Flag Counter

Flag Counter

Friday, October 14, 2022

هل بدأ العد التنازلي لإنهيار النظام المالي العالمي؟(١)

إنَّ نظرة معمَّقَة الى تاريخ النظام المالي العالمي سوف تؤدي الى إستنتاج ظهور ذلك النظام منذ زمن بعيد جدا وتطوَّرَ تاريخيا وبالتدريج مع مرور الوقت. ولكن خلال كل التطَّور التي مرَّ بها النظام المالي فإنَّ آلية إصدار النقد قد تم الخفاظ عليها تحت سيطرة الحكومات. ولو دقَّقنا في التفاصيل والأحداث سوف نجد أن أي عملية تغيير في طبيعة ذلك النظام وبنيته الأساسية لم تكن تتم من خلال وسائل وطرق سلمية, الحكومات كانت تحاول بإستمرار الحفاظ على حقها في طباعة العملة وإصدار النقد بينما النخب المالية كانت تنافسها في ذلك والسبب أنَّ من يتحكم في إصدار النقد كان يملك صلاحيات واسعة في التحكم بالإقتصاد والتجارة وحتى السياسة وهو ما أكَّدَه امشيل روتشيلد مؤسس أحد أكثر العائلات المصرفية شهرة في التاريخ حيث صرَّح سنة ١٧٩٠م:"دعني اتحكم في إصدار عملة بلد ما ولا يهمني بعد ذلك من يكتب قانونها." ناثان روتشيلد حفيد امشيل من إبنه ماير الأب المؤسس للأسرة المصرفية صرَّحَ سنة ١٨١٥م:"لايهمني من يعتلي العرش البريطاني فالرجل الذي يصدر ويتحكم في أموال الإمبراطورية البريطانية هو الذي يحكم بريطانيا وانا الذي يتحكم في أموال الإمبراطورية."

ومن خلال تلك النظرة المعمَّقة ومحاولة ربط الأحداث بعضها ببعض وإيجاد الصلة بينها سوف نكتشف أنه على سبيل المثال أنَّ إنشاء البنوك المركزية يمثِّلُ أول مراحل التغيير في البنية الأساسية للنظام الإقتصادي على مستوى العالم. إنَّ دراسة تاريخ البنوك المركزية يثبت خطأ المفهوم الشائع أنَّ بنك الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي هو أول تلك المؤسسات الخاصة التي تم إنشائها من أجل التحكم في إصدار النقد وطباعة العملة. بنك إنجلترا المركزي تم إنشائه بعد ثورة عنيفة وحرب أهلية دموية إنتهت الى إعدام ملك إنجلترا تشارلز الأول سنة ١٦٤٩م  أمام المبنى الذي سوف يصبح لاحقا مقرا للبنك. البنك المركزي الفرنسي تم إنشائه سنة ١٨٠٠م خلال الفترة التي أعقبت أحداث الثورة الفرنسية(١٧٨٩م-١٧٩٩م)  التي كانت أيضا دموية وعنيفة للغاية وانتهت الى إعدام الملك الفرنسي لويس السادس عشر تاريخ ٢١/يناير/١٧٩١م.

هناك مفهوم شائع آخر ولكنه خاطئ حول دور آل روتشيلد في الإقتصاد العالمي وظهور البنوك المركزية. إنَّ أقدم البنوك المركزية ربما ظهر في إنجلترا خلال القرن السابع عشر وتحديدا سنة ١٦٩٤م بينما ظهرت عائلة آل روتشيلد وأصبح تأثيرها واضحا نهاية القرن السابع عشر وبداية القرن الثامن عشر. إذا, فإنَّ ظهور آل روتشيلد هو نتيجة للتغيرات في النظام الإقتصادي العالمي وليس سببا في تلك التغيرات. الأزمات الإقتصادية هي نتيجة طبيعية للدور الذي بدأت تؤديه البنوك المركزية ودورها في الاقتصاد وحركة التجارة العالمية. إنَّ وقوع الأزمات والفقاعات الإقتصادية وزيادة وتيرتها كان متزامنا مع تأسيس البنوك المركزية في مختلف البلدان الأوروبية. إنَّ الازمات الإقتصادية يجمع بينها عوامل مشتركة مثل أزمة الكساد العظيم(١٩٢٩م-١٩٣٣م) وأزمة الرهون العقارية منخفضة الجودة(٢٠٠٧م-٢٠٠٨م) مع فارق بسيط هو أنَّ الأزمات اللاحقة بدات مع مرور الوقت في التحول الى أزمات عالمية, أي أنَّ حدود الأزمة تجاوزت دولة المنشأ وبدأت في التأثير العميق على إقتصاد الدول الأخرى. كلما إزداد نفوذ الدولة وقتها العسكرية ومساحات الأراضي التي تسيطر عليها, كلما إزدادت الأزمات الإقتصادية في الشِّدّة والتأثير.

وفي الولايات المتحدة فقد كانت الصراع بين الرؤساء الأمريكيين والنخب المالية الخاصة لا يختلف عنه في أوروبا. رؤساء الولايات المتحدة مثل إبراهام لينكولين و أندرو جاكسون قاوموا محاولات إنشاء بنوك مركزية حيث أدرك الآباء المؤسسون مخاطر السماح بإنشاء تلك المؤسسات. إبراهام لينكولن تم اغتياله سنة ١٤/ابريل/١٨٦٥م بينما تعرض أندرو جاكسون الى عدة محاولات اغتيال نجا منها بأعجوبة. الرئيس الأمريكي جون كينيدي تم إغتياله في مدينة دالاس تاريخ ٢٢/نوفمبر/١٩٦٣م بعد أن أصدر المرسوم رقم ١١١١٠ والذي أعاد سلطة طباعة النقد الى وزارة الخزانة وليس بنك الإحتياطي الفيدرالي. إنَّ أول قرار تم إتخاذه من نائب الرئيس ليندون جونسون حيث أصبح رئيسا هو إلغاء القرار السابق الذي أصدره جون كينيدي مما يجعل من الواضح مسار الأحداث وأسبابها وكيف يتم التخطيط لها.

يتبع...


No comments:

Post a Comment