لماذا أدعو الى مقاطعة المنتجات الأمريكية والأوروبية ودولة قطر؟

مقاطعة المنتجات الأمريكية والأوروبية ثقافة وصراع وجود قبل أن تكون قضية فلسطين والمجازر الصهيونية السبب. هناك سياسة استعمارية حديثة بديلة عن الاستعمار العسكري تتمثل في إستخدام القوة الناعمة ويمثل التواجد الإقتصادي من خلال الماركات الشهيرة أحدها. ماركات تجارية مثل ماكدونالدز أو بيبسي أو كوكاكولا أو ماركات تجارية فرنسية مثل كارفور تحولت الى رموز للولايات المتحدة ومشكلة إقتصادية كبرى في دول الشرق الأوسط حيث تؤدي الى انتشار البطالة و استنزاف العملة الصعبة بسبب قيام الشركات الفرعية بتحويل جزء من الأرباح عبارة عن رسوم حقوق الملكية الى الشركة الأم في الخارج بالعملة الصعبة(الدولار الأمريكي).

الوطن العربي يستورد تقريبا كل شيء من الخارج وقد صدمت عندما شاهدت فيديو للخبير الاقتصادي المصري الاستثنائي صلاح جودة  يتحدث أن مصر تستورد حتى أقلام الرصاص والأستك(اللاصق) وأن صناعات مميزة مثل سيارات النصر المصرية قد اختفت من الوجود. مصر يمكن اعتبارها مثالا للمقارنة لأنها أكبر دولة عربية ولديها موارد هائلة غير مستغلة وتعاني من مشكلة إدمان الإستيراد ولديها مشكلة في العملة الصعبة حيث يرتفع سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري بإستمرار. صناعة الأثاث المصري في دمياط(مدينة مصرية) تنزف بسبب الأثاث المستورد خصوصا من الصين بينما في السابق كانت الأسر العربية تتفاخر بأن لديها غرفة نوم وصالة جلوس مصنوعة في دمياط.

المطلوب ليس أن يصنع العرب طائرات ودبابات ولكن حتى في مجال الأمن الغذائي فإن القضية وصلت الى مستويات خطيرة. هل من المعقول أن دولا عربية بدون الإستيراد من الخارج سوف تعاني من الجوع أو حتى مجاعة؟ هناك شبه اتفاق أن الولايات المتحدة  ودولا أوروبية وفي إطار إتفاقيات التجارة الحرة المجحفة تقدم الدعم الى مزارعيها الذي يصدرون منتجاتهم الى جميع أنحاء العالم خصوصا الشرق الأوسط بينما تمنع الإتفاقيات ذاتها تقديم تلك الدول الدعم الى المزارع المحلي. 

الولايات المتحدة في السابق كانت تلقي فائض إنتاجها الضخم من القمح في البحر حتى تحافظ على مستويات سعرية مرتفعة ولكن خلال نهاية خمسينيات القرن العشرين كانت هناك تغيير جذري في تلك السياسة. إن ذلك التغيير يمكن تلخيصه في أن الولايات المتحدة سوف تقدم ذلك القمح الى دول تختارها مقابل سعر منخفض للغاية أو منحة مجانية وفي المقابل سوف يؤدي ذلك تدريجيا الى انحسار في مساحات القمح المزروعة وفي الوقت نفسه سوف تسوق الولايات المتحدة الذرائع من أجل إستمرار ذلك وإلا العصا الأمريكية منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني والهيئات غير الحكومية ومجتمعات الميم(الشواذ) جاهزة من أجل مضايقة تلك الدولة والضغط عليها.

المنتجات الأمريكية والأوروبية تعامل المعاملة ذاتها والشعب الفلسطيني يقتل ويذبح وتؤخذ منه أراضيه منذ سنة ١٩٤٨ ولا أعلم السبب عن تأخر دعوات المقاطعة عشرات السنين. هل من المعقول أن الدول العربية بعد كل تلك السنين من الإستقلال وبناء المؤسسات والقومية والصراع العربي-الإسرائيلي لا يمكنها الاستغناء عن حتى أبسط المنتجات الغربية مثل كوكاكولا أو كنتاكي أو ماكدونالدز. 

ولكن ما هي علاقة مقاطعة المنتجات الأمريكية والأوروبية بدولة قطر؟

دولة قطر تعتبر إسرائيل الثانية في الوطن العربي. دولة وضعت أراضيها وثرواتها في خدمة المشروع الاستعماري الأمريكي في الشرق الأوسط. هناك في قطر تقع أكبر القواعد العسكرية الأمريكية خارج أراضي الولايات المتحدة وهي قاعدة العديد وقاعدة السيلية حيث إنطلقت الطائرات التي كانت تقصف العراق وقتلت مئات الآلاف من الأطفال والطائرات التي كانت تقصف وتقتل المدنيين الأفغان واليمنيين. كما أن تلك القواعد العسكرية تعتبر مخازن سلاح تقوم على تزويد دولة الكيان الصهيوني بالذخائر وقطع الغيار لو كان الطلب عليها مستعجلا كما في الحرب الدموية ضد قطاع غزة حاليا. 

قناة الجزيرة القطرية عبارة عن مشروع إعلامي أمريكي-صهيوني بإمتياز حيث تستضيف شخصيات إسرائيلية منهم الناطق بإسم جيش الإحتلال الصهيوني أفيخاي أدرعي حتى يعرضوا وجهة نظرهم. قناة الجزيرة قدَّمت الصهاينة وأدخلتهم الى كل منزل عربي وساهمت في التطبيع الإعلامي والثقافي مع دولة الكيان الصهيوني. الطائرات الأمريكية التي تنقل شحنات السلاح الى دولة الكيان الصهيوني تنطلق من قواعد عسكرية أمريكية في دولة تستضيف قادة حركة حماس الفلسطينية وتعمل قنواتها الإعلامية ناطقة بإسمهم وتعتبر هي الممول الأول للحركة وجناحها العسكري كتائب عز الدين القسام. دولة قطر خلال دورة  الألعاب الأولمبية العربية سنة ٢٠١١ عرضت ٢٢% من مساحة فلسطين التاريخية خارطة تمثل دولة فلسطين وعلى الرغم من ذلك فإن قناة الجزيرة تتهم حركة فتح بخيانة القضية الفلسطينية وتتهم شخصيات فلسطينية بأنها تخون القضية الفلسطينية بينما لم تعلق حركة حماس على ذلك التصرف الأخرق. حركة حماس هم أنفسهم بدأوا نضالهم بشعار تحرير فلسطين من البحر الى النهر وأن التنازل عن شبر واحد هو خيانة للإسلام والمسلمين وأن أرض فلسطين وقف إسلامي وحاليا يقبلون بحل الدولتين وحدود ١٩٦٧ بعد أن كانوا يتهمون الأخرين بأنهم خونة للقضية الفلسطينية للأسباب ذاتها.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية