Flag Counter

Flag Counter

Friday, August 12, 2022

هل يمكن أن نتخيل العالم بدون الإسلام؟

إنَّ وسائل الإعلام الغربية مستمرة في ترويج المزاعم حول الإرهاب الإسلامي والمسلمين الإرهابيين حيث يخدم ذلك أجندات الدول الغربية خصوصا الولايات المتحدة, بريطانيا وفرنسا في التواجد العسكري في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وذلك تحت عنوان مكافحة الإرهاب. ولكن دعونا نتخيل العالم بدون الإسلام؟ أو أنَّ الدين الإسلامي لم يظهر الى الوجود. هل العالم سوف يكون مختلفا؟

الصراع الإسلامي-المسيحي يخفي خلفه صراع إقتصادي و جيوسياسي أعمق بكثير مما يتخيل البعض. الصراع  في جذوره هو بين الشرق والغرب والإسلام عند ظهوره ورث ذلك الصراع بدون أن يكون له أي دور فيه. الصراع يعود في بداياته الى الصراع بين المسيحيين واليهود أو بين الطوائف المسيحية أنفسهم. الكنيسة الكاثوليكية عانت من عدة انقسامات أحدها الإنشقاق العظيم سنة ١٠٥٤م بين الكاثوليك والأرثودكس والآخر وهو الأكثر تأثيرا كان حركة الاحتجاجات التي قادها الراهب الألماني مارتن لوثر سنة ١٥١٧ وأدت إلى انقسام الكنيسة بين الكاثوليكية والبروتستانتية. كما أن المجامع المسكونية قد أدَّت الى تعميق الخلافات بين الطوائف المسيحية حيث تم تبادل الإتهامات بالهرطقة وأصدرت الكنيسة الكاثوليكية عدَّة قرارات حرمان كنسي.

القسطنطينية التي تعتبر مركز الكنيسة الشرقية الأرثودكسية والتي صورتها الأدبيات الإسلامية أنها منيعة للغاية وعصيَّة على السقوط تم إحتلالها خلال الخملة الصليبية الرابعة وبقيت دينيا وسياسيا وعسكريا تحت سيطرة الغرب المسيحي والكنيسة الكاثوليكية خلال الفترة ١٢٠٤م-١٢٦١م حتى تم إعادتها مرة أخرى الى الحكم البيزنطي. وقد وصلت الكراهية بين المسيحيين الأرثودكس والكاثوليك أنه عند حصار المدينة من القوات العثمانية بقيادة السلطان محمد الفاتح, لم تقبل الكنيسة الكاثوليكية تقديم مساعدة محدودة للغاية الى القسطنطينية إلا بعد إقامة مراسم وصلوات كاثوليكية فيها حيث كان كثير من الرهبان يفضلون سقوط المدينة بأيدي العثمانيين على رؤية ذلك.

وعند هذه النقطة يمكن عقد مقارنات بسيطة بين ما قام به المسلمون عندما حرَّروا مدينة القدس من قوات الإمبراطورية الرومانية خلال عهد الخليفة عمر إبن الخطاب رضي الله عنه ومرَّة أخرى عندما حرَّرها صلاح الدين الأيوبي من الصليبيين وبين ماقام به الصليبيون في القدس وغيرها من المدن خلال الحملات الصليبية خصوصا الأولى والرابعة. الحملة الصليبية الأولى إحتلَّت مدينة معرة النعمان سنة ١٠٩٨م حيث تم القاء عدة وثنيين(مسلمين) في المياه المغلية ومن ثم أكل لحومهم. كما تم شوي عدة أطفال من المسلمين على النار وأكل لحومهم. في مدينة القدس التي سيطرت عليها قوات الحملة الصليبية الأولى بعد حصار طويل, قتل أكثر من ٧٠ الف مسلم عدد كبير منهم إحتمى في المسجد الأقصى. كما قتل عدَّة آلاف من اليهود وعدد كبير من المسيحيين الأرثودكس حيث قتل تقريبا جميع سكان المدينة. سكان المدينة اليهود والأرثودكس قاتلوا الى جانب المسلمين قوات الحملة الصليبية الأولى.

الآن سوف ننتقل زمنيا الى الحملة الصليبية الرابعة سنة ١٢٠٤م حيث من المفترض أنها حملة عسكرية شارك بها فرسان محترفون وملوك وأمراء من أوروبا على عكس الحملة الصليبية الأولى التي كانت مؤلفة من متطوعين وغوغاء وعدد قليل من الأشخاص الذين لديهم خبرة قتالية. الحملة الصليبية الرابعة نجحت في إحتلال مدينة القسطنطينية بدلا من تحرير مدينة القدس من المسلمين حيث كانت تلك مهمتها الرئيسية. مدينة القسطنطينية تعرضت خلال ثلاثة أيام الى حملة نهب منظمة كانت السبب في تدمير الكثير من النفائس والآثار المسيحية الأرثودكسية خصوصا كنيسة آياصوفيا التي تعرضت الى تخريب وتدمير على نطاق واسع. كما تم قتل الرهبان الأرثودكس وإغتصاب الراهبات وكانت قوات الصليبيين خصوصا الفرنسيين تقوم بذلك بهدف التسلية وتمضية الوقت.

المسألة بإختصار هي قضية صراع بين الشرق والغرب, الشرق المسيحي حيث طابعه الإغريقي وهيمنة المذهب المسيحي الأرثودكسي و الغرب المسيحي حيث طابعه اللاتيني وهيمنة الكنيسة الكاثوليكية. الإسلام ظهر في منطقة الجزيرة العربية من خلال مشهد جيوسياسي غاية في التعقيد حيث الصراع بين الكنيسة الكاثوليكية والأرثودكسية, بين الشرق والغرب و بين الرومان والفرس حيث كان كل من الطرفين يدعم قبائل عربية من خلال السلاح والأموال التي تدفع لهم. المسلمون لم يقوموا بأكثر مما قام به خصومهم بل إنَّ دخولهم مناطق مثل سوريا, العراق ومصر كان أمرا مرحبا به من السكان المحليين المسيحيين من طوائف مسيحية شرقية مثل الأرثودكس, الأقباط والآشوريين الذي كانوا يفضلون حكم المسلمين على أن يحكمهم خصومهم من الرومان الغربيين الكاثوليك. إنَّ ماقام به المسلمون في تلك البلدان هو عملية تحرير وليس إحتلال أو غزو حيث كانت معاملتهم مع السكان المحليين أكثر رحمة من الرومان الكاثوليك فقد سمحوا لهم بممارسة عبادتهم وحفظوا لهم كنائسهم ومنعوا التعدي عليهم ولم يجبروهم على إعتناق الإسلام. 

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment