Flag Counter

Flag Counter

Sunday, June 16, 2024

لماذا نهض الغرب وسقط المسلمون؟

دائما ما يثير ذلك التساؤل اهتمام المؤرخين والمثقفين عن أسباب نهوض وصعود الغرب وإنحدار العرب والمسلمين على العموم رغم امتلاكهم في السابق جميع مقومات الحضارة. مراجعة بسيطة للتاريخ سوف تكشف لأي شخص حتى لو كان مبتدئاً أن المسلمين على سبيل المثال قدموا للعالم الخوارزميات التي تستخدم تطبيقاتها العملية اليوم في كافة مناحي الحياة بداية من فيسبوك,تويتر,يوتيوب والذكاء الإصطناعي. أبو عبد الله محمد بن موسى(الخوارزمي) هو أبو الجبر ومكتشف الصفر والذي قدم للعالم الخوارزميات ويعتبر كتاب "المختصر في حساب الجبر والمقابلة" من أهم كتبه التي ترجمت الى اللاتينية في القرن الثاني عشر وبالتالي أدخلت الى القاموس اللاتيني ولأول مرة كلمات مثل الجبر والصفر. أبو القاسم عباس بن فرناس هو الذي نجح في الطيران قبل الأخوين رايت في الولايات المتحدة بمئات السنين. وقد قرأت في بعض المصادر أنه نجح بالفعل في محاولته الطيران ولكنه تعرض الى بعض الكسور خلال عملية الهبوط بسبب مشكلة الذيل التي لم يحسن تقديرها.

لقد إستخدمت مثالين بسيطين ولو طال المقام لكانت الحاجة الى كُتب وليس كتاب واحد من أجل تقديم مساهمات العرب والمسلمين العلمية في الحضارة البشرية والإنسانية. علماء الغرب ماهرون للغاية في الانتحال وسرقة جهود الآخرين وتسجيلها بأسمائهم تحت مسمى براءات إختراع. أبو علي الحسين(ابن سينا), أبو علي الحسن(ابن الهيثم) و أبو بكر محمد(الرازي) يعتبرون من أهم العلماء المسلمين والذي لولا أفكارهم التي نجح الغرب في تطبيقها عمليا لما نجح الغرب في الوصول الى ماهم عليه وتأخر عصر النهضة والثورة الصناعية عدة قرون. بغداد وقرطبة لاحقا كانت قبلة العلم والعلماء بجامعاتها ومساجدها وحماماتها العامة خلال تلك العصور التي كان الأوروبيون يحرمون الإستحمام لأنه من عمل الشيطان وابتكروا العطور للتغطية على روائحهم الكريهة.

ولكن من أجل الإجابة على السؤال والإستفادة من دروس التاريخ علينا أن ندرس الحالة الأوروبية أولا ونعود بعد ذلك الى الوراء نفتش عن الإجابة في صفحات الماضي وبين سطور التاريخ. ولعل القارئ المطلع على التاريخ سوف يجد أن نهوض الدول الأوروبية لم يكن على المستوى ذاته وعندما نتحدث عن الغرب في القرن الثامن عشر الى بدايات القرن العشرين فإننا نتحدث عن إنجلترا أو المملكة المتحدة أو بريطانيا أو الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس والتي كانت في السابق دولة ريفية فقيرة شديدة التخلف تحتل فرنسا مساحة واسعة من أراضيها. إسبانيا والبرتغال وقعتا سنة ١٤٩٤ معاهدة  توردسيلاس برعاية البابا الكسندر (اسكندر)السادس ولاحقا معاهدة سرقسطة سنة ١٥٢٩م ولم يكن لإنجلترا أي اسم يذكر أو أن لديها أسطولا بحريا ولم يكن العالم يعرف غير قوتين بحريتين هما البرتغال و إسبانيا.

إذا ما هي العوامل التي كانت سبباً في صعود إنجلترا التي تحولت الى إمبراطورية مقابل البرتغال وإسبانيا الذي تضاءل دورهما تدريجيا؟ 

السبب هو حركة رأس المال وفق انسيابية معينة من البرتغال وإسبانيا الى إنجلترا حيث كان اهتمام الإنجليز  بصناعة السلع الإستهلاكية والفاخرة التي يبيعونها الى البرتغاليين والإسبان مقابل ذهب وفضة العالم الجديد الذي كان من وفرته أن انخفض سعره كما ذكر عالم الاقتصاد الاسكتلندي آدم سميث في كتاب "ثروة الأمم." البرتغال وإسبانيا لم يكن لديهم اهتمام بتطوير حركة وانسيابية رأس المال عليهم بما يؤدي الى نهضة حقيقية وتنويع مصادر الدخل بدلا من الاعتماد على ذهب وفضة المستعمرات في الأمريكتين ولاحقا تجارة العبيد. ولأن حركة رأس المال تفرض نفسها وتبحث دائما عن الأرباح والتطوير المستمر فقد كان توفر تلك الأموال الهائلة لدى التجار الإنجليز عاملا مهما في بروز حركة تجارية أو مذهب تجاري المركنتيلي والقضاء على طبقة الإقطاعيين ورجال الدين ونفوذهم في المجتمع وتطور المدن بوصفها منطقة تبادل تجاري.

الإنجليز بدؤوا بالعمل ضمن الشروط المتوفرة بأفضل ما لديهم من إمكانيات  في تطوير صناعة الغزل والنسيج حيث كانت إنجلترا بلداً زراعيا تتميز خصوصا بقطعان الماشية والصوف الإنجليزي كان مشهورا ولكن الخطوة التي قام بها الإنجليز بتحويل تجارة الصوف الخام الى صناعة أمر مختلف. البداية كانت من خلال مصادرة الأراضي المشاع وتحويلها الى أراضي خاصة تتبع التاج البريطاني ثم تحويل تلك الأراضي الى مراعي لقطعان الماشية وإستخدام الصوف في صناعة الأقمشة والاجواخ الإنجليزية الفاخرة وتصديرها الى الخارج. ولكن رأس المال دائما يتوجه من المكان المرتفع الى مكان أكثر انخفاضا وعندما أصبحت الصادرات الإنجليزية في حالة تشبع وازدادت بسبب الثورة الصناعية فقد بدأ الإنجليزي في التوجه نحو السيطرة على المستعمرات وذلك من خلال بناء قوة بحرية لا تقهر وتأسيس شركات إحتكارية بدأت في البحث عن أسواق جديدة حتى ولو باستخدام القوة وتحولت تلك الجزيرة الضخمة المعزولة الى الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس حيث تحكم ربع مساحة العالم ومايزيد عن ٢٥٠ مليون نسمة رغم تعداد جيشها البري الصغير نسبيا مقارنة مع دول أوروبية أخرى.

بريطانيا كانت جزيرة كبيرة معزولة وتحولت الى إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس ثم عادت الى وضعها السابق وهو مهدد بالخطر حيث تحاول اسكتلندا الإنفصال وربما لاحقا أيرلندا الشمالية. ولكن ذلك هو حال التاريخ, أمم تصعد و أخرى تنحدر وتهبط الى القاع والإمبراطورية الرومانية كانت في السابق لا تغيب عنها الشمس ثم انهارت ومن قبلها الإمبراطورية الفارسية وغيرهم. وحاليا الولايات المتحدة بدأت في إظهار علامات الضعف التي سوف تنتشر كما ينتشر المرض في الجسم وقد تصبح رجل الغرب المريض كما كانت الدولة العثمانية في أواخر أيامها رجل أوروبا المريض. العرب ليسوا مختلفين عن الفرس أو الرومان أو البريطانيين أو عن أي دولة أو إمبراطورية أخرى. فقد كَثُرَ المال لدى العرب والمسلمين على العموم بسبب إحتكار أهم طرق التجارة  و ركنوا الى الدعة و حياة الرغد وأصبح اعتمادهم على أقوام من غير العرب أصبحوا هم المتحكمين في شؤون السياسة والتجارة والحرب مثل السبايا والعبيد وأسرى الحروب في الدولة الأموية, الخراسانية ولاحقا الأتراك في الدولة العباسية ثم الزنكيين والأيوبيين و البويهيين والفاطميين الذين أعلنوا خلافة فاطمية في القاهرة حيث أصبح للمسلمين خلافتان, أحدهما في القاهرة والأخرى في بغداد. العرب حتى في فترات الازدهار فشلوا في استغلال ذلك والاستمرار في الاندفاع مثل الموجة العالية التي تجرف في طريقها كل ما هو أمامها وفشلوا في التطبيق العملي الاختراعات والابتكارات والاكتشافات التي سرقها منهم الغربيون واستفادوا منها وطبقوها وتفوقوا على العرب في ذلك.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية

3 comments:

  1. الخط القديم كان افضل

    ReplyDelete
    Replies
    1. تحياتي
      أستخدم خطوطا مختلفة في الكتابة
      في أي موضوع إستخدمت ذلك الخط القديم حتى أعود الى إستخدامه؟
      شكرا للملاحظة

      Delete
  2. الخط القديم كان افضل

    ReplyDelete