Flag Counter

Flag Counter

Thursday, September 2, 2021

ماذا بعد عشرة سنين عجاف في سوريا؟

إنَّ الأحداث التي تَمُرُّ بها سوريا ليست صدفة أو وليدة اللحظة, الدول الغربية على رأسها الولايات المتحدة, بريطانيا وفرنسا تتآمر على ذلك البلد الغني بتنوعه العرقي والثقافي وبالطبع النفط والغاز منذ اللحظات الأولى للاستقلال. أول إنقلاب تم تدبيره في سوريا قام به بتاريخ 30/آذار/1949 العقيد حسني الزعيم وهو ضابط كردي سابق في الجيش العثماني ومقرَّب من فرنسا. وقد قامت الولايات المتحدة بدعم انقلاب حسني الزعيم على الرئيس شكري القوتلي. ولكن حسني الزعيم لم يستمر في السلطة لأكثر من خمسة أشهر كانت كافية من أجل قيامه بأمرين اثنين: الأول هو توقيع اتفاقية هدنة مع دولة الكيان الصهيوني, والأمر الثاني هو توقيع إتفاقية مع شركة أرامكو يسمح بموجبه مرور أنبوب النفط السعودي عبر الأراضي السورية. الرئيس السابق شكري القوتلي كان رافضا كلا الأمرين.

في تاريخ 7/آب/1957 كانت سوريا قد وقَّعَت إتفاقية مع الإتحاد السوفياتي مما دعا الولايات المتحدة دوايت أيزنهاور ورئيس الوزرء البريطاني هارولد مكميلان الى الإتفاق على تدبير إنقلاب عسكري في تركيا من أجل إنقاذها من أن تتحول الى مستعمرة شيوعية. القائمون على الإنقلاب كانوا عبارة عن خليط من عملاء محليين ورئيس وزراء تركيا عدنان مندريس ورئيس وزراء العراق نوري السعيد, كلاهما عميل للولايات المتحدة حيث كان مقررا تنفيذ حملة اغتيالات. العراق وتركيا قاما بحشد قواتهم قرب الحدود السورية مما دعا الى حملة نفير شعبي ورسمي وتدريب السوريين على السلاح استعدادا للمقاومة. وخلال تلك الفترة كان رئيس سوريا هو شكري القوتلي الذي يبدو أن الولايات المتحدة تناصبه العداء. 

سوريا كانت ومازالت على قائمة الاستهداف الأمريكية حيث قام الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بضمها الى قائمة دول محور الشر مع مجموعة من الدول الأخرى مثل كوريا الشمالية, إيران وروسيا والتي يجمعها عامل مشترك وهو معارضتها للسياسة الأمريكية في المنطقة والعالم. مع إقتراب نهاية حقبة التسعينيات من القرن العشرين حيث سقط جدار برلين وإنهار الاتحاد السوفياتي, أفلتت الكلاب المسعورة من حظائر الرعاية الغربيين ضدَّ سوريا. وقد كان الوضع مقلقا للغاية بسبب نجاح سياسة تفكيك وتدمير حلفاء الاتحاد السوفياتي خصوصا في يوغسلافيا والصومال وغزو أفغانستان بإسم الحرب على الإرهاب. المعهد الأمريكي للدراسات نشر مقالا سنة 2000 بعنوان "لنضرب سوريا ولا نمنحها السلام" والهدف هو أن تنزف سوريا ببطئ حتى الموت. 

لو كان وزير دعاية النظام النازي جوزيف غوبلز حيَّا لرفع القبعة تعظيما لتلك الماكينة الإعلامية التي تفوق القائمون عليها على من كان شعاره:"إكذب ثمَّ إكذب حتى يصدِّقَكَ الناس." الكذب وفق مبدئ الغاية تبرِّرُ الوسيلة هو شعار الحراك الطائفي في سوريا. والكذب كان ممارسة اعتيادية منذ البداية, قصة اعتقال أطفال درعا وهي قضية مشكوك في صحتها كما روى بنفسه الفيلسوف بوق قطر وقناة الجزيرة في كتابه "سورية, درب الآلام نحو الحريَّة." رواية مقتل حمزة الخطيب التي أخفت حقيقتها وسائل الإعلام الغوبلزية وأنه قتل قرب مساكن الضباط في درعا والتي تبعد مسافة تزيد عن 70 كم من مكان مسكنه. إبراهيم القاشوش مواطن سوري قتلته تنسيقيات حماة وانتزعت حنجرته من أجل إثارة التعاطف الشعبي. عدد المتظاهرين في مدينتي حماة ودير الزور لم يزدد عن 20 ألفا وليس مئات الآلاف.

إنَّ سوريا دولة ذات موقع حيوي وإستراتيجي تشغل تفكير كبار المفكرين والسياسيين الغربيين لأنها بلد يعود على بحور من النفط والغاز ويجاور خمسة مجالات بحرية وهي: بحر قزوين, البحر الأسود, البحر الأحمر, البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي عبر الخليج العربي. الكاتب والمؤلف البريطاني باتريك سيل ذكر أن من يريد أن يسيطر على الشرق, عليه أن يسيطر على سوريا. وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر صرَّحَ بأنه:"لايمكن خوض الحرب من دون مصر ولا إحلال السلام من دون سوريا." مدينة قادش التي تقع على الضفة الغربية لنهر العاصي قرب مدينة حمص كانت مسرح معركةٍ فاصلة بين قوات الملك المصري رمسيس الثاني وملك الحيثيين بقيادة الملك مواتللي الثاني حيث إنتصر رمسيس وخلَّدَ ذكرى تلك المعركة الفاصلة على جدران معبد أبو سمبل. الأزمة في سوريا هي عبارة عن مواجهة متجدِّدَة بين الشرق والغرب, دول غربية مازالت تحاول إخضاع سوريا منذ سنة 2011 والهدف هو تغيير جيوسياسي في التوازن الإقليمي وجغرافية المنطقة.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment