Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, June 7, 2023

الحرب الأهلية في سيراليون, أحد فصول الصراع على الموارد في القارة الإفريقية

في موضوع سابق بعنوان "لماذا سيراليون هي أحد أكثر بلدان العالم فقرا؟", كنت قد وصفت أسباب تدهور الأوضاع الإقتصادية في سيراليون والتي هي أحد أكثر بلدان القارة الإفريقية والعالم فقرا. الشركات العابرة للقارات, إتفاقيات التجارة الحرَّة و المصرفيون الدوليون يقومون بشراء المواد الخام بأسعار منخفضة للغاية بعد أن يتلاعبوا بقيمتها في الأسواق العالمية ويمولون الإنقلابات والنزاعات والحروب الأهلية حتى يكونوا قادرين على إستغلال الموارد الطبيعية في ذلك البلد الذي تحتوي أراضيه على كنوز حقيقية. أخشاب, ألماس, حديد, تيتانيوم وطبيعة ساحرة خصوصا الشواطئ والمناظر الطبيعية.

إنَّ الحرب الأهلية التي إندلعت في سيراليون سنة ١٩٩١ يمكن إعتبارها إمتدادا للحرب الباردة وتصفية نفوذ الإتحاد السوفياتي والشيوعية من القارة الإفريقية ولكن بعض الخبراء يرى أنها صراع على الموارد خصوصا الألماس والذهب. صادرات سيراليون خلال الفترة التي سبقت سنة ١٩٩١ من الألماس بلغت ٣٠٠ مليون دولار, البوكسايت والتيتانيوم ١٠٠ مليون دولار تقريبا. ولكن على الرغم من تلك الموارد الهائلة, فإن الحكومة لم تحصل إلا على الفتات وإستمرت في الاعتماد على المساعدات الأجنبية من أجل الحفاظ على الخدمات الأساسية.

الحرب الأهلية بدأت في سيراليون سنة ١٩٩١ حين حاول رئيس سيراليون جوزيف نوماها السيطرة على مناجم الألماس ولكنه الجنود رفضوا قتال أمراء الحرب الذي يسيطرون على مناجم التعدين والذي قاموا بتأسيس ميليشيات مسلحة خاصة بهم. رئيس حركة التمرد في ليبيريا تشارلز تايلور وجدها فرصته في السيطرة على مناطق سيراليون من الشرق المتاخمة للحدود مع ليبيريا والتحكم في طرق وتجارة الألماس التي سوف تجعل أرباحها من الممكن شراء المزيد من السلاح وتجنيد المقاتلين من أجل توسيع نطاق نفوذه وسيطرته.

الجبهة الثورية المتحدة(RUF) وهي أحد حركات التمرد في سيراليون كان رأس الحربة في عملية الغزو التي قام بها تشارلز تايلور والذي كان يقدِّم الدعم الى مقاتلي الجبهة والتي نجحت في السيطرة على مناجم الألماس في منطقة كونو(KONO) بعد أن واجهت مقاومة ضعيفة من قوات الجيش الحكومي ومن لوردات الحرب الذين يسيطرون على مناجم الألماس والذين فضلوا التعاون مع تشارلز تايلور ضد حكومة سيراليون.

سنة ١٩٩٥, حقَّقت قوات التمرد إنتصارات حاسمة بعد هجمات معاكسة فاشلة قامت بها القوات الحكومية مما جعلها تنجح في تهديد العاصمة فريتاون(Freetown).

رئيس الوزراء فالنتين ستراسر والذي كان ضابطا سابقا في القوات المسلحة كان قد قرَّرَ الإستعانة بأحد شركات المرتزقة (GSG-Gurkha Security Guard) والتي تتألف بشكل رئيسي من عناصر سابقة من القوات الخاصة في القوات المسلحة النيبالية والتي كانت تخضع الى التدريب بإشراف القوات الخاصة البريطانية (SAS). ولكن قوات الجورخي(GSG) رفضت المشاركة في عمليات هجومية خارج العاصمة فريتاون مما اضطر رئيس الوزراء فالنتين الى الاستعانة بشركة مرتزقة أخرى هي (EO-Executive Outcomes)  الذين نجحوا في أبريل/١٩٩٥ في طرد قوات المتمردين الى خارج العاصمة وتنظيم عمليات هجوم معاكسة ناجحة في منطقة Kono و Gbangbatok  حيث تقع مناجم الألماس.

سنة ١٩٩٦, فاز أحمد تيجان في إنتخابات تعددية وصفت بانها شفافة ونزيهة ولكن أحد أول القرارات التي وقع عليها هو إنهاء عقد شركة  (EO-Executive Outcomes) في كانون الأول/١٩٩٧ حيث كان يعتقد أن الوضع في سيراليون قد بدأ في الإستقرار. ولكن قوى التمرد استجمعت قواها وبدأت في شن هجمات قاتلة ضد القوات الحكومية مما اضطر الرئيس تيجان الى الإستعانة بأحد شركات المرتزقة (SI-Sandline International) مقابل عقد قيمته عشرة ملايين دولار وذلك بعد أن نجحت قوات التمرد في السيطرة على العاصمة فريتاون. كما تدخلت نيجيريا وقوات من عدة دول إفريقية ضد حركة التمرد ونجحت في إستعادة السيطرة على العاصمة وإعادة الرئيس أحمد تيجان من المنفى.

ولكن حركة التمرد التي لم ينجح هجوم ١٩٩٨ في القضاء عليها تماما قد نجحت في تجميع قواتها في كانون الأول/١٩٩٩ وشن هجمات معاكسة ضد القوات الحكومية مما أدى الى قناعة لدى الرئيس أحمد تيجان أن المفاوضات هي الوسيلة من أجل إنهاء الحرب الأهلية في سيراليون. دولة توغو إستضافت سنة ١٩٩١ مفاوضات برعاية الأمم المتحدة وتم توقيع إتفاق سلام بين الرئيس أحمد تيجان و حركة التمرد(RUF).

قائد قوات التمرد فوداي سنكوح والذي تم تعيينه في منصب نائب الرئيس والمسؤول عن قطاع المناجم والتعدين في سيراليون وصل الى قناعة بأنه يمكنه من السيطرة على الحكم حيث بدأ في هجمات سنة ٢٠٠٠ والهدف هو السيطرة على العاصمة فريتاون. قوات حكومية وأثناء عمليات المعارك سيطرت على مقر إقامة سنكوح أثناء توليه منصب نائب الرئيس وصادرت وثائق نشرتها صحيفة نيويورك تايمز والتي وصفت عمليات بيع الألماس خلال الستة الأشهر الأولى من عام ١٩٩٩ مصدرها مناطق سيطرة حركة التمرد بقيادة سنكوح الذي نجح في بيع أكثر من ألفين من حجارة ألماس مختلفة الأحجام خلال تلك الفترة. نيويورك تايمز نشرت أيضا أنَّ سبب هجوم قوات التمرد على بعثة الأمم المتحدة هو قرار قائد قوات حفظ السلام فيجاي كومار جيتلي إرسال قوات الى منطقة كونو(KONO) حيث تقع مناجم الألماس.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment