Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, October 19, 2022

الماضي الأسود للإمبراطورية الإستعمارية البريطانية

ليست مبالغة القول أنَّ الفضل في التقدم والإزدهار الذي تعيشه أوروبا هو للمسلمين والمستعمرات في آسيا, إفريقيا, الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية. تصريحات وزير خارجية الإتحاد الأوروبي جوزيف بوريل حول أوروبا الجنة وباقي العالم غاية حيث تعيش الوحوش, وأنَّ أوروبا يجب أن تغزو العالم من أجل حماية نفسها, أثارت الكثير من الغضب الصامت في أوساط عدة دول عربية وإسلامية اكتفت بالتنديد وإرسال رسائل إحتجاج. إنَّ تصريحات جوزيف بوريل ليست حالة فردية بل هي سياسة عامة و وجهة نظر الأوروبيين العنصرية للأعراق الأخرى التي يصفونها بانها ملونة ويعتبرونها منحطة وقذرة. هتلر, موسوليني, الفاشية, النازية, حركة كو كلوكس كلان هي القاعدة العامة وليست استثناء.

المستعمرون الأوروبيون البيض بعد أن شبعوا حضارة, يرمون الآخرين بالتهم. المثير للاستغراب الصمت العربي والإسلامي, لا مقاطعة بضائع أو سحب سفراء أو طابور إنتظار من أجل حصول الأوروبي على فيزا حيث يعامل في المطارات العربية أفضل من أهل السكان المحليين. الفضل في الحضارة والرخاء والنعيم الذي تعيشه أوروبا هو للنهب المنظم والمستمر الى يومنا هذا للمستعمرات الأوروبية في آسيا, إفريقيا, الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية. وهناك عدة أمثلة ولكن تبقى الإمبراطورية البريطانية بتاريخها الإستعماري الأسود أكثر تلك الأمثلة وضوحا.

كانت الإمبراطورية البريطانية في ذروة مجدها وجبروتها خلال الفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولى تسيطر على ربع مساحة العالم وتحكم على ٢٥٠ مليون نسمة. الجنيه الإسترليني كان عملة التجارة الدولية و أقوى عملة في العالم, وضع مشابه للدولار الأمريكي حاليا. الثورة الصناعية بدأت في إنجلترا والرأسمالية تبلورت مفاهيمها الرئيسية في إنجلترا والعالم آدم سميث مؤلف كتاب "ثروة الأمم" حيث شرح الرأسمالية ومبادئها الأساسية كان من إسكتلندا التي كانت تعتبر أحد مقاطعات الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.

ولكن تلك الحضارة والنهضة لم يتم بنائها إلا على جماجم سكان المستعمرات التي حكمتها بريطانيا بالحديد والنار, ونهبت خيراتها وثرواتها. في الهند التي لقبها "درَّة التاج البريطاني," من لم تقتله حراب البنادق البريطانية, مات بسبب المجاعات والفقر والمرض. في حلقة مميزة للغاية من برنامج (المخبر الاقتصادي) الذي يقدِّمه الإقتصادي المصري د.أشرف إبراهيم, معلومات مثير كشف عنها حول تلك الفترة المظلمة في تاريخ الهند التي كانت أهم وأكبر تتبع الإمبراطورية البريطانية. أحد أهم المعلومات التي كشف عنها هي أن مجموع ما نهبه الإحتلال البريطاني في الهند يبلغ ٦٤ تريليون دولار تقريبا وفق أسعار الصرف الحالية. الإحتلال البريطاني للهند كان عبارة عن عملية نهب منظمة خصوصا المحاصيل الزراعية مما أدى الى مجاعات كان ضحيتها ملايين الهنود.

أرقام إحصائية بسيطة تكشف حجم مساهمة المستعمرات ومنها الهند في الإقتصاد البريطاني. في كتاب "صعود وأفول الإمبراطورية البريطانية," يذكر الكاتب والمؤلف جيمس لورنس مايلي: ٧٠% من المنتجات البريطانية كان يتم تصريفها في المستعمرات و ٩٠% من المواد الخام مصدرها المستعمرات البريطانية. أسباب صمود بريطانيا و انتصارها في الحرب العالمية الأولى والثانية هو المستعمرات حيث قاتل مئات الآلاف من سكان تلك المستعمرات في صفوف القوات البريطانية على جبهات القتال المختلفة. المستعمرة البريطانية في الهند كان لها الفضل في ازدهار صناعة النسيج البريطانية التي كانت تعتبر أحد أهم العوامل المساهمة في الثورة الصناعية التي بدأت من بريطانيا وجعلت منها بلدا مزدهرا وثريا.

ولكن على الرغم من تلك المعلومات والحقائق الدامغة سوف نجد من يكيل المديح للإستعمار البريطاني حتى من بين الهنود أنفسهم. بريطانيا لم تكتفي بإستعمار الهند ونهب ثرواتها بل عملت على تقسيمها تقسيما طائفيا وسياسيا. الإدارة البريطانية في الهند عملت على المحافظة على نظام الطبقات العنصري وزرعت في قلب تلك القارة الشاسعة بذور التقسيم السياسي. القارة الهندية كانت تشمل في السابق الهند, باكستان, بنغلاديش و بورما. وعندما غادر الإستعمار البريطاني الهند, إندلعت مباشرة حرب أهلية بين الهندوس والمسلمين أدَّت الى إنفصال بنغلاديش و باكستان مما أدى الى تقلص مساحة الهند بنسبة كبيرة. كما أنَّ بورما إستقلَّت عن الهند في مرحلة سابقة. كما أنه ومن أجل إستمرار التوتر بين الهند وباكستان تم التلاعب بمصير مقاطعة جامو وكشمير والتي مازالت بؤرة توتر بين الدولتين الى يومنا هذا. وفي موضوع سابق عن حروب المياه بعنوان "حروب المياه والاقتصاد السياسي للأزمات" أوضحت كيف أن تقسيم بريطانيا للحدود بين الدولتين بما في ذلك الموارد المائية في مقاطعة جامو وكشمير كان أحد الأسباب الرئيسية للصراع بين الدولتين على تلك المنطقة الحيوية والمهمة.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والمعرفة

رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة

الرجاء التكرم الضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة

النهاية

















No comments:

Post a Comment