Flag Counter

Flag Counter

Tuesday, November 8, 2022

الحرب العالمية الثانية و الهجوم الياباني على بيرل هاربر

كان الهجوم الياباني على ميناء بيرل هاربر في ٧/ديسمبر/١٩٤١ نقطة تحول رئيسية في مسار الحرب العالمية الثانية نتيجة دخول الولايات المتحدة الحرب إلى جانب الحلفاء بريطانيا وفرنسا ودول أوروبية أخرى ضد ألمانيا النازية, اليابان وإيطاليا. ولكن ذلك الهجوم لم يكن إلا ذريعة استخدمتها الولايات المتحدة من أجل تهيئة الرأي العام الأمريكي الذي كان معارضا تَدَخُّلَ القوات الأمريكية في المعارك حيث لم تتعرض أراضي الولايات المتحدة الى اي تهديد مباشر من أحد أطراف النزاع.

ولكن على الرغم من ذلك فقد كانت هناك مجموعة من العوامل التي جعلت الإدارة الأمريكية على يقين بأن دخولها الحرب هو مجرد مسألة وقت. المصالح الأمريكية خصوصا في المحيط الهادي كانت تتعرض الى تهديد متزايد من اليابان هو أحدها. كما أن ألمانيا النازية, اليابان وإيطاليا قد وقعوا على الاتفاقية الثلاثية في برلين في تاريخ ٧/ديسمبر/١٩٤٠ ينص على مجموعة من بنود التعاون المشترك أحدها أن تعرض أي من دول الحلف إلى الهجوم من دولة أخرى باستثناء الاتحاد السوفياتي يؤدي إلى مساندة الدول الأخرى لها عسكريا.

الزعيم الألماني أدولف هتلر أعلن الحرب على الولايات المتحدة في ١١/ديسمبر/١٩٤١ تنفيذا للاتفاقية الثلاثية وذلك بعد أربعة أيام من الهجوم الياباني على بيرل هاربر وإعلان الولايات المتحدة الحرب على الإمبراطورية اليابانية. ولكن الحقيقة أنَّ حالة العداء بين الولايات المتحدة واليابان تعود الى فترة سابقة حيث كانت دوائر صنع القرار الأمريكية تشعر بالقلق من سياسة التوسع اليابانية في الصين وقيام الجيش الإمبراطوري الياباني بعملية غزو الصين سنة ١٩٣٧ وإرتكاب المذابح لعل أشهرها مذبحة نانكينغ وأحداث مأساوية أخرى. 

الولايات المتحدة بدأت في الرد على العمليات العسكرية اليابانية في الصين من خلال العقوبات والحظر التجاري الذي كان يستهدف بشكل مباشر خطوط الإمداد البحرية التي جعلت من الصعوبة حصول اليابان على السلع والمواد الأولية خصوصا النفط. ولكن ذلك أدى الى زيادة تصميم اليابان على سياستها التوسعية حيث كانت تعتبرها معركة وجود وليس مجرد سياسة توسعية هدفها مجرد ضم المزيد من الأراضي بل الحصول على المواد الخام والموارد الضرورية التي كانت تفتقر اليها اليابان.

القيادة العسكرية اليابانية التي كانت تدرك أنَّه من غير الممكن تحقيق هزيمة عسكرية حاسمة ضد الولايات المتحدة ولكنها كانت تعتبر في الوقت نفسه أنَّ الضربة العسكرية ضد ميناء بيرل هاربر هي ضرية وقائية سوف تؤدي الى تحقيق التفوق البحري الياباني من خلال تدمير أسطول المحيط الهادي الأمريكي وتحقيق التفوق العسكري الياباني على الولايات المتحدة في تلك المنطقة بينما تتولى المانيا المسؤولية الرئيسية عن مسرح العمليات في أوروبا والقوات الإيطالية في إفريقيا وبذلك يتم إشغال القوات الأمريكية على عدة جبهات وتعطيل خطوط إمدادها. 

ولكن الحسابات اليابانية كانت خاطئة لأن الولايات المتحدة لم تكن الدولة الوحيدة في الحرب العالمية الثانية التي كانت تقاتل على عدة جبهات. قوات الفيرماخت بدأت في تنفيذ العملية العسكرية بارباروسا ضد الإتحاد السوفياتي سنة ١٩٤٢ كما أن القوات الإيطالية في إفريقا واجهت تعثُّرا في تحقيق أهدافها حيث أرسل هتلر قوات المانية بقيادة ثعلب الصحراء رومل من أجل تقديم الدعم الى حليفه موسوليني في إحتلال مصر والضغط العسكري على بريطانيا من خلال تهديد مستعمرتها في الهند التي كانت تعتبر درة التاج البريطاني.

الولايات المتحدة كانت تمتلك القدرات البشرية والعسكرية التي تجعل من دخولها الحرب على عدة جبهات أمرا ممكنا حيث لم تتأثر قدراتها الصناعية بسبب البعد بين أراضيها ومسرح الأحداث في الحرب العالمية الثانية. بريطانيا كانت لديها قدرات لوجستية وبشرية من خلال سيطرتها على عدد من المستعمرات في الهند والشرق الأوسط وفرنسا التي وإن تلقَّت هزيمة عسكرية من القوات الألمانية التي نجحت في السيطرة على العاصمة الفرنسية باريس, إلا أنها كانت ماتزال تسيطر على عدد من المستعمرات وليدها قوات عسكرية كبيرة بقيت سليمة وفي حالة جهوزية قتالية عالية.

الهجوم الياباني على بيرل هاربر لم يؤدي الى تدمير الأسطول البحري الأمريكي حيث بقيت حاملات الطائرات سليمة لم تتأثر بالهجوم حيث يعتقد على نطاق واسع أن الولايات المتحدة كانت لديها معلومات مسبقة عن النوايا اليابانية ولذلك قامت بإبعاد حاملات طائراتها عن الميناء. كما أنه تم إصلاح السفن المعطوبة بسرعة قياسية وتعويض الخسائر البشرية التي لم تزد على ٢٤٠٠ بحار أمريكي. هناك سبب آخر يعزو إليه الخبراء فشل الهجوم الياباني وهو أنه لم يستهدف المنشآت الأكثر حيوية في الميناء مثل مستودعا تخزين النفط وأحواض السفن البحرية ومنشئات إصلاحها مما جعل عملية التعافي الأمريكية من الهجوم ممكنة وبوقت قياسي.

إنَّ نتيجة الهجوم الياباني على بيرل هاربر الذي عارضه كبار القادة العسكريين اليابانيين كانت كارثية على اليابان على الرغم من هزيمة الولايات المتحدة وحلفائها في عدة معارك حربية في المحيط الهادي, إلا أنها القوات الأمريكية تمكنت من إمتصاص الصدمة وتحقيق الانتصار العسكري على اليابان واحتلال الأراضي اليابانية وصولا الى العاصمة طوكيو التي تم قصفها و مدينة ناغازاكي بالقنابل الذرية وتوقيع اليابان اتفاقية استسلام غير مشروط بعد أن بقيت وحيدة بسبب هزيمة ألمانيا النازية وإعلان الإتحاد السوفياتي الحرب ضد اليابان الذي بدأ من خلال هجوم قوات الجيش الأحمر على الجبهة اليابانية في منشوريا.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية



No comments:

Post a Comment