Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, December 15, 2021

مثل المستجير من الرمضاء بالنار

أشفق على حال العرب كلهم في الهم شرق ولكنهم في الوقت نفسه يعيبون على بعضهم في وسائل الإعلام وشبكة الإنترنت. العثمانيين احتلوا الوطن العربي ونهبوا خيراته وساقوا شبابه إلى حروبهم مدة ٤٠٠ سنة وكل ذلك باسم الإسلام والمسلمين. ومن ثمَّ ثار العرب بقيادة الشريف حسين بن علي رحمه الله على أمل أن يتحرروا من العثمانيين ويتوحدوا ولكنهم وقعوا في أيدي بريطانيا التي كانت في ذلك الوقت أخبث من عليها والتي تأمرت مع فرنسا على تقسيم الوطن العربي و إعطاء فلسطين لليهود وفق إتفاقية سايكس بيكو. خلال تلك الحقبة الزمنية برزت شخصيات بريطانية رئيسية مثل ضابط المخابرات البريطاني لورنس الذي كان يعمل من خلال فرع المكتب في القاهرة و وزير المستعمرات والذي شغل منصب وزير الحربية ثم رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل. العرب خرجوا من الإحتلال العثماني إلى الاحتلال البريطاني والفرنسي والإيطالي والألماني والإسباني. العرب كانوا بارعين في القتال ولكنهم ساذجون سياسيا. 

إنتهت الحرب العالمية الأولى ودخلت القوات البريطانية إلى فلسطين وقال الجنرال اللنبي مقولته الشهيرة:"الآن انتهت الحروب الصليبية." ودخل الجنرال غورو الى دمشق ووضع قدمه على قبر صلاح الدين الأيوبي وقال:"ها قد عدنا يا صلاح الدين." الجنرال الفرنسي ليوطي دخل الى المغرب وركل بقدمه النجسة قبر يوسف بن تاشفين قائلا:"انهض يا بن تاشفين لقد وصلنا إلى عقر دارك." الإسبان الى يومنا هذا لديهم إحتفالية كل سنة يخرجون فيها راية الموحدين التي غنموها في معركة حصن العقاب ويطوفون فيها في بعض مدنهم. بل وهناك مهرجان سنوي في مدينة إشبيلية يقطعون فيه رؤوس الأوز المعلقة من حبال وهم ركوب على الخيل في ذكرى نفس المعركة حصن العقاب حيث قطعوا رؤوس أسرى الموحدين الذي يقال أن عددهم بلغ ٧٠ ألف أسير. الصليبيون لا ينسون ثأرهم والعرب ذاكرتهم مثل ذاكرة السمك سريعون في النسيان. 

ولأن سذاجة العرب مستمرة عبر القرون فقد قاتلوا إلى جانب بريطانيا وفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية على وعود كاذبة بمنحهم الاستقلال ولكن الدول الإستعمارية أخلفت وعودها حتى أجبرتهم الولايات المتحدة على تنفيذها ليس حبا في العرب والإسلام ولكن من أجل مصالحها حيث أُجبرت بريطانيا على الخروج تدريجيا من مناطق حقول النفط في العراق ومن ثم منطقة الخليج العربي وإيران. وخلال أزمة ١٩٥٦, قامت الولايات المتحدة بإجبار بريطانيا وفرنسا على وقف عدوانهم بعد أن هدَّدَت بإستخدام سلاح الإقتصاد وطالبتهم بدفع الديون المترتبة على البلدين خلال الحرب العالمية الثانية أو أن ينسحبوا من الأراضي المصرية. الولايات المتحدة أجبرت بريطانيا وفرنسا على إيفاء وعودهم منح المستعمرات السابقة الإستقلال ولو شكليا من أجل أن تملأ هي الفراغ لاحقا. يعني العرب من الإحتلال العثماني المباشر الى الاحتلال الفرنسي والبريطاني بإسم نظام الانتداب إلى الاحتلال الاقتصادي الأمريكي. 

بداية مرحلة الهيمنة الأمريكية في الوطن العربي كانت عبر التحالف مع تنظيم الإخوان المسلمين وأكثر من محاولة من أجل إغتيال الرئيس المصري جمال عبد الناصر. ومن ثم كانت الحرب الأفغانية-السوفياتية فرصة من أجل تعزيز ذلك التحالف عبر عبدالله عزام وتلميذه أسامة بن لادن حيث تولى مستشار الأمن القومي الأمريكي زيغينو بريجنسكي شخصيا ذلك الملف وقام بعدة رحلات إلى أفغانستان و التقى أسامة بن لادن واستقبل الرئيس الأمريكي رونالد ريغان قادة أفغان في البيت الأبيض أطلق عليهم لقب مقاتلي الحرية. ولكن ذلك اللقب الخُلَّبي المخادع أطلقه الأمريكيون على مقاتلي الكونترا في نيكاراغوا وهم نسخة أمريكا اللاتينية خلال فترة الثمانينيات من تنظيم داعش الدموي بل وأكثر منه دموية. إنَّ ذلك يذكرني بمنح جائزة نوبل في السلام الى رؤساء أمريكيين أشعلوا الحروب مثل وودرو ويلسون(١٩١٣-١٩٢٢), مستشار الأمن القومي الأمريكي هنري كيسنجر بالمشاركة مع السياسي والمحارب الفيتنامي لي دوك ثو, رؤساء وزراء دولة الكيان الصهيوني مناحيم بيغن, شيمون بيريز و إسحاق رابين, العميل الأمريكي رئيس الإتحاد السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف وأشخاص ساهموا في تدمير بلدانهم خلال الربيع العربي مثل اليمنية توكل كرمان التي تنتمي الى تنظيم الإخوان المسلمين. 

إنَّ كل ذلك يجري والعرب مخدَّرون يلاحقون التفاهات مثل مباريات كرة القدم حيث لن تجد قوات غزو أجنبية أفضل من موعد مباراة بين نادي برشلونة و ريال مدريد في الدوري الإسباني من أجل إحتلال جميع الدول العربية من المحيط الى الخليج ومن النهر الى البحر لأن الشعوب مشغولة في مشاهدة المباراة وذلك قبل إنتهاء تلك المهزلة وإنتقال كريستاينو رونالدو الى نادي جوفينتوس الإيطالي و ليونيل ميسي الى نادي باريس ان جيرمان الفرنسي. وقد تشتعل الحروب و الخلافات و الخصامات بين العرب بسبب مباريات كرة القدم مثل ما حصل بين مصر والجزائر بعد مباراتي الذهاب والإياب سنة ٢٠٠٩ تصفيات التأهل الى كأس العالم سنة ٢٠١٠ التي أقيمت في جنوب إفريقيا. أو أن العرب مشغولين بالتفاهات التي ينشرها بعض التافهين على قنواتهم في اليوتيوب ويحصدون ملايين المشاهدات وأموالا طائلة. 

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment