Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, August 17, 2022

لمحة تاريخية عن العملة الأوروبية الموحَّدة(اليورو)

العملة الأوروبية الموحدة(اليورو) هي جزء من مشروع مالي عالمي مرَّ بمراحل عديدة هي ثلاثة مراحل: مرحلة بريتون وودز, مرحلة المشروع الأمريكي(The King Dollar), مرحلة المشروع الصيني. سنة ١٩٧١م, أعلن الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون إلغاء العمل باتفاقية بريتون وودز وتعويم سعر صرف الدولار الأمريكي مما عرَّض النظام المالي العالمي لأزمات إقتصادية وزيادة مستوى التضخم. ولكن مشروع الإنقاذ جاء بفضل رئيس بنك الإحتياطي الفيدرالي في تلك الفترة بول فولكر الذي قام برفع سعر الفائدة والرئيس رونالد ريجان الذي خفَّضَ الضرائب مما أنعش الإقتصاد الأمريكي وبالتالي الإقتصاد العالمي. ولقد نجحت خطة بول فولكر في إنقاذ الدولار الذي ارتفع سعر صرفه أكثر من اللازم فعقد مؤتمر سنة ١٩٨٥م في مدينة نيويورك في فندق بلازا وتم الإتفاق على عمل جماعي من أجل تخفيض سعر صرف الدولار أمام العملات الأخرى. وأعقب مؤتمر بلازا, مؤتمر آخر(اللوفر) عقد سنة ١٩٨٧م في العاصمة الفرنسية باريس وتم الإتفاق على إستقرار أسعار صرف العملات وفق آلية معينة. إن عقد مؤتمر بلازا في مدينة نيويورك ومؤتمر اللوفر في باريس تم وفق طلب من الولايات المتحدة التي ضغطت على المجتمعين من أجل أجل اتخاذ إجراءات في سبيل تخفيض سعر صرف الدولار أمام العملات الأخرى بعد أن تسبب سعر صرف مرتفع للعملة الأمريكية بالإضرار بالصادرات الأمريكية.

الولايات المتحدة فشلت في اتباع التوصيات والقرارات الصادرة من تلك المؤتمرات. كما أن الهيمنة الإقتصادية للولايات المتحدة تعرضت للتحدي من دول آسيوية صاعدة مثل الهند, تايوان, ماليزيا وسنغافورا كانت تنظر بتذمُّر للدولار على أنه يعطي الأفضلية للولايات المتحدة في قطاع الصادرات على حسابها. الأزمة الاقتصادية الآسيوية التي أدت الى مظاهرات وإضرابات دموية في عدد من البلدان منها كوريا الجنوبية وإندونيسيا بسبب الإجراءات التقشفية التي أوصى بها صندوق النقد الدولي شرطا أساسيا لمساعدة البلدان المتضررة على الخروج من عنق الزجاجة. إن فشل السياسات الإقتصادية الأمريكية في معالجة أزمات النظام المالي العالمي أدى الى بروز دور ما للصين حيث هناك خمسة نقاط تعتبر مبادئ رئيسية: الإصلاح التدريجي, الإبتكار, النمو الذي تقوده الصادرات, رأسمالية الدولة, السلطوية.

إنَّ الأزمة المالية العالمية ٢٠٠٨م وأزمة الديون الأوروبية ٢٠١٠/٢٠١١ قد أدت الى بروز إجماع في ألمانيا على أن أفضل السُّبل لتجاوز الأزمات الإقتصادية والتخفيف من آثارها يكون بالإعتماد على: تطوير الصادرات من خلال الابتكار والتكنولوجيا, تخفيض الضرائب على الشركات, تضخم منخفض, الإستثمار في البنية التحتية, علاقات إيجابية بين إدارة الشركات والعمال, تنافسية عالمية للأجور وانسيابية اليد العاملة, مناخ إيجابي للأعمال والاستثمارات.

النموذج الألماني كان يركز على الإدخار والإستثمار بعكس النموذج الأمريكي الذي كان ومازال يعتمد على الاستهلاك والاقتراض. ولكن ذلك النموذج تعرَّض الى تحديات جدِّية بسبب أزمة الديون السيادية اليونانية سنة ٢٠١٠م حيث تبيَّنَ حدوث تلاعب من الحكومات اليونانية المتعاقبة وأنه يستحيل إنقاذ اليونان التي كانت على وشك الإفلاس بدون مساعدة من الإتحاد الأوروبي وتحديدا المانيا. البنك المركزي الأوروبي(ECB) نجح في الخروج من أزمة الديون الأوروبية السيادية عبر سياسة التسهيل الكمي, شراء أصول مالية من البنوك المعرَّضة للإفلاس بواسطة يوروهات تم طباعتها لتلك الغاية.

إن أزمة الديون السيادية اليونانية قد كشف أزمات أخرى متعلقة بدول أعضاء في الإتحاد الأوروبي مثل إيرلندا, إيطاليا, إسبانيا والبرتغال. ولكن على الرغم من ذلك, مازال الأوروبيون متمسكين بالعملة الأوروبية الموحدة(اليورو) وذلك بسبب مخاوف تتعلق بالتضخم, الشفافية ومكافحة الفساد والمكاسب الاقتصادية والسياسية التي تعتبر جزاً من الطموح الوطني نتيجة الإنضمام إلى منطقة اليورو. إن نتائج الاستفتاءات في دول أوروبية كانت نتائجها تميل الى تمسك الأوروبيين باليورو حيث سجلت تلك النسبة ٨٠% في إيطاليا, ٧٠% في إسبانيا والبرتغال. ولكن من يقوم بدراسة البنية السياسية والإقتصادية للإتحاد الأوروبي بتعمُّق, سوف يجد أن الهدف الأساسي كان الحفاظ على السلام بين الدول الأوروبية ومنع الحروب وأن الهدف الرئيسي من العملة الأوروبية الموحدة(اليورو) ليس إقتصاديا بل سياسيا ولذلك يتوجب الحفاظ على اليورو بأي ثمن لمنع الوحدة السياسية من الانهيار بانهياره.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment