Flag Counter

Flag Counter

Tuesday, February 8, 2022

تركيا العثمانية, خلافة على منهاج أردوغان

في خطبه العامة أمام الجماهير التركية المحتشدة من أجل سماعها, يتغنى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأمجاد الإمبراطورية العثمانية البائدة لا أعادها الله حيث يخلط الحابل بالنابل ويحاول التمسح بأشخاص مثل الحاكم السلجوقي ألب أرسلان وسليمان القانوني السلطان العثماني الذي انتصر على تحالف صليبي في معركة موهاكوس والسلطان محمد الفاتح وغيرهم. أتباع أردوغان من أنصار أحزاب الإسلام السياسي ونوستالجيا الحنين الديني ينشرون الدعاية لأردوغان وأفكاره. ومنذ فترة نشروا خريطة الدولة العثمانية والتي تشمل مساحة الوطن العربي وأجزاء من أوروبا. 

تركيا المعاصرة في أيامنا الحالية ليست خلافة على منهاج النبوة ولن تكون كما يروِّجُ أولئك السذَّج والمخدوعين الموهومين بالدعاية التي تبثها وسائل الإعلام التركية الموالية لأردوغان. الدولة العثمانية البائدة لا أعادها الله لم تكن خلافة على منهاج النبوة حتى يعيدها الله كما يروجون في عهد أردوغان أو من سوف يأتي بعده إن تخلى عن كرسي الحكم طواعية وهو أمر مستبعد. إنَّ جميع سياسات الإمبراطورية العثمانية البائدة دليل على أن حكامها يستغلون الدين لأهداف سياسية والأمثلة لا تعد ولا تحصى.

 العثمانيون كانوا يفرضون ضريبة بشرية على المناطق المسيحية الخاضعة إلى سيطرتهم حيث يتم جمع عدد من الأطفال ممن يبلغون من العمر ٨-١٨ عاما مع اشتراط أن لا يكون وحيد والديه ومن ثم إرسالهم إلى ثكنات الإنكشارية حيث تقطع تماما كل صلة لهم بأسرهم وبلدهم ويتم إجبارهم على اعتناق الإسلام وتدريبهم على فنون القتال وتحويلهم الى ما يشبه القوات الخاصة في أيامنا هذه. كما كان الإنكشارية يمنعون من الزواج ومن مغادرة ثكناتهم. الدولة العثمانية كانت تقوم بتلك الممارسة الشنيعة على الرغم من أن المسيحيين هم أهل ذمة وكانوا يدفعون الجزية الى الخزانة العثمانية مقابل الحماية كما هو اشتراط الدين الإسلامي وليس مقابل خطف أبنائهم وإجبارهم على اعتناق الإسلام وخطف نسائهم وتحويلهم إلى سبايا.

قانون قتل الإخوة لأنَّ "الفتنة أشدُّ من القتل" هو دليل آخر على منهاج العثمانيين المخالف للنبوة حيث تعود تلك الممارسة الى ما قبل إصدار السلطان محمد الفاتح مجموعة القوانين التي عرفت بإسم قانون نامه. السلطان بايزيد الأول أصدر أمره فور توليه الحكم بقتل أخيه يعقوب. أولاد بايزيد تصارعوا على الحكم بعد أسر أبيهم ومقتله في معاركه ضد تيمورلنك حيث تغلب محمد الأول على إخوته بعد صراع دام ١١ سنة تقريبا وقام بقتلهم. سليم الأول تصارع مع إخوته وانتصر عليهم وقتلهم وأبنائهم وتوفي والده بايزيد الثاني في ظروف مشبوهة ويقال أنه مات مسموما. محمد الفاتح أمر بقتل أخ رضيع له إسمه أحمد وقام بإرجاع والدته الصربية مارا الى والدها*. سليمان القانوني قتل إبنيه له هما مصطفى وبايزيد بسبب مكائد الحريم السلطاني وقتل أبناء بايزيد الخمسة. ولكن هناك ملاحظة مهمة اقتضى التنويه اليها وذلك للأمانة التاريخية وهي أنَّ سليمان القانوني لم يأمر بقتل حفيده الرضيع إبن مصطفى بل أن قتله في مدينة بورصة كان بتدبير من زوجته روكسِلانا(خُرَّم سلطان) كما ذكر محمد فريد بك وهو سياسي وحقوقي مصري من أصول تركية وذلك في كتابه "تاريخ الدولة العثمانية العلية." مراد الثالث قتل إخوته الخمسة فور أن تولى الحكم ومحمد الثالث قتل ١٩ من إخوته خنقا كما جرت العادة في قتل الملوك حتى لا يراق دمهم الملكي المقدس. 

إنَّ كل ماسبق ذكره والمتعلق بمسألة الإنكشارية وقانون قتل الإخوة هو وقائع تاريخية مثبتة وأيتام الخلافة العثمانية يتهربون منها بل وبعضهم يدافع عن تلك الممارسات ويعطي لها الأعذار والمبررات مثل أنَّ محمد الثاني تمكن من فتح مدينة القسطنطينية وبسبب ذلك سمي (محمد الفاتح) وأنَّ سليمان القانوني إنتصر على الجيوش الصليبية في معركة موهاكس وأنه العثمانيين كانوا يسيطرون على أجزاء واسعة من أوروبا وكادوا خلال فترة من الفترات في تاريخ أن يسيطروا على إيطاليا نفسها. إنَّ كل الإنجازات التي قام بها سلاطين العثمانيين لا تمنحهم حصانة من النقد أو تعني تحصينهم دينيا ضد النقد. العثمانيون الجدد يفتقرون الى الشجاعة في مواجهة النقاط السوداء والسلبيات التي يهربون منها بل وبعضهم في نقاشهم مع آخرين, يدافع عنها ويجد لها الأعذار والمبررات.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment