Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, February 16, 2022

هل سوف تقع روسيا في الفخ الأوكراني؟

خلال الأحداث التي أدَّت الى التمهيد للحرب العالمية الثانية, تم توقيع اتفاقية ميونخ سنة ١٩٣٨ بين ألمانيا النازية, بريطانيا, فرنسا وإيطاليا حيث تم قبول مطالب ألمانيا ضم منطقة السوديت التي كانت ضمن الأراضي التشيكوسلوفاكية وتسكنها غالبية سكانية ألمانية. تشيكوسلوفاكيا هي دولة حديثة العهد ظهرت للوجود خلال الفترة التي أعقبت نهاية الحرب العالمية الأولى وتوقيع معاهدة فرساي سنة ١٩١٨ حيث تم ضم منطقة السوديت اليها بدون إستشارة سكانها ذوي الأصول الألمانية. حتى أنه حين تم توقيع معاهدة ميونخ, لم تتم دعوة تشيكوسلوفاكيا إلى المؤتمر رغم توقيع معاهدة دفاعية بينها وبين فرنسا. وينستون تشرشل عارض الإتفاقية في مجلس العموم وإنتقد رئيس الوزراء نيفيل تشامبرلين بسبب توقيعها حيث صرَّحَ بانها سوف تشجِّع هتلر على ضم المزيد من الأراضي في أوروبا الشرقية ومن ثمَّ أوروبا الغربية وأنَّ ذلك سوف يؤدي الى نشوب حرب عالمية ثانية.

والحقيقة أنَّ جميع الوثائق التاريخية والمصادر التي تتحدث عن تلك الحقبة وكواليسها قد أثبتت بما لايدع مجالا للشك أن الدول الغربية وعلى رأسها بريطانيا والولايات المتحدة قد نصبت فخا محكما لألمانيا التي كانت يُخشى من قيامها بإبتلاع أوروبا حيث أنها كانت متقدمة بمراحل في الصناعة والتكنولوجيا على دول أوروبية منها بريطانيا وفرنسا. الهدف كان إصطدام النازية والشيوعية وقيام هتلر بغزو الإتحاد السوفييتي وهو ما جرى في ٢٢/يونيو/١٩٤١ فيما عرف بإسم "عملية بارباروسا." وفي سبيل تحقيق ذلك كان لابدَّ من صياغة معاهدة فرساي وتضمينها بنودا عبارة عن قنابل موقوتة منها منطقة السوديت التي تم ضمها الى تشيكسلوفاكيا وكان سكانها من ذوي الأصول الألمانية يعانون من التمييز والفقر وهجمات دموية يشنها من وقت الى أخر قوميون متعصبون من التشيكسلوفاكيين بما يشبه عملية تطهير عرقي.

ولكن ذلك ليس نهاية القصَّة التي لا تشبه أبدا قصص ألف ليلة وليلة حيث ليس هناك شهرزاد أو شهريار أو الديك الذي يصيح عند طلوع الصباح. بنك إنجلترا وبنك الإتحادي الفيدرالي الأمريكي وبنوك وول ستريت التابعة لأشخاص مثل جي بي مورغان وجون روكفلر وشركات مثل فورد وجنرال الكتريك قد مولوا أدولف هتلر والحركة النازية لأن الدول الغربية كانت تبحث عن حليف قوي ضد الإتحاد السوفياتي الذي كان يخشى قدرته المستقبلية على إبتلاع أوروبا إن لم يتم تحجيمه وتحديد نفوذه وإضعافه. تمويل وتسهيلات بنكية ونفط بأسعار تفضيلية ومشاريع مشتركة وتجاهل بنود معاهدة فرساي التي تحدِّدُ عدد أفراد الجيش الألماني وتسليحه. بل وكان ضباط المخابرات الأمريكيين والبريطانيين قد رصدوا هتلر واعجبوا بقدراته وعقدوا عدة لقاءات معه سنة ١٩٢٢,أي قبل إنقلاب الحانة الشهير (بير هول) الذي فشل وتم زجُّه في السجن حيث قام بتأليف كتاب كفاحي.

نحن نقرأ التاريخ حتى نتعلم من دروس الماضي. هناك الكثير من الجدل فيما يتعلق بحشد قوات من الجيش الروسي على حدود أوكرانيا وتقارير صحفية تصف الوضع بأنه خطير جدا وينذر بإندلاع حرب عالمية ثالثة. هناك تسخين للوضع العسكري على الأرض في منطقة دونباس حيث قتل عسكريان من الجيش الأوكراني في اشتباكات وقعت مؤخرا. كما أن برلمان روسيا الإتحادية اعترف مؤخرا باستقلال الإقليم وهو مقدمة من أجل ضمه رسميا كما حصل مع إقليم القرم. وهناك من يقول أن الغرب أو الولايات المتحدة على وجه التحديد تنصب فخا للدولة الروسية في أوكرانيا كما حصل في معاهدة ميونخ سنة ١٩٣٨. هناك إشارات غير مباشرة من الولايات المتحدة من خلال تصريحات الرئيس الأمريكي بأن القوات الأمريكية لن تقاتل في أوكرانيا واستجابة أوروبية للتهديدات على استحياء وارسال معدات عسكرية متقادمة إلى أوكرانيا. على سبيل المثال, ألمانيا أرسلت خوذ عسكرية. 

الولايات المتحدة لن تضُمَّ أوكرانيا الى الناتو والإتحاد الأوروبي لن يقبل بأن يضم أوكرانيا الى عضويته حفاظا على مصالحه مع روسيا الإتحادية خصوصا في مجال الطاقة. إنَّ مايحصل هو مجرد فخ في محاولة من أجل جرِّ القوات الروسية الى الحرب كما حصل مع المانيا في إتفاقية ميونخ ١٩٣٨ وحتى لا نذهب بعيدا, كما حصل مع العراق ورئيسه صدام حسين في حرب الكويت ١٩٩٠-١٩٩١.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment