Flag Counter

Flag Counter

Friday, December 10, 2021

إنتشار الإسلام بالسيف بين التاريخ والنصوص الدينية

إنَّ الإجابة التقليدية على ذلك السؤال تكون وفق طريقة لا تقربوا الصلاة وذلك بالنفي أنَّ الإسلام إنتشر بالسيف وذكر الأدلة على ذلك. الخطأ التقليدي الذي يقع فيه الكثير من المسلمين هو الإجابة على السؤال بأن الإسلام لم ينتشر بالسيف وأنه إنتشر عبر الدعاة والتجار وحسن المعاملة. إنَّ النصف الأخر من الإجابة له علاقة بمعطيات تاريخية يتم تنحيتها وتجاهلها لصالح الموروث الديني. الإجابة بالنفي المطلق سوف تؤدي إلى مواجهة أحاديث مثل "جعل رزقي تحت سن رمحي" حيث يتلاعب المستشرقون ومن لفَّ لفيفهم من ملاحدة ومسيحيين متعصبين بالآيات والأحاديث ويحرفون معانيها. 

بداية هناك مجموعة حقائق ووقائع ثابتة تاريخيا لا بد من ذكرها في سبيل نفي تلك التهمة الباطلة. الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام دخل مكة في جيش من عشرة آلاف مقاتل ولكنه عفا عن أهلها وغفر لهم سوء معاملتهم للمسلمين في بداية الدعوة وقال لهم:"إذهبوا فأنتم الطلقاء." إنَّ وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام وخلفائه من بعده الى قادة الغزوات والسرايا كانت تتلخص في عدم الغدر وعدم التمثيل بالجثث وعدم قتل الأطفال والنساء والشيوخ وعدم قطع الشجر وعدم التعرض لأماكن العبادة والقائمين عليها.

إنَّ الله أمر المسلمين من أن يبلغوا رسالته ويعرضوا على من يبلغوهم ثلاثة خيارات وهي قبول الإسلام, دفع الجزية أو الحرب. إن خيار دفع الجزية كان أقل كُلفة مادياً من قبول الإسلام حيث أنَّ مبلغ الجزية كان مبلغا مقطوعا بينما قبول الإسلام كان مقرونا بأداء الزكاة على الذهب, الدخل من تجارة وما شابه وعلى ثمار الأرض. كما أنَّ دفع الجزية يعفي من الخدمة العسكرية ولا ينتقص من حقوق دافعها المدنية. إنَّ ذلك ينفي صفة الإكراه في الدين وأنَّ الكثيرين ممن قبلوا الإسلام إنما قاموا بذلك من أجل التهرب من دفع الجزية. وينقل عن ابن عمر أنه بعض رقيقة كان يلزم المسجد حتى يعجب بعبادتهم فيعتقه وكان يرد على مقولة انهم يخدعونك بعبارة "من خدعنا في الله انخدعنا له." كما أنَّ الجزية مذكورة في الكتاب المقدس في عدة مواقع في العهد القديم والجديد وبالتالي ليست أمرا يخصُّ المسلمين وحدهم.

إنَّ السيرة التاريخية للإسلام منذ بدايته في مكة تنفي صفة إنتشاره بالسيف ولكن كما يقال فإنَّ الحق يحتاج الى قوة تحميه والمؤمن القوي خير عند الله من المؤمن الضعيف. القتال كتب على المسلمين وهو كره لهم كما في الآية ٢١٦ من سورة البقرة واالله أذن لهم بالقتال كما في الآية ٣٩ من سورة الحج والسبب هو دفع الظلم وليس الإعتداء على الآخرين. المسلمون حين فتحوا بلاد الشام وفلسطين ومصر نجحوا في تخليص أهل تلك البلاد من ظلم الحكام من الإمبراطورية الرومانية والذين كانوا يعاملون النصارى من سكانها معاملة سيئة بسبب الإختلافات المذهبية. في فتح مصر على سبيل المثال أعاد عمرو بن العاص بطريرك الكنيسة القبطية الى منصبه وكرسيه بعد أن كان هاربا متخفِّيا من القوات الرومانية التي كانت تبحث عنه وقد سمعت ذلك من أحد كبار قساوسة الكنيسة القبطية في تسجيل على اليوتيوب. 

إن المسلمين لم يأتوا ببدعة من قول أو فعل حتى لو نحينا النصوص الدينية جانبا وتعاملنا مع وقائع تاريخية صِرفة, لن يكون هناك ما يدينهم مقارنة مع خصومهم. جيوش المسلمين كانت أكثر رحمة مع الأسرى بينما قتل الصليبيون آلاف من أسرى المسلمين خلال الحملات الصليبية وحتى أن نابليون بونابرت قتل حاكم يافا وجنود الحامية وارتكب جنوده فيها جرائم يندى لها الجبين من إغتصاب وسرقة ونهب على الرغم من أنَّ المدينة سلَّمت بدون قتال حيث أعطاها نابليون الأمان. الجنود الرومانيين كانوا يغتصبون حتى جنود الطرف الخاسر وكانت تلك ممارسة منهجية وليست أعمالا فردية. بينما الرسول عليه الصلاة والسلام أمر من لم يكن قادرا على دفع الفدية من أسرى قريش في معركة بدر أن يعلم عشرة من صبيان المسلمين القراءة والكتابة. 

المستشرقون واليمينيون والمسيحيون المتطرفون يدينون المسلمين ويتجاهلون الإمبراطورية الرومانية والجرائم التي كانت قواتها تقوم بها في المناطق التي تسيطر عليها. المسلمون لم يكونوا يقيدون جنودهم بسلاسل حتى لا يهربوا من المعركة كما كان يفعل الرومان. المسلمون قاموا بما قامت به الأمم من قبلهم التي توسَّعت عسكريا والإمبراطورية الرومانية على سبيل المثال بدأت من قرية صغيرة في إيطاليا تحولت مع مرور الوقت إلى عاصمة امبراطورية حكمت ربع العالم. التفوق العددي في معارك المسلمين ضد خصومهم لم يكن في صالحهم وبعض المعارك مثل مؤتة كانت عبارة خاسرة من الناحية العسكرية ومعارك أخرى مثل اليرموك كانت تفوق الخصوم العددي واضحا جدا وبالتالي من غير المقبول تاريخيا إطلاق صفة المعتدين على المسلمين وأنَّ الإسلام إنتشر بالسيف.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية






No comments:

Post a Comment