Flag Counter

Flag Counter

Friday, November 25, 2022

النظام العالمي الجديد - The New World Order

الولايات المتحدة نجحت منذ منتصف سبعينيات القرن العشرين في تنفيذ مخطط شامل من أجل التحكم في البشرية في إطار النظام العالمي الجديد والذي أصبح أمرا قائما واقعا وليس مجرد كلمة في قاموس السياسة الدولية. هناك عدد من الرؤساء الأمريكيين الذي إستخدموا ذلك المصطلح ومنهم رونالد ريغان وجورج بوش الأب وجورش دبليو بوش ومستشار الأمن القومي الأمريكي هنري كيسنجر وغيرهم وهو بالتالي مصطلح مطاط لا يشير الى حقبة زمنية أو مكانية محدَّدّة ولكنه قد يشير بشكل عام الى مرحلة تاريخية تتميز بمجموعة خصائص إقتصادية وجيوسياسية.

الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس أقامت النظام العالمي الجديد حيث كانت تحكم على ربع مساحة الكرة ومايزيد عن ٥٠٠ مليون نسمة. النظام العالمي الجديد الذي تمكنت بريطانيا من إقامته من خلال عملة الجنيه الإسترليني وسلاح البحرية الملكي البريطاني الأقوى في العالم خلال القرن الثامن عشر وصولا إلى بداية القرن العشرين. الحرب العالمية الأولى(١٩١٤-١٩١٨) كانت فرصة للولايات المتحدة من أجل إعلان الهيمنة الأمريكية بالاشتراك مع الإمبراطورية البريطانية, نظام القطبين, حيث لم يكن من الممكن الانتصار في الحرب على ألمانيا القيصرية وحلفائها بدون مساهمة الولايات المتحدة.

الحرب العالمية الثانية(١٩٣٩-١٩٤٥) أدت إلى مجموعة نتائج مهمة ولها تأثيرها على النظام العالمي الجديد أو عصر الهيمنة الأمريكية حيث مرة أخرى لم يكن من الممكن تحقيق الانتصار على ألمانيا النازية وحلفائها, الإمبراطورية اليابانية وإيطاليا بدون تدخل الولايات المتحدة التي نجحت سنة ١٩٤٤ من خلال إتفاقية بريتون وودز في فرض هيمنتها العسكرية والإقتصادية على أوروبا الغربية ولم يبقى خارج تلك الاتفاقية سوى دول المعسكر الشرقي على رأسها الإتحاد السوفياتي.

إنَّ سقوط جدار برلين وتفكُّكَ الإتحاد السوفياتي(١٩٨٩-١٩٩٢)كان بمثابة إعلان نهاية الحرب الباردة وبداية نظام القطب الواحد حيث كان للولايات المتحدة الدور الرئيسي في الأحداث التي وقعت خلال تلك الفترة وأعقبها مجموعة حروب كان هدفها الرئيسي تفكيك دول المعسكر الشرقي حلفاء الاتحاد السوفياتي في الشرق الأوسط والبلقان, غزو العراق والحرب الأهلية في يوغسلافيا. أحداث ١١/سبتمبر كانت بداية مرحلة جديدة وهي الحرب على الإرهاب حيث كان الهدف الرئيسي هو تحقيق التواجد الأمريكي الدائم في دول الشرق الأوسط حيث حقول النفط والممرات البحرية الحيوية مثل قناة السويس ومضيق جبل طارق وبحر الصين الجنوبي والتي أصبحت عمليات تحت سيطرة وتحكم الولايات المتحدة التي دخلت في مواجهة مباشرة مع الصين وحليفتها روسيا من أجل السيطرة على حركة الملاحة والتجارة العالمية.

روسيا حاليا تسعى بالإشتراك مع الصين ودول في أمريكا اللاتينية وأخرى شرق أوسطية الى إقامة النظام العالمي الجديد على الأقل في الجزء الشرقي من العالم. هناك مطالبات من الصين وروسيا من أجل عملة احتياط عالمية جديدة بديلة عن الدولار الأمريكي ونظام مالي عالمي بديل نظام بريتون وودز الذي تخلت عنه الولايات المتحدة على مراحل, الأولى سنة ١٩٧١ من خلال إعلان الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون أو معرف بإسم صدمة نيكسون والثانية سنة ١٩٧٦ تاريخ إنعقاد مؤتمر جامايكا الإقتصادي. الصين وروسيا تسعيان الى إقامة نظام تبادل مالي بديل عن نظام السويفت الذي تستغله الولايات المتحدة من أجل فرض عقوبات ضد الدول التي تعارض مصالحها وتسعى الى رفض النظام العالمي الجديد الذي تسعى إلى تحقيق زعامته بدون منازع.

الولايات المتحدة كانت دائمة السعي إلى تفكيك الإمبراطوريات والدول القوية التي كانت تقف حجر عثرة في طريق تحقيق أهدافها في فرض نسختها من النظام العالمي الجديد وذلك يجعل من الممكن استمرار توسع الدولار الأمريكي في مناطق جديدة حيث تنهار العملات المحلية تحت وطأة أزمات اقتصادية وحروب مفتعلة. إنَّ تأسيس الإتحاد الأوروبي وإعتماد اليورو عملة أوروبية موحدة كان يخدم خلال مرحلة معينة أهداف الولايات المتحدة والتي تسعى حاليا الى تفكيكه بعد أن إنتهت صلاحيته في خدمة أهدافها وصمالحها. إن الأزمة الأوكرانية الحالية يمكن أن تكون خطوة في ذلك الإتجاه حيث بدأنا نلاحظ مجموعة نتائج تحقَّقَت على أرض الواقع على رأسها أزمة طاقة وبروز الخلافات الحادَّة في وجهات النظر بين الدول الأوروبية حول الطريقة المناسبة للتعامل مع تلك الأزمة.

إنَّ الولايات المتحدة هي المستفيد الأول والأخير من جميع الأزمات الرئيسية منذ الحرب العالمية الأولى مرورا بالحرب العالمية الثانية والحرب في شبه الجزيرة الكورية وحرب فيتنام والحرب بين روسيا وأوكرانيا التي خدمت مصالح وأهداف الولايات المتحدة التي تحولت الى إمبراطورية إستعمارية لا تختلف ظاهريا عن الإمبراطوريات السابقة سوى في الأساليب والطرق التي يتم إستخدامها من أجل تحقيق ذلك. ولكن الرياح لا تجري دائما كما تشتهي السفن. الكاتب الأمريكي من أصل هندي فريد زكريا تحدَّث في كتابه "عالم مابعد امريكا-The Post American World" عن الشكل أو الهيئة الذي سوف يكون عليها النظام العالمي الجديد حيث سوف تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة الى تقاسم النفوذ والمسؤولية على مسرح الأحداث العالمي  مع دول مثل روسيا, الصين والهند التي سوف تلعب أدوارا مهمة مع الحفاظ على الهيمنة العسكرية الأمريكية بحيث لا يمكن تهديد المصالح الأمريكية مباشرة.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية



No comments:

Post a Comment