Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, April 10, 2019

هل يتم إستخدام قضية التغير المناخي لأهداف سياسية؟

لقد أصبح في حكم المؤكد أن مسألة التغير المناخي تستخدم لأهداف سياسية لها علاقة بالصراع الدولي على منابع النفط والغاز وصراع مصالح بين الشركات الدولية المتعددة الجنسيات. فهناك دعوات لفرض ضريبة كربون على الصادرات الصينية بمعدل 45$ لكل طن متري من الإنبعاثات الكربونية ولكن المشكلة المطروحة أن هناك عددا كبيرا من الصناعات لن تتأثر بتلك الضريبة كصناعة الملابس بينما سوف تعيد الصناعات الثقيلة مثل الكيميائية والسيارات التفكير في الحفاظ على خطوط إنتاجها في الصين أو نقلها للولايات المتحدة مرة أخرى. انتقال التلوث من مكان إلى أخر لن يحل مشكلة ثقب الأوزون والغازات الضارة ويخفف من الاحتباس الحراري. كما أن الأجندات التي تتبناها منظمات حماية البيئة على اختلاف مسمياتها ليست ببعيدة عن دائرة الصراع الذي تداخلت فيه السياسة والبيئة بعالم المال والأعمال, نظرة سريعة على قائمة الممولين والمتبرعين للمنظمات البيئية سوف تكشف  زيف مزاعم تلك المنظمات المتعلقة بالتغير المناخي والأضرار البيئية.
في الفيلم الوثائقي "Cowspiracy" الذي قامت شبكة الأفلام نيتفليكس(Netflix) ببثه على قناتها, قام معد ومخرج الفيلم كيب أندرسين(Kep Andersen) بفضح جزء ولو بسيط من تلك الأجندات الخفية من خلال تناول الزراعة الصناعية(Industrial Farming) خصوصا فيما يتعلق بتربية المواشي وكيف أنها أشد ضررا على البيئة من الانبعاثات الكربونية المنبعثة من السيارات والشاحنات ووسائل النقل المختلفة. إن ما ذكر في الفيلم الوثائقي يعتمد على تقرير صادر من الأمم المتحدة عنوانه "Rearing cattle produces more greenhouse gases than driving cars, UN report warns" حيث يحفل التقرير بالأدلة التي تشير إلى المساهم الرئيسي في زيادة نسبة الغازات الضارة ومشاكل أخرى متعلقة بالبيئة ليس من الممكن تجاهلها. التقرير ذكر أن المخلفات الناتجة عن تربية المواشي مسؤولة عما نسبته 9% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وما نسبته 65% من إنبعاثات غاز نيتروس أوكسيد(nitrous oxide) المسؤول بشكل رئيسي عن تفاقم مشكلة ثقب الأوزون حيث يزيد تأثير عن غاز ثاني أوكسيد الكربون بمقدار 296 مرة مع العلم أنه متواجد بشكل طبيعي في الغلاف الجوي ولكن بنسب ضئيلة جدا. كما أن مخلفات المواشي التي تنتجها مزارع تربية المواشي الجماعية مسؤولة عن 37% من انبعاثات غاز الميثان Methane) والذي يعد أكثر تأثيرا بمقدار 23 ضعفا من غاز ثاني أكسيد الكربون و64% من انبعاثات غاز الأمونيا الذي يلعب دورا رئيسيا في ظاهرة الأمطار الحمضية.
ولعل أهم ما رفع عنه الستار مخرج الفيلم هو أمرين على قدر متساوي من الأهمية: الأمر الأول هو التضليل المتعمد الذي تمارسه تلك المنظمات التي من المفترض دفاعها عن البيئة وصحة الإنسان, بينما الأمر الثاني هو تسائل مخرج الفيلم عن مصادر تمويل المنظمات البيئية وتلك التي من المفترض أنها تهتم بالصحة العامة ولكنها تتجاهل الدور الخطير الذي تلعبه انبعاثات الغازات الضارة والتي تعد فضلات الحيوانات الناتجة عن مزارع تربية المواشي الجماعية مصدرا رئيسيا لها. إن مواقع المنظمات البيئية على شبكة الإنترنت كمنظمة السلام الأخضر(Greenpeace) ومنظمة نادي سييرا(Sierra Club) تحفل بكل ماهو متعلق بالضرر البيئي الناتج من استخدام الوقود الأحفوري خصوصا المستخرج وفق ما يعرف بالتصديع الهيدروليكي(Hydraulic fracturing) والتي يمكن تلخيصها بحقن طبقات الأرض بسائل يتكون من مزيج من الماء ومواد كيميائية ويهدف لإحداث شروخ في تلك الطبقات والتي تكون ممتلئة بالنفط والغاز فيسهل استخراجهما.
وفي الختام, هناك بعض الإحصائيات التي وجدت أنه من الضروري مشاركتها في الموضوع حتى يتضح حجم التضليل الذي يمارسه الإعلام والمنظمات المعنية بالدفاع عن البيئة في التهرب من مسؤولياتهم الحقيقية أمام شعوب العالم. إن إستخراج النفط بواسطة التصديع الهيدرولي يتسبب في هدر 100 مليار جالون من المياه سنويا في ولايات أمريكية تعاني من الجفاف وشح الأمطار وإستنفاذ مخزون المياه الجوفية بينما تربية المواشي وزراعة الأعلاف الخاصة بها تستهلك 100 تريليون جالون من المياه حيث كان مخرج الفيلم يتحدث عن الهدر المائي على مستوى الولايات المتحدة فما بالكم لو كانت إحصائياته على مستوى العالم. ففي ولاية كاليفورنيا التي تعاني من موجة جفاف مستمرة منذ سنين عديدة, يبلغ معدل إستهلاك المياه مقارنة بعدد السكان 1500 جالون يوميا نصفها مخصص لمزارع الماشية الجماعية وزراعة المحاصيل المخصصة لإطعام المواشي. إستهلاك المياه في المنازل لا يزيد عن 5% من مجموع استهلاك المياه في الولايات المتحدة بينما مزارع تربية المواشي الجماعية تستهلك 55% من مجموع استهلاك المياه. إن ذالك يعد كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى خصوصا أن الإعلام يعمد إلى إلقاء اللوم على المواطن العادي المطالب بالاقتصاد في استخدام المياه بينما يتحدث مخرج الفيلم أن شطيرة همبرغر واحدة تزن 250 غرام تهدر ما مجموعه 660 جالون من المياه لتصل للمستهلك. إن مواقع المنظمات البيئية على الشبكة العنكبوتية لا تأتي على ذكر تلك المعلومات الإحصائية المهمة ولكن الغموض حول الأسباب التي تقف وراء ذلك سوف تتبدد بمجرد معرفة هوية المتبرعين لتلك المنظمات التي لن أستغرب إن ذكر أنها قد تضم شركات الطاقة أو حتى شركات اللحوم التي لها مصلحة مباشرة في محاولة تحييد الرأي العالم عن السبب الحقيقي الذي يساهم بشكل رئيسي في التلوث البيئي, فكل طرف يحاول إلقاء اللوم على الأخر ويقوم على تمويل منظمات غير حكومية(NGO) للدفاع عن مصالحهم ضد خصومهم.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والمعرفة

النهاية

No comments:

Post a Comment