Flag Counter

Flag Counter

Thursday, June 24, 2021

البحث عن أورشليم

تحاول الصهيونية عبر إستخدام أي وسيلة ممكنة تزوير تاريخ مدينة القدس لما تحمله من رمزية للمسلمين والمسيحيين على حد سواء. تلك المحاولات تهدف الى إثبات وجود اليهود في فلسطين والقدس منذ ثلاثة آلاف سنة وأنها كانت أرض بلا شعب. وحيث أنه من المعروف أن الصهيونية تحاول المطابقة بين التوراة والحقائق التاريخية وعلم الآثار غير أن تلك المحاولات لم تؤدي الى نتيجة مثمرة بل على العكس تماما. ومن المهم الاعتماد على التاريخ و الآثار والنصوص الدينية في سبيل تفكيك أساطير الصهيونية مثل شعب الله المختار, الهولوكوست وغيرها من الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل المزعومة مع الأخذ في عين الإعتبار أهمية القدس ومكانتها وأسطورة بناء المسجد الأقصى في نفس البقعة التي تزعم الأساطير التوراتية أنه تم بناء هيكل سليمان. 

إن أصول اليهود المعاصرين يعود الى قبائل الخزر والتي تعتبر أحد القبائل التركية التي تهوَّدَت في القرن الثامن الميلادي وأنه ليس هناك صلة بين أولئك اليهود المعاصرين ويعقوب(إسرائيل) الذي ورد ذكره في التوراة. كما أن يهود بني إسرائيل خلال مراحل السبي المختلفة البابلية والآشورية قد اختلطوا مع شعوب تلك المناطق(الأغيار). وحتى أنه في العهد القديم من الكتاب المقدس أن اليهود قوم كانوا يعصون الرب وأنهم تزاوجوا مع سكان المناطق التي دخلوها في فلسطين وأقاموا مذابح من أجل آلهتهم الوثنية ومنهم سليمان ملك اليهود الأسطوري الذي تزعم التوراة أنه تزوج من إبنة فرعون وأنه كان له ثلاثمائة محظية وزوجة من الأغيار مخالفا أوامر الرب.

ولكن التوراة لا تصلح وثيقة تاريخية يعتمد عليها لأن فيها من الأخطاء التاريخية والجغرافية ما لا يعد ولا يحصى. أحد تلك الأخطاء هو إستحالة زواج سليمان من إبنة فرعون لأن الفراعنة لا يزوجون بناتهم من خارج الأسرة الملكية. إن التوراة تمت كتابتها بداية القرن الخامس قبل الميلاد حيث بدأ بذلك كهنة اليهود العائدين من السبي البابلي برئاسة عزرا جمع أخبار متفرقة وغير مترابطة وروايات شفهية دخلت فيها الأساطير وعناصر تراثية من الموروث المحلي ومن موروث الشعوب التي أقامها البابليون ثم الآشوريون في أماكن سكن يهود السبي ومن موروث الشعوب التي خالطهم اليهود خلال مرحلة السبي. إن الرواية التوراتية تحولت من لاهوتية الى تاريخية حيث قامت الكنيسة المسيحية بعد مئات السنين من وفاة يسوع المسيح بالإعتراف بتلك الروايات وإضافتها الى نصوص الكتاب المقدس.

حتى علم الجغرافيا لا يساعد في إثبات الروايات التوراتية حول التواجد اليهودي في فلسطين والممالك العظيمة التي تم تأسيسها وأقامت المدن المحصنة وبناء الهيكل الأسطوري مواصفاته المذكورة في النصوص اليهودية. فلسطين عبارة عن بيئات منعزلة عن بعضها البعض ومتنوعة جغرافيا مما يستحيل تأسيس مملكة موحدة مترابطة. كما أن الاكتشافات الأثرية لا تدل على نشاط سكاني واسع إنما مستعمرات سكانية متناثرة وغير مترابطة مما يستحيل معه إقامة وحدة سياسية أو كيان سياسي. أما بالنسبة الى علم الآثار فإنه يستحيل معه أن يكون هيكل سليمان مبنيا في مكان المسجد الأقصى الحالي والذي أقيم على مصطبة حجرية هائلة وأن بعثات التنقيب إكتشفت أن أساسات المصطبة تحتوي على أحجار تعود الى فترة حكم هيرود الكبير حيث تم بناء معبد في تلك المنطقة.

الصهيونية تحاول وسوف تستمر في المحاولة في إثبات يهودية في مدينة القدس ولكن النتائج حتى الآن مخيبة للآمال ولا تعطي حقائق دامغة يمكن الاستشهاد بها. علم الجغرافيا والآثار لا يساعدان في إثبات المزاعم الصهيونية. حتى أن محاولاتهم في تزوير التاريخ وصلت الى تحويل مجاري القدس الرومانية الى درب الحجاج اليهود الذي يصل بين بركة سلوان وهيكل سليمان المزعوم. أما بالنسبة الى إكتشاف قصر داود في منطقة خربة كيافا غربي مدينة القدس فقد تعرض الى التشكيك من أبرز علماء الآثار اليهود إسرائيل فلنكشتاين وأن ذلك الموقع قد يعود الى عصور آرامية او كنعانية وأنه ليس هناك دليل تاريخي وأثري يربطه مع الملك داود تحديدا.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment