Flag Counter

Flag Counter

Saturday, June 10, 2023

المعجزة الرواندية, من الحرب الأهلية الى صناعة السيارات والموبايلات

القارة الإفريقية مظلومة في وسائل الإعلام الغربية التي تنقل صورة نمطية عن الإيدز, الفقر والأمية. ولكن على الرغم من ذلك وكما يقول المثل "الشمس لا يمكن تغطيتها بغربال," هناك نماذج مضيئة تعتبر قدوة في التطوير والتنمية للدول الأخرى حيث يمكن أن تتعلم وتستفيد منها دول أخرى خصوصا في منطقة الشرق الأوسط. 

رواندا هي أحد دول القارة الإفريقية التي عانت من الحروب الأهلية الدموية التي كانت في خلفيتها قبلية أو دينية ولكن على أرض الواقع عبارة عن صراع على الموارد مثل النفط, الألماس والكوبالت. الصراع القبلي بين التوتسي والهوتو الذي إستمر منذ سنة ١٩٥٩ الى سنة ١٩٩٤ حيث قتل خلال عشرة أيام تحت سمع وبصر قوات الأمم المتحدة ما يزيد عن مليون من التوتسي والهوتو الذي يوصفون بأنهم معتدلين وهي المجزرة الشهيرة التي تم تصويرها في أحد أفلام هوليود "Hotel Rwanda."

الاستعمار البلجيكي كانت يسيطر على رواندا بالحديد والنار والتي كانت تسكنها قبيلتان رئيسيتان هما التوتسي الذي يعملون برعي الماشية ويعتبرون أقلية السكان, الهوتو التي تعتبر أكثرية تعمل في الزراعة. الصراع القبلي التقليدي بين رعاة الماشية والمزارعين الذي مازال حتى يومنا هذا يمزق أوصال القارة الإفريقية ونلاحظ ذلك النموذج الذي يتكرر في دول مثل السودان مما أدى الى تقسيمها بين الشمال والجنوب وفي منطقة دارفور. الاستعمار البلجيكي إعادة إحياء النزعات القبلية بين الهوتو والتوتسي من خلال إصدار بطاقات هوية منفصلة ومعاملة التوتسي على أنهم هم النخبة التي يتم منحها الإمتيازات والوظائف الحكومية وفي الوقت نفسه إضطهاد الهوتو حتى تستمر الفوضى بعد إنسحاب بلجيكا من رواندا.

الجبهة الوطنية الرواندية التي يهيمن عليها التوتسي نجحت بزعامة بول كاغامي على الرغم من الدعم من بلجيكا وفرنسا ودول إفريقية أخرى في السيطرة سنة ١٩٩٤ على العاصمة كيغالي وأصبحوا هم القوة السياسية المسيطرة منذ ذلك التاريخ. بول كيغالي الذي ينتمي الى قبيلة التوتسي لم يتعامل مع الإنتصار والإستيلاء على السلطة بعقلية المتعطش للإنتقام بل صرَّحَ بأن الروانديين سوف "يمسحون دموعهم بيد ويقومون بالبناء باليد الأخرى."

رواندا حاليا تعتبر أحد أكثر بلدان إفريقيا من ناحية الأمن والعاصمة كيغالي آمنة ونظيفة وهناك قوانين تشدِّدُ العقوبات ضد المخالفين وكل أخر سبت من الشهر هناك يوم نظافة حيث تمنع حركة السيارات في أغلب الأحياء ويخرج السكان للمشاركة في يوم "أمغاندا-UMGANDA." هناك مصنع سيارات فولكسفاغن تم إفتتاحه في رواندا, الأول من نوعه في شرق إفريقيا. كما أنه هناك هواتف ذكية صناعة مجموعة مارا التكنولوجية وهي الأولى من نوعها صناعة إفريقية ١٠٠% رغم أنني شخصيا أستبعد ذلك حيث أن كل هاتف يحتوي ربما على مئات القطع وقد تصل الى ١٠٠٠ قطعة.

إن رواندا لم تصل الى تلك المرحلة المهمة من تاريخها بسهولة ولكن مرت بفترات مظلمة للغاية من تاريخها. سنة ١٩٩٤, قتل أكثر من مليون مواطن من عرقية التوتسي خلال ١٠٠ يوم. ولكن الصورة ليست دائما براقة كما يحاول البعض تصويرها والطريق مازال طويلا وحالة الإستقرار التي تعيشها رواندا لن ترضي الدول الغربية والاستعمارية التي تحاول دائما إثارة الاضطرابات والحروب الأهلية والعرقية بين القبائل حتى يكون من السهولة السيطرة على الثروات الطبيعية في رواندا خصوصا القصدير و الكولتان.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة

الرجاء التكرم الضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة

النهاية


No comments:

Post a Comment