Flag Counter

Flag Counter

Friday, June 9, 2023

من كتب الأناجيل؟

المسيحيون الإنجيليون يؤمنون أن الكتاب المقدس(العهد القديم والجديد) موحى به من الله كلمة كلمة أو كما يقولون, من الغلاف الى الغلاف. ولكن هناك تطور أدوات البحث والتحقيق في النصوص الدينية مثل علم النقد النصي ودراسة اللغات القديمة مثل اليونانية, العبرية والآرامية قد أدى تطورات مثيرة للانتباه فيما يتعلق بالايمان المسيحي الذي تحول الى الإعتقاد بأن سلامة النصوص الدينية من التحريف والتبديل ليست شرطا للإيمان وأن ذلك لايؤثر على سلامة المعتقدات الدينية وقوانين الإيمان المسيحي.

إنَّ الكتاب العهد الجديد من الكتاب المقدس الذي يتألف من ٢٧ سفرا(كتابا) لم يصل إلينا إلا من خلال عملية تطوير وتحديث استمرت مئات السنين تخللتها صراعات دموية ومؤتمرات مسكونية ومحاكمات وحرمان كنسي. إن قائمة الكتب في العهد الجديد لم تتخذ شكلها الحالي إلا خلال الفترة التي أعقبت مؤتمر نيقية سنة ٣٢٥م, المؤتمر المسكوني الأول الذي أصدر الأوامر انعقاده الإمبراطور الروماني(الوثني) قسطنطين من اجل الوصول الى قرار حول بدعة آريوس ومسائل خلافية أخرى أدت الى انقسامات حادة في الإمبراطورية الرومانية. الإمبراطور قسطنطين أصدر أوامره بحرق جميع الكتب والرسائل والأناجيل التي خالفت قانون الإيمان المسيحي الذي أصدره مجمع نيقية وأصدر قائمة قانونية للكتب التي تم قبولها في العهد الجديد وضمها الى الكتاب المقدس.

إن الأناجيل الأربعة(متى, مرقس, لوقا, يوحنا) قد تم قبولها في مجمع نيقية في محاولة قام بها الإمبراطور قسطنطين من أجل تحقيق التوافق بين مختلف التيارات المسيحية الرئيسية التي كانت سائدة خلال تلك الفترة وذلك على الرغم من اختلافات رئيسية وتناقضات بين تلك الأناجيل عند مقارنتها بعضها ببعض وحتى في الأناجيل نفسها.

كتاب رؤيا يوحنا كان مرفوضا بسبب إحتوائه على تعاليم مضللة ولكن تم قبوله لاحقا في القائمة القانونية للأناجيل بين ما تم رفض كتاب رؤيا بطرس رغم أنه كان مقبولا في عدة كنائس. إنجيل بطرس أيضا كان مقبولا بين الكنائس المختلفة ولكن لم يكن مقبولا في القائمة القانونية التي صدرت عن مجمع نيقية. إنجيل يوحنا كان ضمن قائمة الأناجيل القانونية ولكن كان مرفوضا من كنائس مختلفة. إنجيل توماس والرسائل الرعوية الثلاثة(الرسالة الأولى و الثانية الى تيموثاوس, الرسالة الى تيطس) كان تلقى القبول من جماعات مسيحية بينما ترفضها جماعات أخرى رغم ان الرسائل الرعوية الثلاثة كانت ضمن أسفار العهد الجديد القانونية.

إن موثوقية ومصداقية الأناجيل تواجه عدة مشاكل رئيسية لا يمكن إغفالها من الباحثين والمتخصصين في النقد النصي ومقارنات الأديان.

النصوص الأصلية للأناجيل مفقودة وأقدم نص كامل موجود في المخطوطة السينائية والفاتيكانية التي يعود تاريخها الى القرن الرابع والخامس ميلادي. هناك آلاف الإختلافات والتناقضات بين مخطوطات الأناجيل المختلفة التي يصل عددها الى عدة آلاف, بينما يمكن اعتبار بعضها مجرد أخطاء في الكتابة والنسخ بينما البعض الأخر غير موجود أقدم النسخ أو أجزاء من المخطوطات التي وصلت إلينا. مؤلفو الأناجيل مجهولون لم يكونوا شهود عيان على الحوادث التي كتبوا عنها ولم يعاصروا المسيح وكانوا يجهلون جغرافية المنطقة التي ولد وعاش فيها المسيح. الحواريون وتلاميذ المسيح كانوا أشخاصا بسطاء يتكلمون العبرية والآرامية ولم يكونوا على مستوى من التعليم يسمح لهم بأن يؤلفوا كتابات أدبية على ذلك المستوى من الإتقان والنظرة الفلسفية العميقة بينما الأناجيل كتبت باللغة اليونانية القديمة.

إن ما ذكرته في الفقرات السابقة كان بضعة أمثلة قد اكتفيت بها اختصارا ولكن هناك عدة رسائل أخرى وأنا جيل وكتب مثل رسالة الراعي الى هرماس تم تلقيها بالقبول أو الرفض في عصور زمنية مختلفة من تاريخ المسيحية. النقاش حول شخصية وكتاب الأناجيل الحقيقة مازال مستمرا في المؤتمرات والندوات والمناظرات والكتب ولم ولن يتوصل الباحثون الى توافق حولها في القريب العاجل أو حتى الآجل.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment