لو حاول أحدهم الاستماع الى نصائح خبراء التغذية لكان انتهى الى الاعتماد على الماء فقط. حتى موضوع المياه يثير الجدل بين أنواع المياه المختلفة وأيها أفضل. الأرقام التي توصَّل اليها الخبراء حول موضوع الياه مفزعة وصادمة. إنَّ عدد الأطفال الذين يموتون سنويا بسبب مياه الشرب الملوثة يزيد عن العدد الذي يتوفى بسبب مرض نقص المناعة, حوادث السيارات والحروب. هناك الكثير من الحديث عن الصراعات على الثروات الطبيعية خصوصا النفط ولكن الحديث عن موضوع المياه قد إزداد مؤخرا وأنَّ الحروب المستقبلية التي سوف تخوضها الدول في المستقبل سوف يكون المياه موضوعها الرئيسي.
في فيلم وثائقي تم بثُّهُ على شبكة نتفلكس عنوانه "Bottled Life - The Truth about Nestlé's Business with Water", يدور النقاش حول قضية المياه المعبئة و الجدل الذي يثار حول شركات تعبئة المياه خصوصا شركة نستلة السويسرية التي تربح من صناعة وتعبئة المياه أكثر من تجار المخدرات حيث تدفع الشركة ١٠ دولارات أمريكية مقابل صهريج المياه الذي سوف يباع بعد تعبئته في زجاجات مقابل ٥٠ ألف دولار. رئيس مجلس إدارة شركة نستلة بيتر ليتاميث تسائل في فيلم وثائقي تم بثُّه سنة ٢٠٠٥ بعنوان "نحن نطعم العالم" عن خصخصة مصادر المياه العامة بإعتبارها سلعة تخضع الى قانون العرض والطلب وأن من يدفع ثمنها هو من سوف يكون قادرا على إمتلاكها.
وفي رسم ساخر من شركة نستلة قام أحد المبدعين برسم صاروح متوجه الى المريخ وعليه شعار الشركة بعد أنباء عن اكتشاف المياه على سطح الكوكب وذلك إحتجاجا على مستوى الجشع الذي وصلت إليه الشركة. شركة نستلة عقدت اتفاقا مع حكومة ولاية ميتشيغان من أجل إقامة مصنع تعبئة مياه في إحدى مقاطعات الولاية مقابل رسوم سنوية لا تزيد عن ٢٠٠ دولار في السنة وإعفاءات ضريبية بلغت ١٣ مليون دولار بينما مايزال أهالي بلدة فلينت في الولاية بدون مياه شرب نظيفة والتي سببها قرار خاطئ من مسؤولي الولاية كان محوره إختصار التكلفة في بناء خطوط وأنابيب المياه في البلدة.
شركة نستلة ليس مجرد شركة تعبئة للمياه بل هي أكبر شركة أغذية في العالم. إنَّ شركات صناعة الأغذية مثل نستلة أصبحت تعتمد على أكثر وأكثر على العلوم والدعاية في تحويل زبائنها من مستهلكين إلى مدمنين. استفحال عدد من الأمراض التي توصف بأنها مستعصية وبعض الأمراض الاخرى التي أصبحت شائعة مثل ضغط الدم المرتفع سببها الرئيسي العادات الغذائية السيئة. ضغوطات العمل والحياة ساهمت في إنتشار أحد أوبئة العصر وهو مطاعم الوجبات السريعة. شركات الأغذية أصبحت تعتمد سياسة تسويق عدوانية مع التركيز على الفئات الأضعف وهم الأطفال والمراهقين. إن أشهر منتجات شركة نستله هي حليب نيدو, سيريلاك للأطفال, مياه معبئة ماركة بيور لايف, شوربة ماجي, شوكولاتة كيت كات و منتجات القهوة نسكافيه.
العناصر الثلاثة الأهم التي تعتمد عليها شركات صناعة الأغذية مثل نستلة في تحويل المستهلكين إلى مدمنين هي الملح, السكر والدهون. وقد يعتقد البعض أنه مبالغة وخيال ولكن الأبحاث والدراسات أثبتت أن الدماغ يعطي ردة فعل على استهلاك المنتجات التي تحتوي على أحد تلك العناصر مماثلة في حالة تعاطي أحد أنواع المخدرات. شركات صناعة الأغذية تنفق مئات الملايين من الدولارات على أمرين اثنين هما: الأول هو الدعاية, بينما الثاني هو الأبحاث. إنَّ تلك الشركات تقوم على توظيف أخصائيي في مختلف تخصصات علم النفس والأعصاب والإجتماع والكيمياء من أجل هدف واحد وهو وصول المستهلك الى مايعرف بأنه نقطة النشوة(Bliss Point) وهي تماثل نقطة النشوة التي يستمر مدمن المخدرات في التعاطي حتى يصل إليها.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment