Flag Counter

Flag Counter

Monday, June 14, 2021

معايير مزدوجة

لا يختلف شخصان أن أزمة اللاجئين السوريين هي أكبر واسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية. الأرقام التي نشرها موقع سي إن إن العربي مخيفة ومفزعة: 6.7 مليون لاجئ في 130 دولة, 5.5 مليون لاجئ في الدول المجاورة, 1.8 مليون لاجئ يعيشون في مخيمات عشوائية هي بعض الأرقام والإحصائيات التي ذكرها الموقع. ولكن أزمة اللجوء السوري ليست هي أول ازمة لاجئين خلال الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية ولكنها الأزمة التي استقطبت اهتماما سياسيا غير مسبوق أكثر من غيرها. المسؤولية تقع على عاتق الدول الغربية التي تدخلت في النزاع السوري وحولته من نزاع محلي عالمي مما أدى الى حالة من الاستقطاب السياسي الغير مسبوق. ولكن الإعلام لا يتحدث عن ذلك بل يفضل أن يركز تكرار مقولة أن الرئيس السوري هو سبب الأزمة لأنه ببساطة لم يتخلى عن منصبه ويرحل.

إن سجل الدول الغربية في مجال حقوق الإنسان يمتلئ بالتناقضات والمعايير المزدوجة في تقييم الأزمات الإنسانية والتعامل معها. خلال حرب الكونغو الثانية(1998-2003), قام 4 ملايين مواطن كونغولي بالنزوح الى الدول المجاورة. الأمم المتحدة قامت سنة 2001 بتحقيق حول أحداث الحرب الأهلية في الكونغو حيث خلصت النتيجة الى أن الصراع على الثروات الطبيعية هو السبب الرئيسي. شركات تمثل مصالح وامتيازات دول غربية تدعم لوجستيا كل منها فصيلا مسلحا وتقدم حكومات الدول الدعم السياسي. إن مشاكل القارة الإفريقية تشبه لعبة حجارة الدومينو حيث يسقط أحد الأحجار مما يؤدي الى سقوط الأحجار الباقية. أحداث الإبادة العرقية في رواندا(إبريل-يوليو/1998) والتي أدت الى مقتل ما يزيد عن 800 ألف من عرقية التوتسي أشعلت الحرب الأهلية الثانية في دولة الكونغو حيث فرَّ اليها قادة الهوتو المتطرفون مع أتباعهم بعد أن تمكن متمردو التوتسي من هزيمتهم حيث تورطت الكونغو التي تعاني إستقرار سياسيا هشا في الأزمة الرواندية.

إنَّ أيَّاً من تلك الأزمات لم تؤدي الى إثارة ذلك الإهتمام من دول أوروبية كما حصل مع أزمة اللاجئين السوريين مما يجعل الكثيرين يتسائلون عن السبب في ذلك. الجواب هو أن السبب ربما يكون لون البشرة أو أسباب اجتماعية. ولكن نظرة فاحصة على أرض الواقع تجد أن استقرار الدول الإفريقية مثل المغرب وليبيا وهي من الوجهات المفضلة للعبور الى أوروبا قد يكون السبب. وعلى الرغم من ذلك هناك زيادة في أعداد المهاجرين الأفارقة الذي يصلون الى ليبيا في طريقهم الى الأراضي الأوروبية خلال الفترة التي أعقبت سقوط نظام معمر القذافي وهو ماحذَّرَ منه الأخير. سبب أخر في زيادة أعداد اللاجئين السوريين الى أوروبا أن تركيا تستغل الأزمة سياسيا في محاولة للحصول على عضوية كاملة في الإتحاد الأوروبي بينما لا تفتح المغرب أراضيها من أجل عبور اللاجئين كما تفعل تركيا. وبعيدا عن نظرية المؤامرة وإن كانت هناك خطة ممنهجة من أجل تغيير التركيبة الديمغرافية للقارة الأوروبية, إلا أنَّ واقع الحال يفرض نفسه بأن ذلك قادم لا محالة خلال فترة 25 سنة القادمة. 

ولكن يبقى السبب الرئيسي في المعاملة التفضيلية لأزمة اللاجئين السوريين وتسليط الضوء إعلاميا على تلك الأزمة خصوصا إنتاج عدد من الأفلام الوثائقية يبقى أمرا مثيرا للشك. والريبة ولكنه مفتوح للنقاش. برأي الشخصي أن اللاجئ العربي قد يكون أكثر حيوية ونشاطا وقابلية للاندماج في مجتمعه الجديد. وقد يختلف البعض مع ذلك الرأي بأن المجتمعات الأوروبية تتقدم في العمر حيث تزيد نسبة المسنين وتتضاءل نسبة الجيل الشاب الذي يدخل الى سوق العمل ويساهم في نظام التقاعد والتأمين الإجتماعي. ولكن نظرة فاحصة على سوق العمل في ألمانيا وإحصائيات توظيف المهاجرين السوريين يكشف عن أرقام منخفضة للغاية قد لا تتجاوز 1000 شخص بسبب الحواجز والعوائق التي على كثير من الوافدين الجدد تجاوزها مثل حاجز اللغة ومعادلة الشهادات الدراسية ودور النقابات الفاعل في الحياة السياسية الألمانية التي من وجهة نظرها أنَّ زيادة عدد الأيدي العاملة سوف يؤدي الى خفض أجور أعضائها ومنتسبيها حيث سوف تقوم بوضع العراقيل في طريق إنضمام منتسبين جدد اليها.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهائية


No comments:

Post a Comment