Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, June 14, 2023

الفساد, مشكلة القارة الإفريقية وأكبر عائق للتنمية

الفساد هو مشكلة إفريقيا الأساسية والمساعدات يتم سرقتها وإيداعها في بنوك أجنبية كما ذكرت تقارير مؤسسات وهيئات دولية. رئيس زائير السابق موبوتو سيسيسيكو  قام بإيداع خمسة مليارات دولار من أموال المساعدات في حسابات شخصية في بنوك سويسرية ورئيس نيجيريا السابق ساني أباتشا نجح في سرقة مبلغ مماثل حيث نجحت السلطات النيجيرية في إستعادة ٧٠٠ مليون دولار فقط.. دول مثل سويسرا, لوكسمبورغ وليشنيشتاين نجحت في بناء نموذج الرفاهية وصفر ضرائب من خلال قطاعها البنكي الذي يعتمد على أشخاص مثل سيسيسيكو وأباتشا  حتى يودعوا فيه الأموال العامة وأموال المساعدات والمانحين الدوليين.

المثير للاستغراب أن نيجيريا, أكبر منتج للنفط في القارة الإفريقية, هي دولة تتلقى مساعدات من صندوق النقد الدولي, البنك الدولي, وكالة المساعدات الأمريكية وهيئات غير حكومية. إن إنتشار الفساد والمحسوبية في دول القارة الإفريقية يؤدي الى تردُّد المستثمرين ورواد الأعمال سواء الأفارقة أو الأجانب عن إقامة المشاريع مثل المصانع والشركات التي تساهم في بناء إقتصاد مستدام بعيدا عن المساعدات والإعتماد على النفط مصدر رئيسي للدخل.

مشاريع البنية التحتية على سبيل المثال تكون من نصيب من يدفع أكبر رشوة الى المسؤولين وليس من هو قادر على تنفيذها بأعلى كفائة ممكنة وبأقل التكاليف. كما أنه هناك مشاريع يتم الموافقة عليها والهدف هو الحصول على الرشاوى وليس المصلحة العامة. كلما إرتفع مستوى الفساد, زادت نسبة العاطلين عن العمل و الاعتماد على القروض والمساعدات الخارجية.

تقارير صدرت عن جلسة إجتماع عقدها مجلس الشيوخ الأمريكي-لجنة العلاقات الخارجية سنة ٢٠٠٤ أن البنك الدولي يساهم في انتشار ثقافة الفساد عبر الصمت عن تبديد أموال القروض والمساعدات. التقارير أشارت الى أنه تم إساءة إستخدام ١٠٠ مليار دولار من أموال القروض التي يقدمها البنك و ١٠٠ مليار دولار من أموال المساعدات التي تقدمها بنوك التنمية الأخرى والمنظمات الغير حكومية. كما أشارت تقارير أخرى الى أنه ومنذ سنة ١٩٤٦ فقد تم إساءة إستخدام ١٣٠ مليار دولار من إجمالي مبلغ ٥٢٥ مليار دولار من أموال المساعدات ما نسبته ٢٥%. النظام التعليمي في أوغندا هو مثال على الفساد حيث يصل الى المدارس ٢٠% فقط من الميزانية المخصصة لها.

سنة ١٩٧٨ تم تعيين إيروين بلومينثال(Irwin Blumenthal) ممثلا عن صندوق النقد الدولي في البنك المركزي في دولة زائير(جمهورية الكونغو الديمقراطية) حاليا. بلومينثال قدَّمَ إستقالته خلال أقل من سنة وأرفقها مذكرة تحدث فيها صراحة عن مستوى الفساد الغير مسبوق في زائير وأنَّ إحتمال إعادة أموال الدائنين او تسديد القروض مستحيلة. النتيجة هي أنَّه خلال فترة قصيرة من تقديم بلومينثال إستقالته, مَنَحَ صندوق النقد الدولي زائير أكبر قرض يقدِّمه الى دولة إفريقية خلال تلك العشرة سنوات اللاحقة, حل نظام موبوتو في زائير على ٧٠٠ مليون دولار إضافية من القروض. في خطبة ألقاها رئيس زامبيا Levy Mwanawasa في حضور نواب البرلمان سنة ٢٠٠٢, تحدث عن فساد الرئيس السابق Chiluba(١٩٩١-٢٠٠٢) وأنه رغم شبهات فساد تبلغ قيمتها ٨٠ مليون دولار, إلا أنه حصل على قرض من البنك الدولي  تبلغ قيمته ١.٥ مليار دولار من خلال برنامج (HIPC) المخصَّص من أجل معالجة عجز الموازنة في الدول الفقيرة والنامية رغم أن أحد أهم شروط ذلك البرنامج هو القضاء على الفساد.

سنة ٢٠٠٢, كانت دولة مالاوي, أحد الدول المرشحة من أجل تلقي مساعدات من الولايات المتحدة في تبادل حملات إعلامية مع صندوق النقد الدولي بسبب إختفاء شحنات ضخمة من القمح كانت مخصصة في برنامج المساعدات بينما سكان مالاوي يواجهون شبح المجاعة. مسؤول مهم في مجلس تسويق الحبوب وكان مطلوبا للشهادة في المحكمة في قضيتي فساد إختفى هكذا فجأة بدون سبب ولم يعثر له على أي أثر. ولكن على الرغم من ذلك, الولايات المتحدة لم ترى أسبابا كافية من أجل حذف إسم مالي من قائمة المساعدات المحتملة. بينما دولة تنزانيا التي تعتبر نموذجا في الشفافية ومكافحة الفساد كما ذكرت تقارير بريطانية في نوفمبر/٢٠٠١ مصدرها وزير التعاون الدولي, كان مصيرها حذف اسمها من قائمة المساعدات الأمريكية بسبب الفساد.

ولكن السؤال هو لماذا تقدَّمُ المساعدات رغم الفساد والرشوة والمحسوبية؟

هناك سببان رئيسيان لو وضعنا جانبا الأسباب السياسية, الاقتصادية والأخلاقية. السبب الأول هو أن هناك ٥٠٠ ألف موظف يتوزعون بين البنك الدولي, صندوق النقد الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة الأخرى والهيئات غير حكومية(NGO), عدد سكان سويسرا تقريبا. إن نظام المساعدات تحول الى ما يشبه نظاما ربحية يحقق الفائدة للكثيرين الذين يرغبون في إستمراره حتى يضمنوا وظائف دائمة و رواتب مرتفعة. هناك فوائض مالية من خلال البترودولار منذ منتصف السبعينيات وهناك ضغوطات من أجل تقديم القروض والمنح والمساعدات. السبب الثاني هو أن الدائنين غير متفقين على معايير الفساد والشفافية التي من المفترض تطبيقها في تقديم القروض والمنح والمساعدات.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية



No comments:

Post a Comment