Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, December 8, 2021

الدورات الاقتصادية وقانون العرض والطلب

إن قانون العرض والطلب يحدِّدُ آلية عمل الأسواق بشكل عام, زيادة الطلب على سلعة ما يعني زيادة في سعرها مع افتراض ثبات كمية الإنتاج والعكس صحيح. سوف نأخذ مثالا هو تقلبات أسعار النفط والذهب من أجل فهم أفضل لذلك القانون المهم. 

إنَّ إرتفاع سعر النفط قد يعطي مؤشرات عديدة لعل أهمها إنتعاش الإقتصاد بسبب زيادة الطلب على النفط في المصانع والشركات وإرتفاع مستوى الدخل الذي يعني زيادة عدد السيارات على الطرقات. هناك مؤشر آخر من مؤشرات ارتفاع أسعار النفط هو إرتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى وذلك لأن سعر النفط مقوَّم بالدولار الأمريكي. إن كل ما سبق ذكره يقابله انخفاض في أسعار الذهب بسبب ثقة المتعاملين بقوة ومتانة الاقتصاد مما يؤدي إلى ردة فعل تتمثل في انخفاض الطلب على الذهب وقيام المتعاملين بالتخلص من كميات الذهب التي بحوزتهم واستثمار العائد في الأسواق المالية. إرتفاع سعر صرف الدولار يعتبر أمرا إيجابيا للدول التي تعتمد على الصادرات حيث يرتفع الناتج المحلي الإجمالي وتنخفض فاتورة الواردات مما يعني تراجع ميزان العجز التجاري وتحقيق فائض في الموازنة العامة.

ولكن العكس صحيح تماما في حال ارتفاع سعر الذهب لأن ذلك يعطي مؤشرا على تراجع أداء الاقتصاد حيث يحاول المتعاملون في الأسواق زيادة كميات الذهب التي بحوزتهم باعتباره ملاذا آمنا يحمي استثماراتهم الأخرى في حال إنخفاض قيمتها. إن تراجع أداء اقتصاد دولة ما يعني انخفاض الإنفاق الاستهلاكي والذي يؤدي الى تراجع الطلب على النفط بسبب انخفاض معدل إنتاج المصانع والشركات وربما تسريح عدد كبير من العمال وزيادة نسبة البطالة وانخفاض الأجور. إنَّ إنخفاض الطلب على النفط يعني إنخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي أمام العملات الأخرى وفق قانون العرض والطلب وذلك يعتبر مشكلة مزمنة للدول التي تعتمد على الإستيراد والإستهلاك في دفع عجلة الإقتصاد حيث سوف ترتفع فاتورة مستورداتها وينخفض مستوى إحتياطيها من العملة الصعبة.

إن لكل قاعدة استثناءات حتى وإن كانت محدودة ودخول الصين الى أسواق الذهب وهي لاعب دولي ومؤثر سوف يؤدي ردة فعل تتناسب مع القرار الذي سوف يتم اتخاذه في بكين إما بالشراء أو البيع. ولكن الصين مهتمة دائما بزيادة كميات الذهب التي في حيازة بنكها المركزي ولا تقوم بعمليات شراء أو بيع في السوق المفتوح ولم أسمع عن قيامها بذلك في السابق. إنَّ كميات الذهب التي في حوزة الحكومة الصينية تخضع الى تصنيفها بإعتبارها من أسرار الأمن القومي والأخبار عن ذلك مجرد تكنهات وإشاعات. قيام الصين بشراء كميات من الذهب سوف يؤدي إلى ارتفاع سعره حتى في حالة إرتفاع الطلب على النفط بينما من المفترض أنَّ القاعدة الإقتصادية العامة تؤدي الى عكس ذلك. الحكومة الصينية تحاول قدر الإمكان إخفاء الأخبار عن زيادة كميات الذهب التي تقوم بشرائها من أجل عدم ارتفاع سعره حيث تقوم عبر شركات وسيطة و تجار و وسطاء تجاريين بشراء الذهب وشحنه إلى الصين في سرية تامة وبهدوء.

الدورات الإقتصادية أو دورات الأعمال, الازدهار والكساد, ليست إلا انعكاسا واضحا لما سبق ذكره من إرتفاع أو إنخفاض سعر النفط والذهب. زيادة الطلب على السلع والخدمات تعني زيادة الطلب على النفط, إرتفاع سعره وإنخفاض سعر الذهب والعكس صحيح. ولكن دخول أدوات إقتصادية مثل المشتقات المالية والتي تعتبر عقود المستقبليات(Futures) من أهمها قد أدى الى تغيير في قواعد اللعبة. إن قيام وسطاء ماليين والمتعاملين في بورصات السلع(Commodities) بشراء عقود مستقبليات على النفط وإستخدامها في المضاربات سوف يؤدي إلى تقلبات سعرية إستثنائية خارج القوانين التي تحكم مفهوم العرض والطلب. إن هبوط سعر النفط أو إرتفاعه بشكل حاد ودفعة واحدة يعطي مؤشرا واضحا على ذلك حيث يتم طرح عقود مستقبليات على النفط للبيع من أجل الإستفادة من ارتفاع سعره في تحقيق الأرباح سوف يؤدي إلى انخفاض سعره بسبب زيادة كمية المعروض على الطلب. ماتم تداوله على أرض الواقع ليس إلا عقود مستقبليات حيث لم يتم بيع أو شراء النفط في الحقيقة ولكن كما يقال, حبر على ورق. 

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment