Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, November 9, 2022

الديمقراطية لا تعني الخبز و الديكتاتورية لا تعني الموت جوعا

الديمقراطية لا تعني الخبز و الديكتاتورية لا تعني الموت جوعا, هل تريد الشعوب أن تشبع من الديمقراطية أم الخبز؟ هناك دول شمولية مثل الصين حقَّقَت نموا إقتصاديا ولكنه يبقى مشوها بسبب عيوب وإختلالات هيكلية سوف تجعل من سقوطه كارثيا بكل المقاييس. بينما هناك أنظمة ديمقراطية مثل الولايات المتحدة حقَّقَت نوا إقتصاديا ولكنها أيضا تعاني من إختلالات هيكلية أدَّت الى نتائج خطيرة للغاية تمثَّلَت في أزمات إقتصادية عالمية سنة ١٩٢٩ و ٢٠٠٨.

وانا استخدم المصطلحات مثل ديمقراطية و ديكتاتورية على وفق ما تناقلته وسائل الإعلام ولكن الحقيقة هي أن الولايات المتحدة ليست دولة ديمقراطية ولا الصين سوف تتحول الى دولة ديمقراطية في القريب العاجل ولا الآجل. هناك وجهات نظر ترى أنه لايمكن الجمع بين الرأسمالية والديمقراطية وأنَّ التحول الديمقراطي في بلد ما لا يعني تحقيق الإزدهار والرخاء الإقتصادي.

هناك عدة تناقضات في أنظمة توصف بأنها ديمقراطية أو قد تجعل العملية الديمقراطية مشوَّهة الى درجة أنها سوف تؤدي الى نتائج عكس المتوقع منها. البنوك المركزية التي تمسك بنواصي الإقتصاد في أغلب دول العالم هي عبارة عن مؤسسات وكيانات غير منتخبة و تتبع جهات خاصة وليست مؤسسات حكومية وبالتالي فإنها قادرة على طباعة العملة وتمثِّلُ المصالح الخاصة ويمتلك أسهمها من يطلق الإعلام عليهم المرابين الدوليين أو لصوص العصر الحديث أو المصرفيين. هنا عدد قليل من الدول التي تتبع بنوكها المركزية الحكومة مثل سوريا, إيران وكوريا الشمالية وأعتقد ربما السودان وجميعها دول تخضع الى الحصار والعقوبات والتدخلات الأمريكية الدموية في شؤونها الداخلية.

الإتحاد الأوروبي هو نموذج يتم الترويج له إعلاميا بأنه ديمقراطي ولكن الكثير من هيئات ومراكز صنع القرار ومنها البنك المركزي الأوروبي غير منتخبة. هناك عدة أزمات تواجه الإتحاد الأوروبي منها أزمة اللاجئين وتوزيع الحصص على الدول الأوروبية. المانيا التي كانت الوجهة المفضلة للاجئين فرضت قانون البصمة حيث يقوم اللاجئ بتقديم طلب اللجوء في أول دولة تقوم بأخذ بصمته وبياناته الشخصية وذلك يعني زيادة الضغط على دول أوروبا الشرقية مثل بولندا التي رفضت الانصياع الى تلك القرارات التي تهدد أمنها وتوازنها الديمغرافي.

العملية الإنتخابية هي أحد مظاهر الديمقراطية ولكن هناك فرق يزداد اتساعا بين وعود السياسيين وتنفيذ تلك الوعود على أرض الواقع ورغبات الناخبين. كما أنَّ العملية الإنتخابية هي في حد ذاتها قد تؤدي الى نتيجة سلبية مثل النظام النازي و أدولف هتلر أو الى وصول فاشيين إسلاميين الى السلطة كما في تونس ومصر خلال الإنتخابات التي أعقبت أحداث الربيع العربي. العملية الإنتخابية تعطي الناخبين الحق في تغيير السياسيين الكاذبين بأخرين أكثر قدرة على الكذب وخداع الناخبين أو أكثر قدرة على تقديم المزيد من الوعود حتى أكون أكثر دقَّة في التعبير. 

ولكن هل تعني العملية الإنتخابية الديمقراطية تجاهل آمال وتطلعات وأحلام فئات من الناخبين؟ الإجابة هي نعم, العملية الإنتخابية تعني تجاهل تطلعات وأحلام وآمال الناخبين الذين يصوتون الى الجهة الخاطئة أو يقومون بإختيار إنتخابي غير مناسب. إذا فإنَّ جوهر العملية الإنتخابية هو إقصائي غير ديمقراطي. حركة حماس التي فازت في انتخابات عام ٢٠٠٦ في فلسطين سارعت إلى الإستيلاء على قطاع غزة حيث تتمتع بنفوذ قوي وشعبية جماهيرية وذلك من خلال القوة العسكرية وطردت منافسيها السياسيين من حركة فتح الذين ردوا ديمقراطيا على حركة حماس في الضفة الغربية حيث مناطق نفوذ حركة فتح وقبضوا على أعضاء من حركة حماس وأودعوهم في السجون. هتلر في ألمانيا وموسوليني في إيطاليا سارعوا بعد فوزهم في الإنتخابات الى قمع منافسيهم السياسيين ديمقراطيا وقبضوا على بعضهم في السجون أو قتلوا بعضهم الأخر. 

الديمقراطية الليبرالية والتي يعتبرها بعض المفكرين مثل فرانسيس يوكوهوما نهاية التاريخ وإعلان إنتصار الرأسمالية على الشيوعية ليست إلا شكلا أخر من أشكال الحكم الشمولي حيث تلغى القوميات وسيادة الدولة بفعل تأثير إتفاقيات التجارة الحرَّة ونفوذ الشركات المتعددة الجنسيات. فقد أصبح من الممكن في عصر العولمة أن تقوم الشركات العابرة للقارات بمقاضاة الحكومات في هيئات دولية هي نفسها عابرة للقارات ومدعومة بالقوة العسكرية والأساطيل الحربية الأمريكية والبريطانية والفرنسية.

هناك نماذج قليلة للغاية على دول حقَّقَت نموا إقتصاديا مترافقا مع عملية ديمقراطية يمكن أن توصف بأنها نزيهة وعلى قدر من تلبية معايير الشفافية. هناك دول مثل النرويج التي تفرض على شركات البترول ضرائب مرتفعة تصل الى 80% وتستثمر العائدات في صندوق ثروة سيادي هو الأكبر في العالم. فنلندا هي أحد الدول الإسكندنافية التي لا يحصل فيها السياسيون على دخل سنوي يزيد عن متوسط معدل الرواتب. ولكن الحكومة الفنلندية إتَّخذت وبدون تصويت شعبي القرار مؤخرا بأن تنضم الى تحالف الناتو على الرغم من أنها تعلم علم اليقين أن ذلك القرار لا يلقى القبول بين المواطنين والذي يرى بعض المحللين أن الهدف منه هو جر فنلندا الى دائرة الصراع الأمريكية-الروسية وتدمير نموذجها في الرفاه الإجتماعي الذي يعتبر مثالا تطمح الكثير من الدول الأخرى الى الإقتداء به.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment