Flag Counter

Flag Counter

Saturday, October 9, 2021

الولايات المتحدة وخيار السلفادور الديمقراطي

هناك مجموعة من الأدوات والوسائل التي من الممكن أن تستخدمها الولايات المتحدة ضدَّ خصومها او تلك الدول التي تصفها بأنها دول مارقة أو لا تنصاع الى الأجندات الأمريكية. الولايات المتحدة لديها تاريخ حافل من التدخل في شؤون الدول الأخرى خصوصا الدول العربية وأمريكا اللاتينية. أسباب ذلك التدخل متعدِّدَة وبشكل عام الولايات المتحدة لا تحتاج الى سبب للتدخل في دولة أخرى وإن لم يوجد, سوف يتم اختلاق ذريعة أو سبب من العدم. الولايات المتحدة أصبحت بحكم الممارسة من الدول ذات الخبرة في التدخل العسكري المباشر, تدبير الانقلابات, العقوبات الإقتصادية وأدوات أخرى التي يطلق عليها القوة الناعمة مثل حقوق الإنسان وحركات النسويات وحقوق المثليين جنسيا. 

في الحرب الكورية(١٩٥٠-١٩٥٣), كان التدخل الأمريكي عبر بوابة الأمم المتحدة ضد محاولات كوريا الشمالية بدعم من الصين توحيد شبه الجزيرة الكورية التي تم تقسيمها الى كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية عند خط العرض ٣٨. إنَّ تدخل الإتحاد السوفياتي في تقديم الدعم الى قوات كوريا الشمالية كان محدودا على الرغم من ذلك, السبب المعلن لدخول الولايات المتحدة الحرب هو مواجهة الشيوعية. ولكن الوضع كان مختلفا خلال الحرب الهندوصينية الثانية(١٩٥٥-١٩٧٥) حيث اختصرت محاولات التدخل خلال الفترة السابقة على تقديم دعم محدود الى القوات الفرنسية ثم إرسال مستشارين عسكريين الى فيتنام الجنوبية ومن ثم التدخل العسكري المباشر وإرسال عدد كبير من القوات وصلت الى أكثر من ٥٠٠ ألف جندي. 

إنَّ الحرب الأفغانية خلال فترة الثمانينات شهدت تغيُّرا في سياسة التدخل الأمريكية والتي أصبحت تفضِّلُ حروب الجيل الرابع والخامس والتي إعتمدت بشكل متزايد على تنظيمات الإسلام السياسي وغيرها من التنظيمات المتطرفة سواء سياسيا أو دينيا وعلى أدوات العقوبات الإقتصادية والقوَّة الناعمة. العراق هو أحد ضحايا محاولات التدخل الأمريكية والتي تم الترويج إعلاميا أنها بسبب إمتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل. ولكن الحرب التي بدأت عبر عملية غزو عسكري مباشر سنة ٢٠٠٣ إنتهت الى مستنقع موحل من الحروب الطائفية والعرقية والإرهاب والفوضى الأمنية التي أدت الى مقتل مئات الآلاف من العراقيين. الحاكم الأمريكي في العراق بول بريمر أشعل بداية الأزمة من خلال تسريح جميع أفراد ومنتسبي الجيش العراقي والشرطة والأجهزة الأمنية مما أدى الى عرض خدماتهم على تنظيمات إرهابية بدأت تنشط في العراق مثل تنظيم القاعدة التي غيَّرَ إسمه لاحقا الى قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين ثم الى داعش ومن أكمل السفير الأمريكي جون نيغروبونتي جهود السفير السابق بريمر حيث أشرف على تمويل وتدريب ميليشيات مسلحة فيما عرف (خيار السلفادور) التي مارست عمليات الاغتيال والقتل الطائفي والعنف المسلح.

سوريا هي أحد ضحايا عمليات التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط حيث تحاول الولايات المتحدة فرض هيمنتها على ذلك البلد ذي الموقع الإستراتيجي منذ خمسينيات القرن العشرين. وبلا مبالغة يمكن القول أن سوريا كانت هي الجائزة الكبرى في محاولة إسقاط عدد من الأنظمة فيما يعرف (الربيع العربي). الأدوات كانت عبارة عن مزيج من تنظيمات الأدوات السياسي على رأسها الإخوان المسلمين وخيار السلفادور الذي تم إستخدامه في العراق. وعندما فشل محاولات الولايات المتحدة في إسقاط النظام انتقلت محاولة تفتيت البلد من الداخل عبر العقوبات الإقتصادية وملفات مثل حقوق الإنسان والأسلحة الكيميائية فيما يعرف بأنه حروب الجيل الخامس. أموال طائلة تم إنفاقها على دعم المعارضة السورية المسلحة عسكريا وإعلاميا بلغت وفق تقديرات متفائلة ستين مليار دولار ومستشارين عسكريين وقوات على الأرض خصوصا حول حقول النفط في محافظات الحسكة ودير الزور والرقَّة.

أهداف عمليات التدخل الأمريكية في دول العالم تتراوح بين مجموعة أسباب ولكنها في النهاية تنتهي الى الحفاظ على مصالح الولايات المتحدة الإقتصادية. الرئيس الكوبي فيدل كاسترو استفز الولايات المتحدة بسبب قيامه تأميم مصافي تكرير النفط الأمريكية التي رفضت تكرير النفط السوفياتي, رئيس غواتيمالا جاكوبو أربينز أمَّمَ مساحات واسعة من أراضي شركة الفواكه الأمريكية المتحدة المملوكة للأخوين دالاس*, رئيس وزراء إيران محمد مصدق أمَّمَ الشركات ومصافي النفط الأجنبية, الرئيس العراقي صدام حسين بدأ في بيع النفط مقابل اليورو وعملات أجنبية أخرى وليس مقابل الدولار, الرئيس الليبي معمر القذافي كان يحرِّضُ دولا أفريقية أن تبيع ثرواتها الطبيعية مثل النفط والألماس مقابل الدينار الذهبي الأفريقي. كل تلك الأسباب ليس لها أي علاقة لا من قريب ولا من بعيد بحقوق الإنسان والديمقراطية والانتخابات.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment