Flag Counter

Flag Counter

Friday, June 7, 2024

ماهي أسباب الحرب العالمية الأولى؟ بداية القرن الأمريكي وصعود الولايات المتحدة قوة عالمية

الولايات المتحدة تعتبر دولة مستحدثة وفق المقاييس التاريخية حيث كانت هناك خلال الفترة التي سبقت نشوئها إمبراطوريات قوية مثل الإمبراطورية البريطانية التي كانت تحكم على ربع مساحة العالم وأكثر من ٢٥٠ مليون نسمة, الإمبراطورية الفرنسية التي كانت لديها مستعمرات في إفريقيا والشرق الأوسط, الإمبراطورية البرتغالية التي كانت لديها مستعمرات في الهند و منطقة الخليج العربي وحتى اليعاربة في سلطنة عمان وصلوا في مناطق نفوذهم الى سواحل إفريقيا ومناطق في الهند ونجحوا في طرد الاستعمار البرتغالي من منطقة الخليج العربي وكانوا خلال تلك الفترة أقوى من الولايات المتحدة ولديهم قوة بحرية و أسطول تجاري. الولايات المتحدة خلال نهايات القرن التاسع عشر كانت تدفع مبالغ مالية سنوية(جزية) الى دولة البايات في الجزائر حتى يسمحوا للسفن الأمريكية الإبحار في البحر الأبيض المتوسط. إذا ما هي أسباب تحول الولايات المتحدة من الحالة العدمية(اللادولة) الى الدولة الأقوى في عالم القطب الواحد؟

إن مناقشة صعود القوة الأمريكية أشبه ما تكون وتساقط حجارة الدومينو حيث تتداخل عوامل سياسية واقتصادية تعود جذورها الى مئات السنين . الحملات الصليبية أدت الى مايُعَرِّفُ عنه المؤرخون بأنه عملية التراكم الأولي وفتحت أبواب الشرق وكنوزه للمغامرين وكسرت حاجز الخوف من السفر وإستكشاف ماوراء المحيط وأدت في محصلتها الإجمالية نتيجة تراكم الإسباب والنتائج التاريخية الى حركة الكشوفات الجغرافية التي هي أقرب ماتكون الى محاولة إستثمار رؤوس الأموال المتراكمة والبحث عن المزيد من الأرباح وكانت النتيجة عملية تراكم رأسمالي أخرى بسبب إكتشاف الأراضي الجديد وطريق رأس الرجاء الصالح مما يؤدي الى ممرات  تجارية جديدة لاتمر من خلال مناطق سيطرة المسلمين, المماليك والعثمانيين. رأس المال دائما يتجه من المكان المرتفع الى المكان المنخفض حيث أنه خلال فترة زمنية سوف يفقد رأس المال قوة اندفاعه ويكون عاجزا عن تحقيق المزيد من الأرباح وحيث يبحث المستثمرون عن أسواق جديدة. وقد كانت حركة الكشوفات الجغرافية ردة فعل على عملية التراكم الأولي وهزيمة الصليبيين في المشرق وخروجهم نهائيا خلال فترة حكم سلطان المماليك الناصر قلاوون الذي نجح في السيطرة على آخر الممالك الصليبية في منطقة ساحل فلسطين وسوريا.

البداية في حركة الكشوفات الجغرافية التي تحولت لاحقا الى حركة استعمارية استيطانية حيث اكتشف كريستوفر كولومبوس الأراضي الجديدة(الولايات المتحدة) وبدأ المستوطنون بالتوافد وتشكلت ثلاثة عشر مستعمرة أمريكية قام المستوطنون الأوروبيون بتأسيسها. على سبيل المثال فقد أسس ولاية نيويورك مستوطنون إنجليز و هولنديون وترجمة الاسم هو يورك الجديدة وهو إسم مدينة في بريطانيا تعتبر مركزا صناعيا. بينما ولاية لويزيانا كانت تعتبر مستعمرة فرنسية وهناك مناطق أخرى استعمرها مهاجرون من دول أوروبية مختلفة مثل إسبانيا حيث يلاحظ أثر ذلك في العادات والتقاليد, ثقافة المنطقة, اللكنة المحكية والأهم في المباني. ولكن الوضع بقي على ماهو عليه فترة زمنية امتدت حتى بداية حرب الإستقلال الأمريكية والتي تعود جذورها الى أسباب اقتصادية مثل تلاعب بريطانيا بقيمة العملات المحلية من خلال حق حصري بنك إنجلترا المركزي بإصدار النقد وفرض ضرائب مرتفعة على الواردات الى المستعمرات. الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس كانت دائما وبسبب الثورة الصناعية تبحث دائما عن أسواق جديدة من أجل تصريف منتجاتها و استثمار الأرباح في مشاريع جديدة. ولكن حين أتحدث عن بريطانيا(إنجلترا) فإنني أقصد رأس المال, التجار والأثرياء وأصحاب المصانع والمصارف.

إنَّ  رؤوس الأموال البريطانية بدأت في التوجه نحو الولايات المتحدة في بداية القرن الثامن عشر وبدأ هناك صراع سببه رأسمالي إقتصادي وتحريم تجارة العبيد لم يكن إلا واجهة يستخدمه من لايرغبون في رواية الأحداث على حقيقتها. الولايات الجنوبية التي ترتبط مع بريطانيا إرتباطا وثيقا بسبب زراعة القطن الضروري لصناعة النسيج البريطانية تضرَّرَت من تحريم تجارة العبيد, بينما على العكس تماما من ولايات الشمال التي كانت مرتبطة مع رأس المال المحلي, تجار وأثرياء عاشوا وعملوا في أراضي الولايات المتحدة. رؤوس الأموال الأجنبية التي كانت بريطانيا وبنك إنجلترا خصوصا أسرة روتشيلد التي تعود جذورها الى يهود ألمانيا كانت هي المنتصر في نهاية الصراع الذي إستمر وقد يكون ذلك مفاجئا للكثيرين حتى القرن العشرين سنة ١٩١٣م بتأسيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. جي بي مورغان كان ينتمي الى أحد أعرق الأسر المصرفية البريطانية التي هاجر عدد من أفرادها الى الولايات المتحدة وأصبحوا وكلاء آل روتشيلد وأسسوا مصرف جي بي مورغان الذي اندمج لاحقا مع بنك تشيس مانهاتن في إطار صراع آخر بين رأس المال الأجنبي, آل روتشيلد ومورغان, ورأس المال المحلي, آل روكفلر حيث أصبح بنك جي بي مورغان تشايس أكبر بنك في الولايات المتحدة من ناحية رأس المال والأصول التي يمتلكها ويديرها.

أعلنت الولايات الأمريكية الثلاثة عشرة الإستقلال عن بريطانيا وخاضت حرب الإستقلال ومن ثم الحرب الأهلية الأمريكية وبدأت في الولايات المتحدة بعد إعادة ترتيب البيت الداخلي تحركات من أجل العمل على نهج الإمبراطورية البريطانية في التوسع والسيطرة على أسواق جديدة وأراضي جديدة وكانت البداية داخل ما أصبح يعرف في الخارطة الجغرافية الولايات المتحدة حيث تم إنجاز ذلك من خلال عدة طرق. ولايات مثل ألاسكا تم شرائها من روسيا القيصرية و لويزيانا من فرنسا  بينما ولايات أخرى تم انتزاعها من المكسيك بالحيلة والدسائس والقوة العسكرية أو من خلال تنظيم استفتاء مشكوك في نزاهته مثل ولاية هاواي التي كانت القوة العسكرية الأمريكي في حاجة إليها بوصفها قاعدة بحرية متقدمة في المحيط الهادي. وفي مرحلة لاحقة بدأت الولايات المتحدة في تصفية نفوذ الإمبراطوريات القوية فقامت قوات أمريكية بغزو الفلبين و كوبا التي كانت تسيطر عليهم إسبانيا ثم بدأت في محاولة إضعاف أوروبا من داخلها وكان لابد من إشعال حرب مدمرة تأكل الأخضر واليابس وهو أمر بدأ العمل عليه منذ نهاية القرن العشرين. ألمانيا تحولت الى قوة أوروبية في منافسة بريطانيا خصوصا في سلاح البحرية الذي كانت تعتمد عليه الأخيرة في فرض هيمنتها على العالم وحماية الطرق التجارية والسيطرة على المضايق والممرات البحرية المهمة والحيوية مثل قناة السويس, مضيق باب المندب ومضيق جبل طارق. ولكن لابد من إدارة الصراع إقتصاديا وتحقيق الإستفادة القصوى منه وذلك غير ممكن من دون تأسيس بنك الاحتياطي الفيدرالي سنة ١٩١٣م حيث بدأت الحرب العالمية الأولى سنة ١٩١٤م وذلك ليس من قبيل المصادفة ولكن مسرح الأحداث أصبح جاهزا من أجل إطلاق الشرارة وإشعال الصراع الأوروبي-الأوروبي حيث سوف تجلس الولايات المتحدة موقف المتفرج حتى يصاب جميع أطراف الصراع بالضعف ولايخرج أحد منه قويا وعندها تفرض شروطها على الجميع وذلك ماكان.

إن صعود ألمانيا قوة أوروبية بداية من توحيدها بقيادة المستشار الألماني بسمارك وصولا الى الحرب البروسية-الفرنسية والحرب العالمية الأولى لم يكن ممكنا بدون القروض الذهبية التي كان يقدمها آل روتشيلد حيث نجحوا في فرض المعيار الذهبي وحققوا أرباحا هائلة. بريطانيا دولة بدأ يصيبها الضعف والوهن والشاهد على صحة ذلك هو حرب البوير الأولى والثانية التي أدت الى تحطيم سمعة الجيش البريطاني بسبب الأساليب الوحشية والوقت الطويل في حرب ضد بضعة مستوطنين أوروبيين مسلحين بأسلحة خفيفة. الحرب العالمية الأولى ليست تسمية دقيقة للصراع في حرب داخلية أوروبية ولكنها الحرب الأوروبية الثالثة حيث كانت هناك حرب البلقان الأولى وحرب البلقان الثانية ثم حرب البلقان الثالثة التي أطلق عليها الحرب العالمية الأولى رغم أنها كانت حربا أوروبية بين الدول الأوروبية وفي أراضي أوروبا. الولايات المتحدة لم تدخل الحرب العالمية الأولى حتى سنة ١٩١٧م حيث تأكدت من أن الوضع أصبح في صالحها فقد دمر الصراع الدامي الدول الأوروبية وأصبحت القوات الألمانية على أبواب العاصمة الفرنسية باريس وفرضت الولايات المتحدة شروطها على الدول الأوروبية خصوصا فرنسا وبريطانيا حيث قدمت الأسلحة والإمدادات مقابل الدفع بالذهب حصراً وشاركت بقواتها مما أدى الى ترجيح كفة دول الحلفاء ضد ألمانيا وحلفائها. رجل الأعمال الأمريكي جي بي مورغان حقق ثروات لا حصر لها حيث كان الوكيل الحصري لدول الحلفاء في الولايات المتحدة ويمتلك حصة في بنك الإحتياطي الفيدرالي الذي كان يبيع سندات الحرية التي تستخدم الحكومة عائداتها من أجل تمويل الحرب ونفقات دعم الحلفاء. الولايات المتحدة أو بنك الإحتياط الفيدرالي حتى أكون أكثر دقة زاد من احتياطي الذهب لديه وبدأ الدولار الأمريكي في دخول الدورة الإقتصادية العالمية وبدأت حصة بريطانيا في الإقتصاد العالمي والدور الذي تلعبه من خلال الجنيه الإسترليني في التراجع وصولا الى الحرب العالمية الثانية و إتفاقية بريتون وودز سنة ١٩٤٤م.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment