Flag Counter

Flag Counter

Sunday, November 24, 2019

الفوضى الخلاقة والثورات الملونة حيث تفوح رائحة الدولار الأمريكي

النخب السياسية الأمريكية والبريطانية كانت دائما تبحث عن وسائل لتنفيذ مخططاتها تحقيق السيطرة على ثروات الوطن العربي وشمال أفريقيا بدون تدخل عسكري مباشر ومخاطرة بخسارة أرواح مئات من الجنود مما قد يشكِّلُ ضغطا سياسيا شعبيا كما حصل خلال حرب فيتنام. وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس كانت تروِّج للفوضى الخلاقة(Creative Choas) وذلك في حديث لصحيفة الواشنطون بوست بداية عام 2005. الهدف من نشر الفوضى الخلاقة هو إعادة تشكيل خريطة الوطن العربي وفق الأهواء الأمريكي أو مايعرف "الشرق الأوسط الجديد." الديمقراطية وفق المفهوم الأمريكي هي أن تنصاع القيادة السياسية في بلد ما الى الإرادة الأمريكية وإلا سوف يتم ضمها الى دول محور الشر ويتم إطلاق مؤسسات حقوق الإنسان وغيرها من المؤسسات التي تخضع أهداف عملها للأجندات السياسية للدول الكبرى. 
بتاريخ 4/يونيو/2009, القى الرئيس الأمريكي باراك أوباما خطبة في جامعة القاهرة كانت يراد منها أن تفهم على أنها خطوة تتخذها الولايات المتحدة في محاولة لتلميع صورتها في العالم العربي التي علقت فيها الكثير من الشوائب خلال فترة حكم الرئيس السابق جورج بوش الإبن. الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك لم يحضر الخطاب مما أثار الكثير من اللغط حيث قيل أنه رفض حضوره بعد رفع تقارير اليه أن الولايات المتحدة تعمل على تغيير نظام الحكم في مصر وقيل أن باراك أوباما  رفض حضوره مما جعل محمد حسني مبارك يشعر بالتوتر ويصرح لكبار مساعديه وأعضاء حزبه في إجتماع مغلق:"فيه حاجة هتحصل، بس إمتى مش عارف." باراك أوباما لم يكن مختلفا عن سابقه في التزامه بنشر الفوضى الخلاقة وخريطة الشرق الأوسط الجديد, إلا أنه كان يختلف عنه في أسلوب التنفيذ, حروب الجيل الرابع وعمليات غزو عسكري غير مباشرة عبر عملاء على الأرض, عمليات طائرات بدون طيار وإستخدام تنظيمات الإسلام السياسي هي الأدوات التي كان يفضل باراك أوباما إستخدامها بعكس سلفه الذي كان يفضل الغزو العسكري المباشر.
إن أحداث الربيع العربي ليست ثورات أشخاص لهم مطالب معيشية وسياسية يمكن تلخيصها بالحياة الكريمة وحرية الرأي والمشاركة السياسية, بل سلسلة من الأحداث المتلاحقة في أكثر من بلد عربي تم التخطيط لها منذ عدة سنين في معاهد الأبحاث الأمريكية والبريطانية وكانت تنتظر اللحظة المناسبة للتنفيذ. وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية الرئيسية مثل نيويورك تايمز, سي إن إن وبي بي سي بدأت منذ أكتوبر/2010 الترويج للثورات الديمقراطية أو ديمقراطية الشعوب التي بدأت تنتشر في الشرق الأوسط بداية من ثورة الياسمين في تونس حيث امتدت الى مصر وفي مرحلة لاحقة الى ليبيا وسوريا وحتى في سلطنة عمان. التسمية ليس مهمة, ربيع عربي, ثورة ياسمين, ثورات ملونة برتقالية أو صفراء أو ثورات بلون قوس قزح, الهدف هو إحداث تغيير في أنظمة الحكم السياسية تقبل بالهيمنة الأمريكية المطلقة وتراعي مصالح الولايات المتحدة. إن المنظمات الغير حكومية(NGO) التي لعبت دورا فاعلا في أحداث الربيع العربي لم تكن إلا غطاء لعمل أجهزة أمنية غربية وعملائها حتى يتحكموا في مسار الأحداث و يتابعونها أولا بأول. أولئك العملاء ليس بالضرورة أن يكون أجانب خصوصا أن الكثير من الشباب المصري, التونسي, الليبي والسوري قد تلقى تدريبات في الخارج ودورات على قلب أنظمة الحكم بإستخدام اللاعنف حيث تم تمويل تلك الدورات من المنظمات اللاحكومية مثل منظمة كانفاس الصربية ومنظمة فريدوم هاوس التي تتبع جورج سوروس وغيرها من منظمات المجتمع المدني.
بتاريخ 7/10/2010, أحرق بائع تونسي متجول نفسه أمام دار البلدية في مدينة سيدي بوزيد بعد جدال مع شرطية البلدية ومصادرة بضاعته فاشتعلت تونس بالمظاهرات وكانت بداية الربيع العربي ما يسمى "ثورة الياسمين." شرطية البلدية لم تعتدي على البوعزيز ولم تصفعه على وجهه ولكنها كانت تقوم على تطبيق القانون الذي يمنع البيع على عربة متجولة إلا في أماكن محددة بترخيص من البلدية. وفي مصر, انتقلت عدوى المظاهرات التي عرفت 25/يناير حيث لعب مدير غوغل في الشرق الأوسط وإفريقيا, وائل غنيم, دورا رئيسا فيها من خلال صفحة كلنا خالد سعيد التي كان مسؤولا عنها. خالد سعيد هو النسخة المصرية من البوعزيزي في تونس, تاجر مخدرات(ديلر) لاحقته الشرطة المصرية وتوفي اختناقا بلفافة حشيش حاول ابتلاعها في محاولة لإخفاء دليل إدانته. وائل غنيم إستغل صورا تم تسريبها لخالد سعيد بعد تشريح جثته أصولا وبدأ بنشر مزاعم أنه توفي نتيجة تعذيب الشرطة المصرية. البداية هي نفسها في كل بلد مع إختلاف بسيط في التفاصيل, بائع متجول ينتحر أو موزع مخدرات توفي نتيجة التعذيب أو طفل إعتقلته قوات الأمن.
جوليان أسانج, مؤسس موقع ويكيليكس والذي يَنسِبُ الفضل الى نفسه في  إشعال شرارة الربيع العربي, نشر وثائق تم تسريبها حول عشاء جمع بين السفير الأمريكي في ليبيا وصهر الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. المعارضة التونسية التي نظرت الى التقرير المسرب على أنه إشارة من الإدارة الأمريكية عن عدم رضاها عن نظام الرئيس التونسي قد بدأت بإستغلال ذلك في الدعاية ضد نظام الحكم في تونس. ولكن جوليان أسانج هو شخص حامت حوله وموقعه الكثير من الشبهات. فقد كان الكثيرون ينظرون اليه على أنه مجرد عميل يقوم بتسريب معلومات أو وثائق سرية وفق خطة مدروسة والهدف محدد. كميات هائلة من الوثائق والبرقيات السرية التي يستحيل أن يكون تسريبها عشوائي أو بسبب الإهمال. ولقد تم إلصاق التهمة بجندي كان يخدم في القوات الأمريكية في العراق وتم اعتقاله ومحاكمته وسجنه ولكن الوثائق المصنفة سرية استمرت بالظهور. أمل علم الدين أو التي اشتهرت بإسم أمل كلوني بعد زواجها من نجم هوليود الشهير هي محامية جوليان أسانج وهي معروفة بأنها من مؤيدي منظمات المجتمع المدني. كما أنها صديقة مقربة لجاريد كوهين من كبار الموظفين في شركة غوغل والمعروف بتأييده للثورات الملونة. الممثل الهوليودي الشهير جورج كلوني هو أيضا مؤيد للثورات الملونة ومنظمات المجتمع المدني. وقد ساهم في شراء صور أقمار صناعية من شركة خاصة لتحركات الجيش السوداني وإرسالها الى المتمردين الجنوبيين.
إن ماحدث في تونس ليس له أي علاقة بثورة ياسمين وديمقراطية الشعوب بل إنقلاب أبيض قام به الجيش بدعم أمريكي. وزير الدفاع التونسي رضا قريرة الذي كان قد عاد من زيارة ناجحة الى الولايات المتحدة في مايو/2010 حتى إستقبل في تونس رئيس القيادة الأمريكية-الأفريقية(أفريكوم-AFRICOM) الجنرال وليام وورد. الجيش التونسي كان يمسك بخيوط اللعبة من خلف الستار حيث أبلغوا زين العابدين بن علي بأن الجيش لايمكن أن يقدم له الدعم وأن عليه المغادرة وذلك ماكان. نجاح ثورة الياسمين في تونس كان عاملا مشجعا في دول أخرى على قيام ثورات مماثلة في مصر, ليبيا, سوريا والجزائر. حتى أن صحيفة نيويورك تايمز قد بدأت تنشر مقالات بداية سنة 2011 تحرض على ثورة ياسمين في الصين
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment