Flag Counter

Flag Counter

Saturday, August 13, 2022

هل سوف تختفي الأديان من حياة البشر؟

هناك مسألة يخطئ في تقديرها الكثيرون وهي أنَّ الأديان سوف تختفي من حياة البشر بسبب التقدم العلمي وأسلوب الحياة ذو الإيقاع السريع. الدول, الإمبراطوريات تضمحل وتختفي ولكن تبقى الأديان. التاريخ يحكي, جدار برلين إنهار والإتحاد السوفياتي تفكَّك ولكن الشيوعية لم تختفي التي تحولت الى مايشبه المذهب الديني لها أتباع مازالوا يؤمنون بها وحتى بعض الدول مثل الصين, كوبا وكوريا الشمالية. الإمبراطورية الرومانية إنهارت ولكن الكنيسة الكاثوليكية مازالت موجودة ولها أتباع يقدَّرُ عددهم مليار شخص. القسطنطينية سقطت سنة ١٤٣٥م بعد حصار الجيوش العثمانية وإنهارت الإمبراطورية البيزنطية ولكن الكنيسة الأرثودكسية مازالت لها نفوذ كبير وأتباع في روسيا, مصر ودول أخرى.

الإسلام لا يختلف عن باقي الأديان من وجهة نظر تاريخية حيث وأنه خلال التاريخ ظهرت إمبراطوريات إسلامية واختفت إمبراطوريات أخرى, الرسول محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم وخلفائه من بعده وضعوا حجر الأساس ومن ثم ظهرت الإمبراطورية الأموية التي أسَّسها الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان والتي إمتدت على مساحة سوريا, العراق, الجزيرة العربية ووصلت الى حدود الصين والهند والسند. 

ولكن الإسلام من وجهة نظر سياسية وإجتماعية يختلف عن باقي الأديان خصوصا المسيحية واليهودية التي تتميز بأنها خلال مرحلة طويلة من تاريخها تميَّزت بأنها مركزية, الكنيسة الكاثوليكية في روما أو المعبد اليهودي في القدس كانوا هم محور الحياة السياسية والدينية والإقتصادية. الباباوات في روما كانوا يمارسون سلطة سياسية حيث يعزلون وينصبون الحكَّام والأمراء الأوروبيين الذين كانوا يزورون روما من أجل طلب البركة من بابا الكنيسة الكاثوليكية وهي ظاهرة غير موجودة في الإسلام الذي تميَّز بظاهرة اللامركزية في الحكم والإدارة أقرب الى العلمانية منه الى دولة دينية نقية. 

إنَّ ظهور الإسلام بداية في جزيرة العرب قد أحدث إنقلابا سياسيا, إجتماعيا وإقتصاديا في جميع نواحي الحياة. الرسول محمد عليه الصلاة والسلام خلال حياته كان هو المرجعية الدينية والإجتماعية للمسلمين فقد توحَّدت القبائل العربية تحت راية الإسلام حيث الولاء للدين وليس للقبيلة والعشيرة. كما أن الإسلام شرَّع قوانين إقتصادية مهمة أحدثت تأثيرا لايمكن إنكاره ولعلَّ أهم تلك التشريعات هو تحريم الربا وبذلك تقلص نفوذ المرابين وكانوا من اليهود وتم طردهم لاحقا من جزيرة العرب بعد إثارتهم العديد من المشاكل التي كانت تعتبر تهديدا وجوديا للدين الإسلامي. القبائل العربية كانت تزور مكة كل عام حيث تشتري الأصنام التي تصنعها قريش وتتبادل معها تجاريا مما أدى الى ثراء عدد من الأسر منها بنو أمية والإسلام حرَّم عبادة الأصنام التي حطمها الرسول عليه الصلاة والسلام وطهَّرَ الكعبة منها في فتح مكة. 

إنَّ إضمحلال الإسلام وتقلُّصَ دوره الجيوسياسي كانت نتيجة الفتوحات الإسلام حيث إنتشر خارج جزيرة العرب وإمتَّد نفوذه الى دول وشعوب غير ناطقة بالعربية وهي لغة القرآن. الطبيب وعالم الاجتماع الفرنسي غوستاف لوبون ذكر في عدد من كتبه مثل "الأديان والمعتقدات" و "حياة الحقائق" أن الأديان تتبدل وتتغير عند انتقالها بين الشعوب وأن ذلك من الثوابت وسنن الحياة وذلك يشبه النهر الذي يكون غزيرا عند المنبع ويضعف تدفقه تدريجيا كلما زادت المسافة إلى المصب. الدليل على تأثُّر الأديان بالشعوب والحضارات وليس العكس يمكن أن نجده في العمارة, الفنون, الكتابة, الأدب والآثار. الأديان سوف تأخذ عناصر من الحضارات المختلفة ودمجها واستيعابها في معتقداتها وعقائدها.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment