Flag Counter

Flag Counter

Monday, June 28, 2021

سوريا ترسم خطوطا جديدة للصراع في الشرق الأوسط والعالم

لم يعد يخفى على أحد أن العالم يمر في أزمة بسبب مجموعة من الأزمات لعل أهمها الأزمة السورية وخطوط الصراع التي رسمتها تلك الأزمة على خارطة العالم. هناك سبب رئيسي لتلك الأزمات وهو أمن الطاقة وأسباب فرعية لها علاقة بالحرب الباردة التي لم تنتهي بانهيار الاتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين سنة 1989 وصراعات دينية وعرقية. إنَّ الأحداث في سوريا تعبير حقيقي عن حروب بالوكالة وهي مواجهات غير مباشرة بين الدول عبر وكلاء من تنظيمات مسلحة تقوم كل دولة أو مجموعة دول على تمويلها وتسليحها. في سوريا عدد من خطوط الصراع التي من الممكن أن تكون ذات طبيعة سياسية أو دينية والتي من الممكن أن تستغلها الدول الغربية ومراكز صنع القرار حول العالم من أجل خدمة مصالحها. 

إنَّ سوريا هي أحد بلدان الشرق الأوسط التي تمثِّلُ تنوعا عرقيا وطائفيا يندر وجوده في الوطن العربي حيث كان يعيش الجميع في تناغم في إطار حكم حزب البعث العربي الإشتراكي الذي يمثِّلُ القيم العلمانية وذلك حتى بداية الأزمة السورية نهاية سنة 2010. يعيش في سوريا المسلمون السُّنة والشيعة والعلويون والدروز وعدد من الطوائف المسيحية الشرقية مع أقليات تتبع الكنيستيين الكاثوليكية والبروتستانتية. تعتبر مقولة (الدين لله والوطن للجميع) أساسية في الحفاظ على ذلك التناغم العِرقي والاثني والذي تعرض للتَصَدُع مع بدايات الأزمة في سوريا.

المواجهة بين دولة روسيا الاتحادية وريثة الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة هي مواجهة لم تنتهي بانتهاء الحرب الباردة. في سوريا, تجدَّدَت المواجهة بين دولة روسيا الإتحادية والولايات المتحدة حيث تسعى الأخيرة الى حرمان روسيا من أن يكون لها نفوذ في منطقة البحر الأبيض المتوسط وذلك بحرمانها من المرافئ البحرية في طرطوس واللاذقية. ولكن ذلك ليس خط الصراع الوحيد بين الدولتين في سوريا حيث هناك مشاريع لها علاقة بخطوط نقل النفط والغاز بالإضافة الى اكتشاف حقول نفط بحرية ضخمة قرب مدينتي طرطوس واللاذقية. كما أنه علينا أن لا نُغفِلَ العامل الديني حيث روسيا مقرٌ للكنيسة الأرثودكسية والتي تُعتَبَرُ ممثلة لأكبر الطوائف المسيحية الشرقية والتدخل الروسي في سوريا تم بمباركة الكنييسة الأرثودكسية التي تنظر بعين القلق الى ما تعتبره حربٌ دينية يشنها مقاتلون إسلاميون يتلقون دعما من الولايات المتحدة(البروتستانتية) العدو اللدود للأرثودكس.

الصراع السني/الشيعي هو أحد أكثر خطوط الصراع هشاشة في سوريا. الجمهورية الإسلامية الإيرانية(إيران) تثير قلقا لدى الغرب بسبب سياسة تصدير الثورة, سعيها الى فرض هيمنتها في منطقة الخليج العربي حيث حقول النفط و امتلاك سلاح نووي. هناك مراقد عدد من أهم الشخصيات التي تعتبر أهمية رمزية لدى الشيعة مثل زينب بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه, رقية بنت الحسين رضي الله عنه, سكينة بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيرها من المقامات. إيران تقدِّمُ نفسها في سوريا عبر تدخلها من أجل حماية الأقليات الشيعية خصوصا العلويون ممن تعرضوا ومازالوا يتعرضون الى حروب إبادة ذات طابع طائفي وديني. التدَخُل الإيراني في سوريا حصلَ بموافقة ومباركة الحكومة السورية حيث هناك مجموعة من الإتفاقات التي تنَظِّمُ العلاقة والتعاون بين البلدين خصوصا في المجال العسكري. هناك متطوعون شيعة في سوريا ضمن مجموعة من الفصائل العسكرية أهمها حزب الله الذي رجَّحَ تدخله كفَّة الصراع في بعض المناطق والمدن بسبب خبرة مقاتليه في حرب العصابات وقتال الشوارع. إنَّ تواجد مقاتلين من المعارضة السورية وتنظيمات مثل جبهة النصرة وداعش على مقربة من الحدود السورية/اللبنانية يثير القلق لدى الحزب الذي يعتبر ذلك التواجد عبارة عن نسخة أخرى من جيش لحد الجنوبي. تدَخُّل السعودية وقطر بمباركة أمريكية وتمويلهم مجموعات مسلحة مثل جبهة النصرة وداعش فاقم من الأزمة السنية/الشيعية خصوصا وأنَّ العراق له حدود مع سوريا ويعاني أزمة صراع ديني مماثلة.

إن أي خط من خطوط الصراع في سوريا قابل للانفجار في أي لحظة والانتقال من حرب محلية الى إقليمية وربما حرب عالمية حيث قد تنتقل ساحة الصراع الى أوروبا عبر البوابة الأوكرانية خصوصا أن هناك خططا من حلف الناتو من أجل ضم أوكرانيا رسميا الى الحلف وبرما الى الإتحاد الأوروبي مستقبلا مما أثار معارضة من روسيا. منطقة القرم على البحر الأسود وهي ميناء حيوي للأساطيل البحرية الروسية تعتبر نقطة إحتقان رئيسية حيث جرى فيها إستفتاء وافق السكان من خلاله على الانضمام الى روسيا الإتحادية. إن الصراع في سوريا يرسم ملامح العلاقات السياسية والدولية خلال المائة سنة القادمة حيث تحتاج المنطقة الى إتفاقية سايكس-بيكو أخرى سوف يكون طرفاها الولايات المتحدة وروسيا.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment