Flag Counter

Flag Counter

Sunday, November 24, 2019

بينما يبقى الفاعل الحقيقي متواريا عن الأنظار

رئيس شركة هاليبرتون ديك تشيني كان مهتما بالنفط أكثر من إهتمامه بالاستقرار السياسي في دول الشرق الأوسط وآسيا, المهم هو السيطرة على منابع الطاقة العالمية وخطوط نقلها. السياسة الأمريكية الكانت منع ظهور قوة منافسة خصوصا في القارة الأوراسية. ذرع بذور التفرقة بين الصين وروسيا كان أحد أهداف النخب السياسية الأمريكية التي كانت مهتمة بمنع ظهور قوة منافسة خصوصا في تلك المنطقة الحيوية من العالم. وقد تم تنفيذ تلك السياسات بطرق مختلفة مثل الغزو العسكري المباشر وتشجيع الثورات الملونة. كولن باول الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية خلال عهد بوش-تشيني أعلن فور تنصيبه أن إسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين أولوية للولايات المتحدة. العراق يمتلك ثاني أكبر احتياطي من النفط في العالم بعد المملكة العربية السعودية. بل وتشير بعض التقديرات الى أنه ربما يشغل الدولة المرتبة الأولى متفوقا على المملكة العربية السعودية.
الولايات المتحدة قامت بغزو العراق عسكريا سنة 2003 بعد فشل العقوبات الإقتصادية ومواجهتها ضغوطات المجتمع الدولي من أجل الغائها. الإدارة الأمريكية فتشت في جعبتها عن ذريعة مناسبة ولكنها كانت تفشل في ذلك مرة تلو الأخرى. في البداية حاولت توريط العراق بخصوص أحداث سبتمبر/11 ومن ثم القضية الكردية حتى وجدت في أسلحة الدمار الشامل ذريعة مناسبة معتمدة على تقارير كاذبة وشهادات لمواطنين عراقيين لاجئين إخترعوا الأكاذيب في سبيل قبول طلبات لجوئهم في أوروبا والولايات المتحدة. دول غربية مثل فرنسا والولايات المتحدة قامت ببيع العراق أسلحة كيميائية خلال فترة الثمانينيات ولكن العراق لم يكن يملك تكنولوجيا لإنتاجها.
شركات النفط الأمريكية ولوبيات الضغط والمصالح المرتبطة بها لم تكن تنظر بعين الرضا الى سيطرة شركات من فرنسا, الإتحاد السوفياتي والصين على نفط العراق وتزايد نفوذها السياسي فيه. وخلال مرحلة لاحقة في الفترة التي سبقت سنة 2003, بدأ العراق بقبول عملات أخرى مثل اليورو ثمنا مقابل النفط الذي كان يبيعه الى دول أوروبية. النفط العراقي كان من النوع الخام الخفيف وسهل التكرير ويكلف إستخراج البرميل أقل من دولار واحد. كما أن العراق قد منع الشركات الأمريكية والبريطانية من العمل في إستخراج النفط العراقي منذ تأميم حقوله النفطية سنة 1972. بتاريخ أكتوبر/2002, صدر تقرير أمريكية من 500 صفحة حول السياسات التي يتوجب إتباعها من أجل السيطرة على نفط العراق بعد الغزو, وزارة النفط العراقية كانت أول مبنى تسيطر عليه القوات الأمريكية حتى قبل أن تكتمل عملية السيطرة على بغداد عسكريا. نائب وزير الدفاع الأمريكي بول وولفويتز كان قد صرَّح بأن غزو العراق كان بهدف السيطرة على النفط ولم يكن له أي علاقة بالحرب على الإرهاب. وولفويتز صرَّحَ خلال مؤتمر في سنغافورا عقد بتاريخ يونيو/2003 بأن الفرق بين كوريا الشمالية والعراق كان أنَّ العراق يعوم على بحر من النفط. سنة 2009, بعد ستة سنين من غزو العراق الذي تحول الى إحتلال, مازال إنتاج النفط لم يصل الى مستوياته قبل الغزو. الشركات الأمريكية والبريطانية لم تكن مهتمة بعودة إنتاج العراق من النفط الى كامل مستواه وانخفاض سعر النفط نتيجة زيادة مستوى المعروض عن الطلب.
حتى في سوريا التي كان من المفترض أن يمر من خلالها خط أنابيب لنقل النفط والغاز, المشروع الذي حاولت قطر إقناع القيادة السورية بالموافقة عليه, كانت ضحية نسخة من الثورات الملونة عرفت بإسم الربيع العربي حيث تدفق الى سوريا وبدعم أمريكي, بريطاني وفرنسي عشرات الآلاف من الأصوليين ممن قاتلوا في أفغانستان وفي بقاع ساخنة أخرى حول العالم.
زيغينو بريجينسكي, مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق وعراب تنظيم القاعدة وأسامة إبن لادن, كشف سنة 1997 عن الإستراتيجية الأمريكية العالمية بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي والتي تتلخص في منع تحدي الهيمنة الأمريكية من منافسين في المنطقة الأوراسية. تحالف الصين وروسيا في المنطقة الأوراسية قد يشكل ضربة قوية تضعف من الهيمنة الأمريكية على العالم. الغزو العسكري المباشر هي إحدى الوسائل التي استخدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا لتحقيق الهدف المتمثل بالسيطرة على منابع الطاقة وخطوط نقلها. تنفيذ عمليات اغتيال انتقائية بواسطة طائرات من دون طيار هي وسيلة أخرى. بينما الوسيلة الأكثر شيوعا حاليا هي مايسمى الثورات الملونة مثل تلك التي في جورجيا, أوكرانيا والربيع العربي. تنفيذ عمليات إنقلاب بإسم القوى المدنية والحرية وحقوق الإنسان تحقق الأهداف الأمريكية في تنصيب أنظمة موالية لمصالح شركات النفط الأمريكية والبريطانية بشكل رئيسي بينما يبقى الفاعل الحقيقي متواريا عن الأنظار.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

زلماي خليل زاده وزيغينو بريجينسكي, وجهان لعملة واحدة

خلال الفترة التي تلت انتهاء الحرب الباردة وانهيار جدار برلين, برز على الساحة الدولية عدوان مستقبليان للولايات المتحدة, روسيا والصين. أي تحالف بين الدولتين في المنطقة الأوراسية سوف يعرض الهيمنة الأمريكية على العالم للخطر. الإستراتيجية الأمريكية كانت تعتمد على مبدأ بريطاني قديم وهو التحالف مع العدو الضعيف ضد العدو الأكثر قوة وخطرا, الولايات المتحدة تحالفت مع الصين ضد روسيا. الولايات المتحدة استغلت حالة التنافس الصيني-الروسي منذ أيام الإتحاد السوفياتي والحرب الباردة خصوصا في أفغانستان حيث ساهمت الصين في هزيمة القوات السوفياتية وبالتالي إنهيار الإتحاد السوفياتي. في إحدى حلقات برنامج رحلة في الذاكرة الذي يقدمه على قناة روسيا اليوم الإعلامي خالد الرشد حيث صرَّح ضيف البرنامج رئيس هيئة الأركان السوفياتية السابق الجنرال نورات تير-غريغوريانس بأن الهدف الحقيقي من دخول قوات الإتحاد السوفياتي الى أفغانستان كان من أجل صد عدوان صيني محتمل يستخدم الحدود بين تركستان الشرقية وأفغانستان نقطة إنطلاق بإعتبارها خاصرة رخوة على حدود الإتحاد السوفياتي.
الولايات المتحدة حاولت استمالة الصين منذ نهاية الثمانينيات حيث تم إفتتاح مصنع شركة كوكا-كولا الأمريكية سنة 1978 وبدأت الشركات الأمريكية مستفيدة من العمالة الرخيصة بنقل أعمالها الى الصين حيث تم إفتتاح عدد من المصانع التي تتبع شركات أمريكية كبرى. إن العلاقة بين الصين والاتحاد السوفياتي خلال تلك الفترة لم تكن على مايرام خصوصا أن المسؤولين عن السياسة الخارجية في الصين كانوا ينظرون الى الإتحاد السوفياتي على أنه عدو يتوجب عليهم هزيمته. ولكن كل ذلك تغير منذ بداية الألفية الجديدة حيث بدأت الإدارة الأمريكية تشعر بالتحدي الذي تمثله الصين للمصالح الأمريكية بدرجة أكبر من روسيا التي كانت تواجه بداية سنة 1998 أزمة ديون سيادية تهددها بإعلان الإفلاس والعجز عن الوفاء بالتزاماتها.
الحرب على الإرهاب التي أعلنها الرئيس جورج بوش الابن خلال الفترة التي تلت أحداث 11/سبتمبر كانت فرصة لاتعوض للإدارة الأمريكية من أجل إستخدامها في تحقيق تقدم جيو-سياسي على خصومها خصوصا الصين. النخب السياسية ومعاهد الأبحاث الصينية كانت تشكِّكُ في الدوافع التي من أجلها قامت الولايات المتحدة بغزو العراق حيث ألغت حكومة الحاكم الأمريكي للعراق بول بريمر عقود التنقيب عن النفط التي كانت ممنوحة في السابق الى شركات من الصين وروسيا وإستولت شركات أمريكية وبريطانية على كامل الثروة النفطية العراقية. القيادة السياسية الصينية كانت ترى أن غزو العراق بالمخالفة لقرارات الأمم المتحدة هي ضربة مباشرة موجهة الى الصين وخطوة في طريق فرض حصار عليها خصوصا في مجال إمدادات الطاقة حيث مازالت مقولة وزير الخارجية الأمريكي السابق "من يسيطر على النفط, يسيطر على العالم," حاضرة بقوة في أذهانهم.
فريق العمل في مجال الطاقة الذي شكله الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن برئاسة نائبه ديك تشيني نشر تقريرا في يونيو/2001 قبل 5 أشهر من أحداث 11/سبتمبر وسنتين من غزو العراق ملخصه التالي: دول آسيا تحتوي على 5% من احتياطي النفط العالمي, 10% من حجم الإنتاج و30% من الإستهلاك. إن واردات دول حوض الباسيفيكي من النفط سوف تزيد 43% خلال الفترة 1997-2020 وسوف تبقى معتمدة على واردات النفط من الشرق الأوسط(70%). استهلاك الصين من النفط, إحدى الدول التي أشار إليها التقرير, سوف يزداد من مليون برميل/يوم الى 5-8 ملايين برميل/يوم. الصين في منتصف التسعينيات تحولت من مصدِّر الى مستورد للنفط وتعتمد بشكل رئيسي على النفط المستورد من دول شرق أوسطية.
الولايات المتحدة ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية تتواجد عسكريا في 700 موقع حول العالم خصوصا في الشرق الأوسط وأفريقيا حيث حقول النفط والثروات المعدنية. سنة 2000, القوات الجوية الأمريكية طلبت من معهد راند للأبحاث التابع لليمين المحافظ إعداد تقرير حول سياسات الصين في مجال الطاقة وصولا الى سنة 2020 وذلك في الوقت نفسه الذي كان نائب الرئيس ديك تشيني يروج من خلال (PNAC) لإسقاط النظام العراقي. المسؤول عن إعداد التقرير في مركز راند للأبحاث لم يكن إلا زلماي خليل زاده. التقرير الذي أصدره معهد راند إحتوى على تحليل حول شعور القيادة الصينية بالقلق من تحول الصين من مصدِّر الى مستورد للنفط ومن أن الولايات المتحدة في موقع يمكِّنها من تهديد واردات الصين من الطاقة.
إن زلماي خليل زاده ليس غريبا عن دوائر صنع القرار والنخب السياسية الأمريكية فهو أحد مهندسي الحرب الأمريكية على العراق وأفغانستان. زلماي خليل زاده مواطن أمريكي من أصول أفغانية مقرب من البيت الأبيض ونائب الرئيس ديك تشيني حيث شارك في تأسيس (PNAC). كما أنه عمل مع زيغينو بريجينسكي في جامعة كولومبيا وفي إدارة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان. زيغينو بريجينسكي و زلماي خليل زاده هما من أخرج فكرة إستخدام الأصولية الإسلامية ضد الإتحاد السوفياتي في أفغانستان من القمقم حيث تم تمويل وتدريب وتسليح عشرات الآلاف من العرب والمسلمين من بلدان مختلفة بإسم الجهاد المقدس ضد الشيوعية الملحدة. وخلال الفترة التي سبقت إنضمامه الى إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن, فقد عمل زلماي خليل زاده مع أحد عملاء الحكومة الأمريكية حامد كرزاي  الذي أصبح فيما بعد رئيسا لأفغانستان, وذلك بالنيابة عن شركة النفط الأمريكية يونوكال(Unocal) من أجل التفاوض مع حركة طالبان على مرور خط أنابيب لنقل النفط من خلال الأراضي الأفغانية.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

الفوضى الخلاقة والثورات الملونة حيث تفوح رائحة الدولار الأمريكي

النخب السياسية الأمريكية والبريطانية كانت دائما تبحث عن وسائل لتنفيذ مخططاتها تحقيق السيطرة على ثروات الوطن العربي وشمال أفريقيا بدون تدخل عسكري مباشر ومخاطرة بخسارة أرواح مئات من الجنود مما قد يشكِّلُ ضغطا سياسيا شعبيا كما حصل خلال حرب فيتنام. وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس كانت تروِّج للفوضى الخلاقة(Creative Choas) وذلك في حديث لصحيفة الواشنطون بوست بداية عام 2005. الهدف من نشر الفوضى الخلاقة هو إعادة تشكيل خريطة الوطن العربي وفق الأهواء الأمريكي أو مايعرف "الشرق الأوسط الجديد." الديمقراطية وفق المفهوم الأمريكي هي أن تنصاع القيادة السياسية في بلد ما الى الإرادة الأمريكية وإلا سوف يتم ضمها الى دول محور الشر ويتم إطلاق مؤسسات حقوق الإنسان وغيرها من المؤسسات التي تخضع أهداف عملها للأجندات السياسية للدول الكبرى. 
بتاريخ 4/يونيو/2009, القى الرئيس الأمريكي باراك أوباما خطبة في جامعة القاهرة كانت يراد منها أن تفهم على أنها خطوة تتخذها الولايات المتحدة في محاولة لتلميع صورتها في العالم العربي التي علقت فيها الكثير من الشوائب خلال فترة حكم الرئيس السابق جورج بوش الإبن. الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك لم يحضر الخطاب مما أثار الكثير من اللغط حيث قيل أنه رفض حضوره بعد رفع تقارير اليه أن الولايات المتحدة تعمل على تغيير نظام الحكم في مصر وقيل أن باراك أوباما  رفض حضوره مما جعل محمد حسني مبارك يشعر بالتوتر ويصرح لكبار مساعديه وأعضاء حزبه في إجتماع مغلق:"فيه حاجة هتحصل، بس إمتى مش عارف." باراك أوباما لم يكن مختلفا عن سابقه في التزامه بنشر الفوضى الخلاقة وخريطة الشرق الأوسط الجديد, إلا أنه كان يختلف عنه في أسلوب التنفيذ, حروب الجيل الرابع وعمليات غزو عسكري غير مباشرة عبر عملاء على الأرض, عمليات طائرات بدون طيار وإستخدام تنظيمات الإسلام السياسي هي الأدوات التي كان يفضل باراك أوباما إستخدامها بعكس سلفه الذي كان يفضل الغزو العسكري المباشر.
إن أحداث الربيع العربي ليست ثورات أشخاص لهم مطالب معيشية وسياسية يمكن تلخيصها بالحياة الكريمة وحرية الرأي والمشاركة السياسية, بل سلسلة من الأحداث المتلاحقة في أكثر من بلد عربي تم التخطيط لها منذ عدة سنين في معاهد الأبحاث الأمريكية والبريطانية وكانت تنتظر اللحظة المناسبة للتنفيذ. وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية الرئيسية مثل نيويورك تايمز, سي إن إن وبي بي سي بدأت منذ أكتوبر/2010 الترويج للثورات الديمقراطية أو ديمقراطية الشعوب التي بدأت تنتشر في الشرق الأوسط بداية من ثورة الياسمين في تونس حيث امتدت الى مصر وفي مرحلة لاحقة الى ليبيا وسوريا وحتى في سلطنة عمان. التسمية ليس مهمة, ربيع عربي, ثورة ياسمين, ثورات ملونة برتقالية أو صفراء أو ثورات بلون قوس قزح, الهدف هو إحداث تغيير في أنظمة الحكم السياسية تقبل بالهيمنة الأمريكية المطلقة وتراعي مصالح الولايات المتحدة. إن المنظمات الغير حكومية(NGO) التي لعبت دورا فاعلا في أحداث الربيع العربي لم تكن إلا غطاء لعمل أجهزة أمنية غربية وعملائها حتى يتحكموا في مسار الأحداث و يتابعونها أولا بأول. أولئك العملاء ليس بالضرورة أن يكون أجانب خصوصا أن الكثير من الشباب المصري, التونسي, الليبي والسوري قد تلقى تدريبات في الخارج ودورات على قلب أنظمة الحكم بإستخدام اللاعنف حيث تم تمويل تلك الدورات من المنظمات اللاحكومية مثل منظمة كانفاس الصربية ومنظمة فريدوم هاوس التي تتبع جورج سوروس وغيرها من منظمات المجتمع المدني.
بتاريخ 7/10/2010, أحرق بائع تونسي متجول نفسه أمام دار البلدية في مدينة سيدي بوزيد بعد جدال مع شرطية البلدية ومصادرة بضاعته فاشتعلت تونس بالمظاهرات وكانت بداية الربيع العربي ما يسمى "ثورة الياسمين." شرطية البلدية لم تعتدي على البوعزيز ولم تصفعه على وجهه ولكنها كانت تقوم على تطبيق القانون الذي يمنع البيع على عربة متجولة إلا في أماكن محددة بترخيص من البلدية. وفي مصر, انتقلت عدوى المظاهرات التي عرفت 25/يناير حيث لعب مدير غوغل في الشرق الأوسط وإفريقيا, وائل غنيم, دورا رئيسا فيها من خلال صفحة كلنا خالد سعيد التي كان مسؤولا عنها. خالد سعيد هو النسخة المصرية من البوعزيزي في تونس, تاجر مخدرات(ديلر) لاحقته الشرطة المصرية وتوفي اختناقا بلفافة حشيش حاول ابتلاعها في محاولة لإخفاء دليل إدانته. وائل غنيم إستغل صورا تم تسريبها لخالد سعيد بعد تشريح جثته أصولا وبدأ بنشر مزاعم أنه توفي نتيجة تعذيب الشرطة المصرية. البداية هي نفسها في كل بلد مع إختلاف بسيط في التفاصيل, بائع متجول ينتحر أو موزع مخدرات توفي نتيجة التعذيب أو طفل إعتقلته قوات الأمن.
جوليان أسانج, مؤسس موقع ويكيليكس والذي يَنسِبُ الفضل الى نفسه في  إشعال شرارة الربيع العربي, نشر وثائق تم تسريبها حول عشاء جمع بين السفير الأمريكي في ليبيا وصهر الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. المعارضة التونسية التي نظرت الى التقرير المسرب على أنه إشارة من الإدارة الأمريكية عن عدم رضاها عن نظام الرئيس التونسي قد بدأت بإستغلال ذلك في الدعاية ضد نظام الحكم في تونس. ولكن جوليان أسانج هو شخص حامت حوله وموقعه الكثير من الشبهات. فقد كان الكثيرون ينظرون اليه على أنه مجرد عميل يقوم بتسريب معلومات أو وثائق سرية وفق خطة مدروسة والهدف محدد. كميات هائلة من الوثائق والبرقيات السرية التي يستحيل أن يكون تسريبها عشوائي أو بسبب الإهمال. ولقد تم إلصاق التهمة بجندي كان يخدم في القوات الأمريكية في العراق وتم اعتقاله ومحاكمته وسجنه ولكن الوثائق المصنفة سرية استمرت بالظهور. أمل علم الدين أو التي اشتهرت بإسم أمل كلوني بعد زواجها من نجم هوليود الشهير هي محامية جوليان أسانج وهي معروفة بأنها من مؤيدي منظمات المجتمع المدني. كما أنها صديقة مقربة لجاريد كوهين من كبار الموظفين في شركة غوغل والمعروف بتأييده للثورات الملونة. الممثل الهوليودي الشهير جورج كلوني هو أيضا مؤيد للثورات الملونة ومنظمات المجتمع المدني. وقد ساهم في شراء صور أقمار صناعية من شركة خاصة لتحركات الجيش السوداني وإرسالها الى المتمردين الجنوبيين.
إن ماحدث في تونس ليس له أي علاقة بثورة ياسمين وديمقراطية الشعوب بل إنقلاب أبيض قام به الجيش بدعم أمريكي. وزير الدفاع التونسي رضا قريرة الذي كان قد عاد من زيارة ناجحة الى الولايات المتحدة في مايو/2010 حتى إستقبل في تونس رئيس القيادة الأمريكية-الأفريقية(أفريكوم-AFRICOM) الجنرال وليام وورد. الجيش التونسي كان يمسك بخيوط اللعبة من خلف الستار حيث أبلغوا زين العابدين بن علي بأن الجيش لايمكن أن يقدم له الدعم وأن عليه المغادرة وذلك ماكان. نجاح ثورة الياسمين في تونس كان عاملا مشجعا في دول أخرى على قيام ثورات مماثلة في مصر, ليبيا, سوريا والجزائر. حتى أن صحيفة نيويورك تايمز قد بدأت تنشر مقالات بداية سنة 2011 تحرض على ثورة ياسمين في الصين
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

الربيع الليبي برعاية مؤسسة راند, فريدوم هاوس وتمويل جورج سوروس

إن مؤسسة فريدوم هاوس, منظمة غير حكومية, والهيئة الوطنية لنشر الديمقراطية(NED-National Endowment for Democracy), مؤسسة يتم تمويلها حكوميا لعبتا دورا حيويا و مركزيا في لعبة الربيع العربي التي هدفت في الظاهر الى نشر الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان بينما هدفها الغير معلن هو إعادة رسم خارطة المنطقة أو مايعرف بإسم (سايكس-بيكو 2). ليبيا كانت الهدف القادم لعمليات التدخل الغربي بإسم حقوق الإنسان. ولكن إزاحة معمر القذافي من الحكم لم تكن بسهولة تونس أو مصر. معمر القذافي كان مستمرا في الحكم 42 سنة حيث كانت هناك الكثير من الإنجازات في ليبيا:
1- أقل نسبة أمية في القارة الأفريقية لا تزيد عن 10% بينما كانت تبلغ 90% في نهاية العهد الملكي السابق.
2- أعلى معدل عمر للمواطن الليبي في أفريقيا.
3- أقل من 5% من السكان يعانون من سوء التغذية, نسبة أقل من الولايات المتحدة.
4- نسبة أقل من الليبيين كانت تعيش تحت خط الفقر من دولة مثل هولندا.
5- معمر القذافي ألغى كافة الضرائب على المواد الغذائية والمحاصيل الزراعية التي زادت أسعارها خصوصا بداية سنة 2007/2008.
6- الخدمات الصحية والتعليمية كانت مدعومة حكوميا. كما أن وقود السيارات كانت الأرخص في القارة.
دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة, بريطانيا, فرنسا وإيطاليا على وجه الخصوص لم تكن راضية عن نظام الرئيس معمر القذافي بسبب إحكام السيطرة على الثروة النفطية وحرمان الشركات الغربية منها. كما أن مشاركة الصين شركة النفط الوطنية الليبية في التنقيب عن النفط واستخراجه كان أمرا جعل التخلص من الرئيس الليبي أمرا له أولوية في أجندات النخب السياسية الغربية ولوبيات الضغط التي تتبع شركات النفط. كما أن هناك سببا رئيسيا جعل الولايات المتحدة تشعر بالقلق من نظام الحكم الليبي وهو أن معمر القذافي كان يستخدم نفوذه في دول إفريقية حتى يحرضها على الإمتناع عن بيع النفط والثروات الطبيعية الأخرى إلا مقابل الدينار الذهبي الإفريقي. الولايات المتحدة دعمت في السر أمين عام جامعة الدول العربي عمرو موسى في مسعاه لرئاسة مصر خلفا لمحمد حسني مبارك مقابل استصدار إجماع في جامعة الدول العربية للموافقة على تدخل دول غربية عسكريا في ليبيا وتقديم الدعم العسكري الى مرتزقة وأفراد من المعارضة الليبية لإسقاط نظام حكم معمر القذافي بالقوة المسلحة.
إن عملية التدخل العسكري لإسقاط نظام حكم دولة ذات سيادة وبدون نقاش كافي حول صحة المزاعم التي تم استخدامها لتبرير عملية التدخل قد سجل سابقة خطيرة في تاريخ الأمم المتحدة. الرئيس الليبي لم يخرق أي قانون من قوانين الأمم المتحدة والمزاعم عن قصف المدنيين بالطائرات الحربية هي مزاعم كاذبة و بروباغندا مضللة. الحرب في ليبيا التي تم الترويج لها أنها لأسباب إنسانية قد كانت مسؤولة عن تدمير مدن ليبية مثل مدينة سرت على رؤوس أهلها وتهجير مئات الآلاف من الليبيين وحملة تطهير وتصفية حسابات قتل خلالها عشرات الآلاف من الليبيين. عملية التدخل العسكري الغربي في ليبيا قتلت من الليبيين أكثر من الذي يزعم الإعلام الغربي أن معمر القذافي كان مسؤولا عن وفاتهم طوال 42 هي فترة حكمه ليبيا. المسؤولية لتقديم الحماية(Responsibility to Protect) هو المبدأ الذي تم إستخدامه لتبرير التدخل العسكري الغربي في ليبيا كما تم إنشاء المركز العالمي للمسؤولية عن الحماية(The Global Center for the Responsibility to Protect) بمشاركة مؤسسات مثل هيئة حقوق الإنسان وأوكسفام الدولية ومؤسسات أخرى جميعها تتلقى التمويل من دائرة صغيرة من المتبرعين.
النهاية

التنين الصيني يتوجه نحو إفريقيا والهدف هو النفط

سنة 2004, تجاوزت الصين اليابان لتصبح ثاني أكبر مستورد للنفط في العالم.ومع مستوى نمو في استهلاك النفط يبلغ 10%-15% سنويا حيث استمرت الطبقة الوسطى في النمو وكذلك أعداد السيارات على الطرقات في الصين. استهلاك الصين من النفط سوف يبلغ 11 مليون برميل مقارنة مع 2 مليون برميل سنة 2002. القيادة الصينية تدرك حساسية موقفها فيما يتعلق بإمدادت الطاقة وخطوط نقلها خصوصا تلك التي  تمر عبر المحيط الهندي الى شمال-شرق آسيا وذلك في حال نشوب نزاع حول تايوان حيث تتواجد الأساطيل البحرية الأمريكية في المنطقة. ولقد أصبح واضحا منذ بداية سنة 2005 أن الصين تعمل على اللحاق بركب الدول الصناعية الكبرى. القيادة الصينية بدأت في مواكبة ذلك عن طريق شركات النفط الصينية التي بدأت تجوب العالم بحثا عن الاستثمار في مجال النفط خصوصا في أفريقيا والشرق الأوسط حيث تجاوزت صادرات السعودية من النفط الى الصين تلك التي وجهتها الى الولايات المتحدة.
إن تركيز القيادة الصينية كان على مجموعة مختارة من الدول الأفريقية التي كانت تعاني أوضاعا اقتصادية صعبة بسبب أزمة الديون خلال الثمانينيات والتسعينيات ومن شروط صندوق النقد الدولي المجحفة. سنة 2000 تم تأسيس منتدى التعاون الصيني-الأفريقي حيث وصل حجم التبادل التجاري من 6 مليار دولار سنة 1999 الى 30 مليار دولار سنة 2004 مقارنة بحجم تبادل تجاري مع الولايات المتحدة بلغ 59 مليار دولار خلال نفس الفترة. إن حجم التبادل التجاري بين الصين وأفريقيا كان ينمو بمعدل 50% سنويا حيث أن أبواب أفريقيا فتحت للصين: قروض بدون فوائد أو فوائد مخفضة, تمويل مشاريع بنية تحتية ومنح دراسية للطلاب الأفارقة. ولكن في عالم الإقتصاد والسياسة, لا أحد سوف يمنحك غداء مجاني, ثروات أفريقيا خصوصا النفط والمواد الخام تسيل لها لعاب الشركات خصوصا الصينية. إن نسبة 25% من واردات النفط الصينية مصدرها بلدان أفريقية بحسب تقرير نشره معهد التراث(Heritage Foundation) وهو مؤسسة أبحاث تنتمي لليمين المحافظ.
دول غربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا أهملت القارة الأفريقية بدرجة كبيرة. القيادة الصينية تحركت بهدوء وصمت حتى تملئ الفراغ حيث قام الرئيس الصيني هو جينتاو بزيارة رسمية الى كل من الجزائر, الغابون ونيجيريا لعقد صفقات في مجال النفط. القيادة الصينية وافقت على منح أنغولا قرضا بقيمة ملياري دولار مقابل إستثمارات في مجال النفط و ألحقتها سنة 2005 بصفقة مع نيجيريا بلغت قيمتها 800 مليون دولار. شركة الصين الوطنية لحقول النفط البحرية(CNOOC) قامت بشراء حصة بلغت 45% من حقول نفط في نيجيريا مقابل 2.27 مليار دولار مع وعود بإنفاق 2.25 مليار دولار أخرى لتكوير الحقول وبنيتها التحتية. شركة البتروكيماويات الوطنية الصينية(SINOPEC) وقعت صفقة مع دولة الغابون للاستثمار في حقول النفط البحرية والبحرية. سنة 2006, استضافت الصين مؤتمر التعاون الصيني-الأفريقي حضره ممثلون عن 46 دولة أفريقية بينهم 43 رئيسا. وبعد فترة قصيرة من إنقضاء أعمال المؤتمر, قام وزير الخارجية الصيني (Li Zhaoxing) بزيارة شملت 7 دول أفريقية منها بوتسوانا, أرتيريا وبينين. ولكن آراء بعض موظفي الإدارة الأمريكية ومنهم برينغتون ليمان, سفير الولايات المتحدة السابق في كل من نيجيريا وإفريقيا الجنوبية, أن أبعاد التحركات الصينية في إفريقيا ليست متعلقة حصريا بتأمين مصادر النفط بل بنظرة مستقبلية تعتبر أفريقيا سوقا واسعة للمنتجات الصينية ومصدرا مهما للمواد الأولية المعدنية والزراعية على حد سواء.
النفط هو أصل كل حروب العالم ومشاكله العرقية والإثنية والحروب الأهلية. هناك أمثلة عديدة ولكن الصراع في دارفور رغم دمويته إلا أن الإعلام لم يسلط أضوائه على حقيقة الصراع وحصره بصراع بين العرب والأفارقة السودانيين أو أنه صراع قبلي تدخلت فيه الحكومة السودانية عبر إرسال مقاتلين يعرفون (الجنجويد) وتعني الراكبون على الخيول. الولايات المتحدة الأمريكية وأذنابها في الوطن العربي وفي السودان قد تآمروا على تقسيم ذلك البلد الأفريقي الذي كان قادرا على أن يكون سلة الغذاء للوطن العربي لو تم إستغلال قدرات وطاقات أهله. ولكن مالم يعرفه الكثيرون أن السودان خصوصا في منطقة دارفور يحتوي على إحتياطيات هائلة من النفط غير مستغلة ولا يتم الحديث عن ذلك في الإعلام. شركة النفط الوطنية الصينية(CNPC) إستثمرت أكثر من 5 مليارات دولار في تطوير حقول النفط في السودان. كما أن الشركات الصينية التي تعمل في مجال التنقيب عن النفط قد استثمرت 15 مليار دولار في مجال النفط في السودان منذ سنة 1999. إن ما نسبته 80% من إنتاج النفط في السودان والمقدر 500 ألف برميل كان يتم تصديره الى الصين من ميناء السودان على البحر الأحمر حيث قامت الصين ببناء خط أنابيب من جنوب السودان. إن 8% من استهلاك الصين من النفط مصدره حقول النفط في السودان خصوصا في الجنوب ودارفور.
الولايات المتحدة كانت تشعر بالقلق حيال زيادة الاستثمارات الصينية في السودان خصوصا في مجال النفط. شركات التنقيب عن النفط الصينية التي تعمل في السودان قد نجحت في إكتشاف حقل نفطي في منطقة دارفور يمتد الى دولة تشاد والكاميرون. سنة 2003, وهي السنة التي وقعت فيها الدولتان اتفاقية من أجل استغلال حقول النفط في دارفور, بدأت حرب عصابات ضد القوات الحكومية السودانية وإنفجرت أعمال عنف في منطقة دارفور. وزير العدل السوداني السوداني عبد الباسط سبدرات ذكر خلال مقابلة له مع صحيفة لوس أنجلوس تايمز أن الولايات المتحدة ضغطت على السودان من أجل التخلي عن شراكته مع الصين خصوصا في مجال النفط ولكن الجواب السوداني كان الرفض. وزير الخارجية الأمريكي كولن باول بدأ بعزف على نغمة حقوق الإنسان والمجازر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وذلك ضمن حملة بروباغندا حيث طالب بتدخل قوات الناتو في دارفور. الولايات المتحدة كانت تقدم الدعم لنظام الرئيس التشادي إدريس ديبي حيث كانت المعارضة الدارفورية تتخذ من تشاد قاعدة من أجل شن هجمات ضد قوات الحكومة السودانية. المعارضة الدارفورية كانت تتلقى التمويل والتسليح والتدريب من الولايات المتحدة عبر نظام الرئيس إدريس ديبي. شركة شيفرون النفطية الأمريكية كانت تستثمر في مجال حقول النفط في دولة تشاد.
الولايات المتحدة كانت تأخذ الخطوات التي تقوم بها الصين في إفريقيا بجدية حيث وأنه في الوقت نفسه الذي كانت تقدم فيه الدعم للمعارضة السودانية في الجنوب بقيادة جون قرنق, تم الإعلام عن أفريكوم(AFRICOM) سنة 2005. الهدف من تشكيل أفريكوم كان الحفاظ على استقرار القارة الإفريقية ضمن إطار وأهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة. ولكن أفريقا ليست الساحة الدولية الوحيد حيث ردت من خلالها الولايات المتحدة على الطموحات الصينية في مجال الطاقة. في بورما(ميانمار), قام راهب بوذي متعصب بتحريض أمريكي بارتكاب جرائم ضد المسلمين والمسيحيين على حد سواء. بورما كانت تعتبر ضمن خطة الصين من أجل بناء خط أنابيب لنقل النفط الى مقاطعة شينجيانغ والتي كانت الحكومة الصينية تخطط بناء ميناء فيها. المقاطعة المذكورة تسكنها نسبة من السكان المسلمين(الإيغور) من أصول تركية حيث يثير بعضهم بتحريض من الولايات المتحدة وبريطانيا الشغب بين فترة وأخرى ويرتكبون بعض الأعمال الإرهابية. مقاطعة شينجيانغ هي مركز عبور رئيسي لخطوط النفط والغاز خصوصا من كازاخستان الى الصين.

النهاية

أوكرانيا وأذربيجان, ضحايا الثورات الملونة وحروب النفط الأمريكية

إن دولة أذربيجان وحقول النفط في باكو تحتوي على تقديرات إحتياطي تقدر 178 مليار برميل مما يجعلها ثالث أكبر إحتياطي بعد المملكة العربية السعودية والعراق. وسائل إعلامية تتلقى تمويلا من شركات نفط أمريكية وبريطانية بدأت في التقليل من أهمية حقول النفط في باكو من أجل إبعاد أنظار المستثمرين عن إستغلال تلك الثروة النفطية. ولكن في الوقت نفسه, تحركت شركات أمريكية وبريطانية بصمت ونجحت في تحويل بحر قزوين الى بحيرة غريبة ولم يبقى عقبة أمامها سوى إيران. 
في سنة 2005 وبحضور زيغينو بريجينسكي, تم إفتتاح مشروع  خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان(BTC) في محاولة لإضعاف الهيمنة الروسية على واردات الطاقة الى أوروبا. زيغينو بريجنسكي كان يعمل لصالح شركة بريتيش بتروليوم منذ التسعينيات إضافة الى عضويته في الغرفة التجارية الأمريكية-الأذربيجانية(USACC) التي كان مديرها هو نفسه رئيس شركة أكسون-موبيل الأمريكية. أعضاء آخرون في (USACC) منهم جيمس بيكر, وزير الخارجية الأمريكي السابق وهنري كيسنجر كانوا أعضاء في (USACC) وزاروا أذربيجان سنة 2003 لإقناع الرئيس إدوارد شيفاردنادزه, وزير خارجية الإتحاد السوفياتي السابق من حقبة الحرب الباردة, التنازل عن الرئاسة لصالح ميخائيل ساكاشفيلي خريج كلية الحقوق في جامعة كولومبيا الأمريكية والموالي للغرب. إدوارد شيفاردنادزه لم يقبل وتمت الإطاحة به من خلال ثورة ملونة عرفت بإسم(ثورة الزهور) سنة 2003 حيث تم تنصيب ميخائيل ساكاشفيلي رئيسا والذي كان أول مشروع له هو الدعوة للانضمام الى الناتو, أمر لم تكن روسيا راضية عنه.
أوكرانيا كانت ضحية أخرى من ضحايا الثورات الملونة التي تفوح منها روائح النفط والغاز. بعد مضي ثلاثة أشهر على الإنقلاب الملون في جورجيا, أوصل إنقلاب ملون آخر(الثورة البرتقالية) فيكتور يوشتشينكو الى منصب الرئاسة. يوشتشينكو  كان متزوجا من مواطنة أمريكية عملت في السابق في إدارة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان. وزارة الخارجية الأمريكية أنفقت بسخاء على حملات دعائية و بروباغندا إعلامية لإنجاح الثورة البرتقالية وإيصال رجلها الى كرسي الحكم. أوكرانيا لها أهمية إستراتيجية لأمن خطوط نقل وإنتاج النفط في روسيا الاتحادية والولايات المتحدة كانت مدركة لتلك الحقيقة. خطوط نقل الغاز الروسية الى أوروبا تمر بالأراضي الأوكرانية المضطربة سياسيا بسبب تدخل دول غربية في شؤونها الداخلية في محاولة لحصار روسيا وإضعافها. 
دخول دول مثل جورجيا وأوكرانيا في عضوية الإتحاد الأوروبي والناتو وانضمامها الى بولندا يعني أن عملية محاصرة روسيا قد قاربت على الإنتهاء أو هكذا كان يظن. حيث وأنه بحلول سنة 2004, كانت شركات نفط غربية قد نجحت في توقيع اتفاقيات تنقيب عن النفط في أراضي روسيا الإتحادية خلال فترة حكم الرئيس السابق بوريس يلتسين. شركة بريتيش بتروليوم نجحت في الاستحواذ على حصة مؤثرة من شركة النفط الروسية الخاصة(Lukoil) بينما نجحت شركتا إكسون-موبيل الأمريكية ورويال دتش شل الهولندية في تأمين سيطرتهم على حقول تنقيب النفط في أقصى الشرق بالقرب من جزيرة سخالين. في سنة 2004, كانت دوائر صنع القرار الغربية قد آمنت أنها سيطرتها على روسيا الإتحادية قد اكتملت وأن الدب الروسي قد تم إحتوائه.

النهاية

Sunday, November 17, 2019

أكلت يوم أكل الثور الأبيض

إن اللحظات التي تكتب بداية الحرب على الجمهورية الإسلامية الإيرانية كما يتمنى بعض دهاقنة التياسة الذين ينعقون في الفضائيات أو يكتبون في الصحف والمنتديات هي نفس اللحظات التي سوف تعلن بداية النهاية للمملكة العربية السعودية أو المملكة الرابعة كما يروِّج بعض أولئك الحمقى الذين يقتاتون من غبائهم ويعبرون عن آرائهم في كتابات تفوح منها رائحة الطائفية العفنة. الولايات المتحدة بعد توجيه ضربة عسكرية الى إيران كما يحلم بعض أولئك الحمقى سوف تبدأ البحث عن هدفها التالي في المنطقة. في كليات الأركان العسكرية الأمريكية، يتم تدريس الطلاب بأنه من المحتمل توجيه ضربة عسكرية الى الأماكن المقدسة في مكة والمدينة لو أن الأمور في العالم الإسلامي خرجت عن السيطرة. والسؤال هو هل هناك ما يردع الولايات المتحدة عن القيام بذلك؟ الماكينة العسكرية الأمريكية تبحث باستمرار عن هدف ما لأنه بدون ذلك، سوف تذبل تلك المؤسسة، السلام يعني انخفاض تجارة السلاح الى أدنى مستوياتها وانخفاض أسهم شركات السلاح وخسائر ضخمة لأشخاص يكسبون عيشهم من تجارة الحروب وسفك دماء الآخرين.
إن أحد الأسباب لحالة العدائية بين الولايات المتحدة وإيران هي أنها تحمل مسمى الجمهورية الإسلامية الإيرانية وهي بالتالي تعتبر نقطة جذب للتيارات الإسلامية الشيعية في العالم باعتبارها مركزا روحيا للشيعة. سبب آخر هو أنها إيران تتبع سياسة اقتصادية مستقلة خصوصا في مجال الطاقة. كما أن البنك المركزي في إيران يعتبر مؤسسة حكومية ولا يعمل وفق نموذج بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وهو نموذج يتعرض للانتقاد حتى داخل الولايات المتحدة نفسها. مشكلة السياسة الأمريكية أنها متقلبة، الرئيس الحالي دونالد ترامب قام بإلغاء الاتفاق النووي الذي قامت الولايات المتحدة ودول أخرى بتوقيعه مع إيران خلال فترة حكم الرئيس السابق باراك أوباما. الولايات المتحدة تتهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأنها تسعى الى امتلاك السلاح النووي ولكنها لم تقدم الى العالم دليلا واحد على تلك الاتهامات، علينا أن نتذكر كذبة أسلحة الدمار الشامل في العراق والتي لم تجد القوات الأمريكية بعد كل تلك السنين أي دليل على صحتها. دولة الكيان الصهيوني تمتلك أسلحة نووية وترفض إخضاع منشآتها الى التفتيش والولايات المتحدة تتجاهل ذلك. دول مثل الهند وباكستان والصين تمتلك أسلحة دمار شامل بدون أن يثير ذلك الاتهامات والتهديد بفرض عقوبات اقتصادية.
أحد الاتهامات التي يتم توجيهها الى إيران هي مسؤوليتها عن أحداث 11/سبتمبر الإرهابية وهي اتهامات سخيفة تبقى بدون دليل حتى لو كان كاذبا. المتورطون في تلك الأحداث هم في أغلبهم مواطنون سعوديون يتبعون تنظيما سعودي المنشأ يخضع الى أوامر مواطن سعودي وإن كانت جنسيته قد سحبت منه في وقت سابق للأحداث. أي شخص من الممكن أن يلقي بالاتهامات يمينا أو شمالا مستغلا الأجواء السياسية في المنطقة حيث يتم تسليط أضواء الإعلام عليه. ولكن قمة المهزلة أن الجهات السعودية التي تقوم بترديد تلك السخافات سوف تكون معترفة بشكل تلقائي بأن إيران نجحت في اختراق المنظومة الأمنية في السعودية وتجنيد مواطنين سعوديين للقيام بأعمال إرهابية تنسب الى السعودية وتهدف الى ابتزازها سياسيا. يذكرني ذلك بمراهق سياسي فلسطيني يدعى جهاد الترباني كل رصيده كتاب عن مائة من العظماء في تاريخ الإسلام قد قام بتوجيه اتهام الى جهات من روسيا بالمسؤولية عن تنظيم القاعدة الإرهابي وهو من نوعية الهراء السياسي الذي لم تهتم به حتى أجهزة الإعلام الأمريكية وأنكره عليه شخصيات عامة في الوطن العربي تتبنى الفكر القاعدي والداعشي.
السياسة الخارجية الأمريكية تتميز بأنها مصابة بالحول حيث يستمع السياسيون الأمريكيون الى أشخاص يتهمون مرشحة الرئاسة الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون بأنها تلقت تبرعات من لوبيات ضغط تتبع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بينما أعلنت هي صراحة أنها سوف تخوض حربا مع إيران لو نجحت في أن تفوز في سباق الرئاسة. الولايات المتحدة تتهم إيران أنها تقدِّم الدعم الى تنظيمات إرهابية خصوصا في لبنان، العراق واليمن بينما لم يعاني المسؤولين الأمريكيين من وخز الضمير حين قدموا الدعم الى جماعات الكونترا الإرهابية في نيكاراغوا، عصابات تهريب المخدرات في كولومبيا أو حتى تنظيم القاعدة وهو أمر اعترفت به هيلاري كلينتون في اعتراف مسجل أثناء تحقيق داخلي في الكونجرس حين كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية. إن نشر الطائفية والفرقة المذهبية في الوطن العربي هي ما تقوم به الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أوروبية أخرى مستغلة عوامل عرقية وطائفية باستخدام الدين وسيلة مفضلة أثبتت نجاعتها وأن الولايات المتحدة ما أن تنتهي من التعامل مع المسألة الإيرانية، سوف تلتفت الى المملكة العربية السعودية حيث تروج دوائر أمريكية الحديث عن تقسيم السعودية وخارطة الشرق الأوسط الجديد أو ما يعرف خارطة سايكس-بيكو2.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Saturday, November 16, 2019

ثورات ملونة برعاية مؤسسة راند وفريدوم هاوس وتمويل جورج سوروس

إن مخطط الشرق الأوسط الكبير قد لقي معارضة واسعة من قبل عدد من الدول في المنطقة خصوصا مصر والمملكة العربية السعودية التي أدركت القيادة السياسية في كلا البلدين حساسية الموقف خلال تلك المرحلة. إن ذلك المخطط الشيطاني كان أكبر من أن يتم إختصاره وفق مسميات والتي إن اختلفت, يبقى الهدف هو نفسه, التقسيم والتجزئة. المخطط كان سوف يشمل جميع الدول الإسلامية من أفغانستان الى المغرب. إن مخطط الشرق الأوسط الكبير كان مستوحى من النجاح الذي حققته الولايات المتحدة في تفكيك حلف وارسو وابتلاع بلدانه الواحد تلو الآخر ضمن إطار حلف الناتو واتفاقيات التجارة الحرة, الولايات المتحدة كانت تخطط لتحويل الشرق الأوسط الى منطقة تبادل تجاري مع الولايات المتحدة حيث كان ذلك محور نقاش ورقة بحثية أمريكية بعنوان (G8-Greater Middle East Partnership)  خلال مؤتمر الدول الصناعية الثمانية(G8) الذي عقد بتاريخ  (8-10 يوليو). صحيفة الحياة اللندنية نشرت نسخة مسربة من تلك الوثيقة مما أثار عاصفة واسعة من الإحتجاج في دول عربية ضد الولايات المتحدة.
إن  معاهد الأبحاث والنخب السياسية الأمريكية على إختلاف توجهاتها لم تكن تخفي نواياها العدوانية منذ سنة 1996 في إسقاط النظام العراقي, تكثيف العمليات العسكرية ضد المقاومة الفلسطينية وضرب قوات الجيش السوري في لبنان وصولا الى شن هجمات داخل سوريا نفسها. المملكة العربية السعودية ومصر عارضتا بشدة المخططات الأمريكية مما أدى الى تأجيلها حتى يحين الوقت المناسب. الموقف الأمريكي سنة 2010 كانت أضعف بينما الصين كانت تزداد قوة. ولذلك, قررت الإدارة الأمريكية المخاطرة ببدء عملية واسعة لتغيير الأنظمة الحاكمة في عدد من الدول الإسلامية والعربية دفعة واحدة.
بعد نجاح ثورة الياسمين في تونس بدأت الأحداث في مصر بدعوى للاضراب والاعتصام يوم 25/يناير/2011 تحت مسمى يوم الغضب والتي دعا إليها منظمة تدعى "حركة 6 أبريل" والتي يرأسها مهندس مصري عمره 29 عاما ويدعى أحمد ماهر. التحركات كانت منظمة وقوية الى درجة دفعت الرئيس المصري الى إقالة الوزارة وتعيين عمر سليمان, رئيس جهاز المخابرات المصري السابق, نائبا للرئيس. الهيئة الوطنية لنشر الديمقراطية(NED-National Endowment for Democracy) ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الغير حكومية التي ساهمت في الثورات الملونة في جورجيا وأوكرانيا كانت تبحث عن إسم براق ليتم من خلاله تلميع الثورة الملونة في مصر ومنحها وهجا إعلاميا, كفاية(Enough) هو الإسم الذي تم اختياره وهو نفس الإسم الذي تم اختياره ليطلق على ثورة الورود في جورجيا(Kmara) وتعني بالعربية كفاية. الولايات المتحدة كانت متورطة حتى النخاع في دعم الثورات الملونة من خلال معهد ألبرت آينشتاين والذي يعتبر مؤسسة اليهودي الأمريكي  جين شارب أحد الدعاة الى تغيير أنظمة الحكم عن طريق منهجية اللاعنف, منهجية حق يراد بها باطل حيث سوف يتم اللجوء الى العنف بشكل متعمد في حال لم تخضع تلك الأنظمة للإملائات الأمريكية. ممثلون عن معهد ألبرت أينشتاين كانوا متواجدين في ساحة تيانانمن في الصين خلال الأيام التي سبقت الإحتجاجات. حركة كفاية والتي كان يطلق عليها سابقا (الحركة المصرية للتغيير) تم تأسيسها سنة 2004 أثناء اجتماع في منزل أبو العلا ماضي مؤسس وأمين عام حزب الوسط الإسلامي الذي يعتبر واجهة لحركة الإخوان المسلمين. حركة كفاية دعمت ترشيح محمد البرادعي في إنتخابات 2011 الرئاسية في مصر.
مركز راند للأبحاث والذي يتبع اليمين الأمريكي المحافظ نشر دراسة عن حركة كفاية سنة 2008 بعنوان "The Kefaya Movement: A Case Study of a Grassroots Reform Initiative" برعاية مكتب وزير الدفاع, هيئة الأركان المشتركة, قيادة البحرية وعدد من الوكالات الأمنية في الولايات المتحدة. ويمكن تلخيص أهم نقاط الدراسة فيما يلي:
- الولايات المتحدة كانت مهتمة بالديمقراطية في الوطن العربي وقد ازداد ذلك إثر أحداث 11/سبتمبر.
- الولايات المتحدة عملت حتى في حالات التدخل العسكري في الوطن العربي على بناء مؤسسات ديمقراطية.
- الحركات الإصلاحية مثل "حركة كفاية" سوف تبقى الوسيلة الأفضل لبناء المؤسسات الديمقراطية في بلدانها الأم.
إن مركز راند للأبحاث قد درس بعمق طرقا غير تقليدية لتغيير الأنظمة منها أسلوب(Swarming) الذي تعتمد على مجموعة كبيرة من الأشخاص الذي ينسقون فيما بينهم عبر شبكات التواصل الإجتماعي حيث ينظمون مظاهرة وسرعان ما يختفون ليظهروا في مكان آخر. الولايات المتحدة كانت تقدم الدعم الى منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الغير حكومية مثل "كفاية" من خلال مؤسسة التنمية الدولية(USAID) ومؤسسة التنمية التابعة للأمم المتحدة خصوصا في مجال الدعاية والبروباغندا وفي مجال الإستخدام الأمثل لشبكات التواصل الإجتماعي. إن شكوك الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك حول موقف الولايات المتحدة من نظام حكمه لها شواهد عدة, أحدها أن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قد اجتمعت في مايو/2009 قبل سفر الرئيس باراك أوباما الى القاهرة مع عدد من الناشطين المصريين برعاية منظمة فريدوم هاوس التي يمولها الملياردير جورج سوروس. اللقاء كانت على هامش إنتهاء دورة تدريبية على الديمقراطية مدتها شهران بتمويل من رجل الأعمال الذي عرف بتقديمه الدعم للثورات الملونة بداية من صربيا, جورجيا, أوكرانيا وليس إنتهاء بمصر.

النهاية

Saturday, November 9, 2019

هل الولايات المتحدة دولة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان؟

القضية بالنسبة للبعض ممن هم معجبون بشطائر بيج ماك ومشروب كوكاكولا، الإجابة هي: "نعم." أن يكونوا أحرارا تعني بالنسبة إليهم أن يمتلكوا قرارهم وحرية اختيار بين شطائر كورتر باوندر، شطائر هامبورجر من ماكدونالد تزن قطعة اللحم 250 غرام، وبين شطائر الهامبرغر بالجبن. ماكدونالد تعتبر مجرَّدَ رمز يمثِّل الرأسمالية الأمريكية ومنظومة العولمة. الكاتب والصحفي الأمريكي ثوماس فريدمان له رأي في أن تواجد مطاعم ماكدونالد في بلدين سوف يمنع أي حرب مستقبلية بينهما. هناك صحفيون ومثقفون يستخدمون مصطلح الاستعمار الاقتصادي لوصف تغلغل الشركات العابرة للقارات في اقتصاديات دول العالم الثالث خصوصا أفريقيا، آسيا وفي الوطن العربي. ولكن وجهة نظر المثقفين والنخب الفكرية في الوطن العربي أن الاستعمار الاقتصادي هو مفهوم غربي، أمريكي تحديدا. ولكن على أرض الواقع، الجانب الأكثر ظلاما الذي يرفضون رؤيته هو أنه حتى الشعوب في دول غربية هي تحت احتلال رأس المال أو أن تلك الدول تعتبر مستعمرات اقتصادية لمصلحة بنوك وول ستريت ولندن والشركات العابرة للقارات.
الديمقراطية هي حمالة أوجه. الولايات المتحدة دولة ديمقراطية ولكن الذي يتحكم بمصير ومقدرات الشعب الأمريكي ليس مجلسي النواب والشيوخ بل بنك الاحتياطي الفيدرالي، هيئة غير منتخبة من الشعب الأمريكي وتمثل استثمارات خاصة. الولايات المتحدة هي الدولة الصناعية الوحيدة التي لا تمتلك نظام تأمين صحي شامل يماثل نظام التأمين الصحي في دول مثل كندا، السويد، النرويج وألمانيا. نظام التعليم في الولايات المتحدة يتعرض لانتقادات مستمرة حيث بسبب خصخصته كليا أو جزئيا في كثير من الولايات الأمريكية وتعرض المنظومة التعليمية في بعض المناطق خصوصا التي يسكنها الأمريكيون من أصول أفريقية أو لاتينية الى التآكل بسبب نقص التمويل. في الولايات المتحدة، تزداد الفروقات الطبقية في جميع المجالات خصوصا في التعليم الجامعي حيث تبقى نخبة الجامعات حكرا على أبناء الطبقة الثرية بسبب أقساطها الدراسية المرتفعة.
الولايات المتحدة وهي دولة من المفترض أنها تمثِّلُ قيم الحرية وحقوق الإنسان ولكن عدد نزلاء السجون والمنشئات العقابية فيها يعتبر أكبر من الصين وروسيا مجتمعتين مقارنة بعدد السكان. كما أن عدوى الخصخصة وصلت الى السجون حيث هناك سجون خاصة يتم فيها الزج بأشخاص أبرياء لإكمال العدد بناء على اتفاقية بين الحكومة المحلية والشركة الأمنية التي تدير السجن حيث تحدد تلك الاتفاقية التكلفة اليومية لكل سجين بناء على عدد متفق عليه مسبقا من السجناء. كما أنه في كثير من السجون، يتم استغلال السجناء في القيام بأعمال متنوعة مقابل أجر بخس قد لا يتجاوز 40 سنت أمريكي مقابل كل ساعة عمل، المادة الثالثة عشرة في الدستور الأمريكي تسمح بذلك. الولايات المتحدة لا تمتلك الأموال لإصلاح منظومة التعليم أو إعادة بناء مدنها المدمرة بفعل الأعاصير ولكنه رغم ذلك، قوات الشرطة تتلقى تمويلا جيدا مما يمكنها من التحول الى قوات شبه عسكرية بأزياء أفرادها التي تشبه أزياء الممثلين في سلسلة أفلام حرب النجوم.
إن الآباء المؤسسين للولايات المتحدة لم يكونوا حقا مهتمين بإقامة دولة الديمقراطية والحرية بل بحماية النخبة السياسية والمالية عبر تقديم نظام سياسي مصمم ليحمي ويصون امتيازاتهم ومصالحهم. الانتخابات هي أهم أداة في ذلك النظام حيث يتم خداع المواطنين عبر وسائل الإعلام المُضَلِّلة بأن مشاركتهم ضرورية وجوهرية في انتخاب ممثليهم الذي سوف يحمون ويصونون مصالحهم. ولكن القرارات التي يتم اتخاذها في أروقة الكونجرس لها علاقة بمصالح لوبيات الضغط وشركات وبنوك وول ستريت وليس بمصالح المواطنين. هناك فجوة تزداد في الاتساع بين الإرادة الشعبية وبين القرارات التي يتخذها ممثلو الشعب بناء على وعود انتخابية لا يتم الوفاء بها. إن روايات الخيال العلمي التي يرويها العائدون من الولايات المتحدة لا تصلح حتى لتكون قصص ما قبل النوم التي تروى للأطفال. وتفاهات مثل تلك التي يرويها الصحفي أسامة فوزي المقيم في الولايات المتحدة عبر صحيفة عرب تايمز ليس إلا هراء وأكاذيب خدعت الكثيرين ممن هاجروا الى الأرض التي تفيض لبنا وعسلا.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Tuesday, November 5, 2019

حروب الولايات المتحدة من أجل الرب أو النفط

هل الأمر يتعلق حقا بالنفط أم أن هناك أمورا أخرى لا يعلمها إلا السياسيون وربما رجال الدين؟
لاتظنوا أن هذه المشاركة ذات طابع إلحادي. في الحقيقة عندي مشكلة مع الإلحاد والملحدين, لقد قتلوا مئات الملايين من البشر في حروب عبثية وهدموا مدن كاملة على رؤوس سكانها واغتصبت النساء خصوصا خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية. ولكنني أعترف أنني أعاني من مشكلة في فهم كيف يسمح الرب بكل ذلك. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يفهم كيف يفكر الرب في الكتاب المقدس أكثر من الجميع, إنه يفكر بالنفط.
ماهي مشكلة الرئيس الأمريكي في سوريا؟ 
هل هي حقوق الإنسان؟ وسائل الإعلام الأمريكية تتحدث عن مئات الآلاف من القتلى والمعتقلين في سوريا. الفظائع التي ارتكبتها القوات الأمريكية في العراق خصوصا السجون والمعتقلات الرهيبة ليست مادة مفضلة لوسائل الإعلام الأمريكية مثل فوكس نيوز أو السي إن إن, لا أحد يطالب بإحالة المسؤولين الأمريكيين عن تلك الفظائع الى محكمة العدل الدولية. خلال فترة حكم رئيس تشيلي أوغستو بينوشيه(1973-1990) إختفى عدة آلاف من مواطني دولة تشيلي وكانت جثث المعارضين تعلق في الشارع لنشر الرعب بين المواطنين, بعض تلك الجثث تكون مقطوعة الرؤوس. نظام الحكم العسكري في الأرجنتين قتل الآلاف وإختفى آلاف آخرين ومع ذلك, لم يتم إرسال مسؤول واحد الى محكمة العدل الدولية.
هل مشكلة الرئيس الأمريكي أنه يرغب في حماية الأكراد أو لايرغب في ذلك أو ماذا يريد منهم تحديدا؟
الإجابة هي لا. فقد تخلى عنهم بعد أن استخدمهم كما فعل سابقه جورج بوش والولايات المتحدة مشهورة بأنها تتخلى عن حلفائها ومن يساعدونها ولا تحترم إلا الأقوياء مثل رئيس كوريا الشمالية الذي سخر منه الرئيس الأمريكي بأنه صاحب الصاروخ الصغير ومع ذلك سارع الى لقائه ومحاولة التفاهم معه. دونالد ترامب يحترم صاحب الصاروخ الصغير أكثر من إحترامه صواريخ العرب الكبيرة العابرة للقارات.
في الحقيقة الرب يحبنا ولكنه أيضا يحب النفط. إن جميع الدول التي ذكرت في العهد القديم والتي تتعلق بها نبوئات نهاية العالم وعودة المسيح تحتوي على النفط. العراق, سوريا, مصر, وحتى في فلسطين تم اكتشاف احتياطات ضخمة من الغاز وربما النفط. وقد يسأل البعض ماذا عن المملكة العربية السعودية؟ أجل, لقد ذكرت في التوراة في سفر حبقوق(3:3), سفر التكوين(21:17), إشعياء(42:17,21:14) وسفر التثنية(33:2) وفي أماكن أخرى من الكتاب المقدس. وفي النبوئات المسيحية كما هي الإسلامية, تذكر مجموعة من الدول والتي يرتبط مصيرها بعودة المسيح والمعركة الكبرى الفاصلة بين المسلمين وخصومهم والتي تعرف بإسم (أرماجيدون) وكذلك المهدي عند المسلمين. الأساطير الدينية الإسلامية تعترف بعودة يسوع المسيح وبأنه سوف ينزل عند المنارة البيضاء في دمشق. وفي فلسطين, سوف تجري أحداث المعركة النهائية والفاصلة التي تعرف بإسم أرماغيدون بين قوات المسلمين وخصومهم وذلك كما تقول النبوئات المسيحية. أما بالنسبة للمسلمين, المعركة الكبرى سوف تجري في سوريا في مكان على مقربة من مدينة حلب, سهل منبسط يدعي مرج دابق وسوف يكون مركز قيادة المسلمين ومعسكرهم الرئيسي في دمشق في منطقة الغوطة. إذا نعود دائما الى سوريا وأهميتها في النبوئات الإسلامية والتوراتية. في إشعياء(17:1, 7:8) هناك نبوئات تتعلق بتدمير دمشق بسبب العداوة بين أرام وبني إسرائيل.
ولكن ألم أكتب قبل ذلك موضوعا أن الأمر كله يتعلق بالنفط؟ الإجابة هي نعم, ولكن هذا الموضوع لايغير من الحقائق في الموضوع السابق, إن علاقة الولايات المتحدة بالنفط هي إما الحصول عليه أو منع الأخرين من ذلك حتى تتمكن من التحكم بالسياسة العالمية وهو أمر سوف يؤدي في النهاية الى فرضه أساطيرهم الدينية والميثولوجيا الخاصة بهم على الآخرين وتحقيق انتصاراتهم الكبرى في معارك فاصلة يتحدثون عنها في نصوص دينية. السيطرة على النفط هي هدف استراتيجي للولايات المتحدة التي يتحكم بها اليمين المسيحي المحافظ الذي يؤمن بحرفية الكتاب المقدس وصدق جميع الأساطير والنبوئات التي ترد فيه. ولكنني في الختام مازلت لا أفهم كيف تجري الأمور في الطبقات العليا من السماء, كيف يؤمن آخرون بنصوص يسبغون عليها صفة القداسة والوحي وهي تتحدث عن أوامر إلهية بقتل الأطفال والشيوخ وحتى الحيوانات وإغتصاب النساء. لا أفهم كيف يؤمن شخص أحمق بأن تفجير نفسه في سوق شعبي يرتاده مسلمون مثله سوف يكون طريقه الى الجنة لأن أولئك المساكين قد يختلفون معه في بعض الأمور العقائدية. من خاض الحرب العالمية الأولى والثانية؟ هل هم الملحدون أم مسيحيون مؤمنون؟ ولو كانوا حقا مؤمنين برسالة المسيح في نشر السلام, لماذا قتلوا ملايين البشر في حروب عبثية تافهة؟
أسئلة سوف تبقى دون إجابة
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Sunday, November 3, 2019

التعليم في الوطن العربي هو المشكلة والحل

هناك ثلاثة أمور لا بد من أن تتوفر في أي دولة من دول العالم حتى تتقدم وتتطور وتكون في مصاف الدول المتطورة وتلحق بركب الحضارة. وبالتأكيد ليس من بين أي من تلك الأمور الديمقراطية والانتخابات والبرلمانات وتلك الأمور التي أعتبرها من الرفاهيات وليست أمورا أساسية. وهنا استحضر مقولة الكاتب جورج أورويل "السياسيون في العالم كالقرود في الغابة, إذا تشاجروا أفسدوا الزرع وإذا تصالحوا أكلوا المحصول." الأمر الأول هو نظام اتصالات ومواصلات متطور, شبكة الإنترنت عالي السرعة ونظام مواصلات ونقل على درجة عالية من الكفائة هي من الأمور التي تحولت من كونها رفاهية الى أمور أساسية وضرورية. الأمر الثاني هو نظام ضريبي عادل يتميز بالشفافية في توزيع العبئ الضريبي. الأمر الثالث وهو الأهم ومرتبط بالأمرين السابقين, نظام تعليمي متقدم يستفيد من تجارب الآخرين بدون نسخها حرفيا.
إن نظام المواصلات والإتصالات المتطور أصبح أمرا ضروريا في القرن الواحد والعشرين لأي بلد يرغب في أن تكون له علاقات تجارية وسياحية مزدهرة مع العالم الخارجي وازدهار أحواله داخليا. التجارة الإلكترونية تجعل من الممكن رفع مستوى معيشة صغار التجار والمستثمرين وفتح أسواق جديدة لهم. الأدوات اللازمة لذلك هي هاتف ذكي أو جهاز كمبيوتر محمول صغير الحجم عالي الكفائة وإنترنت عالي السرعة وفكرة جيدة تبدأ صغيرة ومن ثم تكبر. ومن يقرأ قصص نجاح شركات مثل غوغل وأمازون سوف يدرك أهمية أن توفُّر الإرادة لتحويل فكرة ما الى استثمار تجاري ليس أمرا كافيا بل يجب أن تتوفر الأدوات اللازمة لذلك. شبكة الطرق والمواصلات التي يتم المحافظة عليها بإستمرار عن طريق الصيانة وضمان وصولها حتى الى أبعد الأماكن التي توصف بأنها نائية سوف يساعد على الربط بين المناطق بعضها ببعض ويساهم في تسهيل السياحة والتجارة الداخلية والتقليل من تكلفة النقل. نظام المواصلات يشمل أمورا متعددة مثل الموانئ وشبكة نقل خارجية تشمل السفن والقطارات والطائرات خصوصا طائرات الشحن. الإستثمار في نظام الإتصالات والمواصلات يدخل في نطاق الإنفاق على البنية التحتية وهو مسؤولية الحكومات وذلك يقودنا الى الأمر التالي.
قوانين الضرائب في الوطن العربي بشكل عام تتَّصِفُ بأنها قوانين جباية عشوائية حيث تقوم الحكومات حرفيا بسرقة المواطنين. الضرائب يجب أن تكون مقابل خدمات, ولكنها في أغلب بلدان الوطن العربي مرتفعة بدون مقابل يذكر. المواطن في بلدان عربية يدفع رسوما على معاملاته الحكومية قد تزيد عما يدفعه مواطن أوروبي ومع ذلك يدفع ضرائب مرتفعة, ضريبة دخل أو ضريبة مبيعات, التسميات لاتهم. في كل دول العالم التي لديها قوانين ضريبية منصفة, لا يتم فرض أي نوع من أنواع الضرائب على سلع أساسية خصوصا الإحتياجات التموينية مثل الخبز والحليب. ولكن في الوطن العربي, يفرضون ضرائب حتى على مكالمات الواتساب وهو تطبيق يتوفر مجانا, قمة اللصوصية. ليس الأمر كما كان أيام ثورة المستعمرات في أمريكا الشمالية ضد بريطانيا, لا ضرائب بدون تمثيل, بل من المفترض في الوطن العربي رفع شعار, لا ضرائب بدون خدمات.
وعند الوصول الى الأمر الثالث وهو التعليم, نستحضر تصريح دكتور فيكتور شيا خبير جودة التعليم في كوريا الجنوبية:"لا يوجد دولة تتحمل إنتاج جيل كامل دون تعليم جيد, فهذا الجيل سيدمر الدولة داخليا لتتفتت وتفقد وجودها. الشرق الأوسط أهمل التعليم والآن يدفع الثمن."  رغم كل تلك الأموال التي أنفقت على التعليم والمدارس والجامعات التي أقيمت في الوطن العربي, إلا أن نسبة الأمية بلغت 35% سنة و19% سنة 2014, نسبة الأمية عند الإناث هي ضعف الذكور حيث يقدر عدد الأميين في الوطن العربي بالمجمل 70-100 مليون وأن محو الأمية بشكل كامل في الوطن العربي لن يكون قبل سنة 2050. 
إن كوبا وهي إحدى دول العالم الأفقر في الموارد ولا تمتلك الموارد التي تمتلكها أفقر بلد عربي ومع ذلك تبلغ نسبة محو الأمية فيها 99.7% ذكورا وإناثا. في دولة عربية مثل الأردن, تبلغ نسبة محو الأمية 98.4% و 97.4% للذكور والإناث على التوالي. وفي فلسطين, تبلغ نسبة محو الأمية 98.5% و 94.8% للذكور والإناث على التوالي إحصائيات اليونسكو 2007/2008. هناك دول عربية تحاول تطوير نظامها التعليمي ولكنه مازال أمامها مشوار طويل لأن الأمر لا يتعلق بتخصيص الموازنات أو بناء المدارس أو إنفاق الأموال بل بتطوير العقلية وطريقة التفكير والتوقف عن محاولة نسخ تجار الآخرين كما هي بدلا من تطوير تجربة لها خصوصية ثقافية ومعرفية. الكثير من المدرسين في الوطن العربي لم يدخلوا ذلك المضمار باختيارهم بل سيقوا إليه من قبل مكاتب التنسيق التي توزع الطلاب على الجامعات والتخصصات بنفس الطريقة التي تعمل فيها مكاتب التجنيد التي تسوق الشباب الى الخدمة العسكرية الإلزامية. إذا الأمر لا يتعلق بعدد المدرسين أو نسبة محو الأمية أو عدد المدارس بل يتعلق بالنوعية والجودة وهو مايتوجب التركيز عليه في المرحلة المقبلة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Friday, November 1, 2019

صفقة مع الشيطان

لن أتحدث كثيرا في تفاصيل مقتل زعيم عصابة داعش أبو بكر البغدادي, تلك التفاصيل لا تهمني. إن حقيقة مقتل البغدادي والطريقة التي قتل بها يعرف بها الله ودونالد ترامب والفريق المنفذ من فرقة القوات الأمريكية الخاصة(U.S Navy Seals) التي نفذت الأوامر التي صدرت إليها بقتل البغدادي وليس القبض عليه حيا. البغدادي أُعدِمَ وتم تأكيد هويته من فحص الحمض الوراثي وجمعت بقايا جثته ودفن أو ألقيت جثته الى البحر طعاما للأسماك وأخذ أسراره معه وقد كان في جعبته الكثير منها وكل ذلك خلال ربع ساعة من العملية التي نفذتها القوات الخاصة الأمريكية. وقبل البغدادي, قتل أسامة بن لادن وألقيت جثته في البحر وأخذ أسراره معه. حتى فريق قوات البحرية الأمريكية الخاصة(U.S Navy Seals Team-6) الذي نفذ عملية إغتيال أسامة بن لادن قتل في أفغانستان حيث أصيبت مروحيتهم بصاروخ أمريكي موجه من مخلفات الحرب الأفغانية أطلقه عناصر من طالبان قاموا بنصب كمين للمروحية. ولذلك, أتوقع قريبا سماع خبر مقتل فريق القوات البحرية الخاصة الذي نفذ عملية اغتيال البغدادي خلال عمليات قتالية في بلد ما, ربما أفغانستان أو قد تكون العراق حيث سوف ينتقم عناصر داعش من قتلة خليفتهم ويتم تلميع إسم التنظيم وتعيين خليفة جديد.
أبو بكر البغدادي وأسامة بن لادن هم أشخاص في خدمة الولايات المتحدة ويمكن التخلص منهم بهدوء بعد استنفاذ صلاحيتهم و انتفاء الغاية من وجودهم. السيناتور الأمريكي وأحد صقور اليمين المحافظ زار سوريا سنة 2013 والتقى في احد القواعد العسكرية في ريف مدينة حلب عددا من قادة التنظيمات الإرهابية المنضوية تحت راية الجيش السوري الحر, أبو بكر البغدادي كان من بين الأشخاص الذين سمح لهم بلقاء السيناتور ماكين وقد كان حليق اللحية وتم تزويده بأوامر الإنشقاق عن جبهة النصرة الإرهابية وإعلان تأسيس تنظيم داعش. كل تلك المسميات المختلفة, الجيش السوري الحر أو جبهة النصرة أو داعش, يمكن إرجاعها الى تنظيم الإخوان المسلمين, التنظيم الأم لجميع تنظيمات الإسلام السياسي الإرهابية في العالم. السيناتور جون ماكين قد توفي منذ بضعة أشهر وأخذ أيضا أسراره معه. ولكن من المستحيل أن يقتنع حتى شخص مبتدئ أن الفريق الأمني المرافق للسيناتور ماكين لم يكن يعرف هوية الأشخاص الذين حضروا الإجتماع وأنهم لايشكلون خطرا على سلامته.
تنظيمات الإسلام السياسي وعلى رأسها الإخوان المسلمين خدمت أهداف الولايات المتحدة في السيطرة على العالم وموارد الطاقة فيه خصوصا النفط والغاز. وليست مبالغة القول أن الولايات المتحدة لم يكن من الممكن أن تبلغ أهدافها في الشرق الأوسط, إفريقيا والقارة الأوراسية بدون الخدمات الجليلة التي قدمتها لها تنظيمات الإسلام السياسي. الولايات المتحدة لم ولن تكون دولة عظيمة بدون وجود تنظيم مثل الإخوان المسلمين أو حزب التحرير أو داعش أو الجيش السوري الحر. تنظيمات الإسلام السياسي خدمت الولايات المتحدة في عدة مواقع حول العالم: حاولت اغتيال الرئيس المصري جمال عبد الناصر مرتين, حاولت زرع بذور الفتنة في فلسطين بين المسلمين والمسيحيين, حاربت الإتحاد السوفياتي بالنيابة عن القوى الغربية في أفغانستان وخاضت حرب تقسيم يوغسلافيا ومعارك الربيع العربي نيابة عن القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة. كل تلك الحروب كانت في  خدمة أهداف القوى الإستعماري الغربية وليس أهداف الإسلام والمسلمين. وحاليا, تقوم القوى الغربية على تحضير بقايا تنظيم داعش والقاعدة لإرسالهم الى بورما(ميانمار) حيث وصلت طلائعهم بالفعل لبداية حملة عسكرية وصولا الى إستهداف الصين التي لها مصالح إستراتيجية في بورما. وسائل الإعلام الغربية التي تجاهلت معاناة الفلسطينيين بسبب ما يقوم به جيش الاحتلال الصهيوني من أفعال ينتهك بها جميع الأعراف والمواثيق الدولية, هي التي تتحدث عن معاناة أقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار و الإيغور المسلمين في الصين وتذرف عليهم دموع التماسيح.
ولكن الولايات المتحدة ليست أول من يستفيد من خدمات تنظيمات الإسلام السياسي, الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية كانت أول من استفاد من خدمات تنظيم الإخوان المسلمين في مصر وفلسطين وأجزاء أخرى من المستعمرات البريطانية. الولايات المتحدة ورثت تنظيمات الإسلام السياسي وبقاياهم مع إنسحاب الإمبراطورية البريطانية من الوطن العربي خلال الفترة التي تلت انتهاء الحرب العالمية الثانية. إن أول مسجد لتنظيم الإخوان المسلمين تم بنائه في مدينة الإسماعيلية بمبلغ 500 جنيه مصري كان تقدمة شركة قناة السويس البريطانية. بريطانيا استخدمت تنظيم الإخوان المسلمين رأس حربة ضد أعدائها من الشيوعيين والقوميين خصوصا حزب الوفد الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة. مصير حسن البنا مؤسس وزعيم تنظيم الإخوان المسلمين كان مماثلا لمصير أسامة بن لادن, الزرقاوي والبغدادي, تعرض لإطلاق نار من أشخاص يعملون في البوليس السري التابع للملك فاروق ونقل الى المستشفى حيث تُرِكَ لينزف حتى الموت ومنع إسعافه بأوامر من القصر الملكي. تم تنفيذ حكم الإعدام على حسن البنا عند إنتهاء صلاحية إستخدامه وذهب الى القبر ومعه أسراره وهي أكثر من أن تحصى ولو خرجت للعلن أحدثت زلزالا سياسيا في الوطن العربي والعالم. الحرب الأمريكية على الإرهاب في القرن الواحد والعشرين التي أعلنها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الإبن ليست إلا حرب على أحفاد حسن البنا من أتباع الإخوان المسلمين وتنظيمات الإسلام السياسي على إختلاف مسمياتها.

النهاية