Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, December 1, 2021

صدمة نيكسون, الدولار وأزمة الحظر النفطي سنة ١٩٧٣-١٩٧٤

هناك حدث مهم وقع سنة ١٩٤٤ وأدى إلى تأثيرات مباشرة على الاقتصاد العالمي لعقود قادمة. الحدث هو اجتماع مندوبي ٤٤ دولة في فندق ماونت واشنطن قرب غابات بريتون وودز في ولاية نيوهامبشير الأمريكية من أجل تقسيم كعكة الاقتصاد خلال الفترة التي سوف تعقب الحرب العالمية الثانية. الولايات المتحدة فرضت وجهة نظرها في المؤتمر حيث تم الإتفاق على تأسيس صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وأن يتم اعتماد الدولار عملة احتياطية عالمية مقابل أن تضمن الحكومة الأمريكية عملتها بالذهب وفق سعر ٣٥ دولار/أونصة. الدول الأخرى في المؤتمر كانت مضطرة الى الموافقة حيث أنَّ الولايات المتحدة خرجت من الحرب بأقوى مما دخلتها, إقتصاد قوي وبنية تحتية سليمة. كما أن الدول الأوروبية كانت بحاجة الى أموال إعادة الإعمار وفق خطة مارشال وبالتالي كانت الدول الأخرى التي حضرت المؤتمر مضطرة إلى الموافقة. 

الولايات المتحدة وبسبب التزاماتها في الحرب الكورية, قامت بطباعة كميات متزايدة من الدولارات وقد تمكنت من تغطية ذلك الأمر سياسيا وإقتصاديا تحت مسمى خطة مارشال ونفقات القوات الأمريكية المتواجدة في أوروبا. ولكن الأمر بدأت في الخروج عن السيطرة مع بدايات حرب فيتنام وإرسال ما يقرب من ٥٠٠ ألف جندي ومستشار أمريكي من أجل هزيمة فيتنام الشمالية وثورا الفيتكونغ. كما أن خطة الرئيس الأمريكي ليندون جونسون (المسدس والزبدة-Gun & Butter) والمتعلقة بزيادة الإنفاق العسكري والمدني قد أدت إلى زيادة الضغوطات على العملة الأمريكية. الدول الأوروبية التي بدأت تظهر عليها آثار الإنتعاش الإقتصادي خصوصا في تحقيق فائض تجاري مع الولايات المتحدة قد بدأت تفقد الثقة في مركز الدولار الأمريكي ومكانته عملة الاحتياط العالمية. فرنسا كانت من أوائل الدول التي طالبت الولايات المتحدة بمبادرة الدولارات الفائضة لديها مقابل الذهب وفق نصوص إتفاقية بريتون-وودز وتبعتها دول أوروبية أخرى مما أدى الى تناقص احتياطي الذهب الأمريكي الى مستويات منخفضة.

سنة 1971 شهدت حدثا مهما آخر وهو ظهور الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في ١٥/أغسطس على التلفاز الأمريكي وأعلن التوقف عن مبادلة الدولار الأمريكي مقابل الذهب فيما عرف بإسم صدمة نيكسون. الرئيس الأمريكي وإن أعلن أن ذلك إجراء مؤقت سوف ينتهي العمل به بمجرد إصلاح إتفاقية بريتون-وودز, إلا أنه كان على يقين باستحالة ذلك وهو ما تمثل سنة ١٩٧٣ في تعويم الدولار الأمريكي رسميا أمام العملات الأخرى في أسواق الصرف اتفاقية جامايكا سنة ١٩٧٦ والتي كانت بمثابة إعلان عن انتهاء العمل باتفاقية بريتون-وودز. ولكن صدمة نيكسون ليست الحدث الوحيد المهم سنة ١٩٧١ بل هناك إنهيار أسواق الأسهم والبورصة في الولايات المتحدة في شهر كانون الأول حيث أدى تراجع الثقة في الدولار الأمريكي الى تراجع الرغبة في شراء أدوات مالية مقوَّمة بالدولار الأمريكي وبالتالي إنهيار أسعارها. 

أحداث مهمة ومفصلية العالم ما بعدها لن يكون كما قبلها. سنة ١٩٧٣ شهدت حدثا مهما ومحوريا وهو حرب رمضان ١٩٧٣ ثم إعلان قرار الحظر النفطي وإرتفاع أسعار النفط ٤٠٠%. سنة ١٩٧٤ تم الإعلان عن انتهاء الحظر النفطي وخلال شهور قليلة من نفس السنة تم الإعلان عن إنتهاء أزمة البورصة الأمريكية. الولايات المتحدة عقدت إتفاقية سنة ١٩٧٥ مع المملكة العربية السعودية ملخصها أن النفط السعودي يباع حصريا مقابل الدولار الأمريكي وأن المملكة العربية السعودية بوصفها العضو الأكثر تأثيرا على مستويات الإنتاج ضمن منظمة أوبك تتعهد بفرض ذلك. مستشار الأمن القومي الأمريكي وعراب تلك الإتفاقية ريتشارد نيكسون الذي كان يدرك أهميتها للولايات المتحدة التي كانت في حاجة إلى فرض قوة وهيمنة الدولار بوسيلة أخرى تمهيدا لاتفاقية جامايكا سنة ١٩٧٦. الولايات المتحدة تعهدت الى المملكة العربية السعودية حمايتها وضمان أمنها وتصدير أحدث المعدات والأسلحة الأمريكية لها مقابل الموافقة على شروط الولايات المتحدة.

إن كل ما سبق ذكره يؤدي الى نتيجة مهمة مفادها أن النفط وإن كان أحد السلع(Commodities) إلا أنه لا يشبه أي سلعة أخرى بسبب أهميته للاقتصاد العالمي. إن العلاقة الثلاثية بين سعر النفط, الدولار والذهب لا يمكن تحديدها بطريقة تقليدية وإن كانت ما تزال تخضع الى قانون العرض والطلب وذلك بسبب تشابك الاقتصاد العالمي وتعقيده. في موضوع قادم إن شاء الله سوف أقوم على توضيح تلك العلاقة وصراع النخب الإقتصادية العالمية وارتباطها مع ثلاثي النفط, الدولار والذهب. 

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment