Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, August 17, 2022

لمحة تاريخية عن تأسيس الإتحاد الأوروبي

إن مشروع توحيد أوروبا ليس وليد الحرب العالمية الثانية كما يعتقد الكثيرون بل هو قد بدأ قبل ١٢٠٠ سنة على يد الملك شارلمان الذي تمكن من توحيد فرنسا, المانيا,هولندا,بلجيكا ولوكسمبورغ في مملكة واحدة ونال لقب (The Father of Europe) من بابا الكنيسة الكاثوليكية. الإصلاحات التي قام بها شارلمان في مجال التعليم, الفنون والإدارة الحكومية كانت بداية عصر التنوير في أوروبا أو ما يعرف بإسم (Carolingian Renaissance). التاريخ مهم حتى نفهم لماذا يُعتبرُ اليورو أقوى عملة في العالم, حتى أنه أقوى من الدولار الأمريكي. الولايات المتحدة مازالت تحاول أن تفهم الآلية التي تحكم عمل الإتحاد الأوروبي واليورو.

العملة الذهبية كانت تستخدم في الإمبراطورية الرومانية قبل حكم شارلمان بفترة زمنية طويلة. مصدر الذهب كان من مصر وتركيا(الأناضول). ولكن صعود الإسلام وقيام الإمبراطورية الرومانية البيزنطية بضم إيطاليا قد أديا الى انخفاض في إمدادات الذهب الى إمبراطورية شارلمان الرومانية الغربية وتم إستبدال المعيار الذهبي بالفضة في سكِّ العملة مما أدى الى زيادة السيولة وإزدهار التبادل التجاري في عهد شارلمان.

وعقب وفاة شارلمان سنة ٨١٤م, تم تقسيم الإمبراطورية بين أولاده الثلاثة. ولكن الوفاة, صراعات داخلية وإخفاقات دبلوماسية قد أدى كل ذلك إلى نهاية إمبراطورية شارلمان سنة ٨٨٧م وبداية عهد ما يعرف بإسم الإمبراطورية الرومانية المقدسة والتي كانت أوتو الأول(Otto 1) هو الحاكم الأول لها سنة ٩٦٢م حتى قام الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت بوضع نهاية لها سنة ١٨٠٦م حيث إنتهى عهد ما يعرف باسم الرايخ الأول.

ولكن وفاة شارلمان وتقسيم إمبراطوريته بين أبنائه لم تكن نهاية الكوارث للإمبراطورية الرومانية والتي أدت في النهاية إلى تفككها وانهيارها. خلال الفترة ٩٠٠م-١١٠م, تعرضت الى غزوات الفايكنج وهم شعوب جرمانية ترجع أصولها إلى المنطقة الإسكندنافية. الحملات الصليبية خلال الفترة الممتدة ١١٠٠م-١٣٠٠م والتي اجتاحت إحداها مدينة القسطنطينية بينما توجه عدد منها لمحاربة هراطقة أوروبيين مثل طائفة الكاثار في جنوب فرنسا. الطاعون الأسود في القرن الرابع عشر والذي قضى على ثلث سكان أوروبا. الانشقاق الكنسي خلال القرن السادس عشرة والحروب التي أعقبت ذلك منها الحروب الدينية الفرنسية وحرب الثلاثين عاما. أحد نتائج تلك الحروب والكوارث الطبيعية هو انخفاض عدد سكان أوروبا إلى مستويات غير مسبوقة.

ولكن ذلك ليس نهاية الكوارث والحروب بين بلدان القارة الأوروبية. فقد نشبت حرب استمرت سبعة سنين(١٧٥٤-١٧٦٣) والتي يطلق عليها الحرب البومرانية بين بريطانيا وبروسيا من جهة, فرنسا, النمسا والسويد من جهة أخرى’ الحروب النابليونية(١٨٠٣-١٨١٥), الحرب الفرنسية-البروسية(١٨٧٠-١٨٧١), الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية. التعداد السكاني الأوروبي تعرض للتآكل بسبب تلك الحروب خصوصا الحرب العالمية الأولى التي كان عدد الضحايا بين قتيل, جريح ومفقود يزيد عن ٤٠ مليونا أغلبهم من المدنيين. كما أن وباء الإنفلونزا الإسبانية الذي تفشى عقب نهاية الحرب قضى على ما يتراوح ١٠٠-١٥٠ مليون نسمة من سكان أوروبا. الحرب العالمية الثانية والتي سقط فيها بين قتيل, جريح أو مفقود أكثر من ٧٠ مليونا شخص أغلبهم مواطنو دول أوروبية مدنيين وعسكريين.

فرنسا كانت متورطة في جميع تلك الحروب بداية من الحروب الصليبية, حرب السنين السبع, حرب الثلاثين عاما, حرب المائة عام(١٣٣٧-١٤٥٣) بين فرنسا وإنجلترا, الحرب العالمية الأولى والثانية. الحروب الثلاثة وهي الحرب الفرنسية البروسية, الحرب العالمية الأولى والثانية كانت نتيجة صراع مباشر طرفاه الرئيسيان هما: فرنسا وألمانيا, ثلاثة صراعات دموية من بينها حربان عالميتان خلال فترة زمنية لا تزيد عن ٧٠  سنة.

خلال الفترة ٧-١١/مايو/١٩٤٨, عقد في مدينة لاهاي الهولندية مؤتمر الكونجرس الأوروبي أو مؤتمر لاهاي والذي شارك فيه ٧٥٠ مبعوثا أوروبا ينتمون الى جميع التيارات السياسية وذلك حتى يناقشوا مستقبل القارة والوحدة الأوروبية. وكان مؤتمر لاهاي أول خطوة يتم اتخاذها في سبيل تحقيق الوحدة الأوروبية بعد أن وصلت أوروبا الى مرحلة الإنهاك من الحروب والنزاعات والصراعات. الخطوة الثانية كانت إنشاء الكلية الأوروبية(European College) للدراسات العليا في مدينة بروج البلجيكية حيث مقرها الرئيسي بالإضافة الى مقر تم إنشائه لاحقا في العاصمة البولندية وارسو. الهدف من إنشاء الكلية الأوروبية كانت تدريب الخبراء في الشؤون الأوروبية تمهيدا لمحاولة تحقيق الوحدة المستقبلية بين دول القارة الأوروبية. الخطوة الثالثة كانت تأسيس مايعرف بإسم المجموعة الأوروبية للفحم والصلب(ECSC) سنة ١٩٥٢ وذلك بواسطة ستة دول مؤسسة هي: فرنسا, ألمانيا الغربية, إيطاليا, بلجيكا, لوكسيبمبورغ وهولندا. وفي مرحلة لاحقة, تم تأسيس المزيد من الهيئات والمؤسسات المشتركة منها: المجموعة الأوربية للطاقة الذرية(Euratom) سنة ١٩٥٧ والسوق الأوروبية المشتركة بتاريخ ٢٥/مارس/١٩٥٧ فيما سمي بمعاهدة روما. سنة ١٩٦٧, تم توحيد جميع تلك الهيئات الأوروبية تحت مسمى المجموعة الأوروبية(EC) والتي تم تصنيفها بموجب معاهدة ماستريخت(١٩٩٢) بأنها أحد الأعمدة الثلاثة للإتحاد الأوروبي الذي سوف يتم إنشاؤه بين دول القارة الأوروبية. الأعمدة الأخرى هي مؤسسة شرطية وأمنية وهيئة السياسة الأمنية والخارجية(CFSP) والتي تم الإعلان عن دمجها رسميا سنة ١٩٩٥ تحت مسمى الإتحاد الأوروبي إثر توقيع الدول الأعضاء على معاهدة لشبونة.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment