Flag Counter

Flag Counter

Friday, May 3, 2024

ديفيد هيرست كاتب كبير ولكن...حتى نضع النقاط على الحروف

ديفيد هيرست صحفي بريطاني واسع الإطلاع ويعتبر أحد أهم الصحفيين في العالم على اطلاع على الكثير ممن المعلومات من خلال علاقاته وعمله الصحفي, ليس هناك أدنى شك. ولكنه لا يمتلك عمقا تاريخيا في تحليل الأحداث حيث أنه لا يربط بين الماضي والحاضر ومحاولته القيام بذلك سوف تؤدي الى تشويه الغاية والهدف من الموضوع والرسالة التي يرغب في توجيهها الى القارئ.

موقع عربي-21 القطري نشر تاريخ ٢٤/٤/٢٠٢٤ ترجمة مقال للكاتب ديفيد هيرست تحت عنوان "لأول مرة كان قائد فلسطين غير مستعد للتنازل" حيث هناك العديد من المغالطات والأخطاء في التحليل التي لا يمكن أن يقع فيها كاتب صحفي بأهميته إلا ويكون قد ذكرها لهدف وغاية محددة و واضحة.

ولكن بداية فإن موقع عربي-21 يعمل بإدارة الفلسطيني عزمي بشارة وهو يعتبر أحد المواقع التي تتبع قناة الجزيرة ولا تخرج السياسة التحريرية للموقع عن آراء قناة الجزيرة وبالتالي الحكومة القطرية. والحقيقة هناك تناقض عجيب لا يمكن أن نلاحظه إلا في دولة مثل قطر ربما بسبب مساحتها الضئيلة وعدد سكانها ولكنها غنية بموارد النفط والغاز. عزمي بشارة هو فلسطيني من عرب-٤٨ وعضو سابق في الكنيست الإسرائيلي طُرِدَ من فلسطين المحتلة, سافر الى سوريا التي احتضنته ولكنه طعنها في الظهر ومن ثم كشف عن وجهه الحقيقي وسافر الى قطر وعمل في قناة الجزيرة وأصبح أحد منظري الربيع العربي. دولة قطر تقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع دولة الإحتلال الصهيوني من خلال سفارة صهيونية في قطر ولكن في الوقت نفسه فإن قناة الجزيرة تمارس النفاق السياسي وتنتقد التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني وحيث تعتبر منبرا لتنظيم الإخوان المسلمين ودولة قطر هي داعم رئيسي لتنظيم حماس. دولة قطر في الوقت نفسه تحتضن أكبر القواعد العسكرية الأمريكية التي تعتبر قاعدة متقدمة للقوات الأمريكية في المنطقة حيث انطلقت الطائرات التي كانت تقصف أفغانستان سنة ٢٠٠١ والعراق سنة ٢٠٠٣ وتقدم الدعم اللوجستي في الوقت الحالي الى دولة الكيان الصهيوني.

فيتنام كانت حالة خاصة تختلف عن فلسطين وهي حالة تفرضها الجغرافيا و الظروف الجيوسياسية في المنطقة خصوصا الحرب الباردة حيث تعتبر الأزمة الفيتنامية حادثة وقعت في ذروة الحرب الباردة و تداخلت فيها عوامل متعددة ولعل حالة الإنقسام داخل المعسكر الشيوعي نفسه يعتبر أحدها. الجبهة الفيتنامية ضد الإحتلال الفرنسي ولاحقا الإحتلال الأمريكي كانت موحدة بينما تعاني فلسطين من حالة من الإنقسام منذ انقلبت حماس على الشرعية الانتخابية سنة ٢٠٠٧ وبذلك سقطت في الفخ الذي نصبته لها دوائر صنع القرار الغربية. وقد كانت الدراسات في معاهد التفكير وصنع القرار في دول الغرب خلال الفترة التي سبقت ٢٠٠٦ تحذر من وصول الإسلاميين الى كرسي الحكم ولكن ذلك تغير لاحقا في مسعى الجهود المبذولة في الحرب ضد الإسلام من خلال تعرية الإسلاميين وفضح وكشف ضعفهم وقلة خبرتهم ومواجهتهم بمسؤوليات ومشاكل هم غير قادرين على حلها.

حماس انقلبت على الشرعية الانتخابية سنة ٢٠٠٧ لأن اللعبة الديمقراطية بالنسبة الى حركات الإسلام السياسي مجرد وسيلة للاستغلال والخداع بهدف الوصول الى كرسي الحكم واحتكار السلطة ومن يعتقد أن الإسلاميين مستعدين لتقاسم الحكم والنفوذ مع تنظيمات وأشخاص أخرين فهو مخطئ و أردوغان في تركيا يعتبر مثالا واضحا على ذلك. ديفيد هيرست يعتقد أن حماس تمثل قيادة فلسطينية غير مستعدة للتنازل ولكنه مخطئ تماما. الشاهد على صحة كلامي أن حماس في بداياتها كانت تعتبر تحرير فلسطين من البحر الى النهر أمرا مقدسا لا يقبل التنازل عنه ولكنها لاحقا قبلت بحدود ٦٧ وحل الدولتين والقدس الشرقية عاصمة دولة فلسطينية مستقلة وأعلنت سنة ٢٠١٧ أنها حركة تحرر وطني فلسطيني وقطعت كل ارتباطاتها بتنظيم الإخوان المسلمين. يحيى السنوار نفسه الذي تبحث عنه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في بين كل حبة رمل من رمال غزة أعلن خلال مقابلة مع قناة إعلامية إسرائيلية من أحد سجون الإحتلال الصهيوني أن حماس مستعدة لأن تعقد هدنة مدتها ٢٥ سنة أو حتى ٥٠ سنة لو أمكن ذلك. إذا فإن حماس قدَّمت الكثير من التنازلات. حماس كانت تقوم على تخوين وتكفير حركات سياسية فلسطينية أخرى ومنها فتح والسبب انهم علمانيين وملحدين وأنهم يقدمون التنازلات السياسية خصوصا حق عودة اللاجئين والقدس.

المظاهرات في فرنسا سنة ١٩٦٨ والتي أدت في النهاية الى الإطاحة بالرئيس الفرنسي الجنرال شارل ديغول لم يكن لها أي علاقة بحرب فيتنام ولكن بالعلاقة المضطربة بين فرنسا والولايات المتحدة. الرئيس الفرنسي شارل ديغول تحدى الهيمنة النقدية الأمريكية في خطبة علنية وقام بالتشكيك في مركز الدولار ومكانته عملة احتياط عالمية وانتقل من القول الى الفعل وقام باستبدال فائض العملة الصعبة في الإحتياطي الفرنسي(الدولار) بالذهب ٣٥ دولار/أونصة وفق بنود إتفاقية بريتون وودز ١٩٤٤. الولايات المتحدة وتحت ستار دخاني هو حرب فيتنام ومضاربات مجهولة المصدر على الفرنك الفرنسي مما أدى الى تردي الوضع الاقتصادي وتحريك مظاهرات في فرنسا قادتها حركة شيوعية مجهولة الهوية وغير معروفة سابقا في الأوساط السياسية الفرنسية. 

مظاهرات الجامعات في فرنسا إنتقلت إليها من الولايات المتحدة وليس لها علاقة بحرب فيتنام وإنما بأجندات سياسة أمريكية في المنطقة. ولكن تلك ليست أول مناسبة تقوم الولايات المتحدة من خلالها بإفتعال أزمة في دول من المفترض أنها حليفة ولن تكون الأخيرة. ولعل الجميع يذكر كيف أن حادثة الهجوم على صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية سنة ٢٠١٥ تزامن مع قرار فرنسي كان سوف يصدر بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة. صدفة غريبة ولكن عالم السياسة يمتلئ بالكثير من تلك الصدف وفي أوقات تثير الكثير من الأسئلة والشكوك. إن مظاهرات طلاب الجامعات الأمريكية المعارضة للحرب في فيتنام كان استجابة لمتغيرات سياسية, إجتماعية وإقتصادية وربما حرب فيتنام كانت أحد الأسباب ولكنها لم تكن سببا رئيسيا وتلك المظاهرات كانت سوف تحصل حتى لو لم يغزو الجيش الأمريكي فيتنام.

إن ما حصل في الولايات المتحدة خلال فترة الستينيات يتشابه مع الأحداث التي تقع حاليا من مظاهرات طلاب الجامعات والاعتصامات التي ينفذونها وتدخل الشرطة في الحرم الجامعي واعتقال عدد كبير من الطلاب ومعاملتهم معاملة سيئة وضربهم وسحلهم أمام الكاميرات. ولكن على الرغم من مرور تلك الفترة الزمنية التي تزيد عن ستين عاما, لم يحدث أي تغيير حقيقي على الأرض ولن يحدث ذلك التغيير على الأقل في المدى القريب. التغيير الحقيقي الذي أتحدث عنه هو الذي يحصل نتيجة الإنتخابات في مجلسي النواب(الكونغرس) والشيوخ والإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة حيث مراكز صنع القرار والصفقات التي تجري خلف الأبواب المغلقة وحيث يستمر اللوبي اليهودي والمسيحي الصهيوني في الولايات المتحدة بممارسة نفوذه رغم أنف الطلاب ومظاهراتهم.

عندي ملاحظة بسيطة وهي أين حركة "حياة السود مهمة" من الأحداث في قطاع غزة ومظاهرات الجامعات الأمريكية"؟

سؤال برسم الإجابة

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment