Flag Counter

Flag Counter

Saturday, November 26, 2022

هل تورَّطت الولايات المتحدة في الأحداث الأخيرة في إيران؟

"لاتقم بعد فراخك, قبل أن يفقس البيض." - مثل إنجليزي

هناك تاريخ متقلب للعلاقة بين الولايات المتحدة وإيران ولابد من إسقاط ذلك على الأحداث التي تجري حاليا في إيران من أجل فهم أفضل لتلك الأحداث والنتائج التي سوف تؤدي إليها.

الولايات المتحدة بالاشتراك مع بريطانيا نجحت في إسقاط رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق سنة ١٩٥٣ من خلال تنظيم تحركات شعبية ضده في عملية حملت الإسم الكودي آجاكس(AJAX) التي كان ضابط وكالة المخابرات المركزية الأمريكية كيرمت روزفلت حفيد الرئيس السابق ثيودور روزفلت مسؤولا عن تنفيذها. 

رئيس الوزراء محمد مصدق كان شخصا وطنيا لم تناسب توجهاته السياسية والإقتصادية المصالح الغربية فقد طالب بريطانيا بزيادة حصة إيران من عائدات النفط وعندما رفضت قام بتأميم جميع حقول ومصافي النفط في إيران. التحركات التي تم تنظيمها ضد محمد مصدق تحت غطاء الثورة دفعت الكثير من الأموال الى عصابات من الغوغاء التي لاهوية حقيقية لها والتي هاجمت منازل رجال الدين والحوزات الدينية وقامت بترديد شعارات شيوعية وحملت لافتات كتب عليها شعارات الشيوعيين والإيحاء بأنَّ رئيس الوزراء محمد مصدق شيوعي ملحد وذلك في محاولة لإستفزاز العواطف الدينية للشعب الإيراني وذلك ماكان.

سقط رئيس الوزراء محمد مصدق وعاد شاه إيران محمد رضا بهلوي من منفاه في الخارج وتم تغيير إسم شركة النفط الأنجلو-إيرانية(Anglo- Persian Oil) إلى بريتش بتروليوم(BP) وتقسيم النفط الإيراني وفق التالي: ٤٠% نصيب ٥ شركات متفرعة من شركة نفط ستاندرد أويل في الولايات المتحدة التي أسَّسها جون روكفلر, ٤٠% حصة شركة النفط الأنجلو-إيرانية السابقة(بريطانيا), ١٤% حصة شركة شل الهولندية و ٦% حصة شركة النفط الفرنسية(CFP).

محمد رضا بهلوي كان يمثّل المصالح الأمريكية ويعتبر شرطي المنطقة بالنسبة الى الولايات المتحدة وأحد أكثر الأشخاص قربا من الإدارة الأمريكية بعد دولة الكيان الصهيوني. كما أنَّ إيران كانت على علاقة وثيقة مع دولة الكيان الصهيوني حيث ساهمت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في تدريب جهاز الأمن الإيراني (السافاك) السيئ الصيت والمعروف بشراسته في ملاحقة المعارضين بدون رحمة داخل وخارج إيران.

إنَّ إيران ومن خلال عضويتها في منظمة أوبك لعبت دور حصان طروادة داخل المنظمة حيث وأنه عقب إعلان الدول العربية الحظر النفطي سنة ١٩٧٣, تدخَّلَ شاه إيران من أجل رفع سعر النفط الى ١١.٦٥ دولار/برميل, زيادة نسبتها ٤٠٠% من سعر النفط خلال الفترة التي سبقت إعلان الحظر وهو ما تطابق مع توقعات مستشار الأمن القومي الأمريكي هنري كيسنجر خلال اجتماع مجموعة بيلدربيرغ النخبوية الذي عقد في السويد خلال الفترة ١٠-١٣/مايو/١٩٧٣, قبل شهر واحد من اندلاع حرب أكتوبر/١٩٧٣. 

وزير النفط السعودي السابق الشيخ زكي اليماني وخلال لقائه في العاصمة البريطانية لندن بتاريخ سبتمبر/٢٠٠٠ مع المؤلف والكاتب الأمريكي وليام أنغدهل صرَّح بأن الملك فيصل قد أرسله في مهمة من أجل الحصول على إجابة من الشاه محمد رضا بهلوي حول دوافع إيران في المطالبة رفع سعر النفط خلال إجتماع أوبك القادم في ديسمبر/١٩٧٣ مما سوف يؤدي الى نتائج إقتصادية سلبية للغاية على دول أوروبا الغربية وضد مصلحة الدول الأعضاء في المنظمة. وقد كانت إجابة الشاه صادمة وهي كما أنقلها حرفيا:"إذا كان الملك يرغب في إجابة لذلك السؤال فعليه أن يذهب الى واشنطن ويسأل هنري كيسنجر."

شاه إيران محمد بهلوي كان على علاقة وثيقة مع ديفيد روكفلر, حفيد جون روكفلر مؤسس شركة ستاندرد أويل, والذي كان يعتبر أحد أعضاء الدائرة المقربة من المصالح النفطية الأمريكية على رأسها جون روكفلر. محمد رضا بهلوي كان يحتفظ بحسابات الحكومة الإيرانية في بنك تشيس مانهاتن التي يتبع أسرة روكفلر. كما أن الفوائض المالية بسبب إرتفاع سعر النفط سنة ١٩٧٤ والتي كانت تبلغ مليار دولار شهريا كان يتم إيداعها في حسابات الحكومة الإيرانية في بنك تشيس مانهاتن.

ولكن كما ينقل عن رئيس الوزراء البريطاني السابق ونستون تشرشل بأنه في عالم السياسية, لا يوجد صداقة دائمة بل هي عبارة عن مصالح, ولأن الولايات المتحدة لديها تاريخ في التخلي عن حلفائها, فقد تمت الإطاحة بشاه إيران محمد رضا بهلوي من خلال ثورة شعبية سنة ١٩٧٨-١٩٧٩ وذلك لعدَّة أسباب. أحد أهم تلك الأسباب هو عملية تدَخُّل الإتحاد السوفياتي في أفغانستان(١٩٧٨-١٩٨٩) حيث دعمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأقلية الشيعية(الهزارة) في أفغانستان ضد الاتحاد السوفياتي, الإسلام ضد الإلحاد. كما أنَّ هناك سببا أخر وهو أنَّ الولايات المتحدة قد بدأت في النظر الى محمد رضا بهلوي على أنه يمثِّلُ خطرا ضد المصالح الأمريكية في إيران خصوصا أنه بدأ يطالب بزيادة حصة الحكومة اليرانية في عائدات النفط بل ويهدد بتأميم المصالح النفطية الأجنبية إذا تم رفض مطالبه.

التاريخ يعيد تكرار الأحداث نفسها مع اختلاف المكان والزمان.الولايات المتحدة وفي تطبيق مبكر للنظرية المعروفة بإسم الفوضى الخلاق, تخَلَّت عن شاه إيران بعد أن أصبح ضعيفا وعاجزا عن حماية مصالحها في المنطقة على الرغم من معرفتها اليقينية أن سقوطه سوف يؤدي الى حالة فراغ في السلطة سوف يملئها الإسلام السياسي الشيعي مما يخدم مصالحها في إضعاف الإتحاد السوفياتي وإشعال صراع سني-شيعي في المنطقة. 

إنَّ الأحداث الحالية في إيران ليست أول محاولة من الإدارة الأمريكية من أجل زعزعة إستقرارها والهدف هو النفط. إستغلال بعض نقاط الضعف التي لا تخلو منها أي دولة في العالم في تحريك الأحداث وتوجيهها في إطار الفوضى الخلاقة والتي في النهاية سوف تخدم مصالح الولايات المتحدة وليس الشعب الإيراني الذي سوف يدفع الثمن كما حصل في العراق, سوريا, اليمن, ليبيا ومن قبلها يوغسلافيا و دول البلقان. 

إن أحداث إيران الحالية تعيد الذاكرة الى أحداث مماثلة في مصر, ٢٥ يناير, حيث إستغلت وسائل الإعلام الغربية حادثة مقتل خالد سعيد الذي طاردته الشرطة المصرية بسبب حيازته كمية من المخدرات بقصد الإتجار بها حيث قام بإبتلاعها وتوفي إختناقا وتم تسريب صور له بعد تشريح جثَّته أصولا على أنه توفي بسبب التعذيب. كما أنه هناك حادثة وفاة حمزة الخطيب في مدينة درعا في سوريا حيث قُتِلَ أثناء مشاركته في مظاهرات كانت تهدف إلى الهجوم على مساكن الضباط في المدينة. في سوريا, نشرت المعارضة معلومات مضَلِّلة أن عمر حمزة الخطيب هو ١٣ عاما ونشرت صورة يتيمة له بينما عمره الحقيقي في السابع عشرة.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment