Flag Counter

Flag Counter

Thursday, April 18, 2019

لماذا لا ترغب الولايات المتحدة والدول الغربية بالقضاء على تنظيم داعش؟

لايمكن القضاء على داعش وأي تصريح يخالف ذلك ليس الا مجرد فرقعة إعلامية لا تستند على أي أساس علمي أو منطقي. كل تصريح بأنه يمكن القضاء على التطرف وفورا هي خاطئة وتجانب الصواب. داعش ليس شخصا تطلق عليه النار فيتلاشى, بل هي عبارة عن أيدولوجيا وأفكار وهي لا تنتهي بوفاة معتنقها بل من الممكن أن تنتقل لأولاده ومن ثم لأحفاده وهلم جرا. الأفكار مثل الفيروسات من الممكن أن تنتقل بالعدوى والتلقين المتكرر حتى تترسخ في العقل الباطن وعندها نكون قد وصلنا لمرحلة اللاعودة. العمليات العسكرية قد تقضي على مقاتلي داعش, قد تقضي على قيادات داعش, معسكرات داعش ومخازن سلاحهم, ولكنها لن تقضي على أفكارهم. المعركة مع الفكر المتطرف الذي تمثله داعش أحد أذرعه المتعددة يشبه المعركة مع حيوان الهيدرا الأسطوري, تقطع له ذراعا, ينبت مكانها عشرة. ولكن على الرغم من ذلك, فإنه يمكن تقليص الخطر الذي تمثِّله تنظيمات مثل داعش وجبهة النصرة على المدى الطويل بإتباع سياسة إعلامية ناجحة تسير بالتوازي مع العمل العسكري على الأرض.
ولكن لا أحد يريد القضاء على داعش حتى لو كان ذلك ممكنا لمجموعة أسباب أذكر بعضها. السبب الأول هو أن دولا غربية وبالتحديد الولايات المتحدة ترى في تنظيمات مثل داعش وجبهة النصرة عصا غليظة لتأديب حلفائها من الدول الأوروبية التي ترفض السياسات الأمريكية أو تعارض الهيمنة الأمريكية على العالم. الحرب الأمريكية على الإرهاب تحولت الى حرب ضد الشعوب وقيم الحرية والعدالة حيث يتم مصادرة الحريات بإسم خطر الإرهاب الإسلامي. السبب الثاني هو أن الولايات المتحدة ترغب في إضعاف داعش وعدم القضاء عليها لاستخدامها مستقبلا ضد إيران في صراع سني-شيعي دموي. السبب الثالث هو أن تنظيمات الإسلامية التي استخدمت العنف وسيلة لتحقيق أهدافها أصبحت تمثل شماعة يلقي عليها السياسيون الأوروبيون أخطائهم وعثراتهم. السبب الرابع هو أن تنظيمات الإسلام السياسي وحتى تنظيمات مثل داعش وجبهة النصرة أصبحت مرتبطة مع شخصيات غربية نافذة ورجال أعمال وشركات في شبكة علاقات ومصالح وصفقات نفطية بمبالغ مالية ضخمة.
تركيا هي أحد أكبر الدول الداعمة للتنظيمات المتطرفة مثل الجيش الحر, جبهة النصرة وداعش وأحد أكبر المستفيدين منهم. مصانع حلب التي تم تفكيكها ونهبها من قبل لواء التوحيد, أحد التنظيمات التي تتبع عصابات الجيش السوري الحر, بيعت الى تجار مقربين من أبناء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان, صوامع الحبوب في دير الزور والرقة والحسكة تم تفكيكها وبيعها لتجار أتراك وكذلك القمح تم بيعه في تركيا ومؤخرا تبين أن كميات كبيرة من الأموال والذهب التي استولى عليها تنظيم داعش في سوريا نقلت الى تركيا. الرئيس التركي الذي لم يخفي قلقه من وجود مقاتلين أكراد على حدوده سمح لعناصر داعش بالعبور على مرأى من حرس الحدود التركي لقتال الأكراد في عين العرب-كوباني وكان جرحى الإشتباكات من مقاتلي داعش ينقلون لمشافي عسكرية تركية. عناصر داعش يدخلون الى سوريا من الحدود التركية التي يعتبرونها عائدين لقضاء إجازة أو للعلاج ويتجولون في المدن التركية بدون أن يتعرضوا للمضايقة من قبل عناصر الأمن الأتراك. نائب في البرلمان التركي فضح بالوثائق والوقائع تستر الأجهزة الأمنية التركية على أنشطة تنظيمات مثل جبهة النصرة وداعش التي تمتلك معسكرات تدريب على الحدود بين سوريا وتركيا.
الحرب على الإرهاب ومكافحة تنظيمات الأصولية الإسلامية دخلت منظومة الرأسمالية والعولمة وبالتالي أصبح تحقيق الأرباح أولوية على حساب دماء الأبرياء. الإرهاب أصبح عابرا للقارات لا يعترف بالحدود بين الدول ويضرب في أي مكان وكل مكان. السياسات الأمنية التي اتبعتها الدول الغربية تحت مسمى الحرب على الإرهاب قد فشلت في تحقيق أهدافها بل زادت الأمر سوأً بسبب السياسيين الغربيين المنافقين الذين يكذبون على شعوبهم, فهم يستضيفون قادة الإرهاب تحت مسمى لاجئين إنسانيين, يروجون للحرب على الإرهاب, ينثرون كاميرات مراقبة في كل شارع وكل زاوية ويتنصتون على الاتصالات الهاتفية ومراسلات البريد الإلكتروني ومع ذلك يفشلون في ضبط الإرهابيين والقضاء على الإرهاب. الولايات المتحدة وبريطانيا على رأس الدول الراعية للإرهاب خصوصا إرهاب الدولة. بل إن الولايات المتحدة تحولت الى دولة مارقة, تمارس العنف ضد مواطنيها بدون رادع حسبما يرى المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي. فرنسا التي أجلت مرارا وتكرار أعمال صيانة كنيسة نوتردام التاريخية بذريعة عدم توفر التمويل حتى تعرضت مؤخرا الى حريق مروع, صرفت أموالا طائلة لإسقاط الأنظمة في ليبيا وسوريا وخلق حالة من عدم الإستقرار في عدة دول أفريقية.
إن التنظيمات الإرهابية فاعلة في الشبكة العنكبوتية عبر وسائل التواصل الاجتماعي خصوصا فيسبوك وتويتر حيث تقوم بتجنيد الأعضاء وجمع التبرعات ونشر المواد الدعائية. كما انها تقوم بتحويل وتلقي الأموال عبر وسائل دفع إلكترونية مثل باي بال والتجارة في العملات الإفتراضية مثل بيتكوين. تنظيم الجيش الحر كان ينشر فيديوهات قتل دموية على موقع اليوتيوب وعلى مواقع الكترونية تعمل خوادمها إنطلاقا من دول أوروبية. أعضاء في جبهة النصرة وداعش كانوا ينشرون تغريدات وفيديوهات على موقع تويتر ويوتيوب بدون أن تتم مضايقتهم. الولايات المتحدة التي تتفاخر بفرض عقوبات اقتصادية محكمة على دول مثل إيران, سوريا وفنزويلا ولكن في الوقت نفسه تتعامى عن أنشطة تنظيمات الإسلام السياسي المالية وتمويلها للإرهاب وتفرعاتها العسكرية مثل الجيش الحر, جبهة النصرة وداعش.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment