم. ولكن أسامة فوزي الذي كان يحوز عضوية مشرف في المنتدى تم حذفه منه بشكل مفاجئ ومن ثم عاد للتسجيل والكتابة مثله مثل كل الأعضاء الأخرين ومن ثم تم إلغاء المنتدى وتحولت عرب تايمز الى الطريقة المتبعة حاليا حيث يشترط موافقة الإدارة على المقال المرسل اليها وحتى التعليقات قبل نشرها تتعرض لرقابة الإدارة التي تتخذ قرار نشر التعليق من عدمه. والسؤال مازال بدون إجابة عن أسباب إلغاء المنتدى ولماذا تم طرد أسامة فوزي منه ومن ثم عودته للكتابة عضوا عاديا وثم إغلاق المنتدى بشكل نهائي. هل ذلك له علاقة بشراء صحيفة عرب تايمز من قبل جهة ما أو شراء زهير جبر وهو صحفي لبناني يقيم في الولايات المتحدة حصة في صحيفة عرب تايمز.
المحتوى الذي تقدمه حاليا عرب تايمز باهت وسخيف حيث تعرضت سياسة الصحيفة التحريرية لعملية تحول جذري إثر صفقة يقال أنها عقدت بين أسامة فوزي وقطر عن طريق نزار ريان أحد مذيعي قناة الجزيرة. بنود تلك الصفقة تتلخص في أن يتوقف أسامة فوزي عن الكتابة ضد قطر والهجوم عليها ويهاجم خصومها خصوصا السعودية مع حقه في الاحتفاظ بخطه التحريري المتعلق بالأزمة السورية وحصر تهمة دعم الجماعات المسلحة والتنظيمات المتأسلمة مثل داعش وجبهة النصر بالمملكة العربية السعودية. كما موقع عرب تايمز على الشبكة العنكبوتية و تنفيذا للاتفاق بين أسامة فوزي وبين نزار ريان بدأ باقتباس الأخبار من مواقع قطرية تدار من قبل عزمي بشارة خصوصا عربي 21 وحذف فيديوهاته التي ينتقد فيها دولة قطر وفي بعضها مسيء جدا لوالدة أمير قطر وللأسرة الحاكمة القطرية. ومؤخرا, قام موقع عرب تايمز بنشر خبر عن مؤتمر الجمعية العامة للإتحاد البرلماني الدولي الذي تحدث فيه أمير قطر متهما الأنظمة التي منعت الحرية, ليس بينها بالطبع النظام القطري, بأنها هي المسؤولة عن أحداث العنف. أمير قطر لم يتناول في هامش المؤتمر تصريحات رئيس وزرائه ووزير خارجيته السابق حمد بن جاسم بخصوص سوريا "تهاوشنا و"الصيدة" فلتت!," وكيف قامت قطر بتوفير الدعم المالي واللوجيستي لمجموعات من  العصابات وقطاع الطرق والمجرمين المرتزقة في سوريا تنفيذا لمخططات أمريكية وفرنسية وبريطانية من أجل زعزعة نظام سوريا تمهيدا لقلبه وتسليم الحكم للفوضى الخلاقة وميليشياتها الإجرامية.
كما أن حسابا مشبوها على أحد المنتديات بإسم عرب تايمز(Arab Times) نشر مقالا ركيكا وسطحيا يقوم فيه بالتشبيه بين عملية إغتيال عملاق الأدب والعمل الصحفي الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني وعملية إغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في تركيا. بداية فإن إغتيال جمال خاشقجي جريمة بكل المعايير والمقاييس بغض النظر عن المتورط ومن يقف وراء الجريمة والتي قد تكون للسلطات التركية يد طولى فيها خصوصا بعد فضيحة زرع كاميرات مراقبة داخل مبنى القنصلية من قبل الأمن التركي وعدم تدخلهم في الوقت المناسب لإنقاذ جمال خاشقجي رغم علمهم بما قد يحصل له. ولكن الفرق بين غسان كنفاني وجمال خاشقجي هو فرق شاسع ما بين السماء والأرض ولا يوجد وجه شبه للمقارنة الرخيصة التي قام بها حساب عرب تايمز والتي تأتي ضمن حملة مدفوعة الأجر ضد السعودية يتم تمويلها من خصومها خصوصا قطر وتركيا. غسان كنفاني هو الذي يستحق الوصف في عبارة "شهيد الكلمة الحرَّة" فهو الذي لن ولم يغير أو يبدل مواقفه من فلسطين والقضية الفلسطينية رغم المغريات التي تعرض لها من قبل جهات فلسطينية وعربية كانت مهتمة بشراء موقف وذمة شخصية عملاقة مثل غسان كنفاني. ولكن جمال خاشقجي سليل أسرة فاسدة حتى النخاع منها سمسار السلاح والنساء عدنان خاشقجي. وهو, أي جمال, ترعرع في كنف النظام السعودي وعاش في ظله مكرما مترفا ولكنه قرر لسبب ما الهروب من السعودية معارضا لبلده يشتَمُّ من كتاباته تأييده لأفكار الإخوان المسلمين ودولة قطر الذي يبدو أنها تدفع مقابل يسيل لها لعاب من يزعمون أنهم أصحاب مواقف ومبادئ راسخة رسوخ الجبال.
أسامة فوزي يعطي الأولوية في نشر المقالات المكتوبة خصيصا من أجل صحيفته ولكنه في الوقت نفسه لا يدفع مقابلا ماليا بسبب ظروف الجريدة المادية كما يزعم, فهو يقوم بالتحجير على ظهور كتاب موقع صحيفته ببلاش. كما أنه يعطي الأولوية للمقالات الموقعة باسم كاتبها الصريح. وذلك فخ منصوب لكل من يكتب في عرب تايمز فتكون شخصيته مكشوفة للأجهزة الأمنية في بلده حتى تعتقله وتزجه في السجون. ولا يتجرأ على التوقيع بإسمه الصريح في عرب تايمز إلا المعارضين العرب ممن يعلمون بأنه لا أمل لهم بالعودة الى بلدانهم حتى لو كانت تلك العودة زيارة قصيرة للمشاركة في عزاء أحد الأقارب. كما أن أسامة فوزي ومشرفي الموقع يمارسون نفس الرقابة على المقالات والتعليقات وبطريقة تعسفية وبإزدواجية وقحة بينما ينتقدون أجهزة الرقابة في الوطن العربي والتسلُّط الذي تمارسه على الكتَّاب والمثقفين. أسامة فوزي ليس إلا نموذجا انتهازيا للصحفيين فهو يمدح اليوم ويشتم غدا أو يشتم اليوم ويمدح غدا وكله بثمنه.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

ماهي السياسات التي يمكن إستخدامها لمكافحة ظواهر التغير المناخي والإحتباس الحراري؟

إن مسألة الإنبعاثات الكربونية والغازات الضارة وثقب طبقة الأوزون بمجملها قضايا ليست محصورة بالصين بل بالدول النامية(Developing countries) الأخرى كالهند حيث يتوجب الموازنة بين الثقافة البيئية وثقافة أخرى متجذرة متعلقة بالزيادة السكانية والتي يمكن أن توصف بالانفجار السكاني. كما أن تلك المسألة تهم الدول المتقدمة(Developed countries) خصوصا أنها مسألة قد تداخل جوانبها المتعلقة بالبيئة مع تلك المتعلقة بالسياسة حيث غلبت المزايدات السياسية على أي خطوات فعلية تتخذ في مجال مكافحة التلوث والحد من الاحتباس الحراري.
المصالح الإقتصادية والسياسية للدول المختلفة قد تضاربت مع بعضها البعض وحتى أنها أثرت على الوضع الداخلي لبعضها. فعلى سبيل المثال, لم تكن الولايات المتحدة أول دولة تنسحب من اتفاقيات المناخ ومكافحة التلوث والاحتباس الحراري فقد انسحبت كندا من اتفاقية كيوتو سنة 2011 خلال عهد حكم رئيس الوزراء السابق ستيفن هاربر الذي ينتمي لحزب المحافظين حيث برر وزير البيئة الكندي بيتر كينت(Peter Kent) تلك الخطوة بأن الاتفاقية غير مجدية وتضر بالمصالح الكندية بسبب عدم انضمام الولايات المتحدة والصين للاتفاقية. إن مصالح شركات النفط كانت حاضرة وبقوة في الخطوة التي اتخذتها الحكومة الكندية في الانسحاب من إتفاقية كيوتو حيث أن تلك الفترة كانت تعد ذهبية للاقتصاد الكندي الذي أصبح ومنذ سنة 2005 تقريبا يعتمد على النفط كمساهم رئيسي في الناتج الإجمالي المحلي. بالإضافة إلى أن إتفاقية كيوتو سوف ترتب على الدولة الكندية غرامات وتكاليف الالتزام ببنود الإتفاقية تبلغ حوالي 14 مليار دولار وتضر بسوق العمل الكندي حيث سوف تؤدي لزيادة نسبة البطالة.
هناك عدد من الوسائل التي يمكن اتباعها لتخفيف الانبعاثات الكربونية حيث سوف أقوم بإستعراض بعضها مع تبيان وجهات النظر المعترضة على فاعليتها ومدى تأثيرها في الحد من مشكلة التغير المناخي وتقليل الإنبعاثات الكربونية.
أول تلك الأساليب هو فرض ضريبة مباشرة على الانبعاثات الكربونية قد تصل في دول الإتحاد الأوروبي إلى 13 يورو للطن المتري وهي معرضة للارتفاع بسبب تغيير القوانين على نحو أكثر تشددا. إن المعترضين على ذلك الأسلوب وهم محقون في إعتراضهم. إن دولا مثل الصين والهند لا تتبع نفس القوانين البيئية التي تعتبر في متراخية في البلدين وبلدان أخرى تنتمي لتصنيف الدول النامية وبالتالي سوف يضر ذلك بالتنافسية التجارية والصناعية الأوروبية التي سوف تضطر إما لتخفيض قيمة عملتها الموحدة(اليورو) لتشجيع الصادرات أو تنكفئ على ذاتها في مجالات صناعية محددة تمتلك فيها ميزة تنافسية كالطائرات والسيارات والصناعات والصناعات الثقيلة ومجالات التكنولوجية المتقدمة حيث هناك هامش للمنافسة يميل لمصلحة دول كألمانيا وفرنسا.
ثاني تلك الأساليب هو نقل عبئ الضريبة على الإنبعاثات الكربونية من المنتج إلى المستهلك عند نقاط البيع في محطات البنزين وفواتير استهلاك الكهرباء على وجه الخصوص عبر رفع سعر وقود السيارات عبر ما يعرف بضريبة الوقود (Gas Tax). الفرق بين هذه الضريبة و الضريبة على الإنبعاثات الكربونية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي هو أن الثانية تفرض على المستهلك مباشرة بينما الأولى يتم تقاسمها بين المنتج والمستهلك. إن تلك النوعية من الضرائب سوف تؤدي إلى ارتفاع سعر المنتج النهائي. ولكن في الحالة الثانية فإن التأثير يكون بطريقة مباشرة على سلوك المستهلك بالتقليل من استهلاكه لتلك السلعة وهي في هذه الحالة النفط أو الكهرباء فكما هو معلوم فأغلب محطات توليد الطاقة الكهربائية حاليا تعمل إما بالنفط أو بالفحم مع تزايد بناء محطات توليد كهرباء تعمل بالطاقة النووية خصوصا في الصين وألمانيا ودول أوروبية أخرى كفرنسا.
الدانمارك دولة رائدة في مجال الطاقة البديلة خصوصا التي تستفيد من طاقة الأمواج والرياح ولكن سكانها مازالوا يدفعون ثمنا مرتفعا مقابل استهلاكهم من الكهرباء(30 سنت\كيلوواط) ويتم فرض ضرائب مرتفعة ليس فقط على وقود السيارات بل على مبيعات السيارات نفسها(100%-180%) والتي قد ترفع سعر السيارة بحسب قدرة المحرك إلى الضعفين تقريبا. إن سعر إستهلاك الكهرباء في الدانمارك يزيد بمقدار الضعف أو الضعفين عن سعر استهلاكها في دول أمريكا الشمالية كالولايات المتحدة وكندا سواء كان مصدر الكهرباء محطات توليد تعمل بالفحم أو النفط أو تأتي من مصادر الطاقة المتجددة. تأثير تلك النوعية من الضرائب على سلوكيات المواطنين ليس فقط في الدانمارك بل في دول أوروبية أخرى كهولندا حيث يميل المواطنون إلى إستخدام الدراجات الهوائية في التنقل أو حتى المشي وقضاء أوقات الفراغ خارج المنزل حين تكون الظروف الجوية مناسبة بما يقلل من إستهلاك الطاقة. إن إرتفاع أسعار استهلاك الطاقة في دول مثل الدنمارك بالإضافة إلى الدعاية الحكومية الفعالة قد أدى إلى إرتفاع الوعي البيئي لدى المواطنين وبالتالي تغير جذري في سلوكياتهم مقارنة بدول أخرى.
ثالث تلك الأساليب هو مايعرف بتجارة الإنبعاثات(Emissions Trading) حيث يتوافق مع المادة 17 من بروتوكول اتفاقية كيوتو والتي تسمح ببيع ما يطلق عليه تصاريح التلوث(Pollution Permits) حيث تقوم الدول التي تنجح في خفض الانبعاثات الكربونية ومستوى التلوث الى مستوى يقل عن المطلوب منها بموجب إتفاقية كيوتو ببيع تلك التصاريح للدول الأخرى التي تحتاج إليها وحتى تتفادى الغرامات الباهظة إذا ما خالفت شروط الإتفاقية, تلك التصاريح عبارة عن الفارق في كمية الانبعاثات الكربونية المسموح بها بموجب الاتفاقية عن المستوى الذي تنجح الدولة المعنية في تخفيضه. المعترضون على تلك الاتفاقية والتي تعتمد على مبادئ السوق الحر القائمة على العرض والطلب يعتقدون بأنه لايجوز من الناحية الأخلاقية السماح للمصانع والشركات بأن تساهم بمستوى مرتفع من الإنبعاثات الكربونية لأنها قادرة على دفع مقابل مادي. الهواء النقي والمياه الصالحة للشرب تعتبران من حقوق الإنسان الأساسية والتي لا يجب أن ينظر إليها وفق مبادئ تجارية بحتة.
إن جميع تلك الحلول التي يتم تقديمها وإن كان لها بعض الإيجابيات إلا أنها تنطوي على الكثير من الأمور السلبية والتي تبقى مخفية بين ثنايا نصوصه. تلك الحلول المقترحة سوف تؤدي الى موجة غلاء على مستوى العالم حيث أن إرتفاع أسعار إستهلاك الطاقة خصوصا التي تعتمد الوقود الأحفوري مصدرا رئيسا سوف تكون السبب في إرتفاع أسعار المنتجات الغذائية والحبوب والمواد الأولية والأساسية. أشخاص مثل الممثل الأمريكي ليوناردو دي كابريو ونائب الرئيس الأمريكي السابق ألن غور لن يتأثروا بموجة الغلاء أو بإرتفاع سعر وقود السيارات إلى 7 دولار/للتر وهو إقتراح متطرف وجنوني. كما أن العديد من المنظمات المدافعة عن البيئة ومراكز الأبحاث التي تتصدر قائمة المحذرين من التغير المناخي تتلقى تبرعات من شركات النفط والمؤسسات المرتبطة بها بما يتناقض ومهمتها الأساسية حيث تحول قادة تلك المنظمات الى شخصيات تحيط بها هالة من النجومية كنجوم السينما في هوليود وأصبح همهم الأول والأخير هو تلميع صورتهم في وسائل الإعلام المختلفة وليس الدفاع عن البيئة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والمعرفة

النهاية

هل يتم إستخدام قضية التغير المناخي لأهداف سياسية؟

لقد أصبح في حكم المؤكد أن مسألة التغير المناخي تستخدم لأهداف سياسية لها علاقة بالصراع الدولي على منابع النفط والغاز وصراع مصالح بين الشركات الدولية المتعددة الجنسيات. فهناك دعوات لفرض ضريبة كربون على الصادرات الصينية بمعدل 45$ لكل طن متري من الإنبعاثات الكربونية ولكن المشكلة المطروحة أن هناك عددا كبيرا من الصناعات لن تتأثر بتلك الضريبة كصناعة الملابس بينما سوف تعيد الصناعات الثقيلة مثل الكيميائية والسيارات التفكير في الحفاظ على خطوط إنتاجها في الصين أو نقلها للولايات المتحدة مرة أخرى. انتقال التلوث من مكان إلى أخر لن يحل مشكلة ثقب الأوزون والغازات الضارة ويخفف من الاحتباس الحراري. كما أن الأجندات التي تتبناها منظمات حماية البيئة على اختلاف مسمياتها ليست ببعيدة عن دائرة الصراع الذي تداخلت فيه السياسة والبيئة بعالم المال والأعمال, نظرة سريعة على قائمة الممولين والمتبرعين للمنظمات البيئية سوف تكشف  زيف مزاعم تلك المنظمات المتعلقة بالتغير المناخي والأضرار البيئية.
في الفيلم الوثائقي "Cowspiracy" الذي قامت شبكة الأفلام نيتفليكس(Netflix) ببثه على قناتها, قام معد ومخرج الفيلم كيب أندرسين(Kep Andersen) بفضح جزء ولو بسيط من تلك الأجندات الخفية من خلال تناول الزراعة الصناعية(Industrial Farming) خصوصا فيما يتعلق بتربية المواشي وكيف أنها أشد ضررا على البيئة من الانبعاثات الكربونية المنبعثة من السيارات والشاحنات ووسائل النقل المختلفة. إن ما ذكر في الفيلم الوثائقي يعتمد على تقرير صادر من الأمم المتحدة عنوانه "Rearing cattle produces more greenhouse gases than driving cars, UN report warns" حيث يحفل التقرير بالأدلة التي تشير إلى المساهم الرئيسي في زيادة نسبة الغازات الضارة ومشاكل أخرى متعلقة بالبيئة ليس من الممكن تجاهلها. التقرير ذكر أن المخلفات الناتجة عن تربية المواشي مسؤولة عما نسبته 9% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وما نسبته 65% من إنبعاثات غاز نيتروس أوكسيد(nitrous oxide) المسؤول بشكل رئيسي عن تفاقم مشكلة ثقب الأوزون حيث يزيد تأثير عن غاز ثاني أوكسيد الكربون بمقدار 296 مرة مع العلم أنه متواجد بشكل طبيعي في الغلاف الجوي ولكن بنسب ضئيلة جدا. كما أن مخلفات المواشي التي تنتجها مزارع تربية المواشي الجماعية مسؤولة عن 37% من انبعاثات غاز الميثان Methane) والذي يعد أكثر تأثيرا بمقدار 23 ضعفا من غاز ثاني أكسيد الكربون و64% من انبعاثات غاز الأمونيا الذي يلعب دورا رئيسيا في ظاهرة الأمطار الحمضية.
ولعل أهم ما رفع عنه الستار مخرج الفيلم هو أمرين على قدر متساوي من الأهمية: الأمر الأول هو التضليل المتعمد الذي تمارسه تلك المنظمات التي من المفترض دفاعها عن البيئة وصحة الإنسان, بينما الأمر الثاني هو تسائل مخرج الفيلم عن مصادر تمويل المنظمات البيئية وتلك التي من المفترض أنها تهتم بالصحة العامة ولكنها تتجاهل الدور الخطير الذي تلعبه انبعاثات الغازات الضارة والتي تعد فضلات الحيوانات الناتجة عن مزارع تربية المواشي الجماعية مصدرا رئيسيا لها. إن مواقع المنظمات البيئية على شبكة الإنترنت كمنظمة السلام الأخضر(Greenpeace) ومنظمة نادي سييرا(Sierra Club) تحفل بكل ماهو متعلق بالضرر البيئي الناتج من استخدام الوقود الأحفوري خصوصا المستخرج وفق ما يعرف بالتصديع الهيدروليكي(Hydraulic fracturing) والتي يمكن تلخيصها بحقن طبقات الأرض بسائل يتكون من مزيج من الماء ومواد كيميائية ويهدف لإحداث شروخ في تلك الطبقات والتي تكون ممتلئة بالنفط والغاز فيسهل استخراجهما.
وفي الختام, هناك بعض الإحصائيات التي وجدت أنه من الضروري مشاركتها في الموضوع حتى يتضح حجم التضليل الذي يمارسه الإعلام والمنظمات المعنية بالدفاع عن البيئة في التهرب من مسؤولياتهم الحقيقية أمام شعوب العالم. إن إستخراج النفط بواسطة التصديع الهيدرولي يتسبب في هدر 100 مليار جالون من المياه سنويا في ولايات أمريكية تعاني من الجفاف وشح الأمطار وإستنفاذ مخزون المياه الجوفية بينما تربية المواشي وزراعة الأعلاف الخاصة بها تستهلك 100 تريليون جالون من المياه حيث كان مخرج الفيلم يتحدث عن الهدر المائي على مستوى الولايات المتحدة فما بالكم لو كانت إحصائياته على مستوى العالم. ففي ولاية كاليفورنيا التي تعاني من موجة جفاف مستمرة منذ سنين عديدة, يبلغ معدل إستهلاك المياه مقارنة بعدد السكان 1500 جالون يوميا نصفها مخصص لمزارع الماشية الجماعية وزراعة المحاصيل المخصصة لإطعام المواشي. إستهلاك المياه في المنازل لا يزيد عن 5% من مجموع استهلاك المياه في الولايات المتحدة بينما مزارع تربية المواشي الجماعية تستهلك 55% من مجموع استهلاك المياه. إن ذالك يعد كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى خصوصا أن الإعلام يعمد إلى إلقاء اللوم على المواطن العادي المطالب بالاقتصاد في استخدام المياه بينما يتحدث مخرج الفيلم أن شطيرة همبرغر واحدة تزن 250 غرام تهدر ما مجموعه 660 جالون من المياه لتصل للمستهلك. إن مواقع المنظمات البيئية على الشبكة العنكبوتية لا تأتي على ذكر تلك المعلومات الإحصائية المهمة ولكن الغموض حول الأسباب التي تقف وراء ذلك سوف تتبدد بمجرد معرفة هوية المتبرعين لتلك المنظمات التي لن أستغرب إن ذكر أنها قد تضم شركات الطاقة أو حتى شركات اللحوم التي لها مصلحة مباشرة في محاولة تحييد الرأي العالم عن السبب الحقيقي الذي يساهم بشكل رئيسي في التلوث البيئي, فكل طرف يحاول إلقاء اللوم على الأخر ويقوم على تمويل منظمات غير حكومية(NGO) للدفاع عن مصالحهم ضد خصومهم.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والمعرفة

النهاية

هل يتم إستخدام النفط في سبيل تحقيق أجندات سياسية؟

تفوقت الإمبراطورية البريطانية في القرن الثامن عشر بفضل اتساع رقعتها الجغرافية في مجال التجارة خصوصا تصدير الغزل والنسيج. البحرية البريطانية التي كانت سيدة البحار بلا منازع استفادت من التطور في المحركات البخارية حيث كانت تعتمد على الفحم وتتوفر على عمالة رخيصة خصوصا من تجارة العبيد. الدول الأوروبية الأخرى مثل فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة واليابان استفادت من الثورة الصناعية ومن توفر العمالة الرخيصة وبالطبع من الوقود الأحفوري. الإنبعاثات الكربونية في تلك الفترة وإن كانت لا تكاد تذكر مقارنة بعصرنا الجالي إلا أنها أخذت بالتزايد باضطراد. التغير المناخي أصبح كلمة مألوفة حيث تعقد المؤتمرات والاجتماعات الدولية وعلى الرغم من الأخبار الواردة بتقلص ثقب طبقة الأوزون مؤخرا إلا أن التحذيرات من الأثار السلبية لما يعرف بظاهرة البيت الزجاجي مازالت تتصدر عناوين نشرات الأخبار.
النفط هو سلاح يمكن استخدامه إجتماعيا  بفعالية للسيطرة والتحكم بالشعوب. التغير المناخي هو أحد المصطلحات التي ظهرت ويتم إستخدامها والترويج لها إعلاميا وأن زيادة إستهلاك الوقود الأحفوري هو السبب في زيادة ذوبان جليد القطب المتجمد الجنوبي الذي يحتوي على 90% من الثلج الموجود في العالم. لست أنفي وجود مشكلة تغير مناخي وإن كنت متأكدا أنه يتم تضخيمها والتلاعب بها لأهداف سياسية. كما أنه ليس سرا وجود عدة مشاريع للتحكم بالطقس والمناخ ولعل أوضحها تجارب الاستمطار في بعض البلدان.
إن  إستهداف الدول التي حققت نهضة صناعية مثل الصين هو مثال واضح على إستخدام مصطلحات كالبيت الزجاجي والتغير المناخي لخدمة أجندات سياسية. حققت الصين ومنذ بداية الثمانينيات نهضة صناعية فاقت كل التوقعات وقد أدى إنضمامها إلى منظومة اتفاقيات التجارة الحرة مثل الجات وغيرها في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون إلى نزوح عدد كبير من الشركات والصناعات إلى الصين ودول آسيوية أخرى مثل دولة ماليزيا وسنغافورة وبنغلاديش بحثا عن تخفيض النفقات خصوصا أجور العمالة والإعفاءات الضريبية. ولكن إستخدام النفط سلاحا إقتصاديا وسياسيا له سوابق في التاريخ حيث كان لانقطاع إمدادات النفط عن ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية أحد أهم الأسباب في خسارتها الحرب. وخلال الحظر النفطي 1973-1975, تضررت دول أوروبية وعلى رأسها ألمانيا من إرتفاع أسعار النفط الذي فرضته دول عربية على الولايات المتحدة وأوروبا بسبب تقديمهم الدعم للكيان الصهيوني الغاصب خلال حرب رمضان 1973.
هناك حرب إعلامية ضد الحكومة الصينية تتهمها بالتلاعب بقيمة عملتها الوطنية وإبقائها منخفضة لمنحها ميزة تنافسية وأن الصين تسرق الوظائف من دول الغرب وهي الاتهامات التي تتكرر في وسائل الإعلام الغربية بشكل مستمر. ولكن مهما بلغت قيمة التخفيض في قيمة اليوان فسوف تبقى الصين محافظة على قدرة تنافسية لا بأس بها أمام الولايات المتحدة وأوروبا. ولنأخذ مثالا بسيطا للمقارنة وهو صناعة الأثاث. ففي الصين قد يعتبر العامل الصيني راتب مايعادل 500 دولار أمريكي شهريا هو الحلم الصيني بينما يستحيل قبول عامل صنع الأثاث الأمريكي بذالك المبلغ أو حتى بضعفه. الولايات المتحدة تخالف اتفاقيات التجارة الحرة بفرضها رسوم تعرفة جمركية وتقديم الدعم لقطاعات مختلفة منها القطاع الزراعي وكذلك التلاعب بقيمة الدولار الأمريكية لتخفيض قيمته عبر سياسة التسهيل الكمي(QE). الإعلام الأمريكي يتعامى عن كل تلك التجاوزات التي ترتكبها الحكومات الأمريكية المتعاقبة بينما تتهم الآخرين بها.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والمعرفة


النهاية

الإسلام السياسي, صراع الحضارات وصناعة الأزمات

غيرت فيلدرز, سياسي يميني هولندي وعضو في البرلمان منذ سنة ١٩٩٨ويرأس حزب (من أجل الحرية) منذ ٢٠٠٤. يعتبر فيلدرز من أشهر منتقدي الإسلام في هولندا وأوروبا. وقد طالب في السابق بحظر القرآن في هولندا وشبَّههُ بكتاب كفاحي للزعيم الألماني النازي أدولف هتلر. بريجيت غابرييل التي ولدت في لبنان سنة ١٩٦٤ بإسم حنان قهوجي, صحفية أمريكية وناشطة سياسية معادية للإسلام زعمت أن جهاديين إسلاميين طردوا أسرتها من منزلهم في قضاء مرجعيون خلال أحداث الحرب الأهلية اللبنانية. سام هاريس هو مؤلف وفيلسوف وعالم أعصاب أمريكي يصف نفسه بأنه ليبرالي ويدافع عن القيم الليبرالية مثل حرية التعبير وحقوق المثليين. قام سام خلال حلقة من برنامج تلفزيوني للممثل الكوميدي والمعلق السياسي بيل ماهر بإنتقاد الإسلام ووصفه  بأنه مصدر كافة الأفكار السيئة. ذكرت في مقدمة الموضوع بعضا من أشهر السياسيين وشخصيات المجتمع الأمريكي والأوروبي التي تنتقد الإسلام وتعتبره عدو الحضارة الغربية وقيم الإنسانية والتسامح وذلك ليس بهدف الدعاية لهم إنما حتى يطلع المتابعون على الأفكار التي يقدمها هؤلاء ويحاولون من خلالها تضليل الرأي العام الغربي وتقديم صورة مشوهة للإسلام في العالم.
إن إستمرار حالة من العدائية في المجتمعات الغربية ضد الإسلام والهجرة من بلدان الشرق الأوسط وإفريقيا هي إنعكاس للحملة الإعلامية المسعورة التي تشنها وسائل إعلامية غربية بهدف خلق حالة من الشك والريبة ضد كل ماهو إسلامي أو عربي. الإسلاموفوبيا ورهاب الأجانب يجدان سوقا رائجا في دول غربية متعددة من خلال الكتب والندوات والمحاضرات وجمع التبرعات المعفاة من الضرائب حيث لا يعلم المتبرعون عن كيفية إنفاقها. صناعة الكراهية, الوجه الآخر للنازية والفاشية,  ليست مجرد مبالغات بل هي كيان موجود على أرض الواقع, صناعة تدرُّ على المساهمين فيها مئات الملايين من الدولارات سنويا. كما أن حالة العدائية تلك تهيئ مناخا إعلاميا يجعل من تهرب النخب السياسية الغربية من التزاماتها تجاه شعوبها أمرا ممكنا وذلك بتعليق كل تلك المشاكل على شماعة الإرهاب الإسلامي والهجرة. صعود الأحزاب الشعبوية في عدد من البلدان الغربية والأوروبية خصوصا الولايات المتحدة وفوزها بمقاعد رئاسية وبرلمانية للمرة الأولى في تاريخها يجعل البعض يؤمن بأن حالة الصراع قد وصلت الى مرحلة اللاعودة.
السياسيون في الدول الغربية والأوروبية, ميكافيليون بالفطرة, مسرورين باستمرار حالة الصراع السرمدية تحت ستار مكافحة الإرهاب والدفاع عن الحضارة والقيم الأوروبية حيث أنها تمنحهم الدافع  للاستمرار والإرتقاء في مهنتهم التي توفر لهم مستوى حياة مرتفع وامتيازات وشبكة علاقات عامة ليس ممكنا الحصول عليها من قبل المواطن العادي. مؤهلات السياسي التي تطلب منه أن يجيد الكلام في موضوع ما يجذب الية الناخبين وأصواتهم وبالطبع أموالهم. مهارة السياسي تتجسد في أن يجد موضوعا يستنفر فيه عاطفة المستمعين له وليس هناك أفضل من موضوع المهاجرين والخطر الوشيك بتحول أوروبا إلى قارة إسلامية, موضوع مثير للإهتمام ويوفر على الدوام فرصة جيدة لانتقاد الإسلام والمسلمين مع ضمان استمرار تدفق الأفكار والتعابير بدون توقف. وعلى الجانب الآخر, وحتى أكون منصفا, تقف أحزاب الإسلام السياسي وعلى رأسها الإخوان المسلمون مسرورة هي الأخرى بتلك الحالة من الصراع وعدم إستقرار العلاقة بين طرفيها الرئيسيين, الإسلام والمسيحية. إن وجود تلك الحالة من الصراع اللامتناهي ضروري لاستمرار وبقاء تلك الأحزاب بل وتطورها مع الوقت ونشوء أحزاب وجماعات مسلحة لا تقل إجراما ودموية عن سابقاتها مثل الجيش الحر, جبهة النصرة, داعش. جماعات الإسلام السياسي استفادت من حالة الفوضى التي أعقبت أحداث الربيع العربي لتستولي على كرسي الحكم في عدد من البلدان منها تونس, مصر, ليبيا وذلك بمباركة غربية أو أمريكية لأكون أكثر دقَّة.
السياسيون الأوروبيون يجدون في حالة الصراع التي تحدثت عنها فرصة ذهبية لإلقاء الملامة على المهاجرين في زيادة نسبة البطالة, ارتفاع مستوى الجرائم العنيفة, إنهيار الاقتصاد والتضخم. أولئك الانتهازيون يحتاجون إلى شخص ما في زمن ما في مكان ما حتى يلقون عليه بشماعة أخطائهم وفشلهم. الحالة الأمريكية مختلفة قليلا حيث أن رهاب الأجانب خصوصا من مهاجري أمريكا اللاتينية هو الأمر السائد مع إنتشار ظاهرة العداء للمسلمين, الإسلاموفوبيا, في أوساط المجتمع الأمريكي. إن الظروف الإقتصادية التي أوجدتها إتفاقيات التجارة الحرة في بلدان أمريكا اللاتينية هي المسؤولة عن موجة الهجرة الغير شرعية التي تعاني منها الولايات المتحدة. قوانين مكافحة الإرهاب والتي هي تعتبر موجهة ضد العرب والمسلمين يتم إقرارها بسرعة الضوء مما يجعل الكثيرين يعتقدون بأن النواب المنتخبين لا يقرأونها ولا يطلعون على بنودها. تلك القوانين هي حرب على الشعوب الأوروبية والغربية ومحاولة مفضوحة لسلب الحريات التي إكتسبتها تحت مسمى مكافحة الإرهاب, التنصت على المكالمات الهاتفية والبريد الإلكتروني بدون إذن موقع من قاضي والاعتقال التعسفي وإخفاء الأدلة خلال محاكمة المتهمين بالإرهاب وذلك بذريعة حماية الأمن القومي هي أبرز ملامح تلك النوعية من القوانين.  الأمثلة عليها هي قانون باتريوت في الولايات المتحدة وقانون(سي-٥١, C-51) في كندا وإنتشار كاميرات المراقبة في شوارع المدن البريطانية بعض الأمثلة على تلك النوعية من القوانين.
ولكن النماذج المشرقة في تاريخ الإسلام والتي تتعارض مع سياسة التعميم التي تعتمدها وسائل الإعلام الغربية هي متعددة وأكثر من أن تحصى. ولكن من الممكن أن نتخذ على سبيل المثال فترة الحكم الإسلامي للأندلس نموذجا إيجابيا. المسلمون وخلال ٨٠٠ سنة من حكمهم للأندلس ساهموا في نهضتها ونشروا فيها مبادئ التسامح والعدل وحرية الإعتقاد التي كانت مكفولة للمسيحيين واليهود وكافة الطوائف وحيث أنهم حفظوا أماكن عبادتهم وساهموا في تعميرها. حتى أن اليهود وحين سقوط الأندلس بيد القوات الإسبانية ومعاناتهم مع محاكم التفتيش الكنسية, هاجروا الى دول المغرب العربي خصوصا تونس والمغرب والجزائر هربا من الإضطهاد الديني على يد ملوك الإسبان فيرنانديز وإيزابيلا. وقد قام المسلمون خلال فترة حكمهم للأندلس بنشر التعليم وبناء المدارس والجامعات والمكتبات وترجمة أمهات الكتب اليونانية والإغريقية في مجالات العلوم المختلفة. كما قاموا بتأسيس دور صناعة الملابس وبناء الحمامات العامة والمستشفيات. وقد إشتهر في الأندلس عدد من علماء المسلمين ممن برعوا في مجالات العلوم المختلفة منهم: الشريف الإدريسي ومَسلمة المجريطي وإبن حزم الأندلسي في مجال الفلك والجغرافيا, عباس إبن فرناس في مجال الكيمياء وقد إشتهر بأنه أول من حاول الطيران, أبو القاسم الزهراوي وعبد الملك ابن زهر الإشبيلي في مجال الطب و الجراحة والتشريح, محمد إبن رشد في مجال الفلسفة, أبو محمد إبن البيطار المالقي الأندلس كان من أشهر المختصين في مجال طب الأعشاب, أبو الحسن زرياب في مجال الغناء والموسيقى والكثير من الأسماء اللامعة والتي هي أكثر من أن تعد وتحصى.
إن الإسلام ليس دين سلام أو دين عنف إنما يعتمد على شخصية المعتنق للدين وطبائعه وذلك ينطبق على باقي الأديان الأخرى. فإذا كان الشخص لطيفا حسن المعشر محبا للسلام, فهكذا سوف يرى جيرانه وأقربائه ومن يتعامل معه الإسلام ويفهمونه. وأما إذا كان شخصا عنيفا ومن أرباب السوابق ومعتنقي الإجرام, فسوف ينعكس ذلك في تصرفاته ولن يعجز عن تفسير النصوص الدينية بما يلائم أهوائه المريضة وأفعاله وتصرفاته الإجرامية. جماعات وتنظيمات مثل داعش, جبهة النصرة, القاعدة والجيش الحر ليست إلا صنيعة الدول الغربية وأجهزتها الأمنية ولا تمثل الإسلام ولا تمت له بأي صلة. هم ليسوا عبارة إلا عن تجَمُّع للمجرمين ومدمني المخدرات وأصحاب السوابق ومرتكبي الجرائم العنيفة وأفعالهم تدل عليهم وهم يسيئون للإسلام والمسلمين بما يخدم أجندات الدول الغربية ونخبها السياسية.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Wednesday, April 3, 2019

نهاية عصر النفط مجرَّد أسطورة

يعتبر النفط هو المحرك الأول والأهم للاقتصاد العالمي. إن استخدام النفط في وسائل النقل والمواصلات البرية، البحرية والجوية ساهم في التقليل من تكلفة المسافات المقطوعة واختصر الوقت. كما أن بروز مفاهيم مثل العولمة والتجارة الحرَّة أصبحت ممكنا بفضل اكتشاف النفط. يتميز النفط بسهولة استخراجه ونقله وتخزينه واستخدامه مقارنة بأنواع الوقود الأحفوري الأخرى. ولكنه كأي سلعة حيوية أخرى معرض لتقلبات السوق، عمليات التلاعب بالمعادلة السعرية والأهم عامل الندرة.
بداية، هناك الكثير من الجدل في الأوساط العلمية حول نشأة النفط وتكوُّنه في باطن الأرض. هناك نظريتين رئيسيتين تتناولان تلك المسألة: الأولى هي النظرية القائلة بالأصل العضوي للنفط. تلك النظرية السائدة والمهيمنة في الأوساط العلمية تنص على أن النفط تكون من بقايا نباتات أو حيوانات طمرت في باطن الأرض وتعرضت لعمليات تحول كيميائي من خلال الضغط العالي ودرجات الحرارة المرتفعة خلال فترات زمنية طويلة. ويعود الفضل في تلك النظرية الى العالم الروسي ميخائيل لومونوسوف (Mikhail Lomonosov) التي صرح بها لأول مرة أمام أكاديمية سانت بطرسبرغ للعلوم سنة 1757. النظرية الثانية هي أن أصل النفط غير عضوي والتي تعرف بالنظرية الغير إحيائية(Abiotic) والتي ظهرت للوجود بفضل عالم روسي أخر هو ديمتري مندليف (Dmitri Mendeleev) صاحب اكتشاف الجدول الدوري للعناصر الكيميائية. وبحسب نظرية مندليف فإن النفط ناتج عن عمليات تفاعل بين الماء وهيدروكسيدات المعادن تحت ظروف ضغط وحرارة عاليين جدا.
انقسام العلماء حول أصل ونشأة النفط لم يكن إلا مجرد انعكاس لأحد أوجه الصراع بين الكتلة الغربية والشرقية، الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، واتحاد الجمهوريات السوفياتية (الاتحاد السوفياتي) من جهة أخرى. العلماء والمختصين في الغرب قاموا بتبني نظرية الأصل العضوي للنفط بينما نظرائهم في الاتحاد السوفياتي قاموا بتبني النظرية الغير إحيائية(Abiotic) أو التي تعرف بالنظرية الكيميائية لتشكل النفط. ستالين والذي كان يتابع عن كثب أحداث الحرب الباردة والرسائل الغير مباشرة التي كان يوجهها الرئيس الأمريكي هاري ترومان للاتحاد السوفياتي، أصدر أوامره للعلماء السوفيات باستخدام كافة الوسائل التي تكفل لبلاده تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة والتخلي عن استيراد النفط من الخارج. وبعد مرور كل تلك السنين منذ وفاته وحتى يومنا هذا، مازال إنتاج النفط في دولة روسيا الاتحادية، وريثة الاتحاد السوفياتي السابق والأقل مساحة، بعيدا كل البعد عن ذروة الإنتاج التي تحدثت عنها التوقعات الغربية خلال فترة الثمانينيات.
إن نظرية ذروة الإنتاج النفطي وجدت صدى واسعا لدى شركات التنقيب عن النفط التي كانت مهتمة بالمحافظة على سعر مرتفع لتلك المادة الحيوية بما يمنع إغراق الأسواق وانخفاض الأسعار بما يؤثر على أرباح تلك الشركات. هوبرت ماريون (Hubbert's King Marion) أو المعروف بلقب الشهرة هوبرت الملك، متخصص بجيولوجيا النفط في جامعة شيكاغو الأمريكية، هو صاحب تلك النظرية (Peak Oil) المتمثلة فيما يعرف بمنحنى الجرس. وفق نظرية ذروة الإنتاج النفطي، إنتاج الولايات المتحدة من النفط سوف يصل الى الذروة سنة 1970 ثم يبدأ بالانخفاض. ولكن توقعات هوبرت تبين عدم صحتها وأنها لا تعتمد على أي أساس علمي. حتى أن هوبرت اعترف خلال مقابلة أجراها سنة 1989 قبل وفاته بأن البيانات التي اعتمد عليها لحساب ذروة الإنتاج النفطي في الولايات المتحدة لا تستند الى أي أساس علمي. وحاليا، فإن التوقعات تشير الى أن الولايات المتحدة سوف تتجاوز المملكة العربية السعودية في إنتاج النفط وتتحول من دولة مستوردة الى مصدرة بحلول سنة 2018. ولكنه حتى تلك التوقعات لا تستند الى أي أساس علمي أو منطقي حيث يتم احتساب تلك التواريخ بعشوائية ويتم تغييرها باستمرار، الولايات المتحدة مازالت دولة مستوردة للنفط ولم يتم تحقيق الاكتفاء الذاتي والتحول الى تصدير النفط بدلا من استيراده.
إن النفط يتم استخدامه كسلاح اجتماعي للسيطرة والتحكم بالشعوب عبر التحكم باستهلاكها من الطاقة. كما أن الحديث عن ندرة النفط وأنه سلعة موجودة بكميات محددة في باطن الأرض ليس إلا محاولة للحفاظ على سعر مرتفع لتلك المادة الحيوية. نظرية الأصل العضوي للنفط تحتوي على ثغرات عديدة منها أن تحليل النفط لا يثبت وجود مواد عضوية فيه. بالإضافة الى أن دولة مثل السعودية تحتوي على أكبر حقل نفطي في العالم، حقل جواهر، لم يتم إثبات وجود مستحاثات ديناصورات وحيوانات في العصور القديمة بما يكفي لتقديم الأسباب الكافية والمنطقية من الناحية العلمية لكل تلك الكميات الهائلة من النفط.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية