Flag Counter

Flag Counter

Tuesday, May 28, 2024

ماهي أسباب فشل العقل العربي؟

الحقيقة أنَّ العقل العربي فاشل منذ البدايات وحتى الإسلام لم ينجح في التعامل مع العرب وقرائة بسيطة في صفحات التاريخ سوف تكشف لنا عن ذلك حيث تتغير أسماء الأشخاص والاماكن ويبقى العقل العربي هو ذاته.

حروب العرب منذ الجاهلية(قبل الإسلام) كانت تستمر لفترات زمنية طويلة أسبابها تافهة مثل حرب البسوس وحرب داحس والغبراء التي استمرت ربما أربعون عاما. تخيلوا الحرب العالمية الأولى أو الثانية تستمر أربعة عقود ماذا سوف يكون مصير العالم؟ الحروب بين الأوس والخزرج استمرت عشرات السنين حيث تبادلت القبيلتان الانتصارات والهزائم والأسباب تافهة مثل بيت شعر لأحد شعراء قبيلة الأوس يتفاخر فيه بقبيلته ويقوم بهجاء وذم وتحقير القبيلة الأخرى.

إنَّ ولاء العقل العربي للقبيلة والعشيرة أمر لم ينجح الإسلام في تشذيبه وتهذيبه إلا خلال فترة حياة الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم وبعد أن توفي وحتى قبل أن يُدفَن فقد كاد المسلمون أن يقتتلوا في سقيفة بني ساعدة حيث دخل بينهم ابن ابي سلول زعيم المنافقين والقى أبيات من شعر تحرض المهاجرين والأنصار, الأوس والخزرج على بعضهم البعض. ولولا حزم عمر ابن الخطاب وحكمة أبو بكر رضي الله عنهما لكان القوم اقتتلوا وسفكوا دماء بعضهم البعض. ولكن ما قام به عمر ابن الخطاب رضي الله عنه نجح في تأجيل ذلك ولو الى حين. 

تولى أبو بكر رضي الله عنه الخلافة وبدأت قبائل العرب في التمرد حيث رفض بعضهم دفع الزكاة وكان الحل هو إرسال بعضهم الآخر الذي حافظ على ولائه للخليفة الجديد الى قتال الفئة المتمردة ومن ثم الى الفتوحات والغزوات حيث السبي والغنائم والمغامرة حيث العقل العربي(البدوي) في طبيعته وحياته يتعامل مع ذلك على أنه سبب حياته وأمر ضروري لا يمكن الإستغناء عنه. ولكن أبو بكر رضي الله عنه كان محظوظا و توفي وفاة طبيعية لأن الخلفاء الثلاثة الذين تولوا الحكم من بعده كانت وفاتهم بالإغتيال رضي الله عنهم جميعا.

عمر ابن الخطاب اغتاله أبو لؤلؤة المجوسي, عثمان ابن عفان إغتاله غوغاء من أهل مصر والشام ممن أطلق عليهم لاحقا تسمية الخوارج, علي ابن ابي طالب تعرض الى الطعن أثناء ذهابه الى صلاة الفجر وفشل المتآمرون في اغتيال معاوية ابن أبي سفيان وعمرو بن العاص. عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي حفيد عمر ابن الخطاب الذي كان يطلقون عليه لقب الخليفة الخامس تعرض للاغتيال بواسطة السم من أقاربه من بني أمية لأنه سار فيهم سيرة الخلفاء الراشدين وجده عمر ابن الخطاب رضي الله عنه. معاوية بن أبي سفيان أول خليفة أموي استولى على الحكم بالحيلة والخديعة وخالف الإتفاق بينه وبين علي ابن ابي طالب على أن يتركوها شورى بين المسلمين وعندما بايع لابنه يزيد بولاية العهد, فقد هدَّد كل من يرفض البيعة بأن يضرب عنقه بالسيف.

بني امية كان يضطهدون آل البيت و يلاحقونهم ويقتلونهم وماحصل في كربلاء مع الحسين رضي الله عنه وآل بيته لا يحتاج الى تفصيل. يزيد ابن معاوية كان شخصا فاسدا فاسقا مجرما ونساء آل البيت حفيدات الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم تمت معاملتهم معاملة السبايا وتم إرسالهم الى دمشق بالقيود والأغلال. الحسين رضي الله عنه قطع رأسه وتم إرساله الى يزيد بن معاوية في دمشق والحسن رضي الله توفي خلال فترة حكم معاوية بن أبي سفيان مسموما حيث هناك رواية أن زوجته الفارسية أو أحد سبايا حروب العرب والفرس دست له السم بتحريض من الخليفة معاوية وقد كان والدها أحد ملوك الفرس.

الأسرة الأموية كانوا مجرمين في معاملتهم مع آل البيت وحتى في نزاعاتهم مع بعضهم البعض وبسبب ذلك فقد سلَّطَ الله عليهم بني العباس الذي تمردوا على آل البيت مستغلين أساطير دينية عن الرايات السود التي تنحدر من المشرق وأسقطوا حكم بني أمية مستخدمين قرابتهم من رسول الله ومظلومية آل البيت. ولكن العباسيين انقلبوا على آل البيت وقتلوهم ولاحقوهم كما لاحقوا أمراء بني أمية وأباد وهم ولم ينجح إلا قلة قليلة منهم في الهرب خصوصا عبد الرحمن الداخل(صقر قريش) الذي هرب الى الأندلس وأقام حكم بني أمية في المغرب بعد زواله في المشرق مستغلا أيضا أحاديث وأساطير دينية كما فعل بنو العباس. الفرق بين الأمويين  والعباسيين هو الاستعانة بالعنصر العربي كما فعل بنو أمية وليس الخراسانية والأتراك كما فعل بنو العباس.  الأسرة الأموية كانوا دمويين في خلافاتهم الداخلية بين بعضهم البعض وكذلك مع كبار قادتهم مثل طارق بن زياد وموسى ابن نصير والذي تتحدث مصادر تاريخية عن تعرضهم الى الظلم والإجحاف والتهميش رغم إنجازاتهم وخدمتهم الخلافة الأموية بكل إخلاص.

إذا فقد أصبح من الواضح أن استغلال الدين لأهداف سياسية قام به المسلمون على العموم حيث حرفوا تفسير الأيات القرأنية ولفقوا الأحاديث و قاموا بترويج أساطير دينية وتلاعبوا بالعواطف كما فعل بنو أمية,  بنو العباس وحتى عبد الرحمن الداخل في الأندلس جميعهم يشتركون في ذلك. ولكن مصير بني العباس لم يختلف عن بني أمية حيث كان العباسيون يعتمدون على العنصر الأجنبي الخراساني والتركي وكان كبار قادتهم مثل أبي مسلم من خراسان أو من الأتراك وهؤلاء إنقلبوا لاحقا عليهم وكانت البداية في الخلاف بين الأمين والمأمون على خلافة أبيهما هارون الرشيد. فقد كان الأمين ولد هارون الرشيد من زوجته العربية بينما المأمون أمه جارية من خراسان والتي كان واليا عليها خلال فترة خلافة أبيه هارون الرشيد الذي قصته مع البرامكة وكيف أبادهم وفتك بهم يعرفها القاصي والداني. المأمون بمعاونة أخواله الخراسانية نجح في قتل أخيه المأمون وأصبح خليفة للمسلمين على دم أخيه رغم أن ولاية العهد بعد وفاة هارون الرشيد كانت لولده الأمين وليس المأمون. نهاية الخلفاء العباسيين كانت مروعة وبشعة حيث قبض القادة الأتراك على أحد الخلفاء وسملوا له عينيه وأطلقوه يستجدي في شوارع بغداد أو اغتالوا خلفاء أخرين قتلاً أو بواسطة السم أو قتل المغول أحدهم وهو الخليفة المستنصر.

إن المتمعن في تاريخ العرب سوف يجد أن الأحداث الهامة والمفصلية خصوصا تحرير القدس و طرد الصليبيين نهائيا من فلسطين وبلاد الشام أو هزيمة المغول في معركة عين جالوت وشقحب كان أبطالها من المسلمين وليس العرب. صلاح الدين الأيوبي كان كرديا والظاهر بيبرس كان من المماليك وخاله(شقيق والدته) هو جلال الدين خوارزم حيث كان الظاهر بيبرس أسيرا لدى المغول الذين أسقطوا الدولة الخوارزمية وباعوه الى تجار رقيق مصريين. السلطان قطر كان مملوكا وليس عربيا وقائد جيوش الخليفة العباسي المعتصم في فتح عمورية إنتقاما للمرأة المسلمة التي صاحت "وامعتصماه" كان من قوم الترك. سلطان مصر والشام الناصر قلاوون الذي نجح في هزيمة الصليبيين وطردهم نهائيا من بلاد الشام كان مملوكا وليس عربيا.

العقلية العربية وطريقة التفكير التي تميز العرب عن غيرهم مستمرة منذ ما قبل الإسلام والبعث النبوي الى يومنا هذا في اختلاف أسماء الأشخاص والأماكن ولكن التفاصيل هي ذاتها لم تتغير. نهاية العرب ودورهم في المنطقة والعالم كانت بدايته تتزامن مع صعود الدولة السلجوقية ثم لاحقا العثمانيين الذين أصبحوا خلفاء المسلمين واحتلوا منطقة الشرق الأوسط أربعة قرون بإسم الإسلام وارتكبوا جرائم و كانوا دمويين في تعاملهم مع العرب خصوصا في بلاد الشام والعراق وحاولوا احتلال اليمن والمغرب خلال فترة حكم سليمان القانوني ولكنهم فشلوا وتعرضت جيوشهم الى الإبادة.

أهم أسباب فشل العرب هو أن مابني على باطل فهو باطل لأن العقل العربي لم يتغير وبقي الولاء للقبيلة والعشيرة وليس الدولة أو الدين والذي هو الإسلام.  حروب الردة أكبر دليل أن العقل العربي البدوي الرعوي مازال هو المهيمن على الخطوط العريضة للحياة العامة الى يومنا هذا. قبائل عربية تمردت ولم يكن قد دفن الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم. العرب والمسلمون لم يتعلموا الالتزام والطاعة وهناك عدة حوادث تاريخية مثل معركة بواتييه(بلاط الشهداء) والتي لو انتصر المسلمون فيها كانوا سيطروا على فرنسا ولاحقا على أوروبا بأكملها ولكن الطمع هزمهم قبل أن يهزمهم جيش شارلمان(المطرقة) ومن قبل ذلك في معركة أحد حيث ترك الرماة مواقعهم في الجبل وخالفوا الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام التمسك بمواقعهم مهما كانت نتائج المعركة.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية





No comments:

Post a Comment