Flag Counter

Flag Counter

Thursday, June 6, 2024

المصالحة الفلسطينية هي طريق التحرير والنصر

ليس هناك شك في أنَّ حركة حماس قد سقطت في الفخ سنة ٢٠٠٦ حين دخلت الى لعبة السياسة وفازت في الإنتخابات البرلمانية بالأغلبية حيث وصلت الى كرسي الحكم في إنتخابات شفافة وديمقراطية بإعتراف هيئات ومؤسسات دولية عملت على مراقبة عملية الإقتراع خصوصا الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر الذي كان حاضرا عملية التصويت في قطاع غزة. التوجه في دوائر صنع القرار في دول الغرب خلال السنوات التي سبقت ٢٠٠٦ كان عدم وصول الإسلاميين الى السلطة والحكم ولكن ذلك تغير لاحقا والهدف هو أن يكونوا في مواجهة تحديات ومشاكل مستعصية يعجزون عن العثور على حلول لها ويصبحون مكشوفين أمام الشعوب وضعفاء وبالتالي يسهل التعامل معهم وتقديمهم تنازلات سياسية وإقتصادية. حركة حماس واجهت  ومازالت أوضاعا داخلية مزمنة حيث حصل الاصطدام مع حركة فتح التي وجدت نفسها في مواجهة وضع مستجد بدون أن تمتلك المرونة الكافية للتعامل مع ذلك.

حركة حماس قامت بتنفيذ انقلاب مسلح في قطاع غزة سنة ٢٠٠٧ ولاحقت نشطاء حركة فتح واعتقلت عددا منهم وقتلت آخرين وحاولت تنفيذ انقلاب في الضفة الغربية ولكن الأجهزة الأمنية أفشلت ذلك. كما أن حركة فتح لديها وجود مسلح مقاوم وقوي في الضفة الغربية التي تعتبر شعبيا موالية للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وحركة فتح.  حماس وجدت نفسها في مواجهة تحديات ومتطلبات من خدمات وبنية تحتية ولكن كثيرا من مفاتيح ذلك كان تحت السيطرة الإسرائيلية مثل الكهرباء والتحكم في حركة دخول وخروج البضائع من قطاع غزة.

قادة حركة حماس لم يفهموا أن الإنتقال من مرحلة المقاومة الى مرحلة الدولة والحكم له منهجية سياسية معينة فشلوا في تلبيتها بسبب انحيازهم التقليدي مناصريهم وإهمال الفئات الأخرى التي تنتمي الى تيارات وأحزاب سياسية فلسطينية تعتبرها حماس حركات علمانية. حركة حماس فرع تنظيم الإخوان المسلمين في فلسطين والأولوية لديهم هو التغلغل في كافة مرافق الدولة ومؤسساتها خصوصا التعليمية وتعيين مؤيديهم في المناصب المهمة وتكون غالبية الوظائف من نصيب مؤيدي وأعضاء حركة حماس بينما قد يتركون الفتات للأخرين. كان الحصار الإسرائيلي هو الشماعة التي تستخدمها حركة حماس من أجل تعليق أخطاء فشلها عليها. الحركة نجحت عسكريا من خلال كتائب عز الدين القسام وفشلت مدنيا في بناء أجهزة ومؤسسات دولة تتعامل مع جميع المواطن بإنصاف دون الأخذ في عين الإعتبار انتماءاتهم السياسية.

إن فشل حركة حماس في الانتقال من مرحلة المقاومة الى بناء الدولة المدنية قد أدى الى تعميق الشرخ الداخلي الفلسطيني-الفلسطيني الذي كانت سنة ٢٠٠٧ بدايته. أولويات حركة حماس كانت ملاحقة النساء الذين يدخنون الأرجيلة في المقاهي وإغلاق صالونات تصفيف الشعر النسائية التي كان يعمل فيها الرجال  وقمع المظاهرات ومنع المواطنين من التعبير عن آرائهم وليس متطلبات الشعب الحياتية اليومية والتي كانت تعمل على تلبية بعضها من خلال التهريب عبر الأنفاق التي كان يسيطر عليها كبار قادة حماس ويفرضون ضرائب مرتفعة على الإنفاق الأخرى التي لا تخضع الى سيطرتهم. حركة حماس فشلت في بناء حكومة مدنية تحقق المساواة بين جميع المواطنين وتعتمد مبدأ الشفافية والمحاسبة ومكافحة الفساد. التداخل بين العمل المدني والعسكري أدى الى تناقضات ومشاكل مثل عدم نشر موازنة يمكن مناقشتها ومحاسبة المسؤولين على أوجه إنفاق الأموال فيها. الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية معطلة منذ ٢٠٠٧ والمجتمع الدولي يرفض التعامل مع حكومة حماس بسبب إنقلاب ٢٠٠٧ ويعتبرها حكومة باطلة بدون سلطة قانونية.

حركة حماس وبعد أن وصلت الحكم سنة ٢٠٠٧ بإستخدام القوة المسلحة بدأت في قبول عقد هدنة أو اتفاقية طويلة الأمد مع دولة الكيان الصهيوني ولكنهم في الوقت نفسه يتهمون حركة فتح وياسر عرفات بالخيانة بسبب اتفاق أوسلو. وقد كانت حركة حماس حريصة على تخريب أي جولة مفاوضات فلسطينية-إسرائيلية من خلال تنفيذ عمليات في داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولكن حماس في الوقت نفسه كانت حريصة على ضبط الوضع الأمني في قطاع غزة حتى لا تقوم أي فصائل فلسطينية بتنفيذ عمليات لا توافق عليها قيادة كتائب عز الدين القسام. 

إن ما قامت به حركة حماس هو (تقنين) المقاومة في قطاع غزة. سنة ٢٠١٧ عقدت حركة حماس مؤتمرا صحفيا في قطاع غزة حيث أعلنت على أنها حركة تحرر وطني فلسطيني وأنها تتبرأ من انتمائها الى تنظيم الإخوان المسلمين ولكنها أدخلت طاع غزة في خمسة حروب مدمرة كانت عملية طوفان الأقصى ٧/أكتوبر  هي جولة الحرب السادسة وذلك من أجل تحقيق أهداف مستحيلة على حساب دماء الشعب الفلسطيني الذي يعاني من نقص حاد في كل شيء بينما قادة من حماس ومفكرين عرب يجلسون على بعد آلاف الكيلومترات يتحدثون عن التضحيات وعن الوطن أو ثقافة الشرف أو العلف. ولكن كل ما قامت به حركة حماس هو تقية سياسية وقد تبرأ مؤسس الإخوان المسلمين حسن البنا من أعضاء التنظيم الخاص الذين قاموا بتنفيذ عمليات اغتيالات بأنهم "ليسوا منا وليسوا إخوان" وبالتالي فإن ذلك ليس بأمر محدث في تنظيم الإخوان المسلمين بل هو ممارسة إعتيادية.

حركة حماس أعلنت في عدة مناسبات عن رغبتها في الانضمام الى حركة التحرير الوطني الفلسطيني(فتح) ولكنها وضعت شروطا لعل أهمها القيام بإصلاحات في حركة فتح ولعل ذلك يعني أن تكون الكلمة العليا في الحركة هي حماس وأن تسيطر على موارد الحركة المالية. إن مشكلة أتباع تيار الإسلام السياسي وتنظيم الإخوان المسلمين على رأسهم هو إعتقادهم أنهم مؤيدون أو من حقهم أن يحكموا بالحق الإلهي وأن سقوطهم في الإنتخابات يؤدي الى أن هذه الإنتخابات مزورة وأن فوزهم قدر محتوم مكتوب في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الله الأرض ومن عليها. حركة حماس مخطئة في اعتقادهم أنه يمكن تحقيق أي جولة من النصر العسكري في معركة طويلة المدى بدون أن يكون هناك مصالحة فلسطينية وتحقيق الوحدة الوطنية والتخلي عن الحلم بإقامة حكم فردي في فلسطين وذلك يشمل أيضا حركة فتح الذي يعتقد بعض قياداتها أن لهم الحق في أن يحكموا فلسطين ويقرروا مصير البلاد والعباد بدون أي شريك حقيقي في الحكم والسلطة. ولكن كما يقول المثل "أكلت يوم أكل الثور الأبيض" ولا يمكن تحقيق النصر في فلسطين بدون المصالحة الفلسطينية-الفلسطينية والوحدة الوطنية السياسية والعسكرية الفلسطينية.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment