Flag Counter

Flag Counter

Monday, December 27, 2021

حروب النفط الأمريكية والنظام العالمي الجديد

النفط يعتبر سلعة حيوية تخضع إلى أقصى درجات الاهتمام من الدول المنتجة والمصدرة على حد سواء. إنَّ النفط يعتبر الأمر الضرورة من أجل استمرار الرأسمالية كما هي وبدون النفط ليس هناك رأسمالية ولا أسواق يتم فيها تبادل المنتجات والخدمات. وفي سبيل النفط, تخوض الدول الحروب وتحشد الجيوش وتعلن حالة الطوارئ ولكن المهم أن يستمر تدفُّق النفط. وقد يستغني العالم عن الألماس, سمك التونة, عطور غوتشي الشهيرة أو سماع أخر أخبار المغنية الأمريكية بريتني سبيرز ولكنه لا يمكن أن يستغني عن النفط. حروب العالم, المشاكل, الاضطرابات والقلاقل سببها النفط أو انسيابية مصادر الطاقة وهي النفط والغاز. هنا مشاكل وحروب تحصل في بلدان مختلفة سببها التنافس على سلع مثل الألماس في سيراليون ولكن يبقى النفط هو سيد الموقف. العالم لن يستغني لا في القريب العاجل ولا الآجل عن الوقود الأحفوري خصوصا النفط وكل ما يتم ترويجه عن ذلك مجرد بروباغندا مخادعة.

إنَّ جميع توجهات السياسة الأمريكية خلال الفترة أعقبت نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى يومنا هذا لها علاقة بمصادر الطاقة وتحديدا النفط. الولايات المتحدة بدأت إزاحة بريطانيا من مستعمراتها ومراكزها حول العالم خصوصا في منطقة الخليج العربي حيث أكبر احتياطي من النفط في العالم. الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت التقى الملك السعودي عبد العزيز آل سعود سنة ١٩٤٥ على ظهر البارجة الأمريكية يو إس إس كوينسي أثناء عودته من مؤتمر يالطا حيث عقد معه اتفاقا تتعهد الولايات المتحدة وفق بنوده حماية آل سعود من أي تهديد خارجي أو داخلي مقابل استمرار تدفق النفط الرخيص الثمن إلى الولايات المتحدة. هناك أمر لا يأخذه الكثير من المؤرخين في الحسبان وهو أنَّ توفُّر مصادر الطاقة الرخيصة كان أمرا ضروريا من أجل نجاح خطة مارشال لإعادة إعمار أوروبا. 

إنَّ منطقة الخليج العربي تحتوي على أكبر إحتياطي نفط في العالم وأول إكتشاف للنفط في المنطقة كان سنة ١٩٠٨ في إيران. منطقة الخليج العربي غير مستقرة سياسيا ومشتعلة بصراعات وحروب دموية وحركات تمرد مسلحة كما حصل في سلطنة عمان(١٩٦٣-١٩٧٥) حيث قاد التمرد حركة تحرير ظفار التي غيَّرت إسمها الى الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل وأعلنت تبني برنامج سياسي ماركسي لينيني. الدول الغربية خصوصا بريطانيا وفي ذروة الحرب الباردة كانت قلقة من التمدد السوفياتي في المنطقة حيث قدَّمت الدعم الى حاكم سلطنة عمان سعيد بن تيمور وأرسلت القوات الخاصة البريطانية المرعبة(SAS) وأسلحة وذخيرة وتدَّخل شاه إيران الموالي للغرب محمد رضا بهلوي ودول عربية أخرى تدور في فلك الولايات المتحدة أو بريطانيا. ولكن المنطقة لم تهدأ حيث اشتعلت حرب دموية بين العراق وإيران(١٩٧٩-١٩٨٨) وتعرضت إمدادات النفط إلى الخطر وتدخَّلت البحرية الأمريكية وتم رفع العلم الأمريكي على ناقلات النفط التي تمر من مضيق هرمز الحيوي لإنسيابية وتدفق إمدادات النفط في العالم.

الغزو الأمريكي للعراق سنة ٢٠٠٣ لم يكن سببه أسلحة الدمار الشامل التي لم يجدها الأمريكيون لأن التقارير التي تم الإعتماد عليها كانت كاذبة ومضلِّلَة. كما أن سببه لم يكن العلاقة بين صدام حسين وتنظيم القاعدة لأنها علاقة لم تكن موجودة ومصدرها تقارير أمنية مصرية من تحقيقات مع معتقلين في السجون المصرية أخذت منهم بطرق ملتوية. الغزو الأمريكي للعراق تعود جذوره الى سنة ١٩٧٥ حيث تم تأميم صناعة النفط العراقية ومن ثم محاولة الرئيس العراقي صدام حسين خلال الفترة التي سبقت الغزو الأمريكي أن يبيع النفط مقابل اليورو وذلك من الأمور التي تعتبرها الولايات المتحدة من المحرَّمات. إسقاط نظام الرئيس الليبي معمر القذافي في ليبيا كان سببه أن كان على وشك اتخاذ قرار بأن النفط الليبي يباع حصريا مقابل الذهب وكان يحرض دول إفريقيا على بيع ثرواتها الطبيعية خصوصا النفط مقابل الدينار الذهبي الإفريقي حصريا. 

إن السياسة الأمريكية المتعلقة بالنفط شهدت تغيرا جذريا أخر سنة ١٩٧٥ بسبب الحظر النفطي(١٩٧٣-١٩٧٤) خلال حرب رمضان/أكتوبر وذلك كان يعتمد على مسارين, الأول هو عقد اتفاق بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة على بيع النفط حصريا مقابل الدولار الأمريكي مقابل إستمرار حماية الولايات المتحدة نظام حكم آل سعود, بينما المسار الثاني كان البحث عن مصادر احتياطية للطاقة حيث بدأ الإهتمام في منطقة بحر قزوين التي تحتوي على ثاني أكبر احتياطي من النفط في العالم. إن ملامح النظام العالمي الجديد الذي تحاول الولايات المتحدة أن تقيمه لا يمكن أن يكون موجودا بدون سيطرة الولايات المتحدة على مصادر الطاقة في العالم وتحكمها في خطوط نقل النفط والممرات البحرية. 

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment