Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, August 17, 2022

المعجزة الصينية, اقتصاد الظل وكعب أخيل

حققت الصين خلال الفترة الممتدة (١٩٧٩-١٩٩٠) معجزة إقتصادية بكل المقاييس والمعايير. فقد قفز الناتج المحلي الإجمالي من ٢٦٣ مليار إلى ٤٠٤ مليار دولار. إن المسؤول عن تلك المعجزة الإقتصادية هو الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني دينج شياو بينج(١٩٧٨-١٩٩٢) الذي قاد عملية التحول لاقتصاد السوق في الصين مع الحفاظ على البنية السياسية للحزب الشيوعي الصيني كحزب حاكم وقائد للأمة الصينية. وحاليا, فقد وضعت الحكومة الصينية بقيادة شي جين بينغ أهدافا طموحة للنمو الإقتصادي سنة ٢٠١٨ للوصول بالناتج المحلي الإجمالي إلى ١٨ تريليون دولار مقارنة بسنة ٢٠١٧ حيث قدر الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من ١٢ تريليون دولار, ١٥% من من إجمالي الاقتصاد العالمي. ولكن معجزة النمو الاقتصادي الصيني تواجه تحديات لعل أهمها التحدي الديموغرافي المتعلق بسياسة الطفل الواحد وهو ما أدركته القيادة الصينية التي بدأت بالتخفيف من تلك السياسة سنة ٢٠١٣ لتعلن رسميا عن السماح بطفلين لكل أسرة صينية سنة ٢٠١٥. 

وقد أدرك دينج شياو بينج أهمية فتح الصين أمام الإستثمارات الأجنبية في تحقيق التقدم الاقتصادي حيث كانت جميع المؤسسات الإقتصادية في الصين حتى سنة ١٩٧٩ مملوكة بالكامل للحكومة الصينية. فمنذ بداية تلك السنة, تحدد مصير مؤسسات الدولة في الصين بأربعة خيارات: الخيار الأول هو إغلاقها باعتبارها مؤسسات خاسرة, الخيار الثاني هو الدمج لتحقيق الكفاءة في الإنتاج, الخيار الثالث هو خصخصة بعض تلك المؤسسات عبر طرحها للإكتتاب والخيار الرابع هو الإبقاء على بعض تلك المؤسسات بوصفها مؤسسات وطنية ذات أهمية إستراتيجية لخطة القيادة الصينية كمؤسسة بناء السفن, مؤسسة البترول الوطنية, مؤسسة الإتصالات الوطنية ومؤسسة البتروكيماويات(Sinopec).

إن الصين تمتلك ما يزيد عن 3 تريليون دولار من احتياطات النقد الأجنبي وذلك كفيل لإنقاذ البنوك من أي أزمة سيولة قادمة. ولكن المشكلة أن البنوك الصينية هي جزء من الصورة الكلية حيث هناك الوجه الآخر للعُملَة الذي يتكون من نظام بنكي وهمي عبارة عن شبكة من الأصول المسمومة والديون التي لا يعلم حتى المسؤولين الصينيين حجمها وهي كافية للإضرار بالنظام البنكي في الصين والعالم. 

إن اقتصاد الظل في الصين يتألف من ٣ أركان: الأول هو التزامات الحكومات المحلية, الثاني هو الصناديق الائتمانية والثالث هو ما يعرف منتجات إدارة الثروات(Wealth Management Products). الحكومات المحلية والبلديات في الصين لا يسمح لها بإصدار سندات دين مثل تلك التي تصدرها الحكومات المحلية والبلديات في الولايات المتحدة. ولكن على الرغم من ذلك, تستخدم الحكومات المحلية والبلديات عددا من الأدوات المالية مثل الالتزامات التعاقدية والحسابات المستحقة الدفع لتغطية بنود مالية في الحالات الطارئة. صناديق الائتمان(Trust Products) ومنتجات إدارة الثروة(WMP) هي أحد أكثر وسائل الاستثمار شيوعا في الصين حيث تنخفض نسبة الفائدة الى ما يقارب الصفر وتبحث رؤوس الأموال عن أعلى عائد ممكن حتى لو كان في أصول مسمومة مثل قروض رهون عقارية محلية واقتصاد الظل.

منتجات إدارة الثروة(WMP) في الصين تماثل نظيرتها في الولايات المتحدة التي تعرف (التزامات الدين المكفول - CDO - Collateral Damage Obligation) وهي التي كانت السبب في أزمة ٢٠٠٧/٢٠٠٨ الإقتصادية التي عرفت بأزمة الرهون العقارية منخفضة الجودة. إن منتجات إدارة الثروة في الصين تباع من دون حتى الحد الأدنى من الرقابة الحكومية المباشرة, وعلى الرغم من أنها تخضع نظريا لإشراف البنوك إلا أنها لا يتم تسجيلها على دفاترها المحاسبية بما يسمح لها بنشر تقارير محاسبية غير دقيقة والإدعاء بسلامة مركزها المالي. المشكلة الرئيسية التي تعاني منها منتجات إدارة الثروة(WMP) هي أن تاريخ إستحقاقها قصير الأجل(Short Term) بينما عائدات المشاريع التي يتم توظيف رؤوس الأموال هي طويلة الأجل(Long Term) بما يعني الحاجة الى إصدار أوراق سندات جديدة وشراء الأصول السابقة حتى لا ينكشف الوضع المالي للمؤسسة أو البنك الذي يتعامل بها في حال عدم موافقة المستثمرين على تأجيل موعد استحقاق أوراقهم المالية. خلال النصف الأول من سنة 2012, بلغ حجم التعاملات المالية عن طريق منتجات إدارة الثروة(WMP) مبلغ ٢ تريليون دولار أمريكي.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment