Flag Counter

Flag Counter

Friday, September 30, 2016

كيف تعاونت بريطانيا مع جيش تحرير كوسوفو الإرهابي لتقسيم يوغسلافيا؟(1)

تم وصف حملة القصف الجوي التي قام بها الناتو سنة 1999 في يوغسلافيا بأنها كانت تدخلا إنسانيا منع وقوع مجازر تطهير عرقي للمسلمين في كوسوفو من قبل القوات الصربية. وحتى حظه اللحظة يتلقى عراب حملة القصف رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير المديح والثناء على جهوده في مساعدة المسلمين في كوسوفو.
لا أحد ينفي تعرض المسلمين في كوسوفو لأعمال إنتقامية من قبل القوات الصربية بسبب نزعاتهم الإنفصالية وتشكيلهم خلايا مسلحة قامت بتنفيذ عمليات ضد القوات الصربية والسكان الصرب في الإقليم. ولكن تلك الأعمال لم تخرج عن نطاق نزاع محدود ولم تصل لدرجة التطهير العرقي إلا بعد بدء حملة القصف الجوي. إن جميع التقارير الأمنية المرفوعة للمسؤولين الغربيين تؤكد أن تلك الحملة لن تمنع كارثة إنسانية بل سوف تكون الحملة نفسها سببا رئيسيا لحصولها.
في الحرب الضحية الوحيدة هي الحقيقة أما القتلى من مدنيين وعسكريين فهم مجرد أرقام على مذبح المصالح والصراعات. التدخل الغربي في كوسوف لم يخرج عن ذالك النطاق ولو قيد أنملة. ذالك لم يكن ذالك الوجه القبيح الوحيد لتلك الحرب ولكن علاقة بريطانيا بما يسمى جيش تحرير كوسوفو كانت الوجه الأخر.
كان النقاش بين المسؤولين العسكريين للناتو حول ما إذا كانت حملة القصف الجوي كافية لهزيمة الجيش اليوغسلافي الوطني وطرد القوات الصربية من الإقليم حيث إتفق الجميع على الحاجة لوجود قوات على الأرض. التردد كان ملازما للجميع مخافة التورط في المستنقع اليوغسلافي مما سوف يطيل أمد النزاع ويلفت نظر الإعلام إلى كون ذالك التدخل هو صراع مصالح وليس له علاقة بمنع كارثة إنسانية.
الحل كان بريطانيا بإمتياز ويقوم على مبدأ بسيط وهو تسليح قوات محلية على الأرض وتقديم الدعم لها مقابل أن يعملوا بالتنسيق مع قوات الناتو وقبولهم تنفيذ الأجندات الغربية. جيش تحرير كوسوفو والذي كان متحالفا مع تنظيم القاعدة كان هو الخيار المفضل حيث حاربوا بالنيابة عن قوات الناتو ليقوموا بجميع الأعمال التي لم تكن تلك تلك القوات قادرة على القيام بها.
جيش تحرير كوسوفو هو تنظيم عسكري ينتمي أفراده للإثنية الألبانية وملتزم بتحقيق إنفصال كوسوفو عن يوغسلافيا وإنشاء مايسمى ألبانيا الكبرى. تلك الميليشيات عبارة عن خليط عجيب من المتطرفين الشبان, طلاب جامعات, أطباء, مهندسون وبالطبع مجرمون ومهربون وتجار سلاح ومخدرات والذين كانوا يشكلون نسبة لا بأس بها من أفراده.
في عام 1996 بدأ أعماله العسكرية بقصف بيوت تحوي لاجئين صرب من الحرب في البوسنة وكرواتيا ومهاجمة مراكز الشرطة الصربية وإغتيال المسؤولين الحكوميين. كما قام بإغتيال مواطنين من الإثنية الصربية والألبانية ممن يتهمهم بالتعاون مع الحكومة اليوغسلافية. في منتصف سنة 1998, كان أفراده يسيطرون على أجزاء من كوسوفو ويشكلون قوة من ثلاثين ألف عضو.
تم إدانة جيش تحرير كوسوفو بلهجة واضحة لا لبس فيها بوصفه تنظيم إرهابي وذالك من قبل مسؤولين أمريكيين في إدارة الرئيس بيل كلينتون. المبعوث الأمريكي الخاص لكوسوفو روبرت جيلبارد(Robert Gelbard) وصف ذالك التنظيم بأنه إرهابي بما لا يقبل مجالا للشك. وزير الخارجية البريطاني روبن كوك(Robin Cook) إنضم إلى روبرت جيلبارد في تصريح له أمام البرلمان البريطاني بتاريخ مارس\1998 حيث وصف جيش تحرير كوسوفو بأنه إرهابي ويستخدم العنف لأغراض سياسية واعاد التصريح في كانون الثاني\1999 حيث ألقي باللوم على جيش تحرير كوسوفو(KLA) في معظم عمليات القتل التي حصلت مؤخرا ضد المدنيين في منطقة النزاع. حتى أن وزارء خارجية الإتحاد الأوروبي وفي نفس التاريخ, مارس\1998 قاموا بتوقيع بيان مشترك أدانوا فيه جيش تحرير كوسوفو لإستخدامه العنف والإرهاب. بيانات البرلمانيين البريطانيين والمسؤولين الحكوميين كانت وبكل وضوح تدين جيش تحرير كوسوف وتصفه بالإرهابي حتى تاريخ بدء حملة القصف الجوي من قبل الناتو في مارس\1999. حتى أن الأجهزة الأمنية البريطانية كانت يحقق في صلات جيش تحرير كوسوفو بشبكات الجريمة المنظمة في بريطانيا كما أنه من المعروف تورطهم في تهريب الهيروين إلى بريطانيا وإتخاذها نقطة عبور لتهريب المواد المخدرة بشكل عام لعدد أخر من الدول.
يضاف إلى هاذا وذالك أن جيش تحرير كوسوفو قد قام بتطوير علاقاته بتنظيم القاعدة حيث هناك تقارير عن زيارات متعددة قام بها زعيم التنظيم سنة 1994 لتاسيس مركز عمليات لتنظيمه في ألبانيا.
في فترة حملة القصف الجوي التي قام بها الناتو في يوغسلافيا والسنين التي تلتها فقد تدفق عدد كبير من عناصر التنظيم لمساندة جيش تحرير كوسوفو الذي كان يدير العمليات العسكرية مستغلا تلك العناصر لتنفيذ أكثر الأعمال وحشية وحيث تطوت العلاقة بين الطرفين والتي كانت علاقة علنية وفق تقارير الأجهزة الأمنية الألبانية وتقارير إعلامية التي تحدثت عن مقاتلين ينتمون إلى ستة بلدان على الأقل متواجدين في ألبانيا وخصوصا في كوسوفو. كما أن عددا من مقاتلي جيش تحرير كوسوفو قد تدربوا في معسكرات تنظيم القاعدة في أفغانستان ووفق تقارير مرفوعة للكونجرس الأمريكي فإن أحد الوحدات من جيش تحرير كوسوفو كانت بقيادة شقيق أيمن الظواهري نائب أسامة إبن لادن في زعامة تنظيم القاعدة وذراعه الأيمن.
وزير الخارجية البريطاني روبن كوك في نوفمبر 1998 صرح بأنه مطلع على التقارير الإعلامية التي تتحدث عن العلاقة بين التنظيم وجيش تحرير كوسوفو وأبدى قلقه ولكن نائبه بارونيس سايمونز(Baroness Symone) صرح بأنه لا أدلة على مساهمة زعيم تنظيم القاعدة في تمويل جيش تحرير كوسوفو. وزير الخارجية البريطاني توني لويد(Tony Lloyd) الذي خلف روبرت كوك قد قام بالتصريح في مارس 1999 بأنه لا أدلة على تورط ممنهج(Systematic) لتنظيم القاعدة في كوسوفو وهي كلمة تحمل دلالات خطيرة على أن بريطانيا لديها معلومات عن تدخل متقطع من جانب التنظيم لصالح جيش تحرير كوسوفو.
الخبير الأمريكي في شؤون الإرهاب يوسف بودانسكي(Yossef Bodansky) قد ذكر في تحليله سنة 1996 إثر إنتهاء الحرب البوسنية فإن حكومة سراييفو كانت ومنذ سنة 1990 وبمعاونة المتشددين الإسلاميين تحضر لجولة قادمة من الصراع ضد الحكومة الصربية يتمثل في هجمات مسلحة في كوسوفو ضد القوات الصربية إنطلاقا من قواعد أمنة في ألبانيا مما سوف يتسبب في ردة فعل صربية عنيفة تنتهي بتدخل الدول الغربية ضد يوغسلافيا نفسها وأنها تلقت تمويلا في في يونيو\حزيران سنة 1993 بمقدار مليون دولار لإقامة معسكر تدريب للمقاتلين الأجانب داخل الأراضي البوسنية تحضيرا للصراع القادم.
بداية اللقائات بين مسؤولين أوروبيين وأمريكيين وجيش تحرير كوسوفو كانت سنة 1996 وخصوصا في يوليو\تموز من سنة 1998 بين مسؤولين بريطانيين في السفارة البريطانية في صربيا وممثلين لجيش تحرير كوسوفو في أحد معاقل التنظيم داخل كوسوفو نفسها. المثير في الأمر أن تلك الإجتماعات بين الطرفين, البريطاني وجيش تحرير كوسوفو, قد تمت بعد يومين من تصريحات بارونيس سايمونز(Baroness Symons) والتي شغلت مناصب في الحكومات العمالية البريطانية منها وزير شؤون الدولة(State Minister) في ردها على إستجواب برلماني حول موقف الحكومة البريطانية من جيش تحرير كوسوفو بأنه تنظيم إرهابي يحوز على كميات كبيرة من السلاح وله قواعد داخل الأراضي الألبانية. وزير الخارجية البريطاني روبن كوك قد صرح بتاريخ أوكتوبر\1998 بأن بريطانيا تعارض الأهداف السياسية لجيش تحرير كوسوفو فيما يتعلق بألبانيا العظمي وأنه لا مكان في الخارطة الدولية لما يسمى ألبانيا العظمى أو صربيا العظمى أو كرواتيا العظمى. إذا من الواضح أن الهدف الذي كانت تسعى إليه القوى الأوروبية هو تقسيم يوغسلافيا وتجزيئها على أسس عرقية ودينية إلى دويلات ضعيفة تتقاتل فيما بينها وتعتمد على دعم طرف دولي نافذ للبقاء والإستمرار حيث بدأت بريطانيا في تلك الفترة تدريب مقاتلي جيش تحرير كوسوفو ومقاتلين أجانب على الرغم من تصنيف جيش تحرير كوسوفو كتنظيم إرهابي.
خلال أسابيع من بدء حملة القصف الجوي في يوغسلافيا فقد قامت صحيفة الصنداي تيليغراف(Sunday Telegraph) بنشر تقرير عن معسكرات تدريب لجيش تحرير كوسوفو برعاية غربية خصوصا بريطانية. أحد المعسكرين يقع قرب العاصمة الألبانية تيرانا والأخر يقع قرب الحدود مع كوسوفو على الأغلب في مدينة باغرام كيوري(Bajram Curri) حيث كان يجري تلقي وتوزيع الأسلحة على جيش تحرير كوسوفو كما أن تلك المنطقة بالقرب من الحدود مع كوسوفو كانت تعد نقطة إرتكاز للمقاتلين المتشددين الأجانب الذين كانوا يقاتلون إلى جانب جيش تحرير كوسوفو.
الحكومة البريطانية أنكرت مرار وتكرارا معرفتها بمصادر تدريب وتسليح جيش تحرير كوسوفو وخصوصا بعد ثلاثة أسابيع على بدء حملة القصف الجوي وقبل أيام قليلة من نشر تقرير صحيفة الصنداي تيليغراف بخصوص معسكرات التدريب والتسليح لجيش تحرير كوسوفو وخصوصا على لسان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والذي أخبر البرلمان البرلمان البريطاني على أن الموقف الرسمي من جيش تحرير كوسوفو لم يتغير.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
نهاية الجزء الأول

Wednesday, September 28, 2016

هل سوف تتدخل الحكومة الألمانية لإنقاذ بنك دويتشه والإقتصاد العالمي؟

يبدو من خلال تفاعلات القرار الأمريكي بتغريم بنك دويتشه الألماني مبلغ 14 مليار دولار أن الأمور لا تسير في طريق التهدئة خصوصا أن الحكومة الأمريكي إتهمت البنك بالقيام بتجاوزات فيما يتعلق ببيع سندات الرهن العقاري (Subprime Mortgages) حيث كانت أحد الأدوات المالية الرئيسية التي تسببت بأزمة 2007\2008. الغرامة التي فرضتها الحكومة الأمريكية على البنك بالإضافة إلى غرامة أخرى بقيمة 22 مليار دولار بتهمة التلاعب بمؤشر ليبور(LIBOR) سعر الفائدة بين البنوك وإتجاه الحكومة الألمانية بإنقاذ البنك من متاعبه قد ضاعف من أزمة الثقة التي يعاني منها البنك.
وحتى نتعرف على حجم المشكلة التي يواجهها ليس الإقتصاد الألماني بل العالمي هو أن حجم أصول البنك تبلغ أكثر من 2 تريليون دولار مما يعني نصف حجم الإقتصاد الألماني تقريبا. حتى صندوق النقد الدولي حذر من خطر تعرض البنك لأي أزمة نظرا لأهمية البنك وحجم السيولة التي يمتلكها.
سندات الرهن العقاري (Subprime Mortgages) والتي من المفترض أنها إستثمارات أمنة عبر مايعرف (Collateral Damage Obligation) و (Credit Default Swap) كانت هي السبب الرئيسي في الأزمة الإقتصادية سنة 2007 وهي نتيجة نظريات إقتصادية أمريكية. المصارف الأمريكية تصدرت قائمة المتلاعبين حيث تم إنقاذها من أموال دافع الضرائب الأمريكي على الرغم من تعمدها المخاطرة بأموال المساهمين والمودعين ولم يتم سجن مدير بنك واحد. بل إن بعضهم قام برفع دعاوي قضائية على وزارة الخزانة والحكومة في الولايات المتحدة للمطالبة بما يزعمون مستحقات مالية متبقية لهم بذمة الجهات الحكومية الأمريكية.
يعني العملية من أولها لأخرها ليست إلا عبارة عن عملية إحتيال قادها كبار المصارف ومؤسسات الإقراض الأمريكية كليمان برثرز(Lehman Brothers) و جي بي مورجان(JP Morgan) وأ أي جي(AIG) وذالك بإستخدام أدوات مالية مسمومة مشكوك فيها بمساعدة وكالات التصنيف الإئتماني خصوصا شركة ستانداردز و بورز(S & P) وموديز(Moody’s)  والتي هي أمريكية الهوية والمنشأ وكان دورها منح تقييم منخفض المخاطرة لتلك الأوراق المالية على عكس الواقع. كما أن بعض تلك البنوك قاموا ببيع زبائنهم أوراق مالية تتكون بشكل رئيسي من سندات الرهن العقاري على أنها منخفضة المخاطرة بينما هي في الواقع على العكس تماما, ثم ليقوموا لاحقا وعبر أذرع إستثمارية تابعة لهم بالمضاربة عليها وتحقيق أرباح خيالية بطريقة مزدوجة.
ومن يعرف أو على إطلاع بما خفي من عالم السياسة وعالم المال والمصارف في وول ستريت يعلم أن العملية من أولها لأخرها تمت إدارتها من قبل مصارف وشركات مالية وإستثمارية أمريكية ولم يكن بنك دويتشه الألماني سوى أحد المستثمرين الذين قاموا ببيع وشراء تلك الأوراق المالية ضمن الأنظمة القانونية التي حددتها الجهات المختصة في الولايات المتحدة والتي لم تكتشف إلا بعد ثمانية سنين أن البنك الأكبر في ألمانيا إرتكب أخطاء في عمليات بيع سندات الرهن العقاري.
إن إلغاء قانون جلاس-ستيجال سنة 1999 من قبل الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون كان بداية ظهور أزمات من نوع مختلف لم يعهدها العالم من قبل من حيث الحجم فخسائر أزمة 2007\2008 بلغت في الولايات المتحدة وحدها أكثر من 2 تريليون دولار والبعض وصلت تقديراته لمبلغ 3 تريليون كما أن العالم مازال يعاني حتى الأن من أثار تلك الأزمة خصوصا الكساد الإقتصادي وتراجع حجم التجارة العالمية. القانون الذي تم إقراره من قبل الرئيس الأمريكي السابق فرانكلين روزفلت سنة 1929 لمعالجة أزمة 1929 أو ماعرف بالإثنين الأسود – إنهيار أسواق المال بداية في وول ستريت والتي شملت لاحقا العالم كله حيث تم فصل البنوك الإستثمارية عن التجارية ومنع الأولى من المخاطرة بأموال المودعين.
ولكن قد يتسائل بعضهم عن السبب في إستهداف بنك ألماني وليس فرنسي أو بريطاني أو أمريكي خصوصا أن البنوك البريطانية كانت متورطة في تلك العمليات المشبوهة بينما البنوك الأمريكية قامت بمنح مدرائها الفاشلين حوافز ومكافئات ضخمة من أموال حزمة الإنقاذ التي أقرها الكونجرس بناء على توصية الرئيس باراك أوباما. المثير للدهشة أن بعض البنوك قد قامت بترقية بعض مدراء الأقسام ممن تسببوا بخسارة مؤسساتهم مئات الملايين من الدولارات وإستقال بعضهم الأخر بعد حصوله على مكافئات مغرية ليعمل في مؤسسات مالية أخرى.
ألمانيا تعد أقوى إقتصاد أوروبي وبلا منازع سيدة القارة الأوروبية كما أنها في الفترة التي سبقت إقرار العملة الأوروبية الموحدة(اليورو) فقد حققت معجزة إقتصادية بكل ماتحمله الكلمة من معنى حيث أن سعر صرف المارك الألماني كان مرتفعا مقارنة حتى بالدولار الأمريكي والجنيه الإسترليني. على الرغم من سعر صرف عملتها المرتفع فقد كانت قوة تصديرية(Export Power House) ووجهة سياحية رئيسية وقبلة للطلاب الدوليين لما تتمتع به جامعاتها من مستوى تعليمي مرتفع.
إن ذالك الطريق الذي توجهت نحوه ألمانيا لم يكن وليد صدفة حيث أن النقاشات كانت محتدمة منذ زمن ماقبل الحرب العالمية الثانية خصوصا في ألمانيا-هتلر حول الطريقة التي يتوجب إتباعها لتحقيق السيطرة على أوروبا كمرحلة أولى ولاحقا السيطرة على العالم. كان هناك إقتراحان تم وضعهما على طاولة البحث. الإقتراح الأول كان عملية سيطرة إقتصادية بينما الإقتراح الثاني كان عملية سيطرة عسكرية وإحتلال عسكري مباشر. الصقور في طاقم عمل هتلر فازوا بالخيار الثاني في تناغم غريب مع المجتمع المالي والسياسي الدولي الذي عمل على توفير التسهيلات لألمانيا لتتعافى إقتصاديا خصوصا التعويضات المترتبة عليها لدول الحلفاء بموجب معاهدة فرساي والتي بلغت 269 مليار مارك ألماني.
حتى أن النقاش كان محتدما في فترة الحرب العالمية الثانية ومع وضوح الرؤيا حول خسارة ألمانيا المؤكدة فالإقتصاديون يتعاونون والعسكريون يتحاربون. النقاش كان بين كبار الصناعيين الألمان ونظرائهم الأمريكيين على وجه الخصوص حول مستقبل ألمانيا في الفترة التي سوف تلي الحرب. المسؤولين الإقتصاديين الأمريكيين قاموا بتقديم كافة التسهيلات والتعاون لنظرائهم الألمان حيث كانوا هم أنفسهم مختلفين في وجهات النظر مع الفرنسيين والبريطانيين الذين كانت رغبتهم تتلخص في الإبقاء على ألمانيا مابعد الحرب العالمية الثانية كمجتمع زراعي وعدم السماح بنمو أو نهضة صناعية. العلاقة بين رجال الأعمال والصناعة الأمريكيين ونظرائهم الألمان كان معقدة ومتشابكة حيث أنه وعلى الرغم من إحتدام المعارك على كافة الجبهات فقد كان التبادل التجاري والمالي يسير كالمعتاد بعيدا عن حسابات السياسيين والعسكريين في كلا الطرفين. بل أن القوات الجوية للحلفاء تجنبت قصف مواقع لشركات ألمانية ومصانع بناء على طلب إقتصاديين ألمان من نظرائهم الأمريكيين للمحافظة على تلك المنشئات جاهزة للإستخدام بعد إنتهاء الحرب.
إن المشكلة التي يعاني منها بنك دويتشه الألماني تستهدف ألمانيا كبلد وليس المقصود بها البنك بذاته بسبب منافسة تجارية وإقتصادية. الأمر ليس سابقة فقد تم إستهداف ألمانيا من قبل من خلال رفع أسعار النفط إلى 400% خلال فترة الحظر النفطي 1974\1975 بسبب النجاح المذهل للإقتصاد الألماني وبدء تأثير ذالك على الولايات المتحدة نفسها خصوصا إختلال الميزان التجاري لصالح ألمانيا بما يرتب مسؤوليات على الولايات المتحدة بموجب إتفاقية بريتون-وودز. الهدف من ذالك هو التخفيف من ذالك الصعود الصاروخي للإقتصاد الألماني مع تراجع الإقتصاد في الولايات المتحدة بسبب زيادة الإنفاق على البرامج الإجتماعية وحرب فيتنام.
وحاليا فقد تم إستهداف ألمانيا بأكثر من مليون لاجئ في فترة زمنية قياسية ولعل ذالك قد يكون صدفة من وجهة نظر بعضهم ولكن الإقتصاد في ألمانيا يحقق حاليا فوائض سنوية تقدر بمبلغ 10 مليار يورو بل وحقق سنة 2015 أعلى فائض منذ توحيد ألمانيا بلغ 19.4 مليار يورو. إن تلك الفوائض الإيجابية في الميزانية سوف تذهب في سبيل إعالة أكثر من مليون عاطل عن العمل في ألمانيا ولإنقاذ اليونان من الإفلاس وبالتالي إنقاذ الإتحاد الأوروبي من الإنهيار.
إن مسلسل إبتزاز ألمانيا والعمل على إضعافها مستمر وإستهداف أكبر بنك ألماني ليس أول عملية إبتزاز ولن تكون أخرها. من الناحية النظرية فإن البنك يمكن من تسديد الغرامة لأنه يمتلك أصولا قابلة لتسييلها فورا تقدر بمبلغ 280 مليار دولا ولكن الأخبار والفضائح التي تلاحق البنك قد أدت إلى إنخفاض كبير في قيمة أسهمه بلغ أكثر من 50% وبلغت قيمة البنك في سوق الأسهم مايقارب 16 مليار دولار فقط.
الجميع ينتظر ردة فعل المستشارة الألمانية والحكومة خصوصا إن كانت سوف تمد يد المساعدة للبنك الذي نجا من أزمة سوق الرهون العقارية الأمريكية وتجنب الأسوأ حتى الأن من دون أي مساعدات حكومية على غرار حزمة التحفيز(Stimulus Package) التي إستفادت منها بنوك ومؤسسات مالية أمريكية.
فهل سوف يتحول إنهيار بنك دويتشه في ظل عدم تمكنه من الوفاء بإلتزاماته وإنعدام إمكانية التدخل الحكومي إلى كرة ثلج متدحرجة تجر معها الإقتصاد العالمي إلى الهاوية؟
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Sunday, September 25, 2016

عندما يتعلق الأمر بالشهوات والعورات النسائية, فإن كل الأديان على إتفاق

هناك الكثير من المسائل الجدلية المتعلقة بأتباع الأديان والمذاهب المختلفة التي يحتاج النقاش حولها لمجلدات فبين الشيعة والسنة هناك مسألة زواج المتعة والمسيار وزواج الرجل من إبنته بالزنا والعصمة والأحقية فيمن يتولى الخلافة ومسألة العمر الأنسب لزواج الفتاة, وبين الطوائف المسيحية هناك أيضا مسألة العصمة لباباوات الكنيسة وألوهية المسيح والتثليث وعدد من المسائل الخلافية الأخرى, وبين اليهودية والمسيحية هناك مسألة أكل لحم الخنزير وهناك أيضا مسألة أخرى وهي مشتركة بين جميع الأديان ولها علاقة بالتجسيم(تجسيد الذات الإلهية).
إن مسألة زواج المتعة هي أحد أكثر المسائل جدلية بين السنة والشيعة وكذالك مسألة زواج المسيار والإبتعاث وغيرها من أنواع الزيجات التي يحللها الطرف السني وتمثل أيضا تلاعبا خطيرا في مؤسسة الزواج وتنتقص من قدسيتها. المشكلة بالنسبة لي ليست مسألة زواج المتعة أو المسيار بحد ذاتهما لأنني لست فقيها لأفتي بحلة أو بحرمة ولكن على هامش الجدل حول زواج المتعة فقد أثيرت مسألة زواج الرجل من إبنته بدون علمه بسبب وجود إشكالية في مسألة توثيق زواج المتعة. برأي الشخصي فإن تلك مسألة خطيرة ولكن الأخطر هو تحليل زواج الرجل من إبنته بعلمه وبفتوى الإمام الشافعي والذي هو يعد إمام أحد فروع الفقه الرئيسية السنية الأربعة. الشافعي أفتى بصحة زواج الرجل من إبنته إن كانت نتاج علاقة غير شرعية(زنى).
إن رجال الدين السنة والشيعة ويشترك معهم المسيحيون وإن بدرجة أقل فيما يتعلق بمسألة سن الزواج المناسب للفتاة. الكثير من المجتمعات المسيحية في أوروبا والولايات المتحدة تقوم بتزويج الفتاة في سن مبكرة خصوصا المورمن والأميش كما ان هناك قوانين في بعض الولايات الأمريكية تسمح بالزواج المبكر للفتاة من سن 12-13 سنة بشرط موافقة والديها. المشكلة أن الغرب والمنظمات النسوية وحقوق الإنسان تعيب على المسلمين موضوع الزواج المبكر للفتيات خصوصا في سن التاسعة كما في كتب الأحاديث بخصوص زواج الرسول عليه الصلاة والسلام من السيدة عائشة رضي الله عنها وهي مسألة جدلية. إن تلك المؤسسات والمنظمات تدعو لسن قوانين تنظيم الأسرة وتحديد النسل في الوطن العربي بتأخير سن زواج الفتيات إلى 18 عاما كحد أدنى ومنع التعدد على الرغم من أنه من الشائع التباهي في المجتمعات الغربية بإتخاذ الرجل أكثر من عشيقة أو أن يكون له أطفال من أكثر من إمرأة خارج إطار الزوجية.
في المملكة العربية السعودية فإن المرأة ممنوعة من قيادة السيارة أو السفر للخارج بدون محرم. كما أنه هناك مايسمى الطلاق لعدم تكافئ النسب والذي تعترف به المحاكم وبإجرائاته على الرغم من كونه غير إسلامي وهناك الكثير من الممارسات الإجتماعية الغير مقبولة بحق النساء خصوصا من قبل الأباء الذين يمتنعون عن تزويج بناتهم للإستحواذ على كامل الراتب حيث يزداد عدد القضايا التي تعرض امام المحاكم المختصة فيما يسمى (العضل) من قبل نساء إمتنع أولياء أمورهم عن تزويجهم بدون عذر شرعي واضح ومقبول.
في الشريعة اليهودية فإن المرأة محتقرة ووضيعة المكانة حيث يمتلئ سفر اللاويين من العهد القديم بالنصوص التي تحرم على الرجل لمس إمرأته في أوقات معينة لأنها نجسة وكل ما تلمسه يتنجس ويجب تطهيره وفق طقوس معينة. في العقيدة المسيحية فإنها ألزمت المرأة الصمت وطاعة الرجل وليس غطاء على الرأس عند إرتياد الكنائس.
عندما يتعلق الأمر بإنتهاك برائة الطفولة وكرامة النساء بإسم مؤسسة الزواج والتي هي مقدسة وتعد أساس لبناء الأسرة في أي مجتمع فإن ذالك الأمر يتفق عليه جميع رجال الدين من جميع المذاهب والملل والنحل.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Friday, September 23, 2016

داعش يرسم ملامح النظام العالمي الجديد

إن االمحللين السياسيين ومراكز الأبحاث مشغولين إلى الأن بالإجابة على السؤال حول من أنشأ تنظيم داعش بينما يترك الجانب الأهم المتعلق بمسألة داعش, ماهو الهدف الذي يخدم إنشاء ذالك التنظيم والأعمال الوحشية التي يقوم بها؟
تعتبر بريطانيا دولة رائدة في إكتشاف المواهب الإرهابية منذ أن إكتشفت جمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد عبده الذي وصل إلى أحد أكثر المناصب حساسية في مصر وهو منصب المفتي وبإستقلالية كاملة عن مشيخة الأزهر. مصر كانت تحتل موقعا إستراتيجيا هاما في الخارطة الجغرافية للإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس خصوصا قناة السويس وكونها تعتبر طريقا حيويا لدرة التاج البريطاني في الهند. الإحتلال البريطاني لمصر تعلم درسا مهما من الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت حيث لقيت مقاومة شديدة من الشعب المصري لعب فيها الجامع الأزهر وأئمته دورا رئيسيا في تحريض الجماهير المصرية على الثورة ضد الإحتلال الفرنسي. سليمان الحلبي الذي إغتال الجنرال كليبر القائد العام للقوات الفرنسية في مصر بعد مغادرة نابليون بونابرت عائدا إلى فرنسا, كان من سوريا من التلاميذ الدارسين في الأزهر.
إن تهميش دور المراكز الإسلامية الرئيسية في الوطن العربي كالجامع الأزهر في مصر, جامع الزيتونة في تونس والمسجد الأقصى في فلسطين كان ومازال أولوية في أجندات الإستعمار الأجنبي للبلدان العربية. إنشاء مؤسسات إسلامية مطواعة تخدم أهداف الإحتلال الأجنبي بطريقة غير مباشرة بقي هدفا يسعى إليه كل مستعمر حيث تسطيح دور المساجد كمنابر لمقاومة الإحتلال وتوعية الشعوب.
إن تلك الخطة إستمر تطبيقها على مراحل أولها تلميع شخصيات إسلامية أطلق عليها إعلاميا تجديدية وأن منهجها هو منهج نهضة وإصلاح وهي المرحلة التي بدأت في القرن التاسع عشر وإستمرت حتى بدايات القرن العشرين. وكما ذكرت سابقا فإن جمال الدين الأفغاني, محمد عبده ومحمد رشيد رضا كانوا أبرز شخصيات تلك المرحلة.
وفي سنة 1928 نضجت فكرة إنشاء تنظيم إسلامي رئيسي يجمع كافة التيارات والشخصيات الإسلامية المهادنة للإستعمار الأجنبي حيث قامت شركة قناة السويس البريطانية بالعمل كواجهة ومولت بمبلغ 500 جنيه مصري إنشاء أول مسجد لحركة الإخوان المسلمين في مصر في مدينة الإسماعيلية حيث يشاع على نطاق واسع أن حسن البنا إستولى على رئاسة التنظيم بعد صراعات داخلية. إن تلك السنة شهدت بداية المرحلة الثانية وإستمرت إلى سنة 1978-1979.
المرحلة الثالثة هي فترة الحرب ضد الإتحاد السوفياتي في أفغانستان حيث إستمرت حتى تحقيق غايتها وهي تفكيك العملاق الشيوعي وهيمنة القطب الواحد على المسرح السياسي والإقتصادي العالمي. وفي تلك المرحلة فقد تم إطلاق ألقاب مثل مقاتلي الحرية من قبل الإعلام الغربي على المقاتلين الأفغان على الرغم من أجنداتهم المعادية للحريات والديمقراطية وتحقيرهم للمرأة ودورها في المجتمع حتى أنه تم إستقبالهم في البيت الأبيض من قبل الرئيس الأمريكي رونالد ريغان.
المرحلة الرابعة كانت خروج تنظيم القاعدة الذي تم تأسيسه على يد عبدالله عزام إلى العلن وإستيلاء أسامة بن لادن وأيمن الظواهري على الإسم وتسجيله كعلامة تجارية. أسامة إبن لادن أصدر أوامره بإغتيال القائد الوطني الأفغاني أحمد شاه مسعود قبل يومين من أحداث سيبتمبر لأنه كان يتمتع بالشعبية ومرشحا في مرحلة مابعد الإتحاد السوفياتي لقيادة أفغانستان فقد كان قائدا مشبعا بروح الوطنية ورافضا بالمجمل  للتواجد الأجنبي في أفغانستان.
المرحلة الخامسة هي تأسيس تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين من رحم تنظيم القاعدة على يد الصهيوني الفرنسي برنارد هنري ليفي بداية في منطقة كردستان العراقية ثم إنتقاله للعمل في المحافظات العراقية الداخلية خصوصا بغداد والهدف إشعال حرب أهلية عراقية وقد نجح في ذالك إلى حد ما.
المرحلة السادسة هي تأسيس تنظيم داعش وحاليا يتم الترويج على فترات متقطعة لتنظيم خراسان الذي يتشكل من بقايا قيادات تنظيم القاعدة في أفغانستان.
إن كافة المراحل التي سبقت تأسيس تنظيم داعش في كفة وتأسيس ذالك التنظيم الدموي في كفة أخرى من ناحية التطور في أدائه حيث أصبح قيامه بعمليات إرهابية في أوروبا أمرا متكررا خصوصا أن عددا كبيرا من أعضائه قد تسلل لدول أوروبية عديدة مع موجة اللاجئين الأخيرة. كما أنه تم ضبط شحنات كبيرة من الأسلحة خصوصا من قبل السلطات اليونانية كانت مسجلة على أنها مساعدات لمخيمات اللاجئين في أوروبا.
إن ظهور تنظيم داعش قد أدى إلى إنتشار مفهوم أو مصطلح جديد هو عولمة الإرهاب, تحويله من مجرد ظاهرة إلى صناعة تدر تريليونات الدولارات. الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الإبن هو صاحب الفضل في إخراج ذالك المفهوم إلى حيز الوجود إثر أحداث سيبتمبر وإن لك يكن باللفظة الصريحة. مقولة من ليس معنا فهو علينا كانت هي العصا التي يتم تأديب الدول التي لا تقبل بالسياسات التي تفرضها الإدارة الأمريكية حيث تغيرت الأساليب مع مرور الوقت فقد كان من الشائع في السابق إتهام الدولة بأنها شيوعية لمجرد أنها لا تقوم بتطبيق سياسات العولمة وتحرير التجارة والسماح للشركات الأجنبية العملاقة بشراء الموارد الطبيعية بأبخس الأسعار.
إن تصريح أحد كبار المسؤولين الأمريكيين "سوف نصنع لهم إسلاما يناسبهم" يصب في صالح تأسيس تنظيمات كداعش ومن ثم مكافحة التنظيم تحت ذريعة الحرب على الإرهاب وتأديب الدول المارقة. الحرب على الإرهاب ليست حربا حصرية على المسلمين والإسلام فالأقليات والمسيحية الشرقية كانت ومازالت هدفا للأعمال الوحشية لتنظيمات كداعش حيث لا نسمع أصوات الكنائس المسيحية الرئيسية التي تعتبر مسيحيي الشرق هراطقة وبالتالي هي أيضا لها مصلحة فيما تقوم به تلك التنظيمات الإجرامية كما أن بان كي مون لا يشعر بالقلق لمقتل عشرات الألاف من المواطنين العراقيين والسوريين لمجرد إنتمائهم العرقي.
ولعله من المفترض أن تلك التنظيمات المتطرفة من المفترض أنها تضع تحرير فلسطين والأقصى السليب على قائمة اولوياتها ولكن على العكس فقد حدث إنقلاب في المفاهيم أحدثته لدى أتباعها ومناصريها حيث تخلى عن قضية تحرير فلسطين مئات الشباب الفلسطيني ليلتحق بتنظيم داعش وغيرها من الحركات المتطرفة للقتال في سوريا والعراق والشيشان والكثير من المناطق التي توصف بأنها بقاع ساخنة.
الأعمال الوحشية التي يقوم بها تنظيم تنظيم داعش ومن قبله تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين ومن قبله تنظيم القاعدة موجهة ضد المسلمين والأقليات بذريعة الإنتماء العرقي والديني. إن تلك الخطوات والأعمال الوحشية ليست عشوائية كما يظن بعضهم بل من يتابعها بدقة فإنها تخدم رسم خطوط دم وصراع جديدة في الشرق الأوسط والتمهيد لإتفاقية سايكس بيكو2. كما أن تحركات تنظيم داعش متوافقة مع خطوط النفط والغاز ومكامن الطاقة في المنطقة وذالك أمر يجب أن لا يخفى عن المتابعين لأخبار التنظيم والمحللين وخبراء مراكز الأبحاث.
إن تنظيم داعش وعلى غفلة من عقلاء ومثقفي الوطن العربي والنخب الفكرية التي من المفترض أن المواجهة الفكرية مع التنظيم تقع على عاتقها, فقد تسلل إلى خريطة المنطقة ويقوم بتنفيذ أجندات غربية مرسومة بدقة ويرسم ملامح النظام العالمي الجديد ولكن ليس منذ خروج اليهودي البريطاني برنارد لويس بنظريته لتفتيت الوطت العربي, بل منذ وقت سابق لذالك بكثير.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية


Tuesday, September 20, 2016

ماهي الأسباب الحقيقية لأسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية؟

إن هناك الكثير من الأراء المتعلقة بالأزمة في سوريا وأفق الحل المحتمل وعلى هامشها قضية اللاجئين التي يجري تداولها إعلاميا بطريقة أحادية تدين الرئيس السوري وتعتبره السبب الأول بأزمة اللاجئين. أحد الأراء التي برزت على وسائل التواصل الإجتماعي وموقع اليوتيوب هو البنت السورية الوطنية(Mimi Al Laham) وإن كان إسم العائلة يختلف من مصدر إعلامي لأخر إلا أن أرائها قد لقيت تجاوبا وصدى لدى الكثير من المحطات الإعلامية الاجنبية التي أجرت مقابلات معها بوصفها خبيرة في العلاقات السياسية أو مايعرف (Geopolitics).
إن بداية التبعات وتأثير موجة اللاجئين الأخيرة على الإتحاد الأوروبي كانت إنفصال بريطانيا مؤخرا وتصاعد الأصوات التي تطالب بإنفصال إسكتلندا وإنفصال إيرلندا الشمالية وإنضمامها إلى إيرلندا الجنوبية(الجمهورية الأيرلندية) لتشكيل كيان موحد. تصاعد النزعات اليمينية والأحزاب والجماعات المعادية للهجرة هو أيضا أحد تبعات وتأثيرات أزمة اللجوء الأخيرة. ولكن حتى نتوصل إلى إجابة على سؤالنا المتعلق بأسباب أزمة اللاجئين الاخيرة فعلينا إيجاد المستفيد من الأزمة والمتضرر من ورائها ولا يمكن الإجابة عن ذالك بدون الخوض قليلا بالتاريخ والرجوع إلى سنة 1973-1975 حيث حرب رمضان وإرتفاع أسعار النفط.
إنه من الواضح أن السبب الرئيسي لقبول ألمانيا حتى هذه اللحظة لأكثر من مليون لاجئ ليس له علاقة رئيسية بضغوطات الشركات الألمانية لتخفيض تكلفة العمالة والتقليل من نفوذ النقابات العمالية بل يمكن تلخيصه بمجموعة أسباب على النحو التالي:
1- تحقيق توازن في حجم الهجرة لألمانيا التي غلب عليها العنصر التركي ودول البلقان بما يحقق الفائدة بإشغال الطرفين في صراعات داخلية على خلفية العداء التاريخي بين العرب والأتراك.
2- تحقيق فائدة في إمتصاص فوائض الميزانية الألمانية بتمويل تكاليف موجة اللجوء الأخيرة بدلا من إستخدامها في تحقيق المزيد من النهضة في كافة المجالات بما يؤدي إلى المزيد من إستقلال القرار السياسي.
3- تفكيك الإتحاد الأوروبي من الداخل بإستهداف أقوى دوله من الناحية الإقتصادية وهي ألمانيا وإيجاد مزيج سكاني جديد ناتج من إختلاط الأعراق والحضارات لا يكن الولاء لهوية أوروبية أو قومية أوروبية موحدة وبالتالي يسهل تمرير أجندات مختلفة سواء سياسية او إقتصادية.
إن إنخفاض تكلفة العمالة والحد من نفوذ النقابات العمالية لن يقتصر على ألمانيا بل سوف يشمل اوروبا بأكملها ولكنه نتيجة لأزمة اللجوء وليس سببا تفتعل بسببه أزمة بهاذا الحجم تقتصر الفائدة من ورائها تخفيض أجور العمال والتي من الممكن تحقيقها بأساليب أخرى أكثر سلاسة وإختصارا للوقت. إندماج اللاجئين في سوق العمل الأوروبي سوف يستغرق فترة زمنية طويلة متعلقة بحاجز اللغة والمستوى الدراسي خصوصا الجامعي ومعادلة الشهادات والخبرات بما يتطلبه ذالك من فترة زمنية وما سوف يواجهه من بيروقراطية حكومية وذالك لوحده يكفي لنفي ان الهدف الرئيسي لإفتعال أزمة اللجوء الأخيرة كان أجور العمال المرتفعة في أوروبا.
أما بالنسبة للحلول المقترحة لأزمة اللاجئين فهي متعلقة بإنهاء الأزمة السورية والإعتراف بشرعية الرئيس السوري بشار الأسد والجيش العربي السوري كسلطة وحيدة على الأرض منوط بها مكافحة التنظيمات الإرهابية والتوقف عن دعم تلك التنظيمات خصوصا الجيش الحر, جبهة النصرة وداعش التي تتلقى في كثير من الحالات الأسلحة من طائرات يقال أنها مجهولة الهوية حيث يتم التغطية على ذالك بالزعم أنها ألقيت عن طريق الخطأ في مناطق سيطرة التنظيم.
إغلاق تركيا لحدودها مع سوريا لمنع تسلل أعضاء التنظيمات الإرهابية وقطع خطوط إمدادهم وتموينهم وخصوصا علاج جرحاهم في المستشفيات التركية أمر حيوي لإنجاح الجهود المتعلقة بإنهاء الأزمة السورية ومشكلة اللاجئين. إنه على تركيا التوقف عن الطفولية السياسية والمشاكسات التي لن تجلب لها إلا المشاكل مع جيرانها ومع العالم حيث يمكن إجبارها على الخضوع للإرادة الدولية بحل الأزمة السورية إن كان هناك رغبة دولية بذالك عن طريق إصدار تحذيرات بسفر المواطنين الأوروبيين لتركيا خصوصا بسبب حوادث تفجير إرهابية ومحاولة إنقلاب عسكري وقعت مؤخرا بما يؤدي إلى تضرر السياحة التي تعد مصدر دخل رئيسي لتركيا, زيادة الفترة اللازمة لمنح مواطنين أتراك تأشيرة دخول لدول الإتحاد الأوروبي وزيادة الرسوم المطلوبة والتدقيق الأمني التقليل من عدد تلك التأشيرات, سحب الإعترافات الدولية بالجامعات التركية وخريجيها بما يؤدي إلى إنهيار منظومة التعليم في تركيا حيث يعد الطلاب الدوليون رافدا إقتصاديا مهما في ذالك القطاع وفرض ضرائب إضافية على البضائع والمنتجات التركية تستخدم لتمويل المؤسسات التي تهتم باللاجئين في دول الإتحاد الأوروبي بدلا من السماح لتركيا بإبتزاز مليارات الدولارات من دول الإتحاد والتهديد المستمر بإغراق أوروبا باللاجئين.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Saturday, September 17, 2016

صندوق الأسرار المغلق وكنوز التاريخ

مشكلة الحركات الدينية أو حركات الإسلام السياسي كالإخوان المسلمين والحركة السلفية هي أنها تعمل بنفس الطريقة التي كانت تعمل وفقها الكنيسة في عصور الظلام التي عانت منها أوروبا في الفترة التي سبقت مؤتمر نيقية والفترة التي تلت المؤتمر. التحجر الفكري والنفاق هي سمتها البالغة والأسوأ أنها تزعم قيامها بذالك وفق مبدأ الحكم بالحق الإلهي.
حركة الإخوان المسلمين والسلفية هي التي انتجت لنا  تنظيمات الجيش الحر, جبهة النصرة, داعش, القاعدة, تنظيم خراسان وغيرها التي تتفق في أجنداتها وإن إختلفت التسميات. وحين أطابق تصرفات السلفيين وحركات الإسلام السياسي أجدها أقرب إلى تصرفات اليهود في العهد القديم وأنها تشريعاتهم مستمدة من التوراة وليس القرأن خصوصا في معاملتهم لخصومهم وللمرأة.
أنظمة الحكم التي تستمد منهجها من المبادئ السلفية ومبادئ الإسلام السياسي إرتكبت مجازر إبادة جماعية بحق مؤيديها حتى من بين المذاهب الإسلامية الأخرى المعترف بها كالشافعية تحت ذريعة البدع والخرافات وعبادة القبور. إن تلك المجازر كان يتم تبريرها بفتاوي إبن تيمية وهو رجل دين عاش في الفترة(1263-1328م) فكيف سوف تكون معاملة الأقليات كالمسيحيين والشيعة في ظل حكم منهج إبن تيمية السلفي؟
مؤتمر جروزني في الشيشان وإن كان هدفه سياسي فهو ردة فعل على قرون من التكفير والمجازر التي تم إرتكابها بحق الطوائف الدينية والمذاهب الإسلامية وإن كان مساعد حزب النور السلفي نادر بكار يتهم المشاركين في المؤتمر بالعمالة لروسيا وأن التيار الذي يمثلونه يخدم المصالح الروسية في المنطقة فماذا عن عمالة التيار السلفي وتيار الإسلام السياسي للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في أوقات سابقة بكثير حتى لبروز روسيا الإتحادية وقبلها الإتحاد السوفياتي؟
شخصيات تنتمي لتيارات إسلامية رئيسية سجلها مليئ بالخيانة والعمالة ومع ذالك تتغاضى الأدبيات السلفية عنها. والأمثلة أكثر من ان تحصى فتاج الدين الهلالي في سوريا مثلا إحتل مجموعة من المناصب منها أول رئيس جمهورية لسوريا بالتعيين(1941-1943) حيث من المعلوم أن منصبا كهذا لن يتم إشغاله بدون موافقة الإحتلال الفرنسي الذي لن يقبل إلا عملائه لتعيينهم في مناصب حساسة ومؤثرة.
جمال الدين الأفغاني هو اول من إقترح على بريطانيا تشكيل تحالف إسلامي لمحاربة روسيا القيصرية كما انه كان معروفا بعمالته لمجموعة من الدول منها بريطانيا. وتلميذه محمد عبده ليس بأفضل منه حيث وصل لمنصب مفتي الديار المصرية بقرار من الخديوي عباس حلمي الثاني حيث تم ولأول مرة فصل منصب المفتي عن منصب شيخ الأزهر حيث كان شيخ الأزهر في السابق يتولى بالإضافة إلى مشيخة الأزهر منصب المفتي.
البرلمان السوري خلال فترة الإحتلال الفرنسي كانت تحتل أغلبية مقاعده أشخاص يمثلون التيار الإسلامي السني وفي العراق فإن الثورة ضد الإحتلال البريطاني بدأتها العشائر الشيعية في الجنوب العراقي ورغم ذالك يتم إتهام الشيعة في سوريا والعراق بالعمالة للمحتل وهي نفس الإتهامات التي تم توجيهها لوزير المستعصم بالله, إبن العلقمي, على الرغم من أن الخليفة هو من رفض تمويل حملة للدفاع عن بغداد التي دخلها المغول وصادروا أموالا للمستعصم منها حوض من الذهب الأحمر الخالص.
حركة الإخوان المسلمين بنت أول مسجد لها في مدينة الإسماعيلية المصرية من أموال شركة قناة السويس المحتلة وقتها وكانت شركة بريطانية دفعت لحسن البنا 500 جنيه لبناء المسجد. حسن البنا نفسه تثار حوله الكثير من التسائلات التي أعتبرها مشروعة وخصوصا وقوفه إلى جانب الإحتلال البريطاني لمصر ممثلا بنظام الحكم الملكي ضد الثورات التي قادها الوطنيون المصريون والأحزاب الممثلة لهم حتى إنقلب على ذالك النظام وهو ديدن تنظيمات الإسلام السياسي فكانت حادثة إغتيال حسن البنا.
هناك الكثير من الأسئلة التي لها عمق تاريخي ومايزال الفكر السلفي يرفض أن يتباحث بها على الأقل في العلن. أسئلة مثل الصراع بين العباسيين والأمويين, الصراع بين العباسيين خصوصا الأمين والمأمون وهو أشهرها على الرغم من عشرات الصراعات الأخرى التي لم تأخذ حقها في البحث التاريخي. الصراع بين الأمويين انفسهم والذي أدى برأي الشخصي إلى أحد أبرز عمليات الإغتيال السياسي في التاريخ الإسلامي وهي إغتيال الخليفة الخامس أو أشج بني أمية, ألقاب كان يحملها عمر بن عبد العزيز.
من هو المسؤول عن الصراعات التي أدت إلى إغتيال الخليفة عثمان بن عفان والخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنهما؟
تجابه الأسئلة عن الصراع الإسلامي في مجتمع بلا طوائف عبر التاريخ منذ وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام بالصمت في أفضل الحالات أو بالتكفير والإخواج من ملة الإسلام والتركيز على الشيعة خدمة لأجندات سياسية ليس لها علاقة بالدين.
إن الوقت قد حان لفتح الصندوق المغلق منذ قام معاوية رضي الله بتأسيس حكم السيف وحكم الأسرة حيث بدأ مفهوم الإسلام السياسي يتبلور في تلك الفترة وإنهى بسيفه عهد الشورى حيث كان الخليفة الحسن بن علي رضي الله عنه هو أخر خلفاء الشورى.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Thursday, September 15, 2016

كيف سوف يرد تحالف الإخوان المسلمين والسلفية على مؤتمر جروزني؟

لم يشارك الإخوان المسلمون والسلفيون في أحداث 25 يناير في مصر في بدايتها لأن السياسة بالنسبة إليهم ليس لها علاقة بالأدبيات الدينية التي يروجون لها في الوسائل الإعلامية وخصوصا الفضائيات. الإخوان المسلمون كانوا ينتظرون الضوء الأخضر الأمريكي والأوروبي والأهم التمويل بينما السلفيون كانت فتاويهم بتحريم العملية الديمقراطية والإنتخابات والبرلمانات قد أصبحت من حكم المعلوم بالضرورة.
الحركات الإسلامية والسلفية بشكل عام ليست إلا معولا لهدم الأوطان وتمزيقها تحت ذريعة تطبيق الشريعة حيث يجتذب حكم تطبيق الشريعة السلفي على الأقليات الدينية والعرقية مؤسسات المجتمع المدني الغربية والهيئات الغير حكومية والسفارات الأجنبية والأمم المتحدة التي سوف تجبر تلك الدولة على إجراء إستفتاء للإنفصال بحجة حماية الأقليات والإضطهاد الديني وإلا العقوبات ومحكمة العدل الدولية وإتهامات بجرائم حرب وإبادة. والأمثلة لمن يرغب وافرة فهناك السودان, الصومال, أندونيسيا وفي سوريا حيث يتزعم الفرع السوري من تنظيم الإخوان المسلمين وبدعم من الفرع المصري والمكتب الدولي للتنظيم في العاصمة البريطانية العمليات العسكرية ضد الجيش العربي السوري بهدف إقامة إمارة إسلامية على قسم من الأراضي السورية. كما أنه في العراق تزعم الفرع العراقي من التنظيم محاولة فصل مقاطعات عراقية وهي الموصل, صلاح الدين, الأنبار وديالي لتشكيل إمارة إسلامية.
إذا فقد أصبح من الواضح الغاية من الدعم المالي والإعلامي الغربي للتنظيمات الإسلامية في الوطن العربي فالإخوان المسلمين إستلموا تمويلا من الإدارة الأمريكية قدرته بعض التقارير الصحفية الأمريكية بمليار دولار وتم تقديم طلبات إستجواب للكونجرس عن أسباب تلقي تنظيمات إسلامية معروفة بأجنداتها العدائية أموال من دافع الضرائب الأمريكي. وفي مرحلة لاحقة كانت هناك تقارير غير مؤكدة عن إستلام إدارة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي 8 مليار دولار مقابل منح مساحة واسعة من سيناء لصالح توسعة حدود قطاع غزة والحل النهائي للقضية الفلسطينية. إن تصريحات مسؤولين بارزين من تنظيم الإخوان المسلمين تؤكد ذالك خصوصا رسالة الغزل التي أرسلها محمد مرسي للرئيس الإسرائيلي وتصريح عصام العريان عن عودة اليهود المصريين إلى مصر مقابل عودة فلسطينيين مقيمين في مصر إلى قطاع غزة.
الدعوة السلفية في الإسكندرية وهي أبرز هيئة سلفية مصرية تليها جمعية أنصار السنة المحمدية تلقت تمويلا من دول عربية وإسلامية على علاقة وثيقة بالإدارة الأمريكية حيث إنقلبت الدعوة السلفية في الإسكندرية على مبادئها وقامت بتأييد المظاهرات والإعتصامات على لسان الشيخ محمد حسان أحد أبرز الشخصيات السلفية في مصر كما أنها قامت بتشكيل حزب سياسي دخلت من خلاله البرلمان وفازت بعدد من المقاعد. وكمقدمة لتقسيم مصر فقد قامت الحركة السلفية في الإسكندرية بإستفزاز الأقباط والشيعة في مصر وشنت حملات إعلامية على الصوفية. فعلى سبيل المثال قامت المحطات الإعلامية التي تتبع التيارات السلفية في مصر وخارجها بالتضخيم الإعلامي لقضية المواطنات المصريات القبطيات ممن قبلن التحول للإسلام حيث تبين أن أغلب الفتيات قد تم إغرائهم بالزواج وتقديم وعود خلبية لهم على نمط قصص روميو وجولييت. أنصار الحركة السلفية قاموا بقتل وتشويه حسن شحاتة وهو أحد رموز الشيعة في مصر بذريعة شتم أمهات المؤمنين على الرغم من إمكانية تقديم شكوى قانونية ومحاسبته قانونا.
نادر بكار الذي يسبقه لقب مساعد رئيس حزب النور المصري يذيل به مقالاته في موقع هافينجتون بوست العربي يعيش في حالة إنفصام عن الواقع ولا تخرج مواضيعه التي يكتبها عن منهج حزبه الذي يخلو من أي مبدأ ثابت المهم هو كرسي السلطة حيث أطلقت الحركة السلفية على فوزها في إستفتاء التعديلات الدستورية بغزوة الصناديق لأن الإنتخابات والإستفنائات شفافة وصحيحة إذا فازوا بها لتطبيق أجنداتهم في تحويل أي بلد إلى صومال أخرى وإلا فالإنتخابات مزورة. نادر بكار نفسه مثال على التلون والنفاق حيث أنه قبل ذهابه للدراسة في جامعة هارفارد قام بحلاقة 99% من لحيته كما أنه قام بحضور لقاء نظمته الجامعة لوزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني بل ويقال أنه إلتقاها على هامش زيارتها للجامعة.
وكعادة السلفيين عندما يكتبون في الصحف والمقالات فمقدمة مواضيعهم سوف تبدأ بسوريا حتى لو كانت عن مشكلة جزر القمر حيث يبدو أن نادر بكار يعيش في خيالاته وأوهامه ولا يعرف أن المعارضة السورية تتراجع على كافة الجبهات  وأن حصار المعارضة في حلب قد إكتمل بالسيطرة على منطقة الراموسة وأن من يظن أنه سوف يخوض المعركة الفاصلة أو الملحمة الكبرى على أجنحة طائرات الناتو فهو مخطئ وأن المتغطي بالأمريكان عريان, أمريكا وروسيا إتفقوا على مكافحة الإرهاب وتمت التضحية للمرة الألف بمن ظنوا أنهم يخوضون الجهاد المقدس.
وسوف أتفق مع نادر بكار أن مؤتمر الشيشان هدفه سياسي بحت كما سوف يتفق معي كل عاقل بأن الإسلام هو دين بلا مذاهب. المشكلة أن الحركة السلفية سواء في مصر أو السعودية أو السودان أو في أي مكان تنتشر فيه تعمل وفق مبدأ من هو ليس معي, فهو ضدي وأن الله معها مادامت هي مع الله.
ولكن كيف يمكن تطبيق ذالك من وجهة نظر الحركة السلفية وحلفائها؟
الجواب مرة أخرى هو تاريخ من القتل والدم والمجازر المرتكبة بإسم الدين وبإسم الله حتى يتمكن الإسلام السياسي وحليفه السلفية التلمودية من بسط سيطرتهم على الوطن العربي متحالفين مع أذناب الإستعمار والطابور الخامس من الإنتهازيين وأصحاب المصالح.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Sunday, September 11, 2016

كيف خدم سقوط شاه إيران محمد رضا بهلوي مصالح الشركات النفطية الكبرى؟

على الرغم من الفائض المالي في إيران نتيجة لإرتفاع أسعار النفط إثر الحظر النفطي سنة 1973 فإنه وبحلول سنة 1977 فإن نظام الشاه كان يعاني من مظاهرات وإضطرابات من قبل معارضية بالإضافة إلى عجز في الميزانية بلغ 2.4 مليار دولار حيث من المتوقع إزدياد العجز في السنوات المقبلة. شاه إيران وفي مساعية لتغطية العجز فقد أصدر أوامره للحكومة بالإستدانة من أسواق المال الدولية.
بنك تشاس مانهاتن(Chase Manhattan) قام بدور أساسي في تقديم الدعم المالي لنظام الشاه حيث أنه وبنهاية سنة 1978 بلغ مستوى الدعم المالي من قبل البنك 2 مليار دولار تقريبا والتي كانت مبلغا كبيرا بمعايير تلك الفترة حتى على بنك بحجم تشاس مانهاتن.
الأداء الإقتصادي الضعيف وإرتفاع مستوى البطالة قد أدى إلى دفع المزيد من الإيرانيين للتظاهر حيث تصدى جهاز السافاك(Savak) والجيش للتظاهرات ونتيجة تفاقم المشكلة فقد غادر الشاه إيران في شهر كانون الثاني\يناير\1979 حيث إنهار نظام الشاه بخلاف التوقعات إستمراره للعشرة سنين القادمة على الأقل.
من ناحية فإن سقوط نظام الشاه قد خدم مصالح الشركات النفطية الكبرى التي كانت قلقة من إنخفاض أسعار النفط لإنخفاض الطلب عليه بصورة قياسية فخروج النفط الإيراني من المعادلة قد أدى لإختلال العرض والطلب وإرتفاع أسعار النفط مرة أخرى. أما من ناحية أخرى فإن بنك تشاس مانهاتن وعلى الرغم من أن النظام الإيراني الجديد لم يتخلف عن إلتزاماته المالية تجاه البنك فإنه كان يعاني مشكلة من نوع أخر في الولايات المتحدة حث مقره الرئيسي بخصوص قروض الرهون العقارية والتي بلغت مستويات قياسية مقارنة بكمية السيولة المتوفرة لدى البنك مما أدى إلى وضع البنك على قائمة البنوك المتعثرة من قبل هيئة مراقبة العملات والبنوك الأمريكية.
الحل الذي تم إتباعه بخصوص قروض البنك لدى إيران هو الدفع بإتجاه إعلان إيران إفلاسها وتخلفها عن دفعات القروض المتوجبة عليها مماكان سوف يؤدي إلى إعلان الرئيس الأمريكي وبموجب الصلاحيات الدستورية الممنوحة له إلى إعلان حالة الطوارئ بخصوص إيران وتجميد الأصول الإيرانية في الولايات المتحدة مماسوف يؤدي إلى إزالة القلق الذي يعتري إدارة البنك بخصوص إحتمالية تعثر قروضها السابقة لنظام الشاه. وزير الطاقة الأمريكي جيمس شليزنجر(James schlesinger) في شهادته أمام لجنة الطاقة في الكونجرس بتاريخ 7 شباط\فبراير 1979 بأن مستويات الإمدادات النفطية سوف تنخفض بشكل حاد على المستوى العالمي وأن تأثير ذالك على الأسعار سوف يفوق التأثير الذي أحدثه الحظر النفطي سنة 1973. النتيجة الفورية لتصريحات وزير الطاقة الأمريكي كانت إنخفاض سعر صرف الدولار وإرتفاع سعر الذهب إلى مستويات قياسية.
المشكلة بالنسبة لكل تلك التصريحات أنها كانت مضللة نوعا ما فمستوى إنتاج النفط سنة 1979 كانت مرتفعة بنسبة 5% عن السنة السابقة ولم يكن هناك نقص في الإمدادات النفطية في الأسواق العالمية على الرغم من خسارة نسبة كبيرة من إنتاج النفط الإيراني بسبب الإضطرابات التي كانت تهدد بسقوط شاه إيران مما شكل عائقا أمام إعلان حالة الطوارئ من قبل الرئيس الأمريكي. بحلول شهر أبريل\نيسان 1979 فقد إستقر الوضع السياسي في إيران وعادت حقول النفط الإيرانية للإنتاج بكامل طاقتها مما أضاف الملايين من براميل النفط للأسواق المتخمة بالإمدادات. النظام الإيراني الجديد جعل موقفه واضحا في رغبته المحافظة على علاقات تجارية وسياسية طبيعية مع الولايات المتحدة بل وأبدى رغبته في شراء أسلحة أمريكية لحملته العسكرية المرتقبة ضد الأكراد حيث تلقى إشارة مبدئية إيجابية من قبل المسؤولين الأمريكيين.
هينري كيسنجر والذي أصبح خارج الحكومة الأمريكية ولكنه كان يحتل مقعدا في لجنة العلاقات الدولية التابعة لبنك تشاس-مانهاتن وبالتعاون مع أرتشايبلد روزفلت(Archibald Roosevelt) مهندس الإنقلاب ضد حكومة رئيس الوزراء الإيراني مصدق سنة 1953 والتي أعادت شاه إيران محمد رضا بهلوس للسلطة قد قامت بتكثيف جهودها لدى الرئيس الأمريكي الجديد جيمي كارتر للقبول بإتجاه إستضافة شاه إيران للعلاج في الولايات المتحدة على الرغم من التقارير التي بحوزة وزارة الخارجية الأمريكية أن القبول بذالك قد ينجم عنه عواقب وخيمة من بينها الهجوم على السفارة الأمريكية في طهران.
الثلاثي زبيغنيو بريزنسكي والذي كان يشغل منصب مستشار الأمن القومي الأمريكي في حكومة الرئيس جيمي كارتر, هينري كيسنجر وأرتشايبلد روزفلت قاموا بحملة مكثفة من أجل دفع الرئيس الأمريكي القبول بمنح شاه إيران بهلوي اللجوء لأسباب إنسانية وطبية حيث أنه في أبريل\1979 إتصل هينري كيسنجر بالرئيس الأمريكي وتلاه في اليوم التالي زيارة شخصية من قبل ديفيد روكفيلر الذي إلتقى بالرئيس الأمريكي في المكتب البيضاوي والهدف هو حثه على القبول بشاه إيران في الولايات المتحدة بهدف العلاج الطبي. وأخير بتاريخ 18 تشرين\الأول أكتوبر فقد أستعان ديفيد روكفيلر بطبيبه الشخصي بينجامين كين(Benjamin Kean) الذي أوصى بقبول دخول شاه إيران للولايات المتحدة من أجل إجراء فحوصات طبية مكثفة. ديفيد روكفلر تأكد من أن وزارة الخارجية الأمريكية تنظر بعناية لتوصية طبيبه الشخصي بخصوص شاه إيران.
وأخيرا وبتاريخ أكتوبر 21\1979 فقد قبل الرئيس الأمريكي بالتوصيات دخول شاه إيران إلى الولايات المتحدة من أجل العلاج من مرض السرطان الذي كان يهدد حياته وأن ذالك العلاج متوفر حصريا في الولايات المتحدة. الطبيب الشخصي لديفيد روكفلر, بينجامين كين صرح في وقت لاحق أن الحالة الصحية لشاه إيران لم تكنن تهدد حياته بشكل عاجل وأنه شخصيا أوصى بعدة بلدان أخرى تتوفر على العلاج المناسب لحالة الشاه الصحية.
وبتاريخ نوفمبر 14\1979 وبعد مضي عشرة أيام من أصل 444 يوما هي عمر أزمة رهائن السفارة الأمريكية في طهران والذي كان مصيرهم يعد عاملا ثانويا في الأزمة, فقد صدر أمر من قبل الحكومة الأمريكية بتجميد كافة الأرصدة البنكية الإيرانية في الولايات المتحدة. بنك تشاس-مانهاتن تحرك وبشكل سريع في اليوم التالي 15\نوفمبر\1979 وأعلن أن الحكومة الإيرانية قد تخلفت عن أداء أقساط  أحد أكبر قروضه للحكومة الإيرانية والذي يبلغ 500 مليون دولار أمريكي وتحت بنود الإقراض المعقدة يعد ذالك إعلان إفلاس على الرغم من أن الحكومة الإيرانية لم تتخلف حتى تلك اللحظة عن دفعة واحدة من دفعات القروض المستحقة لدائنيها الدوليين خصوصا البنوك الأمريكية. وبسبب الظروف المضطربة التي كانت إيران تمر بها فلم تتمكن الحكومة الإيرانية وفي ذالك الوقت القصير, يوم واحد, من ترتيب طريقة أخرى لإرسال دفعات قروضها المستحقة خصوصا لبنك تشاس-مانهاتن والذي تلقى من وزارة الخزانة الأمريكية تعويضات على كافة ديون الحكومة الإيرانية للبنك حتى أخر سنت مستحق وتم إلغاء تلك الديون من سجلات البنك وتنفس مسؤولوه الصعداء.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Tuesday, September 6, 2016

كيف يتم إستخدام أزمة اللاجئين كحصان طروادة لهدم أسوار الإتحاد الأوروبي المنيعة؟



نفسها التي قام عليها الإتحاد وهي بإختصار هويته العلمانية وخلفيته التاريخية المسيحية. إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول لدول الإتحاد الأوروبي هي أول خطوات العضوية الكاملة فيه. السبب الثاني هو أن بلدانا أوروبية عديدة لاتزال لديها ذكريات مريرة مع الإحتلال العثماني الذي دام لمئات السنين في بعض الحالات خصوصا بلغاريا, اليونان, المجر وصربيا. السبب الثالث هو تراجع الأداء الإقتصادي لتركيا بشكل كبير حيث مازال الإتحاد الأوروبي مثقلا بمشكلة الديون السيادية في كل من اليونان, البرتغال, إسبانيا, إيطاليا وعضوية تركيا في الإتحاد لن تقدم أي مساهمة إقتصادية إيجابية. السبب الرابع هو المرارة التي بدأ يشعر بها المواطن الأوروبي من محاولات الإبتزاز التركية الواضحة حيث برزت عدد من المنظمات والجمعيات المناهضة للهجرة في أوروبا وإزدادت شعبية جمعيات أخرى قائمة إنضم لها مواطنون كانوا في السابق يوصفون بأنهم حياديون.
إن تركيا وبعلم رئيسها رجب طيب أوردوغان متورطة بأزمة اللاجئين حتى النخاع حيث تسهل عمل المهربين كما أن هناك كيان إقتصادي متكامل قائم يعتمد على تهريب اللاجئين بداية من المهربين والوسطاء ومحلات بيع مستلزمات اللجوء خصوصا القوارب والمحركات وسترات النجاة الذي تبين مؤخرا أن نسبة كبيرة منها غير مطابق للمواصفات وتسبب في زيادة عدد اللاجئين الذين يبتلعهم البحر بعد غرق قواربهم. الأجهزة الأمنية الأوروبية عبرت عن قلقها من تسلل أعضاء في داعش مع موجة اللجوء الأخيرة بسبب التسهيلات التي تقدمها تركيا لمهربي البشر وهو ماحصل بالفعل حيث يشاع على نطاق واسع تمكن خمسة الاف عضو من داعش التسلل إلى أوروبا كما أن أعضاء من داعش تورطوا في هجمات وقعت في مدن أوروبية عديدة قد قاموا بعدة رحلات بين أوروبا وسوريا والعراق بدون أي عوائق أمنية أو لوجيستية.
تركيا تحاول إجبار الإتحاد الأوروبي على قبولها بطريقة أو بأخرى حيث يتم وضع اللمسات النهائية على تعديل في قانون الهجرة التركي بما يسمح بتجنيس مئات الألاف من اللاجئين السوريين فإما دخولهم لأوروبا كلاجئين أو
إن التوصل إلى الأسباب الحقيقية التي تقف وراء أزمة لاجئين تعد الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية تلزمنا أن نأخذ في إعتبارنا كافة العوامل والأسباب والتصريحات وأن نحاول الوصول إلى جذور المشكلة والحلول المقترحة التي من الممكن تطبيقها.
وفي سبيل الوصول لنتيجة إيجابية فعلينا أن نسأل من هو المستفيد من أزمة اللاجئين؟ وكما يقول المثل مصائب قوم عند قوم فوائد.
الرئيس التشيكي ميلوس زيمان وصف موجة اللجوء الأخيرة بأنها عملية غزو منظم من قبل تنظيم الإخوان المسلمين وليست متعلقة بأشخاص يحتاجون إلى حماية. وكما انه طالب اللاجئين وأغلبهم من الذكور اليافعين بالعودة إلى بلدانهم ومحاربة داعش بدلا من التقدم بطلب لجوء للخارج. إن الرئيس التشيكي لم يقف لوحده فيما يتعلق بالدوافع الحقيقية التي تقف وراء موجة اللجوء الأخيرة حيث هناك تصاعد غير مسبوق في أوروبا لشعبية الأحزاب المناهضة للهجرة وهناك تغيير في مزاجية الكثيرين من المواطنين الأوروبيين الذين كانوا في السابق إما متعاطفين مع اللاجئين أو أنهم على الأقل على الحياد.
على أحد طرفي الأزمة هناك البلدان الأوروبية التي تستقبل اللاجئين وعلى طرفها الأخر هناك تركيا التي تطمح بعضوية كاملة في الإتحاد الأوروبي حيث قام الرئيس التركي مؤخرا بتهديد الدول الأوروبية بزيادة تدفق اللاجئين إن لم يتم إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول إلى دول الإتحاد الأوروبي كما ينص إتفاق سابق مع تركيا. برأي الشخصي ومنذ أن سمعت بذالك الإتفاق الذي يتضمن منح تركيا ثلاثة مليارات يورو بالإضافة إلى إمتيازات أخرى إن إلتزمت تركيا ببنوده فقد علمت أنه لن يصمد طويلا لمجموعة أسباب. أول تلك الأسباب هو تركيا دولة ذات غالبية سكانية مسلمة وإعفاء مواطنيها من تاشيرة الدخول لدول الإتحاد الأوروبي(الشينغن) سوف يزيد الخلل الذي تعاني منه التركيبة السكانية. خبير العلوم السياسية والبروفيسور في جامعة هارفارد ومؤلف كتاب صراع الحضارات صاموئيل هنتجتون ذكر بإستحالة إنضمام تركيا للإتحاد الأوروبي لأن ذالك يقوض الأسس
ألمانيا في سنة 2014\2015 حققت فائضا في ميزانيتها فاق توقعات الخبراء حيث بلغ 10 مليارات دولار وفي سنة 2016 من المتوقع أن يبلغ ضعف هاذا الرقم فكان لابد من إيجاد مخرج لتلك الفوائض المالية عبر أزمة اللاجئين بدلا من أن يتم إستخدامها في المزيد من التنمية الصناعية والنهضة الحضارية مما سوف يؤدي إلى تقوية موقف ألمانيا داخل الإتحاد الأوروبي وتقوية الإتحاد الأوروبي بالمجمل في مواجهة الولايات المتحدة حيث هناك خلاف سياسي وإقتصادي حول مجموعة من القضايا خصوصا قضايا تجارية والنظام النقدي والمالي.
فرنسا في السابق كانت معارضة عنيدة لسياسة الولايات المتحدة فيما يتعلق بحرب فيتنام وخصوصا رئيس فرنسا شارل ديغول الذي كان يتمتع بشعبية غير مسبوقة بسبب قيادته المقاومة ضد الإحتلال الألماني أثناء الحرب العالمية الثانية وتحوله إلى رمز وأسطورة لبلاده. كما أن المعارضة الفرنسية كان تشمل السياسات المالية للولايات المتحدة وخصوصا خطة بريتون وودز التي أقرت الدولار الأمريكي كعملة إحتياطية عالمية حيث بدأ فرنسا وبسبب قيام الولايات المتحدة بإستغلال الإتفاقية وطباعة كمية ضخمة من الدولار لتمويل حرب فيتنام وخطة تنمية عرفت بإسم (Gun and Butter) مما أدى إلى قيام فرنسا بمطالبة الولايات المتحدة تسليمها ذهبا مقابل الدولارات الأمريكية التي تراكمت نتيجة الفائض التجاري الإيجابي لصالح فرنسا وذالك بموجب إتفاقية بريتون-وودز بسعر 35 دولار\أونصة. إن ذالك أدى إلى لحاق دول أخرى بفرنسا والمطالبة بمبادلة الدولار بالذهب بل وبإسترداد سبائكها الذهبية المودعة بسب ظروف الحرب في أوروبا في خزائن بنك الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي ووزارة الخزانة الأمريكية. النتيجة في فرنسا كانت إسقاط الرئيس الفرنسي شارل ديغول وتقديمه إستقالته سنة 1969 نتيجة مظاهرات عمت فرنسا كانت في الظاهر تتخذ الطابع اليساري والطلابي ولكنها في الباطن تحركها وتمولها منظمات ومصالح ضغط ولوبيات تتبع الرأسمالية الغربية وجهات أمريكية لم تكن تروق لها إستقلالية القرار الفرنسي بعيدا عن مصالحها ومصالح شركاتها.
كمواطنين أتراك, فالأمر سيان للحكومة التركية ويحقق لها نفس الأهداف. بالإضافة إلى ذالك فإن الرئيس التركي يهدف من تجنيس تلك الأعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين إلى ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد خصوصا من ناحية تأثير ذالك على الوضع الداخلي. أولا فهو يضمن لحزبه ولاء مئات الألاف من السوريين المجنسين الذين سوف يتم إسكانهم في مناطق يتواجد فيها مواطنون أتراك في لواء إسكندرون السوري المحتل من قبل تركيا حيث سوف تكون النتيجة تغيير التركيبة السكانية التي يغلب عليها العلويون وكذالك مناطق تسكنها غالبية سكانية كردية بالإضافة إلى أن تجنيس اللاجئين السوريين يخدم المخطط التركي بإقتطاع أجزاء من سوريا خصوصا مدينة حلب وأجزاء من ريفها بطرق مختلفة منها تصويت بالإنفصال والإنضمام لتركيا عبر تدويل القضية وبرعاية الأمم المتحدة.
إن الحديث عن كافة الجوانب التاريخية المتعلقة بأزمة إرتفاع أسعار النفط إثر حرب رمضان 1973 هو حديث قد يطول ولكن مايهمني هو أن هناك بعض دوائر صنع القرار على المستوى العالمي وجماعات الضغط ومعاهد الأبحاث ولوبيات المصالح كانت منزعجة من النهضة الصناعية الأوروبية خصوصا ألمانيا وفرنسا حيث إختل الميزان التجاري بشدة لصالح تلك الدول مقارنة بالولايات المتحدة وكانت تلك الدول الأوروبية هي المتضرر الأول من إرتفاع أسعار النفط حيث تباطئ نموها الإقتصادي بسبب إرتفاع أسعار إستهلاك النفط 400%. اليمينيون المحافظون ومعاهد الأبحاث المرتبطة بهم ينفون تلك الإحتمالية وأن أزمة إرتفاع أسعار النفط ليست أزمة مفتعلة وأن الولايات المتحدة قد قدمت الحماية العسكرية لأوروبا في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية وساهمت عبر خطة مارشال في نهضتها الإقتصادية بينما على أرض الواقع فإن ذالك تم في إطار الحرب الباردة حيث كان الإتحاد السوفياتي جاهز لملئ الفراغ وتقديم خطة مارشال شيوعية بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة إستفادت وبشدة من نفط الشرق الأوسط الرخيص في خطة مارشال حيث كانت أسعار الطاقة الرخيصة تشكل عماد التنمية الإقتصادية في اوروبا في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية.
ن إستعراض الأسباب والخلفيات التاريخية لأزمات وأحداث سابقة سوف يساعد على فهم الأحداث الحاصلة في عصرنا الحالي فبدون الماضي لا يمكننا إستشراق المستقبل. الإتحاد الأوروبي مستهدف من وراء أزمة اللاجئين فيما يمكن تشبيهه بعملية تطهير عرقي وإن كانت بأساليب أكثر حضارية من وجهة نظر إعلامية. ألمانيا كأقوى دولة أوروبية تليها فرنسا كصاحبة تاريخ سياسي حافل وعريق على رأس قائمة الدول المستهدفة في الإتحاد الأوروبي وأزمة اللاجئين هي أداة القرن 21 التي يتم تطويعها لإستخدامها كحصان طروادة ونخر الجسد الأوروبي من الداخل.
كما أن حالة العداء الأمريكي-الفرنسي إمتدت للفترة التي عاصرت غزو العراق حيث عارضت فرنسا ذالك الغزو وبشدة وعارضت إسقاط الرئيس العراق سنة 2003 حتى أنه كانت هناك مطالبات في الولايات المتحدة بتغيير الإسم الفرنسي(French Fries) إلى إسم أخر. الرئيسان الفرنسيان فرانسوا ميتران وجاك شيراك تمت محاصرتهما بفضائح التشهير وتشويه السمعة حتى بعد تركهما لمنصبيهما وأحد الأسباب الرئيسية هو معارضة غزو العراق من قبل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة وإنتقادات لسياستها الخارجية.


مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية