Flag Counter

Flag Counter

Saturday, April 30, 2016

ملوك الإنسانية والإعلام الإستعماري, تزييف التاريخ(4)

سوف نترك كل ذالك وننتقل إلى نقطة أخرى مهمة, فإذا كنا نتحدث عمن يقتلون علانية فلماذا لا نتحدث عمن يقتلون بصمت ومنذ عشرات السنين ومع ذالك لم نسمع أن أحدهم قد تعرض للمحاكمة أو تم إتهامه بجرائم حرب. شركات صناعة المواد الغذائية تقتل أطفال العالم ببطئ عن طريقة أغذيتها المليئة بالسكر والمواد الحافظة. أمراض مثل السكري عند الأطفال أصبحت أكثر شيوعا وهناك من يتوفون في عمر مبكر بسبب أمراض سببها أنهم محاصرون في عاداتهم الغذائية فإذا إستغنوا عن تناول اللحوم بسبب تسممها بالهرمونات والمضادات الحيوية التي يتم حقن الحيوانات بها وإستبدلوا ذالك بتناول الأسماك, فسوف يصابون بتسمم الزئبق حيث تزداد تركيزاته في البحار بسبب نفايات السفن العابرة وإلقاء مخلفات المصانع والصرف الصحي فيها. وإذا تخلوا عن تناول اللحوم بكافة انواعها وإستبدلوا ذالك بتناول الخضار والفواكه, فسوف يصابون بالتسمم بالمبيدات الحشرية. الأغذية المعدلة وراثيا هي أحد أكبر الجرائم التي ترتكب بحق الجنس البشري وتؤثر فيه على المدى الطويل حيث ثبت علاقتها بالكثير من الأمراض القاتلة. هل نظر أحدكم إلى الفواكه والخضار التي يضعها على مائدته لأطفاله قبل شرائها؟
البريق والملمس الناعم الذي تتميز به الخضار والفواكه خصوصا التفاح هو عبارة عن مادة شمعية شديدة السمية تعد أحد أسباب الإصابة بالسرطان ولا تزول بالماء والصابون ويفضل أكل الفواكه خصوصا التفاح بعد تقشيرها بينما هناك أنواع فواكة وخضار غير قابلة لذالك كفاكهة الكرز مثلا.
شركات تعبئة المياه المعدنية التي ليس عندها مشكلة لو مات من العطش من لايملك ثمن فاتورة إستهلاكه من المياه هي مثال أخر على الجشع الذي لا تتم محاسبة مرتكبه ولا تحميله أي مسؤولية.
للأمانة الإعلام الغربي يتحدث عن كل ذالك وهناك الكثير من الإنتقاد في وسائل الإعلام المختلفة حتى تلك اليمينية التي تتبع إمبراطوريات إعلامية معروفة لشركات صناعة الأغذية وشركات المنتجات الزراعية المعدلة وراثيا وحتى شركات الأدوية ولكن ذالك يدخل في إطار حملات دعاية وإعلان وصراع نفوذ ومصالح بين تلك الشركات ولا علاقة له بمصلحة المستهلك أو الإهتمام بصحته.
هناك الكثير من العيوب والأخطاء في الدول العربية بلا إستثناء. أخطاء في مجال الحكم أو الإدارة أو الإقتصاد وفي كل المجالات. ولكن كما أجاب غاندي على البريطانيين حين هددوا بالفوضى التي سوف تكون بالهند إذا رحلوا, فأجابهم "تلك الفوضى تخصنا نحن". يجب أن يكون لدينا وعي بان لا نقبل أن تسرق وسائل الإعلام خصوصا الأجنبية عقولنا وتحاول أن تقدم لنا صور الديمقراطية الزائفة وتروج للخراب في بلادنا تحت مسمى الحرية. وكما نقل عن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون "حين يتعرض أمن بريطانيا للخطر فلا يحدثني أحد عن حقوق الإنسان" فحين يتعرض أمن أي بلد في الوطن العربي فلا يحق لأحد التحدث عن حقوق الإنسان.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
نهاية الجزء الرابع والأخير

Friday, April 29, 2016

ملوك الإنسانية والإعلام الإستعماري, تزييف التاريخ(3)

قلة من المثقفين العرب لم تبتلي بغرام من طرف واحد بالأجنبي وتاريخه الإستعماري في المنطقة حيث تبقى متأهبة ترصد محاولاته المستمرة لتبييض صفحته لدى الشعوب وتتصدى لهجماته الإعلامية بحيادية وموضوعية بغض النظر عن هوية البلد المستهدف. وفي النهاية المملكة العربية السعودية كأي بلد في العالم ليس خاليا من المشاكل كما أنه لديه قيادة سياسية تتعامل معها وكما تنزعج الدول الغربية وتدافع بشراسة عن أي محاولة لإنتقادها أو التدخل بشؤونها, فإن للمملكة نفس الحق بعد التدخل في شؤونها الداخلية فالسعوديون وقيادتهم اولى بشؤون بلدهم.
وسائل الإعلام البريطانية التي شنت حملتها ضد السعودية خصوصا البي بي سي وغيرها من محطات وصحف وجرائد ومجلات تتغاضى عن تاريخ الإستعمار البريطاني حول العالم خصوصا في أسيا حيث قام البريطانيون في ماليزيا تحت مسمى مكافحة الشيوعية بقطع رؤوس الماليزيين الذين حاولوا مقاومة الإحتلال البريطاني لبلدهم والتفاخر بذالك في صور تذكارية إلتقطوها. لماذا لا يدافع الإعلام السعودية عن نفسه بذكر تلك الوقائع وهي موثقة؟ كم من المواطنين السعوديين سمع وقرأ عن ماتم إرتكابه في أسيا من قبل القوات البريطانية؟ لماذا دائما يكون الرد إعلاميا على تلك الهجمة بخجل؟ وهل الحل يكون دائما بدفع الأموال لشراء الأصوات الغربية أو التهديد بالمصالح الإقتصادية؟ ومن هو الخاسر في الحالة الأخيرة؟
وسائل الإعلام الغربية تحاول دائما أن تقتل الحقيقة أو في أفضل الأحوال أن تنظر إليها بعين واحدة ومثال على ذالك وسائل الإعلام الأوروبية التي تتكلم ليل نهار عن الأحداث في مصر, تونس, ليبيا وسوريا وغيرها من البلدان ملقية باللائمة على الأنظمة الحاكمة والجيش والأمن في محاولة لتفكيك الإرتباط بين الشعب وقواته المسلحة. أوضح مثال هو في سوريا حيث يتم تقديم الدعم الإعلامي الغربي لمجموعة من العصابات واللصوص وقطاع الطرق أغلبهم غير سوريين ويطلق عليهم معارضة معتدلة حيث يحاول البعض إبتزاز الحكومة السورية للتفاوض معهم. الإعلام الغربي يتحدث عن المجازر التي يزعم وبدون تقديم أدلة قطعية اليقين لا تقبل الشك أن القوات الحكومية إرتكبتها ويتم وصفها بجرائم حرب بينما يتم تجاهل ماترتكبه قوات المعارضة وخصوصا مسألة الكيماوي والذي ثبت بالدليل القاطع وبلسان رجال المعارضة أنفسهم أنهم هم من إستخدمها وليس القوات الحكومية.
المشكلة أن نفس وسائل الإعلام الغربية سواء تلفزيونية أو سمعية أو مقروئة وعلى إختلاف توجهاتها وفي بلجيكا على سبيل المثال لا تتحفنا مثلا بفيلم وثائقي عن الإستعمار البلجيكي للكونجو ولا تذكر أي معلومات في مناهجها الدراسية عن جرائم ملك بلجيكا ليوبولد الثاني الذي وفي عهده إنخفض عدد سكان الكونجو وبلا مبالغة إلى النصف حيث كان مسؤولا عن مقتل 10 ملايين كونجولي تقريبا. قوات ليوبيد الثاني كانت تقتحم القرى وتخطف النساء لإجبار الرجال على جمع المطاط والعاج ومن يفشل في جمع الحصة المطلوبة كانت تقطع يداه بينما النساء كن يتعرضن لكافة انواع الإنتهاكات خصوصا الإغتصاب وذالك نقطة ماء في بحر من الجرائم التي تم إرتكابها من قبل الإستعمار البلجيكي في الكونجو. كما أنه علينا أن لا ننسى أن مدينة (أنتويرب) البلجيكية تعد عاصمة تجارة الألماس في العالم أو مايطلق عليه ألماس الدم(Blood Diamond) وهو موضوع فيلم أخر من بطولة ليوناردو دي كابريو حيث يمكن تصنيف الفيلم على أرض الواقع على أنه رسالة في إطار صراع إقتصادي تقليدي بين الولايات المتحدة وأوروبا للإستحواذ على مصادر الثروة حول العالم.
الحرب على العراق هي أحد أكبر الأثام التي لحقت بالمجتمع الدولي (الإنساني) ولكن مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية تعتبرها على غير ذالك وأن مقتل مئات بل ملايين العراقيين أغلبهم من الأطفال أمرا مبررا لإزاحة نظام وصفته بالديكتاوري لم يسجل 5% من عدد الضحايا الذين سقطوا إثر عملية التحرير المزعومة. العراق أصبح ينافس الجزائر في عدد الشهداء وحمام الدم مستمر لم ولن يتوقف حتى يرث الله الأرض ومن عليها. فهل تم محاكمة أحد بتهمة إرتكاب جرائم حرب في العراق؟
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
نهاية الجزء الثالث

Thursday, April 28, 2016

ملوك الإنسانية والإعلام الإستعماري, تزييف التاريخ(2)

في الأرجنتين تم إختطاف مجرم الحرب النازي أدولف أيخمان ومحاكمته وإعدامه في إسرائيل. أيخمان كان يعمل كمراقب عمال في أحد مصانع شركات السيارات الألمانية (مرسيدس) حيث كانت الخطط لبناء إمبراطورية مالية وإقتصادية ألمانية في الخارج تجري وبطرق ملتوية على قدم وساق في السنين التي سبقت خسارة ألمانيا الحرب العالمية الثانية. أدولف أيخمان لم يكن مجرم الحرب النازي الوحيد في ذالك المصنع أو في الأرجنتين بشكل خاص وفي أمريكا اللاتينية بشكل عام حيث كانت القارة تمتلئ بهم وبمصالحهم وشركاتهم وأعمالهم التجارية.
السؤال هو لماذا لم نسمع عن القبض على مجرمي حرب نازيين أخرين أو خطفهم من البلدان التي كانوا يتخذونها مكانا للتخفي عن أعين الملاحقة؟ يذكرني ذالك بقصة الهبوط على سطح القمر التي تمت ولمرة واحدة حيث لم يتم تكرار ذالك العمل على الرغم من التخطيط لإرسال مركبة فضاء مأهولة لكوكب المريخ فأي الكوكبين أقرب؟ ولماذا لم نسمع عن تكرار محاولات الهبوط على سطح القمر؟
هل تعلمون حقيقة الثورة الفرنسية وإقتحام سجن الباستيل؟
في سجن الباستيل كان يحتجر عدد كبير من النبلاء الفرنسيين المعارضين للملك الفرنسي لويس السادس عشر وهم أول ضحايا إقتحام السجن حيث تم قتلهم من قبل الرعاع والعامة الذين تم تسليحهم بعد الإستيلاء على حامية السجن ومخازن السلاح فيه. إن تلك النوعية من المعلومات لن تسمعوها ولن تقرأوها في كتب التاريخ المزيفة والمناهج الدراسية التي تمجد الثورة الفرنسية على الرغم من كل الحقائق التاريخية التي تقدم رواية مختلفة ورغم كل اللغط الذي أثير حولها. أحدهم كان له مصلحة في مقتل عدد كبير من النبلاء من نخبة الشعب الفرنسي المعارضين لحكم لويس السادس عشر والذي كان من المتوقع توليهم حكم فرنسا في حال سقوط نظامه.
"إذا لم يكن هناك خيز للفقراء فليأكلوا الكعك" وفي رواية أخرى "فليأكلوا البسكويت" فهل تثير تلك العبارة عند جيلنا المعاصر أي ذكريات؟ الإجابة هي انه يتم تقبلها كحقيقة وأمر واقع ولن أستغرب إن خرجت علينا يوما أحد القنوات بمزاعم إمتلاك تسجيل صوتي لماري أنطوانيت كدليل مادي يقدم في محاكمة تاريخية لتلك الشخصية العظيمة التي تعرضت للظلم وتم تزوير تاريخ كامل لها خدمة لأجندات معينة. حتى أن بعض المصادر تذكر كيف سارت ماري أنطوانيت بكبرياء للمقصلة وكيف يتعارض ذالك مع ماتم ترويجه عنها من إتصافها بالإستهتار والمجون وكثرة عشاقها.
لن نذهب بعيدا في تاريخ الإعلام الإستعماري الذي يتم الترويج له حتى أن فرنسا التي إحتلت الجزائر فترة زمنية بلغت 132 سنة تم فيها إرتكاب الفظائع بحق الشعب الجزائري المقاوم إستشهد فيها أكثر من مليون شهيد. تخيلوا أنه تم إصدار طوابع تذكارية فرنسية عليها صورة جنود فرنسيين بصحبة رؤوس مقطوعة لمواطنين جزائريين بل وإجراء تجارب لقنابل ذرية على أهداف حية عبارة عن أسرى من مواطني الجزائر تم تعريضهم لإشعاعاتها مثبتين على أعمدة في الصحراء. أين من يمجدون فرنسا ويلتحفون بعلمها ويمجدون ثورتها المزعومة؟ إن تلك الثورة تناولها بالتفصيل الفيلسوف الفرنسي الأشهر غوستاف لوبون وكيف تم التأثير على الجماهير وتحريكهم من قبل أصحاب المصالح حيث لمن قرأ كتابه "الثورة الفرنسية وروح الثورات" يستطيع أن يخرج منه بإستنتاج من كلميتن "ثورة رعاع". فلماذا يتم تدريسنا ثورات قام بها رعاع في مناهجنا الدراسية؟ وهل تلك المناهج والأنظمة التعليمية تنتج إلا رعاع ممن يحرقون ويقتلون ويرتكبون أفظع الجرائم ومع ذالك يوصفون بأنهم نشطاء وطلاب حرية ويتم تمجيدهم في وسائل الإعلام المختلفة؟
قضية المجازر التركية ضد الأرمن هي قضية جدلية أخرى تلاعب بها الإعلام الإستعماري وشابها الكثير من الجدل وبالطبع التزوير. هناك مزاعم عن تمرد الأرمن ضد الدولة العثمانية وأنهم هم من قاموا بالبدء بالمجازر وقتلوا مئات الألوف من المسلمين وأن ماقامت به القوات العثمانية كان يدخل في نطاق الدفاع عن النفس. كما انه هناك مزاعم معاكسة  أن القوات العثمانية هي من قام بالمجازر ضد الأرمن أبادوا خلالها أكثر من مليوني أرمني.
فيما يتعلق بتلك المسألة فإنه حتى لو إقتنعنا بوجهة النظر القائلة بأن الأرمن هم من بدء التمرد فلست أظن أن ذالك يبرر كمية الإجرام والوحشية وهتك أعراض نساء الأرمن وصلبهم عرايا وتجويع الشعب الأرمني. أحد الصور المشهورة التي أرخت لتلك الفترة الزمنية تظهر لنا تركيا يتلاعب بأطفال الأرمن الجياع من خلال الإمساك بقطعة خبز يرفعها عاليا بينما هم على الأرض من شدة الجوع والتعب بينما صورة أخرى تظهر صلب نساء الأرمن. يذكرني ذالك السلوك بأحدهم حين يحاول أن يلعب مع حيوانه الأليف. كما أنه هناك العديد من الصور التي تظهر بعضا من الإجرام والوحشية التي كانت في الحقيقة جزأ لا يتجزأ من عقلية الأتراك وطريقة تعاملهم مع خصومهم منذ زمن طويل وهي ليست حالة طارئة مرت على الشعب الأرمني. بدون دراسة التاريخ العثماني وهو تاريخ يتفاخر الأتراك به, وبدون التعرف على العقلية التركية وملامحها النفسية, لايمكن الحكم على مسألة المجازر التركية بحق الأرمن. وفي الحقيقة فإن الأرمن ليسوا هم وحدهم من تعرض لتلك المجازر فالأكراد ديانتهم الإسلام تعرضوا للمجازر حتى يومنا هاذا, والأشوريون وطوائف مسيحية أخرى وقوميات مختلفة تعرضوا للقتل في تلك الفترة حيث فر عدد كبير منهم إلى مدن في سوريا والأردن فتم إكرامهم وكانت لهم مساهمات جدا إيجابية في إثراء الحياة التجارية والثقافية والسياسية في البلدان التي لجئوا لها وأصبحوا جزأ لا يتجزأ من نسيجها الإجتماعي.
هناك صورة مشهورة لجنود أتراك مع رؤوس يونانية مقطوعة حيث أن قطع الرؤوس سلوك متجذر في العقلية التركية وطريقة تعاملها مع خصومها. إن ذالك سلوك مرفوض ولكن الأتراك ليس أول من عمل به ولن يكونوا أخرهم. الحرب التركية-اليونانية أو مايعرف بحرب الإستقلال التركية التي قاد القوات التركية فيها مصطفى كمال أتاتورك وكان رأس الحرب قوات يونانية بدعم بريطاني وفرنسي كانت حربا وحشية إستخدمت فيها الأساليب الوحشية بحدها الأقصى وتبادل الطرفين الممارسات الوحشية ضد بعضهم البعض. الدول الأوروبية المعادية لتركيا وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا قامت بتقديم الدعم لليونان لشن حرب على تركيا هدفها السيطرة على مضيق البوسفور وموقعه الحيوي مقابل ضم أجزاء من تركيا لليونان حيث حاولت قوات الغزو اليوناني والبريطاني الزحف على العاصمة التركية وإحتلالها.
وسائل إعلامية بريطانية شنت حربا إعلامية مؤخرا ضد المملكة العربية السعودية وكبار الكتاب في الصحف الأمريكية شاركوا في تلك الحملة. حتى أن عراب الخراب العربي برنارد هنري ليفي شارك بموضوعا ضد السعودية هو الأول من نوعه ولكنه لن يكون الأخير. موضوع الحملة هو حقوق الإنسان والحريات مثل حرية الرأي والتعبير وقيادة المرأة للسيارة.
المشاكل التي يعاني منها الإعلام السعودي هي نفس المشكلة التي يعاني منها الإعلام في الوطن العربي وهي إنخفاض المستوى الفكري والوعي الثقافي, الجمود المعرفي وأخرها أن تعيين الصحفيين في الوطن العربي لايتم بناء على الكفائة بل الواسطة ومقياس ترموميتر الولاء. كليات الإعلام والصحافة في الوطن العربي تقبل أدنى معدلات النجاح في إمتحانات الثانوية العامة وتلك صفة مشتركة مع كليات الحقوق التي لا يدخلها إلا من تضطره الظروف إلى الحصول على مقعد جامعي في أي تخصص.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
نهاية الجزء الثاني

Monday, April 25, 2016

ملوك الإنسانية والإعلام الإستعماري, تزييف التاريخ(1)


في فيلم صحارى(Sahara) للمثل الأمريكي المبدع ماثيو ماكونهي والممثلة المبدعة بينلوبي كروز محادثة قصيرة بين أحد جنرالات الجيش المالي ومدير شركة أجنبية لدفن النفايات السامة تتمحور حول تخفيض وتيرة دفن النفايات السامة في صحراء مالي بسبب الجدل الذي أثير حول تلك القضية خصوصا لدى السفارة الأمريكية في مالي. الجنرال رفض طلب المدير الأجنبي وأجابه بإختصار "هذه أفريقيا, لا أحد يهتم لها".
إحذروا التاريخ المزيف الذي يحاول الغرب خداعنا به بإسم الحرية وحقوق الإنسان في محاولة لدس السم في العسل والتشجيع على الإضطرابات والفوضى تحت مسمى ثورات ملونة وسلمية والفوضى الخلاقة ونيل الحقوق المسلوبة. المشكلة أن بعضهم لديه علاقة حب من طرف واحد بتلك النوعية من الأحداث التاريخية والتي يتم إستخدامها لتبرير مايحصل حاليا, محاولة إسقاط الماضي على واقعنا المعاصر. القنوات الإعلامية كالجزيرة والعربية وكذالك صحف ومجلات تحاول إعادة إستنساخ تلك الأساليب الرخيصة للترويج لأجندات سياسية لا تريد الخير للمنطقة وشعوبها. الدول الغربية لاترحم حتى حلفائها ولاتعرف غير مصالحها ومن يظن أنه بإخلاصه لها يسلم من أذاها فهو مخطئ.
إزدواجية المعايير هي المشكلة الحقيقية برأي وراء كل المصائب والجهل والتخلف الذي نعيشه في زمننا الحالي والترويج للكذب من خلال المحطات الفضائية الإخبارية حيث تتحول الأكاذيب إلى حقائق ملموسة نصدقها ونسير ورائها كقطيع خراف تسير وراء الراعي.
تذكر المصادر التاريخية أن هتلر قتل 6 ملايين من اليهود فيما يعرف بإسم الهولوكوست,ليست لدي أي مشكلة مع تلك المصادر وأوافقها الرأي, وأن ستالين قتل عشرين مليونا وأكثر بسبب سياسة المزارع الجماعية والمجاعة التي أصابت مناطق عدة في الإتحاد السوفياتي خصوصا أوكرانيا وتلك مسألة حمالة أوجه. تلك المصادر التاريخية تصفهم بالمجرمين والديكتاتوريين ولكن لا أحد يذكر لنا من كان يقوم على تمويل النازية وهتلر وماهي الحقيقة وراء هروبه وإختفائه؟
ستالين هو شخص صنعته ظروف التأمر الأوروبي على بلده منذ أيام الحكم القيصري مرورا بالحرب العالمية الأولى والثانية حيث كانت الجيوش الألمانية تقف على أبواب موسكو وستالينغراد حيث أوشكت المدينتان على السقوط وتبدأ أحجار الدومينو بالتساقط وهيمنة النازية على أوروبا بأكملها. بدون قبضة ستالين الحديدية ماكان الإتحاد السوفياتي ليجابه تلك الألة العسكرية الجبارة التي كادت أن تستولي على أوروبا بأكملها ولولا بطولات الجيش الأحمر ومواطني الإتحاد السوفياتي لأكملت النازية زحفها على أوروبا وبريطانيا وإبتلعت العالم بأكمله. ديكتاتورية ستالين وقبضته الحديدية أنقذت أوروبا فما هي الأسباب التي عكست الصورة من وجهة نظر الإعلام الغربي؟
حتى أن قضية إحتلال الجيوش الألمانية لبولندا شابها الكثير من تزييف الحقائق ولعل اولها قضية ممر دينزنغ ثم أن الحلفاء وعلى رأسهم بريطانيا وفرنسا هددوا ألمانيا بإعلان الحرب إذا قامت بغزو بولندا ولكن قوات الجيش الأحمر دخلت الأراضي البولندية في زمن سابق  لدخول القوات الألمانية وبموجب إتفاقية تقسيم بولندا بين الإتحاد السوفياتي وألمانيا. تدخل هتلر في بولندا بعد مجازر وفظائع إرتكبها القوميون البولنديون المتطرفون بحق الجالية الألمانية والتي كانت تشكل أقلية في بعض المناطق البولندية على الحدود مع ألمانيا فتدخل هتلر كان إثر مناشدات متعددة للدول الأوروبية لضم تلك المناطق لألمانيا ولكن بدون إجابة.
جوزيف ستالين تم وصمه بصفة الإجرام والديكتاتورية وفق مزاعم مزدوجة المعايير مصدرها نفس الوسائل الإعلامية التي كانت تمجد إنجازات قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية ومنها هدم مدن ألمانية كاملة على رؤوس سكانها وخصوصا مدينة دريسدن وبدون سبب مبرر لذالك العمل الوحشي. يطلقون عليه إستراتيجيات عسكرية وهي نفس الإستراتيجيات التي تم بموجبها قصف اليابان في هيروشيما وناغازاكي بالقنابل الذرية لإيصال رسالة للرئيس السوفياتي حتى لا يتمادى في مطالبه في مفاوضات التقسيم التي تلت الحرب العالمية الثانية. اليابان كانت على وشك الإستسلام حيث تم إبلاغ الحلفاء بذالك من قبل القيادة اليابانية ولكن تم تجاهل تلك الرسائل.
ستالين كان مجرما لأنه قتل بحسب مزاعم الوسائل الإعلامية الغربية للأسباب التي سبق وذكرتها ولكن ماإرتكبته قوات الحلفاء أطلق عليه اعمال عسكرية. الضحايا المدنيين للحرب العالمية الثانية فاق عدد الضحايا المزعوم لستالين بضعفين على الأقل فمن هو المجرم؟
حتى معارك وبطولات الحرب العالمية الثانية وتاريخها تم تزويره حيث يوصف إنزال النورماندي بأنه أعظم عملية عسكرية خلال الحرب على الرغم من أن الحرب العالمية الثانية كانت تتلخص في معارك الجبهة الشرقية والباقي هو مجرد مناوشات ومعارك ثانوية. وقوات الحلفاء كانت تحت الضغط وبريطانيا تخوض معركة حياة او موت مع القوات النازية حتى بداية معارك الجبهة الشرقية التي أشغلت نسبة كبيرة من موارد الجيش الألماني العسكرية واللوجستية. معركة كورسك هي أكبر معركة دبابات في التاريخ وهي من المعارك التي حدد مصير الحرب العالمية الثانية وعلى الرغم من ذالك فهي بالكاد تذكر في المصادر التاريخية الغربية.
أحد المدرسين في زمن الإحتلال الفرنسي لسوريا كان يقوم بتدريس طلابه عن الثورة الفرنسية التي تمثل قيم الحرية والمساواة حين مر مفتش فرنسي بالصدفة بالمدرسة وسمع الدرس الذي يلقيه الأستاذ على طلابه فتم إستدعاء المدرس لغرفة المدير وتوجيه إنذار له. المدرس إبدى إحتجاجه فمسع الإجابة بأن تلك القيم تخصنا ولا تعنيكم أنتم.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
نهاية الجزء الأول

Saturday, April 23, 2016

هل يعاني الإقتصاد العالمي من مشكلة الإدمان على الطاقة؟

يعاني العالم من مشكلة الإدمان على الطاقة وخصوصا في الولايات المتحدة حيث قام تحالف مؤلف من شركات تصنيع السيارات, الإطارات والنفط منذ بداية سنة 1930 تقريبا بشراء شركات السكك الحديدية والعربات الكهربائية(Trolleybus) وببساطة إحالتها على التقاعد. كما تم بناء المنازل في الضواحي بعيدا عن مراكز الأعمال والمصالح التجارية وتحول إقتناء السيارة من رفاهية إلى ضرورة من ضروريات الحياة.
هناك من يشتكي في الولايات المتحدة من إرتفاع أسعار الوقود حيث مرت فترات عصيبة على سائقي السيارات وهواة قيادة الدراجات النارية خصوصا في الفترة التي تلت الإنقلاب على شاه إيران محمد رضا بهلوي سنة 1979, فترة الحظر النفطي سنة 1973 وسنة 2008 حين إرتفع سعر وقود السيارات إلى 4 دولار\الجالون مقارنة بسعر 1.80 دولار للجالون سنة 1980.
وحتى تتكون لدينا صورة واضحة عن التأثير الذي يحدثة إرتفاع أسعار الوقود فما علينا إلا الرجوع للذاكرة إلى فترة العدوان الغربي على يوغسلافيا حيث تسببت ندرة الوقود بإرتفاع سعره إلى 36 للجالون. الشوارع كانت شبه فارغة في العاصمة اليوغسلافية بيلغراد بإستثناء بعض سيارات التكسي وباصات النقل العمومية, الحانات ممتلئة والكثير من الأشخاص يحاولون الإنتهاء من روتينهم اليومي مشيا على الأقدام أو بإستخدام وسائل النقل العمومية أو ركوبا على الدراجات الهوائية أو أي وسيلة نقل متوفرة.
في الولايات المتحدة حيث أن أكثر من 50% من الطاقة المستهلكة تكون على شكل وقود لمركبات النقل, هناك حساسية لأي إرتفاع حتى لو طفيف في أسعار الوقود. عندما إرتفعت اسعار جالون الوقود إلى 8 دولار سنة 2008 تم إعتبار ذالك الإرتفاع كارثيا. سنة 1980 كان إستهلاك الوقود يلتهم 20% من دخل الأسرة الأمريكية بينما في سنة 2000 إنخفض ذالك إلى 5%.
هناك من يروجون لنظرية مفادها ان توفر الوقود الرخيص يشجع على زيادة الإستهلاك والحل يكون بزيادة سعره عن طريق فرض الضرائب ورفع أي دعم عن الوقود حتى يصل السعر إلى 7 دولار\الجالون. المشكلة أن من يحصرون الموضوع بالحد من العادات السيئة لمدمني القيادة غير مهتمين بالأعراض الجانبية لرفع أسعار الوقود كموجة التضخم التي تلي رفع الدعم عن الوقود وإرتفاع الأسعار إبتداء من المواد الغذائية, مواد البناء, الكهرباء, المياه وجميع الخدمات الأساسية.
في أوروبا فإن السائقين وهواة ركوب الدراجات النارية يدفعون أسعار تقترب من 7 دولار\جالون منذ زمن طويل وذالك يرجع إلى الضرائب العالية على الوقود. ولكن في أوروبا فإن العادات تختلف حيث يفضل الكثير من الأوروبيين قضاء حاجياتهم اليومية مشيا على الأقدام أو ركوب الدراجات خصوصا حين تكون حالة الجو ملائمة. في بلدان مثل الدانيمرك وهولندا فإن ركوب الدراجات الهوائية يعتبر عادة وليس إستثناء كالولايات المتحدة حيث ليس من المستغرب أن ترى وزير هولنديا يذهب يوميا لمقر عمله راكبا الدراجة الهوائية. كما أنه هناك مسارب مخصصة للدراجات الهوائية في الكثير من المدن الأوروبية وأماكن لإيقافها بالقرب من الأماكن المزدحمة التي يتردد عليها المواطنون بشكل يومي كالأسواق التجارية.
في بريطانيا فإن 60% من المواطنين يستخدمون السيارة كواسطة نقل إلى أعمالهم مقارنة بنسبة 90% في الولايات المتحدة. في بريطانيا 30% من الأسر تمتلك أكثر من سيارة مقارنة بنسبة 60% في الولايات المتحدة. بريطانيا تأتي في المرتبة 23 نسبة إمتلاك السيارات إلى عدد السكان مقارنة بالولايات المتحدة التي تحتل المركز الثاني. كما أن السائقين في الولايات المتحدة يقطعون أميالا أكثر من نظرائهم البريطانيين بمدل أربع رحلات و21 ميلا في اليوم الواحد مقارنة برحلتين و7 أميال للبريطانيين. 30% من البريطانيين لايمتلكون مركبات مقارنة بنسبة 10% من الأمريكيين ممن يملكون على الأقل مركبة واحدة.
وتصل درجة الإختلاف بين بريطانيا والولايات المتحدة حتى في انواع المركبات التي تبيعها شركات السيارات الأمريكية مثل فورد وجينرال موتورز في الولايات المتحدة مقارنة بأوروبا حيث تتميز بإنخفاض قوة المحرك ونسبة إستهلاكها للوقود.
مصانع شركة جينرال موتورز في أوروبا تنتج السيارة التي تحتل ثاني أكبر نسبة مبيعات في أوروبا خلف سيارة جولف فولكسفاجن(Volkswagen Golf). تلك السيارة تدعى اوبل أسترا(Opel Astra) حيث أعلنت الشركة أنها سوف تقوم بشحن أعداد كبيرة منها للولايات المتحدة من مصانعها في بلجيكا وذالك بعد تبين لها خطأ حساباتها فيما يتعلق بشعبية تلك السيارة عندما وصل سعر الوقود في الولايات المتحدة إلى 4 دولار\جالون.
الكثير من الأمريكيين سمعوا عن سيارة بولو التي تنتجها أيضا شركة فولكسفاجن الألمانية(Volkswagen Polo) والتي تعد أصغر من سيارة الجولف والتي تتميز بصغر حجمها وسهولة ركنها في أصغر المساحات الممكنة حيث تعد خيارا يصبح أكثر شعبية وقبولا مع مرور الوقت.
ولكن ماذا عن مصادر الطاقة المتجددة وهل من الممكن أن تكون بديلا مقبولا عن مصادر الطاقة التقليدية؟
لو كان من الممكن توليد الكهرباء بواسطتها والإستغناء كليا عن النفط والفحم فذالك سوف يكون الحلم الذي يتحول إلى حقيقة ولكنه للأسف سوف يبقى حلما. دولة مثل الدانيمرك والتي تعد رائدة في ذالك المجال وتعتمد نسبة 11% من دخلها القومي على تصدير تكنولوجيا الطاقة البديلة لم تصل لدرجة إحلال الطاقة البديلة أكثر من نسبة 13%-20% حسب أكثر التقديرات تفائلا.
هناك الكثير من العوائق امام مصادر الطاقة البديلة لتحل محل النفط. تلك العوائق قد تكون لوجستية أو متعلقة بالتكلفة. فمثلا بناء محطات توليد طاقة كهربائية تعتمد على الفحم كمصدر رئيسي يتوجب تركيب أنظمة فلترة متطورة تقوم بإحتجاز الإنبعاثات الضارة ونقلها عبر أنابيب أو شاحنات لتخزينها وتلك عملية تعد مستهلكة للطاقة وذات كلفة عالية. الهيدروجين أيضا يعد مكلفا وهناك أعتبارات متعلقة بالسلامة العامة وحتى بتكلفة السيارة التي من المفترض أنها تسير على الهيدروجين.
سوف تستمر جهود العلماء والمختصين في مجال زيادة نسبة الإعتماد على الطاقة البديلة كمصدر للكهرباء ومحاولة إختراع سيارة كهربائية أو هجينة مثالية على الرغم من كون الوقود السائل من الناحية العملية يحوي 20 مرة كمية طاقة مختزنة أكثر من بطارية السيارات الكهربائية المفترضة.
أود أن أختم الموضوع بملاحظة مهمة هو أن الدعاية المضللة تعتمد دائما على التلاعب بنقطة حيوية وهي ندرة الموارد الطبيعية وذالك في محاولة منها لتبرير الإستمرار في إرتفاع أسعارها عالميا. الحل برأي هو إعادة أحياء أبحاث العالم العبقري نيكولا تسلا والمتعلقة بالطاقة ونشر الوعي بين المواطنين خصوصا في العالم العربي إقتداء باليابان والتي قرأت ولست أعلم مدى صحة الخبر أن مواطنيها يقومون بالتوقف عن إستخدام الطاقة الكهربائية كإطفاء أنوار بيوتهم وأي أجهزة كهربائية طوعيا في اوقات التقنين التي تعلنها الحكومة وخصوصا بعد كارثة مفاعل فوكوشيما.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Tuesday, April 19, 2016

من هي الدولة المستهدفة من التحذير السعودي ببيع سندات وزارة الخزانة الأمريكية؟

المملكة العربية السعودية قامت بتاريخ إبريل\2016 بالإفصاح للإدارة الأمريكية على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير عن نيتها بيع ماقيمته 750 مليار من سندات الخزانة التي بحوزتها خوفا من مصادرتها كتعويضات في حالة أقر الكونجرس قانون 11\سيبتمبر. إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تقوم بالضغط على الكونجرس لعدم إقرار القانون والسبب تهديده للمصالح الإقتصادية للولايات المتحدة وتعريض علاقتها مع أحد أهم حلفائها في الشرق الأوسط للخطر.
إن كل ذالك يتم على صفحات الجرائد وفي وسائل الإعلام ولكن في الحقيقة فإن السعودية لن تبيع سندات الخزيمة التي في حوزتها والكونجرس لن يقر قانون 11\سيبتمبر مع ملاحظة أن قيمة سندات الخزينة الأمريكية التي تمتلكها السعودية تتجاوز قيمتها 750 مليار دولار ولكن ماهو السبب الحقيقي للقلق الذي يعتري ليس الإدارة الأمريكية حصريا بل المستثمرين ومصرفيي وول ستريت؟
قبل أن أدخل في الإجابة على ذالك السؤال هناك نقطتان لا بد من التعرض لها وهي أن الرئيس الأمريكي يمتلك صلاحيات قانونية لمواجهة أي حالة إقتصادية طارئة ناتجة عن قيام المملكة العربية السعودية ببيع تلك الكمية من سندات وزارة الخزانة. أحد الحلول هو إيقاف عملية البيع بأمر رئاسي وذالك أمر ليس مستغرب حتى أن الرئيس الأمريكي مخول بموجب نفس القانون مصادرة إحتياطيات الذهب الأجنبية المودعة في الولايات المتحدة وتعويض الدول مالكة الإحتياطيات نقدا بقيمة تقررها الحكومة الأمريكية. كما أنه من الممكن أن يقوم بنلك الإحتياطي الفيدرالي بناء على طلب من وزارة الخزانة ببداية برنامج تيسير كمي جديد وشراء تلك السندات بدولارات مطبوعة حديثا مما سوف يؤدي إلى إنخفاض قيمتها بشكل كبير.
المشكلة الحقيقية ليس في قيمة السندات التي تنوي الحكومة السعودية بيعها فتلك مسألة ذات تأثير ثانوي ولكنها تكمن في كلمة واحدة, الثقة. إن فقدان الثقة في أحد الأدوات المالية سوف يؤدي إلى موجة بيع حيث يقوم المستثمرون مالكو تلك السندات بالتخلص مما لديهم بأسرع مايمكنهم ذالك خوفا من إنخفاض قيمتها. فحتى لو اعلنت الحكومة السعودية نيتها وبطريقة عادية بيع ماقيمته 50 مليار دولار من تلك السندات فذالك سوف يكون له نفس التأثير كإعلان نيتها بيع 750 مليار دولار منها وذالك بسبب مكانة السعودية في نظر المستثمرين كحليف للولايات المتحدة.
إذا كانت الثقة هي المحور الأول المتعلق بقيمة أهم عملة نقدية التي تحتل مكانة كعملة إحتياطية عالمية فإن المحور الثاني هو الصين التي تمتلك أكبر إحتياطي نقدي من سندات الخزينة الأمريكية والذي يبلغ 1.5 تريليون دولار كما أنها تمتلك ماقيمته 1.5 تريليون دولار من السندات المقومة بعملات أخرى لعل أهمها اليورو.
سؤال أخر هو هل تستهدف السعودية بالتحذير من بيعها سندات وزارة الخزانة الأمريكية الصين بشكل غير مباشر؟
إن ماقد تقوم به حكومة المملكة العربية السعودية قد يكون السبب الرئيسي في إطلاق موجة بيع غير مسبوقة للأدوات المالية المقومة بالدولار الأمريكي خصوصا سندات وزارة الخزانة الأمريكية وإنخفاض قيمتها سوف يكون نتيجة حتمية ومؤكدة. الصين سوف لن تنظر بعين الرضى لتلك الخطوة حيث أن إنخفاض قيمة السندات التي تعتبر إستثمارات مستقبلية قد يؤثر على خطط النمو المستقبلية في الصين وإحتمال لجوء الحكومة الأمريكية لبرنامج تيسير كمي جديد(QE) سوف تضطر الحكومة الصينية معه إلى القيام بتعديل سعر صرف اليوان مقابل الدولار الأمريكي حتى لا تتأثر تجارتها الخارجية وتلك خطوة لا تحبذ الحكومة الصينية القيام بها.
المملكة العربية السعودية كانت السبب الرئيسي في إنخفاض أسعار النفط وتهدد الأن بضخ المزيد منه في الأسواق الدولية في حالة لم تلتزم الدول الأخرى بإتفاق حول تخفيض محتمل أو حتى إيقاف الإنتاج لفترة مؤقته. والأن تقوم المملكة بالتحذير من بيعها ماقيمته 750 مليار دولار أمريكي من سندات وزارة الخزانة مما سوف يؤدي إلى عواقب لا تحمد عقباها. الهدف في تخفيض أسعار النفط كان روسيا وإيران وتلك ليست أول مرة تلجأ السعودية لذالك فهناك سابقة في الثمانينيات ولكن الذي يجب أن يفهمه صناع القرار ليس فقط في السعودية بل في الولايات المتحدة وأوروبا أن إستنساخ تجرية الثمانينات في وقتنا الحالي سوف لن تتوفر له نفس الظروف الملائمة لنجاحه كما ظن الكثيرون وقتها أنه حقق أهدافه. روسيا ليست الإتحاد السوفياتي والصين ليست مجرد دولة هامشية لا نفوذ لها ولا مركز ثقل إقتصادي أو سياسي. روسيا والصين دول عظمى وأعضاء دائمون في مجلس الأمن. الصين مرشحة لتكون الإقتصاد رقم واحد في العالم متجاوزة الولايات المتحدة في 2028 والصين وروسيا ليست دول من السهل الإفتئات عليها أو حتى تجاوزها كما يظن البعض.
ويبقى التسائل عن هوية المستهدف من بيع سندات وزارة الخزانة التي بحوزة المملكة العربية السعودية؟ هل هي روسيا؟ أم إيران؟ أم الولايات المتحدة؟ أم الصين؟
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Saturday, April 16, 2016

هل سوف تساهم السيارات الكهربائية في تغيير خارطة إستهلاك الطاقة في العالم؟

الحديث عن السيارات الهجينة والسيارات الكهربائية ترتفع وتنخفض الحماسة حوله بحسب إرتفاع أو إنخفاض أسعار النفط وتأثير إرتفاع أعداد المركبات المستهلكة للوقود في الطرثات على البيئة. المحير أن نفس التكنولوجيا التي يسعى الكثيرون لإحيائها كانت قائمة وبنجاح منذ سنين طويلة. في الحقيقة فإن أول سيارة كهربائية عملية تم إبتكارها من قبل ثوماس باركر(Thomas Parker) سنة 1884 في العاصمة البريطانية.
هناك الكثير من الأسباب والمبررات التي يسوقها أنصار السيارات التقليدية التي تسير على الوقود السائل بالزعم أن السيارات الكهربائية لن تستطيع المحافظة على سرعة معقولة في الطرقات ولن تتمكن من قطع مسافات طويلة قبل أن يعاد شحن البطارية. تعد سيارة(La Jamais Contente) هي أول سيارة على الإطلاق بقيادة البلجيكي(Camille Jenatzy) تسجل سرعة 100كم\ساعة سنة 1899 وذالك بالقرب من العاصمة الفرنسية, باريس. السيارة المعروفة بإسم (Detroit Electric) والتي إنتجتها شركة (Anderson Electric Car Company) في مدينة ديترويت الأمريكية بداية من سنة 1907 قلمت بقطع مسافة 340.1 كم بدون الحاجة لإعادة شحن بطاريتها. السيارة نفسها تم إعادة إنتاجها بتصميم متطور سنة 2008 في إنجلترا من قبل شركة سيارات (Lotus Cars of England) والمهندس (Albert Lam) وأطلق عليها إسم (Detroit Electric Sp. 01).
في الفترة التي كانت أول سيارات فورد المعروفة بإسم(Model T) تخرج من خطوط التجميع فقد كانت السيارات الكهربائية تتمتع بشعبية حيث أنها كانت لاتسبب التلوث ولا الإزعاج وتتميز بقيادتها الهادئة وسرعة تشغيلها وقلة اعطالها. بينما السيارات التي تسير بالوقود السائل كانت تحتاج إلى سائق يكون على معرفة بنوعية الصيانة التي تتطلبها في حال تعطلها على الطرقات كما أنها تحتاج لتشغيلها لفترة زمنية قبل كونها قابلة للإنطلاق.
نقطة التحول كانت في إكتشاف شركة كاديلاك لمفتاح التشغل الكهربائي للسيارات حيث أدى ذالك مع إنخفاض كبير في أسعار السيارات نتيجة زيادة الإنتاج إلى إزاحة أحد أهم العقبات أمام إنتشار السيارات التي تسير بالوقود حيث لايحتاج تشغيلها إلى جهد بدني كما كان سابقا في طريقة التشغيل التقليدية كما أصبحت في متناول شريحة واسعة ممن يرغبون في إقتناء سيارة وإمتنعوا لغلاء أسعارها.
وفي الوقت الذي إزدادت فيه شعبية سيارات الدفع الرباعي, قامت حكومة ولاية كاليفورنيا بمحاولة للحد من الإنبعاثات الضارة الصادرة من عوادم السيارات فتم الموافقة على قانون يلزم شركات السيارات بنسبة 2% من إنتاج سياراتها بدون عادم بحلول سنة 1988 و10% بحلول سنة 2003.
قامت شركات صناعة السيارات بإستخدام وسائل الضغط واللوبيات وإتباع كافة الوسائل لتحجيم القانون الجديد وتلك لم تكن اول سابقة لها في مقاومة أي قانون قد يجبرها على تغيير طريقة عملها. المشكلة ان نفس تلك الشركات سرعان ماقامت بصناعة عدد من السيارات الكهربائية وهو الأمر الذي كانت ترفضه سابقا. شركة تويوتا اليابانية قامت بإنتاج سيارة (Rav4 mini SUV) والسيارة الهجينة (Toyota Prius) والتي كانت لها شعبية حيث إقتناها عدد من نجوم هوليود. كما قامت شركة فورد بإنتاج شاحنتها الكهربائية. ولكن نجم السباق نحو إنتاج السيارة الكهربائية الأكثر شعبية كانت سيارة من إنتاج شركة جينرال موتورز والتي عرفت بإسم (GM-EV1) والتي تميزت بشكلها الإنسيابي والرياضي حتى أن نجوما مثل توم هانكس وميل جيبسون قاموا بشرائها.
المشكلة مع شركة جينرال موتورز أن سيارة (GM-EV1) سجلت نجاحا غير مسبوق مما هدد مركز الشركة وحصتها في أسواق السيارات التقليدية حيث أن أكثر من 70% من مبيعات الشركة هي سيارات دفع رباعي, شاحنات(Vans) والشاحنات الخفيفة(Trucks). وبالتأكيد فإن الشركة لم ترغب في الخروج من مجال صناعة السيارات التي تسير بالوقود السائل ولا أن تقوم بتجنيب زبائنها الزيارات المتكررة لمحلات التصليح والصيانة التابعة لها كما أنها تخوفت من نجاح سيارتها في كاليفورنيا ومن أن تطالب ولايات أخرى بقوانين مماثلة وتفرض إنتاج السيارات الكهربائية والهجينة بقوة القانون. ماحصل لاحقا هو مهزلة بكل ماتحمله الكلمة من معنى حيث قامت الشركة نفسها بتقديم صورة سلبية لسيارة(GM-EV1) كونها غير عملية وقصيرة المدى. الشركة كانت تتوسل لزبائنها عن طريق الدعاية المضللة بعدم شراء تلك السيارة.
ليس شركات السيارات وحدها من أحس بالخطر من إنتشار وإزدياد شعبية السيارات الكهربائية بل شركات النفط التي سارعت لشراء أي برائة إختراع أو شركة متختصة بتكنولوجيا وإنتاج السيارات الكهربائية للتأكد من أن تلك التكنولوجيا لن تجد طريقها للأسواق, تماما كما فعلوا مع شركات السكة الحديدة والسيارات الكهربائية(Trolleys).
شركات إنتاج السيارات وجدت نفسها أمام خيارين هما إما الإلتزام بالقانون او تحدي المشرعين في ولاية كاليفورنيا أمام القضاء, وقد كان الخيار الثاني. قامت تلك الشركات وعلى وجه الخصوص جينرال موتورز ودايملر كرايسلر برفع دعوى قضائية تحت مزاعم بأن القوانين التي أصدرها المشرعون في ولاية كاليفورنيا وألزموا بموجبها الشركات بنسبة إنتاج سيارات صديقة للبيئة وبدون عادم(كهربائية), تتعارض مع قوانين بيئية أخرى أصدرها المشرعون أنفسهم. كما أن شركات إنتاج السيارات ذكرت في مزاعمها أمام المحكمة عواقب إجبارها على إنتاج سيارات بدون عادم حيث سوف يؤدي ذالك إلى زيادة درجة تلويث البيئة بسبب إصرار الزبائن المحتملين على الإحتفاظ بسياراتهم القديمة وعدم رغبتهم في إقتناء السيارات الكهربائية.
تحالف من مالكي سيارات (GM-EV1) ومنظمات بيئية وصحية حاولت وبكل الوسائل الممكنة التي بحوزتها مقاومة مزاعم شركات السيارات أمام المحاكم المختصة ولكن فشلت حيث تم إسقاط القانون الملزم لشركات السيارات بإنتاج سيارات بدون عادم(كهربائية) وتم إقفال برنامج إنتاج السيارة((GM-EV1).
القمة الهزلية أن سيارات (GM-EV1) التي كانت بحوزة الشركة كان ليس التخلص منها ببيعها للكثير من الزبائن الراغبين بشرائها بأي ثمن ولكن إرسالها حيث تم سحقها كايحصل مع السيارات المتقادمة. وفي النهاية تبقى 78 سيارة (GM-EV1) في مصنع الشركة تنتظر إرسالها للتخلص منها بسحقها كسيارات خردة حيث قامت الشركة بذالك على الرغم من أنه عرض عليها مبلغ وصل إلى 2 مليون دولار لشرائها من قبل جمعيات بيئية وزبائن ومعجبين بتلك النوعية من السيارات. أخر ماكانت تريد الشركة رؤيته يتحقق هو بيع السيارة لأشخاص راغبين بشرائها بشدة ومايترافق مع ذالك من دعاية إيجابية لصالح السيارة وتفنيد المزاعم السلبية التي كانت الشركة تروجها عنها.
تريدون سؤال أنفسكم عن التأثير الذي تحدثه الأسعار المرتفعة لوقود السيارات؟
نفس المهندسين الذي قاموا بتصميم وصناعة سيارة (GM-EV1) هم من قاموا بإخراج سيارة شيفورليه(Chevy Volt) إلى حيز الوجود كما أن مهندسي شركة جينرال موتورز يحاولون سباق الزمن قبل منافسيهم مثل شركة تويوتا وذالك بهدف إنتاج سيارات مماثلة لسيارة (GM-EV1) بعد تيقنهم بإنخفاض توقعات المبيعات من أسواق سيارات الدفع الرباعي على وجه الخصوص والتي تشكل نسبة كبيرة من عائدات الشركة.
نفس الشركة التي ذكرت أن الوصول لمسافة مقطوعة تبلغ 27 ميلا\جالون هو مهمة مستحيلة, تعود الأن لتعد زبائنها بأن سيارة (Chevy Volt) سوف تقطع 100 ميل\جالون منها 34 ميل بالمحرك الكهربائي و66 ميل بمحرك تقليدي يقوم في حال إنتهاء طاقة المحرك الكهربائي بشحن البطاريات. ولعل الكثيرين لم يعلموا أنه في سنة 1974 تمكنت سيارة فورد(Ford - T) المعدلة والتي يعود إنتاجها الموديل الأصلي منها لأكثر من 65 سنة من قطع مسافة 377 ميل\جالون. والسؤال هنا هو كيف تصح مزاعم شركات السيارات بصعوبة او في كثير من الأحيان بإستحالة إستخدام تكنولوجيا تعمل على زيادة كفائة المسافة التي تقطعها السيارات مقارنة بإستهلاك المحرك للوقود؟
شركة ريفا(Reva) الهندية تشكل هذه الأيام كابوسا لكل شركات صناعة السيارات الغربية حيث تمكنت من صناعة سيارة كهربائية توصف بأنها سيارة المستقبل وتدعى (G-Wiz) والتي توقف إنتاجها سنة 2012 وتم إستبدالها بسيارة(Mahindra e2o) والتي كانت تعرف سابقا بإسم(REVA NXR) ويبلغ مداها 120كم.
هناك عائق أمام إنتشار السيارات الهجينة والكهربائية وهو السعر الذي سوف يبدأ بمبلغ 26 ألف دولار وقد يصل إلى 50 ألف دولار للأنواع الفاخرة منها وبحسب الإضافات. سيارة (Think) النرويجية تباع بسعر يبلغ 15 ألف دولار حسب الإضافات والضرائب ولكنه يعد سعرا تنافسيا خصوصا في الأسواق الأمريكية. في امريكا الشمالية وتحديدا كندا هناك سيارة (Zenn) والتي واجهت عوائق بيروقراطية محلية في الولايات حتى بداية سنة 2008 وفيدرالية كثيرة متعلقة بالسماح للسيارات منخفضة السرعة من السير على الطرقات من قبل هيئة النقل الكندية والتي لم تمنح السيارة التراخيص اللازمة حتى تقرير فضائحي في قناة السي بي سي(CBC) الكندية سنة 2002 والذي وصف عدم إهتمام الحكومة بالمعايير البيئية. السيارة تصنع في ولاية مونتريال الكندية ومن قبل شركة كندية وتم ترخيصها للبيع في الولايات المتحدة منذ سنة 2000 أي في فترة سابقة للسماح بها في بلدها الأم والتي تصنع فيها وتقع مقر شركتها.
التحدي الذي تواجهه شركات تصنيع السيارات هو إثبات أنها تستطيع تحقيق أرباح من مبيعات السيارات الكهربائية والهجينة حيث أنها حتى الأن لم تحقق أرباحا تجعل طرح تلك السيارات على نطاق تجاري واسع أمرا ممكنا. حتى شركة تويوتا التي يمكن منحها إستثناء بسبب تحقيقها بعض الأرباح فقد أعلنت أن سنة 2008 هي أول مرة منذ 70 عاما تمر عليها بدون تحقيق أرباح.
في الولايات المتحدة حوالي 300 مليون سيارة تسير على الطرقات منها 100 ألف منها سيارات كهربائية وهجينة مع ملاحظة أن تلك أرقام تقريبية مما يعني أنه هناك 290 مليون سيارة سوف يكون سائقوها معرضين لإرتفاع أسعارا لنفط.
النقطة المهمة هو أنه حتى لو تم إستبدال 300 مليون سيارة تعمل بالوقود في الولايات المتحدة بسيارات هجين وكهربائية فمن أين سوف تأتي كل تلك الكهرباء؟ محطات توليد الطاقة الكهربائية لاتولد الكهرباء من الكهرباء أو على الأقل هناك مايتم محاولة إخفائه بخصوص أبحاث العالم المبدع نيكولا تسلا في ذالك المجال قبل أن يقوم أديسون بسرقة إختراعاته ونسبها لنفسه.
في أمريكا الشمالية وهي تشمل الولايات المتحدة وكندا فإن معدل إستهلاك وقود المركبات يعادل إنتاج 13 مليون برميل نفط. وفي حالة تم إستبدال جميع المركبات التي تسير بالوقود السائل بأخرى هجينة أو كهربائية فسوف يتم إستهلاك كهرباء في يوم واحد بما يساوي إستهلاك 2 مليون منزل في الولايات المتحدة كل سنة.
لمن لايظنون أن ذالك يمثل تحديا ضخما عليهم الرجوع إلى ماحصل بتاريخ 14 أغسطس 2013 حين إنقطعت الكهرباء عن مدينة نيويورك وديترويت في الولايات المتحدة وكذالك عن مدينة تورنتو الكندي في أجواء صيفية شديدة الحرارة حيث كانت مكيفات الهواء تعمل بطاقتها القصوى. يشاع على نطاق واسع أن ذالك حصل بسبب تأمر شركات توليد الكهرباء والغاز لإجبار الحكومة على رفع أسعار إستهلاك الكهرباء بما يعود بأرباح ضخمة لصالح تلك الشركات وأفضل وسيلة لذالك هي التلاعب بتزويد الطاقة الكهربائية لخلق حالة من النقص بما يوحي بالحاجة لبناء مزيد من محطات توليد الطاقة الكهربائية.
في حالة تم تحويل نسبة كبيرة من السيارات ولنفترض أنها 50% من إستهلاك الوقود التقليدي للكهرباء والنظام الهجين فماهي الخطط لزيادة إنتاج الطاقة الكهربائية لتواكب زيادة الطلب عليها في تلك الحالة؟
الحل الأول قد يكون الغاز وهو من أرخص مصادر الطاقة ولكن مؤخرا تضاعف سعره بسبب صعوبة إنتاجه وندرة مصادره التي تتناقص بإستمرار. الحل الثاني هو الطاقة النووية ولكن خلال جيل كامل, أي 25 سنة, لم يتم بناء أي مفاعلات نووية جديدة في الولايات المتحدة كما أن دولا مثل ألمانيا تخطط للتخلص من جميع المفاعلات النووية في قترة لاتتعدى 25 سنة القادمة. السبب هو السلامة حيث أن حادث تشيرنوبل وحادث المفاعل في فوكوشيما والتي سبب دمارا واسعا وتلوثا إشعاعيا لم يقتصر على روسيا أو أوكرانيا أو اليابان بل إمتد لبلدان مجاورة. كما أن المفاعل الننوي يحتاج إلى 17 سنة تقريبا ليصبح منتجا للكهرباء إذ أن عملية البناء تنتابها صعوبات كبيرة وأمور متعلقة بالسلامة العامة وإرتفاع كلفة المواد المستخدمة في بنائه وجماعات بيئية ولوبيات ضغط وسكان المنطقة حيث يبنى المفاعل والذين لايرغبون في قنبلة موقوته قابلة للإنفجار في أي لحظة توجد في منطقتهم. المفاعل الننوي في فينلندا والذي يدعى بإسم(Olkiluoto3) يعد أوضح مثال على ذالك.
الصين تقوم حاليا ببناء عشرات المفاعلات التيت عمل على الفحم بإعتباره من أرخص مصادر توليد الطاقة وأكثرها توفرا ولكن هل سوف يستر ذالك لوقت طويل؟ فحتى تلك المادة أصبحت المزاعم المتكررة حول ندرتها ودرجة جودة الخام أكثر تكررا يوما بعد يوما بالإضافة إلى التلوث الكبير الناجم عن إستخدامها والذي يزيد عن التلوث الناتج بسبب إستعمال الوقود التقليدي في توليد الكهرباء.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Thursday, April 14, 2016

صنافير وتيران, تيران وصنافير....وبعدين

يقال وعلى ذمة الرواة وهم من يعنى بهم في عصرنا الحالي إعلاميون ممن تربوا في مزابل إعلامية تسمى مجازا محطات فضائية وتلفزيونية أن قضية التنازل عن جزر صنافير وتيران سوف تعرض على البرلمان المصري لإقرارها أو إقرارها أما في السعودية فلا وجود أصلا للبرلمان والإعلاميون السعوديون رحبوا مقدما بعودة أراضيهم المسلوبة منهم. وأنا لست هنا ألوم الحكومة المصرية أو السعودية فمفهوم العولمة والرأسمالية القائم على مبدأ أن من يملك المال له الحق بشراء كل شيئ  وأي شيئ ممن لا يملك المال حتى أنني قرأت قصة لا أعرف صحتها أن مسؤولا أوروبيا قد تخلى عن زوجته الشابة لمسؤول عربي كان يزور بلاده لتوقيع صفقة ضخمة تدر عائدات بمبالغ فلكية. العولمة وصل نخرها لبيع الأراضي والأنفس والأوطان وكل شيئ تحول إلى سلعة قابلة للبيع في ظل الرأسمالية ومفهوم العولمة.
أول سؤال يتبادر إلى ذهني وموجه لكل إعلامي مصري مؤيد للسيسي أو معارض له لا فرق هو كيف سوف تعرض قضية إعادة أراضي سعودية تحت السيطرة المصرية على البرلمان المصري للسيادة السعودية؟ هل يحتاج ذالك إلى موافقة البرلمان حيث يقال أن تصريحات مسؤولين حكوميين مصريين بأن الجزيرتين هي أراضي سعودية؟ وماذا عن تصريحات الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي إعتبر الجزيرتين أراضي مصرية؟ وماهو سبب تكتم الحكومات السعودية المتعاقبة وأجهزتها الإعلامية عن قصة الجزيرتين وأنهما تقعان ضمن الأراضي السعودية؟ المشكلة أن الإعلاميين السعوديين وأي شخص سعودية عادي كان يتهرب من قضية الجزيرتين وهي نقطة سوف أوضحها في نهاية الموضوع.
المصيبة أنني كشخص عادي متابع للأحداث لم أشاهد أي عرض تاريخي منطقي من أي طرف سواء السعودية أو مصر يثبت أحقية أي طرف بجزيرتي صنافير وتيران وبصراحة هناك مبالغ مالية هائلة أو كما يطلق عليها السعوديون (الرز) وهي سلعة أساسية في غذاء السعوديين دخلت على الخط وتستخدم مجازا ككناية عن الأموال التي تمتح من الحكومة السعودية للدول الأخرى. هناك من يقول أنها عبارة عن رشوة مباشرة أو مشاريع أو نفط مجاني أو بأسعار تفضيلية أو مشاريع مدن جديدة لا يهم, بالنسبة لي كل ذالك لا يهم. فالمهم بالنسبة لي هو تسائل محير عن التوقيت؟
تخيلوا أنه حتى نظام مجرم الحرب المدان دوليا والمطلوب إعتقاله عمر حسن البشير أصبح يهدد فيما يتعلق بموضوع حلايب وشلاتين ولست أدري إن كانا ضمن الأراضي المصرية أم سوف يخرج رئيس وزراء مصر أو وزير خارجيته ويصرحان بعد كل تلك السنين بأن المنطقتين هم أراضي سودانية وأنهما كانتا تحت الحماية المصرية من أجل الأمن القومي العربي.
الكليات الإعلامية في الوطن العربي تقبل من هم بالكاد نجحوا في الثانوية العامة كما يقولون بالعامية دفشا فينتهي بهم الأمر نجوما في محطات إعلامية ولهم برامج خاصة ينظرون فيها على خلق الله مع أن بائع سجائر في أي كشك في مصر سوف يفهم أكثر منهم. أما في السعودية فيكفيك أن تكون مقربا من أحدهم حتى يتم تعيينك رئيس تحرير أو أن تملك مالا تشتري به صحيفة من بابها لمحرابها لمزرابها وتقوم بتوظيف عشرات الصحفيين يكتبون مقالات بإسمك تقوم بتوقيعها بإسمك وقد تنال المديح والثناء وربما جوائز إعلامية على الرغم من كونك أميا بالكاد تعرف توقيع الشيكات وكتابة إسمك.
لست ألوم الحكومة المصرية أو مؤيديها أو معارضيها أو صحفييها ولا الحكومة السعودية وأجهزتها الإعلامية المتضخمة والمتخمة جيوب موظفيها بالأموال. كما أنني لست ألوم الشعب المصري ولا الشعب السعودي فهم تم خداعهم على مدى عشرات السنين حول ملكية جزيرتي صنافير وتيران. إن إنعدام الشفافية والمحاسبة والمصداقية قد زاد في تأزيم مسألة الجزر فماذا لو لم يوافق البرلمان المصري على التنازل عنها؟
على فكرة الجزر ليست مصرية ولا سعودية بل هي إسرائيلية ولذالك يتهرب من النقاش فيها كل الأطراف المعنية والمشكلة على ملكيتها (ملكية إسمية) بين الطرفين لا تعني إسرائيل بشيئ فهناك قوات أمم متحدة في المنطقة والرغبة الإسرائيلية بعد تكرار أزمة إغلاق المضائق سنة 1967 سوف تفرض نفسها وشروطها على الطرفين ولا تغركم عنتريات المسؤولين على شاشات التلفاز فهي من أجل الضحك عليكم وعلى لحاكم أو ذقونكم الحليقة, لا فرق.
مع تحيات مدونة علوم وثقافة ومعرفة
النهاية

Saturday, April 9, 2016

هل تعد مقدمة إنجيل القديس يوحنا دليلا على الهوية الحقيقية لمؤلف الإنجيل؟

تختلف الكلمات الواردة في مقدمة الإنجيل بحسب القديس يوحنا بشكل محوري عن الكلمات التي ترد في مقدمة الأناجيل الأخرى. فقد تم تقديم القديس يوحنا الذي يعمد بالبرية ولكن بطريقة مختلفة عن باقي الأناجيل الإزائية. كما أن وجود يسوع المسيح قبل الخلق منذ البداية هو فكرة مختلفة لم تكن موجودة في أي من الأناجيل الإزائية حيث أن نظرية ألوهية المسيح لها جذورها في تلك الفكرة. فإذا كان الإنجيل بحسب القديس يوحنا له جذور يهودية فكيف يتم يقوم مؤلف يهودي بكتابة تلك الأفكار الغير يهودية في إنجيله؟
هناك إجابتان محتملتان لذالك السؤال المحير. الإجابة الأولى هي إتجاه لبعض علماء الإنجيل أن كاتب المقدمة هو شخص ثالث لا علاقة له بالمؤلفين الأخرين للإنجيل وحيث يتفق عدد من العلماء المختصين أن للإنجيل من كتابة شخصين حيث هناك طبقتين من الأفكار على الأقل. الإشكالية التي تعترض ذالك الإتجاه هي ان مقدمة الإنجيل لم تكن معزولة عن باقي النصوص حيث تطورت فكرة المقدمة وأصبحت واضحة ضمن نصوص الإصحاحات الأخرى للإنجيل. كما يتفق بعض علماء الإنجيل على أن جميع الجمل التي تحتوي عبارة(أنا) هي من كتابة ذالك المؤلف الثالث.
الإجابة الثانية أن تلك المقدمة قد أسيئ فهمها من قبل الكثيرين مدفوعين بموجة عداء مسيحية ضد السامية من قبل الأمميين محاولين إخفاء حقيقتها وأنها متجذرة في العقيدة اليهودية.
لتحليل الموضوع بواقعية فإن تلك المقدمة قد وردت مع إختلاف بسيط لاينتقض من هويتها اليهودية وذالك في بداية سفر التكوين من العهد القديم للكتاب المقدس(1:1)في البدء خلق الله السموات والأرض. إن فكرة اللوجوس(الله) المتحكم بكافة أوجه الحياة البشرية هي فكرة متأصلة في العقيدة اليهودية. مقارنة بسيطة بين مقدمة الإنجيل بحسب القديس يوحنا ومقدمة سفر التكوين سوف تؤكد لنا تلك فكرة التشابه والجذور اليهودية للمقدمتين رغم الإختلاف بينهما. للوصول لمفهوم أوضح للفكرة, علينا النظر في المراحل التي مر بها مفهوم(الكلمة) وكيف تحولت تلك الكلمة من مكتوبة في التوراة إلى أفواه الأنبياء ثم المرحلة المسيانية والتي مرت بمجموعة تبدلات وتغيرات لم تنتقض من هويتها اليهودية وأنها كانت نابعة من رحم الطقوس والتقاليد اليهودية.
بداية فإن البحث في أصول كلمة اللوغوس(Logos) قد يوضح لنا بطريقة مختلفة التشابه بين تلك الكلمة ومثيلتها باللغة العبرية(Dabar). باللغة العربية فإن كلمة اللوجوس(Logos) وهي اللفظة اليونانية المعادلة للكلمة باللغة العربية ويقابلها بالعبرية(Dabar) والتي تحمل مفهوم ان تلك الكلمة لها السلطة لتقوم بتشكيل العالم, لإظهار وجود الله, دعوة الناس للترفع عن الأنانية وتعميق مفهوم الإحساس بالضمير. المفهوم الذي تحاول كلمة لوجوس(Logos) إيصاله بالنظر إلى مقدمة إنجيل يوحنا لايختلف عن المفهوم الذي تحاول لفظة(Dabar) ترسيخه.
في مرحلة لاحقة من التاريخ اليهودي فإن واضعي ذالك التاريخ قد عبروا بشكل متزايد عن إيمانهم بأن الله يتميز بالإستمرارية وليس مجرد ظاهرة خارجية كعمود النار أو السحابة أو الشجرة المحترقة التي كلمت موسى. في تلك الفترة التي إمتدت بين عبودية اليهود في مصر وإنتقالهم للعيش فيما أطلق عليه أرض الميعاد فقد كانت الخيمة المتنقلة التي توضع فيها الأغراض المقدسة هي مسكن متنقل للرب حيث ان اليهود أنفسهم لم يكن لهم مكان ثابت للسكن فهم متنقلون في الصحراء بإستمرار. مع إنتهاء مرحلة التيه في الصحراء وبداية الإستقرار فإن الرب قد عهد ببعض من سلطاته للرجال القادرين في بني إسرائيل كما جاء في سفر الخروج 18: 25-26 مع بقاء القرار النهائي بيد موسى.
عندما قام الرب بنقل بعض من سلطاته إلى أشخاص متعددين في بني إسرائيل فإنه قد برزت الحاجة إلى تشريع لأن ذال قد تسبب ببروز شخصيات متعددة قد تختلف أو تتفق فيما بينها, فكان تلقي موسى الشريعة من الرب على جبل سيناء. تلك الشريعة بدأت كما في خروج 1:20(ثُمَّ تَكَلَّمَ اللهُ بِجَمِيعِ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ:). تلك الكلمات التي تحولت إلى مجموعة تشريعات تحكم كافة نواحي الحياة ثم مع مرور الوقت فإن تلك التشريعات قد أصبحت مقدسة لأن مصدرها كلمات الله.
تعلم اليهود أن الله ليش شيئا ملموسا يمكن إقتنائه وأن كلمات الله ليست مجرد إقتراحات يمكن حصرها في زمان أو مكان معين حيث مرت الأمة اليهودية فيما بعد بمرحلة الرسل والذي كانوا في العادة من خارج حدود المؤسسة الدينية التقليدية والتي أوكلت المهمات الدينية حصريا لبني لاوي. أولئك الرسل والذين تملكهم وحي الرب, قاموا بنقل ذالك الوحي بطريقة غير تقليدية ومختلفة عما سبق.
إن الرب بالطبع غير متغير ولكن مفهوم الرب لدى الإنسان, التاريخ وحتى تاريخ الإنجيل نفسه هو قصة تغير دائم لمفهوم الإنسان للرب. تلك القصص التوراتية بداية من الرب القبلي الذي أرسل الأوبئة على المصريين منها قتل أول مولود ذكر لكل أسرة مصرية(خروج 12:12), وإيقاف الشمس في السماء لمنح يوشع الفرصة لقتل المزيد من أعدائه العمونيين(يوشع 10: 12-14), والنبي صموئيل الذي أصدر الأوامر للملك شاؤول لإرتكاب مذبحة بحق العماليق(1صموئيل 15: 1-3), وعالمية الرسالة السماوية كما في ملاخي وإنتهاء بأحبوا أعدائكم(متى 5:44). كل تلك الرحلة التي بدأتها كلمة الرب التي جائت في التوراة إلى كلمة الرب التي تفوه بها الأنبياء والتي كانت مرحلة مؤقته تنتهي بإيصال الرسالة.
المرحلة التالية وعامل التغيير التالي لكيفية نظرة اليهود لمفهوم كلمة الرب هي الفكرة المسيانية والتي ولدت من داخل رحم اليهودية.
في بدايتها فإن تلك الكلمة لم تعني أكثر من (الممسوح بالزيت), لقب ملكي يمنح لملك اليهود. حيث كانت تلك الطريقة التقليدية لإختيار ملوك بني إسرائيل وهي مسحهم بالزيت من قبل الأنبياء كما حصل مع شاؤول أول ملوك بني إسرائيل الذي تم مسحه بالزيت على يد النبي صموئيل(1صموئيل 10:1). وعندما نشب الصراع بين شاؤول وداوود حيث عصى شاؤول أوامر الرب مرتين, أول مرة حين قدم محرقات وذبائح في مخماس حيث ذهب ليقاتل الفلسطينيين وبعد أن تأخر النبي صموئيل عن الحضور(1صموئيل 13: 8-14) والمرة الثانية حيث قاتل العماليق فعقا عن القطيع الممتاز وعن الملك(1صموئيل 15: 1-35). وحيث ان الله لم يعد يثق في شاؤول وطاعته له فقد رفع عنه الملك وتم مسح داوود مكانه وقتل شاؤول في معركة جبل جلبوع إثر هزيمة منكرة وسقط على سيفه ومات(1صموئيل 31: 1-7).
السلالة الملكية تم تأسيسها بداية مع نسل داوود(1000 قبل الميلاد) إلى (586 قبل الميلاد) بتدمير أورشليم من قبل البابليين وقتل أبناء ملكها صدقيا أمام أبيهم ثم سمل عينيه وحمله أسيرا إلى بابل حيث توفي في السجن. وحيث أن صدقيا كان أخر الملوك من نسل داوود فبمقتله إنتهت السلالة الملكية ولم يعد مفهوم المسيا(الممسوح بالزيت) بمعناه الحرفي وبدأت مرحلة تداول المفهوم بالأساطير الدينية اليهودية بأنه شخص سوف يأتي ممثلا للرب سائرا في طريقة المستقيم بطريقة مثالية وكاملة. وتلك كانت كيف بدأ تبلور المفهوم اليهودي لكلمة المسيا(Messiah) قد بدأ.
وبما أن مفهوم تلك الكلمة قد إنتشر بدون عوائق ضمن الأساطير الدينية اليهودية فقد تبدل وتغير وفق الأزمنة والعصور ولم يكن هناك إتفاق بين اليهود على مفهوم موحد لتلك الكلمة فمرة يتم تصوره كقائد عسكري يقيم السلطة لليهود على الأرض وينتقم من اعدائهم ومضطهديهم ومرة كشخص يتعرض للتعذيب وهو نفسه مضطهد من قبل أعدائه. تلك التقاليد المسيانية قد تم إحتوائها ضمن مفهوم (إبن الإنسان) وهو من عداد المفاهيم التي برزت في عصور مختلفة لتلك الكلمة(الممسوح-Messiah) كما في روايات النبي حزقيال في العهد القديم من الكتاب المقدس حيث تم تصويرها بصورة بشرية حيث يكون الممسوح كائنا بشريا. تلك الصورة البشرية لم تكن جامدة بل تطورت في مرحلة لاحقة إلى شخصية تبشر بيوم الدينونة وإقتراب الساعة التي تقام فيها مملكة الرب على الأرض. في اللحظة التي وصل فيها المفهوم إلى روايات النبي دانيال, فقد أصبحت شخصية (الممسوح-Messiah) تمتلك قدرات خارقة وتشترك مع الله في لاهوته(تقديم حق العبادة). حتى الأن فإنه وراء كل تلك الرموز المسيانية فإن هناك علاقة قوية بمفهوم الإله الواحد ووحدة الرب والذي مازالت فكرة التعاطي معه كونه كائن خارجي.
النبي أشعياء في (35: 1-2, 5-6) قدم وصفا للكمال الذي تكون عليه مملكة الرب(السماء) التي من المفترض أن يقيمها الممسوح(Messiah) حين ظهوره وذالك أمر مستقبلي والذي يكون في نهاية الزمان.
إن كل ماسبق ذكره يؤكد الهوية اليهودية لإنجيل يوحنا وخصوصل مقدمة الإنجيل والتي تطورت فكرتها لاحقا ضمن نصوصه. ولكن النظرة النهائية المتعلقة بتحول الكلمة لجسد وأنه سوف يحل بيننا كما جاء في نصوص الإنجيل وتحديها للنظرة التقليدية لله ككائن خارجي سوف تحتاج للمرور بعدة مراحل أخرى متعلقة بتطور الفكر الصوفي اليهودي والمرتبط بأدب الحكمة والأساطير اليهودية.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Saturday, April 2, 2016

هل أسلم الملك الإنجليزي جون ولماذا رفض السلطان عبد الحميد التنازل عن فلسطين لليهود؟

الماكنا كارتا كانت عبارة عن وثيقة بين الملك جون ونبلاء إنجلترا لها علاقة بإمتيازاتهم وإقطاعياتهم ولم يكن لها علاقة بحقوق الإنسان لعموم الشعب الإنجليزي. لم أطلع على الوثيقة شخصيا ولست أظن أن مؤلف كتاب الملك الإنجليزي المسلم شاكر بين شيهون قد إطلع عليها أو قرأ الوثيقة بلغتها ونسختها الأصلية. لا تستغربوا ذالك فكتاب داروين أصل الأنواع حكم عليه علماء المسلمين بالهرطقة والترويج للإلحاد حتى بدون أن يقرئوا مقدمته. ولكن المعلومات التي تجمعت لدي تميل في ذالك الإتجاه, أي أنها وثيقة بين الملك والنبلاء وليس بين الملك والشعب الإنجليزي فقد كان النبلاء على قدم المساواة في المحافظة على إمتيازاتهم وقمع أي تمرد في مناطقهم ضد سيطرتهم المطلقة. من يظن ان نبلاء إنجلترا قاموا بالثورة على الملك الإنجليزي جون من أجل الشعب فهو مخطئ. هم فقط ثاروا عليه لأنه فرض عليهم ضرائب جديدة لتمويل حروبه ضد فرنسا. يعتمد المؤيدون لرأي أن الملك جون إعتنق الدين الإسلامي وأنه قام بتوقيع تلك الوثيقة من أجل حقوق الشعب الإنجليزي على إكتشاف قطعتين نقديتين في إنجلترا تعودان لزمن حكم الملك جون عليها نقش التوحيد الإسلامي وأية قرأنية والملك أوفا ركس. إن الإستعانة بمجرد قطعتين ذهبيتين تم إكتشافها دليل لايتمتع بمصداقية وإلا لتم إكتشاف عشرات بل مئات القطع النقدية المماثلة فليس معقولا أنه في طول إنجلترا وعرضها لم يجدوا إلى الأن غير تلك القطعتين وذالك السبب الاول الذي يدفعني للشك حول مصداقية القصة. السبب الثاني هو أن مجموعة مصادر تاريخية ذكرت مراسلات بين الملك جون وملك الموحدين محمد الناصر الذي هزم في معركة العقاب الشهيرة وأنه طلب منه إرسال دعاة مسلمين إلى إنجلترا لتتحول إلى الإسلام وان الملك جون نفسه قد أسلم. المشكلة التي يواجهها من يتبنى وجهة النظر تلك هو عدم وجود وثائق تاريخية قاطعة أو حتى تقاليد شفوية بخصوص تلك المراسلات أو إسلام الملك الإنجليزي.
أما بالنسبة لموضوع السلطان عبد الحميد ورفضه التخلي عن فلسطين فتلك مسألة قد إهترئت من كثر ماقيل فيها وخصوصا الرسالة المتعلقة بذالك والتي كتبها السلطان عبد الحميد إلى الشيخ الشاذلي محمود أبي الشامات. فإذا كان السلطان عبد الحميد قد رفض التنازل عن فلسطين بوصفها سفكت من أجلها دماء أجداده العثمانيين الذين دافعوا عنها فما هي أسباب قبوله التنازل عن جزء من أراضي العراق لصالح إمتياز خط سكة حديد برلين-بغداد بل ومنحهم إمتيازات تفضيلية لم يقبل بمنج بعض منها للحكومة البريطانية؟ ألم تسفك دماء الجنود العثمانيين على أرض العراق؟
إذا من الواضح أنه الموضوع ليس له علاقة إلا بمصالح بني عثمان فالتنازل عن فلسطين كان سوف يضر بمكانة العثمانيين امام الشعوب الإسلامية ويفقدهم جزأً لايستهان به من صورتهم كحماة للمقدسات الإسلامية التي يقع ثالثهما من ناحية الأهمية في مدينة القدس.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية