Flag Counter

Flag Counter

Sunday, August 21, 2022

الثورة العربية الكبرى

هناك الكثير من الجدال التاريخي مازال مستمرا حتى يومنا هذا حول الثورة العربية الكبرى(١٩١٦-١٩١٨) والتي قام بها العرب ضد العثمانيين بهدف طردهم من أراضي عدد من الدول العربية التي كانوا يحتلونها منذ ٤٠٠ سنة تقريبا. أحد أهم جوانب تلك المسألة هو تعاون العرب مع الإنجليز ضد العثمانيين والإسلام والتي يحاول البعض تصويرها على أنها خيانة للدين ودولة الخلافة.

إنَّ أتباع وأنصار تيارات الإسلام السياسي يروِّجون بإستمرار عودة دولة الخلافة العثمانية وذلك له أهداف سياسية تتمثل في الوصول الى كرسي الحكم والسلطة. الرئيس التركي رجب طيب أوردوغان يروِّجُ إعلاميا ويخطو خطوات عملية من أجل إعادة سيطرة تركيا على مناطق من سوريا والعراق مرحلة أولى في سبيل تحقيق أحلامه التوسعية وذلك بإسم محاربة الإرهاب والذي هو حسب تعريف تركيا هم الأكراد وليس تنظيم داعش الذي يتلقى عناصره السلاح والأموال من تركيا والتي فتحت حدودها لهم من أجل العبور الى سوريا والعراق وإثارة القلاقل في البلدين.

وسائل الإعلام في تركيا تساندها وسائل إعلام مثل قناة الجزيرة وقنوات وصحف تتبع تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي تعتمد سياسة عثمنة التاريخ وأن تاريخ الأتراك العثمانيين هو تاريخ نقي صفحته ناصعة البياض وأنَّ دولة الخلافة العثمانية كانت حامية حمى العرب والمسلمين وأن العرب خانوا الدولة العثمانية في الثورة العربية الكبرى وأنَّ ضياع بلاد الإسلام سبب خيانة العرب. ولكن التاريخ يحكي رغم أنف الحاقدين ورغم محاولات التزوير وغسيل الدماغ التي تقوم بها وسائل الإعلام العربية التي توالي تركيا قلبا وقالبا.

إنَّ الثورة العربية الكبرى التي قادها الشريف حسين بن علي كانت تهدف الى طرد الأتراك العثمانيين من البلدان العربية وتوحيدها وذلك نص مراسلات الحسين-مكماهون خلال الفترة التي سبقت إعلان الثورة. ولكن بريطانيا خدعت العرب كما خدعت العثمانيين قبل ذلك وحنثت بوعودها وكانت تتفاوض في السر مع فرنسا من أجل تقسيم البلدان العربية كما نصَّت إتفاقية سايكس-بيكو ومع الحركة الصهيونية من أجل منحها فلسطين وطنا قوميا لليهود كما نصت رسالة اللورد بلفورد الى اللورد اليهودي البريطاني ليونيل دي روتشيلد سنة ١٩١٧م. 

السلطان العثماني عبد الحميد الثاني تعاون مع بريطانيا العظمى وتنازل لها عن جزيرة قبرص سنة ١٨٧٧م مقابل تحالف عسكري ضد روسيا القيصرية التي تقدَّمت قواتها على مقربة من العاصمة التركية إسطنبول. القوات البريطانية التي إحتلَّت جزيرة قبرص إستخدمتها لاحقا قاعدة إنطلاق رئيسية من أجل الهجوم وإحتلال مصر. السلطان العثماني سليمان القانوني وافق وهو في قمة عزه ومجده سنة ١٥٣٥م على توقيع اتفاقية مع فرانسوا الأول ملك فرنسا تنص على منح الرعايا الفرنسيين في الدولة العثمانية حقوقا وامتيازات خاصة. كما نصت الإتفاقية على أنه من حق بابا روما وملوك كل من فرنسا وإنجلترا على أن يتمتعوا بإمتيازات تلك الإتفاقية. سنة ١٥٥٣م, قام الملك هنري إبن الملك المتوفى فرنسوا الأول على توقيع ملحق يتبع المعاهدة مع السلطان سليمان القانوني يمنح فرنسا حق حماية المسيحيين الكاثوليك المقيمين في الدولة العثمانية. سنة ١٥٦٩م جرى السماح بإرسال بعثات فرنسية تبشيرية كاثوليكية إلى الدولة العثمانية خصوصا بلاد الشام.

إنَّ فصول الخيانة العثمانية للعرب والإسلام مازالت مستمرة خصوصا السلطان عبد الحميد الثاني والذي بعد أن تنازل عن جزيرة قبرص للقوات البريطانية التي إستخدمتها من أجل غزو مصر لاحقا, ساهم مباشرة في احتلالها من خلال تثبيط همة المقاومة المصرية والعمل على تفتيتها حيث عقد مؤتمر في عاصمة الخلافة إسطنبول وبحضور السلطان عبد الحميد الثاني ناقشت الدول الأوروبية حول من له الحق في فرض وصايته على مصر. السلطان عبد الحميد الثاني رفض إرسال قوات عثمانية إلى مصر من أجل مساعدة والي مصر الخديوي توفيق على حفظ الأمن وضبط الأوضاع وتسائل إن كان بإمكان إنجلترا القيام بذلك. وعندما ثار أحمد عرابي ضد الخديوي الخائن توفيق الذي هرب الى الإسكندرية حتى يكون في حماية الأسطول الإنجليزي, أصدر عرابي أوامره إلى قادة حصون الإسكندرية تحصينها تحسبا للعدوان الإنجليزي المحتمل. السلطان عبد الحميد الثاني أصدر أوامره الى عرابي بوقف التحصينات وعندما رفض عرابي ذلك, أصدر فرمانا بأن عرابي خائن وأنه خرج عن طاعة ولي الأمر مما أدى الى إنفضاض عدد كبير من الجنود والقادة من حوله مما أدى الى هزيمة الجيش المصري في معركة التل الكبير وتقدُّم الإنجليزي وإحتلال القاهرة.

الإنجليز خدعوا الشريف الحسين بن علي كما مارسوا الكذب على السلطان العثماني عبد الحميد الثاني والسؤال هو لماذا إذا يتم إتهام الشريف حسين بأنه خان الله ورسوله بأنه خرج عن خليفة المسلمين وشق عصا الطاعة لأنه تعاون من الإنجليز بينما لا يتم توجيه أي انتقاد للعثمانيين والسلطان عبد الحميد الثاني؟ 

الإنجليز خدعوا الشريف الحسين بن علي مرتين, الأولى حين خذلوه وناصروا خصمه عبد العزيز آل سعود وذلك لأن الشريف حسين كانت له طموحات بتوحيد العرب في دولة واحدة مستقلة بينما كانت طموحات إبن سعود محدودة ومحلية تتلخص في السيطرة على أراضي نجد والحجاز, والثانية حين كذبوا عليه واقنعوه بوعودهم تشكل دولة عربية مستقلة لو أعلن الثورة على دولة الإتحاد والترقي العثمانية لأن تلك هي الحقيقة التاريخية التي يتجاهلها أيتام الخلافة العثمانية والسلطان عبد الحميد الثاني, الثورة العربية الكبرى لم تكن ضد دولة الخلافة ولا ضد خليفة المسلمين لأن دولة الخلافة انتهت منذ استيلاء جمعية الإتحاد والترقي العنصرية الطورانية على الدولة العثمانية وتحويلها من دولة خلافة إسلامية إلى دولة قومية عنصرية طورانية وتحويل منصب الخليفة إلى منصب إسمي والخليفة الى ألعوبة ينصبونه أو يعزلونه متى يشاؤون.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية






1 comment:

  1. جميل ما تفضلت به استاذنا الكلاسيكي , و احب ان اضيف بأن الدولة التركية لم تكن خلافةً أصلاً بل إنها لم تصل الى ان تكون مملكة إسلامية , فهي في أسوى حالات الملكية الوراثية القيصرية ... مبتدعة وضالة وسارقة وناهبة وشعوبية كارهة للعرب , لذلك فأن الثورة العربية الكبرى بعيداً عن دور الانجليز فيها قد كانت ثورة صادقة محقة لها كل التأييد من العرب و أحرار العالم.

    ReplyDelete